الموسوعة الحديثية


- بينا أنا نائِمٌ عِشاءً في المسجِدِ الحرامِ إذ أتاني آتٍ؛ فأيقَظَني، فاستَيقَظتُ، فلَم أرَ شَيئًا، ثمَّ عُدتُ إلى النَّومِ، ثمَّ أيقَظَني... فإذا أنا بِهيئةِ خَيالٍ، فأتبعتُهُ بصَري حتَّى خرجتُ من المسجِدِ؛ فإذا أنا بدابَّةٍ أدنى شبهًا بدوابِّكُم هذِه، بغالُكُم هذهِ؛ غيرَ أنَّهُ مُضطَرِبُ الأُذُنَينِ يقالُ له : البُراقُ ، وكانَت الأنبياءُ صلواتُ اللهِ عليهِمْ تركَبُهُ قَبلي.. ثمَّ أُتيتُ بالمعراجِ الذي تعرُجُ عليهِ أرواحُ بني آدَمَ، فلم يَر الخلائقُ أحسَنَ مِن المِعراجِ، أما رأيتُم الميِّتَ حينَ يشُقُّ بصرَهُ طامِحًا إلى السَّماءِ ؟ فإنما يشُقُّ بصرَهُ طامِحًا إلى السَّماءِ عجبُهُ بالمعراجِ.. ثمَّ صعِدتُ إلى السَّماءِ الخامِسَةِ؛ فإذا أنا بهارونَ، ونِصفُ لحيَتِهِ بيضاءُ ونصفُها سوداءُ، تكادُ لحيتُهُ تُصيبُ سُرَّتَهُ من طولِها.. ثمَّ صعِدتُ إلى السَّماءِ السَّادسَةِ؛ فإذا أنا بِموسَى، رجُلٌ آدَمُ كثيرُ الشَّعرِ لو كانَ عليه قميصانِ؛ لنَفِذَ شعرُهُ دونَ القَميصِ ( وفي روايةٍ : خرجَ شعرُهُ منهُما ! )، وإذا هو يقولُ : يزعُمُ النَّاسُ أنِّي أكرَمُ علَى اللهِ مِن هَذا؛ بَل هَذا أكرَمُ علَى اللَّهِ منِّي.. )
خلاصة حكم المحدث : موضوع. ولوائح الوضع عليه ظاهرة
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الضعيفة الصفحة أو الرقم : 6203
التخريج : أخرجه الطبري في ((تفسيره)) (17/344) بنحوه، وابن أبي حاتم كما في ((تفسير ابن كثير)) (5/ 19)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (2/390) واللفظ له.
التصنيف الموضوعي: أنبياء - موسى أنبياء - هارون خلق - البراق فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - الإسراء والمعراج فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - عظم قدر النبي صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (17/ 344)
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري؛ وحدثني الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، قال: أخبرنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، واللفظ لحديث الحسن بن يحيى، في قوله (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) قال: ثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة أسري به فقال نبي الله: "أتيت بدابة هي أشبه الدواب بالبغل، له أذنان مضطربتان وهو البراق، وهو الذي كان تركبه الأنبياء قبلي، فركبته، فانطلق بي يضع يده عند منتهى بصره، فسمعت نداء عن يميني: يا محمد على رسلك أسألك، فمضيت ولم أعرج عليه؛ ثم سمعت نداء عن شمالي: يا محمد على رسلك أسألك، فمضيت ولم أعرج عليه؛ ثم استقبلت امرأة في الطريق، فرأيت عليها من كل زينة من زينة الدنيا رافعة يدها، تقول: يا محمد على رسلك أسألك، فمضيت ولم أعرج عليها، ثم أتيت بيت المقدس، أو قال المسجد الأقصى، فنزلت عن الدابة فأوثقتها بالحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها، ثم دخلت المسجد فصليت فيه، فقال لي جبرئيل: ماذا رأيت في وجهك، فقلت: سمعت نداء عن يميني أن يا محمد على رسلك أسألك، فمضيت ولم أعرج عليه، قال: ذاك داعي اليهود، أما لو أنك وقفت عليه لتهودت أمتك، قال: ثم سمعت نداء عن يساري أن يا محمد على رسلك أسألك، فمضيت ولم أعرج عليه، قال: ذاك داعي النصارى، أما إنك لو وقفت عليه لتنصرت أمتك، قلت: ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة من زينة الدنيا رافعة يدها تقول على رسلك، أسألك، فمضيت ولم أعرج عليها، قال: تلك الدنيا تزينت لك، أما إنك لو وقفت عليها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة، ثم أتيت بإناءين أحدهما فيه لبن، والآخر فيه خمر، فقيل لي: اشرب أيهما شئت، فأخذت اللبن فشربته، قال: أصبت الفطرة أو قال: أخذت الفطرة".

تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (17/ 345)
قال معمر: وأخبرني الزهري، عن ابن المسيب أنه قيل له: أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك. قال أبو هارون في حديث أبي سعيد: "ثم جيء بالمعراج الذي تعرج فيه أرواح بني آدم فإذا هو أحسن ما رأيت ألم تر إلى الميت كيف يحد بصره إليه فعرج بنا فيه حتى انتهينا إلى باب السماء الدنيا، فاستفتح جبرائيل، فقيل من هذا؟ قال جبرائيل؟ قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم، ففتحوا وسلموا علي، وإذا ملك موكل يحرس السماء يقال له إسماعيل، معه سبعون ألف ملك مع كل ملك منهم مئة ألف، ثم قرأ (وما يعلم جنود ربك إلا هو) وإذا أنا برجل كهيئته يوم خلقه الله لم يتغير منه شيء، فإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته، فإذا كانت روح مؤمن، قال: روح طيبة، وريح طيبة، اجعلوا كتابه في عليين؛ وإذا كان روح كافر قال: روح خبيثة وريح خبيثة، اجعلوا كتابه في سجيل، فقلت: يا جبرئيل من هذا؟ قال: أبوك آدم، فسلم علي ورحب بي ودعا لي بخير وقال: مرحبا بالنبي الصالح والولد الصالح، ثم نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل، وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم، ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار يخرج من أسافلهم، قلت: يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما، ثم نظرت فإذا أنا بقوم يحذى من جلودهم ويرد في أفواههم، ثم يقال: كلوا كما أكلتم، فإذا أكره ما خلق الله لهم ذلك، قلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء الهمازون اللمازون الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم، بالسب، ثم نظرت فإذا أنا بقوم على مائدة عليها لحم مشوي كأحسن ما رأيت من اللحم، وإذا حولهم جيف، فجعلوا يميلون على الجيف يأكلون منها ويدعون ذلك اللحم، قلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء الزناة عمدوا إلى ما حرم الله عليهم، وتركوا ما أحل الله لهم، ثم نظرت فإذا أنا بقوم لهم بطون كأنها البيوت وهي على سابلة آل فرعون، فإذا مر بهم آل فرعون ثاروا، فيميل بأحدهم بطنه فيقع، فيتوطئوهم آل فرعون بأرجلهم، وهم يعرضون على النار غدوا وعشيا؛ قلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء أكلة الربا، ربا في بطونهم، فمثلهم كمثل الذي يتخبطه الشيطان من المس؛ ثم نظرت، فإذا أنا بنساء معلقات بثديهن، ونساء منكسات بأرجلهن، قلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هن اللاتي يزنين ويقتلن أولادهن قال: ثم صعدنا إلى السماء الثانية، فإذا أنا بيوسف وحوله تبع من أمته، ووجهه كالقمر ليلة البدر، فسلم علي ورحب بي، ثم مضينا إلى السماء الثالثة، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى، يشبه أحدهما صاحبه، ثيابهما وشعرهما، فسلما علي، ورحبا بي، ثم مضينا إلى السماء الرابعة، فإذا أنا بإدريس، فسلم علي ورحب وقد قال الله (ورفعناه مكانا عليا) ؛ ثم مضينا إلى السماء الخامسة، فإذا أنا بهارون المحبب في قومه، حوله تبع كثير من أمته، فوصفه النبي صلى الله عليه وسلم: طويل اللحية تكاد لحيته تمس سرته، فسلم علي ورحب؛ ثم مضينا إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى بن عمران فوصفه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كثير الشعر لو كان عليه قميصان خرج شعره منهما؛ قال موسى: تزعم الناس أني أكرم الخلق على الله، فهذا أكرم على الله مني، ولو كان وحده لم أكن أبالي، ولكن كل نبي ومن تبعه من أمته؛ ثم مضينا إلى السماء السابعة، فإذا أنا بإبراهيم وهو جالس مسند ظهره إلى البيت المعمور فسلم علي وقال: مرحبا بالنبي الصالح والولد الصالح، فقيل: هذا مكانك ومكان أمتك، ثم تلا (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) ثم دخلت البيت المعمور فصليت فيه، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إلى يوم القيامة؛ ثم نظرت فإذا أنا بشجرة إن كانت الورقة منها لمغطية هذه الأمة، فإذا في أصلها عين تجري قد تشعبت شعبتين، فقلت: ما هذا يا جبرئيل؟ قال: أما هذا: فهو نهر الرحمة، وأما هذا: فهو الكوثر الذي أعطاكه الله، فاغتسلت في نهر الرحمة فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، ثم أخذت على الكوثر حتى دخلت الجنة، فإذا فيها، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وإذا فيها رمان كأنه جلود الإبل المقتبة، وإذا فيها طير كأنها البخت، فقال أبو بكر: إن تلك الطير لناعمة، قال: أكلتها أنعم منها يا أبا بكر، وإني لأرجو أن تأكل منها، ورأيت فيها جارية، فسألتها: لمن أنت؟ فقالت: لزيد بن حارثة فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا؛ قال: ثم إن الله أمرني بأمره، وفرض علي خمسين صلاة، فمررت على موسى، فقال: بم أمرك ربك؟ قلت: فرض علي خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فأسأله التخفيف، فإن أمتك لن يقوموا بهذا، فرجعت إلى ربي فسألته فوضع عني عشرا، ثم رجعت إلى موسى، فلم أزل أرجع إلى ربي إذا مررت بموسى حتى فرض علي خمس صلوات، فقال موسى: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فقلت: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت؛ أو قال: قلت: ما أنا براجع، فقيل لي: إن لك بهذه الخمس صلوات خمسين صلاة، الحسنة بعشر أمثالها، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، ومن عملها كتبت له عشرا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا، فإن عملها كتبت واحدة".

تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (17/ 346)
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني روح بن القاسم، عن أبي هارون عمارة بن جوين العبدي، عن أبي سعيد الخدري؛ وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: وثني أبو جعفر، عن أبي هارون، عن أبي سعيد، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أتي بالمعراج، ولم أر شيئا قط أحسن منه، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حضر، فأصعدني صاحبي فيه حتى انتهى إلى باب من الأبواب يقال له باب الحفظة، عليه ملك يقال له إسماعيل، تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدث هذا الحديث: (ما يعلم جنود ربك إلا هو) ثم ذكر نحو حديث معمر، عن أبي هارون إلا أنه قال في حديثه: قال: ثم دخل بي الجنة فرأيت فيها جارية، فسألتها لمن أنت؟ وقد أعجبتني حين رأيتها، فقالت: لزيد بن حارثة، فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة، ثم انتهى حديث ابن حميد عن سلمة إلى ههنا.

تفسير ابن كثير ط العلمية (5/ 19)
قال الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا أبو محمد راشد الحماني عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له أصحابه: يا رسول الله، أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها. قال: قال الله عز وجل سبحان الذي أسرى بعبده ليلا الآية: قال: فأخبرهم، قال: فبينما أنا نائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني، فاستيقظت فلم أر شيئا، فإذا أنا بكهيئة خيال فأتبعته بصري حتى خرجت من المسجد الحرام، فإذا أنا بدابة أدنى شبها بدوابكم هذه، بغالكم هذه، غير أنه مضطرب الأذنين يقال له البراق، وكانت الأنبياء تركبه قبلي، يقع حافره عند مد بصره، فركبته، فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع من يميني: يا محمد انظرني أسألك، يا محمد انظرني أسألك، يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبه ولم أقم عليه، فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يساري: يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبه ولم أقم عليه، فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله، فقالت: يا محمد، انظرني أسألك، فلم ألتفت إليها ولم أقم عليها حتى أتيت بيت المقدس، فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء توثقها بها. ثم أتاني جبريل عليه السلام بإناءين: أحدهما خمر والآخر لبن، فشربت اللبن وأبيت الخمر، فقال جبريل: أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك، فقلت: الله أكبر الله أكبر، فقال جبريل: ما أريت في وجهك هذا؟ قال: فقلت بينما أنا أسير إذا دعاني داع عن يميني: يا محمد انظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه، قال ذاك داعي اليهود، أما إنك لو أجبته أو وقفت عليه لتهودت أمتك- قال- فبينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري قال: يا محمد انظرني أسألك فلم ألتفت ولم أقم عليه، قال: ذاك داعي النصارى أما إنك لو أجبته لتنصرت أمتك- قال- فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول: يا محمد انظرني أسألك فلم أجبها ولم أقم عليها، قال: تلك الدنيا، أما إنك لو أجبتها أو أقمت عليها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة. قال: ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس، فصلى كل واحد منا ركعتين، ثم أتيت بالمعراج الذي كانت تعرج عليه أرواح بني آدم فلم ير الخلائق أحسن من المعراج أما رأيت الميت حين يشق بصره طامحا إلى السماء، فإنما يشق بصره طامحا إلى السماء عجبه بالمعراج، قال: فصعدت أنا وجبريل، فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب السماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنوده مائة ألف ملك. قال: قال الله عز وجل: وما يعلم جنود ربك إلا هو [[المدثر: 31]] قال: فاستفتح جبريل باب السماء، قيل: من هذا؟ قال جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: أو قد بعث إليه؟ قال: نعم، فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله عز وجل على صورته، فإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته من المؤمنين، فيقول: روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار، فيقول: روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين، فمضيت هنيهة فإذا أنا بأخونة عليها لحم مشرح ليس يقربها أحد، وإذا أنا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح وأنتن عندها أناس يأكلون منها، قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك يأتون الحرام ويتركون الحلال. قال: ثم مضيت هنيهة، فإذا أنا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل، قال: فتفتح أفواههم فيلقمون من ذلك الجمر، ثم يخرج من أسافلهم فسمعتهم يضجون إلى الله عز وجل فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء من أمتك الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا [[النساء: 10]] قال: ثم مضيت هنيهة، فإذا أنا بنساء تعلقن بثديهن، فسمعتهن يضججن إلى الله عز وجل، قلت: يا جبريل من هؤلاء النساء؟ قال: هؤلاء الزناة من أمتك. قال: ثم مضيت هنيهة، فإذا أنا بأقوام بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر فيقول: اللهم لا تقم الساعة. قال: وهم على سابلة آل فرعون، قال: فتجيء السابلة فتطؤهم، قال فسمعتهم يضجون إلى الله- قال- قلت يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس [[البقرة: 275]] قال: ثم مضيت هنيهة، فإذا أنا بأقوام يقطع من جنوبهم اللحم فيلقمونه، فيقال له: كل كما كنت تأكل من لحم أخيك، قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون. قال: ثم صعدنا إلى السماء الثانية، فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله عز وجل قد فضل الناس في الحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه فرد علي. ثم صعدنا إلى السماء الثالثة، واستفتح فإذا أنا بيحيى وعيسى عليهما السلام، ومعهما نفر من قومهما، فسلمت عليهما وسلما علي، ثم صعدنا إلى السماء الرابعة، فإذا أنا بإدريس قد رفعه الله مكانا عليا، فسلمت عليه فسلم علي. قال: ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء تكاد لحيته تصيب سرته من طولها، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا المحبب في قومه، هذا هارون بن عمران ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه وسلم علي. ثم صعدت إلى السماء السادسة، فإذا أنا بموسى بن عمران رجل آدم، كثير الشعر، لو كان عليه قميصان لنفذ شعره دون القميص، فإذا هو يقول: يزعم الناس أني أكرم على الله من هذا، بل هذا أكرم على الله مني. قال: قلت يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران عليه السلام ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه وسلم علي. ثم صعدت إلى السماء السابعة، فإذا أنا بأبينا إبراهيم خليل الرحمن، ساند ظهره إلى البيت المعمور كأحسن الرجال، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أبوك إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه فسلم علي. وإذا أنا بأمتي شطرين: شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس، وشطر عليهم ثياب سود قال- فدخلت البيت المعمور، ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم الثياب السود وهم على خير، فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور، ثم خرجت أنا ومن معي. قال والبيت المعمور يصلى فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة. قال: ثم رفعت إلي سدرة المنتهى، فإذا كل ورقة منها تكاد تغطي هذه الأمة، وإذا فيها عين تجري يقال لها سلسبيل فينشق منها نهران [[أحدهما]] الكوثر [[والآخر]] يقال له نهر الرحمة، فاغتسلت فيه فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر. قال إني رفعت إلي الجنة فاستقبلتني جارية، فقلت: لمن أنت يا جارية؟ قالت: لزيد بن حارثة، وإذا بأنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وإذا رمانها كالدلاء عظما، وإذا أنا بطيرها كأنها بختكم هذه، فقال عندها صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى قد أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر- قال- ثم عرضت علي النار، فإذا فيها غضب الله وزجره ونقمته، ولو طرحت فيها الحجارة والحديد لأكلتها ثم أغلقت دوني. ثم إني رفعت إلى سدرة المنتهى فتغشاني فكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى. قال وينزل على كل ورقة منها ملك من الملائكة- قال- وفرضت علي خمسون صلاة، وقال لك بكل حسنة عشر، فإذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة، فإذا عملتها كتبت لك عشرا، وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء، فإن عملتها كتبت عليك سيئة واحدة. ثم رجعت إلى موسى فقال فيم أمرك ربك؟ فقلت: بخمسين صلاة. قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، ومتى لا تطيقه تكفر، فرجعت إلى ربي فقلت: يا رب خفف عن أمتي، فإنها أضعف الأمم، فوضع عني عشرا وجعلها أربعين، فما زلت أختلف بين موسى وربي كلما أتيت عليه قال لي مثل مقالته، حتى رجعت إليه، فقال لي: بم أمرت؟ فقلت أمرت بعشر صلوات. قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت إلى ربي فقلت أي رب خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم فيوضع عني خمسا وجعلها خمسا فناداني ملك عندها تممت فريضتي وخففت عن عبادي وأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها. ثم رجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ فقلت: بخمس صلوات. قال: ارجع إلى ربك فإنه لا يؤوده شيء، فاسأله التخفيف لأمتك، فقلت: رجعت إلى ربي حتى استحييت. ثم أصبح بمكة يخبرهم بالأعاجيب: إني أتيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء، ورأيت كذا وكذا، فقال أبو جهل يعني ابن هشام: ألا تعجبون مما قال محمد؟ يزعم أنه أتى البارحة بيت المقدس، ثم أصبح فينا وأحدنا يضرب مطيته مصعدة شهرا ومقفلة شهرا، فهذه مسيرة شهرين في ليلة واحدة، قال: فأخبرتهم بعير لقريش لما كنت في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا، وأنها نفرت، فلما رجعت وجدتها عند العقبة، وأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا، ومتاعه كذا وكذا، فقال أبو جهل: يخبرنا بأشياء، فقال رجل منهم: أنا أعلم الناس ببيت المقدس، وكيف بناؤه وهيئته، وكيف قربه من الجبل، فإن يك محمد صادقا فسأخبركم وإن يك كاذبا فسأخبركم، فجاء ذلك المشرك فقال: يا محمد أنا أعلم الناس ببيت المقدس فأخبرني: كيف بناؤه، وكيف هيئته، وكيف قربه من الجبل؟ قال فرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المقدس من مقعده، فنظر إليه كنظر أحدنا إلى بيته، قال: بناؤه كذا وكذا، وهيئته كذا وكذا، وقربه من الجبل كذا وكذا، فقال الآخر: صدقت، فرجع إليهم فقال: صدق محمد فيما قال أو نحوا من هذا الكلام. وكذا رواه الإمام أبو جعفر بن جرير بطوله عن محمد بن عبد الأعلى، عن محمد بن ثور عن معمر عن أبي هارون العبدي، وعن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر، عن أبي هارون العبدي به. ورواه أيضا من حديث ابن إسحاق حدثني روح بن القاسم عن أبي هارون به نحو سياقه المتقدم، ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أحمد بن عبدة، عن أبي عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد، عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري، فذكره بسياق طويل حسن أنيق، أجود مما ساقه غيره على غرابته وما فيه من النكارة. ثم ذكره البيهقي أيضا من رواية نوح بن قيس الحداني وهشيم ومعمر عن أبي هارون العبدي واسمه عمارة بن جوين وهو مضعف عند الأئمة، وإنما سقنا حديثه هاهنا لما فيه من الشواهد لغيره.

[دلائل النبوة للبيهقي] (2/ 390)
: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ: قال: حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب، قال: أنبأنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أنبأنا أبو محمد بن أسد الحماني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال له أصحابه يا رسول الله! أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها. قال قال الله عز وجل سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير . قال فأخبرهم قال: بينا أنا قائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني، فاستيقظت فلم أر شيئا ثم عدت في النوم، ثم أيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا ثم عدت في النوم، ثم أيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا فإذا أنا بكهيئة خيال فأتبعته ببصري حتى خرجت من المسجد فإذا أنا بدابة أدنى، شبيهة بدوا بكم هذه، بغالكم هذه، مضطرب الأذنين يقال له: ‌البراق، وكانت الأنبياء صلوات الله عليهم تركبه قبلي يقع حافره مد بصره فركبته فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني يا محمد أنظرني أسألك يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يساري: يا محمد! أنظرني أسألك يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه وبينما أنا أسير عليه إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله فقالت يا محمد أنظرني أسألك فلم ألتفت إليها ولم أقم عليها حيت أتيت بيت المقدس فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء توثقها به فأتاني جبريل عليه السلام بإناءين: أحدهما خمر، والآخر لبن. فشربت اللبن وتركت الخمر فقال جبريل أصبت الفطرة فقلت الله أكبر الله أكبر فقال جبريل ما رأيت في وجهك هذا قال فقلت بينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يميني يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه قال ذاك داعي اليهود أما إنك لو أجبته أو وقفت عليه لتهورت أمتك، قال: وبينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري، فقال: يا محمد أنظرني أسألك فلم ألتفت إليه ولم أقم عليه قال ذاك داعي النصارى أما إنك لو أجبته لتنصرت أمتك، فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول: يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبها ولم أقم عليها قال تلك الدنيا أما إنك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة. قال: ثم دخلت أنا وجبريل عليه السلام بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين ثم أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم فلم ير الخلايق أحسن من المعراج ما رأيتم الميت حين يشق بصره طامحا إلى السماء [[فإنما يشق بصره طامحا إلى السماء عجب بالمعراج قال فصعدت أنا وجبريل فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده ماية ألف ملك، قال: وقال الله عز وجل وما يعلم جنود ربك إلا هو فاستفتح جبريل باب السماء، قيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، فإذا أنا بآدم كهيئة يوم خلقه الله على صورته تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول: روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها على عليين، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار، فيقول: روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين، ثم مضت هنية فإذا أنا بأخونة- يعني الخوان المائدة التي يؤكل عليها لحم مشرح- ليس يقربها أحد وإذا أنا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح ونتن عندها أناس يأكلون منها، قلت: يا جبريل! من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام، قال: ثم مضت هنية فإذا أنا بأقوام بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر يقول اللهم لا تقم الساعة، قال: وهم على سابلة آل فرعون، قال: فتجيء السابلة فتطأهم، قال: فسمعتهم يضجون إلى الله سبحانه. قلت: يا جبريل! من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، قال: ثم مضت هنية ، فإذا أنا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل قال فتفتح على أفواههم ويلقون ذلك الحجر، ثم يخرج من أسافلهم، فسمعتهم يضجون إلى الله عز وجل، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال هؤلاء من أمتك يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا قال: ثم مضت هنيئة فإذا أنا بنساء يعلقن بثديهن فسمعتهن يصحن إلى الله عز وجل قلت: يا جبريل! من هؤلاء النساء؟ قال: هؤلاء الزناة من أمتك قال ثم مضيت هنية فإذا أنا بأقوام تقطع من جنوبهم اللحم فيلقمون فيقال له: كل كما كنت تأكل من لحم أخيك قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون. ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل عن الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب. قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي. ثم صعدت إلى السماء الثالثة فإذا أنا بيحيى وعيسى ومعهما نفر من قومهما، فسلمت عليهما وسلما علي. ثم صعدت إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس قد رفعه الله مكانا عليا، فسلمت عليه وسلم علي. ثم صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء تكاد لحيته تصيب سرته من طولها، قلت: يا جبريل! من هذا؟ قال: هذا المحبب في قومه، هذا هارون بن عمران ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه وسلم علي. ثم صعدت إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى بن عمران- رجل آدم كثير الشعر لو كان عليه قميصان لنفد شعره دون القميص- وإذا هو يقول: يزعم الناس إني أكرم على الله من هذا، بل هذا أكرم على الله مني! قال: قلت: يا جبريل! من هذا؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران، قال: ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي. ثم صعدت إلى السماء السابعة فإذا أنا بأبينا إبراهيم خليل الرحمن ساندا ظهره إلى البيت المعمور كأحسن الرجال، قلت: يا جبريل! من هذا؟ قال: هذا أبوك إبراهيم خليل الرحمن، وهو نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي، وإذا بأمتي شطرين: شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس، وشطر عليهم ثياب رمد. قال: فدخلت البيت المعمور، ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم ثياب رمد، وهم على حر، فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور، ثم خرجت أنا ومن معي، قال: والبيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة. قال: ثم رفعت إلى السدرة المنتهى فإذا كل ورقة منها تكاد أن تغطي هذه الأمة، وإذا فيها عين تجري يقال لها سلسبيل، فينشق منها نهران أحدهما: الكوثر والآخر يقال له: نهر الرحمة، فاغتسلت فيه، فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر. ثم إني دفعت إلى الجنة فاستقبلتني جارية فقلت: لمن أنت يا جارية؟ قالت لزيد بن حارثة، وإذا أنا بأنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى وإذا رمانها كأنه الدلاء عظما وإذا أنا بطير كالبخاتي هذه، فقال عندها صلى الله عليه وآله وسلم وعلى جميع أنبيائه، إن الله قد أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، قال: ثم عرضته على النار فإذا فيها غضب الله ورجزه ونقمته لو طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتها، ثم أغلقت دوني، ثم إني دفعت إلى السدرة المنتهى فتغشى لي، وكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى، قال: ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة، قال: وقال: فرضت علي خمسون صلاة، وقال: لك بكل حسنة عشر إذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة، فإذا عملتها كتبت لك عشرا وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء، فإن عملتها كتبت عليك سيئة واحدة. ثم دفعت إلى موسى فقال بما أمرك ربك قلت بخمسين صلاة قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا يطيقون ذلك ومتى لا تطيقه تكفر فرجعت إلى ربي فقلت يا رب خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم فوضع عني عشرا وجعلها أربعين، فما زلت أختلف بين موسى وربي كلما أتيت عليه قال لي مثل مقالته حتى رجعت إليه فقال لي بم أمرت؟ قلت: أمرت بعشر صلوات قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف عن أمتك، فرجعت إلى ربي فقلت أي رب! خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم، فوضع عني خمسا، وجعلها خمسا، فناداني ملك عندها: تمت فريضتي، وخففت عن عبادي، وأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها، ثم رجعت إلى موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت: بخمس صلوات، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإنه لا يؤوده شيء فسله التخفيف لأمتك فقلت رجعت إلى ربي حتى استحييته. ثم أصبح بمكة يخبرهم بالعجائب: أني أتيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء، ورأيت كذا ورأيت كذا، فقال أبو جهل بن هشام: ألا تعجبون مما يقول محمد! يزعم أنه أتى البارحة بيت المقدس، ثم أصبح فينا، وأحدنا يضرب مطيته مصعدة شهرا ومنقلبة شهرا، فهذا مسيرة شهرين في ليلة واحدة. قال فأخبرهم بعير لقريش لما كان في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا وأنها نفرت فلما رجعت رأيتها عند العقبة، وأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا ومتاعه كذا وكذا، فقال أبو جهل: يخبرنا بأشياء، فقال رجل من المشركين: أنا أعلم الناس بيت المقدس وكيف بناؤه وكيف هيأته وكيف قربه من الجبل، فإن يكون محمد صادقا فسأخبركم، وإن يكن كاذبا فسأخبركم، فجاءه ذلك المشرك فقال: يا محمدا أنا أعلم الناس ببيت المقدس فأخبرني كيف بناؤه وكيف هيأته وكيف قربه من الجبل؟ قال: فرفع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيت المقدس من مقعده فنظر إليه كنظر أحدنا إلى بيته: بناؤه كذا وكذا، وهيأته كذا وكذا، وقربه من الجبل كذا وكذا، فقال الآخر: صدقت. فرجع إلى الصحابة فقال: صدق محمد فيما قال ، أو نحوا من هذا الكلام. [دلائل النبوة للبيهقي]
(2/ 396):
وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال أنبأنا أبو يعقوب: إسماعيل بن أبي كثير قاضي المدائن، قال حدثنا قتيبة بن سعيد أبو رجاء، حدثنا نوح بن قيس الحداني، قال: حدثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا يا رسول الله حدثنا ما رأيت ليلة أسري بك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتيت بدابة أشبه الدواب بالبغلة غير أنه صغار الأذنين يقال له: البراق، وهو الذي كانت تحمل عليه الأنبياء يضع حافره حيث يبلغ طرفه، فحملت عليه من المسجد الحرام فتوجه إلى المسجد الأقصى قال وذكر حديث المعراج بطوله . قال وحدثنا قتيبة، قال: حدثنا هشيم عن أبي هارون، عن أبي سعيد الخدري مثله أو نحوه. ورواه معمر عن أبي هارون ببعض معناه.