الموسوعة الحديثية


- عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ عياضِ بنِ عمرٍو القاريِّ، قال: جاء عبدُ اللهِ بنُ شدَّادٍ، فدخَل على عائشةَ، ونحنُ عندَها جُلوسٌ، مَرجِعَه منَ العِراقِ لياليَ قُتِلَ عليٌّ، فقالت له: يا عبدَ اللهِ بنَ شدَّادٍ، هل أنتَ صادِقي عمَّا أسأَلُكَ عنه؟ تُحدِّثُني عن هؤلاء القومِ الذين قتَلهم عليٌّ، قال: وما لي لا أَصدُقُكِ؟ قالت: فحدِّثْني عن قِصَّتِهم، قال: فإنَّ عليًّا لمَّا كاتَب مُعاويةَ، وحكَّم الحَكَميْنِ، خرَج عليه ثَمانيةُ آلافٍ من قُرَّاءِ النَّاسِ، فنزَلوا بأرضٍ يُقالُ لها: حَرُوراءُ، من جانبِ الكوفةِ، وإنَّهم عتَبوا عليه، فقالوا: انسلَخْتَ من قَميصٍ ألبَسَكَه اللهُ تعالى، واسمٍ سمَّاكَ اللهُ تعالى به، ثُم انطلَقْتَ فحكَّمْتَ في دِينِ اللهِ، فلا حُكمَ إلَّا للهِ تعالى. فلمَّا أنْ بلَغ عليًّا ما عتَبوا عليه، وفارَقوه عليه، فأمَر مُؤَذِّنًا فأذَّن: ألَّا يدخُلَ على أميرِ المُؤمِنينَ إلَّا رجُلٌ قد حمَل القُرآنَ، فلمَّا أنِ امتَلَأتِ الدَّارُ من قُرَّاءِ النَّاس، دعا بمُصحَفٍ إمامٍ عظيمٍ، فوضَعه بيْنَ يدَيْه، فجعَل يَصُكُّه بيَدِه ويقولُ: أيُّها المُصحَفُ، حدِّثِ النَّاسَ، فناداه النَّاسُ فقالوا: يا أميرَ المُؤمِنينَ، ما تسأَلُ عنه إنَّما هو مِدادٌ في ورَقٍ، ونحنُ نتكلَّمُ بما رَوَيْنا منه، فماذا تُريدُ؟ قال: أصحابُكم هؤلاء الذين خرَجوا، بَيْني وبيْنَهم كتابُ اللهِ عزَّ وجلَّ، يقولُ اللهُ تعالى في كتابِه في امرأةٍ ورجُلٍ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، فأُمَّةُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعظمُ دمًا وحُرْمةً من امرأةٍ ورجُلٍ، ونقَموا عليَّ أنْ كاتَبْتُ مُعاويةَ، كتَب عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وقد جاءَنا سُهَيلُ بنُ عمرٍو، ونحنُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالحُدَيْبيَةِ، حينَ صالَح قومُه قُرَيشًا، فكتَب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ. فقال سُهَيلٌ: لا تكتُبْ (بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ)، فقال: كيف نكتُبُ؟، فقال: اكتُبْ باسمِكَ اللَّهُمَّ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فاكتُبْ: محمَّدٌ رسولُ اللهِ، فقال: لو أعلَمُ أنَّكَ رسولُ اللهِ لم أُخالِفْكَ، فكتَب: هذا ما صالَح محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ قُرَيشًا، يقولُ: اللهُ تعالى في كتابِه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21]، فبعَث إليهم عليٌّ عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ، فخرَجْتُ معه، حتى إذا توسَّطْنا عسكَرَهم، قام ابنُ الكَوَّاءِ يخطُبُ النَّاسَ، فقال: يا حَمَلةَ القُرآنِ، إنَّ هذا عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ، فمَن لم يكُنْ يعرِفُه فأنا أُعَرِّفُه من كتابِ اللهِ ما يَعرِفُه به، هذا مِمَّن نزَل فيه وفي قومِه: {قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58]، فرُدُّوه إلى صاحِبِه، ولا تُواضِعوه كتابَ اللهِ، فقام خُطباؤُهم فقالوا: واللهِ لَنُواضِعَنَّه كتابَ اللهِ، فإنْ جاء بحقٍّ نَعرِفُه لَنَتَّبِعنَّه، وإنْ جاء بباطلٍ لَنُبكِّتنَّه بباطِلِه، فواضَعوا عبدَ اللهِ الكتابَ ثلاثةَ أيَّامٍ، فرجَع منهم أربعةُ آلافٍ كلُّهم تائبٌ، فيهمُ ابنُ الكَوَّاءِ، حتى أدخَلهم على عليٍّ الكوفةَ، فبعَث عليٌّ إلى بَقيَّتِهم، فقال: قد كان من أمْرِنا وأمْرِ النَّاسِ ما قد رأَيْتم، فقِفوا حيثُ شِئْتم، حتى تجتَمِعَ أُمَّةُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بيْنَنا وبيْنَكم ألَّا تَسفِكوا دَمًا حَرامًا، أو تَقطَعوا سَبيلًا، أو تَظلِموا ذِمَّةً؛ فإنَّكم إنْ فعَلْتم فقد نبَذْنا إليكمُ الحَربَ على سَواءٍ ، إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الخائِنينَ. فقالت له عائشةُ: يا ابنَ شدَّادٍ، فقد قتَلهم، فقال: واللهِ ما بعَث إليهم حتى قطَعوا السَّبيلَ، وسفَكوا الدَّمَ، واستحَلُّوا أهلَ الذِّمَّةِ. فقالت: آللهِ؟ قال: آللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو لقد كان. قالت: فما شيءٌ بلغَني عن أهلِ العِراقِ يتحدَّثونَه؟ يقولونَ: ذو الثُّدَيِّ، وذو الثُّدَيِّ. قال: قد رأيْتُه، وقُمْتُ مع عليٍّ عليه في القَتْلى، فدعا النَّاسَ فقال: أتَعرِفونَ هذا؟ فما أكثَرُ مَن جاء يقولُ: قد رأيْتُه في مسجِدِ بَني فُلانٍ يُصلِّي، ورأيْتُه في مسجِدِ بَني فُلانٍ يُصلِّي، ولم يَأْتوا فيه بثَبَتٍ يُعرَفُ إلَّا ذلك. قالت: فما قولُ عليٍّ حينَ قام عليه كما يزعُمُ أهلُ العِراقِ؟ قال: سمِعْتُه يقولُ: صدَق اللهُ ورسولُه، قالت: هل سمِعْتَ منه أنَّه قال غيْرَ ذلك؟ قال: اللَّهُمَّ لا. قالت: أجَلْ، صدَق اللهُ ورسولُه، يرحَمُ اللهُ عليًّا، إنَّه كان من كلامِه لا يَرَى شيئًا يُعجِبُه إلَّا قال: صدَق اللهُ ورسولُه، فيذهَبُ أهلُ العِراقِ يَكذِبونَ عليه، ويَزيدونَ عليه في الحديثِ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
الراوي : عبدالله بن شداد | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب الصفحة أو الرقم : 656
التخريج : أخرجه أحمد (656) واللفظ له، وأبو يعلى (474)، والحاكم (2657)
التصنيف الموضوعي: صلح - الإشارة بالصلح مناقب وفضائل - علي بن أبي طالب اعتصام بالسنة - الخوارج والمارقين حدود - قتل الخوارج وأهل البغي فتن - قتال أهل البغي
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

أصول الحديث:


[مسند أحمد] (2/ 84)
656- حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع، حدثني يحيى بن سليم، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري قال: جاء عبد الله بن شداد، فدخل على عائشة، ونحن عندها جلوس، مرجعه من العراق ليالي قتل علي، فقالت له: يا عبد الله بن شداد، هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي، قال: وما لي لا أصدقك؟ قالت: فحدثني عن قصتهم قال: فإن عليا لما كاتب معاوية، وحكم الحكمين، خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، فنزلوا بأرض يقال لها: حروراء، من جانب الكوفة، وإنهم عتبوا عليه فقالوا: انسلخت من قميص ألبسكه الله تعالى، واسم سماك الله تعالى به، ثم انطلقت فحكمت في دين الله، فلا حكم إلا لله تعالى. فلما أن بلغ عليا ما عتبوا عليه، وفارقوه عليه، فأمر مؤذنا فأذن: أن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن. فلما أن امتلات الدار من قراء الناس، دعا بمصحف إمام عظيم، فوضعه بين يديه، فجعل يصكه بيده ويقول: أيها المصحف، حدث الناس، فناداه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق، ونحن نتكلم بما روينا منه، فماذا تريد؟ قال: أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا، بيني وبينهم كتاب الله عز وجل، يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل ونقموا علي أن كاتبت معاوية: كتب علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، حين صالح قومه قريشا، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( بسم الله الرحمن الرحيم)). فقال: سهيل لا تكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال: (( كيف نكتب؟)) فقال: اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( فاكتب: محمد رسول الله)) فقال: لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك. فكتب: هذا ما صالح محمد بن عبد الله قريشا. يقول: الله تعالى في كتابه: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر (( فبعث إليهم علي عبد الله بن عباس، فخرجت معه، حتى إذا توسطنا عسكرهم، قام ابن الكواء يخطب الناس، فقال: يا حملة القرآن، إن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله ما يعرفه به، هذا ممن نزل فيه وفي قومه: قوم خصمون فردوه إلى صاحبه، ولا تواضعوه كتاب الله. فقام خطباؤهم فقالوا: والله لنواضعنه كتاب الله، فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه، وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطله. فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب، فيهم ابن الكواء، حتى أدخلهم على علي الكوفة، فبعث علي، إلى بقيتهم، فقال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، فقفوا حيث شئتم، حتى تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دما حراما، أو تقطعوا سبيلا، أو تظلموا ذمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين. فقالت له عائشة: يا ابن شداد، فقد قتلهم فقال: والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدم، واستحلوا أهل الذمة. فقالت: آلله؟ قال: آلله الذي لا إله إلا هو لقد كان. قالت: فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثونه؟ يقولون: ذو الثدي، وذو الثدي. قال: قد رأيته، وقمت مع علي عليه في القتلى، فدعا الناس فقال: أتعرفون هذا؟ فما أكثر من جاء يقول: قد رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ورأيته في مسجد بني فلان يصلي، ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذلك. قالت: فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق؟ قال: سمعته يقول: صدق الله ورسوله قالت: هل سمعت منه أنه قال غير ذلك؟ قال: اللهم لا. قالت: أجل، صدق الله ورسوله، يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله، فيذهب أهل العراق يكذبون عليه، ويزيدون عليه في الحديث

[مسند أبي يعلى] (1/ 367 ت حسين أسد)
474- حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا يحيى بن سليم، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري، أنه جاء عبد الله بن شداد، فدخل على عائشة، ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق ليالي قتل علي بن أبي طالب، فقالت له: يا ابن شداد بن الهاد هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ حدثني عن القوم الذين قتلهم علي، قال: وما لي لا أصدقك؟، قالت: فحدثني، عن قصتهم، قال: فإن علي بن أبي طالب لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة، وأنهم عتبوا عليه، فقالوا: انسلخت من قميص كساكه الله، واسم سماك الله به، ثم انطلقت فحكمت في دين الله فلا حكم إلا لله، فلما بلغ عليا ما عتبوا عليه وفارقوه عليه، أمر مؤذنا فأذن أن لا يدخلن على أمير المؤمنين إلا من قد حمل القرآن، فلما امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم فوضعه علي بين يديه فطفق يصكه بيده ويقول: أيها المصحف حدث الناس، فناداه الناس: يا أمير المؤمنين ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق، ونحن نتكلم بما رأينا منه، فما تريد؟ قال: أصحابكم أولاء الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله، يقول الله في كتابه في امرأة ورجل: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} [النساء: 35] فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم حرمة، أو ذمة، من امرأة ورجل، ونقموا علي أني كاتبت معاوية، كتبت علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بسم الله الرحمن الرحيم))، قال: ((لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم))، قال: وكيف نكتب، فقال سهيل: اكتب: باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( فاكتب: محمد رسول الله))، فقال: لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك، فكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله قريشا، يقول الله في كتابه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} [الأحزاب: 21] فبعث إليهم عبد الله بن عباس، فخرجت معه حتى إذا توسطت عسكرهم، قام ابن الكواء فخطب الناس، فقال: أيا حملة القرآن، هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فليعرفه، فإنما أعرفه من كتاب الله، هذا ممن نزل فيه وفي قومه {قوم خصمون} [الزخرف: 58] فردوه إلى صاحبه، ولا تواضعوه كتاب الله، قال: فقام خطباؤهم، فقالوا: والله لنواضعنه الكتاب، فإن جاءنا بحق نعرفه لنتبعنه، وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطل، ولنردنه إلى صاحبه، فواضعوا عبد الله بن عباس الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف، كلهم تائب، فيهم ابن الكواء حتى أدخلهم على علي الكوفة، فبعث علي إلى بقيتهم، قال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، فقفوا حيث شئتم، بيننا وبينكم ألا تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا ذمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء {إن الله لا يحب الخائنين} [الأنفال: 58]، قال: فقالت له عائشة: يا ابن شداد فقد قتلهم؟، قال: فوالله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدماء، واستحلوا الذمة، قالت: والله؟، قال: والله الذي لا إله إلا هو لقد كان، قالت: فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثونه يقولون: ذا الثدية مرتين، قال: قد رأيته وقمت مع علي عليه في القتلى، فدعا الناس فقال: هل تعرفون هذا فما أكثر من جاء يقول: رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذلك، قالت: فما قول علي حين قام عليه، كما يزعم، أهل العراق؟، قال: سمعته، يقول: صدق الله ورسوله، قالت: فهل سمعت أنه قال غير ذلك؟، قال: اللهم لا، قالت: أجل، صدق الله ورسوله، يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله، فذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون عليه في الحديث

[المستدرك على الصحيحين] (2/ 165)
2657- حدثنا علي بن حمشاد، ثنا هشام بن علي السدوسي، ثنا محمد بن كثير العبدي، ثنا يحيى بن سليم، وعبد الله بن واقد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: قدمت على عائشة رضي الله عنها، فبينما نحن عندها جلوس مرجعها من العراق ليالي قوتل علي إذ قالت: يا عبد الله بن شداد، هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ حدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي. قلت: ومالي لا أصدقك؟ قلت: فحدثني عن قصتهم. قلت: إن عليا لما كاتب معاوية وحكم الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، فنزلوا أرضا من جانب الكوفة يقال لها: حروراء، وإنهم أنكروا عليه، فقالوا: انسلخت من قميص ألبسكه الله وأسماك به، ثم انطلقت فحكمت في دين الله ولا حكم إلا لله. فلما بلغ عليا ما عتبوا عليه وفارقوه، أمر فأذن مؤذن لا يدخلن على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن، فلما أن امتلأ الدار من القراء دعا بمصحف عظيم فوضعه بين يديه فطفق يصكه بيده، ويقول: أيها المصحف حدث الناس، فناداه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تسأله عنه إنما هو ورق ومداد، ونحن نتكلم بما رأينا منه فماذا تريد؟ قال: أصحابكم الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله، يقول الله عز وجل في امرأة ورجل: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم حرمة من امرأة ورجل، ونقموا علي أن كاتبت معاوية وكتب علي بن أبي طالب، وقد جاء سهيل بن عمرو ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية حين صالح قومه قريشا فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بسم الله الرحمن الرحيم)) فقال سهيل: لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم. قال: ((فكيف أكتب؟)) قال: اكتب باسمك اللهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتب)) ثم قال: (( اكتب: من محمد رسول الله)) قالوا: لو نعلم أنك رسول الله لم نخالفك، فكتب: ((هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله قريشا)) يقول الله في كتابه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} [الأحزاب: 21] فبعثه إليهم علي بن أبي طالب، فخرجت معهم حتى إذا توسطنا عسكرهم، قام ابن الكواء فخطب الناس فقال: يا حملة القرآن إن هذا عبد الله بن عباس فمن لم يكن يعرفه، فأنا أعرفه من كتاب الله، هذا من نزل في قومه: {بل هم قوم خصمون} [الزخرف: 58] فردوه إلى صاحبه، ولا تواضعوه كتاب الله. قال: فقام خطباؤهم فقالوا: لا والله لنواضعنه كتاب الله، فإذا جاء بالحق نعرفه استطعناه، ولئن جاء بالباطل لنبكتنه بباطله، ولنردنه إلى صاحبه، فواضعوه على كتاب الله ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب بينهم ابن الكواء، حتى أدخلهم على علي فبعث علي إلى بقيتهم، فقال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم فقفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وتنزلوا حيث شئتم بيننا وبينكم أن نقيكم رماحنا ما لم تقطعوا سبيلا أو تطيلوا دما، فإنكم إن فعلتم ذلك فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين. فقالت له عائشة رضي الله عنها: يا ابن شداد فقد قتلهم؟. فقال: والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدماء بغير حق الله، وقتلوا ابن خباب واستحلوا أهل الذمة فقالت: آلله؟ قلت: آلله الذي لا إله إلا هو. قالت: فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثون به يقولون: ذو الثدي ذو الثدي، فقلت: قد رأيته ووقفت عليه مع علي في القتلى فدعا الناس، فقال: هل تعرفون هذا؟ فكان أكثر من جاء يقول: قد رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ورأيته في مسجد بني فلان يصلي، فلم يأت بثبت يعرف إلا ذلك، قالت: فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق؟ قلت: سمعته يقول: صدق الله ورسوله. قالت: وهل سمعته أنت منه قال غير ذلك؟ قلت: اللهم لا. قالت: أجل صدق الله ورسوله ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، إلا ذكر ذي الثدية فقد أخرجه مسلم بأسانيد كثيرة))