الموسوعة الحديثية


- أنَّ لَقيطَ بنَ عامرٍ خرَج وافِدًا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعه صاحبٌ له يُقالُ له: نَهيكُ بنُ عاصمِ بنِ مالكِ بنِ المُنْتَفِقِ، قال لَقيطٌ: فخرجْتُ أنا وصاحبي حتَّى قدِمْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فوافَيْناه حينَ انصرَف مِن صلاةِ الغَداةِ، فقام في الناسِ خطيبًا، فقال: أيُّها الناسُ، ألَا إنِّي قد خبَّأْتُ لكم صَوْتي مُنذُ أربعةِ أيَّامٍ، ألَا لِتسمَعوا اليومَ، ألَا فهل مِنِ امرِئٍ بعثَهُ قومُهُ؟ فقالوا له: اعلِمْ لنا ما يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ألَا ثَمَّ رجُلٌ لعلَّه يُلْهيهِ حديثُ نفْسِه أو حديثُ صاحبِه، أو يُلْهيهِ ضالٌّ، ألَا إنِّي مسؤولٌ، هل بلَّغْتُ؟ ألَا اسمَعوا تَعيشوا، ألَا اجلِسوا؛ فجلَسَ الناسُ، وقمْتُ أنا وصاحِبي، حتَّى إذا فرَغَ لنا فؤادُهُ ونظرُهُ قلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما عِندَك مِن عِلمِ الغيبِ؟ فضحِكَ لَعَمْرُ اللهِ علِمَ أنِّي أَبْتغي السَّقْطةَ، فقال: ضَنَّ ربُّكَ بمفاتيحِ خمسٍ مِنَ الغيبِ لا يعلمُها إلَّا اللهُ، وأشار بيدِهِ، فقلتُ: ما هُنَّ يا رسولَ اللهِ، قال: عِلمُ المَنِيَّةِ ، قد علِمَ متى مَنِيَّةُ أحدِكم ولا تعلمونَه، وعِلمُ المنيِّ حينَ يكونُ في الرَّحِمِ قد علِمَه وما تعلمونَه، وعِلمُ ما في غدٍ، قد علِمَ ما أنتَ طاعمٌ ولا تعلمُه، وعِلمُ يومِ الغيثِ يُشرِفُ عليكم أَزِلِينَ مُشفِقينَ؛ فيظلُّ يضحَكُ، قد علِمَ أنَّ غَوثَكم إلى قريبٍ، قال لَقيطٌ: فقلتُ: لن نَعْدَمَ مِن ربٍّ يَضحَكُ خيرًا يا رسولَ اللهِ، قال: وعِلمُ يومِ الساعةِ، قلنا: يا رسولَ اللهِ، علِّمْنا ممَّا تُعلِّمُ الناسَ وتعلَمُ؛ فإنَّا مِن قَبيلٍ لا يُصدِّقونَ تصديقَنا أحدًا مِن مَذْحِجَ التي تَرْبُو علينا، وخَثْعَمَ التي تُوَالينا، وعشيرتِنا التي نحنُ منها، قال: تَلبَثونَ ما لبِثْتُم، ثمَّ يُتَوَفَّى نبيُّكم، ثمَّ تلبَثونَ ما لبِثْتم، ثمَّ تُبعَثُ الصائِحةُ، فلَعَمْرُ إلهِكَ ما تدَعُ على ظهرِها شيئًا إلَّا مات، والملائكةُ الذينَ مع ربِّكَ، فأصبح ربُّكَ عزَّ وجلَّ يطوفُ في الأرضِ، وخَلَتْ عليه البلادُ، فأرسَلَ ربُّكَ السماءَ تَهْضِبُ مِن عِندِ العرشِ، فلَعَمْرُ إلهِكَ ما تدَعُ على ظهرِها مِن مَصْرَعِ قتيلٍ، ولا مَدفَنِ ميِّتٍ، إلَّا شقَّتِ القبرَ عنه، حتَّى تَخْلُفَهُ مِن عِندِ رأسِه؛ فيستوي جالسًا، فيقولُ ربُّكَ: مَهْيَمْ -لِمَا كان فيه-؟ يقولُ: يا ربِّ، أمْسِ اليومِ، لِعهدِهِ بالحياةِ يحسبُهُ حديثًا بأهلِه، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، فكيفُ يجمعُنا بَعدَما تُمزِّقُنا الرِّياحُ والبِلَى والسِّباعُ؟ قال: أُنْبِئُكَ بمِثلِ ذلك في آلاءِ اللهِ: الأرضُ أَشْرَفْتَ عليها وهي في مَدَرَةٍ باليَةٍ -فقلتُ لا تُحْيَا أبدًا-، ثمَّ أرسَلَ اللهُ عليها السماءَ، فلَمْ تلبَثْ عليكَ إلَّا أيَّامًا حتَّى أشرَفْتَ عليها وهي شَرَبَةٌ واحدةٌ، ولَعَمْرُ إلهِكَ لَهُوَ أقدرُ على أنْ يجمعَكم مِنَ الماءِ، على أنْ يجمعَ نباتَ الأرضِ، فتخرُجونَ مِنَ الأَصْوَاءِ ، ومِن مصارِعِكم، فتنظُرونَ إليه، وينظُرُ إليكم، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، كيف ونحنُ مِلءُ الأرضِ وهو شخصٌ واحدٌ ينظُرُ إلينا وننظُرُ إليه؟ قال: أُنْبِئُكَ بمِثلِ هذا في آلاءِ اللهِ: الشمسُ والقمرُ آيةٌ منه صغيرةٌ ترَوْنَهما ويَريانِكم ساعةً واحدةً، ولا تُضارُّونَ في رؤيتِهما، ولَعَمْرُ إلهِكَ لَهُوَ أقدرُ على أنْ يراكم وترَوْنَه مِن أنْ ترَوْا نورَهما ويَريانِكم لا تُضارُّونَ في رؤيتِهما، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فما يفعلُ بنا ربُّنا إذا لَقِيناهُ؟ قال تُعرَضونَ عليه باديةً له صفَحاتُكم ، لا يَخفى عليه منكم خافيةٌ، فيأخُذُ ربُّكَ عزَّ وجلَّ بيدِه غَرفةً مِن ماءِ، فينضَحُ بها قِبَلَكُمْ، فلَعَمْرُ إلهِكَ ما يُخطِئُ وجهَ أحدٍ منكم منها قطرةٌ، فأمَّا المسلمِ؛ فتدعُ وجهَهُ مِثلَ الرَّيْطةِ البيضاءِ، وأمَّا الكافرُ؛ فتنضَحُه -أو قال: فتَخْطِمُه- بمِثلِ الحُمَمِ الأسودِ، ألَا ثمَّ ينصرفُ نبيُّكم، ويفترِقُ على أثرِه الصالحونَ، فيسلُكونَ جِسرًا مِنَ النارِ، يَطأُ أحدُكُمُ الجمرةَ يقولُ: حَسِّ، يقولُ ربُّكَ عزَّ وجلَّ: أو أنَّه، ألَا فتَطَّلِعونَ على حوضِ نبيِّكم على أظمأِ -واللهِ- ناهِلةٍ عليها قطُّ رأيْتُها، فلَعَمْرُ إلهِكَ ما يَبسُطُ أحدٌ منكم يدَه إلَّا وقَعَ عليها قَدَحٌ يُطهِّرُه مِنَ الطَّوْفِ والبولِ والأذى، وتَخنِسُ الشمسُ والقمرُ؛ فلا ترَوْنَ منهما واحدًا، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فبِمَ نُبصِرُ؟ قال: بمِثلِ بصرِكَ ساعتَكَ هذه، وذلك قَبلَ طلوعِ الشمسِ في يومٍ أشرقَتِ الأرضُ وواجهَتْ به الجبالَ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فبِمَ نُجزى مِن سيِّئاتِنا وحسناتِنا؟ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الحسنةُ بعشْرِ أمثالِها، والسيِّئةُ بمِثلِها إلَّا أنْ يعفوَ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما الجنَّةُ؟ وما النارُ؟ قال: لَعَمْرُ إلهِكَ ، إنَّ النارَ لها سبعةُ أبوابٍ، ما منها بابانِ إلَّا يسيرُ الراكبُ بينَهما سبعينَ عامًا، وإنَّ الجنَّةَ لها ثمانيةُ أبوابٍ، ما منها بابانِ إلَّا يسيرُ الراكبُ بينَهما سبعينَ عامًا، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فعَلامَ نطَّلِعُ مِنَ الجنَّةِ؟ قال: على أنهارٍ مِن عسلٍ مُصفًّى، وأنهارٍ مِن خمرٍ ما بها صداعٌ ولا ندامةٌ، وأنهارٍ مِن لبنٍ ما يتغيَّرُ طعمُه، وماءِ غيرِ آسِنٍ ، وفاكهةٍ، ولَعَمْرُ إلهِكَ ما تعلمونَ وخيرٌ مِن مِثلِه معه وأزواجٌ مُطهَّرةٌ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أَوَلَنَا فيها أزواجٌ أو مِنهُنَّ مُصلِحاتٌ؟ قال: المُصلِحاتُ للصالحينَ، وفي لفظٍ: الصالحاتُ للصالحينَ تَلَذُّونَهُنَّ ويَلَذُّونَكم مِثلَ لذَّاتِكم في الدنيا، غيرَ أنْ لا توالُدَ، قال لَقيطٌ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أقصى ما نحنُ بالِغونَ ومُنتَهونَ إليه؟ فلَمْ يُجِبْهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، عَلامَ أُبايعُكَ؟ فبسَط النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدَه، وقال: على إقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وزِيَالِ المُشرِكِ ، وألَّا تُشرِكَ باللهِ إلهًا غيرَهُ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، وإنَّ لنا ما بينَ المشرِقِ والمغرِبِ؟ فقبَضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يدَهُ، وظنَّ أنِّي مُشترِطٌ ما لا يُعْطِينِيهِ، قال: قلتُ: نَحُلُّ منها حيثُ شِئْنا، ولا يَجْني امرؤٌ إلَّا على نفْسِه، فبسَط يدَه، وقال: لك ذلك، تَحُلُّ حيثُ شِئْتَ، ولا يَجْني عليكَ إلَّا نفْسُكَ، قال: فانصرَفْنا عنه، ثمَّ قال: ها إنَّ ذَيْنِ، ها إنَّ ذَيْنِ -مرَّتَيْنِ- لَعَمْرُ إلهِكَ مِن أتقى الناسِ في الأولى والآخرةِ، فقال له كعبُ بنُ الخُدَارِيَّةِ -أحدُ بَني بكرِ بنِ كِلابٍ-: مَن هم يا رسولَ اللهِ؟ قال: بنو المُنتفِقِ، بنو المنتفِقِ، أهلُ ذلك مِنهم، قال: فانصرَفْنا، وأقبلْتُ عليه، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، هل لأحدٍ ممَّنْ مضى مِن خيرٍ في جاهليَّتِهم؟ فقال رجُلٌ مِن عُرْضِ قريشٍ: واللهِ، إنَّ أباكَ المنتفِقَ لَفِي النارِ، قال: فكأنَّهُ وقَعَ حَرٌّ بينَ جِلدِ وجهي ولحمِه ممَّا قال لأبي على رؤوسِ الناسِ؛ فهمَمْتُ أنْ أقولَ: وأبوكَ يا رسولَ اللهِ؟ ثمَّ إذا الأخرى أجملُ؛ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، وأهلُكَ؟ قال: وأهلي لَعَمْرُ اللهِ حيثُما أتيتَ على قبرِ عامريٍّ أو قرشيٍّ مِن مُشرِكٍ فقُلْ: أرسَلَني إليكَ محمَّدٌ؛ فأُبشِّرُكَ بما يَسوءُكَ، تُجَرُّ على وجهِكَ وبطنِكَ في النارِ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، وما فعَلَ بهم ذلك، وقد كانوا على عملٍ لا يُحسِنونَ إلَّا إيَّاهُ، وكانوا يَحسَبونَ أنَّهم مُصلِحونَ؟ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ذلك بأنَّ اللهَ بعَثَ في آخِرِ كلِّ سبْعِ أممٍ نبيًّا؛ فمَن عصى نبيَّهُ كان مِنَ الضالِّينَ، ومَن أطاع نبيَّهُ كان مِنَ المهتَدينَ.
خلاصة حكم المحدث : هذا حديث كبير جليل تنادي جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة
الراوي : أبو رزين العقيلي لقيط بن عامر | المحدث : ابن القيم | المصدر : زاد المعاد الصفحة أو الرقم : 3/588
التخريج : أخرجه عبدالله بن أحمد في ((زوائد المسند)) (16206)، والطبراني (19/211) (477)، والحاكم (8909) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: جنة - صفة الجنة عقيدة - إثبات صفات الله تعالى قيامة - الحوض قيامة - الصراط قيامة - رؤية المؤمنين ربهم في أرض المحشر
|أصول الحديث

أصول الحديث:


مسند أحمد - الرسالة (26/ 121)
• 16206 -[[قال عبد الله بن أحمد]] ، كتب إلي إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزبير الزبيري، كتبت إليك بهذا الحديث، وقد عرضته وسمعته على ما كتبت به إليك، فحدث بذلك عني، قال: حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي، قال: حدثني عبد الرحمن بن عياش السمعي الأنصاري القبائي، من بني عمرو بن عوف، عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر، قال دلهم: وحدثنيه أبي الأسود ، عن عاصم بن لقيط، أن لقيطا خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه صاحب له يقال له: نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال لقيط: فخرجت أنا وصاحبي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لانسلاخ رجب، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيناه حين انصرف من صلاة الغداة ، فقام في الناس خطيبا، فقال: " أيها الناس، ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام، ألا لأسمعنكم، ألا فهل من امرئ بعثه قومه ؟ فقالوا: اعلم لنا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه، أو حديث صاحبه، أو يلهيه الضلال، ألا إني مسئول، هل بلغت ؟ ألا اسمعوا تعيشوا، ألا اجلسوا، ألا اجلسوا " قال: فجلس الناس، وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده، وبصره، قلت: يا رسول الله، ما عندك من علم الغيب ؟ فضحك لعمر الله ، وهز رأسه، وعلم أني أبتغي لسقطه، فقال: " ضن ربك عز وجل بمفاتيح خمس من الغيب، لا يعلمها إلا الله "، وأشار بيده، قلت: وما هي ؟ قال: " علم المنية ، قد علم متى منية أحدكم، ولا تعلمونه، وعلم المني حين يكون في الرحم قد علمه، ولا تعلمونه، وعلم ما في غد، [[قد علم]] ما أنت طاعم غدا، ولا تعلمه، وعلم يوم الغيث ، يشرف عليكم آزلين آزلين مشفقين ، فيظل يضحك قد علم أن غيركم إلى قرب " قال لقيط قلت: لن نعدم من رب يضحك خيرا، وعلم يوم الساعة، قلت: يا رسول الله، علمنا مما تعلم الناس، وما تعلم، فإنا من قبيل لا يصدق تصديقنا أحد من مذحج التي تربأ علينا، وخثعم التي توالينا ، وعشيرتنا التي نحن منها، قال: " تلبثون ما لبثتم، ثم يتوفى نبيكم صلى الله عليه وسلم، ثم تلبثون ما لبثتم، ثم تبعث الصائحة لعمر إلهك ، ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات، والملائكة الذين مع ربك عز وجل، فأصبح ربك يطوف في الأرض، وخلت عليه البلاد، فأرسل ربك عز وجل السماء تهضب من عند العرش، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل، ولا مدفن ميت، إلا شقت القبر عنه، حتى تجعله من عند رأسه، فيستوي جالسا، فيقول ربك: مهيم لما كان فيه، يقول: يا رب، أمس، اليوم، ولعهده بالحياة يحسبه، حديثا بأهله "، فقلت: يا رسول الله، كيف يجمعنا بعد ما تمزقنا الرياح والبلى ، والسباع ؟، قال: " أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، الأرض أشرفت عليها، وهي مدرة بالية ، فقلت: لا تحيا أبدا، ثم أرسل ربك عز وجل عليها السماء، فلم تلبث عليك إلا أياما حتى أشرفت عليها، وهي شربة واحدة ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعهم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فيخرجون من الأصواء ، ومن مصارعهم فتنظرون إليه، وينظر إليكم " قال: قلت: يا رسول الله، كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا ؟ قال: " أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله عز وجل، الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم، ساعة واحدة لا تضارون في رؤيتهما، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم، وترونه من أن ترونهما، ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما " قلت: يا رسول الله، فما يفعل بنا ربنا عز وجل إذا لقيناه ؟ قال: " تعرضون عليه بادية له صفحاتكم ، لا يخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء فينضح قبيلكم بها، فلعمر إلهك ما تخطئ وجه أحدكم منها قطرة، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء، وأما الكافر فتخطمه بمثل الحميم الأسود، ألا ثم ينصرف نبيكم صلى الله عليه وسلم ويفترق على إثره الصالحون، فيسلكون جسرا من النار، فيطأ أحدكم الجمر، فيقول: حس يقول ربك عز وجل: أوانه، ألا فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ، والله ناهلة عليها قط، ما رأيتها، فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده، إلا وقع عليها قدح يطهره من الطوف، والبول، والأذى، وتحبس الشمس والقمر، ولا ترون منهما واحدا " قال: قلت: يا رسول الله، فبما نبصر ؟ قال: " بمثل بصرك ساعتك هذه، وذلك قبل طلوع الشمس في يوم أشرقت الأرض، واجهت به الجبال " قال: قلت: يا رسول الله، فبما نجزى من سيئاتنا وحسناتنا ؟ قال: " الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها، إلا أن يعفو " قال: قلت: يا رسول الله، إما الجنة، إما النار قال: " لعمر إلهك إن للنار لسبعة أبواب، ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما، وإن للجنة لثمانية أبواب ما منهما بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما " قلت: يا رسول الله، فعلى ما نطلع من الجنة ؟ قال: " على أنهار من عسل مصفى، وأنهار من كأس ما بها من صداع، ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وماء غير آسن ، وبفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون ، وخير من مثله معه، وأزواج مطهرة " قلت: يا رسول الله، أولنا فيها أزواج، أو منهن مصلحات ؟ قال: " الصالحات للصالحين، تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا، ويلذذن بكم غير أن لا توالد " قال لقيط: فقلت: أقصي ما نحن بالغون، ومنتهون إليه ؟ فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله، على ما أبايعك ؟ قال: فبسط النبي صلى الله عليه وسلم يده، وقال: " على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وزيال المشرك، وأن لا تشرك بالله إلها غيره " قلت: وإن لنا ما بين المشرق، والمغرب ؟ فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده، وظن أني مشترط شيئا لا يعطينيه، قال: قلت: نحل منها حيث شئنا، ولا يجني امرؤ إلا على نفسه ، فبسط يده، وقال: " ذلك لك تحل حيث شئت، ولا يجني عليك إلا نفسك " قال: فانصرفنا عنه، ثم قال: " إن هذين لعمر إلهك من أتقى الناس في الأولى، والآخرة " فقال له كعب ابن الخدارية أحد بني بكر بن كلاب: من هم يا رسول الله ؟ قال: " بنو المنتفق أهل ذلك " قال: فانصرفنا، وأقبلت عليه، فقلت: يا رسول الله، هل لأحد ممن مضى من خير في جاهليتهم ؟ قال: قال رجل من عرض قريش: والله إن أباك المنتفق لفي النار، قال: فلكأنه وقع حر بين جلدي ووجهي ولحمي مما قال لأبي على رءوس الناس، فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول الله ؟ ثم إذا الأخرى أجمل، فقلت: يا رسول الله، وأهلك ؟ قال: " وأهلي لعمر الله ما أتيت عليه من قبر عامري، أو قرشي من مشرك، فقل: أرسلني إليك محمد، فأبشرك بما يسوءك، تجر على وجهك، وبطنك في النار " قال: قلت: يا رسول الله، ما فعل بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه ؟ وكانوا يحسبون أنهم مصلحون ؟ قال: " ذلك لأن الله عز وجل بعث في آخر كل سبع أمم - يعني - نبيا، فمن عصى نبيه كان من الضالين، ومن أطاع نبيه كان من المهتدين "

المعجم الكبير (19/ 211)
477- حدثنا مصعب بن إبراهيم بن حمزة الزبيري ، وعبد الله بن الصقر العسكري ، قالا : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام ، حدثني عبد الرحمن بن عياش الأنصاري ثم المسمعي ، عن دلهم بن الأسود ، عن عاصم بن لقيط ، أن لقيط بن عامر ، خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه صاحب له يقال له : نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق ، قال لقيط : خرج فخرجت أنا وصاحبي حتى قدمت المدينة لانسلاخ رجب ، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من صلاة الغداة ، فقام في الناس خطيبا ، فقال : أيها الناس ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام لأسمعكم اليوم ، ألا فهل من امرئ بعثه قومه ؟ فقالوا : أعلم لنا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ألا ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه ، أو حديث صاحب له ، أو يلهيه الضلال ، ألا إني مسؤول ، هل بلغت ؟ ألا فاسمعوا تعيشوا ، ألا فاسمعوا تعيشوا ، ألا اجلسوا ، قال : فجلس الناس وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره ، قلت : يا رسول الله ما عندك من علم الغيب ؟ فضحك لعمر الله وهز رأسه وعلم أني أبتغي سقطه ، فقال : ضن ربك بخمس من الغيب لا يعلمهن إلا هو ، وأشار بيده ، فقلت : ما هن يا رسول الله ؟ قال : علم المنية ، متى منية أحدكم ولا تعلمونه ، وعلم المني حين يكون في الرحم قد علم ولا تعلمونه ، وعلم ما في غد قد علم ما أنت طاعم غدا ولا تعلمه ، وعلم يوم الغيب يشرف عليكم آزلين مشفقين ، ويظل ربك يضحك قد علم أن عودتكم قريب ، قال لقيط : قلت : لن نعدم من رب يضحك خيرا ، وعلم يوم الساعة قلت : يا رسول الله إني سائلك عن حاجتي فلا تعجلني ، قال : سل عما شئت ، قلت : يا رسول الله علمنا ما تعلم الناس وما نعلم ، فإنا من قبيل لا يصدقون تصديقنا أحد من مذحج التي تعلو علينا ، وخثعم التي توازينا ، توالينا ، وعشيرتنا التي نحن منها ، قال : تلبثون ما لبثتم ثم تبعث الصيحة ، لعمر إلهك ما يدع على ظهرها من شيء إلا مات ، والملائكة الذين مع ربك ، وأصبح ربك يتطوف في الأرض وخلت عليه البلاد ، فأرسل ربك السماء بهضب من عند العرش ، فلعمر إلهك ما يدع على ظهرها من قتيل ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنه ويخلقه من قبل رأسه فيستوي جالسا ، يقول ربك : مهيم ؟ لما كان فيه ، يقول : يا رب أمس اليوم - لعهده بالحياة يحسبه حديثا قلت : يا رسول الله كيف يجمعنا بعد ما تمزقنا الرياح والبلى والسباع ؟ قال : أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله : الأرض أشرفت عليها وهي مدررة بالية فقلت لا تحيا أبدا ، ثم أرسل عليها ربك السماء فلم يلبث عليها إلا يسيرا حتى أشرفت عليها فإذا هي شربة واحدة ، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فتخرجون من الأضواء ومن مصارعكم فتنظرون إليه ساعة وينظر إليكم قلت : يا رسول الله كيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظر إليه ؟ قال : أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله : الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ساعة واحدة ويريانكم ولا تضامون في رؤيتهما ، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وتروه منهما أن تروهما ويريانكم قلت : يا رسول الله فما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه ؟ قال : تعرضون عليه بادية صفحاتكم لا يخفى عليه منكم خافية ، فيأخذ ربك بيده غرفة من الماء فينضح بها قبلكم ، فلعمر إلهك ما يخطئ وجه واحد منكم قطرة ، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء ، وأما الكافر فيجعله مثل الحمم الأسود ، ألا ثم ينصرف عنكم ، ويتفرق على أثره الصالحون فيسلكون جسرا من النار يطأ أحدكم على الجمرة ، فيقول : حس ، فيقول ربك : أوانه ، ألا فيظلعون على حوض الرسول لا يظمأ والله بأهله ، فلعمر إلهك ما يبسط أحد منكم يده إلا وقع عليها قدح يطهره من الطواف والبول والأذى ، وتحبس الشمس والقمر فلا ترون منهما واحدا قلت : يا رسول الله فبم نبصر ؟ قال : مثل بصر ساعتك هذه ، وذلك مع طلوع الشمس في يوم أشرقت الأرض وواجهته الجبال قلت : يا رسول الله فبم نجزى من سيئاتنا وحسناتنا ؟ قال : الحسنة بعشر أمثالها ، والسيئة بمثلها ، أو يغفر قلت : يا رسول الله فما الجنة والنار ؟ قال : لعمر إلهك ، إن للنار لسبعة أبواب ما منهن باب إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما ، وإن للجنة ثمانية أبواب ما منهما بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما قلت : يا رسول الله فعلى ما نطلع من الجنة ؟ قال : على أنهار من عسل مصفى ، وأنهار من كأس ما بها من صداع ولا ندامة ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وماء غير آسن ، وفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون ، وخير من مثله معه وأزواج مطهرة ، قلت : يا رسول الله أولنا فيها أزواج أو منهن مصلحات ؟ قال : الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا وتلذونكم غير أن لا توالد ، قال لقيط : قلت : ما أفضل ما نحن بالغون منتهون إليه قلت : يا رسول الله على ما أبايعك ؟ فبسط يده وقال : على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وزيال الشرك ، لا تشرك بالله إلها غيره قال : قلت له : فما بين المشرق والمغرب ؟ قال : وقبض وبسط أصابعه وظن أني مشترط شيئا لا يعطينيه ، قال : قلت : نحل منها حيث شئنا ، ولا يجني امرؤ إلا نفسه فبسط يده وقال : فلك ، حل حيث شئت ولا تجني عليك إلا نفسك ، قال : فانصرفنا عنه ، وقال : ها إن ذين ، ها إن ذين لمن نفر ، لعمرو إلهك إنهم من أتقى الناس ربه في الدنيا والآخرة ، فقال له كعب بن الخدارية ، أحد بني أبي بكر بن كلاب : من هم يا رسول الله ؟ قال : بنو المنتفق ، قال : بنو المنتفق أهل ذلك منهم ، أهل ذلك منهم ، فانصرفت وأقبلت عليه ، فقلت : يا رسول الله هل لأحد ممن مضى قبلنا من خير في جاهليتهم ؟ فقال رجل من عرض قريش : والله إن أباك المنتفق لفي النار ، قال : فكأنه وقع حر بين جلد وجهي ولحمه بما قال على رؤوس الناس ، وهممت أن أقول : أين أبوك يا رسول الله ؟ فإذا الأخرى أجمل قلت ، أو أهلك يا رسول الله ؟ قال : وأهلي ، ما أتيت عليه من قبر عامري ، أو قرشي من مشرك فقل : أرسلني إليك محمد صلى الله عليه وسلم فأبشر بما يسوؤك ، تجر على وجهك وبطنك في النار ، قلت : يا رسول الله وما فعل ذلك بهم وكانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه ، وكانوا يحسبونهم مصلحين ؟ قال : ذلك فإن الله بعث في آخر كل سبع أمم نبيا ، فمن أطاع نبيه كان من المهتدين ، ومن عصاه كان من الضالين.

المستدرك للحاكم - ط. التأصيل (8/ 379)
8909 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي، ثنا محمد بن سعد العوفي، ثنا يعقوب بن عيسى، ثنا عبد الرحمن بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم بن الأسود، عن عبد الله بن حاجب بن عامر، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر أنه خرج وافدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال: فقدمنا المدينة لانسلاخ رجب، فصلينا معه صلاة الغداة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبا، فقال: يا أيها الناس، إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام لأسمعكم، فهل من امرئ بعثه قومه؟ قالوا: اعلم لنا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه، أو حديث صاحبه، أو يلهيه الضلال، ألا إني مسئول هل بلغت ألا فاسمعوا تعيشوا، ألا فاسمعوا تعيشوا، ألا اجلسوا، فجلس الناس، وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره قلت: يا رسول الله إني أسألك عن عن حاجتي فلا تعجلن علي، قال: سل عما شئت قلت: يا رسول الله هل عندك من علم الغيب؟ فضحك لعمر الله، وهز رأسه، وعلم أني أبتغي بسقطه، فقال: ضن ربك بمفاتيح خمس من الغيب، لا يعلمهن إلا الله وأشار بيده فقلت: وما هن يا رسول الله؟ قال: علم المنية قد علم متى منية أحدكم ولا تعلمونه، وعلم يوم الغيث يشرف عليكم آزلين مشفقين، فظل يضحك وقد علم أن فرجكم قريب قال لقيط: قلت: يا رسول الله لن نعدم من رب يضحك خيرا، وعلم ما في غد، وقد علم ما أنت طاعم في غد ولا تعلمه، وعلم يوم الساعة، قال: وأحسبه ذكر ما في الأرحام قال: فقلنا: يا رسول الله علمنا مما تعلم الناس، وما تعلم فإنا من قبيل لا يصدقون تصديقنا من مذحج التي تربو علينا، وخثعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها، قال: " تلبثون ما لبثتم ثم يتوفى نبيكم، ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث الصيحة، فلعمر إلهك ما تدع على ظهر الأرض شيئا إلا مات، والملائكة الذين مع ربك، فخلت الأرض فأرسل ربك السماء تهضب من تحت العرش، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنه حتى يخلقه من قبل رأسه فيستوي جالسا، يقول ربك: مهيم؟ فيقول: يا رب أمس، لعهده بالحياة يحسبه حديثا بأهله " فقلت: يا رسول الله كيف يجمعنا بعدما تمزقنا الرياح والبلى والسباع؟ قال: " أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله الأرض أشرفت عليها مدرة بالية فقلت: لا تحيى أبدا فأرسل ربك عليها السماء فلم تلبث عليها أياما حتى أشرفت عليها، فإذا هي شربة واحدة، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فتخرجون من الأجداث من مصارعكم فتنظرون إليه ساعة وينظر إليكم " قال: قلت: يا رسول الله كيفىى وهو شخص واحد ونحن ملء الأرض ننظر إليه وينظر إلينا؟ قال: أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله الشمس والقمر آية منه قريبة صغيرة ترونهما في ساعة واحدة، ويريانكم ولا تضامون في رؤيتهما ولعمر إلهك لهو على أن يراكم وترونه أقدر منهما على أن يريانكم وترونهما ىىىى قلت: يا رسول الله فما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه؟ قال: " تعرضون عليه بادية له صفحاتكم ولا تخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك بيده غرفة من الماء فينضح بها قبلكم، فلعمر إلهك ما تخطئ وجه واحد منكم قطرة، فأما المؤمن فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء، وأما الكافر فتخطمه بمثل الحمم الأسود، ثم ينصرف نبيكم صلى الله عليه وسلم فيمر على أثره الصالحون - أو قال: ينصرف على أثره الصالحون - " قال: " فيسلكون جسرا من النار يطأ أحدكم الجمرة فيقول: حس، فيقول ربك - أو إنه قال: فيطلعون على حوض الرسول على أظمأ والله ناهلة ما رأيتها قط، ولعمر إلهك ما يبسط - أو قال: ما يسقط - واحد منكم يده إلا وضع عليها قدح يطهره من الطوف والبول والأذى، وتخلص الشمس والقمر - أو قال: تحبس الشمس والقمر - فلا ترون منهما واحدا " فقلت: يا رسول الله فبم نبصر يومئذ؟ قال: مثل بصر ساعتك هذه وذلك في يوم أسفرته الأرض وواجهت به الجبال ىى قلت: يا رسول الله فبم نجازى من سيئاتنا وحسناتنا؟ قال: الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها أو تغفر ىى قلت: يا رسول الله فما الجنة وما النار؟ قال: لعمر إلهك إن الجنة لها ثمانية أبواب ما منهن بابان إلا وبينهما مسيرة الراكب سبعين عاما، وإن للنار سبعة أبواب ما منهن بابان إلا وبينهما مسيرة الراكب سبعين عاما قلت: يا رسول الله على ما يطلع من الجنة؟ قال: أنهار من عسل مصفى وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من كأس ما لها صداع ولا ندامة، ومن ماء غير آسن، وبفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون خير من مثله، معه أزواج مطهرة قلت: يا رسول الله أولنا فيها أزواج مصلحات؟ قال: الصالحات للصالحين تلذذونهن مثل لذاتكم في الدنيا، ويلذذن بكم غير أن لا توالد قلت: يا رسول الله هذا أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه؟ ثم قلت: يا رسول الله على ما أبايعك؟ قال: فبسط يده وقال: على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، وإياك والشرك لا تشرك بالله شيئا - أو لا تشرك مع الله غيره فقلت: وإن لنا ما بين المشرق والمغرب، فقبض وبسط أصابعه وظن أني مشترط شيئا لا يعطينيه، فقلت: نحل منها حيث شئنا ولا يجني امرؤ إلا على نفسه؟ قال: ذلك لك، حل منها حيث شئت، ولا تجن عليك إلا نفسك فبايعناه ثم انصرفنا، فقال: إن هذين لعمر إلهك من أصدق الناس وأتقى الناس لله في الأول والآخر فقال كعب بن فلان أحد بني بكر بن كلاب: من هم يا رسول الله؟ قال: بنو المنتفق فأقبلت عليه فقلت: يا رسول الله هل أحد ممن مضى منا في جاهلية من خير؟ فقال رجل من عرض قريش: إن أباك المنتفق في النار، فكأنه وقع حر بين جلدي ووجهي ولحمي مما قال لأبي على رءوس الناس، فهممت أن أقول وأبوك يا رسول الله ثم نظرت فإذا الأخرى أجمل، فقلت: وأهلك يا رسول الله؟ قال: " وأهلي لعمر الله ما أتيت عليه من قبر قرشي أو عامري مشرك فقل: أرسلني إليك محمد فأبشر بما يسوءك تجر على وجهك وبطنك في النار " فقلت،: فبم أفعل ذلك بهم يا رسول الله وكانوا على عمل يحسبون أن لا دين إلا إياه وكانوا يحسبونهم مصلحين؟ قال: ذلك بأن الله بعث في آخر كل سبع أمم نبيا فمن أطاع نبيه كان من المهتدين، ومن عصى نبيه كان من الضالين هذا حديث جامع في الباب صحيح الإسناد، كلهم مدنيون ولم يخرجاه