الموسوعة الحديثية


- ُ عن أبي هريرةَ أو غيره شكّ أبو جعفرُ في قولِ اللهِ عز وجل : { سُبْحَانَ الّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } قال : جاءَ جبريلُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعهُ ميكائيلُ، فقال جبريلُ لميكائيلَ : ائتنِي بطستٍ من ماءِ زمزمَ، كيْما أُطهرَ قلبهُ وأشرحَ له صدرهُ، قال : فشقَّ عنه بطنهُ، فغسلهُ ثلاثَ مراتٍ. واختلفَ إليهِ ميكائيلُ بثلاثِ طساسٍ من ماءِ زمزمَ فشرحَ صدرهَ ونزعَ ما كان فيهِ من غِلٍّ، وملأه حلما وعلما، وإيمانا ويقينا وإسلاما، وختمَ بين كتفيهِ بخاتمِ النبوةِ ثم أتاهُ بفرسٍ فحُمِلَ عليهِ، كلُّ خطوةٍ منهُ مُنتهى بصرهِ أو أَقصَى بصرهِ قال : فسارَ وسارَ معهُ جبريلُ عليهما السلام، قال : فأَتى على قومٍ يزرعونَ في يومٍ ويحصدونَ في يومٍ، كلما حصدوا عادَ كما كانَ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا جبريلُ، ما هذا ؟ قال : هؤلاءِ المُجاهدونَ في سبيلِ اللهِ، تُضاعفُ لهُم الحسنةُ بسبعمائةِ ضعفٍ، وما أنفقوا من شيء فهو يُخْلِفُه، وهو خيرُ الرازِقينَ ثم أتَى على قومٍ ترضخُ رؤوسهُم بالصخرِ، كلما رضختْ عادتْ كما كانتْ، ولا يُفتّرُ عنهم من ذلكَ شيء فقال : ما هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ الذينَ تتثاقلُ رؤوسهُم عن الصلاةِ المكتوبة ِ. ثم أَتَى على قومٍ على أقبالهٍم رِقاعٌ وعلى أدبارهِم رِقاعٌ، يسرحُونَ كما تسرحُ الإبلُ والنعم، ويأكلونَ الضريعَ والزقومَ ورضفَ جهنمَ وحجارتُها، قال : ما هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ الذين لا يؤدُّونَ صدقاتِ أموالهِم، وما ظلمهُم اللهُ شيئا، وما الله بظلّامٍ للعبِيدِ. ثم أَتى على قَوْمٍ بينَ أيديهم لحمٌ نضيجٌ في قدرٍ، ولحمٌ آخرُ نيىء في قدرٍ خبيثٍ، فجعلوا يأكلونَ من النيّىءِ الخبيثِ ويدعونَ النضيجَ الطيبَ، فقال : ما هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ فقال : هذا الرجلُ من أمتكَ، تكونُ عندهُ المرأَةُ الحلال الطيبُ، فيأتي امرأةً خبيثةً فيبيتُ عندها حتى يصبِحَ، والمرأَةُ تقومُ من عندِ زوجها حلالا طيّبا، فتأتِي رجلا خبيثا فتبيتُ معهُ حتى تصبحَ. قال : ثم أتى على خشبةٍ على الطريقِ، لا يمرُّ بها ثوبٌ إلا شقتهُ، ولا شيء إلا خرقتهُ، قال : ما هذا يا جبريلُ ؟ قال : هذا مثل أقوامٍ من أمتكَ، يقعدونَ على الطريقِ يقطعونهُ، ثم تلا : { وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوْعِدُونَ } قال : ثم أتى على رجلٍ قد جمعَ حزمةَ حطبٍ عظيمةٍ لا يستطيعُ حملهُا، وهو يزيدُ عليها، فقال : ما هذا يا جبريلُ ؟ فقال : هذا الرجلُ من أمتكَ يكون عليهِ أماناتُ الناسِ لا يقدرُ على أدائها، وهو يريدُ أن يحملَ عليها. ثم أتى على قومٍ تُقرضُ ألسنتهُم وشفاهُم بمقارِيضَ من حديدٍ، كلما قُرضتْ عادت كما كانتْ، لا يُفتّر عنهم من ذلكَ شيء، قال : ما هؤلاء يا جبريلُ ؟ قال : هؤلاءِ خطباءُ الفتنةِ. ثم أتى على جحرٍ صغيرٍ يخرجُ منه ثورٌ عظيمٌ، فجعل الثورُ يريدُ أن يرجعَ من حيثُ خرجَ، فلا يستطيعُ، فقال : ما هذا يا جبريلُ ؟ فقال : هذا الرجلُ يتكلّمُ بالكلمةِ العظيمةِ، ثم يندمُ عليها فلا يستطيعُ أن يردها. ثم أتى على وادٍ فوجدَ ريحا طيّبة بارِدةً، وريُْحُ مسكٍ، وسمعَ صوتا، فقال : يا جبريلُ، ما هذه الريحُ الطيبةُ الباردةُ ؟ وما هذا المسكُ ؟ وما هذا الصوتُ ؟ قال : هذا صوتُ الجنةِ، تقول : يا رب، آتنِي ما وعدتَني فقد كثَّرتْ غرفِي، وإستبرقي وحريرِي وسُندسِي، وعبقَريّي ولُؤلؤي ومُرجاني، وفضَّتي وذهبِي، وأكوابي وصحافي، وأباريقي ومراكبي، وعسلي ومائي وخمري ولبني فآتني ما وعدتني. فقال : لكِ كل مسلمٍ ومسلمةٍ، ومؤمنٍ ومؤمنةٍ، ومن أمنَ بي وبرسُلِي وعملَ صالحا ولم يشركْ بي، ولم يتخذْ من دوني أندادا. ومن خشيني فهو آمنٌ، ومن سألني أعطيتُهُ، ومن أقرضَنِي جزيتهُ، ومن توكلَ علي كفيتُهُ، إني أنا اللهُ، لا إله إلا أنا، لا أُخلفُ الميعادَ، وقد أفلحَ المؤمنونَ وتباركَ اللهُ أحسنُ الخالقينَ. قالتْ : قد رضيتُ. قال : ثم أتى على وادٍ فسمعَ صوتا منكرا، ووجدَ ريحا منتنةً ، فقال : ما هذهِ الريحُ يا جبريلُ ؟ وما هذا الصوتِ ؟ فقال : هذا صوتُ جهنمَ، تقول : يا رب، آتني ما وعدتني، فقد كثرتْ سلاسِلِي وأغلالي، وسعيري وحميمي، وضريعي، وغَسّاقي وعذابي، وقد بعدُ قَعْرِي واشتدَّ حَرّي، فآتني كل ما وعدتني. فقال : لكِ كل مشركٍ ومشركةٍ، وكافرٍ وكافرةٍ، وكل خبيثٍ وخبيثةٍ وكل جبّارٍ لا يؤمنُ بيومِ الحسابِ. قالت : قد رضيتُ. قال : ثم سارَ حتى أتى بيتَ المقدسِ، فنزل فربطَ فرسهُ إلى صخرةٍ، ثم دخلَ فصلى مع الملائكةِ، فلما قضيتُ الصلاةَ قالوا : يا جبريلُ، من هذا معكَ ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم. قالوا : أوقدْ أرسلَ محمد ؟ قال : نعم. قالوا : حيّاهُ الله من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيء جاء. قال : ثم لقي أرواحَ الأنبياءِ، فأثنوا على ربهم، فقال إبراهيمُ : الحمدُ للهِ الذي اتخذني خليلا، وأعطاني مُلكا عظيما، وجعلني أمّةً قانتا يُؤْتَمُّ بي، وأنْقَذَنِي من النار، وجعلها عليّ بردا وسلاما. ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربهِ عز وجلَ فقال : الحمدُ للهِ الذي كلمني تكليما، وجعلَ هلاكَ آل فرعونَ ونجاةَ بني إسرائيلَ على يديَّ، وجعلَ من أمتي قوما يهدُونَ بالحقِّ وبه يعدِلونَ. ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربهِ فقال : الحمدُ للهِ الذي جعل لي ملكا عظيما، وعلّمني الزبورَ، وألانَ لي الحديدَ، وسخَّرَ لي الجبالَ يُسبّحنَ والطيرَ، وأعطاني الحكمةَ وفصْلَ الخِطَابِ. ثم إن سليمان عليه السلام أثنى على ربه فقال : الحمدُ للهِ الذي سخّرَ لي الرياحَ، وسخرَ لي الشياطينَ يعملونَ لي ما شئتُ من محاريبَ وتماثيلَ، وجفانٍ كالجوابِ وقدُورٍ راسياتٍ، وعلّمني مَنْطِقَ الطيرِ، وآتاني من كل شيءٍ فضلا، وسخرَ لي جنودَ الشياطينِ والإنسِ والطيرِ، وفضلني على كثيرٍ من عبادهِ المؤمنينَ، وآتاني ملكا عظيما لا ينبغي لأحدٍ من بعدي، وجعل ملكي ملكا طيبا ليسَ فيه حسابٌ. ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه عز وجل فقال : الحمدُ للهِ الذي جعلني كلمتهُ، وجعل مثلي مثلُ آدمَ، خلقهَ من ترابٍ ثم قال له : كنْ فيكونَ، وعلمني الكتابَ والحكمةَ والتوراةَ والإنجيلَ، وجعلني أَخلُقُ من الطينِ كهيئةِ الطيرِ فأنفخُ فيهِ فيكون طيرا بإذنِ اللهِ، وجعلني أبْرئُ الأكمهَ والأبرصَ وأحيي الموتَى بإذنهِ، ورفعني وطهرني، وأعاذني وأمي من الشيطانِ الرجيمِ، فلم يكن للشيطانِ علينا سبيلٌ. قال : ثم إنَّ محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه عز وجل فقال : فكلكم أثنى على ربِّهِ، وإنني مثنٍ على ربي فقال : الحمدُ للهِ الذي أرسلني رحمةً للعالمينَ، وكافة للناس بشيرا ونذيرا، وأنزلَ عليّ الفرقانَ فيه بيانٌ لكل شيءٍ، وجعل أمتي خيرَ أمةٍ أخرجتْ للناسِ، وجعل أمتي أمةً وسطا، وجعل أمتي هم الأولينَ وهم الآخرينَ، وشرحَ لي صدري، ووضعَ عني وِزْرِي، ورفعَ لي ذِكْري، وجعلني فاتحا وخاتما. فقال إبراهيم : بهذا فضلكم محمدٌ صلى الله عليه وسلم. قال أبو جعفر الرازي : خاتِمُ النبوة فاتِحُ بالشفاعةِ يومَ القيامةِ. ثم أتي بآنيةٍ ثلاثةٍ مغطاةٌ أفواهها، فأتي بإناءٍ منها فيه ماءٌ فقيل : اشربْ. فشربَ منه يسيرا، ثم دفعَ إليه إناءٌ آخرَ فيه لبنٌ، فقيل له : اشربْ فشربَ منه حتى رُوِيَ. ثم دفعَ إليهِ إناءٍ آخر فيه خمرٌ فقيل له : اشربْ. فقال : لا أُريدُهُ قد رويتُ. فقال له جبريل : أما إنها ستحَرّمُ على أمتكَ، ولو شربتَ منها لم يتبعكَ من أمتك إلا قليلٌ. قال : ثم صعدَ بهِ إلى السماءِ فاستفتحَ، فقيلَ له : من هذا يا جبريلُ ؟ فقال : محمد. قالوا : أوقدْ أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حيّاهُ اللهُ من أخٍ ومن خَليفَةٍ، فنِعْم الأخُ ونِعَْمَ الخليفةُ، ونعم المجيءُ جاءَ، فدخل فإذا هو برجلٍ تامِّ الخلقِ، لم ينقصْ من خلقهِ شيء كما ينقصْ من خلقِ الناسِ، عن يمينهِ بابٌ يخرجُ منه ريحٌ طيبةٌ، وعن شمالهِ بابٌ يخرجُ منه ريحٌ خبيثةٌ، إذا نظر إلى البابَ الذي عن يمينهِ ضحكَ واستبشرَ، وإذا نظرَ إلى البابِ الذي عن يسارهِ بكى وحزنَ، فقلتُ : يا جبريلُ، من هذا الشيخُ التامُّ الخلقِ الذي لم ينقصْ من خلقهِ شيء ؟ وما هذان البابانِ ؟ فقال : هذا أبوكَ آدمُ، وهذا البابِ الذي عن يمينهِ بابُ الجنةِ، إذا نظرَ إلى من يدخلُ من ذريتهِ ضحك واستبشرَ، والباب الذي عن شمالهِ بابُ جهنمَ، إذا نظرَ إلى من يدخلهُ من ذريتهِ بكى وحزنَ. ثم صعدَ به جبريلُ إلى السماءِ الثانيةِ فاستفتحَ، فقيلَ : من هذا معكَ ؟ فقال : محمدٌ رسولُ اللهِ. قالوا : أو قدْ أرسلَ محمدٌ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ، فلنعمَ الأخُ ولنعمَ الخليفةُ، ونِعْمَ المجيءُ جاءَ. قال : فدخلَ، فإذا هو بشابينِ فقال : يا جبريلُ، من هذانِ الشابانِ ؟ قال : هذا عيسى بن مريمَ، ويحيى بن زكريا، ابنا الخالةِ عليهما السلامُ. قال : فصعدَ بهِ إلى السماءِ الثالثةِ فاستفتحَ، فقالوا من هذا ؟ قال : جبريلُ. قالوا : ومن معك ؟ قال : محمدٌ. قالوا : أو قدْ أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ جاءَ. قال : فدخلَ فإذا هو برجلٍ قد فُضِّلَ على الناسِ في الحُسْنِ، كما فضلَ القمرُ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ، قال : من هذا يا جبريلُ الذي فُضِّلَ على الناسِ في الحُسْنِ ؟ قال : هذا أخوكَ يُوسُفُ عليهِ السلامُ. قال : ثم صعدَ بهِ إلى السماءِ الرابعةِ فاستفتحَ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريلُ، قالوا : ومن معكَ ؟ قال : محمدٌ، قالوا : أوقدْ أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومنْ خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ جاءَ قال : فدخل، فإذا هو برجلٍ، قال : من هذا يا جبريلُ ؟ قال : هذا إدْريسُ، رفعهُ اللهُ مكانا عليّا. ثم صعدَ بهِ إلى السماءِ الخامسةِ فاستفتحَ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريلُ. قالوا : ومن معكَ ؟ قال : محمدٌ، قالوا أوقدْ أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ جاءَ. ثم دخل فإذا هو برجلٍ جالسٍ وحولهُ قومٌ يقصُ عليهِم، قال : من هذا يا جبريلُ ؟ ومن هؤلاءِ حولهُ ؟ قال : هذا هارُونُ المُحبّبُ في قومهِ، وهؤلاءِ بنو إسرائيلَ. ثم صعدَ به إلى السماءِ السادسةِ فاستَفتحَ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريلُ. قالوا ومن معكَ ؟ قال : محمدٌ، قالوا : أوقد أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ، فإذا هو برجلٍ جالسٍ، فجاوزهُ فبكى الرجلُ، فقال : يا جبريلُ، من هذا ؟ قال : موسى. قال : فما بالهُ يبْكِي ؟ قال : زعمَ بنو إسرائيلَ أني أكرمُ بني آدمَ على اللهِ عز وجل، وهذا رجلٌ من بني آدمَ قد خلفَنِي في دنيا، وأنا في أخرى، فلو أنه بنفسهِ لم أُبَالِ، ولكن مع كل نبي أمتهِ. قال : ثم صعدَ بهِ إلى السماءِ السابعةِ فاستفتح، فقيلَ لهُ : من هذا ؟ قال : جبريلُ. قيل : ومن معكَ ؟ قال : محمدٌ. قالوا : أوقدْ أرسلَ ؟ قال : نعم. قالوا : حياهُ اللهُ من أخٍ ومن خليفةٍ، فنعمَ الأخُ ونعمَ الخليفةُ، ونعمَ المجيءُ جاءَ. قال : فدخل، فإذا هو برجلٍ أشْمَطَ جالسٌ عند بابَ الجنةِ على كرسِيّ، وعندهُ قومٌ جلوسٌ بيضُ الوجوهِ أمثالُ القراطيسِ، وقومٌ في ألوانهِم شيء، فقامَ هؤلاءِ الذين في ألوانهِم شيء فدخلوا نهرا فاغْتسلوا فيهِ فخرجوا وقد خَلُصَ من ألوانهِم شيء، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيهِ، فخرجوا وقد خَلُصَ من ألوانهم شيءٌ، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه، فخرجوا وقد خَلُصَتْ ألوانهم فصارتْ مثل ألوانِ أصحابهم، فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم، فقال : يا جبريلُ، من هذا الأشمطُ ؟ ثم من هؤلاءِ البيضُ الوجوهِ ؟ ومن هؤلاءِ الذين في ألوانهم شيء وما هذهِ الأنهارُ التي دخلوا فيها فجاءوا وقد صفتْ ألوانهم ؟ قال : هذا أبوكَ إبراهيمُ، أولُ من شمّطَ على الأرضِ، وأما هؤلاء البيضِ الوجوهِ فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ. وأما هؤلاءِ الذينَ في ألوانهم شيء، فقومٌ خلطوا عملا صالحا وآخرَ سيئا، فتابوا فتابَ اللهٌ عليهم، وأما الأنهارٌ فأولها رحمةُ اللهِ، والثاني نعمةُ اللهِ، والثالثُ سقاهم ربهم شرابا طهورا. قال : ثم انتهى إلى السدرةِ فقيل له : هذهِ السدرةُ ينْتَهِي إليها كلّ أحدٍ خلا من أمتكَ على سنتكَ.. فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهارٌ من ماءٍ غير آسِنٍ ، وأنهارٌ من لبنٍ لم يتغيَّرْ طعمُهُ، وأنهارٌ من خمرٍ لذَّةٍ للشاربينَ، وأنهارٌ من عسلٍ مُصفَّى، وهي شجرةٌ يسيرُ الراكبُ في ظلها سبعينَ عاما لا يقطعها، والورقةُ منها مُغطَّيةٌ للأُمةِ كلها، قال : فغشيها نورُ الخلّاقِ عز وجل، وغشيَتها الملائكةُ أمثالَ الغِرْبانِ حين يقعنَ على الشجرةِ، قال : فكلّمهُ تعالى عند ذلكَ، قالَ له : سلْ، قال : إنكَ اتخذتَ إبراهيمَ خليلا، وأعطيتهُ ملكا عظيما، وكلمتَ موسى تكليما، وأعطيتَ داودَ ملكا عظيما، وألنتَ له الحديدَ، وسخرتَ له الجبالَ، وأعطيتَ سليمانَ ملكا، وسخرتَ له الجنَّ والإنسَ والشياطينَ، وسخرتَ له الرياحَ، وأعطيتهَ ملكا عظيما لا ينبغي لأحدٍ من بعدهِ. وعلمَّتَ عيسى التوراةَ والإنجيلَ، وجعلتهُ يُبرئُ الأكمهَ والأبرصَ ويحيي الموتَى بإذنكَ، وأعذتهُ وأمهُ من الشيطانِ الرجيم، فلم يكنْ للشيطانِ عليهما سبيلٌ. فقال له ربهُ عز وجلَ : وقد اتخذتُكَ خليلا وهو مكتوبٌ في التوراةِ : حبيبُ الرحمنِ وأرسلتكَ إلى الناسِ كافّة بشيرا ونذيرا، وشرحتُ لكَ صدركَ، ووضعتُ عنكَ وزركَ، ورفعتُ لك ذكركَ، فلا أُذْكَر إلا ذُكِرْتَ معي، وجعلتُ أمتكَ خيرُ أمةٍ أخرجتْ للناسِ، وجعلتُ أمتكَ أمةً وسطا، وجعلتُ أمتكَ هم الأولينَ والآخرينَ، وجعلتُ أمتكَ لا تجوزُ لهم خطبةٌ حتى يشهدوا أنكَ عبدي ورسولي، وجعلتُ من أمتكَ أقواما قلوبهُم أناجيلهُم، وجعلتكَ أولَ النبيينَ خلقا وآخرهُم بعثا، وأولهُم يقضى لهُ. وأعطيتكَ سبعا من المثاني لم يعطها نبي قبلكَ، وأعطيتكَ خواتيمَ سورةِ البقرةِ من كنزٍ تحتَ العرشِ لم أعطِها نبيا قبلكَ، وأعطيتكَ الكوثرَ، وأعطيتكَ ثمانيةَ أسهمٍ : الإسلامُ، والهجرةُ، والجهادُ، والصدقةُ، والصلاةُ، وصومُ رمضانَ، والأمرُ بالمعروفِ، والنهيُ عن المنكرِ. وجعلتكَ فاتحا وخاتما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فضَّلنِي ربي بستٍّ : أعطاني فواتحِ الكلامِ وخواتيمهَ، وجوامعَ الحديثِ، وأرسلني إلى الناسِ كافةً بشيرا ونذيرا. وقذفَ في قلوبِ عدوي الرعبَ من مسيرةِ شهرٍ، وأُحِلّتْ لي الغنائمَ ولم تُحلّ لأحدٍ قبلي، وجُعِلَتْ لي الأرض كلها طهورا ومسجدا. قال : وفرضَ عليهِ خمسينَ صلاةً. فلما رجعَ إلى موسى قال : بمَ أُمِرْتَ يا محمدُ ؟ قال : بخمسينَ صلاةً. قال : ارجعْ إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ، فإن أمتكَ أضعفُ الأممِ فقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شِدّةً، قال : فرجعَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربهِ عز وجل فسألهُ التخفيفَ، فوضعَ عنه عشرا. ثم رجعَ إلى موسى فقال : بكم أمرتَ ؟ قال : بأربعينَ. قال ارجع إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ، فإن أمتكَ أضعفُ الأمم ِ، وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدةً قال : فرجعَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربهِ فسألهُ التخفيفَ، فوضعَ عنه عشرا، فرجع إلى موسى فقال : بكم أمرتَ ؟ قال : أمرتُ بثلاثينَ. فقال له موسى : ارجع إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ فإن أمتكَ أضعفُ الأممِ وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدةً قال : فرجعَ إلى ربهِ فسألهَ التخفيفَ، فوضعَ عنه عشرا. فرجعَ إلى موسى فقال. بكم أمرتَ ؟ قال : أمرتُ بعشرينَ. قال : ارجع إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ، فإن أمتكَ أضعفُ الأممِ، وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدةً. قال : فرجعَ إلى ربهِ فسألهَ التخفيفَ، فوضعَ عنه عشرا. فرجعَ إلى موسى فقال : بكم أمرتَ ؟ قال : أمرتُ بعشرٍ. قال : ارجع إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ، فإن أمتكَ أضعفُ الأممِ، وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدةً. قال : فرجعَ على حياءٍ إلى ربهِ، فسألهُ التخفيفَ فوضع عنه خمسا. فرجع إلى موسى فقال : بكم أمرتَ ؟ قال : بخَمْسٍ. فقال : ارجع إلى ربكَ فاسألهُ التخفيفَ، فإن أمتكَ أضعفُ الأممِ، وقد لقيتُ من بني إسرائيلَ شدةً، قال : قد رجعتُ إلى ربي حتى استحييْتُ، فما أنا راجعٌ إليهِ. قيل : أما إنكَ كما صبرتَ نفسكَ على خمسِ صلواتٍ، فإنهنّ يُجزينَ عنكَ خمسينَ صلاة، فإن كل حسنةٍ بعشرِ أمثالها، قال : فرضي محمدٌ صلى الله عليه وسلم كل الرضا، قال : وكانَ موسى عليه السلام من أشدهم عليهِ حين مرَّ بهِ، وخيرهِم لهُ حين رجعَ إليهِ
خلاصة حكم المحدث : فيها غرابة ، [ فيه ] أبو جعفر الرازي ضعفه غير واحد
الراوي : أبو هريرة أو غيره | المحدث : ابن كثير | المصدر : تفسير القرآن العظيم الصفحة أو الرقم : 5/31
التخريج : أخرجه الطبري في ((التفسير)) (14/424) واللفظ له، وأخرجه البزار (9518)، وابن أبي حاتم في ((التفسير)) (13521) باختلاف يسير من حديث أبي هريرة
التصنيف الموضوعي: أنبياء - خصائص وفضائل تفسير آيات - سورة الإسراء صلاة - صفة الصلاة التي فرضت بعد المعراج فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - الإسراء والمعراج فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - خصائصه صلى الله عليه وسلم
| الصحيح البديل | أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


[تفسير الطبري] (14/ 424)
: حدثنى علي بن سهل، قال: ثنا حجاج، قال: أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية الرياحي، عن أبي هريرة أو غيره -شك أبو جعفر- فى قول الله عز وجل: {‌سبحان ‌الذي ‌أسرى ‌بعبده ‌ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}. قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ميكائيل، فقال جبريل لميكائيل: ائتني بطست من ماء زمزم كيما أطهر قلبه، وأشرح له صدره. قال: فشق عنه بطنه، فغسله ثلاث مرات، واختلف إليه ميكائيل بثلاث طساس من ماء زمزم، فشرح صدره، ونزع ما كان فيه من غل، وملأه حلما وعلما وإيمانا ويقينا وإسلاما، وختم بين كتفيه بخاتم النبوة، ثم أتاه بفرس فحمل عليه، كل خطوة منه منتهى بصره، أو أقصى بصره. قال: فسار وسار معه جبريل عليه السلام، فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم، كلما حصدوا عاد كما كان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا جبريل ما هذا؟ " قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه، وهو خير الرازقين. ثم أتى على قوم ترضخ رءوسهم بالصخر، كلما رضخت عادت كما كانت، ولا يفتر عنهم من ذلك شيء، فقال: "ما هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة المكتوبة. ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع، وعلى أدبارهم رقاع، يسرحون كما تسرح الإبل والغنم، ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها، قال: "ما هؤلاء يا جبريل؟ " قال: هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم، وما ظلمهم الله شيئا، وما الله بظلام للعبيد. ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج [[في قدور، و]] لحم آخر [[نيء قذر]] خبيث، فجعلوا يأكلون من النيء الخبيث ويدعون النضيج الطيب، فقال: "ما هؤلاء يا جبريل؟ " قال: هذا الرجل من أمتك، تكون عنده المرأة الحلال الطيب، فيأتى امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا، فتأتى رجلا خبيثا فتبيت معه حتى تصبح. قال: ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته، ولا شيء إلا خرقته، قال: "ما هذا يا جبريل؟ " قال: هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه. ثم تلا: {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} [[الأعراف: 86]]. ثم أتى على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها، وهو يزيد عليها، فقال: "ما هذا يا جبريل؟ " قال: هذا الرجل من أمتك تكون عليه أمانات الناس لا يقدر على أدائها، وهو يريد أن [[يحمل عليها]]. ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد، كلما قرضت عادت كما كانت، لا يفتر عنهم من ذلك شيء، قال: "ما هؤلاء يا جبريل؟ " قال: هؤلاء خطباء الفتنة. ثم أتى على جحر صغير يخرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع، فقال: "ما هذا يا جبريل؟ " قال: هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة، ثم يندم عليها، فلا يستطيع أن يردها. ثم أتى على واد، فوجد ريحا طيبة باردة، و ريح المسك، وسمع صوتا، فقال: "يا جبريل، ما هذه الريح الطيبة الباردة ريح المسك؟ وما هذا الصوت؟ " قال: هذا صوت الجنة تقول: يا رب، آتنى ما وعدتني، فقد كثرت غرفى، وإستبرقى وحريرى، وسندسى وعبقريى، ولؤلؤى ومرجاني، وفضتي وذهبي، وأكوابي وصحافي وأباريقى، وفواكهى ونخلى ورماني، ولبنى وخمرى، فآتني ما وعدتنى. فقال: لك كل مسلم ومسلمة، ومؤمن ومؤمنة، ومن آمن بي وبرسلي، وعمل صالحا ولم يشرك بي، ولم يتخذ من دونى أندادا، ومن خشينى فهو آمن، ومن سألني أعطيته، ومن أقرضنى جزيته، ومن توكل علي كفيته، إنى أنا الله لا إله إلا أنا، لا أخلف الميعاد، وقد أفلح المؤمنون، وتبارك الله أحسن الخالقين. قالت: قد رضيت. ثم أتى على واد فسمع صوتا منكرا، ووجد ريحا منتنة، فقال: "ما هذه الريح يا جبريل؟ وما هذا الصوت؟ " قال: هذا صوت جهنم، تقول: يا رب، آتنى ما وعدتني، فقد كثرت سلاسلي وأغلالى، وسعيرى وجحيمي، وضريعي وغساقي، وعذابي وعقابي، وقد بعد قعرى، واشتد حرى، فآتني ما وعدتنى. قال: لك كل مشرك ومشركة، وكافر وكافرة، وكل خبيث وخبيثة، وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب. قالت: قد رضيت. قال: ثم سار حتى أتى بيت المقدس، فنزل فربط فرسه إلى صخرة، ثم دخل فصلى مع الملائكة، فلما قضيت الصلاة، قالوا: يا جبريل، من هذا معك؟ قال: محمد. فقالوا: أو قد أرسل محمد؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ، ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء. قال: ثم لقي أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم، فقال إبراهيم: الحمد لله الذى اتخذني خليلا، وأعطاني ملكا عظيما، وجعلنى أمة قانتا لله يؤتم بى، وأنقذنى من النار، وجعلها علي بردا وسلاما. ثم إن موسى أثنى على ربه، فقال: الحمد لله الذى كلمني تكليما، وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي، وجعل من أمتى قوما يهدون بالحق وبه يعدلون. ثم إن داود عليه السلام أثنى على ربه، فقال: الحمد لله الذي جعل لى ملكا عظيما، وعلمنى الزبور، وألان لى الحديد، وسخر لي الجبال يسبحن والطير، وأعطانى الحكمة وفصل الخطاب. ثم إن سليمان أثنى على ربه، فقال: الحمد لله الذي سخر لي الرياح، وسخر لى الشياطين يعملون ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات، وعلمنى منطق الطير، وأتاني من كل شيء فضلا، وسخر لى جنود الشياطين والإنس والطير، وفضلني على كثير من عباده المؤمنين، وآتاني ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعدى، وجعل ملكى ملكا طيبا ليس علي فيه حساب. ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه، فقال: الحمد لله الذى جعلني كلمته، وجعل مثلى مثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له: كن. فيكون، وعلمنى الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، وجعلنى أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله، وجعلنى أبرئ الأكمه والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله، ورفعنى وطهرنى، وأعاذنى وأمى من الشيطان الرجيم، فلم يكن للشيطان علينا سبيل. قال: ثم إن محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه، فقال: "كلكم أثنى على ربه، وأنا مثن على ربي". فقال: "الحمد لله الذى أرسلنى رحمة للعالمين، وكافة للناس بشيرا ونذيرا، وأنزل علي الفرقان فيه تبيان كل شيء، وجعل أمتى خير أمة أخرجت للناس، وجعل أمتى أمة وسطا، وجعل أمتى هم الأولين وهم الآخرين، وشرح لي صدري، ووضع عنى وزرى، ورفع لى ذكرى، وجعلنى فاتحا خاتما". قال إبراهيم: بهذا فضلكم محمد. قال أبو جعفر، وهو الرازي: خاتم النبوة، وفاتح بالشفاعة يوم القيامة. ثم أتى بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها، فأتى بإناء منها فيه ماء، فقيل: اشرب. فشرب منه يسيرا، ثم دفع إليه إناء آخر فيه لبن، فقيل له: اشرب. فشرب منه حتى روي، ثم دفع إليه إناء آخر فيه خمر، فقيل له: اشرب. فقال: "لا أريده، قد رويت". فقال له جبريل صلى الله عليه وسلم: أما إنها ستحرم على أمتك، ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا قليل. ثم صعد به إلى السماء، فاستفتح، فقيل: من هذا [[يا جبريل]]؟ فقال: محمد. قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ، ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء. فدخل فإذا هو برجل تام الخلق لم ينقص من خلقه شيء، كما ينقص من خلق الناس، على يمينه باب يخرج منه ريح طيبة، وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة، إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه ضحك واستبشر، وإذا نظر إلى الباب الذى عن شماله بكى وحزن، فقلت: "يا جبريل، من هذا الشيخ التام الخلق الذى لم ينقص من خلقه شيء، وما هذان البابان؟ " قال: هذا أبوك آدم، وهذا الباب الذى عن يمينه باب الجنة، إذا نظر إلى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر، والباب الذى عن شماله باب جهنم، إذا نظر إلى من يدخله من ذريته بكى وحزن. ثم صعد به جبريل صلى الله عليه وسلم إلى السماء الثانية، فاستفتح، فقيل: من هذا معك؟ قال: محمد رسول الله. فقالوا: وقد أرسل محمد؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ، ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء. قال: فإذا هو بشابين، فقال: "يا جبريل، من هذان الشابان؟ " قال: هذا عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا، ابنا الخالة. قال: فصعد به إلى السماء الثالثة، فاستفتح، فقالوا: من هذا؟ قال: جبريل. قالوا: ومن معك؟ قال: محمد. قالوا: أو قد أرسل؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ، ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء. قال: فدخل فإذا هو برجل قد فضل على الناس كلهم في الحسن، كما فضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، قال: "من هذا يا جبريل الذي فضل على الناس في الحسن؟ " قال: هذا أخوك يوسف. ثم صعد به إلى السماء الرابعة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قالوا: ومن معك؟ قال: محمد. قالوا: أو قد أرسل؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ، ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء. قال: فدخل فإذا هو برجل، قال: "من هذا يا جبريل"؟ قال: هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا. ثم صعد به إلى السماء الخامسة، فاستفتح، فقالوا: من هذا؟ فقال: جبريل. قالوا: [[ومن]] معك؟ قال: محمد. قالوا: أو قد أرسل؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ، ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء. ثم دخل، فإذا هو برجل جالس، وحوله قوم يقص عليهم، قال: "من هذا يا جبريل، ومن هؤلاء الذين حوله؟ " قال: هذا هارون المحبب في قومه، وهؤلاء بنو إسرائيل. ثم صعد به إلى السماء السادسة، فاستفتح، فقيل له: من هذا؟ قال: جبريل. قالوا: ومن معك؟ قال: محمد. قالوا: أو قد أرسل؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ، ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء. فإذا هو برجل جالس، فجاوزه، فبكى الرجل، فقال: "يا جبريل من هذا؟ " قال: موسى. قال: " [[فما باله]] يبكي؟ " قال: تزعم بنو إسرائيل أنى أكرم بني آدم على الله، وهذا رجل من بني آدم قد خلفني في دنيا، وأنا في أخرى، فلو أنه بنفسه لم أبال، ولكن مع كل نبي أمته. قال: ثم صعد به إلى السماء السابعة، فاستفتح، فقيل له: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قالوا: أو قد أرسل ؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ، ونعم الخليفة، ونعم المجئ جاء. قال: فدخل فإذا هو برجل أشمط جالس عند باب الجنة على كرسي، وعنده قوم جلوس بيض الوجوه، أمثال القراطيس، وقوم في ألوانهم شيء، فقام هؤلاء الذين في ألوانهم شيء، فدخلوا نهرا فاغتسلوا فيه، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء، ثم دخلوا نهرا آخر، فاغتسلوا فيه، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم، فصارت مثل ألوان أصحابهم، فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم، فقال: "يا جبريل، من هذا الأشط؟ ثم من هؤلاء البيض وجوههم؟ ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شيء؟ وما هذه الأنهار التي دخلوا فجاءوا وقد صفت ألوانهم؟ " قال: هذا أبوك إبراهيم، أول من شمط على الأرض، وأما هؤلاء البيض الوجوه فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء، فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتابوا، فتاب الله عليهم، وأما الأنهار فأولها رحمة الله، وثانيها نعمة الله، والثالث: سقاهم ربهم شرابا طهورا. قال: ثم انتهى إلى السدرة، فقيل له: هذه السدرة ينتهى إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك. فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى. وهى شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها، والورقة منها مغطية للأمة كلها. قال: فغشيها نور الخلاق عز وجل، وغشيتها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجر. قال: فكلمه عند ذلك، فقال له: سل. فقال: "اتخذت إبراهيم خليلا، وأعطيته ملكا عظيما، وكلمت موسى تكليما، وأعطيت داود ملكا عظيما، وألنت له الحديد، وسخرت له الجبال، وأعطيت سليمان ملكا عظيما، وسخرت له الجن والإنس والشياطين، وسخرت له الرياح، وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وعلمت عيسى التوراة والإنجيل، وجعلته يبرئ الأكمة والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله، وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل". فقال له ربه: قد اتخذتك خليلا - وهو مكتوب في التوراة: حبيب الرحمن - وأرسلتك إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا، وشرحت لك صدرك، ووضعت عنك وزرك، ورفعت لك ذكرك، فلا أذكر إلا ذكرت معى، وجعلت أمتك أمة وسطا، وجعلت أمتك هم الأولين وهم الآخرين، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة، حتى يشهدوا أنك عبدى ورسولى، وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم، وجعلتك أول النبيين خلقا، وآخرهم بعثا، وأولهم يقضى له، وأعطيتك سبعا من المثاني لم يعطها نبي قبلك، وأعطيتك الكوثر، وأعطيتك ثمانية أسهم؛ الإسلام، والهجرة والجهاد، والصدقة، والصلاة، وصوم رمضان، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وجعلتك فاتحا وخاتما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فضلني ربي بست؛ أعطانى فواتح الكلم وخواتيمه، وجوامع الحديث، وأرسلني إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا، وقذف في قلوب عدوي الرعب من مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض كلها طهورا ومسجدا". قال: "وفرض علي خمسين صلاة". فلما رجع إلى موسى، قال: بم أمرت يا محمد؟ قال: "بخمسين صلاة". قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك أضعف الأمم، فقد لقيت من بنى إسرائيل شدة، قال: فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه فسأله التخفيف، فوضع عنه عشرا، ثم رجع إلى موسى، فقال: بكم أمرت؟ قال: "بأربعين". قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك أضعف الأمم، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة. قال: فرجع إلى ربه، فسأله التخفيف، فوضع عنه عشرا، فرجع إلى موسى، فقال: بكم أمرت؟ قال: "أمرت بثلاثين". فقال له موسى: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك أضعف الأمم، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة. قال: فرجع إلى ربه فسأله التخفيف؛ فوضع عنه عشرا، فرجع إلى موسى فقال: بكم أمرت؟ قال: "أمرت بعشرين". قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك أضعف الأمم، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة. قال: فرجع إلى ربه فسأله التخفيف فوضع عنه عشرا. فرجع إلى موسى، فقال: بكم أمرت؟ قال: "بعشر". قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك أضعف الأمم، وقد لقيت من بنى إسرائيل شدة. قال: فرجع على حياء إلى ربه فسأله التخفيف، فوضع عنه خمسا، فرجع إلى موسى، فقال: بكم أمرت؟ قال: "بخمس". قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك أضعف الأمم، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة. قال: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت فما أنا راجع إليه. فقيل له: أما إنك كما صبرت نفسك على خمس صلوات، فإنهن يجزين عنك خمسين صلاة، فإن كل حسنة بعشر أمثالها. قال: فرضي محمد صلى الله عليه وسلم كل الرضا. قال: فكان موسى أشدهم عليه حين مر به، وخيرهم له حين رجع إليه.

[مسند البزار = البحر الزخار] (17/ 5)
: 9518- حدثنا محمد بن حسان ، حدثنا أبو النضر ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية أو غيره ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بفرس فجعل كل خطوة منه أقصى بصره فسار وسار معه جبريل عليه السلام فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم، كلما حصدوا عاد كما كان، فقال: يا جبريل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبع مائة ضعف، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه، ثم أتى على قوم ترضخ رءوسهم بالصخر، فلما رضخت عادت كما كانت، ولا يفتر عنهم من ذلك شيء، قال: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين تثاقلت رءوسهم ، عن الصلاة، ثم أتى على قوم على أدبارهم رقاع، وعلى أقبالهم رقاع، يسرحون كما تسرح الأنعام إلى الضريع، والزقوم، ورضف جهنم، قلت: ما هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم، وما ظلمهم الله، وما الله بظلام للعبيد، ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم في قدر نضيج ولحم آخر نيء خبيث، فجعلوا يأكلون الخبيث ويدعون النضيج الطيب. قال: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هذا الرجل من أمتك يقوم من عند امرأته حلالا، فيأتي المرأة الخبيثة، فيبيت معها حتى يصبح، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا، فتأتي الرجل الخبيث، فتبيت عنده حتى تصبح، ثم أتى على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها، وهو يريد أن يزيد عليها، فقال: يا جبريل ما هذا؟ قال: هذا الرجل من أمتك عليه أمانة الناس لا يستطيع أداءها، وهو يزيد عليها، ثم أتى على قوم تقرض شفاههم وألسنتهم بمقاريض حديد، كلما قرضت عادت كما كانت، لا يفتر عنهم من ذلك شيء، قال: يا جبريل ما هؤلاء؟ قال: خطباء الفتنة، ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يدخل من حيث خرج فلا يستطيع، فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة فيندم عليها، فيريد أن يردها فلا يستطيع، ثم أتى على واد فوجد ريحا طيبة ووجد ريح مسك مع صوت، فقال: ما هذا؟ قال: صوت الجنة تقول: يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني، فقد كثر غرسي، وحريري، وسندسي، وإستبرقي وعبقريي، ومرجاني، وفضتي وذهبي، وأكوابي، وصحافي، وأباريقي، وفواكهي، وعسلي، وثيابي، ولبني، وخمري، ائتني بما وعدتني، فقال: لك كل مسلم ومسلمة، ومؤمن ومؤمنة، ومن آمن بي وبرسلي، وعمل صالحا، ولم يشرك بي شيئا، ولم يتخذ من دوني أندادا فهو آمن، ومن سألني أعطيته، ومن أقرضني جزيته، ومن توكل علي كفيته، إني أنا الله لا إله إلا أنا، لا خلف لميعادي، قد أفلح المؤمنون، تبارك الله أحسن الخالقين، فقالت: قد رضيت، ثم أتى على واد فسمع صوتا منكرا، فقال: يا جبريل ما هذا الصوت؟ قال: هذا صوت جهنم ، تقول: يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني، فقد كثر سلاسلي، وأغلالي، وسعيري، وحميمي، وغساقي وغسليني، وقد بعد قعري، واشتد حري، ائتني بما وعدتني، قال: لك كل مشرك ومشركة، وخبيث وخبيثة، وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب، قال: قد رضيت، ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل، فربط فرسه إلى صخرة فصلى مع الملائكة، فلما قضيت الصلاة، قالوا: يا جبريل من هذا معك؟ قال: هذا محمد رسول الله خاتم النبيين، قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة، ثم لقوا أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم تعالى، فقال إبراهيم صلى الله عليه وسلم: اللهم الذي اتخذني خليلا، وأعطاني ملكا عظيما، وجعلني أمة قانتا، واصطفاني برسالاته، وأنقذني من النار، وجعلهما علي بردا وسلاما، ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربه، فقال: الحمد لله الذي كلمني تكليما، واصطفاني، وأنزل علي التوراة، وجعل هلاك فرعون على يدي ونجاة بني إسرائيل على يدي، ثم إن داود صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه، فقال: الحمد لله الذي جعل لي ملكا وأنزل علي الزبور، وألان لي الحديد، وسخر لي الجبال، يسبحن معي والطير، وأتاني الحكمة وفصل الخطاب، ثم إن سليمان أثنى على ربه تبارك وتعالى، فقال: الحمد لله الذي سخر لي الرياح، والجن والإنس، وسخر لي الشياطين يعملون ما شئت من محاريب، وتماثيل، وجفان كالجواب، وقدور راسيات، وعلمني منطق الطير، وأسال لي عين القطر، وأعطاني ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، ثم إن عيسى صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه، فقال: الحمد لله الذي علمني التوراة والإنجيل، وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص، وأحيي الموتى بإذنه، ورفعني وطهرني من الذين كفروا، وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم، فلم يكن للشيطان علينا سبيل، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه. فقال: كلكم أثنى على ربه وأنا مثن على ربي، الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين، وكافة للناس بشيرا ونذيرا، وأنزل علي الفرقان، فيه تبيان كل شيء، وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس، وجعل أمتي وسطا، وجعل أمتي هم الأولون وهم الآخرون، وشرح لي صدري، ووضع عني وزري، ورفع لي ذكري، وجعلني فاتحا وخاتما، فقال إبراهيم صلى الله عليه وسلم: بهذا فضلكم محمد صلى الله عليه وسلم، ثم أتي بآنية ثلاثة مغطاة، فدفع إليه إناء، فقيل له: اشرب، فيه ماء، ثم دفع إليه إناء آخر فيه لبن، فشرب منه حتى روي، ثم دفع إليه إناء آخر فيه خمر، فقال: قد رويت لا أذوقه، فقيل له: أصبت أما إنها ستحرم على أمتك، ولو شربتها لم يتبعك من أمتك إلا قليل، ثم صعد به إلى السماء فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء، فدخل فيه فإذا هو بشيخ جالس تام الخلق، لم ينقص من خلقه شيء كما ينقص من خلق البشر عن يمينه باب تخرج منه ريح طيبة، وعن شماله باب تخرج منه ريح خبيثة، إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه ضحك، وإذا نظر إلى الباب الذي عن يساره بكى وحزن، فقال: يا جبريل من هذا الشيخ وما هذان البابان؟ فقال: هذا أبوك آدم، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة، إذا رأى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر، وإذا نظر إلى الباب الذي عن شماله باب جهنم، [[فإذا رأى]] من يدخله من ذريته بكى وحزن، ثم صعد إلى السماء الثانية فاستفتح، فقال: من هذا؟ قال: جبريل، قالوا: ومن معك؟ قال: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء، فدخل فإذا هو بشابين، فقال: يا جبريل من هذان الشابان؟ فقال: هذا عيسى ويحيى ابنا الخالة، ثم صعد إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل، فقالوا: من هذا معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فدخل فإذا هو برجل قد فضل على الناس في الحسن كما فضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، فقال: من هذا يا جبريل؟ قال: أخوك يوسف صلى الله عليه وسلم، ثم صعد إلى السماء الرابعة، فاستفتح جبريل، فقالوا: من هذا معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، ونعم المجيء جاء، فدخل فإذا هو برجل، فقال: يا جبريل: من هذا الرجل الجالس؟ قال: هذا أخوك إدريس رفعه الله مكانا عليا، ثم صعد به إلى السماء الخامسة، فاستفتح جبريل، فقالوا له: من هذا معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة، ونعم المجيء جاء، فإذا هو برجل جالس يقص عليهم، فقال: يا جبريل من هذا ومن هؤلاء الذين حوله؟ قال: هذا هارون صلى الله عليه وسلم المخلف في قومه، وهؤلاء قومه من بني إسرائيل، ثم صعد به إلى السماء السادسة، فاستفتح جبريل، فقالوا: من هذا معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد أرسل؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ وخليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فإذا هو برجل جالس، فجاوزه فبكى الرجل، فقال: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا موسى صلى الله عليه وسلم، قال: ما يبكيه؟ قال: يزعم بنو إسرائيل أني أفضل الخلق، وهذا قد خلفني، فلو أنه وحده ولكن معه كل أمته. ثم صعد بنا إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقالوا: من معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قالوا: حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيء جاء، فإذا هو برجل أشمط جالس على كرسي عند باب الجنة، وعنده قوم جلوس في ألوانهم شيء وقال عيسى يعني أبا جعفر الرازي: وسمعته مرة يقول: سود الوجوه فقام هؤلاء الذين في ألوانهم شيء فدخلوا نهرا يقال له: نعمة الله، فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء، ثم دخلوا نهرا آخر يقال له رحمة الله، فاغتسلوا فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء، فدخلوا نهرا آخر، فذلك قوله: {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} ، فخرجوا وقد خلص ألوانهم مثل ألوان أصحابهم، فجلسوا إلى أصحابهم، فقال: يا جبريل من هذا الأشمط الجالس؟ ومن هؤلاء البيض الوجوه؟ وما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء؟ قد دخلوا هذه الأنهار فاغتسلوا فيها ثم خرجوا وقد خلصت ألوانهم، قال: هذا أبوك إبراهيم صلى الله عليه وسلم أول من شمط على الأرض، وهؤلاء القوم البيض الوجوه قوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم، وهؤلاء الذين في ألوانهم شيء قد خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا تابوا فتاب الله عليهم، ثم مضى إلى السدرة، فقيل له: هذه السدرة المنتهى، ينتهي كل أحد من أمتك خلا على سبيلك، وهي السدرة المنتهى تخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما، وإن ورقة منها مظلة الخلق، فغشيها نور وغشيها الملائكة، قال عيسى: فذلك قوله: {إذ يغشى السدرة ما يغشى} ، فقال تبارك وتعالى له: سل، فقال: إنك اتخذت إبراهيم خليلا، وأعطيته ملكا عظيما وكلمت موسى تكليما. وأعطيت داود ملكا عظيما، وألنت له الحديد، وسخرت له الجبال، وأعطيت سليمان ملكا عظيما، وسخرت له الجن والإنس والشياطين والرياح، وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وعلمت عيسى التوراة والإنجيل، وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص، وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم، فلم يكن له عليهما سبيلا، فقال له ربه تبارك وتعالى: قد اتخذتك خليلا وهو مكتوب في التوراة: محمد حبيب الرحمن، وأرسلتك إلى الناس كافة، وجعلت أمتك هم الأولون وهم الآخرون، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي، وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا، وأعطيتك سبعا من المثاني، ولم أعطها نبيا قبلك، وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم أعطها نبيا قبلك وجعلتك فاتحا وخاتما، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلني ربي تبارك وتعالى بست: قذف في قلوب عدوي الرعب في مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأعطيت فواتح الكلام وجوامعه، وعرض علي أمتي فلم يخف علي التابع والمتبوع منهم، ورأيتهم أتوا على قوم ينتعلون الشعر، ورأيتهم أتوا على قوم عراض الوجوه، صغار الأعين، فعرفتهم ما هم، وأمرت بخمسين صلاة، فرجع إلى موسى، فقال له موسى: بكم أمرت من الصلاة؟ قال: بخمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فإن أمتك أضعف الأمم، فقد لقيت من بني إسرائيل شدة، فرجع محمد صلى الله عليه وسلم، فسأل الله. التخفيف، فوضع عنه عشرا، فرجع إلى موسى، فقال له: بكم أمرت، قال: بأربعين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فإن أمتك أضعف الأمم، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة. فرجع محمد صلى الله عليه وسلم فسأله التخفيف، فوضع عنه عشرا، فرجع إلى موسى، فقال له: بكم أمرت؟ قال له: بثلاثين، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فإن أمتك أضعف الأمم، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة، فرجع محمد صلى الله عليه وسلم فسأل ربه التخفيف، فوضع عنه عشرا، فرجع إلى موسى، فقال له: بكم أمرت؟ فقال: بعشرين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف عن أمتك، فإن أمتك أضعف الأمم، فقد لقيت من بني إسرائيل شدة، فرجع محمد صلى الله عليه وسلم فسأل ربه التخفيف، فوضع عنه عشرا، فرجع إلى موسى، فقال له: بكم أمرت؟ فقال: بعشر، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فإن أمتك أضعف الأمم، فقد لقيت من بني إسرائيل شدة، فرجع محمد صلى الله عليه وسلم فسأل ربه التخفيف فوضع عنه خمسا، فرجع إلى موسى، فقال: بكم أمرت؟ فقال: بخمس، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإن أمتك أضعف الأمم، فقد لقيت من بني إسرائيل شدة، قال: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت، وما أنا براجع إليه، فقيل له: كما صبرت نفسك على الخمس فإنه يجزى عنك بخمسين، يجزى عنك كل حسنة بعشر أمثالها، قال عيسى: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان موسى صلى الله عليه وسلم أشدهم علي أولا وخيرهم آخرا. وهذا لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد من هذا الوجه.

تفسير ابن أبي حاتم (ت 327)
(7/ 2309) 13521- حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا عيسى بن عبد الله التميمي يعني أبا جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس البكرى ، عن ابى العالية أو غيره ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، في قوله : {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا إنه هو السميع البصير} ، قال : جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعه ميكائيل ، فقال جبريل لميكائيل عليهما السلام : ائتني بطست من ماء زمزم كيما أطهر قلبه ، واشرح صدره ، فشق عنه بطنه فغسله ثلاث مرات ، واختلف إليه ميكائيل عليه السلام بثلاث طساس من ماء زمزم ، فشرح صدره ونزع ماكان فيه من غل وملأه حلما ، وعلما ، وإيمانا ، ويقينا ، وإسلاما ، وختم بين كتفيه بخاتم النبوة ، ثم أتاه بفرس فحمل عليه... كل خطوة منه منتهى بصره ، فسار وسار معه جبريل ، فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم.... كلما حصدوا عاد كما كان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ، ماهذا.... ! ؟ قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله يضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف ، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه ، ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع وعلي أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها ، قال : ما هؤلاء يا جبريل ! ؟ قال : هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم وما ظلمهم الله شيئا ، ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدر ولحم آخر نيىء خبيث ، فجعلوا يأكلون من النيىء الخبيث ، ويتركون النضيج الطيب ، قلت : ما هؤلاء يا جبريل ! ؟ قال : هذا الرجل من امتك تكون عنده المرأة الحلال ، فيأتي امرأة خبيثة ، فيبيت عندها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا ، فتأتي رجلا خبيثا تبيت معه حتى تصبح ، ثم اتى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شىء إلا خرقته ، قال : ما هذا يا جبريل.. ! ؟ قال : هذا مثل أقوام من امتك يقعدون على الطريق فيقطعونه ، ثم أتى على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليه ، فقال : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الرجل من امتك يكون عليه امانات الناس لا يقدر علي أدائها وهو يريد إن يحمل عليها ، ثم أتى علي قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شىء ، قال : ما هؤلاء يا جبريل.. ! ؟ قال : هؤلاء خطباء الفتنة ، ثم أتى على حجر صغير يخرج من ثور عظيم ، فجعل الثور يريد إن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع ، قال : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ، ثم يندم عليها فلا يستطيع إن يردها ثم أتى على واد ، فوجد ريحا طيبة باردة وريح مسك ، وسمع صوتا ، فقال : يا جبريل ، ما هذا ؟ قال : هذا صوت الجنة.. تقول : يارب ، ائتني بما وعدتني ، فقد كثرت غرفي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي واكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائى ولبني وخمري فائتني ماوعدتني ، فقال : لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة ، قالت : رضيت ، ثم أتى على واد فسمع شكوى ووجد ريحا منتنة ، فقال : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا صوت جهنم ، تقول : رب ائتني بما وعدتني ، فلقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي ، وقد بعد قعري واشتد حري فائتني ماوعدتني ، قال : لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب ، قالت : قد رضيت ، ثم سار حتى أتى بيت المقدس ، فنزل فربط فرسه إلى صخرة ثم دخل فصلى مع الملائكة عليهم السلام ، فلما قضيت الصلاة ، قالوا : يا جبريل ، من هذا معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم قالوا : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من اخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة نعم المجيىء جاء ، ثم لقى أرواح الأنبياء عليهم السلام فأثنوا على ربهم ، فقال إبراهيم عليه السلام : الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظيما وجعلني أمة قانتا يؤتم بي وأنقذني من النار وجعلها علي بردا وسلاما ، ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربه عز وجل ، فقال : الحمد لله الذي كلمني تكليما وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي ، وجعل من امتي قوما يهدون بالحق وبه يعدلون ، ثم إن داود عليه السلام اثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعل لي ملكا عظيما ، وعلمني الزبور وألان لي الحديد وسخر لي الجبال يسبحن والطير وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب ، ثم إن سليمان عليه السلام اثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي سخر لي الرياح وسخر لي الشياطين يعملون ماشئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجوارب وقدور راسيات وعلمني منطق الطير وآتاني من كل شىء فضلا وسخر لي جنود الشياطين والإنس والطير وفضلني على كثير من عباده المؤمنين وآتاني ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعدي وجعل ملكي ملكا طيبا ليس فيه حساب ، ثم إن عيسى عليه السلام أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعلني كلمته وجعل مثلي مثل أدم خلقه من تراب ، ثم قال له : كن فيكون وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والأنجيل وجعلني أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وجعلني أبرىء الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ورفعني وطهرني وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان علينا سبيل ، ثم إن محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه عز وجل ، فقال : كلكم أثنى على ربه واني مثن على ربي ، قال : الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا ونذيرا ، وأنزل على الفرقان فيه تبيان لكل شىء وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس وجعل أمتي أمة وسطا وجعل أمتي هم الأولون والآخرون ، وشرح لي صدري ووضع عني وزري ، ورفع لي ذكري ، وجعلني فاتحا وخاتما ، فقال إبراهيم عليه السلام : بهذا فضلكم محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم أتى بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها فأتى بإناء منها فيه ماء ، فقيل : اشرب فشرب منه يسيرا ثم رفع اليه اناء آخر فيه لبن ، فقيل : اشرب ، فشرب منه حتى روى ، ثم رفع إليه إناء آخر فيه الخمر ، فقيل له : اشرب ، فقال : لا أريده قد رويت ، فقال له جبريل عليه السلام : أما إنها ستحرم علي أمتك ولو شربت منها لم يتبعك من امتك إلا قليل ثم صعد بي إلى السماء ، فاستفتح ، فقيل : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من اخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء ، فدخل فإذا هو برجل تام الخلق لم ينقص من خلقه شىء كما ينقص من خلق الناس ، على يمينه باب يخرج منه ريح طيبة وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه فرح وضحك وإذا نظر إلى الباب الذي عن يساره بكى وحزن ، فقلت : يا جبريل ، من هذا ؟ قال : هذا ابوك آدم ، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة إذا نظرالى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر ، والباب الذي عن شماله باب جهنم إذا نظر إلى من يدخله بكى وحزن ، ثم صعد بي جبريل عليه السلام إلى السماء الثانية ، فاستفتح قيل من هذا معك ؟ قال : محمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياة الله من اخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء ، فإذا هو بشابين ، قال : يا جبريل ، من هذان ؟ قال : عيسى بن مريم ، ويحيي بن زكريا فصعد به إلى السماء الثالثه ، فاستفتح ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من اخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء ، فدخل فإذا هو برجل قد فضل علي الناس في الحسن كما فضل القمر ليلة البدر علي سائر الكواكب ، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك يوسف عليه السلام ، ثم صعد بي إلى السماء الرابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ، قال : نعم ، قالوا : حياه الله من اخ ومن خليفه ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء ، فدخل فإذا هو برجل ، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا إدريس رفعه الله مكانا عليا ، ثم صعد إلى السماء الخامسة ، فاستفتح فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : مرحبا به حياه الله من اخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء ، ثم دخل فإذا هو برجل جالس وحوله قوم يقص عليهم ، قال : من هذا يا جبريل ومن هؤلاء حوله ؟ قال : هذا هارون المحبب وهؤلاء بنو إسرائيل ، ثم صعد به إلى السماء السادسة ، فاستفتح فقيل له : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من اخ وخليفة ، فنعم الأخ ، ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء ، فإذا هو برجل جالس فجاوزه ، فبكى الرجل ، قال : يا جبريل من هذا ؟ قال : موسى ، قال : فما له يبكي ؟ قال : زعم بنو إسرائيل اني اكرم بني آدم علي الله وهذا رجل من بني آدم قد خلفني في دنيا وانا في أخرى ، فلو انه بنفسه لم ابال ولكن مع كل نبي امته ثم صعد به إلى السماء السابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من اخ وخليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجيىء جاء ، فدخل فإذا هو برجل أشمط جالس عند باب الجنة على كرسي وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس وقوم في الوانهم شىء ، فقيل هؤلاء الذين في ألوانهم شىء ، فدخلوا نهرا ، فاغتسلوا فيه فخرجو وقد خلص ولم يكن في أبدانهم شىء ثم دخلوا نهرا آخر ، فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلص من الوانهم شىء ، ثم خلوا نهرا آخر ، فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من الوانهم شىء ثم خلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه فخرجوا وقد خلصت ألوانهم فسارت مثل ألوان أصحابهم فجاؤوا ، فجلسوا إلى أصحابهم ، فقال : يا جبريل ، من هذا الاشمط ومن هؤلاء بيض الوجوه ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شىء وما هذه الأنهار التي دخلوا ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم أول من شمط على الأرض وأما هؤلاء الييض الوجوه ، فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شىء فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، فتابوا فتاب الله عليهم وأما الأنهار ، فأولها رحمة الله ، والثاني نعمة الله ، والثالث سقاهم ربهم شرابا طهورا ، ثم انتهى إلى السدرة ينتهي إليها كل واحد خلا من امتك على نسك فإذا هي شجرة يخرج من اصلها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة منها مغطية للأمة كلها فغشيها نور الخلاق عز وجل وغشيتها الملائكة عليهم السلام أمثال الغربان حين تقع على الشجرة ، فكلمه الله تعالي عند ذلك ، فقال له : سل ، فقال : اتخذت ابراهيم خليلا وأعطيته ملكا عظيما ، وكلمت موسى تكليما ، وأعطيت داود ملكا عظيما وألنت له الحديد وسخرت له الجبال ، واعطيت سليمان ملكا عظيما وسخرت له الجن والإنس والشياطين وسخرت له الرياح وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وعلمت عيسى التوراة والإنجيل وجعلته يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم فلم يكن للشيطان عليهما سبيل ، فقال له ربه عز وجل : وقد اتخذتك خليلا وهو مكتوب في التوراة حبيب الرحمن وأرسلتك إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا وشرحت لك صدرك ووضعت عنك وزرك ، رفعت لك ذكرك فلا أذكر الا ذكرت معي وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي وجعلت من امتك اقواما قلوبهم أناجيلهم وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا وأولهم يقضى له ، وأعطيتك سبعا من المثاني لم أعطها نبيا قبلك ، وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم أعطها نبيا قبلك ، واعطيتك الكوثر ، وأعطيتك ثمانية إسهم : الإسلام ، والهجرة ، والجهاد ، والصلاة ، والصدقة ، وصوم رمضان ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجعلتك فاتحا وخاتما ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فضلني ربي ، وأرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس وبشيرا ونذيرا وألقى في قلب عدوي الرعب من مسيرة شهر ، وأحل لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وجعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا ، وأعطيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه ، وعرضت على أمتي فلم يخف علي التابع والمتبوع ورأيتهم أتوا علي قوم ينتعلون الشعر ورأيتهم أتوا على قوم عراض الوجوه صغار الأعين كأنما خرمت أعينهم بالمخيط فلم يخف علي ماهم لا قون من بعدي وأمرت بخمسين صلاة ، فلما رجع إلى موسى عليه السلام ، قال : بم أمرت ؟ قال : بخمسين صلاة ، قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم فقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه ، فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ثم رجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : بأربعين قال : ارجع إلى ربك ، فاسأله التخفيف ، فرجع فوضع عنه عشرا إلى إن جعلها خمسا ، قال : ارجع إلى ربك ، فاسأله التخفيف ، قال : قد رجعت إلى ربي حتى استحيت منه فما أنا براجع إليه ، قيل له : أما إنك كما صبرت نفسك على خمس صلوات ، فإنهن يجزين عنك خمسين صلاة وان كل حسنة بعشر أمثالها ، فرضى محمد صلى الله عليه وسلم كل الرضا ، قال : وكان موسى عليه السلام من اشدهم عليه حين مر به وخيرهم له حين رجع إليه.