الموسوعة الحديثية


- أنَّهم يأتون آدَمَ، ثمَّ نوحًا، ثمَّ إبراهيمَ، ثمَّ موسى، ثمَّ عيسى، ثمَّ يأتون رسولَ اللهِ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيَذهَبُ فيَسجُدُ تحتَ العَرْشِ في مَكانٍ يُقالُ له: الفَحْصُ، فيقولُ اللهُ: ما شأنُك؟ وهو أعلَمُ، «قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأقولُ: يا ربِّ، وعَدْتَني الشَّفاعةَ؛ فشَفِّعْني في خَلقِك، فاقْضِ بينَهم، فيَقولُ سبحانَه وتعالى: شفَّعتُك، أنا آتيكُم فأَقْضي بينَهم، قال: فأَرجِعُ فأقِفُ مع النَّاسِ، ثمَّ ذكَرَ انْشِقاقَ السَّمواتِ، وتنَزُّلَ الملائكةِ في الغَمامِ، ثمَّ يَجيءُ الرَّبُّ سبحانه وتعالى لِفَصلِ القضاءِ، والكُروبيُّون والملائكةُ المقرَّبون يُسبِّحون بأنواعِ التَّسبيحِ، قال: فيضَعُ اللهُ كُرْسِيَّه حيثُ شاء مِن أرضِه، ثمَّ يَقولُ: إنِّي أُنصِتُ لكم مُنذ خلَقْتُكم إلى يومِكم هذا أَسمَعُ أقوالَكم، وأرى أعمالَكم، فأنصِتوا إلَيَّ؛ فإنَّما هي أعمالُكم وصُحفُكم تُقرَأُ عليكم، فمَن وجَد خيرًا فَلْيَحمَدِ اللهَ، ومَن وجَد غيرَ ذلك فلا يَلومَنَّ إلَّا نفسَه، إلى أن قال: فإذا أفْضى أهلُ الجنَّةِ إلى الجنَّةِ، قالوا: مَن يَشفَعُ لنا إلى ربِّنا فندخُلُ الجنَّةَ؟ فيَقولون: مَن أحَقُّ بذلك مِن أبيكم؟! إنَّه خلَقَه اللهُ بيَدِه، ونفَخَ فيه روحَه، وكلَّمه قِبَلًا، فيأتون آدَمَ، فيَطلُبون ذلك إليه، وذكَرَ نوحًا، ثمَّ إبراهيمَ، ثمَّ موسى، ثمَّ عيسى، ثمَّ محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ... إلى أن قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فآتي الجنَّةَ، فآخُذُ بحَلْقةِ البابِ، ثمَّ أستفتِحُ، فيُفتَحُ لي، فأُحيِّي ويُرحَّبُ بي، فإذا دخَلتُ الجنَّةَ فنظَرتُ إلى ربِّي عزَّ وجلَّ خرَرتُ له ساجِدًا، فيَأذَنُ لي مِن حَمْدِه وتَمجيدِه بشيءٍ ما أَذِنَ به لأحَدٍ مِن خلقِه، ثمَّ يقولُ اللهُ لي: ارْفَعْ يا محمَّدُ، واشفَعْ تُشفَّعْ، وسَلْ تُعْطَه، فإذا رفَعتُ رأسي، قال اللهُ - وهو أعلَمُ -: ما شأنُك؟ فأقولُ: يا ربِّ، وعَدْتَني الشَّفاعةَ، فشَفِّعْني في أهلِ الجَنَّةِ يَدخُلون الجنَّةَ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: قد شفَّعتُك، وأَذِنتُ لهم في دخولِ الجنَّةِ.
خلاصة حكم المحدث : حديث مطول جدا، وفي إسناده إسماعيل بن رافع، وهو ضعيف، ومحمد بن يزيد أو زياد: هو مجهول،
الراوي : - | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج شرح الطحاوية الصفحة أو الرقم : 286
التخريج : أخرجه الطبراني في ((الأحاديث الطوال)) (36)، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (386)، والبيهقي في ((البعث والنشور)) (609) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
التصنيف الموضوعي: أنبياء - خصائص وفضائل قيامة - الشفاعة إيمان - الكرسي وما يتعلق به إيمان - الملائكة قيامة - أهوال يوم القيامة
|أصول الحديث

أصول الحديث:


الأحاديث الطوال للطبراني (ص266)
: 36 - حدثنا أحمد بن الحسن النحوي الأيلي، قال: ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، قال: ثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طائفة فقال: إن الله عز وجل لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخصا بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر قلت: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: القرن قلت: كيف هو؟ قال: " عظيم، والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه كعرض السماوات والأرض، ينفخ فيه ثلاث نفخات، النفخة الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله عز وجل إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع، فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، فيأمره فيديمها ويطيلها ولا يفتر، وهي التي يقول الله عز وجل فيها {وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق} فيسير الله عز وجل الجبال سير السحاب، فتكون سرابا، ثم ترتج الأرض بأهلها رجا، فتكون كالسفينة الموبقة في البحر تضربها الأمواج تكفأ بأهلها كالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الرياح الأرواح، وهو الذي يقول الله {يوم ترجف الراجفة. تتبعها الرادفة. قلوب يومئذ واجفة. أبصارها خاشعة} [النازعات: 7] فيميد الناس على وجهها، وتذهل المراضع، وتضع الحوامل، ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار، فتأتيها الملائكة فتضرب وجوهها وترجع، ويولي الناس مدبرين، ما لهم من الله من عاصم، ينادي بعضهم بعضا، وهو الذي يقول الله عز وجل {يوم التناد} [غافر: 32] فبينا هم على ذلك إذ تصدعت الأرض تصدعين من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله، وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم، ثم تطوى السماء فإذا هي كالمهل، ثم انشقت السماء فانتثرت نجومها، وخسفت شمسها وقمرها ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأموات لا يعلمون بشيء من ذلك . قال أبو هريرة: يا رسول الله، من استثنى الله عز وجل حين يقول {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال: " أولئك الشهداء، إنما يصل الفزع إلى الأحياء، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، فوقاهم الله فزع ذلك اليوم وأمنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه الله على شرار خلقه، وهو الذي يقول الله عز وجل {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد} [الحج: 1] فيكونون في ذلك البلاء ما شاء الله، إلا أنه يطول، ثم يأمر الله عز وجل إسرافيل بنفخة الصعق، فيصعق أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، فإذا هم قد خمدوا جاء ملك الموت إلى الجبار عز وجل فيقول: يا رب، قد مات أهل السماوات والأرض إلا من شئت، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت حملة عرشك، وبقي جبريل وميكائيل، بقيت أنا، فيقول عز وجل: ليمت جبريل وميكائيل، فينطق الله العرش فيقول: يا رب، يموت جبريل وميكائيل فيقول الله: اسكت، فإني كتبت الموت على كل من كان تحت عرشي، فيموتان، فيجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول: أي رب، قد مات جبريل وميكائيل، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت حملة عرشك، وبقيت أنا، فيقول الله عز وجل: فليمت حملة عرشي، فيموتون، فيأمر الله عز وجل العرش فيقبض الصور من إسرافيل، ثم يأتي ملك الموت عليه السلام إلى الجبار فيقول: يا رب، قد مات حملة عرشك، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت أنا، فيقول الله عز وجل: أنت من خلقي، خلقتك لما رأيت، فمت، فيموت، فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار، الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، كان آخرا كما كان أولا، طوى السماوات والأرض طي السجل للكتاب، ثم دحاهما، ثم تلقفهما ثلاث مرات، ثم يقول: أنا الجبار، أنا الجبار، ثلاثا، ثم هتف بصوته: لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ ثلاث مرات، فلا يجيبه أحد، ثم يقول لنفسه: لله الواحد القهار، يقول الله عز وجل {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} فيبسطها ويسحبها ثم يمدها مد الأديم العكاظي، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة، فإذا هم في مثل هذه المبدلة في مثل ما كانوا فيها من الأول، من كان في بطنها كان في بطنها، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها، ثم ينزل الله عز وجل عليهم ماء من تحت العرش، ثم يأمر الله عز وجل السماء أن تمطر فتمطر أربعين يوما، حتى يكون الماء فوقهم اثني عشر ذراعا، ثم يأمر الله عز وجل الأجساد أن تنبت فتنبت كنبات الطراثيث أو كنبات البقل، حتى إذا تكاملت أجسادهم، فكانت كما كانت قال الله عز وجل: لتحي حملة عرشي، فيحيون، ويأمر الله عز وجل إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه، ثم يقول: ليحي جبريل وميكائيل، فيحييان، ثم يدعو الله عز وجل الأرواح فيؤتى بها توهج أرواح المؤمنين نورا، وأرواح الآخرين ظلمة، فيقبضها جميعا، ثم يلقيها في الصور، ثم يأمر إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض، فيقول الله تعالى: وعزتي وجلالي، ليرجعن كل روح إلى جسده، فيدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد، فيدخل في الخياشيم، ثم تمشي في الأجساد كما يمشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنهم، وأنا أول من تنشق الأرض عنه، فيخرجون منها سراعا، وإلى ربكم تنسلون {مهطعين إلى الداع، يقول الكافرون هذا يوم عسر} [القمر: 8] حفاة عراة غرلا، ثم يقفون موقفا واحدا مقداره سبعون عاما، لا ينظر إليكم، ولا يقضي بينكم، فتبكون حتى تنقطع الدموع ثم تدمعون دما، وتعرقون حتى يبلغ ذلك منكم أن يلجمكم أو يبلغ الأذقان، فتصيحون وتقولون: من يشفع لنا إلى ربنا فيقضي بيننا؟ فيقولون: من أحق بذلك من أبيكم آدم عليه السلام؟ خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا، فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه، فيأتي ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، فيستنصرون الأنبياء نبيا نبيا، كلما جاؤوا نبيا أبى عليهم ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى يأتوني فأنطلق حتى آتي ‌الفحص فأخر ساجدا . قال أبو هريرة: يا رسول الله، ما ‌الفحص؟ قال: قدام العرش، حتى يبعث الله عز وجل إلي ملكا، فيأخذ بعضدي فيرفعني، فيقول لي: يا محمد، فأقول: نعم لبيك يا رب، فيقول الله عز وجل: ما شأنك؟ وهو أعلم، فأقول: يا رب، وعدتني الشفاعة، فشفعني في خلقك، فاقض بينهم، فيقول الله عز وجل: قد شفعتك، أنا آتيكم أقضي بينكم ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأرجع فأقف مع الناس، فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا، فهالنا، فنزل أهل السماء الدنيا بمثل من في الأرض من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنور ربهم، وأخذوا مصافهم، قلنا لهم: أفيكم ربنا؟ قالوا: لا، وهو آت، ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف حتى ينزل الجبار تبارك وتعالى في ظلل من الغمام والملائكة، ويحمل عرشه يومئذ ثمانية، وهم اليوم أربعة، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى، والسماوات إلى حجرهم، والعرش على مناكبهم، لهم زجل من تسبيحهم، يقولون: سبحان ذي القوة والجبروت، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سبوح قدوس، قدوس قدوس، سبحان ربنا الأعلى رب الملائكة والروح، سبحان الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت، فيضع الله كرسيه حيث شاء من أرضه، ثم يهتف بصوته، فيقول: يا معشر الجن والإنس، إني قد أنصت لكم منذ خلقتكم إلى يومكم هذا، أسمع قولكم، وأبصر أعمالكم، وصحفكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ثم يأمر الله عز وجل جهنم فيخرج منها عين عنق ساطع، ثم يقول: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان، إنه لكم عدو مبين. وأن اعبدوني، هذا صراط مستقيم، ولقد أضل منكم جبلا كثيرا، أفلم تكونوا تعقلون. هذه جهنم التي كنتم توعدون} [يس: 60] أو بها تكذبون، شك أبوعاصم {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} [يس: 59] فيميز الله الناس، وتجثو الأمم، يقول الله عز وجل {وترى كل أمة جاثية، كل أمة تدعى إلى كتابها، اليوم تجزون ما كنتم تعملون} [الجاثية: 28] فيقضي الله عز وجل بين خلقه إلا الثقلين الجن والإنس، فيقضي الله تعالى بين الوحوش والبهائم، حتى إنه ليقضي للجماء من ذوات القرن، فإذا فرغ الله من ذلك لم تبق تبعة عند واحدة لأخرى، قال الله عز وجل لها: كوني ترابا، فعند ذلك يقول الكافر: {يا ليتني كنت ترابا} [النبأ: 40] ، ثم يقضي الله بين العباد، فكان أول ما يقضي فيه الدماء، ويأتي كل قتيل في سبيل الله، ويأمر الله عز وجل كل من قتل فيحمل رأسه تشخب أوداجه، فيقول: يا رب، فيم قتلني هذا؟ فيقول، وهو أعلم: فيم قتلتهم؟ فيقول: قتلتهم لتكون العزة لك، فيقول الله عز وجل له: صدقت، فيجعل الله عز وجل وجهه مثل نور الشمس، ثم تمر به الملائكة إلى الجنة، ويأتي كل من قتل على غير ذلك فيحمل رأسه تشخب أوداجه فيقول: يا رب، فيم قتلني هذا؟ فيقول وهو أعلم: لم قتلتهم؟ فيقول: يا رب، قتلتهم لتكون العزة لي، فيقول: تعست، ثم لا تبقى نفس قتلها إلا قتل بها، ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها، وكان مشيئة الله عز وجل، إن شاء عذبه وإن شاء رحمه، ثم يقضي الله عز وجل بين من شاء بقي من خلقه، حتى لا تبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذ بها للمظلوم من الظالم، حتى إنه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه أن يخلص اللبن من الماء، فإذا فرغ الله عز وجل من ذلك نادى مناد يسمع الخلائق كلهم: ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله، فلا يبقى أحد عبد من دون الله إلا مثلت له آلهته بين يديه، ويجعل يومئذ ملك من الملائكة على صورة عزير، ويجعل ملك من الملائكة على صورة عيسى، ثم يتبع هذا اليهود، وهذا النصارى، ثم قادتهم آلهتهم إلى النار، وهو الذي يقول {لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها، وكل فيها خالدون} [الأنبياء: 99] فإذا لم يبق إلا المؤمنون فيهم المنافقون جاءهم الله عز وجل فيما شاء من هيأته، فقال: يا أيها الناس، ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون، فيقولون: والله ما لنا إله إلا الله عز وجل، وما كنا نعبد غيره، فينصرف عنهم وهو الله الذي يأتيهم، فيمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم يأتيهم فيقول: يا أيها الناس، ذهب الناس، فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون، فيقولون: والله ما لنا إله إلا الله وما كنا نعبد غيره، فيكشف لهم عن ساقه، ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون أنه ربهم، فيخرون للأذقان سجدا على وجوههم، ويخر كل منافق على قفاه، ويجعل الله أصلابهم كصياصي البقر، ثم يأذن الله تبارك وتعالى لهم فيرفعون، ويضرب الله عز وجل الصراط بين ظهراني جهنم كحد الشفرة، أو كحد السيف، عليه كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان، دونه جسر دحض مزلة، فيمرون كطرف العين، أو كلمح البصر، أو كمر الريح، أو كجياد الخيل، أو كجياد الركاب، أو كجياد الرجال، فناج سالم، وناج مخدوش، ومكدوش على وجهه في جهنم، فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة، قالوا: من يشفع لنا إلى ربنا فندخل الجنة؟ فيقولون من أحق بذلك من أبيكم آدم صلى الله عليه وسلم، خلقه الله عز وجل بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا، فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بنوح فإنه أول رسل الله، فيؤتى نوح، فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ويقول: عليكم بإبراهيم؛ فإن الله عز وجل اتخذه خليلا، فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ويقول: عليكم بموسى؛ فإن الله عز وجل قربه نجيا، وكلمه، وأنزل عليه التوراة، فيؤتى موسى صلى الله عليه وسلم فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: لست بصاحب ذلك، ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى ابن مريم عليه السلام، فيؤتى عيسى ابن مريم فيطلب ذلك إليه، ويقول: ما أنا بصاحبكم، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فيأتونني، ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن، فأنطلق فآتي الجنة، فآخذ بحلقة الباب، فأستفتح فيفتح لي، فأحيا ويرحب بي، فإذا دخلت الجنة ونظرت إلى ربي خررت ساجدا، قد أذن الله عز وجل لي من حمده تحميده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه، ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد واشفع ، ارفع يا محمد، اشفع تشفع، وسل تعطه، فإذا رفعت رأسي يقول الله عز وجل وهو أعلم: ما شأنك؟ فأقول: يا رب، وعدتني بالشفاعة، فشفعني في أهل الجنة، فيدخلون الجنة، فيقول الله عز وجل: قد شفعتك، وقد أذنت لهم في دخول الجنة ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والذي بعثني بالحق، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم، فيدخل كل واحد منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله عز وجل، واثنتين آدميتين من ولد آدم، لهما فضل على من أنشأ الله بعبادتهما في الدنيا، فيدخل على الأولى في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ، عليها سبعون زوجا من سندس وإستبرق، ثم إنه يضع يده بين كتفيها، ثم ينظر إلى يده من صدرها ووراء ثيابها وجلدها ولحمها، وإنه لينظر إلى مخ ساقيها كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت، كبدها له مرآة، كبده لها مرآة، فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله، ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء، ما يفتر ذكره، وما يشتكي قبلها، فبينما هو كذلك إذ نودي: إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل، إلا أنه لا مني ولا منية، إلا أن لك أزواجا غيرها، فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة، كلما جاء واحدة قالت له: والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك، ولا في الجنة شيء أحب إلي منك، وإذا وقع أهل النار في النار، وقع فيها خلق من خلق ربك أوبقتهم أعمالهم، فمنهم من تأخذ النار قدميه لا تجاوز ذلك، ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذ جسده كله إلا وجهه حرم الله صورته عليها ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأقول: يا رب، شفعني في من وقع في النار، فيقول: أخرجوا من عرفتم، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يأذن الله عز وجل في الشفاعة فلا يبقى نبي ولا شهيد إلا شفع، فيقول الله عز وجل: أخرجوا من وجدتم في قلبه زنة الدينار إيمانا، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يشفع الله، فيقول: أخرجوا من وجدتم في قلبه إيمانا ثلثي دينار، نصف دينار، ثم يقول: ثلث دينار، ثم يقول: ربع دينار، ثم يقول: قيراط، ثم يقول: حبة من خردل، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، وحتى لا يبقى في النار من عمل لله خيرا قط، ولا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع، حتى إن إبليس يتطاول مما يرى من رحمة الله عز وجل رجاء أن يشفع له، ثم يقول: بقيت وأنا أرحم الراحمين، فيدخل يده في جهنم فيخرج منها ما لا يحصيه غيره، كأنهم حمم، فيلقون في نهر يقال له نهر الحيوان، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فما يلي الشمس منها أخيضر، وما يلي الظل منها أصيفر، فينبتون كنبات الطراثيث، حتى يكونوا أمثال الدر، مكتوب في رقابهم الجهنميون عتقاء الرحمن، يعرفهم أهل الجنة بذلك الكتاب، ما عملوا خيرا قط، فيمكثون في الجنة ما شاء الله وذلك الكتاب في رقابهم، ثم يقولون: امح عنا هذا الكتاب، فيمحو الله عز وجل عنهم "

العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني (3/ 821)
386 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن عبدة الضبي، حدثنا داود بن حماد بن الفرافصة أبو حاتم، حدثنا عبدة بن سليمان الرؤاسي حدثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يزيد، عن محمد بن كعب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طائفة من أصحابه، فقال: إن الله تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السماوات والأرض، خلق الصور فأعطاه إسرافيل عليه السلام فهو واضعه على فيه شاخص بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر . فقال أبو هريرة رضي الله عنه: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: القرن . قلت: كيف هو؟ قال: عظيم والذي نفسي بيده، إن عظم دارة فيه كعرض السماوات - وقال غيره: إنه قال: والأرض - ينفخ فيه ثلاث نفخات، الأولى نفخة الفزع والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله عز وجل إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول له: انفخ نفخة الفزع فيفزع له من في السماوات والأرض إلا من شاء الله، ويأمره فيديمها ويطولها فلا يفتر، وهي التي يقول الله تبارك وتعالى: {وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق} ، فيسير الله الجبال فتمر مر السحاب، ثم تكون ترابا، وترتج الأرض بأهلها رجا، وهي التي يقول الله عز وجل: {يوم ترجف الراجفة، تتبعها الرادفة، قلوب يومئذ واجفة} ، فتكون الأرض كالسفينة المرتفعة في البحر تضربها الأمواج تكفأ بأهلها، وكالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الأرواح، فيبيد الناس عن ظهرها فتذهل المراضع، وتضع الحوامل، ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار، فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها، ويولي الناس مدبرين، فبينا هم على ذلك إذ تصدعت الأرض فانصدعت من قطر إلى قطر فرأوا أمرا عظيما، فأخذهم لذلك من الكرب ما الله به عليم، ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل، ثم انشقت من قطر إلى قطر، ثم انخسفت شمسها وقمرها، وتناثرت نجومها، ثم كشطت السماء عنهم ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والأموات لا يعلمون بشيء من ذلك . قال أبو هريرة رضي الله عنه: يا رسول الله، فمن استثنى الله عز وجل حين يقول: {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} ؟ قال: " أولئك الشهداء، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء، فوقاهم الله فزع ذلك اليوم وأمنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه، وهو الذي يقول الله عز وجل: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد} ، فيمكثون في ذلك البلاء ما شاء الله إلا أنه يطول ذلك، ثم يأمر الله عز وجل إسرافيل فيأمره بنفخة الصعق، فينفخ نفخة الصعق، فيصعق أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله فإذا هم خمدوا، جاء ملك الموت عليه السلام إلى الجبار تبارك وتعالى فيقول: يا رب، قد مات أهل السماوات والأرض إلا من شئت. فيقول الله عز وجل وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقي جبريل، وميكائيل وأنا. فيقول الله عز وجل: ليمت جبريل، وميكائيل. فيتكلم العرش، فيقول: يا رب، تميت جبريل، وميكائيل؟ " فيقول الله عز وجل: " اسكت، إني كتبت على كل من تحت عرشي الموت. فيموتان، ويأتي ملك الموت عليه السلام إلى الجبار تبارك وتعالى فيقول: قد مات جبريل، وميكائيل فيقول الله عز وجل والله أعلم: " فمن بقي؟ فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقيت أنا. فيقول الله عز وجل: ليمت حملة عرشي. فيموتون، ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار تبارك وتعالى فيقول: يا رب، قد مات حملة عرشك. فيقول الله عز وجل وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت وبقيت أنا. فيقول الله عز وجل له: أنت خلق من خلقي، خلقتك لما رأيت فمت. فيموت، فإذا لم يبق إلا الله تبارك وتعالى الواحد الأحد الصمد ليس بوالد ولا ولد كان آخرا كما كان أولا قال: لا موت على أهل الجنة، ولا موت لأهل النار. ثم يطوي الله تبارك وتعالى السماوات والأرض كطي السجل، ثم دحاها، ثم يلففها، ثم قال: أنا الجبار، ثم هتف بصوته تبارك وتعالى وتقدس فقال: لمن الملك اليوم؟ ثم قال: لله الواحد القهار، ثم نادى ألا من كان لي شريكا فليأت، ألا من الذي كان لي شريكا؟ ألا من الذي كان لي شريكا فليأت؟ فلا يأتيه أحد، ثم يبدل الله السماء والأرض غير الأرض، فيبسطها ويسطحها ويمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله عز وجل الخلق زجرة، فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأول في بطنها وعلى ظهرها، ثم ينزل الله عز وجل عليكم ماء من تحت العرش يقال له الحيوان فتمطر السماء عليكم أربعين يوما حتى يكون الماء فوقكم اثني عشر ذراعا، ويأمر الله عز وجل الأجساد أن تنبت، فتنبت كنبات الطراثيث وكنبات البقل، حتى إذا تكاملت أجسادهم فكانت كما كانت قال الله عز وجل: ليحي حملة عرشي. فيحيون فيأمر الله عز وجل إسرافيل عليه السلام فيأخذ الصور، ثم يقول الله عز وجل: ليحيي جبريل، وميكائيل. فيحييان، ثم يدعو الله عز وجل الأرواح فيؤتى بها تتوهج أرواح المسلمين نورا والأخرى ظلمة، ثم يلقيها الله عز وجل في الصور، ثم يقول الله عز وجل لإسرافيل: انفخ نفخة البعث. فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض، فيقول الجبار تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده. فتدخل الأرواح في الأرض على الأجساد، ثم تدخل في الخياشيم فتمشي في الأجساد كمشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنكم، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، فتخرجون سراعا إلى ربكم تنسلون، كلكم على سن الثلاثين واللسان يومئذ سرياني سراعا إلى ربكم تنسلون {مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر} ، ذلك يوم الخروج وحشرناكم فلم نغادر منكم أحدا، فيوقفون في موقف واحد مقدار سبعين عاما لا ينظر إليكم ولا يقضى بينكم، فتبكي الخلائق حتى ينقطع الدمع، ثم يدمعون دما ويغرقون حتى يبلغ ذلك منهم الأذقان أو يلجمهم، ثم يضجون فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا ليقضي بيننا؟ فيقولون: ومن أحق بذلك من أبيكم آدم؛ خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا، فيؤتى آدم فيطلب ذلك إليه فيأبى، ثم يستبقون إلى الأنبياء نبيا نبيا، كلما جاءوا نبيا أبى ". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى يأتوني، فإذا جاءوني انطلقت حتى آتي الفحص فأخر قدام العرش ساجدا حتى يبعث الله عز وجل إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني . قال أبو هريرة رضي الله عنه: يا رسول الله، وما الفحص؟ قال: قدام العرش . فيقول الله عز وجل: ما شأنك يا محمد صلى الله عليه وسلم؟ وهو أعلم، فأقول: يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك، واقض بينهم . فيقول الله عز وجل: قد شفعتك، أنا آتيكم فأقضي بينكم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأرجع فأقف مع الناس، فبينا نحن وقوف سمعنا حسا من السماء شديدا فهالنا فنزل أهل السماء الدنيا بمثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم وقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ قالوا: لا وهو آت، ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم، وقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ قالوا: لا وهو آت، ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم وقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ قالوا: لا وهو آت، ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف حتى ينزل الجبار تبارك وتعالى في ظلل من الغمام والملائكة يحمل عرشه يومئذ ثمانية، وهم اليوم أربعة، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى، والأرضون والسماوات إلى حجزهم على مناكبهم، لهم زجل بالتسبيح، وتسبيحهم أن يقولوا: سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العز والجبروت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، قدوسا قدوسا، سبحان ربنا الأعلى، سبحان ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والسلطان والعظمة، سبحانه أبد الأبد. ثم يضع الله تعالى عرشه حيث يشاء من الأرض، ثم يقول: وعزتي وجلالي لا يجاورني اليوم أحد بظلم، ثم ينادي نداء يسمع الخلق فيقول: يا معشر الجن والإنس، إني قد أنصت لكم منذ يوم خلقتكم إلى يومكم هذا أبصر أعمالكم وأسمع قولكم فأنصتوا لي فإنما هي صحفكم وأعمالكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ثم يأمر الله عز وجل جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم، ثم يقول: {وامتازوا اليوم أيها المجرمون، ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} إلى آخر الآية، ثم يقضي الله عز وجل بين خلقه كلهم إلا الثقلين الجن والإنس، يقيد بعضهم من بعض، حتى إنه ليقيد الجماء من ذات القرن، حتى إذا لم تبق تبعة لواحدة عند أخرى قال الله عز وجل: كوني ترابا، فعند ذلك يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا. ثم يقضي الله عز وجل بين الثقلين، فيكون أول ما يقضي فيه الدماء، فيؤتى بالذي كان يقتل في سبيل الله عز وجل بأمر الله وكتابه ويأتي من قتل كلهم تشخب أوداجه دما يقولون: يا ربنا، قتلنا هذا، فيقول الله عز وجل وهو أعلم: لم قتلتهم؟ فيقول: يا رب، قتلتهم لتكون العزة لك، فيقول الله عز وجل: صدقت فيجعل الله عز وجل وجهه مثل نور الشمس، ثم تشيعه الملائكة إلى الجنة، ثم يؤتى بالذي كان يقتل في الدنيا على غير طاعة الله عز وجل وغير أمر الله تعززا في الدنيا، ويأتي من قتل كلهم يحمل رأسه تشخب أوداجه دما فيقولون: ربنا قتلنا هذا، فيقول الله عز وجل له وهو أعلم: لم قتلتهم؟ فيقول: يا رب قتلتهم لتكون العزة لي. فيقول الله عز وجل: تعست، فيسود الله وجهه وتزرق عيناه، ثم لا تبقى نفس قتلها إلا قتل بها، ثم يقضي بين من بقي من خلقه إنه ليكلف يومئذ شائب اللبن بالماء ثم يبيعه أن يخلص الماء من اللبن، حتى إذا لم يبق لأحد عند أحد تبعة نادى مناد فأسمع الخلق كلهم فقال: ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله، ولا يبقى أحد عبد دون الله عز وجل شيئا إلا مثلت له آلهة بين يديه، ويجعل يومئذ ملك من الملائكة على صورة عيسى فيتبعه النصارى، ويجعل ملك من الملائكة على صورة عزير فيتبعه اليهود، ثم تقودهم آلهتهم إلى النار وهي التي يقول الله عز وجل: {لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون} ، حتى إذا لم يبق إلا المؤمنون فيهم المنافقون جاءهم الله عز وجل فيما شاء من هيبته فقال: يا أيها الناس الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون. فيقولون: والله ما لنا من إله إلا الله وما كنا نعبد غيره، ثم ينصرف عنهم وهو الله عز وجل فيثبتهم فيمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم يأتيهم فيما شاء من هيبته فيقول: يا أيها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون. فيقولون: والله ما لنا من إله إلا الله، وما كنا نعبد غيره. فيقول الله عز وجل: أنا ربكم. فيقولون: إنا نعوذ بالله منك حتى إنهم ليهمون فيقول: هل بينكم وبين ربكم من آية تعرفونها؟ فيقولون: نعم. فيكشف الله عز وجل لهم عن ساقه، ويتجلى لهم من عظمة الله ما يعرفون به ربهم، فيخرون سجدا فيسجدون ما شاء الله، ويجعل الله عز وجل أصلاب المنافقين كصياصي البقر، ويخرون على أقفيتهم، ثم يأذن الله عز وجل لهم فيرفعون، ثم يضرب بالصراط فيجعل بين ظهري جهنم كحد الشعرة أو كحد السيف عليه كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان دون جسر دحض، مزلة أو مزلقة، فيمرون كطرف العين أو كلمح البصر وكمر الريح وكأجاويد الخيل وكأجاويد الركاب وكأجاويد الرجال فناج سالم، وناج مخدوش ومكدوش على وجهه في جهنم، فيقع في جهنم خلق من خلق الله عز وجل أوبقتهم أعمالهم، فمنهم من تأخذ قدميه لا تجاوز ذلك ، ومنهم من تأخذ إلى نصف ساقيه، ومنهم من تأخذ إلى حقويه ومنهم من تأخذ خده أو جسده إلا صورهم يحرمها الله تعالى عليها، فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة قالوا: من يشفع لنا إلى ربنا لندخل الجنة؟ فيقولون: من أحق بذلك من أبيكم آدم عليه السلام خلقه الله عز وجل بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا فيؤتى آدم فيطلب ذلك إليه فيتذكر ذنبا فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بنوح فإنه أول رسول أرسله الله صلى الله عليه وسلم. فيأتون نوحا فيطلب ذلك إليه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بإبراهيم فإن الله عز وجل اتخذه خليلا فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بموسى فإن الله عز وجل قربه نجيا، وأنزل عليه التوراة. فيؤتى موسى عليه السلام فيطلب ذلك إليه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى ابن مريم. فيؤتى عيسى فيطلب ذلك إليه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن سأدلكم على صاحب ذلك عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن حتى آتي الجنة فآخذ بحلقة الباب فأستفتح فيفتح لي أحيا ويرحب بي، فإذا دخلت الجنة نظرت إلى ربي عز وجل على عرشه فخررت ساجدا فأسجد ما شاء الله أن أسجد . قال: " ويأذن الله عز وجل لي من حمده وتمجيده شيئا ما أذن به لأحد من خلقه حتى يقول الله عز وجل لي: ارفع يا محمد، واشفع تشفع وسل تعط، فإذا رفعت رأسي قال الله عز وجل لي: ما شأنك؟ وهو أعلم فأقول: أي رب وعدتني الشفاعة فشفعني في أهل الجنة . فيقول: قد شفعتك، قد أذنت لهم بدخول الجنة فيدخلون ". فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بمساكنكم وأزواجكم من أهل الجنة إذا دخلوا الجنة بمساكنهم وأزواجهم . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أشفع فأقول: " أي رب من وقع في النار من أمتي؟ فيقول الله عز وجل: اذهبوا فأخرجوا من عرفتم صورته فأخرجوه من النار، فيخرج أولئك حتى لا يبقى أحد، ثم يأذن الله عز وجل في الشفاعة فلا يبقى نبي ولا شهيد ولا مؤمن إلا يشفع إلا اللعان فإنه لا يكتب شهيدا، ولا يؤذن له في الشفاعة، فيقول الله عز وجل: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه من النار، ثم يقول: ثلثي دينار، ثم يقول: نصف دينار، ثم يقول: ثلث دينار، ثم أو حتى يقول: قيراطا، ثم يقول: من وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه، وإن إبليس لعنه الله يومئذ ليتطاول لما يرى من رحمة الله رجاء أن يشفع له، فإذا لم يبق أحد له شفاعة إلا شفع ولم يبق في النار أحد عمل لله خيرا قط قال الله عز وجل: بقيت أنا وأنا أرحم الراحمين يدخل كفه في جهنم فيخرج ما لا يحصي عدده أحد إلا هو كأنهم خشب محترقة، فيبثهم الله عز وجل على نهر يقال له نهر الحيوان فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ما يلي الشمس أخيضر وما يلي الظل منها أصيفر ". فكانت العرب إذا سمعوا بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: يا رسول الله، كأنك كنت في البادية. فينبتون في جيفهم حتى يكونوا أمثال الذر مكتوب في رقابهم الجهنميون، وعتقاء الرحمن يعرفهم أهل الجنة بذلك الكتاب فيمكثون في الجنة ما شاء الله كذلك، ثم يقولون: يا ربنا امح عنا هذا الكتاب فيمحو الله تعالى عنهم ذلك.

البعث والنشور للبيهقي (ص: 336)
609 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار، ثنا إسماعيل بن أبي كثير النسوي، ثنا مكي بن إبراهيم، ح وأخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنبأ عبد الله بن محمد بن عبد الله الرازي، ثنا إبراهيم بن زهير الحلواني، ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن رجل، من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عصابة من أصحابه، فينا أبو بكر وعمر، فقال: إن الله عز وجل لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر ، فقلت: يا رسول الله: وما الصور؟ قال: القرن ورواه إسحاق عن عبدة بن سليمان، عن إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة وأخبرنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، ثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، ثنا أبو قلابة الرقاشي، ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، ثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة كذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الأستاذ: وذكر الحديث، فلم يأذن في قراءة المتن، فكتب المتن من كتابه، وكان فيه: إن الله عز وجل لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر ، قال: قلت: يا رسول الله، ما الصور؟ قال: القرن ، قال: قلت: كيف هو؟ قال: " عظيم، والذي بعثني بالحق، إن عظم دائرة فيه كعرض السماء والأرض، فينفخ فيه ثلاث نفخات: الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، فيأمر الله عز وجل إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع، فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السموات والأرض إلا من شاء الله، فيأمره فيمدها ويطيلها، ولا يفتر، وهو الذي يقول الله عز وجل: {ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق}، فيسير الله الجبال، فتمر مر السحاب، فتكون سرابا، فترج الأرض بأهلها رجا، فتكون كالسفينة الموقرة في البحر تضربها الرياح وتكفيها الرياح، أو كالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الأرواح، وهي التي يقول الله عز وجل: {يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة} ، فتمتد الأرض بالناس على ظهرها، فتذهل المراضع، وتضع الحوامل، ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع، حتى تأتي الأقطار، فتلقاها الملائكة تضرب وجوهها، فترجع فتولي الناس مدبرين ما لهم من الله من عاصم، ينادي بعضهم بعضا، وهو الذي يقول الله عز وجل: {يوم التناد} ، بينما هم على ذلك تصدعت الأرض، فانصدعت من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله، وأخذهم من ذلك الكرب والهول ما الله به عليم، ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل، ثم انشقت فانتثرت نجومها، فانخسفت شمسها وقمرها "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والأموات يومئذ لا يعلمون شيئا من ذلك ، قال أبو هريرة: فمن استثنى الله عز وجل حيث قال: {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} ، قال: " أولئك هم الشهداء، فإنما يصل الفزع إلى الأحياء، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، وقاهم الله فزع ذلك اليوم وأمنهم، وهو عذاب يبعثه الله على شرار خلقه، والذي يقول: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} ، إلى قوله: {ولكن عذاب الله شديد} ، فيمكثون في ذلك البلاء ما شاء الله إلا أنه يطول عليهم، ثم يأمر الله إسرافيل، فينفخ نفخة الصعق، فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله، فإذا خمدوا جاء ملك الموت إلى الجبار فيقول: قد مات أهل السماء والأرض إلا من شئت، فيقول الله عز وجل وهو أعلم: من بقي؟ فيقول: أي رب، بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقيت حملة العرش، وبقي جبريل وميكائيل، وبقيت أنا، فيقول جل وعز: فيموت جبريل وميكائيل، فينطق الله العرش، فيقول: أي رب، يموت جبريل وميكائيل، فيقول: اسكت، إني كتبت الموت على كل من تحت عرشي، فيموتان، ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول: أي رب، قد مات جبريل وميكائيل، فيقول وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت حملة عرشك، وبقيت أنا، فيقول: ليمت حملة عرشي، فيموتوا، فيأمر الله عز وجل العرش فيقبض الصور من إسرافيل، ثم يقول: ليمت إسرافيل، فيموت، ثم يأتي ملك الموت فيقول: يا رب، قد مات حملة عرشك، فيقول وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت أنا، فيقول: أنت خلق من خلقي، خلقتك لما رأيت فمت، فيموت، فإذا لم يبق أحد إلا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، فكان آخرا كما كان أولا، طوى السموات كطي السجل للكتاب، ثم دحاها، ثم تلقفهما ثلاث مرات، ثم قال: أنا الجبار، ثم يقول عز وجل: لمن الملك اليوم؟ فلم يجبه أحد، ثم يقول لنفسه تبارك وتعالى: لله الواحد القهار، ثم يقول الله عز وجل: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات، فيبسطها بسطا يمدها مد الأديم العكاظي، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة، فإذا هم في هذه الأرض المبدلة في مثل ما كانوا منه من الأولى، من كان في بطنها كان في بطنها، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها، ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش كمني الرجال، ثم يأمر الله السماء أن تمطر أربعين يوما، حتى يكون فوقهم اثنا عشر ذراعا، ويأمر الله الأجساد أن تنبت كنبات الطراثيث أو كنبات البقل، حتى إذا تكاملت أجسادهم، فكانت كما كانت، قال الله عز وجل: ليحيا حملة العرش، فيحيون، ثم يقول الله: ليحيا جبريل وميكائيل فيحيون، فيأمر الله إسرافيل، فيأخذ الصور، فيضعه على فيه، ثم يدعو الله بالأرواح فيؤتى بها يتوهج أرواح المؤمنين نورا، والأخرى ظلمة، فيقبضها جميعا، ثم يلقيها في الصور، ثم يأمر الله إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض، فيقول الله: وعزتي وجلالي، ليرجعن كل روح إلى جسده، فتدخل الأرواح في الخياشيم، ثم تمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنهم سراعا، فأنا أول من تنشق عنه الأرض، فتخرجون منها إلى ربكم تنسلون مهطعين إلى الداعي، فيقول الكافرون: {هذا يوم عسر} ، حفاة، عراة، غرلا، ثم يقفون موقفا واحدا مقدار سبعين عاما لا ينظر إليكم، ولا يقضي بينكم، فتبكون حتى تنقطع الدموع، ثم تدمعون دما تعرقون، حتى يبلغ ذلك منكم أن يلجمكم أو يبلغ الأذقان، فتصبحون فتقولون: من يشفع لنا إلى ربنا، فيقضي بيننا فيقول: من أحق من أبيكم آدم خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا، فتأتون آدم عليه السلام، فتطلبون ذلك إليه، فيأبى ويقول: ما أنا بصاحب ذلك "، فيأتون الأنبياء نبيا نبيا، كلما جاءوا نبيا يأبى عليهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى يأتوني فأنطلق معهم، فآتي الفحص فأخر ساجدا ، قال أبو هريرة: يا رسول الله، ما الفحص؟ قال: " قدام العرش، حتى يبعث الله ملكا فيأخذ بعضدي فيقول لي: يا محمد، فأقول: نعم يا رب، فيقول: ما شأنك؟ "، وهو أعلم قال: " فأقول: يا رب، وعدتني الشفاعة، وشفعتني في خلقك، فاقض بينهم، فيقول الله: قد شفعتك أنا آتيهم فأقضي بينهم "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأرجع فأقف مع الناس، فبينا نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا، فهال فنزل أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت بنورهم، وأخذوا مصافهم، قال: قلنا لهم: دونكم الله، قالوا: لا، ثم تنزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة، ومثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت بنورهم وأخذوا مصافهم، ثم ذكروا نزول أهل كل سماء على قدر ذلك من التضعيف، ثم ينزل الجبار في ظلل من الغمام والملائكة، {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية} ، وهو اليوم، أربعة أقدامهم على نجوم الأرض السفلى، والأرض إلى حجزهم، والعرش على مناكبهم، لهم زجل بالتسبيح، يقولون سبحان ذي العرش والجبروت، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سبوح قدوس، سبحان ربنا الأعلى رب الملائكة والروح، الذي يميت الخلق ولا يموت. فيضع الله كرسيه حيث شاء من أرضه، ثم يهتف تبارك وتعالى قائلا: يا معشر الجن والإنس، إني قد أنصت لكم مذ خلقتكم إلى يومكم هذا، أسمع قولكم، وأبصر أعمالكم، فاسمعوا إلي، فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ثم يأمر الله جهنم، فيخرج منها عنق ساطع مظلم، ثم يقول: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} ، إلى قوله: {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} ، فيميز الله الناس، وتجثوا الأمم، ويقول الله تعالى: {وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها} ، فيقضي الله بين خلقه إلا الثقلين الإنس والجن، فيقضي بين الوحش والبهائم، حتى إنه ليقيد للجماء من ذات القرن، فإذا فرغ من ذلك، ولم يبق تبعة عند واحدة للأخرى، قال الله تعالى: كوني ترابا، فعند ذلك يقول الكافر: {يا ليتني كنت ترابا} ، فيقضي الله تعالى بين العباد، فيكون أول ما يقضي فيه الدماء، فيأتي كل قتيل في سبيل الله، يأمر الله كل قتيل فيحمل رأسه، وأوداجه تشخب دما، فيقول: يا رب، سل هذا فيم قتلني؟ فيقول وهو أعلم: لم قتلته؟ فيقول: يا رب، قتلته لتكون العزة لك، فيقول الله: صدقت، فيجعل الله وجهه مثل نور الشمس، ثم تشيعه الملائكة إلى الجنة، ثم يأمر الله كل قتيل قتل على غير ذلك، فيأتي يحمل رأسه، ويشخب أوداجه دما، ويقول: يا رب، سل هذا فيم قتلني؟ فيقول والله أعلم: لم قتلته؟ فيقول: يا رب، قتلته لتكون العزة لي، فيقول الله: تعست، ثم لا يبقى بشرة قتلها إلا قتل بها، ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها، ثم يصير فيما بقي في مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه، وإن شاء رحمه، ثم يقضي بين من بقي من خلقه، حتى لا يبقي مظلمة عند أحد إلا أخذها المظلوم من الظالم، حتى إنه لو كلف شائب اللبن بالماء أن يقلبه حتى يخلص اللبن من الماء، فإذا فرغ الله من ذلك نادى مناد يسمع الخلائق كلهم فيقول: ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم، وما كانوا يعبدون من دون الله، فلا يبقى أحد عبد شيئا من دون الله إلا مثلت له آلهته، ويجعل الله تعالى ملكا من الملائكة على صورة عزير، ويجعل الله ملكا من الملائكة على صورة عيسى ابن مريم، فيتبع اليهود عزيرا، ويتبع النصارى عيسى، ثم تقودهم آلهتهم إلى النار، وهم الذين يقول الله عز وجل فيهم: {لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون} ، وإذا لم يبق إلا المؤمنون، وفيهم المنافقون، جاءهم الله فيما شاء من هيئة، فيقولون: والله ما لنا إله إلا الله، وما كنا نعبد غيره، فيكشف لهم عن ساق ويتجلى لهم، ويظهر لهم من عظمته ما يعرفون به أنه ربهم فيخرون سجدا على وجوههم ويخر كل منافق على قفاه، ويجعل الله تعالى أصلابهم كصياصي البقر، ثم يأذن لهم فيرفعون رءوسهم، ويضرب الله عز وجل الصراط بين ظهراني جهنم كعدد أو كعقد الشعر أو كحد السيف، عليه كلاليب، وخطاطيف، وحسك كحسك السعدان، دونه جسر دحض مزلة، فيمرون كطروف العين أو كلمح البرق أو كمر الريح أو كجياد الخيل أو كجياد الرياحات أو كجياد الرجال، فناج سالم، ومخدوش، ومكدوش على وجهه في جهنم، فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة قالوا: من يشفع لنا إلى ربنا، فندخل الجنة، فيقولون: من أحق من أبيكم آدم عليه السلام خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا، وأسجد له ملائكته، فيأتون آدم عليه السلام، فيطلبون ذلك إليه فيذكر ذنبا، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بنوح؛ فإنه أول رسل الله، فيؤتى نوح عليه السلام، فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، عليكم بإبراهيم عليه السلام؛ فإن الله عز وجل اتخذه خليلا، فيؤتى، فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا، فيقول: عليكم بموسى عليه السلام؛ فإن الله عز وجل قربه نجيا، وكلمه تكليما، وأنزل عليه التوراة، فيؤتى موسى عليه السلام، فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى ابن مريم، فيؤتى عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، فيطلب ذلك إليه، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن، فأنطلق فآتي الجنة، فآخذ بحلقة الباب، ثم أستفتح، فيفتح لي فأحيا ويرحب بي، فإذا أدخلت الجنة، فنظرت إلى ربي تبارك وتعالى خررت ساجدا، فيأذن الله لي من حمده وتمجيده شيئا ما أذن به لأحد من خلقه، ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد، واشفع تشفع، وسل تعطه، فإذا رفعت رأسي، قال الله وهو أعلم: ما شأنك؟ فأقول: يا رب، وعدتني الشفاعة، فشفعني في أهل الجنة أن يدخلون الجنة، فيقول الله عز وجل: قد شفعناك، وأذنت لهم في دخول الجنة "، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والذي بعثني بالحق، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم وبمساكنهم، فيدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشيء الله عز وجل، وثنتين آدميتين من ولد آدم عليه السلام، ولهم فضل لعبادتهما الله في الدنيا، فيدخل الأول منهم في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ، وعليها سبعون حلة من سندس وإستبرق، ثم يضع يده بين كتفيها، ثم ينظر إلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها، وإنه لينظر إلى مخ ساقها، كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت، كبدها له مرآة وكبده لها مرآة، فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله، ما يأتيها مرة إلا وجدها عذراء، ما يفتر ذكره، ولا يشتكي قبلها، فبينما هو كذلك إذ نودي: إنا قد عرفنا أنك لا تمل، إلا أنه لا مني ولا منية، إلا أن لك أزواجا غيرها، فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة، كلما جاء واحدة قالت: والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك، وما في الجنة شيء أحب إلي منك، فإذا رفع أهل النار إلى النار رفع فيها خلق من خلق ربك قد أوبقتهم أعمالهم، فمنهم من تأخذه النار إلى قدميه لا تجاوز ذلك، ومنهم من تأخذه النار إلى نصف ساقيه، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذه في جسده كله إلا وجهه يحرم الله تعالى صورتهم عليها ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأقول: يا رب، من وقع في النار من أمتي، فيقول الله عز وجل: أخرجوا من النار من عرفتم، فخرج أولئك، حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يأمر الله عز وجل في الشفاعة، فلا يبقى نبي، ولا شهيد، إلا شفع، فيقول الله: أخرجوا من النار من وجدتم في قلبه زنة الدينار، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يشفع الله عز وجل يقول: أخرجوا من وجدتم في قلبه ثلثي الدينار إيمانا، ونصف وربع دينار، ثم يقول: قيراط، ويقول: حبة من خردل، فيخرج أولئك حتى لا يبقى أحد منهم، وحتى لا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع، حتى إن إبليس لعنه الله ليتطاول لما يرى من رحمة الله رجاء أن يشفع له، ثم يقول الله: بقيت أنا، وأنا أرحم الراحمين، فيخرج منها ما لا يحصيه كثرة، كأنهم الجمر يثبتهم الله على نهر يقال له: الحيوان، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ما يلي الشمس منها أخيضر، وما يلي الظل منها أصيفر، فينبتون كنبات الطراثيث، حتى يكونوا مثل الدر مكتوبة في رقابهم الجهنميون عتقاء الله عز وجل، فيعرفهم أهل الجنة بذلك الكتاب، ما عملوا خيرا قط، فيمكثون في الجنة ما شاء الله، وذلك الكتاب في رقابهم، ثم يقولون: ربنا، امح عنا هذا الكتاب، فيمحاه عنهم "