الموسوعة الحديثية


- أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جبريلُ وهو بأَضاةِ بني غِفارٍ، فقال : إنَّ اللهُ يأمرُك أن تُقرئَ أمَّتك القرآنَ على حرفٍ واحدٍ، قال : فقال : أسألُ اللهَ مغفرتَه ومعافاتَه –أو قال : معافاتَه ومغفرتَه - سلِ اللهَ لهم التخفيفَ، فإنهم لا يُطيقون ذلك ! فانطلق ثم رجع، فقال : إنَّ اللهَ يأمرُك أن تُقرِئَ أمَّتكَ القرآنَ على حرفينِ، قال : أسألُ اللهَ مغفرتَه ومعافاتَه –أو قال : معافاتَه ومغفرتَه - إنهم لا يُطيقون ذلك، فسلِ اللهَ لهم التخفيفَ ! فانطلق ثم رجع، فقال : إنَ اللهَ يأمرُكَ أن تُقرئَ أمَّتكَ القرآنَ على ثلاثةِ أحرُفٍ، فقال : أسألُ اللهَ مغفرتَه ومعافاتَه –أو قال : معافاتَه ومغفرتَه - إنهم لا يُطيقون ذلك، سلِ اللهَ لهم التخفيفَ ! فانطلق ثم رجع، فقال : إنَّ اللهَ يأمرُك أن تُقرئَ أمتك القرآنَ على سبعةِ أحرُفٍ ، فمن قرأ منها بحرفٍ فهو كما قرأَ

أصول الحديث:


تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (1/ 46)
46- حدثنا محمد بن مرزوق، قال: حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، قال: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا محمد بن جحادة عن الحكم ابن عتيبة، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل، وهو بأضاة بني غفار، فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف واحد. قال: فقال: أسأل الله مغفرته ومعافاته - أو قال: ومعافاته ومغفرته - سل الله لهم التخفيف، فإنهم لا يطيقون ذلك. فانطلق ثم رجع، فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين. قال: أسأل الله مغفرته ومعافاته - أو قال: معافاته ومغفرته - إنهم لا يطيقون ذلك، فسل الله لهم التخفيف. فانطلق ثم رجع، فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف. فقال: أسأل الله مغفرته ومعافاته - أو قال: معافاته ومغفرته- إنهم لا يطيقون ذلك، سل الله لهم التخفيف. فانطلق ثم رجع، فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فمن قرأ منها بحرف فهو كما قرأ. قال أبو جعفر صح وثبت أن الذي نزل به القرآن من ألسن العرب البعض منها دون الجميع، إذ كان معلوما أن ألسنتها ولغاتها أكثر من سبعة، بما يعجز عن إحصائه. فإن قال: وما برهانك على أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "نزل القرآن على سبعة أحرف"، وقوله: "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف"، هو ما ادعيت - من أنه نزل بسبع لغات، وأمر بقراءته على سبعة ألسن- دون أن يكون معناه ما قاله مخالفوك، من أنه نزل بأمر وزجر وترغيب وترهيب وقصص ومثل ونحو ذلك من الأقوال؟ فقد علمت قائل ذلك من سلف الأمة وخيار الأئمة. قيل له: إن الذين قالوا ذلك لم يدعوا أن تأويل الأخبار التي تقدم ذكرناها، هو ما زعمت أنهم قالوه في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن دون غيره، فيكون ذلك لقولنا مخالفا، وإنما أخبروا أن القرآن نزل على سبعة أحرف، يعنون بذلك أنه نزل على سبعة أوجه. والذي قالوه من ذلك كما قالوا. وقد روينا - بمثل الذي قالوا من ذلك - عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن جماعة من أصحابه، أخبارا قد تقدم ذكرنا بعضها، ونستقصى ذكر باقيها ببيانه، إذا انتهينا إليه، إن شاء الله. فأما الذي تقدم ذكرناه من ذلك، فخبر أبي بن كعب، من رواية أبي كريب، عن ابن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، الذي ذكر فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف، من سبعة أبواب من الجنة". والسبعة الأحرف: هو ما قلنا من أنه الألسن السبعة. والأبواب السبعة من الجنة: هي المعاني التي فيها، من الأمر والنهي والترغيب والترهيب والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العامل، وانتهى إلى حدودها المنتهى، استوجب به الجنة. وليس والحمد لله في قول من قال ذلك من المتقدمين، خلاف لشيء مما قلناه. والدلالة على صحة ما قلناه - من أن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "نزل القرآن على سبعة أحرف"، إنما هو أنه نزل بسبع لغات، كما تقدم ذكرناه من الروايات الثابتة عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وسائر من قدمنا الرواية عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في أول هذا الباب- أنهم تماروا في القرآن، فخالف بعضهم بعضا في نفس التلاوة، دون ما في ذلك من المعاني، وأنهم احتكموا فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقرأ كل رجل منهم، ثم صوب جميعهم في قراءتهم على اختلافها، حتى ارتاب بعضهم لتصويبه إياهم، فقال صلى الله عليه وسلم للذي ارتاب منهم عند تصويبه جميعهم: "إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف". ومعلوم أن تماريهم فيما تماروا فيه من ذلك، لو كان تماريا واختلافا فيما دلت عليه تلاواتهم من التحليل والتحريم والوعد والوعيد وما أشبه ذلك، لكان مستحيلا أن يصوب جميعهم، ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته في ذلك على النحو الذي هو عليه. لأن ذلك لو جاز أن يكون صحيحا، وجب أن يكون الله جل ثناؤه قد أمر بفعل شيء بعينه وفرضه، في تلاوة من دلت تلاوته على فرضه - ونهى عن فعل ذلك الشيء بعينه وزجر عنه، في تلاوة الذي دلت تلاوته على النهي والزجر عنه، وأباح وأطلق فعل ذلك الشيء بعينه، وجعل لمن شاء من عباده أن يفعله فعله، ولمن شاء منهم أن يتركه تركه في تلاوة من دلت تلاوته على التخيير! وذلك من قائله إن قاله، إثبات ما قد نفى الله جل ثناؤه عن تنزيله وحكم كتابه فقال: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} [سورة النساء: 82] . وفي نفي الله جل ثناؤه ذلك عن حكم كتابه، أوضح الدليل على أنه لم ينزل كتابه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم إلا بحكم واحد متفق في جميع خلقه، لا بأحكام فيهم مختلفة. وفي صحة كون ذلك كذلك، ما يبطل دعوى من ادعى خلاف قولنا في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" للذين تخاصموا إليه عند اختلافهم في قراءتهم. لأنه صلى الله عليه وسلم قد أمر جميعهم بالثبوت على قراءته، ورضى قراءة كل قارئ منهم - على خلافها قراءة خصومه ومنازعيه فيها- وصوبها. ولو كان ذلك منه تصويبا فيما اختلفت فيه المعاني، وكان قوله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" إعلاما منه لهم أنه نزل بسبعة أوجه مختلفة، وسبعة معان مفترقة - كان ذلك إثباتا لما قد نفى الله عن كتابه من الاختلاف، ونفيا لما قد أوجب له من الائتلاف. مع أن في قيام الحجة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض في شيء واحد في وقت واحد بحكمين مختلفين، ولا أذن بذلك لأمته - ما يغنى عن الإكثار في الدلالة على أن ذلك منفي عن كتاب الله. وفي انتفاء ذلك عن كتاب الله، وجوب صحة القول الذي قلناه، في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، عند اختصام المختصمين إليه فيما اختلفوا فيه من تلاوة ما تلوه من القرآن، وفساد تأويل قول من خالف قولنا في ذلك. وأحرى أن الذين تماروا فيما تماروا فيه من قراءتهم فاحتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن منكرا عند أحد منهم أن يأمر الله عباده جل ثناؤه في كتابه وتنزيله بما شاء، وينهى عما شاء، ويعد فيما أحب من طاعاته، ويوعد على معاصيه، ويحتم لنبيه ويعظه فيه ويضرب فيه لعباده الأمثال- فيخاصم غيره على إنكاره سماع ذلك من قارئه. بل على الإقرار بذلك كله كان إسلام من أسلم منهم. فما الوجه الذي أوجب له إنكار ما أنكر، إن لم يكن كان ذلك اختلافا منهم في الألفاظ واللغات؟ وبعد، فقد أبان صحة ما قلنا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نصا.

مستخرج أبي عوانة (2/ 463)
: ‌3843 - حدثنا أبو العباس البرتي، ثنا أبو معمر، ح وحدثنا إبراهيم بن الوليد الجشاش، قثنا محمد بن عمر بن حفص الأصفهاني، قالا: ثنا عبد الوارث، قثنا محمد بن جحادة، قال: حدثني الحكم بن عتيبة، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وهو بأضاة بني غفار فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف واحد، فقال: أسأل الله مغفرته ومعافاته - أو معافاته ومغفرته - سل لهم التخفيف فإنهم لا يطيقون ذلك فانطلق ثم رجع فقال: إن ربك يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين، فقال: " أسأل الله مغفرته ومعافاته - أو قال: معافاته ومغفرته - فإنهم لا يطيقون ذلك فسل لهم التخفيف " فانطلق ثم رجع فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف، فقال: " أسأل الله مغفرته ومعافاته - أو قال: معافاته ومغفرته - فإنهم لا يطيقون ذلك فسل لهم التخفيف " فانطلق ثم رجع فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف فمن قرأ منها حرفا فهو كما قرأ.