الموسوعة الحديثية


- إنَّ أوَّلَ ما دَعاني إلى الإسْلامِ أنَّا كنَّا قَومًا غُرَباءَ فأصابَتْنا السَّنةُ، فاحتَمَلْتُ أُمِّي وأخِي، وكانَ اسْمُه أُنَيسًا إلى أصْهارٍ لنا بأعْلى نَجدٍ، فلمَّا حَلَلْنا بهِم أكْرَمونا، فلمَّا رَأى ذلك رَجُلٌ مِنَ الحَيِّ مَشى إلى خالي، فقالَ: تَعلَمُ أنَّ أُنَيسًا يُخالِفُكَ إلى أهلِكَ، قالَ: فخفِقَ في قَلبِه، فانصرَفْتُ في رَعيَّةِ إبِلي، فوجَدْتُه كَئيبًا يَبْكي، فقُلْتُ: ما بُكاؤُكَ يا خالُ؟ فأعْلَمَني الخبَرَ، فقُلْتُ: حجَزَ اللهُ مِن ذلك إنَّا نَخافُ الفاحِشةَ، وإنْ كانَ الزَّمانُ قد أخَلَّ بنا، ولقد كدَّرْتَ علينا صَفوَ ما ابْتَدأْتَنا به، ولا سَبيلَ إلى اجْتِماعٍ، فاحتمَلْتُ أُمِّي وأخِي حتَّى نزَلْنا بحَضْرةِ مكَّةَ، فقالَ أخِي: إنِّي رَجُلٌ مُدافِعٌ على الماءِ بشِعرٍ، وكانَ رَجُلًا شاعِرًا، فقُلْتُ: لا تَفعَلْ، فخرَجَ به اللَّجاجُ حتَّى دافَعَ دُرَيدَ بنَ الصِّمَّةِ صِرْمَتُه إلى صِرْمَتِه، وايْمُ اللهِ لَدُرَيدٌ يومَئذٍ أشعَرُ مِن أخِي، فتَقاضَيَا إلى خَنْساءَ ففضَّلَتْ أخِي على جُرَيجٍ؛ وذلك أنَّ جُرَيجًا خطَبَها إلى أبيها، فقالَتْ: شيخٌ كبيرٌ لا حاجةَ لي فيه، فحَقَدَتْ عليه، فضَمَمْنا صِرْمَتَه إلى صِرْمَتِنا ، فكانَتْ لنا هَجْمةٌ، قالَ: ثمَّ أتَيْتُ مكَّةَ فابْتَدأْتُ بالصَّفا، فإذا عليها رِجالاتُ قُرَيشٍ، ولقد بَلَغَني أنَّ بها صابئًا، أو مَجنونًا، أو شاعِرًا، أو ساحِرًا، فقُلْتُ: أين هذا الَّذي تَزْعُمونَه؟ فقالوا: ها هو ذاك حيثُ تَرى، فانقلَبْتُ إليه، فواللهِ ما جُزْتُ عنهم قِيدَ حَجَرٍ حتَّى أكَبُّوا عليَّ كلَّ عَظمٍ وحَجرٍ ومَدَرٍ فضَرَّجوني بدَمي، وأتَيْتُ البَيتَ فدخَلْتُ بيْنَ السُّتورِ والبِناءِ وصُمْتُ فيه ثَلاثينَ يومًا، لا آكُلُ ولا أشرَبُ إلَّا مِن ماءِ زَمزَمَ حتَّى كانتْ ليلةٌ قَمْراءُ إضْحِيانٌ، أقبَلَتِ امْرأتانِ مِن خُزاعةَ طافَتَا بالبَيتِ ثمَّ ذكَرَتا إسافًا ونائلةَ، وهُما وَثَنانِ كانوا يَعبُدونَهما، فأخرَجْتُ رَأْسي مِن تَحتِ السُّتورِ، فقُلْتُ: احْمِلَا أحَدَهما على صاحِبِه، فغَضِبَتا ثمَّ قالَتَا: أمَا واللهِ لو كانتْ رِجالُنا حُضُورًا ما تَكلَّمْتَ بهذا، ثمَّ ولَّتَا، فخرَجْتُ أقْفو آثارَهُما حتَّى لَقِيَتا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: ما أنتُما، ومن أين أنتُما؟ ومن أين جِئتُما؟ وما جاءَ بكما؟ فأخبَرَتاهُ الخبَرَ، فقالَ: أين ترَكْتُما الصَّابئَ؟ فقالَتا: تَرَكْناه بيْنَ السُّتورِ والبِناءِ، فقالَ لهُما: هل قالَ لكُما شيئًا؟ قالَتا: نعمْ، وأقبَلْتُ حتَّى جِئْتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ سلَّمْتُ عليه عندَ ذلك، فقالَ: مَن أنتَ؟ وممَّن أنتَ؟ ومن أين أنتَ؟ ومن أين جِئْتَ؟ وما جاءَ بكَ؟ فأنشأْتُ أُعلِمُه الخبَرَ، فقالَ: مِن أينَ كنْتَ تأكُلُ وتَشرَبُ؟ فقُلْتُ: مِن ماءِ زَمزَمَ، فقالَ: أمَا إنَّه طَعامُ طُعمٍ، ومعه أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، ائْذَنْ لي أنْ أُعَشِّيَه، قالَ: نعمْ، ثمَّ خرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَمْشي، وأخَذَ أبو بَكرٍ بيَدي حتَّى وقَفَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ببابِ أبي بَكرٍ، ثمَّ دخَلَ أبو بَكرٍ بَيتَه، ثمَّ أتَى بزَبيبٍ مِن زَبيبِ الطَّائفِ، فجعَلَ يُلْقيه لنا، قَبضًا قَبضًا، ونحن نأكُلُ منه حتَّى مَلَأْنا منه، فقالَ لي رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أبا ذَرٍّ فقُلْتُ: لبَّيكَ ، فقالَ لي: إنَّه قد رُفِعَتْ لي أرْضٌ، وهي ذاتُ مالٍ، ولا أحسَبُها إلَّا تِهامةَ ، فاخرُجْ إلى قَومِكَ فادْعُهم إلى ما دخَلْتَ فيه، قالَ: فخرَجْتُ حتَّى أتَيْتُ أُمِّي وأخِي فأعلَمْتُهمُ الخبَرَ، فقالَا: ما لنا رَغبةٌ عنِ الدِّين الَّذي دخلْتَ فيه فأسْلَمَا، ثمَّ خرَجْنا حتَّى أتَيْنا المَدينةَ فأعلَمْتُ قَوْمي فقالوا: إنَّا قد صدَّقْناكَ، ولعَلَّنا نَلْقى مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا قدِمَ علينا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقِيناهُ، فقالَتْ له غِفارٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أبا ذَرٍّ أعْلَمَنا ما أعلَمْتَه، وقد أسْلَمْنا وشهِدْنا أنَّكَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ تقدَّمَتْ أسلَمُ، وخُزاعةُ، فقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا قد رَغِبْنا، ودخَلْنا فيما دخَلَ فيه إخْوانُنا وحُلَفاؤُنا، فقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أسلَمُ سالَمَها اللهُ، وغِفارٌ غفَرَ اللهُ لها، ثمَّ أخَذَ أبو بَكرٍ بيَدي، فقالَ: يا أبا ذَرٍّ، قُلْتُ: لبَّيكَ يا أبا بَكرٍ، فقالَ: هل كنْتَ تأْلَهُ في جاهِليَّتِكَ؟ قُلْتُ: نعمْ، لقد رَأيْتُني أقومُ عندَ الشَّمسِ، فلا أزالُ مُصلِّيًا حتَّى يؤذِيَني حَرُّها فأخِرَّ كأنِّي خِفاءٌ ، فقالَ لي: فأين كنْتَ توَجَّهُ؟ قُلْتُ: لا أدْري إلَّا حيثُ وَجَّهَني اللهُ حتَّى أدخَلَ اللهُ عَلَيَّ الإسْلامَ.
خلاصة حكم المحدث : [سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما]
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين الصفحة أو الرقم : 5555
التخريج : أخرجه الطبراني في ((الأوسط)) (60)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/ 157)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (26/ 225) جميعهم بلفظه مطولا.
التصنيف الموضوعي: أطعمة - إطعام الطعام فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أخلاق النبي مناقب وفضائل - أبو ذر الغفاري إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام مناقب وفضائل - أسلم وغفار
|أصول الحديث

أصول الحديث:


المستدرك للحاكم ط العلمية (3/ 383)
5457 - أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، ثنا أحمد بن إبراهيم القرشي، بدمشق ثنا محمد بن عائذ الدمشقي، حدثني الوليد بن مسلم، ثنا أبو طرفة عباد بن الريان اللخمي، قال: سمعت عروة بن رويم اللخمي الأشعري يقول: حدثني عامر بن لدين الأشعري، وكان مع عبد الملك بن مروان، قال: سمعت أبا ليلى الأشعري يقول: حدثني أبو ذر قال: إن أول ما دعاني إلى الإسلام إنا كنا قوما غرباء فأصابتنا السنة فأحملت أمي وأخي، وكان اسمه أنيسا إلى أصهار لنا بأعلى نجد، فلما حللنا بهم أكرمونا، فلما رأى ذلك رجل من الحي مشى إلى خالي، فقال: تعلم أن أنيسا يخالفك إلى أهلك، قال: فخفق في قلبه، فانصرفت في رعية إبلي، فوجدته كئيبا حزينا يبكي، فقلت: ما أبكاك يا خال؟ فأعلمني الخبر، فقلت: حجز الله من ذلك إنا نخاف الفاحشة، وإن كان الزمان قد أخل بنا، ولقد كدرت علينا صفو ما ابتدأتنا به، ولا سبيل إلى اجتماع، فاحتملت أمي وأخي حتى نزلنا بحضرة مكة، فقال أخي: إني رجل مدافع على الماء بشعر، وكان رجلا شاعرا، فقلت: لا تفعل، فخرج به اللجاج حتى دافع جريج بن الصمة إلى صرمته، وايم الله لجريج يومئذ أشعر من أخي، فتقاضيا إلى خباء ففضلت أخي على جريج، وذلك أن جريجا خطبها إلى أبيها، فقالت: شيخ كبير لا حاجة لي فيه، فحقدت عليه، فضممنا صرمته إلى صرمتنا، فكانت لنا هجمة، قال: ثم أتيت مكة فابتدأت بالصفا، فإذا عليها رجالات قريش ولقد بلغني أن بها صابئا، أو مجنونا، أو شاعرا، أو ساحرا فقلت: أين هذا الذي تزعمونه؟ فقالوا: ها هو ذاك حيث ترى، فانقلبت إليه، فوالله ما جزت عنهم قيد حجر حتى أكبوا علي كل عظم وحجر ومدر فضرجوني بدمي، وأتيت البيت فدخلت بين الستور والبناء وصمت فيه ثلاثين يوما، لا آكل ولا أشرب إلا من ماء زمزم حتى كانت ليلة قمراء إضحيان، أقبلت امرأتان من خزاعة طافتا بالبيت ثم ذكرتا إسافا ونائلة، وهما وثنان كانوا يعبدونهما، فأخرجت رأسي من تحت الستور، فقلت: احملا أحدهما على صاحبه، فغضبتا ثم قالتا: أما والله لو كانت رجالنا حضورا ما تكلمت بهذا، ثم ولتا، فخرجت أقفو آثارهما حتى لقيتا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أنتما، ومن أين أنتما؟ ومن أين جئتما؟ وما جاء بكما؟ فأخبرتاه الخبر، فقال: أين تركتما الصابئ؟ فقالتا: تركناه بين الستور والبناء، فقال لهما: هل قال لكما شيئا؟ قالتا: نعم، وأقبلت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سلمت عليه عند ذلك، فقال: من أنت؟ وممن أنت؟ ومن أين أنت؟ ومن أين جئت؟ وما جاء بك؟ فأنشأت أعلمه الخبر، فقال: من أين كنت تأكل وتشرب؟ فقلت: من ماء زمزم، فقال: أما إنه لطعام طعم ومعه أبو بكر رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، ائذن لي أن أعشيه، قال: نعم، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وأخذ أبو بكر بيدي حتى وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بباب أبي بكر، ثم دخل أبو بكر بيته، ثم أتى بزبيب من زبيب الطائف، فجعل يلقيه لنا، قبضا قبضا، ونحن نأكل منه حتى تملأنا منه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر فقلت: لبيك، فقال لي: إنه قد رفعت لي أرض، وهي ذات مال، ولا أحسبها إلا تهامة، فاخرج إلى قومك فادعهم إلى ما دخلت فيه ، قال: فخرجت حتى أتيت أمي وأخي فأعلمتهم الخبر، فقالا: ما لنا رغبة عن الدين الذي دخلت فيه فأسلما، ثم خرجنا حتى أتينا المدينة فأعلمت قومي فقالوا: إنا قد صدقناك، ولعلنا نلقى محمدا صلى الله عليه وسلم، فلما قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيناه، فقالت له غفار: يا رسول الله، إن أبا ذر أعلمنا ما أعلمته، وقد أسلمنا وشهدنا أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تقدمت أسلم، وخزاعة، فقالتا: يا رسول الله، إنا قد أسلمنا، ودخلنا فيما دخل فيه إخواننا وحلفاؤنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها ثم أخذ أبو بكر بيدي، فقال: يا أبا ذر، فقلت: لبيك يا أبا بكر، فقال: هل كنت تأله في جاهليتك؟ قلت: نعم، لقد رأيتني أقوم عند الشمس، فلا أزال مصليا حتى يؤذيني حرها فأخر كأني خفاء، فقال لي: فأين كنت توجه؟ قلت: لا أدري إلا حيث وجهني الله حتى أدخل الله علي الإسلام

المعجم الأوسط (1/ 23)
60 - حدثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم البسري الدمشقي قال: نا محمد بن عائذ الدمشقي قال: نا الوليد بن مسلم قال: نا أبو طرفة عباد بن الريان اللخمي قال: سمعت عروة بن رويم اللخمي، يقول: حدثني عامر بن لدين الأشعري قال: سمعت أبا ليلى الأشعري، يقول: حدثني أبو ذر قال: إن أول ما دعاني إلى الإسلام أنا كنا قوما عربا، فأصابتنا السنة، فاحتملت أمي وأخي، وكان اسمه: أنيس، إلى أصهار لنا بأعلى نجد، فلما حللنا بهم أكرمونا، فلما رأى ذلك رجل من الحي مشى إلى خالي، فقال: تعلم أن أنيسا يخالفك إلى أهلك؟ فحز في قلبه، فانصرفت من رعية إبلي، فوجدته كئيبا يبكي، فقلت: ما بكاؤك يا خال؟ فأعلمني الخبر. فقلت: حجز الله تعالى من ذلك، إنا نعاف الفاحشة، وإن كان الزمان قد أخل بنا، ولقد كدرت علينا صفو ما ابتدأتنا به، ولا سبيل إلى اجتماع. فاحتملت أمي وأخي حتى نزلنا بحضرة مكة. فقال أخي: إني مدافع رجلا على الماء بشعر، وكان امرأ شاعرا، فقلت: لا تفعل. فخرج به اللجاج حتى دافع دريد بن الصمة صرمته إلى صرمته. وايم الله، لدريد يومئذ أشعر من أخي، فتقاضيا إلى خنساء، فقضت لأخي على دريد، وذلك أن دريدا خطبها إلى أبيها، فقالت: شيخ كبير، لا حاجة لي فيه، فحقدت ذلك عليه، فضممنا صرمته إلى صرمتنا، فكانت لنا هجمة. ثم أتيت مكة، فابتدأت بالصفا، فإذا عليه رجالات قريش، وقد بلغني أن بها صابئا أو مجنونا أو شاعرا أو ساحرا. فقلت: أين هذا الذي تزعمونه؟ فقالوا: هاهو ذلك حيث ترى. فانقلبت إليه. فوالله ما جزت عنهم قيس حجر حتى أكبوا على كل عظم وحجر ومدر، فضرجوني بدمي، فأتيت البيت، فدخلت بين الستور والبناء، وصرت فيه ثلاثين يوما لا آكل ولا أشرب إلا من ماء زمزم، حتى إذا كانت ليلة قمراء إضحيان، أقبلت امرأتان من خزاعة، فطافتا بالبيت، ثم ذكرتا إسافا ونائلة، وهما وثنان كانوا يعبدونهما، فأخرجت رأسي من تحت الستور، فقلت: احملا أحدهما على صاحبه، فغضبتا، ثم قالتا: أم والله لو كانت رجالنا حضورا ما تكلمت بهذا. فخرجت أقفو آثارهما، حتى لقيتا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: من أنتما؟ وممن أنتما؟ ومن أين جئتما؟ وما جاء بكما؟ فأخبرتاه الخبر. فقال: أين تركتما الصابئ؟ فقالتا: تركناه بين الستور والبناء. فقال لهما: هل قال لكما شيئا؟ قالتا: نعم، كلمة تملأ الفم. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انسلتا، وأقبلت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سلمت عليه عند ذلك. فقال: من أنت؟ وممن أنت؟ ومن أين أنت؟ ومن أين جئت؟ وما جاء بك؟ فأنشأت أعلمه الخبر، فقال: من أين كنت تأكل وتشرب؟ فقلت: من ماء زمزم، فقال: أما إنه طعام طعم ومعه أبو بكر، فقال: يا رسول الله، ائذن لي أن أعشيه قال: نعم ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وأخذ أبو بكر بيدي حتى وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بباب أبي بكر، ثم دخل أبو بكر بيته. ثم أتى بزبيب من زبيب الطائف، فجعل يلقيه لنا قبضا قبضا، ونحن نأكل منه، حتى تملأنا منه فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر فقلت: لبيك. فقال: إنه قد رفعت لي أرض، وهي ذات نخل، لا أحسبها إلا تهامة، فاخرج إلى قومك، فادعهم إلى ما دخلت فيه قال: فخرجت حتى أتيت أمي وأخي، فأعلمتهما الخبر، فقالا: ما بنا رغبة عن الدين الذي دخلت فيه، فأسلمنا. ثم خرجنا حتى أتينا المدينة، فأعلمت قومي، فقالوا: إنا قد صدقناك، ولكنا نلقى محمدا صلى الله عليه وسلم، فلما قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيناه. فقالت له غفار: يا رسول الله، إن أبا ذر قد أعلمنا ما أعلمته، وقد أسلمنا وشهدنا أنك رسول الله، ثم تقدمت أسلم خزاعة، فقالوا: يا رسول الله، إنا قد رغبنا ودخلنا فيما دخل إخواننا وحلفاؤنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها . ثم أخذ أبو بكر بيدي، فقال: يا أبا ذر. فقلت: لبيك يا أبا بكر. فقال: قد كنت تأله في جاهليتك؟ قلت؟ نعم، لقد رأيتني أقوم عند الشمس، فلا أزال أصلي حتى يؤذيني حرها، فأخر كأني خفاء. فقال لي: فأين كنت توجه؟ قلت: لا أدري إلا حيث وجهني الله، حتى أدخل الله علي الإسلام لم يروه عن عروة بن رويم إلا أبو طرفة عباد بن الريان، ولا عن عباد إلا الوليد. تفرد به: محمد بن عائذ

حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (1/ 157)
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي، ثنا محمد بن عائذ، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا أبو طرفة عباد بن الريان اللخمي قال: سمعت عروة بن رويم يقول: حدثني عامر بن لدين، قال: سمعت أبا ليلى الأشعري، يقول: حدثني أبو ذر، قال: " إن أول ما دعاني إلى الإسلام أنا أصابتنا السنة، فحملت أمي وأخي أنيسا إلى أصهار لنا بأعلى نجد، فلما حللنا بهم أكرمونا، فمشى رجل من الحي إلى خالي فقال: إن أنيسا يخالفك إلى أهلك فحز في قلبه، فانصرفت من رعية إبلي فوجدته كئيبا يبكي، فقلت: ما بكاؤك يا خال؟ فأعلمني الخبر فقلت: حجز الله من ذلك، إنا نعاف الفاحشة، وإن كان الزمان قد أخل بنا، فاحتملت بأخي وأمي حتى نزلنا بحضرة مكة، فأتيت مكة وقد بلغني أن بها صابئا، أو مجنونا أو ساحرا، فقلت: أين هذا الذي تزعمونه؟ قالوا: ها هو ذاك حيث ترى، فانقلبت إليه، فوالله ما جزت عنهم قيد حجر حتى أكبوا علي بكل عظيم وحجر ومدر فضرجوني بدمي، فأتيت البيت فدخلت بين الستور والبناء وصومت فيه ثلاثين يوما لا أكل ولا أشرب إلا من ماء زمزم، قال: فلما أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي أبو بكر رضي الله تعالى عنه فقال: يا أبا ذر فقلت: لبيك يا أبا بكر، فقال: " هل كنت تأله في جاهليتك؟ قال: قلت: نعم، لقد رأيتني أقوم عند الشمس فلا أزال مصليا حتى يؤذيني حرها فأخر كأني خفاء فقال لي: فأين كنت توجه؟ فقلت: لا أدري إلا حيث يوجهني الله عز وجل، حتى أدخل الله علي الإسلام

تاريخ دمشق لابن عساكر (26/ 225)
حدثنا أبو الحسن الفرضي لفظا وأبو القاسم بن عبدان قراءة قالا أنا أبو القاسم بن أبي العلاء أنا أبو محمد بن أبي نصر زاد ابن عبدان وأبو نصر محمد بن هارون بن الجندي قالا أنا أبو القاسم بن أبي العقب ح وأخبرنا جدي أبو الفضل يحيى بن علي القاضي أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ح وأخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الخطيب أنا جدي أبو عبد الله بن أبي الحديد ح وأخبرنا أبو نصر غالب بن أحمد بن المسلم أنا أبو الفضل أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن الكريدي قالوا أنا أبو الحسن بن السمسار أنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان قالا أنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي نا أبو عبد الله محمد بن عائذ نا الوليد بن مسلم قال قال أبو طرفة عباد بن الريان اللخمي سمعت عروة بن رويم اللخمي قال حدثني عامر بن لدين قاضي الناس مع عبد الملك بن مروان قال سمعت أبا ليلى الأشعري يقول حدثني أبو ذر قال أول ما دعاني إلى الإسلام أنا كنا قوما عربا فأصابتنا السنة فاحتملت أمي وأخي وكان اسمه أنيس إلى أصهار لنا بأعلى نجد فلما حللنا بهم احتفوا بنا وأكرمونا فلما رأى ذلك رجل من الحي مشى إلى خالي فقال تعمل أن أنيسا يخالفك إلى أهلك قال فحز في قلبه وأحس فانصرفت من رعية إبلي فوجدته كئيبا يبكي فقلت ما بكاؤك يا خال فأعلمني الخبر فقلت حجر الله وقال ابن أبي العقب حجر لله من ذلك إنا نعاف الفاحشة وإن كان الزمان قد حل بنا ولقد كدرت علينا صفو ما ابتدأتنا به ولا سبيل إلى اجتماع فاحتملت أمي وأخي حتى نزلنا بحضرة مكة فقال أخي إني مدافع رجلا على الماء بشعر وكان أمرأ شاعرا فقلت لا تفعل فخرج به اللجاج حتى دافع دريد بن الصمة صرمته إلى صرمته وأيم الله لدريد يومئذ أشعر من أخي فتقاضيا إلى خنساء ففضت لأخي دريد وذلك أن دريدا خطبها إلى أبيها فقالت شيخ كبير لا حاجة لي فيه فحقدت ذلك عليه فضممنا صرمته إلى صرمتنا فكانت لها هجمة قال ثم أتيت مكة فابتدأت بالصفا فإذا عليه رحالات قريش وقد بلغني أن صابئا أو مجنونا أو شاعرا أو ساحرا فقلت أين هذا الصابئ الذي تزعمونه قال ها هو ذاك حيث ترى فانقلبت إليه فو الله ما جرت عنهم قيس حجرة حتى أكبوا علي بكل عظم وحجر ومدر فضرجوني بدمي حتى أتيت البيت فدخلت بين الستور والبناء فصرمت فيه ثلاثين يوما لا آكل ولا أشرب إلا من ماء زمزم حتى إذا كانت ليلة قمراء إضحيان أقبلت امرأتان من خزاعة فطافتا بالبيت ثم ذكرتا أساف ونائلة وهما وثنان كانا يعبدانهما في الجاهلية قال فأخرجت رأسي من تحت الستور فقلت احملا أحدهما على صاحبه فغضبتا ثم قالتا أما والله لو كانت رجالنا حضورا ما تكلمت بهذا ثم ولتا فخرجت أقفوا آثارهما حتى لقينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمرأ عربيا فقال ما أنتما ومن أين أنتما ومن أين جئتما وما جاء بكما فأخبرتاه الخبر فقال أين تركتما الصابئ فقالت تركناه بين الستور والبناء فقال لهما هل قال لكما شيئا قالتا نعم كلمة تملأ الفم قال فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم انسلتا وأقبلت حتى حييت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالسلام ثم سلمت عليه وفي حديث ابن مروان حتى جئت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم سلمت عليه بعد ذلك فقال من أنت ومن أين أنت وفي حديث ابن مروان ومن أنت وقالا من أين جئت وما جاء بك فأنشأت أعلمه الخبر فقال من أين كنت تأكل وتشرب فقلت من ماء زمزم قال أما إنه طعام طعم ومعه أبو بكر فقال يا رسول الله ائذن لي أن أعشيه قال نعم ثم خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يمشي وأخذ أبو بكر بيدي حتى وقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بباب أبي بكر ثم دخل أبو بكر ثم أتانا بزبيب من زبيب الطائف فجعل يلقيه لنا قبصا قبصا ونحن نأكل حتى تملانا زاد ابن مروان منه وقالا فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا أبا ذر فقلت لبيك قال إنه قد رفعت لي أرض وهي ذات نخل ولا أحسبها إلا تهامة فاخرج إلى قومك فادعهم إلى ما دخلت فيه فخرجت حتى أتيت أمي وأخي فأعلمتهما الخبر فقالا ما بنا رغبة عن الدين الذي دخلت فيه فأسلما ثم خرجنا حتى أتينا المدينة فأعلمت قومي فقالوا إنا قد صدقناك ولكنا نلقى محمدا (صلى الله عليه وسلم) فلما قدم علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لقيناه وفي حديث ابن مروان أتيناه فقالت له غفار يا رسول الله إن أبا ذر قد أعلمنا ما أعلمته وقد أسلمنا وشهدنا أنك رسول الله ثم تقدمت أسلم خزاعة فقالوا يا رسول الله إنا قد رغبنا ودخلنا فيما دخل فيه إخوتنا وحلفاؤنا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها قال ثم أخذ أبو بكر بيدي فقال يا أبا ذر فقلت لبيك يا أبا بكر قال هل كنت تأله وفي حديث ابن أبي العلاء وابن مروان تتأله في جاهليتك قال نعم لقد رأيتني أقوم عند الشمس فما أزال مصليا حتى يؤذيني حرها فأخر كأني خفاء فقال لي فأين كنت توجه قال قلت لا أدري إلا حيث وجهني الله حتى أدخل الله علي الإسلام