الموسوعة الحديثية


- خرجْتُ في نِسْوَةٍ من بَنِي سَعْدِ بنِ بكرٍ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمكةَ على أَتَانٍ لي قَمْرَاءَ، في سَنَةٍ شَهْباءَ لمْ تُبْقِ شيئًا، ومَعِي زَوْجِي، ومَعنا شَارِفٌ لَنا، واللهِ [ ما ] إنْ تَبِضُّ عَلَيْنا بِقَطْرَةٍ من لَبَنٍ، ومَعِي صَبِيٌّ لي؛ إنْ نَنامُ لَيْلَتَنا من بكائِهِ؛ ما في ثَدْيِي ما يُغْنِيهِ. فلمَّا قَدِمْنا مكةَ؛ لمْ تَبْقَ مِنَّا امرأةٌ إلَّا عُرِضَ عليْها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فَتَأْباهُ، وإِنَّما كُنَّا نَرْجُو كَرَامَةَ الرضاعةِ من والدِ المولَوْدِ، وكان يتيمًا، وكُنَّا نَقُولُ : يتيمًا ما عَسَى أنْ تَصْنَعَ أمُّهُ بهِ ؟ ! حتى لمْ يَبْقَ من صَوَاحِبي امرأةٌ إلَّا أَخَذَتْ صَبِيًّا غَيري، فَكَرِهْتُ أنْ أَرْجِعَ ولمْ آخذْ شيئًا وقد أَخَذَ صَوَاحِبي، فقُلْتُ لِزَوْجِي : واللهِ لأَرْجِعَنَّ إلى ذلكَ اليَتِيمِ فَلآخُذَنَّهُ، قالتْ : فَأتيْتُهُ فَأخذْتُهُ، ورَجَعْتُ إلى رَحْلِي، فقال زَوْجِي : قد أَخَذْتِيهِ ؟ ! فقُلْتُ : نَعَمْ واللهِ، وذلكَ أَنِّي لمْ أَجِدْ غيرَهُ، فقال : [ قد ] أَصَبْتِ، فلعلَّ اللهَ أنْ يَجْعَلَ فيهِ خيرًا. قالتْ : فواللهِ ما هو إلَّا أنْ جَعَلْتُهُ في حِجْرِي ؛ أَقْبَلَ عليهِ ثَدْيِي بِما شاءَ اللهُ مِنَ اللَّبَنِ، فَشربَ حتى رَوِيَ، وشربَ أَخُوهُ – يعني ابنَها – حتى رَوِيَ. وقَامَ زَوْجِي إلى شَارِفِنا مِنَ الليلِ؛ فإِذَا بِها حافِلٌ ، فَحَلَبَها مِنَ اللَّبَنِ ما شاءَ، وشربَ حتى رَوِيَ، وشَرِبْتُ حتى رَوِيتُ، وبِتْنا لَيْلَتَنا تِلْكَ شِباعًا [ رُوَاءً ] وقد نامَ صِبْيانُنا، [ قالتْ : ] يقولُ أبوهُ – يعني : زَوْجَها : واللهِ يا حَلِيمَةُ ! ما أُرَاكِ إلَّا قد أَصَبْتِ نَسَمَةً مُبارَكَةً، قد نامَ صَبِيُّنا ورَوِيَ. قالتْ : ثُمَّ خَرَجَنا، قالتْ : فواللهِ لَخَرَجَتْ أتاني أَمامَ الرَّكْبِ حتى إنَّهُمْ ليقولونَ : ويْحَكِ ! كُفَّي عنا، أَليسَتْ هذه بِأَتَانِكِ التي خَرَجْتِ عليْها ؟ ! فأقولُ : بلى واللهِ، وهيَ قُدَّامُنا حتى قَدِمْنا مَنازِلَنا من حاضِرِ بَنِي سَعْدِ بنِ بكرٍ، فَقَدِمْنا على أَجْدَبِ أرضِ [ اللهِ ]، فوالذي نَفْسُ حَلِيمَةَ بيدِهِ؛ إنْ كَانُوا لَيُسَرِّحُونَ أَغْنامَهُمْ إذا أَصْبَحُوا، ويَسْرَحُ رَاعِي غَنَمِي، فَتَرُوحُ بِطَانًا لَبَنًا حُفَّلا، وتَرُوحُ أَغْنامُهُمْ جِياعًا [ هالِكَةً ] ما بِها من لَبَنٍ. قالتْ : فَنَشْرَبُ ما شِئْنا مِنَ اللَّبَنِ، وما مِنَ الحاضِرِ أحدٌ يَحْلُبُ قَطْرَةً ولا يَجِدُها، فَيقولونَ لِرِعَائِهِمْ : ويْلَكُمْ ! أَلا تَسْرَحُونَ حيثُ يَسْرَحُ رَاعِي حَلِيمَةَ ؟ !فَيَسْرَحُونَ في الشِّعْبِ الذي يسرَحُ فيهِ، فَتَرُوحُ أَغْنامُهُمْ جِياعًا ما بِها من لَبَنٍ، وتَرُوحُ غَنَمِي لَبَنًا حُفَّلا. وكان صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَشِبُّ في اليومِ شَبابَ الصَّبِيِّ في شهرٍ، ويَشِبُّ في الشَّهْر شَبابَ الصَّبِيِّ في سَنَةٍ، فَبَلَغَ سَنَةً وهوَ غُلامٌ جَفْرٌ . قالتْ : فَقَدِمْنا على أُمِّهِ فقُلْتُ لها، [أ]و قال لها أبُوهُ : رُدِّي عَلَيْنا ابنِي فَلْنَرْجِعْ بهِ؛ فإنَّا نَخْشَى عليهِ وباءَ مكةَ ! – قالتْ : و نحنُ أَضَنُّ شيءٍ بهِ مِمَّا رَأَيْنا من بَرَكَتِه قالتْ : فلمْ نَزَلْ، حتى قالتْ : ارْجِعَا بهِ، فَرَجَعْنا بِه، فَمَكَثَ عندَنا شَهْرَيْنِ. قالتْ : فَبَيْنا هو [ يلعبُ ] وأَخُوهُ يومًا خلفَ البُيُوتِ، يَرْعَيانِ بَهْمًا لَنا؛ إذْ جاءَ [ نا ] أَخُوهُ يَشْتَدُّ، فقال لي ولأَبيهِ : أَدْرِكَا أَخِي القُرَشِيَّ، قد جاءهُ رجلًانِ فَأَضْجَعَاهُ وشَقَّا بَطْنَهُ، فخرجْنا [ نَشْتَدُّ ]، فَانْتَهَيْنا إليهِ وهوَ قائِمٌ مُنْتَقِعٌ لَوْنُهُ، فَاعْتَنَقَهُ أبوهُ واعْتَنَقْتُهُ، ثُمَّ قُلْنا : [ مالكَ ] أَيْ بُنَيَّ ؟ ! قال : أتاني رجلًانِ عليهما ثِيابٌ بيضٌ؛ فَأَضْجَعَانِي، ثُمَّ شَقَّا بَطْنِي، فواللهِ ما أَدْرِي ما صنعَا ؟ ! قالتْ : فَاحْتَمَلْناهُ ورَجَعْنا بِه، قالتْ : يقولُ أبوهُ : يا حَلِيمَةُ ! ما أَرَى هذا الغُلامَ إلَّا قدأُصِيبَ، فَانْطَلِقِي فَلْنَرُدَّهُ إلى أهلِهِ قبلَ أنْ يَظْهَرَ بهِ ما نَتَخَوَّفُ عليهِ ! قالتْ : فَرَجَعْنا بهِ، قالتْ أمُّهُ : فما يردُّكُما بهِ، فقد كُنْتُما حَرِيصَيْنِ عليهِ ؟ ! قالتْ : فقُلْتُ : لا واللهِ؛ إلَّا أنَّا قدْ كَفَلْناهُ، وأَدَّيْنا الحقَّ الذي يَجِبُ عَلَيْنا، ثُمَّ تَخَوَّفْنا الأَحْدَاثَ عليهِ، فقلْنا : يكونُ في أهلِهِ، [فَ]قالتْ أمُّهُ : واللهِ ما ذَاكَ بِكُما، فَأَخْبِرَانِي خَبَرَكُما وخَبَرَهُ ؟ ! فواللهِ ما زَالَتْ بِنا حتى أَخْبَرْناها خَبَرَهُ، قالتْ : فَتَخَوَّفْتَما عليهِ ؟ ! كَلا واللهِ، إنَّ لابنِي هذا شَأْنا، أَلا أُخْبِرُكُما عنهُ ؟ ! إنِّي حَمَلْتُ بهِ، فلمْ أَحْمِلْ حَمْلا قطُّ كان أَخَفَّ عليَّ ولا أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ، ثُمَّ رأيْتُ نُورًا كأنَّهُ شِهابٌ خرجَ مِنِّي حينَ وضَعْتُهُ؛ [ أَضَاءَتْ لهُ أَعْناقُ الإِبِلِ بِ ( بُصْرَى ) ثُمَّ وضَعْتُهُ ]، فلمَّا وقعَ كما تقعُ الصِّبْيانُ؛ وقعَ واضِعًا يديْهِ بِالأرضِ رَافِعًا رأسَهُ إلى السماءِ، دعاهُ والحَقَا بِشَأْنِكُما

أصول الحديث:


مسند أبي يعلى الموصلي (13/ 93)
7163 - حدثنا مسروق بن المرزبان الكوفي، والحسن بن حماد، ونسخته من حديث مسروق، حدثنا يحيى بن زكريا بن زائدة، حدثنا محمد بن إسحاق، عن جهم بن أبي جهم، عن عبد الله بن جعفر، عن حليمة بنت الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدية التي أرضعته، قالت: خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء بمكة على أتان لي قمراء قد أذمت، فزاحمت بالركب، قالت: وخرجنا في سنة شهباء لم تبق شيئا ومعي زوجي الحارث بن عبد العزى، قالت: ومعنا شارف لنا، والله إن تبض علينا بقطرة من لبن، ومعي صبي لي إن ننام ليلتنا مع بكائه ما في ثديي ما يغنيه، وما في شارفنا من لبن نغذوه , إلا أنا نرجو، فلما قدمنا مكة لم تبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه، وإنما كنا نرجو كرامة رضاعة من والد المولود، وكان يتيما، فكنا نقول: ما عسى أن تصنع أمه؟ حتى لم يبق من صواحبي امرأة إلا أخذت صبيا غيري، وكرهت أن أرجع ولم آخذ شيئا، وقد أخذ صواحبي، فقلت لزوجي: والله لأرجعن إلى ذلك فلآخذنه، قالت: فأتيته فأخذته فرجعته إلى رحلي، فقال زوجي: قد أخذته؟ فقلت: نعم، والله ذاك أني لم أجد غيره، فقال: قد أصبت، فعسى الله أن يجعل فيه خيرا، قالت: فوالله ما هو إلا أن جعلته في حجري، قالت: فأقبل عليه ثديي بما شاء من اللبن قالت: فشرب حتى روي وشرب أخوه ـ تعني ابنها ـ حتى روي، وقام زوجي إلى شارفنا من الليل فإذا بها حافل، فحلب لنا ما شئنا، فشرب حتى روي، قالت: وشربت حتى رويت، فبتنا ليلتنا تلك بخير, شباعا رواء، وقد نام صبياننا، قالت: يقول أبوه - تعني زوجها: والله يا حليمة، ما أراك إلا قد أصبت نسمة مباركة، قد نام صبينا وروي، قالت: ثم خرجنا، فوالله لخرجت أتاني أمام الركب قد قطعتهن حتى ما يبلغونها , حتى إنهم ليقولون: ويحك يا بنت الحارث، كفي علينا، أليست هذه بأتانك التي خرجت عليها؟ فأقول: بلى والله، وهي قدامنا , حتى قدمنا منازلنا من حاضر بني سعد بن بكر، فقدمنا على أجدب أرض الله، فوالذي نفس حليمة بيده، إن كانوا ليسرحون أغنامهم إذا أصبحوا، ويسرح راعي غنمي، فتروح غنمي بطانا لبنا حفلا، وتروح أغنامهم جياعا هالكة , ما بها من لبن، قالت: فنشرب ما شئنا من لبن، وما من الحاضر أحد يحلب قطرة، ولا يجدها، يقولون لرعاتهم: ويلكم , ألا تسرحون حيث يسرح راعي حليمة؟ فيسرحون في الشعب الذي يسرح فيه راعينا، فتروح أغنامهم جياعا ما لها من لبن، وتروح غنمي لبنا حفلا، قالت: وكان صلى الله عليه وسلم يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر، ويشب في الشهر شباب الصبي في سنة، فبلغ ستا وهو غلام جفر، قالت: فقدمنا على أمه، فقلنا لها، وقال لها أبوه: ردوا علينا ابني , فلنرجع به، فإنا نخشى عليه وباء مكة، قالت: ونحن أضن بشأنه لما رأينا من بركته، قالت: فلم يزل بها حتى قالت: ارجعا به، فرجعنا به , فمكث عندنا شهرين، قالت: فبينا هو يلعب وأخوه يوما خلف البيوت يرعيان بهما لنا، إذ جاءنا أخوه يشتد، فقال لي ولأبيه: أدركا أخي القرشي، قد جاءه رجلان فأضجعاه، فشقا بطنه، فخرجنا نحوه نشتد، فانتهينا إليه وهو قائم منتقع لونه، فاعتنقه أبوه واعتنقته، ثم قلنا: ما لك أي بني؟ قال: أتاني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني، ثم شقا بطني، فوالله ما أدري ما صنعا، قالت: فاحتملناه فرجعنا به، قالت: يقول أبوه: والله يا حليمة ما أرى هذا الغلام إلا قد أصيب، فانطلقي فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف عليه، قالت: فرجعنا به إليها، فقالت: ما ردكما به، وقد كنتما حريصين عليه، قالت: فقلت: لا والله , إلا أنا كفلناه وأدينا الحق الذي يجب علينا فيه، ثم تخوفت الأحداث عليه، فقلنا: يكون في أهله، قالت: فقالت آمنة: والله ما ذاك بكما، فأخبراني خبركما وخبره، فوالله ما زالت بنا حتى أخبرناها خبره، قالت: فتخوفتما عليه؟ كلا والله , إن لابني هذا شأنا، ألا أخبركما عنه، إني حملت به , فلم أحمل حملا قط كان أخف ولا أعظم بركة منه، ثم رأيت نورا كأنه شهاب خرج مني حين وضعته أضاءت لي أعناق الإبل ببصرى، ثم وضعته فما وقع كما يقع الصبيان، وقع واضعا يده بالأرض , رافعا رأسه إلى السماء، دعاه والحقا بشأنكما

صحيح ابن حبان - مخرجا (14/ 243)
6335 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا مسروق بن المرزبان، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن جهم بن أبي جهم، عن عبد الله بن جعفر، عن حليمة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدية التي أرضعته قالت: خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرضعاء بمكة على أتان لي قمراء في سنة شهباء لم تبق شيئا، ومعي زوجي، ومعنا شارف لنا، والله ما إن يبض علينا بقطرة من لبن، ومعي صبي لي إن ننام ليلتنا من بكائه ما في ثديي ما يغنيه، فلما قدمنا مكة لم تبق منا امرأة إلا عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه، وإنما كنا نرجو كرامة الرضاعة من والد المولود، وكان يتيما، وكنا نقول: يتيما ما عسى أن تصنع أمه به، حتى لم يبق من صواحبي امرأة إلا أخذت صبيا غيري، فكرهت أن أرجع ولم أجد شيئا وقد أخذ صواحبي، فقلت لزوجي: والله لأرجعن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، فأتيته، فأخذته ورجعت إلى رحلي، فقال زوجي: قد أخذتيه؟ فقلت: نعم والله، وذاك أني لم أجد غيره، فقال: قد أصبت، فعسى الله أن يجعل فيه خيرا، قالت: فوالله ما هو إلا أن جعلته في حجري أقبل عليه ثديي بما شاء الله من اللبن، فشرب حتى روي، وشرب أخوه - يعني ابنها - حتى روي، وقام زوجي إلى شارفنا من الليل، فإذا بها حافل فحلبها من اللبن ما شئنا، وشرب حتى روي، وشربت حتى رويت، وبتنا ليلتنا تلك شباعا رواء، وقد نام صبياننا، يقول أبوه يعني زوجها: والله يا حليمة ما أراك إلا قد أصبت نسمة مباركة، قد نام صبينا، وروي، قالت: ثم خرجنا، فوالله لخرجت أتاني أمام الركب، حتى إنهم ليقولون: ويحك كفي عنا، أليست هذه بأتانك التي خرجت عليها؟ فأقول: بلى والله، وهي قدامنا حتى قدمنا منازلنا من حاضر بني سعد بن بكر، فقدمنا على أجدب أرض الله، فوالذي نفس حليمة بيده إن كانوا ليسرحون أغنامهم إذا أصبحوا، ويسرح راعي غنمي فتروح بطانا لبنا حفلا، وتروح أغنامهم جياعا هالكة، ما لها من لبن، قالت: فنشرب ما شئنا من اللبن، وما من الحاضر أحد يحلب قطرة ولا يجدها، فيقولون لرعائهم: ويلكم ألا تسرحون حيث يسرح راعي حليمة، فيسرحون في الشعب الذي تسرح فيه، فتروح أغنامهم جياعا ما بها من لبن، وتروح غنمي لبنا حفلا، وكان صلى الله عليه وسلم يشب في اليوم شباب الصبي في شهر، ويشب في الشهر شباب الصبي في سنة، فبلغ سنة وهو غلام جفر، قالت: فقدمنا على أمه، فقلت لها، وقال لها أبوه: ردي علينا ابني، فلنرجع به، فإنا نخشى عليه وباء مكة قالت: ونحن أضن شيء به مما رأينا من بركته، قالت: فلم نزل حتى قالت: ارجعا به، فرجعنا به، فمكث عندنا شهرين، قالت: فبينا هو يلعب وأخوه يوما خلف البيوت يرعيان بهما لنا، إذ جاءنا أخوه يشتد، فقال لي ولأبيه: أدركا أخي القرشي، قد جاءه رجلان، فأضجعاه، وشقا بطنه، فخرجنا نشتد، فانتهينا إليه وهو قائم منتقع لونه، فاعتنقه أبوه واعتنقته، ثم قلنا: ما لك أي بني؟ قال: أتاني رجلان عليهما ثياب بيض، فأضجعاني، ثم شقا بطني، فوالله، ما أدري ما صنعا، قالت: فاحتملناه، ورجعنا به، قالت: يقول أبوه: يا حليمة ما أرى هذا الغلام إلا قد أصيب، فانطلقي، فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف، قالت: فرجعنا به، فقالت: ما يردكما به، فقد كنتما حريصين عليه؟ قالت: فقلت: لا والله، إلا أنا كفلناه، وأدينا الحق الذي يجب علينا، ثم تخوفنا الأحداث عليه، فقلنا: يكون في أهله، فقالت أمه: والله ما ذاك بكما، فأخبراني خبركما وخبره، فوالله ما زالت بنا حتى أخبرناها خبره، قالت: فتخوفتما عليه، كلا والله، إن لابني هذا شأنا، ألا أخبركما عنه إني حملت به، فلم أحمل حملا قط، كان أخف علي، ولا أعظم بركة منه، ثم رأيت نورا كأنه شهاب خرج مني حين وضعته، أضاءت له أعناق الإبل ببصرى، ثم وضعته، فما وقع كما يقع الصبيان، وقع واضعا يده بالأرض، رافعا رأسه إلى السماء، دعاه والحقا بشأنكما.

 [المعجم الكبير – للطبراني] (معتمد)
(24/ 212) 545 - حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا ابن الأصبهاني، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، ح وحدثنا أبو مسلم الكشي، ثنا أبو عمر الضرير، ثنا زياد بن عبد الله البكائي، ح وحدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا مسروق بن المرزبان الكندي، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، كلهم، عن محمد بن إسحاق، عن جهم بن أبي الجهم، مولى الحارث بن حاطب، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: حدثتني حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، من سعد بن بكر بن هوازن وهي أم النبي صلى الله عليه وسلم التي أرضعته وفصلته أنها حدثت قالت: " أصابتنا سنة شهباء فلم تبق لنا شيئا فخرجنا في نسوة من بني سعد بن بكر إلى مكة نلتمس الرضعاء فلما قدمنا مكة لم تبق منا امرأة إلا عرض عليها نبي الله صلى الله عليه وسلم فتأباه، وتكرهه، وذلك أنه كان لا أب له، وكانت الظورات إنما يرجون الخير من الآباء، وكانت المرأة تقول: ما أصنع بهذا؟، ما عسى أن تصنع بي أمه فيكرهنه، قالت: فعرض علي فأبيته فلم تبق امرأة من قومي إلا وجدت رضيعا، وحضر انصرافهن إلى بلادهن، فخشيت أن أرجع بغير رضيع، فقلت لزوجي: لو أخذت ذاك الغلام اليتيم كان أمثل من أن أرجع بغير رضيع، فجئت إلى أمه فأخذته وجئت به إلى منزلي، وكان لي ابن أرضعه وكان يسهر كثيرا من الليل جوعا ما ينام، فلما ألقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثديي أقبلا عليه بما شاء من اللبن حتى روى وروى أخوه ونام، وقام زوجي في جوف الليل إلى شاف معنا والله أن يبض بقطرة، قالت: فوقعت يده على ضرعها فإذا هو حافل محلب، فجاءني فقال: يا ابنة وهب والله إني لأحسب هذه النسمة مباركة ثم أخبرني خبر الشارف، فأخبرته خبر ما رأيت من ثديي تلك الليلة فخرجنا على أتان لنا كانت قبل ذلك ما يلحق الحمر ضعفا، فلما صرنا عليها متوجهين إلى بلادنا كانت تقدم القوم حتى يصحن بي ويحك يا ابنة أبي ذؤيب قطعت منا إن لأتانك هذه لشأنا، قالت: " فقدمنا به بلاد بني سعد بن بكر لا نتعرف إلا البركة حتى إن كان راعينا ليذهب بغنمنا فيرعاها، ويبعث قومنا بأغنامهم فإذا كان عند الليل راحوا فتجيء أغنامنا بحفلان ما من أغنامهم شاة تبض بقطرة فيقولون لرعيانهم، ويلكم ارعوا حيث يرعى راعي بنت أبي ذؤيب، قالت: فلم يزل كذلك معنا، فكان ذات يوم خلف بيوتنا في بهم لنا هو، وأخوه يلعبان إذ جاء أخوه يسعى، فقال: ذاك أخي القرشي قد قتل، فجئنا نبادره أنا وأبوه فتلقانا منتقع اللون فجعلنا نضمه إلينا أنا مرة، وأبوه مرة نقول له: ما لك يا بني فيقول لا أدري أتاني رجلان فصرعاني فشقا بطني فجعلا يسوطانه فأقبل علي أبوه، فقال: ما أرى هذا الغلام إلا قد أصيب فبادري به أهله قبل أن يتفاقم به الأمر عندنا، قالت: فلم يكن لي همة حتى أقدمته مكة على أمه، وقلت لها: يا ظئر إني قد فصلت ابني، وارتفع عن العاهة فأخبليه، فقالت: ما لك زاهدة فيه قد كنت تسأليني أن أتركه عندك كأنك خفت عليه الشيطان، أولا أحدثك عني وعنه إني رأيت حين ولدته أنه خرج مني نور أضاءت منه قصور بصرى من أرض الشام "