الموسوعة الحديثية


- كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أراد سفَرًا أقرَع بينَ نسائِه أثلاثًا فمَن أصابَتْه القُرعةُ خرَج بهنَّ معه فكُنَّ يَخرُجْنَ يَسقين الماءَ ويُداوينَ الجَرْحى فلمَّا غزا بني المُصْطَلِقِ أقرَع بينهُنَّ فأصابَتِ القُرعةُ عائشةَ أمَّ المؤمنين وأمَّ سلَمةَ فخرَج بهما معه فلمَّا كانوا ببعضِ الطَّريقِ مال رَحْلُ أمِّ سَلَمَةَ فأناخوا بعيرَها ليُصْلِحوا رَحْلَها وكانت عائشةُ تُريدُ قضاءَ حاجةٍ فلمَّا أناخوا إبلَهم قالت عائشةُ فقلْتُ في نفسي إلى ما يُصْلِحوا رَحْلَ أمِّ سَلَمَةَ أقضي حاجتي قالت فنزَلْتُ مِنَ الهَودجِ فأخَذْتُ ما في السَّطْلِ ولم يعلموا بنزولي فأتيْتُ خَرِبةً فانقطَعَتْ قِلادتي فاحتبَسْتُ في رَجْعِها ونِظامِها وبعَث القومُ إبلَهم ومضَوا وظنُّوا أنِّي في الهَودجِ لم أنزِلْ قالت فاتَّبَعْتُهم حتَّى أَعْيَيْتُ فقُدِّرَ في نفسي أنَّ القومَ سيفقِدوني ويرجِعون في طلبي قالت فنِمْتُ على بعضِ الطَّريقِ فمرَّ بي صَفْوانُ بنُ المُعَطَّلِ وكان رفيقَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكان سأل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يجعَلَه على السَّاقةِ فجعَله فكان إذا رحَل النَّاسُ قام يُصلِّي ثمَّ اتَّبَعَهم فما سقَط منهم مِن شيءٍ حمَله حتَّى يأتيَ به أصحابَه قالت عائشةُ فلمَّا مرَّ بي ظنَّ أنِّي رجلٌ فقال يا نَؤومًا قُمْ فإنَّ النَّاسَ قد مضَوا قالت قلْتُ إنِّي لسْتُ رجلًا أنا عائشةُ فقال إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون ثمَّ أناخ بعيرَه فعقَل يدَيه ثمَّ ولَّى عنِّي فقال يا أُمَّهْ قومي فاركَبي فإذا ركِبْتِ فآذِنيني قالت فركِبْتُ فجاء حتَّى حَلَّ العِقالَ ثمَّ بعَث جَمَلَه فأخَذ بخُطامِ الجَمَلِ قال ابنُ عمرَ فما كلَّمها كلامًا حتَّى أتى بها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال عبدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلولٍ فجَر بها وربِّ الكعبةِ وأعانه على ذلك حسَّانُ بنُ ثابتٍ ومِسْطَحُ بنُ أُثاثةَ وحَمْنةُ وشاع ذلك في العَسْكرِ وبلَغ ذلك النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكان في قلبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما قالوا حتَّى رجَعوا إلى المدينةِ وأشاع عبدُ اللهِ بنُ أُبَيِّ بن سَلولٍ المنافقُ هذا الحديثَ في المدينةِ واشتدَّ ذلك على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت عائشةُ فدخَلَتْ ذاتَ يومٍ أمُّ مِسْطَحٍ فرأتْني وأنا أُريدُ المَذْهَبَ فحمَلت معي السَّطْلَ وفيه ماءٌ فوقَع السَّطْلُ منها فقالت تعِس مِسْطَحٌ فقالت لها عائشةُ سبحانَ اللهِ تُتَعِّسين رجلًا مِن أصحابِ بَدْرٍ وهو ابنُكِ فقالت لها أمُّ مِسْطَحٍ إنَّك سال بك السَّيلُ وأنت لا تدرين فأخبَرَتْها بالخبرِ قالت فلمَّا أخبَرَتْني أخَذَتْني الحُمَّى وتقبَّض ما كان بي ولم أُبْعِدِ المذهبَ قالت عائشةُ وكنْتُ أرى مِنَ النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جَفوةً ولم أدرِ مِن أيِّ شيءٍ هي حتَّى حدَّثَتْني أمُّ مِسْطَحٍ فعَلِمْتُ أنَّ جَفوةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِما أخبَرَتْني أمُّ مِسْطَحٍ قالت عائشةُ فقلْتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يا رسولَ اللهِ أتأذَنُ لي أن أذهبَ إلى أهلي قال اذهَبي فخَرَجَتْ عائشةُ حتَّى أتَتْ أباها أبا بكرٍ رضِيَ اللهُ عنه فقال لها أبو بكرٍ ما لكِ قالت أخرَجَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن بيته قال لها أبو بكرٍ أخرَجَكِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأُؤْويكِ أنا واللهِ لا أُؤْويكِ حتَّى يأمُرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأمَرَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُؤْويَها قال لها أبو بكرٍ واللهِ ما قيل لنا هذا في الجاهليَّةِ قطُّ فكيف وقد أعزَّنا الإسلامُ فبكَتْ عائشةُ وأمُّها أمُّ رومانٍ وأبو بكرٍ وعبدُ الرَّحمنِ وبكى معهم أهلُ الدَّارِ وبلَغ ذلك النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فصعِد المِنبرَ فحمِد اللهَ وأثنى عليه وقال يا أيُّها النَّاسُ مَن يعذِرُني ممَّن يُؤْذيني فقام إليه سعدُ بنُ معاذٍ فسلَّ سيفَه فقال يا رسولَ اللهِ أنا أُعيذُك منه إنْ يكُنْ مِنَ الأوسِ أتيْتُك برأسِه وإنْ يكُنْ مِنَ الخزرجِ أمَرْتَنا بأمرِك فيه فقام سعدُ بنُ عُبادةَ فقال كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لا تقدِرُ على قَتْلِه إنَّما طلبْتَنا بذُحولٍ كانت بينَنا وبينَكم في الجاهليَّةِ فقال هذا يا لِلْأَوْسِ وقال هذا يا لِلْخَزْرَجِ فاضطربوا بالنِّعالِ والحِجارةِ وتلاطَموا فقام أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ فقال ففيم الكلامُ هذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمُرُنا بأمرِه فنَفَذَ عن رَغْمِ أنفِ مَن رَغِمْ ونزَل جبريلُ عليه السَّلامُ وهو على المِنبرِ فصعِد إليه أبو عُبيدةَ فاحتضَنه فلمَّا سُرِّيَ عنه أومأ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النَّاسَ جميعًا ثمَّ تلا عليهم ما نزَل به جبريلُ عليه السَّلامُ فنزَل { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} إلى آخِرِ الآياتِ فصاح النَّاسُ رضِينا يا رسولَ اللهِ بما أنزَل اللهُ مِنَ القرآنِ فقام بعضُهم إلى بعضٍ فتلازَموا وتصالحوا ونزَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن المِنبرِ وانتظر الوحيَ في عائشةَ فبعَث إلى عليٍّ وأسامةَ وبَريرةَ وكان إذا أراد أن يستشيرَ في أهلِه لم عليًّا وأسامةَ بعدَ موتِ أبيه زيدٍ فقال لعليٍّ ما تقولُ في عائشةَ فقد أهَمَّني ما قال النَّاسُ فيها فقال عليٌّ يا رسولَ اللهِ قد نال النَّاسُ وقد أُحِلَّ لك طلاقُها وقال لأسامةَ ما تقولُ أنت فيها قال سبحانَ اللهِ ما يَحِلُّ لنا أن نتكلَّمَ بهذا سُبْحانكَ هذا بُهْتانٌ عظيمٌ فقال لبَريرةَ ما تقولين يا بَريرةُ قالت واللهِ يا رسولَ اللهِ ماعلِمْتُ على أهلِك إلَّا خيرًا إلَّا أنَّها امرأةٌ نؤومٌ تنامُ حتَّى تجيءُ الدَّاجِنُ فتأكُلُ عجينَها وإنَّ كلَّ شيءٍ مِن هذا حتَّى يَجزيَك اللهُ خيرًا فخرج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى أتى مَنزِلَ أبي بكرٍ فدخَل عليها فقال لها يا عائشةُ إنْ كنْتِ فعَلْتِ هذا الأمرَ فقولي حتَّى أستغفِرَ اللهَ لكِ فقالت واللهِ لا أستغفِرُ اللهَ منه أبدًا إنْ كنْتُ فعَلْتُه فلا غفَره اللهُ لي وما أجِدُ مَثَلي ومثَلَكم إلَّا مَثَلَ أبي يوسفَ وذهَب اسمُ يعقوبَ مِنَ الأسَفِ { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} فبينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُكلِّمُنا إذ نزَل جبريلُ عليه السَّلامُ بالوحيِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأخَذَتِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَعْشةٌ فقال أبو بكرٍ لعائشةَ قومي فاحتضِني رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت لا واللهِ لا أدنو منه فقام أبو بكرٍ فاحتَضَنَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسُرِّيَ عنه وهو يتبسَّمُ فقال يا عائشةُ قد أنزَل اللهُ عُذرَكِ فقالت بحمدِ اللهِ لا بحمدِك فتلا عليها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سورةَ النُّورِ إلى الموضعِ الَّذي انتهى إليه خبرُها وعُذرُها وبراءتُها فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قومي إلى البيتِ فقامت وخرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المسجدِ فأمر أبا عُبَيدةَ بنَ الجرَّاحِ فجمَع النَّاسَ ثمَّ تلا عليهم ما أنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ مِنَ البراءةِ لعائشةَ ونزَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبعَث إلى عبِد اللهِ بن أُبَيٍّ المنافقِ فجيء به فضرَبه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حدَّينِ وبعَث إلى حسَّانَ بنِ ثابتٍ ومِسْطَحِ بنِ أُثاثةَ وحَمْنةَ بنتِ جَحْشٍ فضُرِبوا ضَرْبًا وَجيعًا ووُجِيءَ في رقابِهم قال ابنُ عمرَ إنَّما ضرَب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حدَّين لأنَّه مَن قذَف أزواجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فعليه حدَّانِ فبعَث أبو بكرٍ إلى مِسْطَحِ بنِ أُثاثةَ فقال أخبِرْني عنك وأنت ابنُ خالتي ما حمَلك على ما قلْتَ في عائشةَ أمَّا حسَّانُ فرجلٌ مِنَ الأنصارِ ليس مِن قَومي وأما حَمْنةُ فامرأةٌ ضعيفةٌ لا عَقْلَ لها وأمَّا عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ فمنافقٌ وأنت في عيالي منذُ مات أبوك وأنت ابنُ أربعِ حِجَجٍ وأنا أُنفِقُ عليك وأكسوك حتَّى بلَغْتَ ما قطَعْتُ عنك نفقةً إلى يومي هذا واللهِ إنَّك لرجلٌ لا وصَلْتُك بدراهمَ أبدًا ولا عطَفْتُ عليك بخيرٍ أبدًا ثمَّ طرَده أبو بكرٍ وأخرَجه مِن منزلِه فنزَل القرآن { وَلَا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ } الآيةَ فلمَّا قال { أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ } بكى أبو بكرٍ فقال أمَا قد نزَل القرآنُ فيك لأُضاعِفَنَّ لك النَّفقةَ وقد غفَرْتُ لك فإنَّ اللهَ أمَرني أن أغفِرَ لك وكانت امرأةُ عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ منافقةً معه فنزَل القرآنُ { الخَبِيثَاتُ } يعني امرأةَ عبدِ اللهِ { لِلْخَبِيثِينَ } يعني عبدَ اللهِ { وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ } عبدُ اللهِ لامرأتِه { وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ } يعني عائشةَ وأزواجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم { أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ } إلى آخِرِ الآياتِ
خلاصة حكم المحدث : فيه إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التيمي وهو كذاب
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد الصفحة أو الرقم : 9/240
التخريج : أخرجه الطبراني (23/124) (164) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النور توبة - حادثة الإفك قرآن - أسباب النزول مغازي - غزوة بني المصطلق مناقب وفضائل - عائشة بنت أبي بكر الصديق
|أصول الحديث

أصول الحديث:


 [المعجم الكبير – للطبراني] - دار إحياء التراث (23/ 124)
164- حدثنا عبد الرحمن بن خلاد الدورقي ، حدثنا سعدان بن زكريا الدورقي ، قال : حدثنا إسماعيل بن يحيى بن عبد الله التيمي ، عن ابن أبي ذئب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه أثلاثا ، فمن أصابته القرعة أخرج بهن معه ، فكن يخرجن يسقين الماء ويداوين الجرحى ، فلما غزا بني المصطلق أقرع بينهن فأصابت القرعة عائشة وأم سلمة ، فأخرج بهما معه ، فلما كانوا في بعض الطريق مال رحل أم سلمة فأناخوا بعيرها ليصلحوا رحلها ، وكانت عائشة تريد قضاء حاجة ، فلما أنزلوا إبلهم ، قالت عائشة : فقلت في نفسي إلى ما يصلحوا رحل أم سلمة أقضي حاجتي ، قالت : فنزلت من الهودج فأخذت ماء في السطل ولم يعلموا بنزولي فأتيت خربة وانقطعت قلادتي ، فاحتبست في رجعها ونظامها ، وبعث القوم إبلهم ومضوا ، وظنوا أني في الهودج لم أنزل ، قالت عائشة : فرجعت ولم أر أحدا ، قالت : فاتبعتهم حتى أعييت فقلت في نفسي : إن القوم سيفقدوني ويرجعون في طلبي ، قالت : فقمت على بعض الطريق ، فمر بي صفوان بن المعطل السلمي ، وكان رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله على الساقة فجعله ، فكان إذا رحل الناس أقام يصلي ثم اتبعهم ، فما سقط منهم من شيء حمله حتى يأتي به أصحابه ، قالت عائشة : فلما مر بي ظن أني رجل ، فقال : يا نومان قم فإن الناس قد مضوا ، قالت : فقلت : إني لست رجلا أنا عائشة ، فقال : إن لله وإنا إليه راجعون ، ثم أناخ بعيره فعقل يديه ثم ولى عني ، فقال : يا أمة قومي فاركبي ، فإذا ركبت فآذنيني ، قالت : فركبت فجاء حتى حل العقال ، ثم بعث حمله فأخذ بخطام الجمل ، فقال ابن عمر : فما كلمها كلاما حتى أتى بها رسول الله ، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق فجر بها ورب الكعبة ، وأعانه على ذلك حسان بن ثابت الأنصاري ومسطح بن أثاثة ، وحمنة ، وشاع ذلك في العسكر ، وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان في قلب النبي صلى الله عليه وسلم مما قالوا ، حتى رجعوا إلى المدينة ، وأشاع عبد الله بن أبي بن سلول هذا الحديث في المدينة ، واشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت عائشة : فدخلت ذات يوم أم مسطح فرأتني وأنا أريد المذهب فحملت معي السطل وفيه ماء ، فوقع السطل منها ، فقالت : تعس مسطح ، قالت لها عائشة : سبحان الله ، تتعسين رجلا من أهل بدر وهو ابنك ؟ قالت لها أم مسطح : إنه سال بك السيل وأنت لا تدرين ، وأخبرتها الخبر ، قالت : فلما أخبرتني أخذتني الحمى وتقلص ما كان بي ولم أبعد المذهب ، قالت عائشة : وقد كنت أرى من النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك جفوة ، ولم أدر من أي شيء هي ؟ فلما حدثتني أم مسطح فعلمت أن جفوة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لما أخبرتني أم مسطح ، قالت عائشة : فقلت للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أتأذن لي أن أذهب إلى أهلي ؟ قال : اذهبي ، فخرجت عائشة حتى أتت أباها أبا بكر ، قال لها أبو بكر : ما لك ؟ قالت : أخرجني رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته ، قال لها أبو بكر : فأخرجك رسول الله صلى الله عليه وسلم فآويك أنا والله لا آويك حتى يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤويها ، فقال لها أبو بكر : والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية قط ، فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام ؟ فبكت عائشة وأمها أم رومان وأبو بكر وعبد الرحمن ، وبكى معهم أهل الدار ، وبلغ ذاك النبي صلى الله عليه وسلم ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، فقال : أيها الناس من يعذرني ممن يؤذيني ؟ ، فقام إليه سعد بن معاذ فسل سيفه ، فقال : يا رسول الله أنا أعذرك منه ، إن يك من الأوس أتيتك برأسه ، وإن يك من الخزرج أمرتنا بأمرك فيه ، فقام سعد بن عبادة ، فقال : كذبت ، والله ما تقدر على قتله إنما طلبتنا بدخول كانت بيننا وبينكم في الجاهلية ، فقال هذا : يا للأوس ، وقال هذا : يا للخزرج ، فاضطربوا بالنعال والحجارة وتلاطموا ، فقام أسيد بن حضير ، فقال : فيم الكلام ؟ هذا رسول الله يأمرنا بأمره فسفد عن رغم أنف من رغم ، ونزل جبريل عليه السلام وهو على المنبر ، فصعد إليه أبو عبيدة بن الجراح فاحتضنه ، فلما سري عنه أومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعا ، ثم تلا عليهم ما نزل به جبريل عليه السلام ، فنزل {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي} بالسيف إلى آخر الآيات ، فصاح الناس : رضينا يا رسول الله بما أنزل الله من القرآن ، فقام بعضهم إلى بعض فتلازموا وتصالحوا ، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم عن المنبر ، وانتظر الوحي في عائشة ، وبعث إلى علي وأسامة وبريرة ، وكان إذا أراد أن يستشير امرءا لم يعد عليا وأسامة بعد موت أبيه زيد ، فقال لعلي : ما تقول في عائشة ؟ فقد أهمني ما قال الناس فيها ، فقال له : يا رسول الله قد قال الناس وقد حل لك طلاقها ، وقال لأسامة : ما تقول أنت ؟ قال : سبحان الله ما يحل لنا أن نتكلم بهذا ، سبحانك هذا بهتان عظيم ، فقال لبريرة : ما تقولين يا بريرة ؟ قالت : والله يا رسول الله ما علمت على أهلك إلا خيرا ، إلا أنها امرأة نؤوم ، تنام حتى تجيء الداجن فتأكل عجينها ، وإن كان شيء من هذا ليخبرنك الله ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتى منزل أبي بكر ، فدخل عليها ، فقال لها : يا عائشة إن كنت فعلت هذا الأمر فقولي حتى استغفر الله لك ، قالت : والله لا أستغفر الله منه أبدا ، إن كنت فعلته فلا غفر الله لي ، وما أجد مثلي ومثلكم إلا مثل أبي يوسف - وذهب اسم يعقوب من الأسف ، {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون} فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمها إذ نزل جبريل عليه السلام بالوحي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم نعسة ، فقال أبو بكر لعائشة : قومي فاحتضني رسول الله ، فقالت : لا والله لا أدنو منه ، فقام أبو بكر ، فاحتضن النبي صلى الله عليه وسلم ، فسري عنه وهو يبتسم ، فقال : عائشة قد أنزل الله عذرك ، قالت : بحمد الله لا بحمدك ، فتلا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النور إلى الموضع الذي انتهى خبرها وعذرها وبراءتها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قومي إلى البيت ، فقامت وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فدعا أبا عبيدة بن الجراح فجمع الناس ثم تلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من البراءة لعائشة ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث إلى عبد الله بن أبي المنافق ، فجيء به فضربه النبي صلى الله عليه وسلم حدين ، وبعث إلى حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة ، وحمنة بنت جحش فضربوا ضربا وجيعا ووجئ في رقابهم ، قال ابن عمر : إنما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي حدين ، لأنه من قذف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعليه حدان ، فبعث أبو بكر إلى مسطح بن أثاثة ، فقال : أخبرني عنك وأنت ابن خالتي ما حملك على ما قلت في عائشة ؟ أما حسان فرجل من الأنصار ليس من قومي ، وأما حمنة فامرأة ضعيفة لا عقل لها ، وأما عبد الله بن أبي فمنافق ، وأنت في عيالي منذ مات أبوك وأنت ابن أربع حجج ، أنفق عليك وأكسوك حتى بلغت ، ما قطعت عنك نفقة إلى يومي هذا ، والله إنك لرجل لا وصلتك بدرهم أبدا ولا عطفت عليك بخير أبدا ، ثم طرده أبو بكر وأخرجه من منزله ، فنزل القرآن {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة} الآية ، فلما قال : {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} بكى أبو بكر فقال : أما إذ نزل القرآن بأمري فيك لأضاعفن لك النفقة وقد غفرت لك ، فإن الله أمرني أن أغفر لك ، وكانت امرأة عبد الله بن أبي منافقة معه فنزل القرآن {الخبيثات} - يعني : امرأة عبد الله - {للخبيثين} يعني : عبد الله - {والخبيثون للخبيثات} - يعني : عبد الله لامرأته - {والطيبات للطيبين} - يعني : عائشة ، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، {والطيبون} - يعني : النبي صلى الله عليه وسلم ، {للطيبات} - يعني : لعائشة ، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم - {أولئك مبرؤون مما يقولون} إلى آخر الآيات.