الموسوعة الحديثية


- كانَ أَهلُ بيتٍ منَّا يقالُ لَهم بنو أُبَيرِقٍ بِشرٌ وبشيرٌ ومُبشِّرٌ وَكانَ بشيرٌ رجُلًا منافقًا يقولُ الشِّعرَ يَهجو بِهِ أصحابَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ يَنحلُهُ بعضَ العرَبِ ثمَّ يقولُ قالَ فلانٌ كذا وَكذا قالَ فلانٌ كذا وَكذا فإذا سمعَ أصحابُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ذلِكَ الشِّعرَ قالوا واللَّهِ ما يقولُ هذا الشِّعرَ إلَّا هذا الخبيثُ أو كما قالَ الرَّجلُ وقالوا ابنُ الأبيرقِ قالَها قالَ وَكانوا أَهلَ بيتِ حاجةٍ وفاقةٍ في الجاهليَّةِ والإسلامِ وَكانَ النَّاسُ إنَّما طعامُهم بالمدينةِ التَّمرُ والشَّعيرُ وَكانَ الرَّجلُ إذا كانَ لَهُ يسارٌ فقدمت ضافِطةٌ منَ الشَّامِ منَ الدَّرمَكِ ابتاعَ الرَّجلُ منها فخصَّ بِها نفسَهُ وأمَّا العيالُ فإنَّما طعامُهمُ التَّمرُ والشَّعيرُ فقدمت ضافطةٌ منَ الشَّامِ فابتاعَ عمِّي رفاعةُ بنُ زيدٍ حملًا منَ الدَّرمَكِ فجعلَهُ في مشربةٍ لَهُ وفي المشربةِ سلاحٌ ودِرعٌ وسيفٌ فعُدِيَ عليهِ من تحتِ البيتِ فنُقبت المشربةُ وأُخِذَ الطَّعامُ والسِّلاحُ فلمَّا أصبحَ أتاني عمِّي رفاعةُ فقالَ يا ابنَ أخي إنَّهُ قد عُدِيَ علينا في ليلتِنا هذِهِ فنُقِّبَت مشربتُنا فذُهِبَ بطعامِنا وسلاحِنا. قالَ فتحسَّسنا في الدَّارِ وسألنا فقيلَ لنا قد رأينا بني أبيرقٍ استوقدوا في هذِهِ اللَّيلةِ ولا نرى فيما نرى إلَّا على بعضِ طعامِكم قالَ وَكانَ بنو أبيرقٍ قالوا ونحنُ نسألُ في الدَّارِ واللَّهِ ما نرى صاحبَكم إلَّا لبيدَ بنَ سَهلٍ رجلٌ منَّا لَهُ صلاحٌ وإسلامٌ فلمَّا سمعَ لبيدٌ اخترطَ سيفَهُ وقالَ أنا أسرقُ فواللَّهِ ليخالطنَّكم هذا السَّيفُ أو لتبيِّنُنَّ هذِهِ السَّرقةَ قالوا إليْكَ عنها أيُّها الرَّجلُ فما أنتَ بصاحبِها فسألنا في الدَّارِ حتَّى لم نشُكَ أنَّهم أصحابُها فقالَ لي عمِّي يا ابنَ أخي لو أتيتَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فذَكرتَ ذلِكَ لَهُ قالَ قتادةُ فأتيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ إنَّ أَهلَ بيتٍ منَّا أَهلَ جفاءٍ عمدوا إلى عمِّي رفاعةَ بنِ زيدٍ فنقبوا مشربةً لَهُ وأخذوا سلاحَهُ وطعامَهُ فليردُّوا علينا سلاحَنا فأمَّا الطَّعامُ فلا حاجةَ لنا فيهِ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سآمُرُ في ذلِكَ فلمَّا سمِعَ بنو أبيرقٍ أتَوا رجلًا منهُم يقالُ لَهُ أُسيرُ بنُ عُروةَ فَكلَّموهُ في ذلِكَ واجتَمعَ في ذلِكَ ناسٌ من أَهلِ الدَّارِ فقالوا يا رسولَ اللَّهِ إنَّ قتادةَ بنَ النُّعمانِ وعمَّهُ عمدا إلى أَهلِ بيتٍ منَّا أَهلِ إسلامٍ وصلاحٍ يرمونَهم بالسَّرقةِ من غيرِ بيِّنةٍ ولا ثبتٍ قالَ قتادةُ فأتيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فَكلَّمتُهُ فقالَ عمدتَ إلى أَهلِ بيتٍ ذُكرَ منهم إسلامٌ وصلاحٌ ترميهم بالسَّرقةِ على غيرِ ثبتٍ وبيِّنةٍ قالَ فرجَعتُ ولودِدتُ أنِّي خرجتُ من بعضِ مالي ولم أُكلِّم رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في ذلِكَ فأتاني عمِّي رفاعةُ فقالَ يا ابنَ أخي ما صنعتَ فأخبرتُهُ بما قالَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ اللَّهُ المستعانُ فلم يلبَث أن نزلَ القرآنُ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بِيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا بني أبيرقٍ وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ مِمَّا قلتَ لقتادةَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ - إلى قولِهِ - رَحِيمًا أي لو استغفروا اللَّهَ لغفرَ لَهم وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ - إلى قولِهِ - وَإِثْمًا مُبِينًا قولَهم للبيدٍ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ - إلى قولِهِ - فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا فلمَّا نزلَ القرآنُ أتى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بالسِّلاحِ فردَّهُ إلى رِفاعةَ فقالَ قتادةُ لَمَّا أتيتُ عمِّي بالسِّلاحِ وَكانَ شيخًا قد عشا - أو عسا – الشَّكُّ مِن أبي عيسى- في الجاهليَّةِ وَكنتُ أرى إسلامُهُ مدخولًا فلمَّا أتيتُهُ قالَ يا ابنَ أخي هوَ في سبيلِ اللَّهِ فعرَفتُ أنَّ إسلامَهُ كانَ صحيحًا فلمَّا نزلَ القرآنُ لَحِقَ بشيرٌ بالمُشرِكينَ فنزلَ على سُلافةَ بنتِ سعدِ ابنِ سميَّةَ فأنزلَ اللَّهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا فلمَّا نزلَ على سُلافةَ رماها حسَّانُ بنُ ثابتٍ بأبياتٍ من شعرٍ فأخذَت رحلَهُ فوضعَتهُ على رأسِها ثمَّ خرجت بِهِ فرمت بِهِ في الأبطَحِ ثمَّ قالت أَهدَيتَ لي شِعرَ حسَّانَ ما كنتَ تأتيني بِخَيرٍ
خلاصة حكم المحدث : حسن
الراوي : قتادة بن النعمان | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم : 3036
التخريج : أخرجه الترمذي (3036)، واللفظ له، والطبراني (19/ 9/ 15)، والحاكم (8164)، بنحوه.
التصنيف الموضوعي: أطعمة - أكل التمر تفسير آيات - سورة النساء شعر - ذم الشعر قرآن - أسباب النزول نفاق - علامة المنافق وصفاته
|أصول الحديث

أصول الحديث:


[سنن الترمذي] (5/ 244)
3036 - حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني قال: حدثنا محمد بن سلمة الحراني قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده قتادة بن النعمان ، قال: كان أهل بيت منا يقال لهم: بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر، وكان بشير رجلا منافقا يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينحله بعض العرب ثم يقول: قال فلان كذا وكذا، فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث، أو كما قال الرجل، وقالوا: ابن الأبيرق قالها، قال: وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة، في الجاهلية والإسلام، وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الدرمك، ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه، وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير، فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملا من الدرمك فجعله في مشربة له، وفي المشربة سلاح ودرع وسيف، فعدي عليه من تحت البيت، فنقبت المشربة، وأخذ الطعام والسلاح، فلما أصبح أتاني عمي رفاعة، فقال: يا ابن أخي إنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه، فنقبت مشربتنا فذهب بطعامنا وسلاحنا. قال: فتحسسنا في الدار وسألنا فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة، ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم، قال: وكان بنو أبيرق قالوا ونحن نسأل في الدار: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل، رجل منا له صلاح وإسلام، فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال: أنا أسرق؟ فوالله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السرقة، قالوا: إليك عنها أيها الرجل فما أنت بصاحبها، فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها، فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء، عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له، وأخذوا سلاحه وطعامه، فليردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سآمر في ذلك، فلما سمع بنو أبيرق أتوا رجلا منهم يقال له: أسير بن عروة فكلموه في ذلك، فاجتمع في ذلك ناس من أهل الدار، فقالوا: يا رسول الله إن قتادة بن النعمان وعمه عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح، يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت، قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته، فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة على غير ثبت وبينة، قال: فرجعت، ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فأتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: الله المستعان، فلم يلبث أن نزل القرآن {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} [النساء: 105] بني أبيرق {واستغفر الله} [النساء: 106] أي مما قلت لقتادة {إن الله كان غفورا رحيما} [النساء: 23] {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم} [النساء: 108]- إلى قوله - {غفورا رحيما} [النساء: 23] أي: لو استغفروا الله لغفر لهم {ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه} [النساء: 111]- إلى قوله - {وإثما مبينا} [النساء: 20] قولهم للبيد {ولولا فضل الله عليك ورحمته} [النساء: 113]- إلى قوله - {فسوف نؤتيه أجرا عظيما} [النساء: 74] فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة، فقال قتادة: لما أتيت عمي بالسلاح، وكان شيخا قد عشا - أو عسا - في الجاهلية، وكنت أرى إسلامه مدخولا، فلما أتيته بالسلاح قال: يا ابن أخي، هو في سبيل الله، فعرفت أن إسلامه كان صحيحا، فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين، فنزل على سلافة بنت سعد ابن سمية فأنزل الله {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا} [النساء: 115] فلما نزل على سلافة رماها حسان بن ثابت بأبيات من شعر، فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت به فرمت به في الأبطح، ثم قالت: أهديت لي شعر حسان؟ ما كنت تأتيني بخير. هذا حديث غريب لا نعلم أحدا أسنده غير محمد بن سلمة الحراني. وروى يونس بن بكير، وغير واحد هذا الحديث عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلا، لم يذكروا فيه عن أبيه، عن جده. وقتادة بن النعمان هو: أخو أبي سعيد الخدري لأمه، وأبو سعيد الخدري: سعد بن مالك بن سنان.

 [المعجم الكبير – للطبراني] ط إحياء التراث مع تكملته من ط الحميد والجريسي (19/ 9)
15- حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أبيه ، عن جده قتادة بن النعمان ، قال : كان أهل بيت يقال لهم بنو أبيرق ، بشر ، وبشير ، ومبشر ، وكان بشير رجلا منافقا ، وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ينحله لبعض العرب ، ويقول : قال فلان كذا ، وقال فلان كذا ، فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الشعر ، قالوا : والله ما يقول هذا الشعر إلا الخبيث ، فقال : أوكلما قال الرجل قصيدة قالوا : ابن أبيرق قالها ، وكانوا أهل بيت فاقة وحاجة في الجاهلية والإسلام ، وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير ، فكان الرجل إذا كان له اليسار أكل البر ، فقدم طعام من الشام ، فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملا من الدرمك ، فجعله في مشربة له ، وفي المشربة سلاح له درعان وسيفاهما ، وما يعلمهما ، فعدي عليه من تحت الليل ، ونقبت المشربة ، وأخذ الطعام والسلاح ، فأتاني عمي رفاعة ، فقال : يا ابن أخي تعلم أنه عدي علينا في ليلتنا هذه ، فنقبت المشربة ، فذهب بطعامنا وسلاحنا ، فتحسسنا في الدار وسألنا ، فقيل : قد رأينا بني أبيرق ، واستوقدوا في هذه الليلة ، وما نرى فيما نرى إلا أنه على بعض طعامكم ، وقد كان يقول بنو أبيرق ونحن نسأل في الدار : والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل ، رجل منا له صلاح وإسلام ، فلما سمع بذلك لبيد اخترط سيفه ، وقال : أنا أسرق ، والله ليخالطنكم هذا السيف ، أو لتبينن هذه السرقة ، قالوا : إليك عنا أيها الرجل ، والله ما أنت بصاحبها ، فسألنا في الدار حتى لم يشك أنهم أصحابها ، فقال لي عمي : يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فقلت : يا رسول الله إن أهل بيت منا أهل جفاء ، عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له ، وأخذوا سلاحه وطعامه ، فليردد إلينا سلاحنا ، أما الطعام فلا حاجة لنا به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سأنظر في ذلك ، فلما سمع بذلك بنو أبيرق أتوا رجلا منهم يقال له : أسيد بن عروة ، وكلموه في ذلك ، واجتمع له ثلاثون من أهل الدار ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا يا رسول الله : إن قتادة بن النعمان وعمه عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ، ولا ثبت ، قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلمته ، فقال : أعمدتم إلى قوم ذكر منهم إسلام وصلاح ترمونهم بالسرقة ؟ فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، فأتاني عمي رفاعة ، فقال : ابن أخي ما صنعت ؟ فأخبرته ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : الله المستعان ، فلم نلبث أن نزل القرآن : {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} بني أبيرق ، {واستغفر الله} أي مما قلت لقتادة ، {إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} بني أبيرق ، {إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ، وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول ، وكان الله بما يعملون محيطا ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم} الآية إلى قوله : {غفورا رحيما} أي لو أنهم استغفروا الله لغفر لهم ، {ومن يكسب إثما} ، فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما ومن يكسب خطيئة ، أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ، قولهم للبيد ، {ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء} إلى آخر الآية ، فلما نزل القرآن أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح ، فرده إلى رفاعة . قال قتادة : فلما أتيت عمي بالسلاح ، وكان شيخا قد عمي في الجاهلية ، وكنت أرى إسلامه مدخولا ، فلما أتيته بالسلاح ، قال : ابن أخي هو في سبيل الله ، فعرفت أن إسلامه كان صحيحا ، فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين ، فنزل على سلافة بنت سعيد بن سهيل فأنزل الله فيه {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ، إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا} فلما نزل على سلافة بنت سعيد رماها بأبيات شعر ، أخذت رحله فوضعته على رأسها ، ثم خرجت به فرمت به الأبطح ، وأنه نفت على قوم منهم ليسرق متاعهم فألقى الله عليه صخرة ، فكانت قبره.

المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 426)
8164 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، حدثني محمد بن إسحاق، حدثني عاصم بن عمرو بن قتادة، عن أبيه، عن جده قتادة بن النعمان رضي الله عنه، قال: كان بنو أبيرق رهطا من بني ظفر وكانوا ثلاثة بشير وبشر ومبشر، وكان بشير يكنى أبا طعمة وكان شاعرا وكان منافقا وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: قاله فلان، فإذا بلغهم ذلك، قالوا: كذب عدو الله ما قاله إلا هو، فقال: أوكلما قال الرجال قصيدة ... ضموا إلي بأن أبيرق قالها متخطمين كأنني أخشاهم ... جدع الإله أنوفهم فأبانها وكانوا أهل فقر وحاجة في الجاهلية والإسلام وكان عمي رفاعة بن زيد رجلا موسرا أدركه الإسلام فوالله إن كنت لأرى أن في إسلامه شيئا، وكان إذا كان له يسار فقدمت عليه هذه الضافطة من السدم تحمل الدرمك ابتاع لنفسه ما يحل به، فأما العيال فكان يقيتهم الشعير فقدمت ضافطة - وهم الأنباط - تحمل درمكا فابتاع رفاعة حملين من شعير فجعلهما في علية له وكان في عليته درعان له وما يصلحهما من آلتهما، فطرقه بشير من الليل فخرق العلية من ظهرها فأخذ الطعام ثم أخذ السلاح، فلما أصبح عمي بعث إلي فأتيته، فقال: أغير علينا هذه الليلة فذهب بطعامنا وسلاحنا، فقال بشير وإخوته: والله ما صاحب متاعكم إلا لبيد بن سهل - لرجل منا كان ذا حسب وصلاح - فلما بلغه، قال: أصلت والله بالسيف، ثم قال: أي بني الأبيرق وأنا أسرق، فوالله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن من صاحب هذه السرقة، فقالوا: انصرف عنا فوالله إنك لبرئ من هذه السرقة، فقال: كلا وقد زعمتم، ثم سألنا في الدار وتجسسنا حتى قيل لنا: والله لقد استوقد بنو أبيرق الليلة وما نراه إلا على طعامكم، فما زلنا حتى كدنا نستيقن أنهم أصحابه، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته فيهم، فقلت: يا رسول الله إن أهل بيت منا أهل جفاء وسفه غدوا على عمي فخرقوا علية له من ظهرها فغدوا على طعام وسلاح، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه وأما السلاح فليرده علينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سأنظر في ذلك وكان لهم ابن عم يقال له أسير بن عروة فجمع رجال قومه ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن رفاعة بن زيد وابن أخيه قتادة بن النعمان قد عمدا إلى أهل بيت منا أهل حسب وشرف وصلاح يأبنونهم بالقبيح ويأبنونهم بالسرقة بغير بينة ولا شهادة، فوضع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ما شاء ثم انصرف، وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمته فجبهني جبها شديدا وقال: بئس ما صنعت وبئس ما مشيت فيه، عمدت إلى أهل بيت منكم أهل حسب وصلاح ترميهم بالسرقة وتأبنهم فيها بغير بينة ولا تثبت فسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فانصرفت عنه ولوددت أني خرجت من مالي ولم أكلمه، فلما أن رجعت إلى الدار أرسل إلي عمي: يا ابن أخي ما صنعت؟ فقلت: والله لوددت أني خرجت من مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وايم الله لا أعود إليه أبدا، فقال: الله المستعان، فنزل القرآن {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} [النساء: 105] أي طعمة بن أبيرق، فقرأ حتى بلغ {ثم يرم به بريئا} [النساء: 112] أي لبيد بن سهل {ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك} [النساء: 113] يعني أسير بن عروة وأصحابه، ثم قال: {لا خير في كثير من نجواهم} [النساء: 114]- إلى قوله - {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48] أيا كان ذنبه دون الشرك، فلما نزل القرآن هرب فلحق بمكة وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي الدرعين وأداتهما فردهما على رفاعة. قال قتادة: فلما جئته بهما وما معهما، قال: يا ابن أخي هما في سبيل الله عز وجل، فرجوت أن عمي حسن إسلامه وكان ظني به غير ذلك، وخرج ابن أبيرق حتى نزل على سلامة بنت سعد بن سهل أخت بني عمرو بن عوف وكانت عند طلحة بن أبي طلحة بمكة، فوقع برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يشتمهم فرماه حسان بن ثابت بأبيات، فقال: أيا سارق الدرعين إن كنت ذاكرا ... بذي كرم بين الرجال أوادعه وقد أنزلته بنت سعد فأصبحت ... ينازعها جلد استه وتنازعه فهلا أسيرا جئت جارك راغبا ... إليه ولم تعمد له فتدافعه ظننتم بأن يخفى الذي قد فعلتم ... وفيكم نبي عنده الوحي واضعه فلولا رجال منكم تشتمونهم ... بذاك لقد حلت عليه طوالعه فإن تذكروا كعبا إلى ما نسبتم ... فهل من أديم ليس فيه أكارعه وجدتهم يرجونكم قد علمتم ... كما الغيث يرجيه السمين وتابعه فلما بلغها شعر حسان أخذت رحل أبيرق فوضعته على رأسها حتى قذفته بالأبطح، ثم حلقت وسلقت وخرقت وخلفت إن بت في بيتي ليلة سوداء أهديت لي شعر حسان بن ثابت ما كنت لتنزل علي بخير، فلما أخرجته لحق بالطائف فدخل بيتا ليس فيه أحد فوقع عليه فقتله، فجعلت قريش تقول: والله لا يفارق محمدا أحد من أصحابه فيه خير هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.