الموسوعة الحديثية


- نَحوُ [إنَّ لرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما غَنِمتُمُ الخُمُسَ، وذلك قَبلَ أن يَفرِضَ اللَّهُ الخُمُسَ مِنَ المَغانِمِ، فعَزَلَ لرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خُمُسَ العيرِ، وقَسَمَ سائِرَها بَينَ أصحابِه، فلَمَّا قدِموا على رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المَدينةَ، قال: ما أمَرتُكُم بقِتالٍ في الشَّهرِ الحَرامِ، فوقَفَ العِيرَ والأسيرَينِ، وأبى أن يَأخُذَ مِن ذلك شَيئًا، فلَمَّا قال ذلك رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُسقِطَ في أيدي القَومِ، فظَنُّوا أنَّهُم قد هَلَكوا، وعَنَّفَهُم إخوانُهم مِنَ المُسلِمينَ فيما صَنَعوا، وقالت قُرَيشٌ: قدِ استَحَلَّ مُحَمَّدٌ وأصحابُه الشَّهرَ الحَرامَ، وسَفَكوا فيه الدَّمَ وأخَذوا فيه المالَ، وأسَروا فيه الرِّجالَ. فقال: مَن يَرُدُّ عليهم مِنَ المُسلِمينَ مِمَّن كانوا بمَكَّةَ: إنَّما أصابوا ما أصابوا في شَعبانَ، قالت يَهودُ: تَفاءل بذلك على رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: عَمرٌو عُمِّرَتِ الحَربُ، الحَضرَميُّ حَضَرَتِ الحَربُ، واقِدٌ وقدَتِ الحَربُ، فجَعَلَ اللَّهُ ذلك عليهم وبِهم، فلَمَّا أكثَرَ النَّاسُ في ذلك أنزَلَ اللَّهُ على رَسولِه: {يَسألونَكَ عَنِ الشَّهرِ الحَرامِ قِتالٍ فيه قُل قِتالٌ فيه كَبيرٌ وصَدٌّ عَن سَبيلِ اللَّهِ وكُفرٌ بهِ والمَسجِدِ الحَرامِ وإخراجُ أهلِه مِنهُ أكبر عند الله} مِن قَتلِ من قتلتم منهم، {والفِتنةُ أكبَرُ مِنَ القَتلِ} أي: قد كانوا يَفتِنونَ المُسلِمَ في دينِه حَتَّى يَرُدُّوهُ إلى الكُفرِ بَعدَ إيمانِه، وذلك أكبَرُ عِندَ اللَّهِ مِنَ القَتلِ {ولا يَزالونَ يُقاتِلونَكُم حَتَّى يَرُدُّوكُم عَن دينِكُم إنِ استَطاعوا}، أي: ثُمَّ هُم مُقيمونَ على أخبَثِ ذلك وأعظَمِه غَيرُ تائِبينَ ولا نازِعينَ، فلَمَّا نَزَلَ القُرآنُ بهذا الأمرِ، وفَرَّجَ اللَّهُ عَنِ المُسلِمينَ ما كانوا فيه مِنَ الشَّفَقِ، قَبَضَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العيرَ والأسيرَينِ، وبَعَثَت إلَيه قُرَيشٌ فِداءَ عُثمانَ بنِ عَبدِ اللَّهِ والحَكَمِ بنِ كَيسانَ، فقال رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا نَفديكُموهُما حَتَّى يَقدَمَ صاحِبانا: سَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ، وعُتبةُ بنُ غَزوانَ، فإنَّا نَخشاكُم عليهما، فإن قَتَلتُموهُما نَقتُل صاحِبَيكُم، فقدِمَ سَعدٌ وعُتبةُ، ففَداهُما رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنهُم، فأمَّا الحَكَمُ بنُ كَيسانَ فأسلَمَ وحَسُنَ إسلامُه، وأقامَ عِندَ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَتَّى قُتِلَ يَومَ بئرِ مَعونةَ شَهيدًا، وأمَّا عُثمانُ بنُ عَبدِ اللَّهِ فلَحِقَ بمَكَّةَ، فماتَ بها كافِرًا].  
خلاصة حكم المحدث : مرسل
الراوي : عروة | المحدث : الحازمي | المصدر : الاعتبار في الناسخ والمنسوخ الصفحة أو الرقم : 2/ 754
التخريج : أخرجه الطبري في ((تفسيره)) (3/ 650)، والبيهقي في ((الدلائل)) (3/ 17) بنحوه، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (2042) بنحوه مختصرًا.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة البقرة جهاد - النهي عن القتال في الشهر الحرام غنائم - فرض الخمس قرآن - أسباب النزول مغازي - سرية عبد الله بن جحش مغازي - يوم بئر معونة
|أصول الحديث

أصول الحديث:


تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (3/ 650)
ذكر الرواية عمن قال ذلك حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، قال: ثني الزهري، ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير، قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش في رجب مقفله من بدر الأولى، وبعث معه بثمانية رهط من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، وكتب له كتابا، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره، ولا يستكره من أصحابه أحدا. وكان أصحاب عبد الله بن جحش، من المهاجرين من بني عبد شمس أبو حذيفة بن ربيعة، ومن بني أمية بن عبد شمس، ثم من حلفائهم عبد الله بن جحش بن رياب، وهو أمير القوم، وعكاشة بن محصن بن حرثان أحد بني أسد بن خزيمة، ومن بني نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان حليف لهم، ومن بني زهرة بن كلاب: سعد بن أبي وقاص، ومن بني عدي بن كعب عامر بن ربيعة حليف لهم، وواقد بن عبد الله بن مناة بن عويم بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة، وخالد بن البكير أحد بني سعد بن ليث حليف لهم، ومن بني الحرث بن فهر سهيل بن بيضاء. فلما سار عبد الله بن جحش، يومين فتح الكتاب ونظر فيه، فإذا فيه: وإذا نظرت إلى كتابي هذا، فسر حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها قريشا، وتعلم لنا من أخبارهم. فلما نظر عبد الله بن جحش، في الكتاب قال: سمعا وطاعة ثم قال لأصحابه: قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمضي إلى نخلة فأرصد بها قريشا حتى آتيه منهم بخبر، وقد نهاني أن أستكره أحدا منكم، فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق، ومن كره ذلك فليرجع، فأما أنا فماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضى ومضى أصحابه معه، فلم يتخلف عنه أحد، وسلك على الحجاز، حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له بحران، أضل سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا عليه يعتقبانه، فتخلفا عليه في طلبه، ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل بنخلة، فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا، وأدما، وتجارة من تجارة قريش فيها منهم عمرو بن الحضرمي، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة، وأخوه نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزوميان، والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة فلما رآهم القوم هابوهم، وقد نزلوا قريبا منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن، وقد كان حلق رأسه؛ فلما رأوه آمنوا، وقالوا: عمار، لا بأس علينا منهم، وتشاور القوم فيهم، وذلك في آخر يوم من جمادى، فقال القوم: والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم، ولئن قتلتموهم لنقتلنهم في الشهر الحرام. فتردد القوم فهابوا الإقدام عليهم، ثم شجعوا عليهم، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم، وأخذ ما معهم؛ فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستؤسر عثمان بن عبد الله، والحكم بن كيسان، وأفلت نوفل بن عبد الله فأعجزهم. وقدم عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير، والأسيرين، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله بن جحش قال لأصحابه: إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمتم الخمس؛ وذلك قبل أن يفرض الخمس من الغنائم. فعزل لرسول الله صلى الله عليه وسلم خمس العير، وقسم سائرها على أصحابه فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام فوقف العير، والأسيرين، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا، فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، سقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم المسلمون فيما صنعوا، وقالوا لهم: صنعتم ما لم تؤمروا به وقاتلتم في الشهر الحرام ولم تؤمروا بقتال؛ وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام، فسفكوا فيه الدم، وأخذوا فيه الأموال وأسروا. فقال: من يرد ذلك عليهم من المسلمين ممن كان بمكة إنما أصابوا ما أصابوا في جمادى؛ وقالت يهود تتفاءل بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله، عمرو: عمرت الحرب، والحضرمي: حضرت الحرب، وواقد بن عبد الله: وقدت الحرب فجعل الله عليهم ذلك وبهم. فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله جل وعز على رسوله: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه} [[البقرة: 217]] أي عن قتال فيه {قل قتال فيه كبير} [[البقرة: 217]] إلى قوله {والفتنة أكبر من القتل} [[البقرة: 217]] أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به، وعن المسجد الحرام، وإخراجكم عنه، إذ أنتم أهله وولاته أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم {والفتنة أكبر من القتل} [[البقرة: 217]] أي قد كانوا يفتنون المسلم عن دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه وذلك أكبر عند الله من القتل، ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا أي هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه، غير تائبين ولا نازعين فلما نزل القرآن بهذا من الأمر، وفرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق، قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير، والأسيرين "

دلائل النبوة للبيهقي (3/ 17)
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو الصيرفي، قال: حدثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني قال: أخبرنا علي بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرني شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية من المسلمين وأمر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي، فانطلقوا حتى هبطوا نخلة، فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش في يوم بقي من الشهر الحرام، فاختصم المسلمون، فقال قائل منهم: هذه غرة من عدو، وغنم رزقتموه، ولا ندري أمن الشهر الحرام هذا اليوم أم لا، وقال قائل منهم: لا نعلم اليوم إلا من الشهر الحرام، ولا نرى أن تستحلوه لطمع أشفيتم عليه، فغلب على الأمر الذين يريدون عرض الدنيا، فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه وغنموا عيره، فبلغ ذلك كفار قريش، وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين، فركب وفد كفار قريش حتى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقالوا: أتحل القتال في الشهر الحرام؟ فأنزل الله عز وجل: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله} [[البقرة: 217]] إلى آخر الآية " فحدثهم الله في كتابه أن القتال في الشهر الحرام حرام كما كان، وإن الذي يستحلون من المؤمنين هو أكبر من ذلك: من صدهم عن سبيل الله حين يسجنونهم ويعذبونهم ويحبسونهم أن يهاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفرهم بالله، وصدهم المسلمين عن المسجد الحرام في الحج والعمرة والصلاة فيه، وإخراجهم أهل المسجد الحرام وهم سكانه من المسلمين، وفتنتهم إياهم عن الدين. فبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عقل ابن الحضرمي وحرم الشهر الحرام كما كان يحرمه، حتى أنزل الله عز وجل: {براءة من الله ورسوله} [[التوبة: 1]]

تفسير ابن أبي حاتم (2/ 388)
2042 - حدثنا أبي، ثنا الحسن بن أبي الربيع، ثنا ابن إدريس، ثنا ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان، والزهري، عن عروة بن الزبير، قال: " فلما فرج الله عن المسلمين، من أهل تلك السرية، ما كانوا فيه من غم، ما أصابوا طمعوا فيما عند الله من ثوابه، فقالوا: يا نبي الله، أتطمع لنا أن تكون غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين في سبيل الله؟ فأنزل الله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم} "