الموسوعة الحديثية


- جلَستُ إلى جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ، وَهوَ يحدِّثُ، فحدَّثَ أنَّ ناسًا يخرُجونَ منَ النَّارِ -، قالَ : وأَنا يومئذٍ أنكِرُ ذلِكَ، فغَضِبْتُ وقلتُ : ما أعجَبُ منَ النَّاسِ، ولَكِن أعجبُ منكم يا أصحابَ محمَّدٍ ! تزعُمونَ أنَّ اللَّهَ يُخرجُ ناسًا منَ النَّارِ، واللَّهُ يقولُ : يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ ؟ ! فانتَهَرَني أصحابُهُ، وَكانَ أحلمَهُم فقالَ : دَعوا الرَّجلَ، إنَّما ذلِكَ للكفَّارِ : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ حتَّى بلغَ : وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ أما تقرأُ القرآنَ ؟ قلتُ : بلَى قد جمعتُهُ قالَ : أليسَ اللَّهُ يقولُ : وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ؟ [الإسراء :79] فَهوَ ذلِكَ المقامُ، فإنَّ اللَّهَ يحتَبِسُ أقوامًا بخطاياهم في النَّارِ ما شاءَ، لا يُكَلِّمُهُم، فإذا أرادَ أن يُخْرِجَهم أخرجَهُم. قالَ : فلَم أعُد بعدَ ذلِكَ إلى أن أُكَذِّبَ بِهِ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : يزيد الفقير | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير الصفحة أو الرقم : 1/673
التخريج : أخرجه الآجري في ((الشريعة)) (774)
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة المائدة جهنم - ذكر من يخرج من النار من أهل التوحيد تفسير آيات - سورة الإسراء رقائق وزهد - الحلم قيامة - الشفاعة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

أصول الحديث:


[الشريعة للآجري] (3/ 1203)
: 774 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: نا شيبان بن فروخ قال: نا مبارك بن فضالة قال: نا يزيد بن صهيب قال: مررت بجابر بن عبد الله ، وهو في حلقة يحدث أناسا ، فجلست إليه ، فسمعته يذكر أناسا يخرجون من النار قال: وكنت يومئذ أنكر ذلك قال: فقلت: والله ما أعجب من الناس ، ولكن أعجب منكم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول الله عز وجل: {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ، ولهم عذاب مقيم} فانتهرني أصحابه وكان أحلمهم ، فقال: دعوا الرجل ، ثم قال: إنما قال الله عز وجل: {إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم} قال: وما تقرأ القرآن: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال: فإن الله عز وجل عذب قوما بخطاياهم وإن شاء أن يخرجهم أخرجهم قال: فلم أكذب به بعد ذلك قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى: إن المكذب بالشفاعة أخطأ في تأويله خطأ فاحشا خرج به عن الكتاب والسنة ، وذلك أنه عمد إلى آيات من القرآن نزلت في أهل الكفر ، أخبر الله عز وجل: أنهم إذا دخلوا النار أنهم غير خارجين منها ، فجعلها المكذب بالشفاعة في الموحدين ، ولم يلتفت إلى أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثبات الشفاعة أنها إنما هي لأهل الكبائر ، والقرآن يدل على هذا ، فخرج بقوله السوء عن جملة ما عليه أهل الأيمان ، واتبع غير سبيلهم قال الله عز وجل: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} قال محمد بن الحسين رحمه الله: فكل من رد سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنن أصحابه فهو ممن شاقق الرسول وعصاه ، وعصى الله تعالى بتركه قبول السنن ، ولو عقل هذا الملحد وأنصف من نفسه ، علم أن أحكام الله عز وجل وجميع ما تعبد به خلقه إنما تؤخذ من الكتاب والسنة ، وقد أمر الله عز وجل نبيه عليه السلام: أن يبين لخلقه ما أنزله عليه مما تعبدهم به ، فقال جل ذكره : {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} وقد بين صلى الله عليه وسلم لأمته جميع ما فرض الله عز وجل عليهم من جميع الأحكام وبين لهم أمر الدنيا وأمر الآخرة وجميع ما ينبغي أن يؤمنوا به ولم يدعهم جهلة لا يعلمون حتى أعلمهم أمر الموت والقبر وما يلقى المؤمن ، وما يلقى الكافر ، وأمر المحشر والوقوف وأمر الجنة والنار حالا بعد حال يعرفه أهل الحق ، وسنذكر كل باب في موضعه إن شاء الله تعالى ، اعلموا يا معشر المسلمين: أن أهل الكفر إذا دخلوا النار ورأوا العذاب الأليم وأصابهم الهوان الشديد نظروا إلى قوم من الموحدين معهم في النار فعيروهم بذلك وقالوا: ما أغنى عنكم إسلامكم في الدنيا وأنتم معنا في النار؟ فزاد أهل التوحيد من المسلمين حزنا وغما ، فاطلع الله عز وجل على ما نالهم من الغم بتعيير أهل الكفر لهم فأذن في الشفاعة فيشفع الأنبياء والملائكة والشهداء والعلماء والمؤمنون فيمن دخل النار من المسلمين فأخرجوا منها على حسب ما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على طبقات شتى فدخلوا الجنة ، فلما فقدهم أهل الكفر ودوا حينئذ لو كان مسلمين وأيقنوا أنه ليس شافع يشفع لهم ، ولا صديق حميم يغني عنهم من عذابهم شيئا قال الله عز وجل في أهل الكفر لما نضجوا بالعذاب وعلموا أن الشفاعة لغيرهم قالوا: {فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل} الآية ، وقال عز وجل: {فكبكبوا فيها هم والغاوون} ، {وجنود إبليس أجمعون} ، {قالوا وهم فيها يختصمون} ، {تالله إن كنا لفي ضلال مبين} ، {إذ نسويكم برب العالمين} ، {وما أضلنا إلا المجرمون} ، {فما لنا من شافعين} ، {ولا صديق حميم} وقال عز وجل في سورة المدثر وقد أخبر أن الملائكة قالت لأهل الكفر: {ما سلككم في سقر} ، {قالوا: لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين} ، {وكنا نخوض مع الخائضين} ، {وكنا نكذب بيوم الدين} ، {حتى أتانا اليقين} ، {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى: هذه كلها أخلاق الكفار فقال عز وجل: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} فدل على أن لابد من شفاعة وأن الشفاعة لغيرهم لأهل التوحيد خاصة ، وقال الله عز وجل: {الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين} ، {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} قال محمد بن الحسين رحمه الله تعالى: وإنما يود الكفار أن لو كانوا مسلمين عندما رأوا معهم في النار قوما من الموحدين فعيروهم وقالوا: ما أغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا في النار فحزنوا من ذلك فأمر الله عز وجل الملائكة والأنبياء ومن سائر المؤمنين أن يشفعوا فيهم فشفعوا فأخرج من في النار من أهل التوحيد ففقدهم أهل الكفر فسألوا عنهم فقيل: شفع فيهم الشافعون لأنهم كانوا مسلمين ، فعندها ودوا لو كانوا مسلمين حتى تلحقهم الشفاعة