الموسوعة الحديثية


- سمِع عُثمانُ أنَّ وفدَ أهلِ مِصرَ قد أقبَلوا فاستقبَلهم فلمَّا سمِعوا به أقبَلوا نحوَه إلى المكانِ الَّذي هو فيه فقالوا له : ادعُ المُصحَفَ فدعا بالمُصحَفِ فقالوا له : افتَحِ السَّابعةَ قال : وكانوا يُسمُّونَ سورةَ يُونُسَ السَّابعةَ فقرَأها حتَّى أتى على هذه الآيةِ : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59] قالوا له : قِفْ أرأَيْتَ ما حمَيْتَ مِن الحِمى آللهُ أذِن لكَ به أم على اللهِ تفتري ؟ فقال : أمضِه نزَلَتْ في كذا وكذا وأمَّا الحِمى لإبلِ الصَّدقةِ فلمَّا ولَدَتْ زادتْ إبلُ الصَّدقةِ فزِدْتُ في الحِمى لِما زاد في إبلِ الصَّدقةِ أمضِه قالوا : فجعَلوا يأخُذونَه بآيةٍ آيةٍ فيقولُ : أمضِه نزَلَتْ في كذا وكذا فقال لهم : ما تُريدونَ ؟ قالوا : ميثاقَك قال : فكتَبوا عليه شرطًا فأخَذ عليهم ألَّا يشُقُّوا عصًا ولا يُفارِقوا جماعةً ما قام لهم بشَرطِهم وقال لهم : ما تُريدونَ ؟ قالوا : نُريدُ ألَّا يأخُذَ أهلُ المدينةِ عطاءً قال : لا إنَّما هذا المالُ لِمَن قاتَل عليه ولهؤلاءِ الشُّيوخِ مِن أصحابِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : فرَضُوا وأقبَلوا إلى المدينةِ راضينَ قال : فقام فخطَب فقال : ألَا مَن كان له زرعٌ فلْيلحَقْ بزرعِه ومَن كان له ضَرْعٌ فلْيحتلِبْه ألَا إنَّه لا مالَ لكم عندَنا إنَّما هذا المالُ لِمَن قاتَل عليه ولهؤلاءِ الشُّيوخِ مِن أصحابِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : فغضِب النَّاسُ وقالوا : هذا مكرُ بني أميَّةَ قال : ثمَّ رجَع المِصريُّونَ فبَيْنما هم في الطَّريقِ إذا هُمْ براكبٍ يتعرَّضُ لهم ثمَّ يُفارِقُهم ثمَّ يرجِعُ إليهم ثمَّ يُفارِقُهم ويسُبُّهم قالوا : ما لكَ إنَّ لك الأمانَ ما شأنُك ؟ قال : أنا رسولُ أميرِ المُؤمِنينَ إلى عاملِه بمِصْرَ قال : ففتَّشوه فإذا هُمْ بالكتابِ على لسانِ عُثمانَ عليه خاتَمُه إلى عامِلِه بمِصْرَ أنْ يصلِبَهم أو يقتُلَهم أو يقطَعَ أيديَهم وأرجُلَهم فأقبَلوا حتَّى قدِموا المدينةَ فأتَوْا علِيًّا فقالوا : ألَمْ ترَ إلى عدوِّ اللهِ كتَب فينا بكذا وكذا وإنَّ اللهَ قد أحَلَّ دمَه قُمْ معنا إليه قال : واللهِ لا أقومُ معكم قالوا : فلِمَ كتَبْتَ إلينا ؟ قال : واللهِ ما كتَبْتُ إليكم كتابًا قطُّ فنظَر بعضُهم إلى بعضٍ ثمَّ قال بعضُهم إلى بعضٍ : ألهذا تُقاتِلونَ أو لهذا تغضَبونَ فانطلَق علِيٌّ فخرَج مِن المدينةِ إلى قريةٍ وانطلَقوا حتَّى دخَلوا على عُثمانَ فقالوا : كتَبْتَ بكذا وكذا فقال : إنَّما هما اثنتانِ : أنْ تُقيموا علَيَّ رجُلَيْنِ مِن المُسلِمينَ أو يميني باللهِ الَّذي لا إلهَ إلَّا اللهُ ما كتَبْتُ ولا أملَيْتُ ولا علِمْتُ وقد تعلَمونَ أنَّ الكتابَ يُكتَبُ على لسانِ الرَّجُلِ وقد يُنقَشُ الخاتَمُ على الخاتَمِ فقالوا : واللهِ أحَلَّ اللهُ دمَك ونقَضوا العهدَ والميثاقَ فحاصَروه فأشرَف عليهم ذاتَ يومٍ فقال : السَّلامُ عليكم فما أسمَع أحدًا مِن النَّاسِ ردَّ عليه السَّلامَ إلَّا أنْ يرُدَّ رجُلٌ في نفسِه فقال : أنشُدُكم اللهَ هل علِمْتُم أنِّي اشترَيْتُ رُومةَ مِن مالي فجعَلْتُ رِشائي فيها كرِشاءِ رجُلٍ مِن المُسلِمينَ ؟ قيل : نَعم قال : فعَلامَ تمنَعوني أنْ أشرَبَ منها حتَّى أُفطِرَ على ماءِ البحرِ ؟ ! أنشُدُكم اللهَ هل علِمْتُم أنِّي اشترَيْتُ كذا وكذا مِن الأرضِ فزِدْتُه في المسجدِ ؟ قيل : نَعم قال : فهل علِمْتُم أنَّ أحدًا مِن النَّاسِ مُنِع أنْ يُصَلِّيَ فيه قبْلي ؟ أنشُدُكم اللهَ هل سمِعْتُم نَبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يذكُرُ كذا وكذا ؟ أشياءَ في شأنِه عدَّدَها قال : ورأَيْتُه أشرَف عليهم مرَّةً أخرى فوعَظهم وذكَّرهم فلَمْ تأخُذْ منهم الموعظةُ وكان النَّاسُ تأخُذُ منهم الموعظةُ في أوَّلِ ما يسمَعونَه فإذا أُعيدَتْ عليهم لَمْ تأخُذْ منهم فقال لامرأتِه : افتَحي البابَ ووضَع المُصحَفَ بيْنَ يدَيْهِ وذلك أنَّه رأى مِن اللَّيلِ أنَّ نَبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ له : ( أفطِرْ عندَنا اللَّيلةَ ) فدخَل عليه رجُلٌ فقال : بَيْني وبَيْنَك كتابُ اللهِ فخرَج وترَكه ثمَّ دخَل عليه آخَرُ فقال : بَيْني وبَيْنَك كتابُ اللهِ والمُصحَفُ بيْنَ يدَيْهِ قال : فأهوى له بالسَّيفِ فاتَّقاه بيدِه فقطَعها فلا أدري أقطَعها ولَمْ يُبِنْها أم أبانها ؟ قال عُثمانُ : أمَا واللهِ إنَّها لَأوَّلُ كفٍّ خطَّتِ المُفصَّلَ - وفي غيرِ حديثِ أبي سعيدٍ : فدخَل عليه التُّجِيبيُّ فضرَبه مِشقَصًا فنضَح الدَّمُ على هذه الآيةِ : {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137] قال : وإنَّها في المُصحَفِ ما حُكَّتْ قال : وأخَذَتْ بنتُ الفَرافِصةِ - في حديثِ أبي سعيدٍ - حُلِيَّها ووضَعَتْه في حِجْرِها وذلك قبْلَ أنْ يُقتَلَ فلمَّا قُتِل تفاجَّتْ عليه قال بعضُهم : قاتَلها اللهُ ما أعظَمَ عَجيزتَها فعلِمَتْ أنَّ أعداءَ اللهِ لَمْ يُريدوا إلَّا الدُّنيا
خلاصة حكم المحدث : [رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي سعيد مولى أبي أسيد، فقد ذكره ابن حبان في (الثقات)، وأورده ابن حجر في القسم الثالث من الكنى في (الإصابة) فقال: ذكره ابن منده في الصحابة ولم يذكر ما يدل على صحبته]
الراوي : أبو سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان الصفحة أو الرقم : 6919
التخريج : أخرجه البزار (389)، والحاكم (3342) مختصراً باختلاف يسير، وابن أبي شيبة (38845) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: رؤيا - من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فتن - فتنة قتل عثمان مناقب وفضائل - عثمان بن عفان مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إمامة وخلافة - الحمى للمسلمين
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

أصول الحديث:


مسند البزار = البحر الزخار (2/ 42)
389 - حدثنا أحمد بن المقدام، قال: نا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يحدث، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، مولى أبي أسيد، قال: بلغ عثمان أن وفد أهل مصر، قد أقبلوا فتلقاهم في قرية له خارجا من المدينة، وكره أن يدخلوا عليه أو كما قال، فلما علموا بمكانه أقبلوا إليه، فقالوا: ادع لنا بالمصحف، فدعى يعني: به فقال: افتح فقرأ حتى انتهى إلى هذه الآية: " {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون} [[يونس: 59]] ، فقالوا: أحمى الله أذن لك به أم على الله تفتري؟ فقال: امض، نزلت في كذا وكذا، وأما الحمى، فإن عمر حمى الحمى لإبل الصدقة، فلما وليت فعلت الذي فعل، وما زدت على ما زاد، قال: ولا أراه إلا قال: وأنا يومئذ ابن كذا سنة، ثم قال: سألوه عن أشياء جعل يقول: امضه، نزلت في كذا وكذا، ثم سألوه عن أشياء عرفها لم يكن عنده فيها مخرج، فقال: استغفر الله، ثم قال: ما تريدون؟ قالوا: نريد ألا يأخذ أهل المدينة العطاء، فإن هذا المال للذي قاتل عليه، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فرضي ورضوا، قال: وأخذوا عليه، قال: وأراه كتبوا عليه كتابا، وأخذ عليهم ألا يشقوا عصى، ولا يفارقوا جماعة قال: فرضي ورضوا وأقبلوا معه إلى المدينة، فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إني والله ما رأيت وفدا هم خير من هذا الوفد، ألا من كان له زرع، فليلحق بزرعه ومن كان له ضرع فليحتلبه، ألا إنه لا مال لكم عندنا، إنما هذا المال لمن قاتل عليه ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فغضب الناس، وقالوا: هذا مكر بني أمية، ورجع الوفد راضين، فلما كانوا ببعض الطريق إذا راكب يتعرض لهم، ثم يفارقهم، ثم يعود إليهم ويسبهم، فأخذوه فقالوا له ما شأنك؟ إن لك لشأنا، فقال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر، ففتشوه فإذا معه كتاب على لسان عثمان عليه خاتمه أن يصلبهم أو يضرب أعناقهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم، قال: فرجعوا، وقالوا: قد نقض العهد وأحل الله دمه، فقدموا المدينة، فأتوا عليا، فقالوا: ألم تر عدو الله كتب فينا بكذا وكذا، قم معنا إليه فقال: والله لا أقوم معكم، قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم كتابا قط، فنظر بعضهم إلى بعض ثم قال بعضهم: ألهذا تقاتلون أم لهذا تغضبون وخرج علي، فنزل قرية خارجا من المدينة، فأتوا عثمان، فقالوا: أكتبت فينا بكذا وكذا؟ قال: إنما هما اثنتان أن تقيموا شاهدين أو يمين الله ما كتبت ولا أمليت ولا علمت، وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وقد ينقش الخاتم على الخاتم، قال: فحصروه فأشرف عليهم ذات يوم، فقال: السلام عليكم، قال: فما أسمع أحدا رد عليه إلا أن يرد رجل في نفسه، فقال: أنشدكم بالله أعلمتم أني اشتريت بئر رومة من مالي أستعذب بها، فجعلت رشائي كرشاء رجل من المسلمين؟ قيل: نعم، قال: فعلام تمنعوني أن أشرب من مائها حتى أضطر على ماء البحر، قال: أنشدكم بالله أعلمتم أني اشتريت كذا وكذا من مالي فزدته في المسجد؟ قالوا: نعم، قال: فهل علمتم أحدا منع فيه الصلاة قبلي، ثم ذكر أشياء، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأراه ذكر كتابته المفصل بيده، قال: ففشى النهي وقيل مهلا عن أمير المؤمنين ". وهذا الحديث لا نعلمه رواه إلا المعتمر بن سليمان، عن أبيه

المستدرك للحاكم - ط. التأصيل (4/ 202)
3342 - حدثنا علي بن عيسى، ثنا محمد بن عمرو الحرشي، ثنا يحيى بن يحيى، أنبأ المعتمر بن سليمان التيمي، ثنا أبي، ثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد، مولى أبي أسيد الأنصاري قال: سمع عثمان بن عفان رضي الله عنه، أن وفد أهل مصر قد أقبلوا، فاستقبلهم، فلما سمعوا به، أقبلوا نحوه قال: وكره أن يقدموا عليه المدينة، قال: فأتوه فقالوا له: ادع بالمصحف، وافتتح السابعة، وكانوا يسمون سورة يونس السابعة، فقرأها حتى أتى على هذه الآية " {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون} [[يونس: 59]] فقالوا له: قف، أرأيت ما حميت من الحمى آلله أذن لك أم على الله تفتري؟ قال: فقال: امضه، نزلت في كذا وكذا فأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة، فلما وليت، وزادت إبل الصدقة، فزدت في الحمى، لما زاد في الصدقة صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه

مصنف ابن أبي شيبة - ترقيم عوامة (15/ 215)
38845- حدثنا عفان ، قال : حدثني معتمر بن سليمان التيمي ، قال : سمعت أبي ، قال : حدثنا أبو نضرة ، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري ، قال : سمع عثمان ، أن وفد أهل مصر قد أقبلوا ، فاستقبلهم ، فكان في قرية خارجا من المدينة ، أو كما قال : قال : فلما سمعوا به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه ، قال : أراه ، قال : وكره أن يقدموا عليه المدينة ، أو نحوا من ذلك ، فأتوه فقالوا : ادع بالمصحف ، فدعا بالمصحف فقالوا : افتح السابعة ، وكانوا يسمون سورة يونس السابعة ، فقرأها حتى إذا أتى على هذه الآية : {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون} قالوا : أرأيت ما حميت من الحمى آلله أذن لك به أم على الله تفتري ، فقال : أمضه ، أنزلت في كذا وكذا ، وأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة ، فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد من إبل الصدقة ، فجعلوا يأخذونه بالآية فيقول : أمضه ، نزلت في كذا وكذا . والذي يلي كلام عثمان يومئذ في سنك ، يقول أبو نضرة : يقول لي ذلك أبو سعيد ، قال أبو نضرة : وأنا في سنك يومئذ ، قال : ولم يخرج وجهي ، أو لم يستو وجهي يومئذ ، لا أدري لعله ، قال مرة أخرى : وأنا يومئذ في ثلاثين سنة . ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج ، فعرفها ، فقال : أستغفر الله وأتوب إليه ، فقال لهم : ما تريدون فأخذوا ميثاقه ، قال : وأحسبه ، قال : وكتبوا عليه شرطا ، قال : وأخذ عليهم ، أن لا يشقوا عصا ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم بشرطهم ، أو كما أخذوا عليه . فقال لهم : ما تريدون فقالوا : نريد أن لا يأخذ أهل المدينة عطاء ، فإنما هذا المال لمن قاتل عليه ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فرضوا ، وأقبلوا معه إلى المدينة راضين ، فقام فخطب ، فقال : والله إني ما رأيت وافدا هم خير لحوباتي من هذا الوفد الذين قدموا علي ، وقال مرة أخرى : حسبت ، أنه قال : من هذا الوفد من أهل مصر ، ألا من كان له زرع فليلحق بزرعه ، ومن كان له ضرع فليحتلب ، ألا إنه لا مال لكم عندنا ، إنما هذا المال لمن قاتل عليه ، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فغضب الناس وقالوا : مكر بني أمية . ثم رجع الوفد المصريون راضين ، فبينما هم في الطريق إذ براكب يتعرض لهم ، ثم يفارقهم ، ثم يرجع إليهم ، ثم يفارقهم ويسبهم ، فقالوا له : إن لك لأمرا ما شأنك ، قال : أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر ففتشوه فإذا بالكتاب على لسان عثمان ، عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يقتلهم ، أو يقطع أيديهم وأرجلهم . فأقبلوا حتى قدموا المدينة ، فأتوا عليا فقالوا : ألم تر إلى عدو الله ، أمر فينا بكذا وكذا ، والله قد أحل دمه قم معنا إليه ، فقال : لا والله ، لا أقوم معكم ، قالوا : فلم كتبت إلينا ، قال : لا والله ما كتبت إليكم كتابا قط ، قال : فنظر بعضهم إلى بعض ، ثم قال بعضهم لبعض : ألهذا تقاتلون ، أو لهذا تغضبون وانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية ، أو قرية له . فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا : كتبت فينا بكذا وكذا ، فقال : إنما هما اثنتان ، أن تقيموا علي رجلين من المسلمين ، أو يمينا : بالله الذي لا إله إلا هو ، ما كتبت ولا أمليت ، وقد تعلمون ، أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وينقش الخاتم على الخاتم ، فقالوا له : قد والله أحل الله دمك ، ونقض العهد والميثاق , قال : فحصروه في القصر ، فأشرف عليهم ، فقال : السلام عليكم ، قال : فما أسمع أحدا رد السلام إلا أن يرد رجل في نفسه ، فقال : أنشدكم بالله ، هل علمتم أني اشتريت رومة بمالي لأستعذب بها ، قال : فجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين ، فقيل : نعم ، فقال : فعلام تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر . قال : أنشدكم بالله هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد ، قيل : نعم ، قال : فهل علمتم أحدا من الناس منع أن يصلي فيه قبلي قيل قال : وأنشدكم بالله هل سمعتم نبي الله صلى الله عليه وسلم يذكر كذا وكذا شيئا من شأنه ، وذكر أرى كتابة المفصل . قال : ففشا النهي ، وجعل الناس يقولون : مهلا ، عن أمير المؤمنين ، وفشا النهي وقام الأشتر ، فلا أدري يومئذ أم يوم آخر ، فقال : لعله قد مكر به وبكم ، قال : فوطئه الناس حتى ألقي كذا وكذا . ثم إنه أشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكرهم ، فلم تأخذ فيهم الموعظة ، وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعونها ، فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم الموعظة . ثم فتح الباب ووضع المصحف بين يديه ، قال : فحدثنا الحسن ، أن محمد بن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته ، فقال له عثمان : لقد أخذت مني مأخذا ، أو قعدت مني مقعدا ما كان أبو بكر ليأخذه ، أو ليقعده ، قال : فخرج وتركه . قال : وفي حديث أبي سعيد : فدخل عليه رجل ، فقال : بيني وبينك كتاب الله ، فخرج وتركه ، ودخل عليه رجل يقال له الموت الأسود فخنقه وخنقه ، ثم خرج ، فقال : والله ما رأيت شيئا قط هو ألين من حلقه ، والله لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل نفس الجان تردد في جسده . ثم دخل عليه آخر ، فقال : بيني وبينك كتاب الله والمصحف بين يديه فأهوى إليه بالسيف فاتقاه بيده فقطعها فلا أدري أبانها ، أو قطعها فلم يبنها ، فقال : أما والله ، إنها لأول كف قط خطت المفصل . وحدثت في غير حديث أبي سعيد : فدخل عليه التجوبي فأشعره بمشقص ، فانتضح الدم على هذه الآية : {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} وإنها في المصحف ما حكت . وأخذت بنت الفرافصة في حديث أبي سعيد حليها فوضعته في حجرها ، وذلك قبل أن يقتل ، فلما أشعر ، أو قتل تجافت ، أو تفاجت عليه ، فقال بعضهم : قاتلها الله ، ما أعظم عجيزتها ، فعرفت أن أعداء الله لم يريدوا إلا الدنيا.