الموسوعة الحديثية


- إنَّ اللهَ لمَّا فرغ من خلقِ السَّمواتِ والأرضِ خلق الصُّورَ فأعطاه إسرافيلَ فهو واضعُه على فيه شاخصًا بصرُه إلى العرشِ ينتظِرُ متَى يُؤمَرُ قلتُ يا رسولَ اللهِ وما الصُّورُ قال القرْنُ قلتُ كيف هو قال عظيمٌ والَّذي بعثني بالحقِّ إنَّ عِظَمَ دارةٍ فيه كعرضِ السَّمواتِ والأرضِ يُنفَخُ فيه ثلاثَ نفَخاتٍ النَّفخةُ الأولَى نفخةُ الفزعِ والثَّانيةُ نفخةُ الصَّعقِ والثَّالثةُ نفخةُ القيامِ لربِّ العالمين يأمرُ اللهُ إسرافيلَ بالنَّفخةِ الأولَى فيقولُ انفُخْ فينفُخَ نفخةَ الفزعِ فيفزَعُ أهلُ السَّمواتِ والأرضِ إلَّا من شاء اللهُ ويأمرُه فيُديمُها ويُطيلُها ولا يفتُرُ وهي كقولِ اللهِ وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ فيُسيِّرُ اللهُ الجبالَ فتمُرُّ مرَّ السَّحابِ فتكونُ سرابًا ثمَّ ترتَجُّ الأرضُ بأهلِها رجَّةً فتكونُ كالسَّفينةِ المَرْميَّةِ في البحرِ تضرِبُها الأمواجُ تُكفَأُ بأهلِها كالقِنديلِ المُعلَّقِ بالعرشِ تُرَجرِجُه الرِّياحُ وهي الَّتي يقولُ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ فيَميدُ النَّاسُ على ظهرِها وتذهَلُ المراضعُ وتضعُ الحواملُ وتشيبُ الوِلدانُ وتطيرُ الشَّياطينُ هاربةً من الفزعِ حتَّى تأتيَ الأقطارَ فتأتيها الملائكةُ فتضربُ وجوهَها فترجعُ ويُولِّي النَّاسُ مدبرين ما لهم من أمرِ اللهِ من عاصمٍ يُنادي بعضُهم بعضًا وهو الَّذي يقولُ اللهُ تعالَى يومَ التَّنادِ فبينما هم على ذلك إذ انصدعت الأرضُ من قُطرٍ إلى قُطرٍ فرأَوْا أمرًا عظيمًا لم يرَوْا مثلَه وأخذهم لذلك من الكربِ والهوْلِ ما اللهُ به عليمٌ ثمَّ نظروا إلى السَّماءِ فإذا هي كالمُهلِ ثمَّ انشقَّت فانتثرت نجومُها وانخسفت شمسُها وقمرُها قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأمواتُ لا يعلمون بشيءٍ من ذلك قال أبو هريرةَ يا رسولَ اللهِ من استثنَى اللهُ عزَّ وجلَّ حين يقولُ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ قال أولئك الشُّهداءُ وإنَّما يصِلُ الفزعُ إلى الأحياءِ وهم أحياءٌ عند اللهِ يُرزَقون وقاهم اللهُ فزَع ذلك اليومِ وآمنهم منه وهو عذابُ اللهِ يبعثُه على شِرارِ خلقِه قال وهو الَّذي يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ فيكونون في ذلك العذابِ ما شاء اللهُ إلَّا أنَّه يطولُ ثمَّ يأمرُ اللهُ إسرافيلَ بنَفخةِ الصَّعقِ فينفُخُ نفخةَ الصَّعقِ فيُصعَقُ أهلُ السَّمواتِ والأرضِ إلَّا من شاء اللهُ فإذا هم قد خمِدوا وجاء ملَكُ الموْتِ إلى الجبَّارِ عزَّ وجلَّ فيقولُ يا ربِّ قد مات أهلُ السَّمواتِ والأرضِ إلَّا من شئتَ فيقولُ اللهُ وهو أعلمُ بمن بقي فمن بقي فيقولُ يا ربِّ بقيتَ أنت الحيُّ الَّذي لا تموتُ وبَقِيتْ حمَلةُ العرشِ وبقي جبريلُ وميكائيلُ وبقيتُ أنا فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ ليمُتْ جبريلُ وميكائيلُ فيُنطِقُ اللهُ العرشَ فيقولُ يا ربِّ يموتُ جبريلُ وميكائيلُ فيقولُ اسكُتْ فإنِّي كتبتُ الموتَ على كلِّ من كان تحت عرشي فيموتان ثمَّ يأتي ملَكُ الموْتِ إلى الجبَّارِ فيقولُ يا ربِّ قد مات جبريلُ وميكائيلُ فيقولُ اللهُ وهو أعلمُ بمن بقي فمن بقي فيقولُ بَقيتَ أنت الحيُّ الَّذي لا تموتُ وبَقِيتْ حمَلةُ عرشِك وبقيتُ أنا فيقولُ اللهُ ليمُتْ حمَلةُ عرشي فيموتوا ويأمرُ اللهُ العرشَ فيقبِضُ الصُّورَ من إسرافيلَ ثمَّ يأتي ملَكُ الموتِ فيقولُ يا ربِّ قد مات حمَلةُ عرشِك فيقولُ اللهُ وهو أعلمُ بمن بقي فمن بقي فيقولُ يا ربِّ بَقيتَ أنت الحيُّ الَّذي لا تموتُ وبقيتُ أنا فيقولُ اللهُ أنت خلقٌ من خلقي خلقتُك لما رأيتَ فمُتْ فيموتُ فإذا لم يبْقَ إلَّا اللهُ الواحدُ القهَّارُ الأحدُ الَّذي لم يلِدْ ولم يُولَدْ كان آخرًا كما كان أوَّلًا طوَى السَّمواتِ والأرضَ طيَّ السِّجلِّ للكُتبِ ثمَّ دحاهما ثمَّ يلقفُهما ثلاثَ مرَّاتٍ ثمَّ يقولُ أنا الجبَّارُ أنا الجبَّارُ أنا الجبَّارُ ثلاثًا ثمَّ هتف بصوتِه لمن المُلكُ اليومَ ثلاثَ مرَّاتٍ فلا يُجيبُه أحدٌ ثمَّ يقولُ لنفسِه للهِ الواحدِ القهَّارِ يقولُ اللهُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ فيبسطُهما ويُسطِّحُهما ثمَّ يمُدُّهما مدَّ الأديمِ العُكاظيِّ لا ترَى فيها عِوجًا ولا أمْتًا ثمَّ يزجُرُ اللهُ الخلْقَ زجْرةً فإذا هم في هذه الأرضِ المُبدَّلةِ مثلُ ما كانوا فيها من الأولَى من كان في بطنِها كان في بطنِها ومن كان على ظهرِها ثمَّ يُنزِلُ اللهُ عليهم ماءً من تحت العرشِ ثمَّ يأمرُ اللهُ السَّماءَ أن تُمطِرَ فتُمطِرَ أربعين يومًا حتَّى يكونَ الماءُ فوقهم اثنَيْ عشرَ ذراعًا ثمَّ يأمرُ اللهُ الأجسادَ أن تنبُتَ فتنبُتَ كنباتِ الطَّراثيثِ أو كنباتِ البَقلِ حتَّى إذا تكاملت أجسادُهم فكانت كما كانت قال اللهُ عزَّ وجلَّ ليحيا حمَلةُ عرشي فيحيَوْن ويأمرُ اللهُ إسرافيلَ فيأخُذُ الصُّورَ فيضعُه على فيه ثمَّ يقولُ ليحيا جبريلُ وميكائيلُ فيحييان ثمَّ يدعو اللهُ الأرواحَ فيُؤتَى بها تتوهَّجُ أرواحُ المسلمين نورًا وأرواحُ الكافرين ظُلمةً فيقبِضُها جميعًا ثمَّ يُلقيها في الصُّورِ ثمَّ يأمرُ اللهُ إسرافيلَ أن ينفُخَ نَفخةَ البعْثِ فينفُخَ نَفخةَ البعثِ فتخرُجُ الأرواحُ كأنَّها النَّحلُ قد ملأت ما بين السَّماءِ والأرضِ فيقولُ وعزَّتي وجلالي ليرجِعنَّ كلُّ روحٍ إلى جسدِه فتدخُلُ الأرواحُ في الأرضِ إلى أجسادٍ فتدخُلُ في الخياشيمِ ثمَّ تمشي في الأجسادِ كما يمشي السُّمُّ في اللَّديغِ ثمَّ تنشَقُّ الأرضُ عنكم وأنا أوَّلُ من تنشقُّ الأرضُ عنه فتخرجون سِراعًا إلى ربِّكم تنسِلون مُهطعين إلى الدَّاعِ يقولُ الكافرون هذا يومٌ عسِرٌ حُفاةً عُراةً غُرلًا فتقفون موقفًا واحدًا مقدارُه سبعون عامًا لا يُنظَرُ إليكم ولا يُقضَى بينكم فتبكون حتَّى تنقطِعَ الدُّموعُ ثمَّ تدمعون دمًا وتعرقون حتَّى يُلجِمَكم العرَقُ أو يبلُغَ الأذقانَ وتقولون من يشفعُ لنا إلى ربِّنا فيقضي بيننا فتقولون من أحقُّ بذلك من أبيكم آدمَ خلقه اللهُ بيدِه ونفخ فيه من روحِه وكلَّمه قبلًا فيأتون آدمَ فيطلبون ذلك إليه فيأبَى ويقولُ ما أنا بصاحبِ ذلك فيستقرئون الأنبياءَ نبيًّا نبيًّا كلَّما جاءوا نبيًّا أبَى عليهم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى يأتوني فأنطلِقُ إلى الفَحْصِ فأخِرُّ ساجدًا قال أبو هريرةَ يا رسولَ اللهِ وما الفَحْصُ قال قُدَّامَ العرشِ حتَّى يبعثَ اللهُ إليَّ ملَكًا فيأخُذُ بعضُدي فيرفعُني فيقولُ لي يا محمَّدُ فأقولَ نعم يا ربِّ فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ ما شأنُك وهو أعلمُ فأقولُ يا ربِّ وعدتَني الشَّفاعةَ فشفِّعْني في خلقِك فاقضِ بينهم قال قد شفَّعتُك أنا آتيكم أقضي بينكم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأرجِعُ فأقِفُ مع النَّاسِ فبينما نحن وقوفٌ إذ سمِعنا حسًّا من السَّماءِ شديدًا فهالنا فنزل أهلُ السَّماءِ الدُّنيا بمثلَيْ من في الأرضِ من الجنِّ والإنسِ حتَّى إذا دنَوْا من الأرضِ أشرقت الأرضُ بنورِهم وأخذوا مصافَّهم وقلنا لهم أفيكم ربُّنا قالوا لا وهو آتٍ ثمَّ ينزِلُ أهلُ السَّماءِ الثَّانيةِ بمثلَيْ من نزل من الملائكةِ وبمثلَيْ من فيها من الجنِّ والإنس حتَّى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافِّهم وقلنا لهم أفيكم ربُّنا فيقولون لا وهو آتٍ ثمَّ ينزٍلون على قدرِ ذلك من التَّضعيفِ حتَّى ينزِلَ الجبَّارُ عزَّ وجلَّ في ظُلَلٍ من الغَمامِ والملائكةِ ويحملُ عرشَه يومئذٍ ثمانيةٌ وهم اليومَ أربعةٌ أقدامُهم في تُخومِ الأرضِ السُّفلَى والأرضِ والسَّمواتِ إلى حُجزتِهم والعرشُ على مناكبِهم لهم زجَلٌ في تسبيحِهم يقولون سبحان ذي العرشِ والجبروتِ سبحان ذي المُلكِ والملكوتِ سبحان الحيِّ الَّذي لا يموتُ سبحان الَّذي يُميتُ الخلائقَ ولا يموتُ فيضعُ اللهُ كرسيَّه حيث يشاءُ من أرضِه ثمَّ يهتِفُ بصوتِه يا معشرَ الجنِّ والإنسِ إنِّي قد أنصتُّ لكم منذ خلقتُكم إلى يومِكم هذا أسمَعُ قولَكم وأُبصِرُ أعمالَكم فأنصِتوا إليَّ فإنَّما هي أعمالُكم وصُحُفُكم تُقرَأُ عليكم فمن وجد خيرًا فليحمَدِ اللهَ ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومنَّ إلَّا نفسَه ثمَّ يأمرُ اللهُ جهنَّمَ فيخرُجُ منها عنقٌ ساطعٌ ثمَّ يقولُ ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشَّيطان إنَّه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون هذه جهنَّم التي كنتم توعدون - أو بها تكذبون، شكَّ أبو عاصمٍ- وامتازوا اليوم أيُّها المجرمون فيُميِّزُ اللهُ النَّاسَ وتجثو الأممُ يقولُ اللهُ تعالَى وترى كلّ أمة جاثية كلّ أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون فيقضي اللهُ عزَّ وجلَّ بين خلقِه إلَّا الثَّقلَيْن الجنِّ والإنسِ فيقضي بين الوحشِ والبهائمِ حتَّى إنَّه ليُقضَى للجمَّاءِ من ذاتِ القرْنِ فإذا فرغ من ذلك فلم تبْقَ تبِعةٌ عند واحدةٍ لأخرَى قال اللهُ كوني ترابًا فعند ذلك يقولُ الكافرُ يا ليتني كنتُ ترابًا ثمَّ يُقضَى بين العبادِ فكان أوَّلُ ما يُقضَى فيه الدِّماءُ ويأتي كلُّ قتيلٍ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ ويأمرُ اللهُ كلَّ قتيلٍ فيحمِلُ رأسَه تشخُبُ أوداجُه يقولُ يا ربِّ فيم قتلني هذا فيقولُ وهو أعلمُ فيم قتلتهم فيقولُ قتلتهم لتكونَ العزَّةُ لك فيقولُ اللهُ له صدقتَ فيجعلُ اللهُ وجهَه مثلَ نورِ الشَّمسِ ثمَّ تمُرُّ به الملائكةُ إلى الجنَّةِ ويأتي كلُّ من قُتِل غيرَ ذلك يحمِلُ رأسَه تشخُبُ أوداجُه فيقولُ يا ربِّ قتلني هذا فيقولُ وهو أعلمُ لم قتلتَهم فيقولُ يا ربِّ قتلتهم لتكونَ العزَّةُ لك ولي فيقولُ تعِستَ ثمَّ لا تبقَى نفسٌ قتلها إلَّا قُتِل بها ولا مَظلمةً ظلمها إلَّا أُخِذ بها وكان في مشيئةِ اللهِ إن شاء عذَّبه وإن شاء رحِمه ثمَّ يقضي اللهُ تعالَى بين من بقي من خلقِه حتَّى لا تبقَى مَظلمةٌ لأحدٍ عند أحدٍ إلَّا أخذها للمظلومِ من الظَّالمِ حتَّى إنَّه ليُكلِّفُ شائبَ اللَّبنِ بالماءِ ثمَّ يبيعُه إلى أن يُخلِّصَ اللَّبنَ من الماءِ فإذا فرغ اللهُ من ذلك نادَى منادٍ يسمَعُ الخلائقُ كلُّهم ألا ليلحَقْ كلُّ قومٍ بآلهتِهم وما كانوا يعبُدون من دونِ اللهِ فلا يبقَى أحدٌ عبد من دونِ اللهِ إلَّا مُثِّلت له آلهتُه بين يدَيْه ويجعَلُ يومئذٍ ملَكٌ من الملائكةِ على صورةِ عزيرٍ ويجعَلُ ملَكٌ من الملائكةِ على صورةِ عيسَى بنِ مريمَ ثمَّ يتبَعُ هذا اليهودَ وهذا النَّصارَى ثمَّ قادتهم آلهتُهم إلى النَّارِ وهو الَّذي يقولُ لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون فإذا لم يبقَ إلَّا المؤمنون فيهم المنافقون جاءهم اللهُ فيما شاء من هيئتِه فقال يا أيُّها النَّاسُ ذهب النَّاسُ فالحَقوا بآلهتِكم وما كنتم تعبدون فيقولون اللهُ ما لنا إلهٌ إلَّا اللهُ وما كنَّا نعبدُ غيرَه فينصرِفُ عنهم وهو اللهُ الَّذي يأتيهم فيمكثُ ما شاء اللهُ أن يمكُثَ ثمَّ يأتيهم فيقولُ يا أيُّها النَّاسُ ذهب النَّاسُ فالحقوا بآلهتِكم وما كنتم تعبدون فيقولون واللهِ ما لنا إلهٌ إلَّا اللهُ وما كنَّا نعبدُ غيرَه فيكشِفُ لهم عن ساقِه ويتجلَّى لهم من عظمتِه ما يعرِفون أنَّه ربُّهم فيخِرُّون سُجَّدًا على وجوهِهم ويخِرُّ كلُّ منافقٍ على قفاه ويجعلُ اللهُ أصلابَهم كصياصي البقرِ ثمَّ يأذنُ الله لهم فيرفعون ويضرِبُ اللهُ الصِّراطَ بين ظهراني جهنَّمَ كحدِّ الشَّفرةِ أو كحَدِّ السَّيفِ عليه كلاليبُ وخطاطيفُ وحسَكٌ كحسَكِ السِّعدانِ دونه جِسرٌ دحْضُ مزِلَّةٍ فيمُرُّون كطرفِ العينِ أو كلمْحِ البرقِ أو كمرِّ الرِّيحِ أو كجيادِ الخيلِ أو كجيادِ الرِّكابِ أو كجيادِ الرِّجالِ فناجٍ سالمٌ وناجٍ مخدوشٌ ومُكَرْدَسٌ على وجهِه في جهنَّمَ فإذا أفضَى أهلُ الجنَّةِ إلى الجنَّةِ قالوا من يشفَعُ لنا إلى ربِّنا فندخلُ الجنَّةَ فيقولون من أحقُّ بذلك من أبيكم آدمَ عليه السَّلامُ خلقه اللهُ بيدِه ونفخ فيه من روحِه وكلَّمه قبلًا فيأتون آدمَ فيطلبون ذلك إليه فيذكُرُ ذنبًا ويقولُ ما أنا بصاحبِ ذلك ولكن عليكم بنوحٍ فإنَّه أوَّلُ رسلِ اللهِ فيُؤتَى نوحٌ فيُطلَبُ ذلك إليه فيذكُرُ ذنبًا ويقولُ ما أنا بصاحبِ ذلك ويقولُ عليكم بإبراهيمِ فإنَّ اللهَ اتَّخذه خليلًا فيُؤتَى إبراهيمُ فيُطلَبُ ذلك إليه فيذكُرُ ذنبًا ويقولُ ما أنا بصاحبِ ذلك ويقولُ عليكم بموسَى فإنَّ اللهَ قرَّبه نجِيًّا وكلَّمه وأنزل عليه التَّوراةَ فيُؤتَى موسَى فيُطلَبُ ذلك إليه فيذكُرُ ذنبًا ويقولُ لستُ بصاحبِ ذلك ولكن عليكم بروحِ اللهِ وكلمتِه عيسَى بنِ مريمَ فيُؤتَى عيسَى بنُ مريمَ فيُطلَبُ ذلك إليه فيقولُ ما أنا بصاحبِكم ولكن عليكم بمحمَّدٍ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيأتوني ولي عند ربِّي ثلاثَ شفاعاتٍ فأنطلِقُ فآتي الجنَّةَ فآخُذُ بحلقةِ البابِ فأستفتِحُ فيُفتَحُ لي فأُحيَّى ويُرحَّبُ بي فإذا دخلتُ الجنَّةَ فنظرتُ إلى ربِّي خررتُ ساجدًا فيأذنُ اللهُ لي من حمدِه وتمجيدِه بشيءٍ ما أذِن به لأحدٍ من خلقِه ثمَّ يقولُ ارفَعْ رأسَك يا محمَّدُ واشفَعْ تُشفَّعْ وسَلْ تُعطَه فإذا رفعتُ رأسي يقولُ اللهُ وهو أعلمُ ما شأنُك فأقولُ يا ربِّ وعدتَني الشَّفاعةَ فشفِّعْني في أهلِ الجنَّةِ فيدخلون الجنَّةَ فيقولُ اللهُ قد شفَّعتُك وقد أذِنتُ لهم في دخولِ الجنَّة وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ والَّذي نفسي بيدِه ما أنتم في الدُّنيا بأعرفَ بأزواجِكم ومساكنِكم من أهلِ الجنَّةِ بأزواجِهم ومساكنِهم فيدخُلُ كلُّ رجلٍ منهم على اثنتَيْن وسبعين زوجةً سبعين ممَّا يُنشئُ اللهُ عزَّ وجلَّ وثنتَيْن آدميَّتَيْن من ولدِ آدمَ لهما فضلٌ على من أنشأ اللهُ لعبادتِهما اللهُ في الدُّنيا فيدخلُ على الأولَى في غُرفةٍ من ياقوتةٍ على سريرٍ من ذهبٍ مُكلَّلٍ باللُّؤلؤِ عليها سبعون زوجًا من سندُسٍ وإستبرَقٍ ثمَّ إنَّه يضَعُ يدَه بين كتِفَيْها ثمَّ ينظرُ إلى يدِه من صدرِها ومن وراءِ ثيابِها وجلدِها ولحمِها وإنَّه لينظُرُ إلى مُخِّ ساقِها كما ينظرُ أحدُكم إلى السِّلكِ في قصبةِ الياقوتِ كبدُها له مرآةٌ وكبدُه لها مرآةٌ فبينا هو عندها لا يمَلُّها ولا تمَلُّه ما يأتيها من مرَّةٍ إلَّا وجدها عذراءَ ما يفتُرُ ذكَرُه وما تشتكي قُبُلَها فبينا هو كذلك إذ نُودي إنَّا قد عرفنا أنَّك لا تمَلُّ ولا تُمَلُّ إلَّا أنَّه لا منيَّ ولا منيَّةَ إلَّا أنَّ لك أزواجًا غيرَها فيخرجُ فيأتيهنَّ واحدةً واحدةً كلَّما أتَى واحدةً قالت واللهِ ما أرَى في الجنَّةِ شيئًا أحسنَ منك ولا في الجنَّةِ شيءٌ أحبَّ إلى منك وإذا وقع أهلُ النَّارِ في النَّارِ وقع فيها خلقٌ من خلقِ ربِّك أوبقتهم أعمالُهم فمنهم من تأخذُ النَّارُ قدمَيْه لا تجاوزُ ذلك ومنهم من تأخُذُه إلى أنصافِ ساقَيْه ومنهم من تأخذُه إلى رُكبتَيْه ومنهم من تأخُذُه إلى حَقوَيْه ومنهم من تأخُذُه جسدَه كلَّه إلَّا وجهَه حرَّم اللهُ صورتَه عليها قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأقولُ يا ربِّ من وقع في النَّارِ من أمَّتي فيقولُ أخرِجوا من عرفتهم فيخرُجُ أولئك حتَّى لا يبقَى منهم أحدٌ ثمَّ يأذنُ اللهُ في الشَّفاعةِ فلا يبقَى نبيٌّ ولا شهيدٌ إلَّا شُفِّع فيقولُ اللهُ أخرِجوا من وجدتم في قلبِه زِنةَ الدِّينارِ إيمانًا فيخرُجُ أولئك حتَّى لا يبقَى منهم أحدٌ ثمَّ يشفعُ اللهُ فيقولُ أخرِجوا من في قلبِه إيمانًا ثلثي دينارٍ ثمَّ يقولُ ثلثَ دينارٍ ثمَّ يقولُ ربعَ دينارٍ ثمَّ يقولُ قيراطًا ثمَّ يقولُ حبَّةَ من خردَلٍ فيخرُجُ أولئك حتَّى لا يبقَى منهم أحدٌ وحتَّى لا يبقَى في النَّارِ من عمِل للهِ خيرًا قطُّ ولا يبقَى أحدٌ له شفاعةٌ إلَّا شُفِّع حتَّى إنَّ إبليسَ ليتطاولُ ممَّا يرَى من رحمةِ اللهِ رجاءَ أن يشفَعَ له ثمَّ يقولُ بقيتُ وأنا أرحمُ الرَّاحمين فيُدخِلُ يدَه في جهنَّمَ فيُخرِجُ منها ما لا يُحصيه غيرُه كأنَّهم حِمَمٌ فيُلقَوْن على نهرٍ يُقالُ له نهرُ الحيوانِ فينبُتون كما تنبُتُ الحبَّةُ في حميلِ السَّيلِ ما يلقَى الشَّمسَ منها أُخَيْضرٌ وما يلي الظِّلَّ منها أُصَيْفرٌ فينبُتون كنباتِ الطَّراثيثِ حتَّى يكونوا أمثالَ الذَّرِّ مكتوبٌ في رقابِهم الجهنَّميُّون عُتَقاءُ الرَّحمنِ يعرِفُهم أهلُ الجنَّةِ بذلك الكتابِ ما عمِلوا خيرًا للهِ قطُّ فيمكثون في الجنَّةِ ما شاء اللهُ وذلك الكتابُ في رقابِهم ثمَّ يقولون ربَّنا امْحُ عنَّا هذا الكتابَ فيمحوه اللهُ عزَّ وجلَّ عنهم
خلاصة حكم المحدث : غريب جدا
الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن كثير | المصدر : تفسير القرآن العظيم الصفحة أو الرقم : 3/276
التخريج : أخرجه إسحق بن راهويه في ((المسند)) (10)، وابن أبي الدنيا في ((الأهوال)) (55)، وابن أبي حاتم في ((التفسير)) (18909) مطولاً باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة النازعات قيامة - البعث والنشور وصفة الأرض قيامة - الشفاعة قيامة - أهوال يوم القيامة قيامة - النفخ في الصور
|أصول الحديث

أصول الحديث:


مسند إسحاق بن راهويه (1/ 84)
10 - أخبرنا عبدة بن سليمان الرواسي، نا إسماعيل بن رافع المدني، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، قال: نا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طائفة من أصحابه قال: إن الله لما خلق السموات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخص بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر، قال: أبو هريرة: فقلت: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: القرن، قلت: وكيف هو: قال: عظيم، والذي نفسي بيده، إن عظم دارة فيه لكعرض السموات والأرض، يأمر الله إسرافيل أن ينفخ ثلاث نفخات، الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعوق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله إسرافيل فيقول له: انفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السموات وأهل الأرض، إلا من شاء الله، فيأمره فيديمها ويطولها فلا يفتر، وهي التي يقول الله عز وجل: وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ، فيسير الله الجبال فتمر مر السحاب، ثم تكون ترابا وترتج الأرض بأهلها رجا، وهي التي يقول الله عز وجل: { يوم ترجف الراجفة، تتبعها الرادفة، قلوب يومئذ واجفة } [[النازعات: 7]] ، فتكون الأرض كالسفينة الموثقة في البحر، تضربها الأمواج تكفأ بأهلها، أو كالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الأرواح، فتميد الناس على ظهرها فتذهل المراضع، وتضع الحوامل، وتشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار، فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها، فيرجع ويولي الناس مدبرين، ينادي بعضهم بعضا، وهي التي يقول الله عز وجل: {يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم، ومن يضلل الله فما له من هاد "} [[غافر: 32]] ، فبينما هم على ذلك إذ انصدعت الأرض فانصدعت من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما فأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم، ثم تكون السماء كالمهل، ثم انشقت من قطر إلى قطر، ثم انخسفت شمسها وقمرها وانتثرت نجومها، ثم كشطت السماء عنهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والأموات لا يعلمون بشيء من ذلك. قال: أبو هريرة: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن استثنى الله حين يقول: {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} ، فقال: أولئك الشهداء وهم أحياء عند ربهم، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء، فوقاهم الله فزع ذلك اليوم، وأمنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه، وهي التي يقول الله: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} [[الحج: 1]] ، قال: فيمكثون في ذلك البلاء ما شاء الله، إلا أنه يطول ذلك، ثم يأمر الله إسرافيل بنفخة الصعق فيصعق أهل السموات وأهل الأرض إلا من شاء الله، فإذا هم خمدوا خمودا، فجاء ملك الموت إلى الجبار، فيقول: يا رب، قد مات أهل السموات وأهل الأرض إلا من شئت، فيقول الله له وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: يا رب، أنت الحي لا تموت وبقي حملة عرشك وجبريل وميكائيل وأنا، فيقول الله: ليمت جبريل وميكائيل، قال: فيتكلم العرش فيقول: يا رب، أتميت جبريل وميكائيل؟ ‍‍فيقول الله له: اسكت فإني كتبت على من كان تحت عرشي الموت، فيموتان ويأتي ملك الموت إلى الجبار، فيقول: يا رب، قد مات جبريل وميكائيل، فيقول الله له وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي لا تموت وبقي حملة عرشك وأنا، فيقول الله: ليمت حملة عرشي، فيموتون، فيقول الله له وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول بقيت أنت الحي لا تموت وبقيت أنا، فيقول الله له: أنت خلق من خلقي، خلقتك لما قد رأيت فمت، فيموت، فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار الصمد الذي ليس بوالد ولا ولد كان آخرا كما كان أولا، قال: خلود لا موت على أهل الجنة ولا موت على أهل النار، قال: ثم يقول الله عز وجل: لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد، ثم يقول لنفسه: لله الواحد القهار، ثم يطوي الله السموات والأرض كطي السجل للكتاب، ثم يبدل الله السماء والأرض غير الأرض، ثم دحا بها، ثم يلففها، ثم قال: أنا الجبار، ثم يبدل السماء والأرض غير الأرض، ثم دحاهما، ثم يلففهما فقال ثلاثا: أنا الجبار، ألا من كان لي شريكا فليأت، ألا من كان لي شريكا فليأت، فلا يأتيه أحد، فيبسطها ويسطحها ويمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة، فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم الأولى، من كان في بطنها كان في بطنها، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها، ثم ينزل الله عليهم ماء من تحت العرش فتمطر السماء عليهم أربعين يوما، فينبتون كنبات الطراثيث وكنبات البقل، حتى إذا تكاملت أجسادهم فكانت كما كانت، قال الله عز وجل: ليحي حملة العرش فيحيون، ثم يقول: ليحي جبريل وميكائيل فيحييان، ثم يأمر الله إسرافيل فيقول له: انفخ نفخة البعث، وينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض، فيقول الجبار: وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده، فتدخل الأرواح في الأرض على الأجساد، ثم تمشي في الخياشيم كمشي السم في اللديغ، ثم تنشق عنهم الأرض، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، فتخرجون سراعا إلى ربكم تنسلون، كلكم على سن ثلاثين، واللسان يومئذ سريانية، { مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر } [[القمر: 8]] ، ذلك يوم الخروج، يوقفون في موقف واحد مقدار سبعين عاما، حفاة عراة غلفا غرلا، لا ينظر إليكم ولا يقضي بينكم، فيبكي الخلائق حتى ينقطع الدمع ويدمعون دما، ويغرقون حتى يبلغ ذلك منهم الأذقان ويلجمهم، ثم يضجون فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا ليقضي بيننا؟، فيقولون: ومن أحق بذلك من أبيكم آدم، خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا، فيؤتى آدم فيطلب ذلك إليه فيأبى فيستقرون الأنبياء نبيا نبيا، كلما جاءوا نبيا أبى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى يأتوني فإذا جاءوني انطلقت حتى آتي الفحص فأخر قدام العرش ساجدا، فيبعث الله إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني، قال: أبو هريرة: فقلت: يا رسول الله، وما الفحص؟ فقال: قدام العرش، قال: يقول الله: ما شأنك يا محمد؟ وهو أعلم فأقول: يا رب، وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم، قال: فيقول الله أنا آتيكم فأقضي بينكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأجيء فأرجع فأقف مع الناس فبينما نحن وقوفا إذ سمعنا حسا من السماء شديدا فهالنا، فنزل أهل السماء الدنيا بمثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض لنورهم فأخذوا مصافهم، فقلنا: أفيكم ربنا؟ فقالوا: لا وهو آت، ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة وبمثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض اشرقت الأرض لنورهم، وأخذوا مصافهم، فقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ فقالوا: لا وهو آت، ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة وبمثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض لنورهم وأخذوا مصافهم، فقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ فقالوا: لا وهو آت، ثم ينزل أهل السموات سماء سماء على قدر ذلك من التضعيف حتى ينزل الجبار في ظلل من الغمام والملائكة تحمل عرشه ثمانية، وهم اليوم أربعة، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى، والأرضون والسموات على حجزهم والعرش على مناكبهم، لهم زجل من التسبيح، وتسبيحهم أن يقولوا: سبحانك ذي الملك ذي الملكوت، سبحان رب العرش ذي الجبروت، سبحان رب الملائكة والروح، قدوس قدوس، سبحان ربنا الأعلى، سبحان رب الملكوت والجبروت والكبرياء والسلطان والعظمة، سبحانه أبد الأبد، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، ثم يضع الله عرشه حيث يشاء من الأرض فيقول: وعزتي وجلالي لا يجاوزني أحد اليوم بظلم، ثم ينادي نداء يسمع الخلق كلهم، فيقول: إني أنصت لكم منذ خلقتكم، أبصر أعمالكم وأسمع قولكم، فأنصتوا إلي فإنما هي صحفكم وأعمالكم تقرأ عليكم فمن وجد اليوم خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ثم يأمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم، فيقول: {امتازوا اليوم أيها المجرمون، ألم أعهد إليكم} [[يس: 59]] إلى قوله: {ولقد أضل منكم جبلا كثيرا، أفلم تكونوا تعقلون} [[يس: 62]] ، قال: فيقضي الله بين خلقه إلا الثقلين الجن والإنس يقيد بعضهم من بعض، حتى إنه ليقيد الجماء من ذات القرن، فإذا لم تبق تبعة لواحدة عند أخرى قال الله عز وجل لها: كوني ترابا فعند ذلك: { يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا } [[النبأ: 40]] ، ثم يقضي الله بين الثقلين الجن والإنس، فيكون أول ما يقضي فيه الدماء، فيؤتى بالذي كان يقتل في الدنيا على أمر الله وكتابه ويؤتى بالذي قتل كلهم يحمل رأسه تشخب أوداجه دما، فيقولون: ربنا قتلني هذا، فيقول الله له وهو أعلم: لم قتلت هذا؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك، فيقول الله له: صدقت، فيجعل الله لوجهه مثل نور الشمس وتشيعه الملائكة إلى الجنة، ويؤتى بالذي كان يقتل في الدنيا على غير طاعة الله وأمره تعززا في الدنيا، ويؤتى بالذي قتل، كلهم يحمل رأسه تشخب أوداجه دما، فيقول: يا ربنا قتلت هذا، فيقول الله له وهو أعلم: لم قتلت هذا وهو أعلم فيقول: قتلته لتكون العزة لي، فيقول الله له: تعست تعست تعست، فيسود الله وجهه وتزرق عيناه فلا تبقى نفس قتلها إلا قتل بها، ثم يقضي الله بين من بقي من خلقه حتى إنه ليكلف يومئذ شائب اللبن بالماء، ثم يبيعه أن يخلص الماء من اللبن حتى إذا لم يبق لأحد عند أحد تبعة نادى مناد فأسمع الخلق كلهم فقال: ألا لتلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله فلا يبقى أحد عبد دون الله شيئا إلا مثلت له آلهته بين يديه ويجعل ملك من الملائكة يومئذ على صورة عزير، فيتبعه اليهود، ويجعل ملك من الملائكة يومئذ على صورة عيسى عليه السلام فيتبعه النصارى، ثم تقودهم آلهتهم إلى النار، وهي التي يقول الله: { لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها } [[الأنبياء: 99]] قال: ثم يأتيهم الله فيما شاء من هيبة، فيقول: أيها الناس قد ذهب الناس الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون من دون الله، فيقولون: والله ما لنا من إله إلا الله، وما كنا نعبد غيره، قال: فينصرف عنهم وهو الله معهم ثم يأتيهم الله فيما شاء من هيبته، فيقول: أيها الناس قد ذهب الناس الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون من دون الله، فيقولون: والله ما لنا من إله إلا الله، وما كنا نعبد غيره، فينصرف عنهم وهو الله معهم، ثم يأتيهم الله فيما شاء من هيبته، فيقول: أيها الناس قد ذهب الناس الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون من دون الله، فيقولون: ما كنا نعبد غيره، فيقول: أنا ربكم فهل بينكم وبين ربكم من آية تعرفونها، قال: فيكشف عن ساق، فيتجلى لهم من عظمة الله ما يعرفون به أنه ربهم فيخرون سجدا، ويجعل الله أصلاب المنافقين كصياصي البقر، ويخرون على أقفيتهم، ثم يأذن الله لهم أن يرفعوا رءوسهم، ويضرب بالصراط بين ظهراني جهنم كحد الشعرة أو كحد السيف له كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان، دونه جسر دحيض مزلقة، فيمرون كطرف العين وكلمع البرق وكمر الريح وكأجاويد الخيل وكأجاويد الركاب وكأجاويد الرجال، فناج سالم، وناج مخدوش ومكدوس على وجهه، فيقع في جهنم خلق من خلق الله أوبقتهم أعمالهم فمنهم من تأخذ النار قدميه لا تجاوز ذلك، ومنهم من تأخذه إلى نصف ساقيه ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذ كل جسده إلا صورهم يحرمها الله عليها فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار، قالوا: من يشفع لنا إلى ربنا ليدخلنا الجنة، قال: فيقولون: ومن أحق بذلك من أبيكم آدم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا، فيؤتى آدم فيطلب ذلك إليه فيأبى ويقول: عليكم بنوح؛ فإنه أول رسل الله، فيؤتى نوح فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بإبراهيم فإن الله اتخذه خليلا، فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بموسى فإن الله قربه نجيا وأنزل عليه التوراة، فيؤتى موسى فيطلب ذلك إليه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى ابن مريم، فيؤتى عيسى فيطلب ذلك إليه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن سأدلكم، عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، قال: فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن، قال: فآتي الجنة فآخذ بحلقة الباب فأستفتح فيفتح لي فتحا، فأحيي ويرحب بي، فأدخل الجنة فإذا دخلتها نظرت إلى ربي على عرشه خررت ساجدا، فأسجد ما شاء الله أن أسجد فيأذن الله لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن لأحد من خلقه، ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد، واشفع تشفع واسأل تعطه، قال: فأقول: يا رب، من وقع في النار من أمتي، فيقول الله: اذهبوا فمن عرفت صورته فأخرجوه من النار، فيخرج أولئك حتى لا يبقى أحد، ثم يقول الله: اذهبوا فمن كان في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه من النار، ثم يقول: ثلثي دينار، ثم يقول: نصف دينار، ثم يقول: قيراط، ثم يقول: اذهبوا، من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، قال: فيخرجون فيدخلون الجنة قال: فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم بأعرف في الدنيا بمساكنكم وأزواجكم من أهل الجنة بمساكنهم وأزواجهم إذا دخلوا الجنة، قال: فيخرج أولئك، ثم يأذن الله في الشفاعة فلا يبقى نبي ولا شهيد ولا مؤمن إلا يشفع إلا اللعان فإنه لا يكتب شهيدا ولا يؤذن له في الشفاعة، ثم يقول الله: أنا أرحم الراحمين، فيخرج الله من جهنم ما لا يحصي عدده إلا هو، فيلقيهم على نهر يقال له الحيوان، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ما يلي الشمس منها أخيضر وما يلي الظل منها أصيفر، قال: فكانت العرب إذا سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأنك كنت في البادية، ثم ينبتون في جيفهم أمثال الذر مكتوب في أعناقهم الجهنميون عتقاء الرحمن، يعرفهم أهل الجنة بذلك الكتاب، فيمكثون ما شاء الله كذلك، ثم يقولون: يا ربنا امح عنا هذا الاسم، فيمحو الله عنهم ذلك

الأهوال لابن أبي الدنيا (ص: 39)
55 - دثنا إسحاق بن إسماعيل، دثنا إبراهيم بن عيينة، دثنا إسماعيل بن رافع أبو رافع الأنصاري، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل، من الأنصار، عن أبي هريرة قال: بينا طائفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده، إذ قال رسول الله: إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه، شاخص ببصره ينتظر متى يؤمر ، قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: هو قرن ، قلت: وكيف هو؟ قال: عظيم، قال: " والذي نفسي بيده، إن عظم دارة فيه لعرض السماء والأرض، ينفخ فيه ثلاث نفخات، فالنفخة الأولى للفزع، والنفخة الثانية نفخة الصعق، والنفخة الثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى، فيقول: انفخ نفخة الفزع، فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله فيأمره فيمدها ويطيلها , ولا يفتر , وهي التي يقول الله عز وجل: {وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق}[[ص: 15]] وتسير الجبال فتكون كالسحاب، ثم تكون سرابا، فترجف الأرض بأهلها، وهي التي يقول الله: {يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة} [[النازعات: 7]] فتكون الأرض كالسفينة الموبقة تضربها الأمواج في البحر، تكفأ بأهلها كالقنديل المعلق بالعرش، فترجف الأرض فتهيم الناس على وجهها، وتذهل المراضع، وتضع الحوامل، ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة فتلقاها الملائكة، تضرب وجوهها فترجع، ويولى الناس مدبرين، فينادي المنادي، وهي التي يقول الله: {يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم} [[غافر: 32]] ، فبينما هم على ذلك من الحال إذ نظروا إلى الأرض قد تصدعت من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما، فأخذهم لذلك من الكرب ما الله به عليم، فينظرون إلى السماء، فإذا هي كالمهل، خسف شمسها وقمرها، وانتثرت نجومها، ثم كشطت عنهم "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأموات لا يعلمون بشيء من ذلك قال أبو هريرة: فقلت: يا رسول الله، من استثنى الله حين يقول: {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} ؟ قال: " أولئك الشهداء، هم أحياء عند ربهم يرزقون، وقاهم الله شر ذلك اليوم، وأمنهم من عقابه، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء، وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه، ثم يقول لإسرافيل: انفخ نفخة الصعق، فينفخ نفخة الصعق، فيصعق أهل السماء والأرض إلا من شاء الله " قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله، فمن استثنى الله حين نفخ في الصور، فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله؟ قال: " جبريل وميكائيل وحملة العرش، وملك الموت، حتى إذا خمدوا جاء ملك الموت إلى الجبار فقال: يا رب: قد مات أهل الأرض وأهل السماء، فيقول الله وهو أعلم: من بقي؟ فيقول: بقيت أنت يا رب، الحي الذي لا يموت، وبقي جبريل وميكائيل وحملة العرش، وبقيت أنا، فيقول الله عز وجل: فليمت حملة العرش، فيموتون، ويأمر الله العرش فيقبض الصور، ثم يجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول: يا رب، قد مات حملة العرش، فيقول الله وهو أعلم: من بقي؟، فيقول: بقيت أنت يا رب، الحي الذي لا تموت، وبقي جبريل وميكائيل، وبقيت أنا، فيقول الله: فليمت جبريل وميكائيل، فيموتان، وينطق الله العرش فيقول: يا رب، تميت جبريل وميكائيل؟ فيقول الله له: اسكت، فإني كتبت الموت على من تحت عرشي، ثم يجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول: يا رب، مات جبريل وميكائيل، فيقول الله وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقيت أنا، فيقول الله: أنت خلق من خلقي، خلقتك لما قد ترى، مت ثم لا تحيا، قال: فإذا لم يبق إلا الله جل ثناؤه الواحد الأحد الصمد، كان آخرا كما كان أولا، طوى السماوات والأرض كطي السجل للكتاب، ثم دحاها، ثم تلقفهما، ثم قال: أنا الجبار، ثم ينادي: لمن الملك اليوم؟ ثم يرد على نفسه: لله الواحد القهار، يقول ذلك ثم ينادي: ألا من كان لي شريكا فليأت، فلا يأتيه أحد، قال ذلك ثلاثا "

تفسير ابن أبي حاتم (ت 327)
(10/ 3201) 18909- عن أبي هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول ، وعنده طائفة من أصحابه : إن الله تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور ، فأعطاه إسرافيل ، فهو واضعه على فيه ، شاخص بصره إلى السماء ، فينظر متى يؤمر ، فينفخ فيه ، قلت : يا رسول الله ، وما الصور ؟ قال : القرن ، قلت : فكيف هو ؟ قال : عظيم ، والذي بعثني بالحق أن عظم دارة فيه لعرض السماوات والأرض ، فينفخ فيه النفخة الأولى فيصعق من في السماوات ومن في الأرض ، ثم ينفخ فيه مرة أخرى فإذا هم قيام ينظرون لرب العالمين ، فيأمر الله إسرافيل عليه السلام في النفخة الأولى أن يمدها ويطولها فلا يفتر ، وهو الذي يقول الله : وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق فيسير الله الجبال فتكون سرابا ، وترتج الأرض بأهلها رجا فتكون كالسفينة الموسقة في البحر تضربها الرياح تنكفأ بأهلها ، كالقناديل المعلقة بالعرش تميلها الرياح ، وهي التي يقول الله : يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة فيميد الناس على ظهورها ، وتذهل المراضع ، وتضع الحوامل ، وتشيب الولدان ، وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة ، فتضرب وجوهها فترجع ، وتولى الناس به مدبرين ينادي بعضهم بعضا ، فبينما هم على ذلك إذ تصدعت الأرض ، كل صدع من قطر إلى قطر ، فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله ، وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم ، ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل ، ثم انشقت وانتثرت وخسف شمسها وقمرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والأموات لا يعلمون شيئا من ذلك ، فقلت : يا رسول الله ، فمن استثنى الله حين يقول : ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ؟ قال : أولئك الشهداء ، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء وهم أحياء عند ربهم يرزقون ، ووقاهم الله فزع ذلك اليوم ، وآمنهم منه ، وهو الذي يقول الله : يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم إلى قوله : ولكن عذاب الله شديد فينفخ الصور فيصعق أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شاء الله فإذا هم خمود ، ثم يجئ ملك الموت إلى الجبار ، فيقول : يا رب ، قد مات أهل السماوات وأهل الأرض إلا من شئت ، فيقول وهو أعلم : فمن بقي ؟ ، فيقول : يا رب ، بقيت أنت الحي الذي لا يموت ، وبقي حملة عرشك ، وبقي جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وبقيت أنا ، فيقول الله : ليمت جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ؟ ، وينطق الله العرش ، فيقول : يا رب ، تميت جبريل ، وميكائيل وإسرافيل ؟ فيقول الله له : اسكت ، فإني كتبت الموت على من كان تحت عرشي ، فيموتون ، ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار ، فيقول : يا رب ، قد مات جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، فيقول الله عز وجل وهو أعلم : من بقي ؟ ، فيقول : يا رب ، بقيت أنت الحي الذي لا تموت ، وبقي حملة عرشك ، وبقيت أنا ، فيقول الله له : ليمت حملة عرشي ، فيموتون ، ويأمر الله العرش فيقبض الصور ، ثم يأتي ملك الموت الرب عز وجل ، فيقول : يا رب ، مات حملة عرشك ، فيقول الله وهو أعلم : فمن بقي ؟ ، فيقول : يا رب ، بقيت أنت الحي الذي لا يموت ، وبقيت أنا ، فيقول الله له : أنت خلق من خلقي ، خلقتك لما رأيت فمت ، فيموت ، فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار ، والصمد الذي لم يلد ولم يولد ، كان آخرا كما كان أولا ، طوى السماوات والأرض كطي السجل للكتاب ، ثم قال بهما فلفهما ، ثم قال : أنا الجبار ، أنا الجبار ، ثلاث مرات ، ثم هتف بصوته : لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ ، فلا يجيبه أحد ، ثم يقول لنفسه : لله الواحد القهار يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات . فبسطها وسطحها ، ثم مدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة فإذا هم في هذه المبدلة من كان في بطنها كان في بطنها ، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها ، ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش ، فيأمر الله السماء أن تمطر ، فتمطر أربعين يوما حتى يكون الماء فوقكم اثني عشر ذراعا ، ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت فتنبت نبات الطوانيت كنبات البقل ، حتى إذا تكاملت أجسامهم وكانت كما كانت ، قال الله : ليحيى حملة العرش ، فيحيون ، ويأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه ، ثم يقول الله : ليحيى جبريل ، وميكائيل ، فيحييان ، ثم يدعو الله بالأرواح فيؤتى بهن توهج أرواح المؤمنين نورا والأخرى ظلمة ، فيقبضهن الله جميعا ثم يلقيها في الصور ، ثم يأمر إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث ، فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملات ما بين السماوات والأرض ، فيقول : وعزتي وجلالي ، ليرجعن كل روح إلى جسده ، فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد ، فتدخل في الخياشيم ، ثم تمشي في الأجساد كما يمشي السم في اللديغ ، ثم تنشق الأرض عنكم ، وأنا أول من تنشق الأرض عنه ، فتخرجون منها سراعا إلى ربكم تنسلون مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر حفاة عراة غلفا غرلا ، فبينا نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا ، فينزل أهل سماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس ، حتى إذا دنوا من الأرض ، أشرقت الأرض بنورهم ، ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة ، ومثلي من فيها من الجن والإنس ، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم ، وأخذوا مصافهم ، ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ، ومثلي من فيها من الجن والإنس ، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم ، وأخذوا مصافهم ، ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف إلى السماوات السبع ، ثم ينزل الجبار في ظلل من الغمام والملائكة يحمل عرشه يومئذ ثمانية وهم اليوم أربعة ، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والأرضون والسماوات إلى حجزهم ، والعرش على مناكبهم لهم زجل بالتسبيح ، فيقولون : سبحان ذي العزة والجبروت ، سبحان ذي الملك والملكوت ، سبحان الحي الذي يميت الخلائق ولا يموت ، سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت. فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض ، ثم يهتف بصوته ، فيقول : يا معشر الجن والإنس ، إني قد أنصت لكم منذ يوم خلقكم إلى يومكم هذا أسمع قولكم ، وأبصر أعمالكم فأنصتوا إلي ، فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ، ثم يأمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم ، ثم يقول : ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم إلى قوله : وامتازوا اليوم أيها المجرمون فيميز بين الناس ، وتجثوا الأمم ، قال : وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها ، ويقفون واحدا مقدار سبعين عاما لا يقضي بينهم فيبكون حتى تنقطع الدموع ، ويدمعون دما ويعرقون عرقا إلى أن يبلغ ذلك منهم أن يلجمهم العرق ، وأن يبلغ الأذقان منهم ، فيصيحون ويقولون : من يشفع لنا إلى ربنا ؟ فيقضي بيننا ، فيقولون : ومن أحق بذلك من أبيكم آدم عليه السلام ؟ فيطلبون ذلك إليه ، فيأبى ، ويقول : ما أنا بصاحب ذلك ، ثم يستفزون الأنبياء نبيا نبيا كلما جاءوا نبيا أبى عليهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتونني فأنطلق حتى آتي ، فأخر ساجدا ، قال أبو هريرة ، رضي الله عنه وربما قال : قدام العرش ، حتى يبعث إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني ، فيقول لي : يا محمد ، فأقول : نعم يا رب ، فيقول : ما شأنك ؟ ، وهو أعلم ، فأقول : يا رب ، وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأجيئ فأقف مع الناس فيقضي الله بين الخلائق ، فيكون أول من يقضي فيه في الدماء ، ويأتي كل من قتل في سبيل الله يحمل رأسه وتشخب أوداجه ، فيقولون : يا ربنا ، قتلنا فلان وفلان ، فيقول الله وهو أعلم : أقتلتم ؟ ، فيقولون : يا ربنا ، قتلنا لتكون العزة لك فيقول الله لهم : صدقتم ، فيجعل لوجوههم نورا مثل نور الشمس ، ثم توصلهم الملائكة إلى الجنة ، ويأتي من كان قتل على غير ذلك يحمل رأسه ، وتشخب أوداجه ، فيقولون : يا ربنا ، قتلنا فلان وفلان ، فيقول : لم ؟ ، وهو أعلم ، فيقولون : لتكون العزة لك ، فيقول الله : تعستم ، ثم ما يبقى نفس قتلها إلا قتل بها ، ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها ، وكان في مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء رحمه ، ثم يقضي الله بين ما بقي من خلقه ، حتى لا يبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها الله تعالى للمظلوم من الظالم ، حتى إنه ليكلف يومئذ شائب اللبن للبيع ، الذي كان يشوب اللبن بالماء ثم يبيعه ، فيكلف أن يخلص اللبن من الماء ، فإذا فرغ الله من ذلك نادى نداء أسمع الخلائق كلهم : ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم ، وما كانوا يعبدون من دون الله ، فلا يبقى أحد عبد من دون الله إلا مثلت له آلهة بين يديه ، ويجعل من الملائكة على صورة عزير ، ويجعل ملك من الملائكة على صورة عيسى ، فيتبع هذا اليهود ، وهذا النصارى ، ثم يعود بهم آلهتهم إلى النار ، فهي التي قال الله : لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون ، فإذا لم يبق إلا المؤمنون وفيهم المنافقون فيقال لهم : يا أيها الناس ، ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون ، فيقولون : والله ما لنا إله إلا الله ، وما كنا نعبد غيره ، فيقال لهم : يا أيها الناس ، ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون ، فيقولون : والله مالنا إله إلا الله ، وما كنا نعبد غيره ، فيقال لهم الثانية والثالثة ، فيقولون مثل ذلك ، فيقول : أنا ربكم فهل بينكم وبين ربكم آية تعرفونه بها ؟ ، فيقولون : نعم ، فيكشف عن ساق ويريهم الله ما شاء من الآية أن يريهم ، فيعرفون أنه ربهم ، فيخرون له سجدا لوجوههم ، ويخر كل منافق على قفاه ، يجعل الله أصلابهم كصياصي البقر ، ثم يأذن الله لهم فيرفعون رؤوسهم ، ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم كدقة الشعر ، وكحد السيف عليه كلاليب ،وخطاطيف ، وحسك كحسك السعدان ، دونه جسر دحض مزلة ، فيمرون كطرف العين ، وكلمح البرق ، وكمر الريح ، وكجياد الخيل ، وكجياد الركاب ، وكجياد الرجال ، فناج مسلم ، وناج مخدوش ، ومكدوش على وجهه في جهنم ، فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة فدخلوها ، فوالذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجهم ومساكنهم ، إذا دخلوا الجنة ، فدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله في الجنة ، واثنتين آدميتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما في الدنيا ، فيدخل على الأرض منهن في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ ، عليه سبعون زوجا من سندس وإستبرق ، ثم أنه يضع يده بين كتفيها ، فينظر إلى يدها من صدرها ، ومن وراء ثيابها ولحمها وجلدها ، وإنه لينظر إلى يدها من صدرها ومن وراء ثيابها ولحمها وجلدها ، وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في الياقوتة ، كبدها له مرآة ، فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ، ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء لا يفتران ولا يألمان ، فبينما هو كذلك إذ نودي ، فيقال له : إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل ، وإن لك أزواجا غيرها ، فيخرج فيأتيهن واحدةواحدة ، كلما جاء واحدة ، قالت له : والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ولا شيئا في الجنة أحب منك ، قال : وإذا وقع أهل النار في النار وقع فيها خلق من خلق الله أوبقتهم أعمالهم فمنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ، ومنهم من تأخذه النار في جسده كله إلا وجهه حرم الله صورهم على النار فينادون في النار ، فيقولون : من يشفع لنا إلى ربنا حتى يخرجنا من النار ؟ فيقولون : ومن أحق بذلك من أبيكم آدم ؟ فينطلق المؤمنون إلى آدم ، فيقولون : خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه وكلمك ، فيذكر آدم ذنبه ، فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ، ولكن عليكم بنوح فإنه أول رسل الله ، فيأتون نوحا عليه السلام ويذكرون ذلك إليه ، فيذكر ذنبا ، فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ، ولكن عليكم بإبراهيم فإن الله اتخذه خليلا ، فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه ، فيذكر ذنبا ، فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ، ولكن عليكم بموسى فإن الله قربه نجيا وكلمه ، وأنزل عليه التوراة ، فيؤتى موسى فيطلب ذلك إليه ، فيذكر ذنبا ، ويقول : ما أنا بصاحب ذلك ، ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى بن مريم عليه السلام ، فيؤتى عيسى بن مريم عليه السلام ، فيطلب ذلك إليه ، فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ،ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن ، فأنطلق حتى آتي باب الجنة ، فآخذ بحلقة الباب ، فأستفتح فيفتح لي ، فأخر ساجدا ، فيأذن لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه ، ثم يقول : ارفع رأسك يا محمد ، اشفع تشفع وسل تعطه ، فإذا رفعت رأسي ، قال لي وهو أعلم : ما شأنك ؟ ، فأقول : يا رب ، وعدتني الشفاعة فشفعني ، أقول : يا رب ، من وقع في النار من أمتي ؟ فيقول الله : أخرجوا من عرفتم ، فيخرج أولئك حتى لا يبقى نبي ولا شهيد إلا شفع ، فيقول الله : أخرجوا من وجدتم في قلبه زنة دينار من خير ، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد ، وحتى لا يبقى في النار من عمل خيرا قط ، ولا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع ، حتى إن إبليس ليتطاول في النار لما يرى من رحمة الله رجاء أن يشفع له ، ثم يقول الله : بقيت وأنا أرحم الراحمين ، فيقبض قبضة فيخرج منها ما لا يحصيه غيره ، فينبتهم على نهر يقال له : نهر الحيوان ، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ، فما يلي الشمس أخضر ، وما يلي الظل أصفر ، فينبتون كالدر مكتوب في رقابهم الجهنميون عتقاء الرحمن لم يعملوا لله خيرا قط ، يقول مع التوحيد ،فيمكثون في الجنة ما شاء الله ، وذلك الكتاب في رقابهم ، ثم يقولون : يا ربنا ، امح عنا هذا الكتاب ، فيمحوه عنهم.