الموسوعة الحديثية


- أنَّ عُمَيرَ بنَ سَعدٍ بعَثَه عُمَرُ على حِمصَ، فمكَثَ حَولًا لا يَأتيه خَبرُه، فكتَبَ إليه: أقبِلْ بما جبَيتَ مِن الفَيءِ. فأخَذَ جِرابَه وقَصعتَه، وعَلَّقَ إدواتَه، وأخَذَ عَنَزَتَه، وأقبَلَ راجِلًا، فدخَلَ المدينةَ، وقد شحِبَ واغبَرَّ، وطال شَعرُه، فقال: السَّلامُ عليك يا أميرَ المؤمنينَ. فقال: ما شَأْنُكَ؟ قال: ألستُ صَحيحَ البَدنِ، معي الدُّنيا. فظَنَّ عُمَرُ أنَّه جاء بمالٍ، فقال: جِئتَ تَمشي؟ قال: نعمْ. قال: أمَا كان أحدٌ يَتبرَّعُ لك بدابَّةٍ؟ قال: ما فعَلوا، ولا سَألْتُهم. قال: بِئسَ المُسلمونَ! قال: يا عُمَرُ، إنَّ اللهَ قد نَهاك عن الغِيبةِ. فقال: ما صنَعتَ؟ قال: الذي جبَيتُه وضَعتُه مَواضِعَه، ولو نالكَ منه شيءٌ، لأتَيتُكَ به. قال: جَدِّدوا لعُمَيرٍ عَهدًا. قال: لا عمِلتُ لك ولا لأحدٍ، قُلتُ لنَصرانيٍّ: أخزاكَ اللهُ! وذهَبَ إلى مَنزِلِه على أميالٍ مِن المدينةِ. فقال عُمَرُ: أُراه خائنًا. فبعَثَ رَجُلًا بمِئةِ دينارٍ، وقال: انزِلْ بعُمَيرٍ كأنَّكَ ضَيفٌ، فإنْ رَأيْتَ أثَرَ شيءٍ، فأقبِلْ، وإنْ رَأيْتَ حالًا شَديدةً، فادفَعْ إليه هذه المِئةَ. فانطلَقَ، فرَآه يَفلي قَميصَه، فسَلَّمَ، فقال له عُمَيرٌ: انزِلْ. فنزَلَ، فساءَلَه، وقال: كيف أميرُ المؤمنينَ؟ قال: ضرَبَ ابنًا له على فاحشةٍ، فمات. فنزَلَ به ثَلاثًا، ليس إلَّا قُرصُ شَعيرٍ يَخُصُّونَه به، ويَطْوونَ. ثُمَّ قال: إنَّكَ قد أجَعتَنا، فأخرَجَ الدَّنانيرَ، فدفَعَها إليه، فصاح، وقال: لا حاجةَ لي بها، رُدَّها عليه. قالتِ المَرأةُ: إنِ احتَجتَ إليها، وإلَّا ضَعْها مَواضِعَها. فقال: ما لي شيءٌ أجعَلُها فيه. فشَقَّتِ المَرأةُ مِن دِرعِها، فأعطَتْه خِرقةً ، فجعَلَها فيها، ثُمَّ خرَجَ يَقسِمُها بيْنَ أبناءِ الشُّهَداءِ. وأتى الرَّجُلُ عُمَرَ، فقال: ما فعَلَ بالذَّهبِ؟ قال: لا أدري. فكتَبَ إليه عُمَرُ يَطلُبُه، فجاء، فقال: ما صنَعَتِ الدَّنانيرُ؟ قال: وما سُؤالُكَ؟ قدَّمتُها لنَفْسي. فأمَرَ له بطَعامٍ، وثَوبَينِ، فقال: لا حاجةَ لي في الطَّعامِ، وأمَّا الثَوبانِ؛ فإنَّ أُمَّ فُلانٍ عاريةٌ. فأخَذَهما، ورجَعَ، فلمْ يَلبَثْ أنْ مات... وذكَرَ سائرَ القِصَّةِ.
خلاصة حكم المحدث : [له إسنادان في أحدهما عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، والثاني فيه انقطاع، وكاتب الليث سيء الحفظ]
الراوي : جد عبدالملك بن هارون بن عنترة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء الصفحة أو الرقم : 2/560
التخريج : أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (17/ 51) (109)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/ 247)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (46/ 489) واللفظ لهم تامًا.
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


 [المعجم الكبير – للطبراني] (17/ 51)
109 - حدثنا محمد بن الروبال الأدمي الشيرازي، ثنا محمد بن حكيم الشيرازي، ثنا محمد بن حكيم الرازي، ثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة، حدثني أبي، عن جدي، عن عمير بن سعد، قال: بعث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عمير بن سعد عاملا على حمص فمكث حولا لا يأتيه خبر، فقال عمر لكاتبه: اكتب إلى عمير فوالله ما أراه إلا قد خاننا، فإذا جاءك كتابي هذا فأقبل وأقبل بما جبيت من المسلمين حين تنظر في كتابي هذا قال: فأخذ عمير جرابه فجعل فيه زاده وقصعته، وعلق إداوته وأخذ عنزته، ثم أقبل يمشي من حمص حتى دخل إلى المدينة قال: فقدم وقد شحب لونه واغبر وجهه وطالت شعرته، فدخل على عمر فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، ورحمة الله، فقال عمر: ما شأنك؟ فقال عمير: ما ترى من شأني ألست تراني صحيح البدن طاهر الدم معي الدنيا أجرها بقرنها قال: وما معك؟ فظن عمر أنه قد جاء بمال فقال: معي جرابي أجعل فيه زادي وقصعتي آكل، وأغتسل فيها رأسي وثيابي، وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، وعنزتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا إن عرضني، فوالله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي قال عمر: فجئت تمشي؟ قال: نعم، قال عمر: " أما كان لك أحد يتبرع لك بدابة تركبها؟ قال: ما فعلوا وما سألتهم ذلك قال: بئس المسلمون خرجت من عندهم، فقال له عمير: اتق الله يا عمر فقد نهاك الله عن الغيبة، رأيتهم يصلون صلاة الغداة، قال: فأين نصيبك وأي شيء صنعت؟ فقال: وما سؤالك يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: سبحان الله فقال عمير: أما إني لولا أني أخشى أن أغمك ما أخبرتك، بعثتني حتى أتيت البلد فجمعت صلحاء أهلها فوليتهم جباية فيئهم حتى إذا جمعوا منهم وضعته مواضعه ولو نالك منه شيء لأتيتك به، قال: فما جئتنا بشيء؟ قال: لا، قال: أجدوا لعمير عهدا قال: إن ذلك لشيء لا عملت لك ولا لأحد بعدك، والله ما سلمت بل لم أسلم ولو قلت لنصراني أي أخزاك الله، فهذا ما عرضني له يا عمر، وإن أشقى أيامي يوم حلفت معك يا عمر، فاستأذنه فأذن له فرجع إلى منزله قال: وبينه وبين المدينة أميال، فقال عمر حين انصرف عمير: ما أراه إلا خاننا ، فبعث رجلا يقال له: الحارث وأعطاه مائة دينار فقال له: انطلق حتى تنزل به كأنك ضيف، فإن رأيت أثر شيء فأقبل، وإن رأيت حالا شديدة فادفع إليه هذه المائة دينار فانطلق الحارث، فإذا هو بعمير جالس يفلي قميصه إلى جنب الحائط، فسلم عليه الرجل، فقال له عمير: انزل رحمك الله فنزل، ثم سأله فقال: من أين جئت؟ قال: من المدينة، قال: كيف تركت أمير المؤمنين؟ قال: صالحا، قال: كيف تركت المسلمين؟ قال: صالحين، قال: كيف تركت أمير المؤمنين؟ قال: صالحا، قال: أليس يقيم الحدود؟ قال: بلى ضرب ابنا له أتى فاحشة فمات من ضربه، فقال عمير: اللهم أعن عمر فإني لا أعلمه إلا شديدا حبه لك، قال: فنزل ثلاثة أيام، وليس لهم إلا قرصة من شعير كانوا يخصونه بها ويطوون حتى أتاهم الجهد، فقال له عمير: يا هذا إنك قد أجعتنا فإن رأيت أن تتحول عنا فافعل، قال: فأخرج الدنانير فدفعها إليه، فقال: بعث بها إليك أمير المؤمنين فاستعن بها قال: فصاح فقال: لا حاجة لي فيها ردها، فقالت له امرأته: إن احتجت إليها وإلا فضعها مواضعها، فقال عمير: والله ما لي شيء أجعلها فيه، فشقت امرأته أسفل درعها فأعطته خرقة فجعلها فيها، ثم خرج فقسمها على أبناء الشهداء والفقراء، ثم رجع والرسول يظن أنه يعطيه منها شيئا فقال له عمير: أقرئ مني لأمير المؤمنين السلام، فرجع الحارث إلى عمر فقال: ما رأيت؟ فقال: رأيت يا أمير المؤمنين حالا شديدة قال: فما صنع بالدنانير؟ قال: لا أدري قال: وكتب إليه عمر إذا جاءك كتابي هذا فلا تضعه من يدك حتى تقبل، فأقبل إلى عمر فدخل عليه فقال له عمر: ما صنعت بالدنانير؟ قال: صنعت ما صنعت فما سؤالك عنها، قال: أنشد عليك لتخبرني ما صنعت به؟ قال: قدمتها لنفسي قال: رحمك الله فأمر بوسق من طعام وثوبين فقال: أما الطعام فلا حاجة لي فيه قد تركت في المنزل صاعين من شعير إلى أن آكل ذلك قد جاء الله بالرزق، ولم يأخذ الطعام، وأما الثوبان فقال: إن امرأة فلان عارية فأخذهما ورجع إلى منزله، فلم يلبث أن هلك رحمه الله، فبلغ عمر ذلك فشق عليه وترحم عليه فخرج يمشي ومعه المشاءون إلى بقيع الغرقد فقال لأصحابه: ليتمنى كل رجل منكم أمنية فقال رجل: وددت يا أمير المؤمنين أن عندي مالا فأعتق كذا وكذا لوجه الله، وقال آخر: وددت لو أن عندي مالا فأنفق في سبيل الله، وقال آخر: وددت أن لي قوة فأمتح بدلو من زمزم لحجاج بيت الله فقال عمر: وددت أن لي رجلا مثل عمير أستعين به في أعمال المسلمين

[حلية الأولياء – لأبي نعيم] (1/ 247)
حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن المرزبان الآدمي، ثنا محمد بن حكيم الرازي، ثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة، حدثني أبي، عن جدي، عن عمير بن سعد الأنصاري، قال: " بعثه عمر بن الخطاب عاملا على حمص، فمكث حولا لا يأتيه خبره فقال عمر لكاتبه: " اكتب إلى عمير، فوالله ما أراه إلا قد خاننا: إذا جاءك كتابي هذا فأقبل، وأقبل بما جبيت من فيء المسلمين حين تنظر في كتابي هذا " فأخذ عمير جوابه فجعل فيه زاده وقصعته، وعلق إداوته، وأخذ عنزته، ثم أقبل يمشي من حمص حتى دخل المدينة، قال: فقدم وقد شحب لونه، واغبر وجهه، وطالت شعرته، فدخل على عمر وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال عمر: ما شأنك؟ فقال عمير: ما ترى من شأني، ألست تراني صحيح البدن طاهر الدم معي الدنيا أجرها بقرنها؟ قال: " وما معك؟ فظن عمر رضي الله عنه أنه قد جاء بمال، فقال: معي جرابي أجعل فيه زادي، وقصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثيابي، وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، وعنزتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا إن عرض، فوالله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي. قال عمر: فجئت تمشي؟ قال: نعم، قال: أما كان لك أحد يتبرع لك بدابة تركبها؟ قال: ما فعلوا، وما سألتهم ذلك؟ فقال عمر: بئس المسلمون خرجت من عندهم فقال له عمير: اتق الله يا عمر، قد نهاك الله عن الغيبة، وقد رأيتهم يصلون صلاة الغداة، قال عمر: فأين بعثتك، وأي شيء صنعت؟ قال: وما سؤالك يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: سبحان الله فقال عمير: أما لولا أني أخشى أن أغمك ما أخبرتك، بعثتني حتى أتيت البلد فجمعت صلحاء أهلها فوليتهم جباية فيئهم، حتى إذا جمعوه وضعته مواضعه، ولو نالك منه شيء لأتيتك به، قال: فما جئتنا بشيء؟ قال: لا، قال: جددوا لعمير عهدا قال: إن ذلك لشيء، لا عملت لك ولا لأحد بعدك، والله ما سلمت، بل لم أسلم، لقد قلت لنصراني أي أخزاك الله، فهذا ما عرضتني له يا عمر، وإن أشقى أيامي يوم خلفت معك يا عمر، فاستأذنه فأذن له فرجع إلى منزله، قال: وبينه وبين المدينة أميال، فقال عمر حين انصرف عمير: ما أراه إلا قد خاننا، فبعث رجلا يقال له: الحارث، وأعطاه مائة دينار، فقال له: انطلق إلى عمير حتى تنزل به كأنك ضيف، فإن رأيت أثر شيء فأقبل، وإن رأيت حالة شديدة فادفع إليه هذه المائة الدينار. فانطلق الحارث فإذا هو بعمير جالس يفلي قميصه إلى جانب الحائط، فسلم عليه الرجل فقال له عمير: انزل رحمك الله، فنزل ثم سأله فقال: من أين جئت؟ قال: من المدينة، قال: فكيف تركت أمير المؤمنين؟ قال: صالحا، قال: فكيف تركت المسلمين؟ قال: صالحين، قال: أليس يقيم الحدود؟ قال: بلى، ضرب ابنا له أتى فاحشة فمات من ضربه، فقال عمير: اللهم أعن عمر؛ فإني لا أعلمه إلا شديدا حبه لك، قال: فنزل به ثلاثة أيام وليس لهم إلا قرصة من شعير كانوا يخصونه بها ويطوون، حتى أتاهم الجهد فقال له عمير: إنك قد أجعتنا، فإن رأيت أن تتحول عنا فافعل. قال: فأخرج الدنانير فدفعها إليه فقال: بعث بها إليك أمير المؤمنين، فاستعن بها، قال: فصاح وقال: لا حاجة لي فيها، ردها، فقالت له امرأته: إن احتجت إليها وإلا فضعها مواضعها، فقال عمير: والله ما لي شيء أجعلها فيه، فشقت امرأته أسفل درعها فأعطته خرقة فجعلها فيها ثم خرج فقسمها بين أبناء الشهداء والفقراء، ثم رجع والرسول يظن أنه يعطه منها شيئا، فقال له عمير: أقرئ مني أمير المؤمنين السلام. فرجع الحارث إلى عمر فقال: ما رأيت؟ قال: رأيت يا أمير المؤمنين حالا شديدا، قال: فما صنع بالدنانير؟ قال: لا أدري. قال: فكتب إليه عمر إذا جاءك كتابي هذا فلا تضعه من يدك حتى تقبل، فأقبل إلى عمر رضي الله تعالى عنه فدخل عليه، فقال له عمر: ما صنعت بالدنانير؟ قال: صنعت ما صنعت، وما سؤالك عنها؟ قال: أنشد عليك لتخبرني ما صنعت بها قال: قدمتها لنفسي، قال: رحمك الله فأمر له بوسق من طعام وثوبين، فقال: أما الطعام فلا حاجة لي فيه، قد تركت في المنزل صاعين من شعير، إلى أن آكل ذلك قد جاء الله تعالى بالرزق، ولم يأخذ الطعام، وأما الثوبان فقال: إن أم فلان عارية، فأخذهما ورجع إلى منزله. فلم يلبث أن هلك رحمه الله فبلغ عمر ذلك فشق عليه وترحم عليه، فخرج يمشي ومعه المشاءون إلى بقيع الغرقد، فقال لأصحابه: ليتمن كل رجل منكم أمنيته فقال رجل: وددت يا أمير المؤمنين أن عندي مالا فأعتق لوجه الله عز وجل كذا وكذا، وقال آخر: وددت يا أمير المؤمنين أن عندي مالا فأنفق في سبيل الله، وقال آخر: وددت لو أن لي قوة فأمتح بدلو زمزم لحجاج بيت الله، فقال عمر: وددت أن لي رجلا مثل عمير بن سعد أستعين به في أعمال المسلمين

[تاريخ دمشق - لابن عساكر] (46/ 489)
أنبأنا أبو علي الحداد أنا أبو نعيم الحافظ نا سليمان بن أحمد نا محمد بن المرزبان الآدمي نا محمد بن حكيم الرازي نا عبد الملك بن هارون بن عتيرة حدثني أبي عن جدي عن عمير بن سعد الأنصاري قال بعثه عمر بن الخطاب عاملا على حمص فمكث حولا لا يأتيه خبره فقال عمر لكاتبه اكتب إلى عمير فوالله ما أراه إلا قد خاننا إذا جاءك كتابي هذا فأقبل وأقبل بما جبيت من فئ المسلمين حين تنظر في كتابي هذا قال فأخذ عمير جرابه فجعل فيه زاده وقصعته وعلق إداوته وأخذ عنزته ثم أقبل يمشي من حمص حتى دخل المدينة قال فقدم وقد شحب لونه واغبر وجهه وطالت شعرته فدخل على عمر وقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله فقال عمر ما شأنك فقال عمير ما ترى من شأني ألست تراني صحيح البدن طاهر الدم معي الدنيا أجرها مما بقرنها فقال ما معك فظن عمر أنه قد جاءه بمال فقال معي جرابي أجعل فيه زادي وقصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثيابي وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي وعنزتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا إن عرض بي فوالله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي قال عمر فجئت تمشي قال نعم قال أما كان لك أحد يتبرع لك بدابة تركبها قال ما فعلوا ولا سألتهم ذلك فقال عمر بئس المسلمون خرجت من عندهم فقال عمير اتق الله يا عمر قد نهاك الله عن الغيبة وقد رأيتهم يصلون صلاة الغداة قال عمر فأين بعثتك وأي شئ صنعت قال وما سؤالك يا أمير المؤمنين فقال عمر سبحان الله فقال عمير لولا أني أخشى أن أغمك لما أخبرتك بعثتني حتى أتيت البلد فجمعت صلحاء أهلها فوليتهم جباية فيئهم حتى إذا جمعوه وضعته مواضعه ولو نالك منه شئ لآتيتك به قال ما جئتنا بشئ قال لا قال جددوا لعمير قال إن ذلك لشئ لا علمت لك ولا لأحد بعدك والله ما سلمت بل لم أسلم لقد قلت لنصراني أي أخزاك الله فهذا ما عرضتني يا عمر وإن أشقى أيامي يوم خلقت معك يا عمر فاستأذنه فأذن له فرجع إلى منزله قال وبينه وبين المدينة أميال فقال عمر حين انصرف عمير ما أراه إلا قد خاننا فبعث رجلا يقال له الحارث وأعطاه مائة دينار فقال انطلق إلى عمير حتى تنزل كأنك ضيف فإن رأيت أثر شئ فأقبل وإن رأيت حالا شديدا فادفع إليه هذه المائة دينار فانطلق الحارث فإذا هو بعمير جالس يغلي قميصه إلى جنب الحائط فسلم عليه الرجل فقال له عمير أنزل رحمك الله فنزل ثم ساءله فقال من أين جئت قال من المدينة قال كيف تركت أمير المؤمنين قال صالحا قال كيف تركت المسلمن قال صالحين قال أليس يقيم الحدود قال بلى ضرب ابنا له على فاحشة له فمات من ضربه فقال عمير اللهم أعن عمر فإني لا أعلمه إلا شديدا حبه لك قال فنزل به ثلاثة أيام وليس لهم إلا قرصة من شعير كانوا يخصونه بها ويطوون حتى أتاهم الجهد فقال له عمير إنك قد أجعتنا فإن رأيت أن تتحول عنا فافعل قال فأخرج الدنانير فدفعها إليه فقال هذه الدنانير بعث بها أمير المؤمنين إليك فاستعن بها قال فصاح وقال لا حاجة لي فيها ردها فقالت له امرأته إن احتجت إليه وإلا فضعها مواضعها فقال عمير والله ما لي شئ أجعلها فيه فشقت المرأة أسفل درعها فأعطته خرقة فجعلها فيها ثم خرج يقسمها بين أبناء الشهداء والفقراء ثم رجع والرسول يظن أنه يعطيه منها شيئا فقال عمير أقرئ مني أمير المؤمنين السلام فرجع الحارث إلى عمر قال ما رأيت قال رأيت يا أمير المؤمنين حالا شديدا قال فما سنع بالدنانير قال لا أدري قال فكتب إليه عمر إذا جاءك كتابي فلا تضعه من يدك حتى تقبل فأقبل على عمر فدخل عليه فقال له عمر ما صنعت بالدنانير قال صنعت ما صنعت وما سؤالك عنها قال أنشد عليك لتخبرني ما صنعت بها قال قدمتها لنفسه قال رحمك الله فأمر له بوسق من طعام وثوبين قال أما الطعام فلا حاجة لي فيه قد تركت في المنزل صاعين من شعير إلى أن آكل ذلك قد جاء الله بالرزق ولم يأخذ الطعام وأما الثوبان فقال إن أم فلان عارية فأخذهما ورجع إلى منزله فلم يلبث أن هلك رحمه الله فبلغ ذلك عمر فشق عليه وترحم عليه فخرج يمشي ومعه المشاؤون إلى بقيع الغرقد فقال لأصحابه ليتمن كل رجل منكم أمنية فقال رجل وددت يا أمير المؤمنين أن لي مالا فأعتق لوجه الله كذا وكذا وقال آخر وددت عندي مالا فأنفق في سبيل الله وقال آخر وددت لو أن لي قوة فأمتح بدلو من زمزم لحجاج بيت الله فقال عمر وددت أن لي رجلا مثل عمير بن سعد أستعين به على أعمال المسلمين.