الموسوعة الحديثية


- بعَثَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شُجاعَ بنَ وهْبٍ إلى الحارثِ بنِ أبي شِمْرٍ، وهو بغُوطَةِ دِمَشقَ، فخرَجَ مِن المدينةِ في ذي الحَجَّةَ سنةَ ستٍّ، وذلكَ مَرجِعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الحُدَيبِيةَ فكتَبَ إليه: بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، مِن محمَّدٍ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى الحارثِ بنِ أبي شِمْرٍ: سَلامٌ على مَنِ اتَّبعَ الهُدى، وآمنَ به، وصدَّقَ به، وإنِّي أدعوكَ إلى أنْ تُؤمنَ باللهِ وحْدَه لا شريكَ له، يبقَى لكَ مُلكُكَ. قال: فختَمَ الكتابَ، ثمَّ خرَجَ به شُجاعٌ. قال: فانتهَيتُ إلى حاجبِه فأخَذَه، وهو يومَئذٍ مشغولٌ بتهيئةِ الأنزالِ والألطافِ لقَيصَرَ ، وهو جائي جاءٍ مِن حِمْصَ إلى إِيلِياءَ ؛ حيثُ كشفَ اللهُ عنه جنودَ فارسَ، فشكَرَ اللهَ. قال: فانتهَيتُ إلى حاجبِه، فأقَمتُ عندَه يومينِ أو ثلاثةً، فقلتُ لحاجبِه: إنِّي رسولُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليه. فقال حاجبُه: لا تصِلُ إليه. وكان رُوميًّا، وكان اسمَه مُرَىٌّ، قال: فكنتُ أُحدِّثُه عن صِفةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما يدعو إليه، فيَرِقُّ حتى يغلِبَه البكاءُ، ويقول: إنِّي قرَأتُ الإنجيلَ فأجدُ صفةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَينِه، فكنتُ أُراه يخرُجُ بالشامِ، فأُراه قد خرَجَ بأرضِ القَرَظِ، فأنا أؤمِنُ به، وأصدِّقُه، وأنا أخافُ الحارثَ أنْ يقتُلَني. فكان يكرِمُني، ويحسِنُ ضيافتي، ويخبِرُني عن الحارثِ باليأسِ منه، ويقولُ: هو يخافُ مِن قَيصَرَ ، فخرَجَ الحارثُ يومًا، فوضَعَ التاجَ على رأسِه، فأذِنَ لي عليه، فدفَعتُ إليه كتابَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقرَأَه، ثمَّ رمَى به، ثمَّ قال: مَن ينزِعُ مُلْكي؟! أنا سائرٌ إليه، ولو كان على اليمنِ جِئتُه، عليَّ بالناسِ، فلم يزَلْ يفرضُ حتى الليلِ، وأمَرَ بالخيولِ تُنعَلُ، ثمَّ قال: أخبِرْ صاحبَكَ بما تَرَى. قال: وكتَبَ إلى قَيصَرَ يخبِرُه خبَري، وكتابَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليه، فيصادفُ قَيصَرَ بإيلِياءَ وعندَه دِحْيةُ، فدفَعتُه إليه بكتابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقرَأَه قَيصَرُ ، ثمَّ كتَبَ إليه: ألَّا تسيرَ إليه، والْهَ عنه، ووافني بإيلِياءَ. قال: ورجَعَ الكتابُ وأنا مقيمٌ. قال: فلمَّا جاءَه جوابُ الكتابِ دعاني فقال: متى تريدُ أنْ تخرُجَ إلى صاحبِكَ؟ قال: فقلتُ غدًا. قال: فأمَرَ لي بمئةِ مِثْقالِ ذهَبٍ. قال: ووصَلَني بكُسوةٍ ونَفَقةٍ، وقال: أقرِئْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منِّي السلامَ، وأخبِرْه أني متَّبِعٌ دينَه. قال شُجاعٌ: فقدِمتُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأخبَرتُه بما قال لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: صدَقَ. ومات ابنُ أبي شِمْرٍ عامَ الفتحِ، وولِيَهم جَبَلةُ بنُ الأَيهَمِ، وكان ينزِلُ الجابيةَ ، وكان آخِرَ ملوكِ غَسَّانَ، فأدرَكَه عُمَرُ بنُ الخطابِ، فأسلَمَ، فلاحَى رجُلًا مِن مُزَينةَ، فلطَمَ عَينَه، فجاءَ به إلى عُمرَ بنِ الخطابِ. فقال: تأخُذُ لي بحقِّي. فقال عُمرُ: الْطِمْ عَينَه. فقال جَبَلةُ: عَيني وعَينُه سواءٌ؟! قال عُمرُ: نعَمْ. قال جَبَلةُ: لا أقيمُ بهذا الدارِ أبدًا، فلحِقَ بعَمُّوريَّةَ مُرْتدًّا، حتى مات على رِدَّتِه، وكانَ الحارثُ بنُ أبي شِمْرٍ نازلًا بجِلَّقَ.
خلاصة حكم المحدث : محمد بن عبد الله هذا هو محمد بن عمر الواقدي دلسه ابن عائذ
الراوي : عثمان الحجبي | المحدث : ابن عساكر | المصدر : تاريخ دمشق الصفحة أو الرقم : 57/367
التخريج : أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (57/367)
التصنيف الموضوعي: علم - ختم الكتاب فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صفة النبي وأمته في كتب أهل الكتاب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك - كتبه إلى الأقطار إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


[تاريخ دمشق لابن عساكر] (57/ 367)
: قرأت على أبي القاسم خلف بن إسماعيل بن أحمد عن عبد العزيز بن أحمد أنا أبو محمد بن ابي نصر نا خالد بن محمد بن خالد الحضرمي نا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة أنا محمد بن عائذ أنا محمد بن عبد الله الواقدي حدثني عمر بن عثمان الجحشي عن ابيه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ‌شجاع ‌بن ‌وهب إلى الحارث بن أبي شمر وهو بغوطة دمشق فخرج من المدينة في ذي الحجة سنة ست وذلك مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن أبي شمر سلام على من اتبع الهدى وآمن به وصدق به وإني أدعوك إلا أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقي لك ملكك قال فختم الكتاب ثم خرج به شجاع قال فانتهيت إلى حاجبه فأخذه وهو يومئذ مشغول بتهيئة الأنزال والألطاف لقيصر وهو جائي من حمص إلى إيلياء حيث كشف الله عنه جنود فارس فشكر الله قال فانتهيت إلى حاجبه فأقمت عنده يومين أو ثلاثة فقلت لحاجبة إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال حاجبه لا تصل إليه وكان روميا وكان اسمه مرى قال فكنت أحدثه عن صفة النبي صلى الله عليه وسلم وما يدعوا إليه فيرق حتى يغلبه البكاء ويقول إني قرأت الإنجيل فأجد صفة النبي صلى الله عليه وسلم بعينه فكنت أراه يخرج بالشام فاراه قد خرج بأرض القرظ فأنا أؤمن به وأصدقه وأنا أخاف الحارث أن يقتلني فكان يكرمني ويحسن ضيافتي ويخبرني عن الحارث بالياس منه ويقول وهو يخاف من قيصر فخرج الحارث يوما فوضع التاج على رأسه فأذن لي عليه فدفعت إليه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فقرأه ثم رمى به ثم قال من ينزع ملكي أنا سائر إليه ولو كان على اليمن جئته علي بالناس فلم يزل يفرض حتى الليل وأمر بالخيول تنعل ثم قال أخبر صاحبك بما ترى قال وكتب إلى قيصر يخبره خبري وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إليه فيصادف قيصر بإيلياء وعنده دحية فدفعته إليه بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم فقرأه قيصر ثم كتب إليه ألا تسير إليه واله عنه ووافني بإيلياء قال ورجع الكتاب وأنا مقيم قا فلما جاءه جواب الكتاب دعاني فقال متى تريد أن تخرج إلى صاحبك قال فقلت غدا قال فأمر لي بمائة مثقال ذهب قال ووصلني بكسوة ونفقة وقال أقرئ رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام وأخبره أني متبع دينه قال شجاع فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق. ومات ابن أبي شمر عام الفتح ووليهم جبلة بن الأيهم وكان ينزل الجابية وكان آخر ملوك غسان فأدركه عمر بن الخطاب فأسلم فلاحي رجلا من مزينة فلطم عينه فجاء به إلى عمر بن الخطاب فقال تأخذ لي بحقي فقال عمر الطم عينه فقال جبلة عيني وعينه سواء قال عمر نعم قال جبلة لا أقيم بهذا الدار أبدا فلحق بعمورية مرتدا حتى مات على ردته وكان الحارث بن أبي شمر نازلا لا بجلق قال ابن عساكر محمد بن عبد الله هذا هو محمد بن عمر الواقدي دلسه ابن عائذ.