الموسوعة الحديثية


- كنتُ من أَهْلِ أصبَهانَ ، واجتَهَدت في المجوسيَّةِ... ثمَّ ذَكَرَ الحديثَ بطولِهِ، وأنَّهُ عاملَ رَكْبًا من كلبٍ على أن يحملوهُ إلى أرضِهِم، قالَ: فظلَموني فباعوني عبدًا من رجلٍ يَهوديٍّ، ثمَّ باعَهُ ذلِكَ اليَهوديُّ من يَهوديٍّ من بَني قُرَيْظةَ، ثمَّ ذَكَرَ قدومَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ قالَ: فلمَّا أمسيتُ جمعتُ ما كانَ عندي، ثمَّ خرجتُ حتَّى جئتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ بقِبا ومعَهُ نفرٌ من أصحابِهِ، فقلتُ: كانَ عندي شيءٌ وضعتُهُ للصَّدقةِ، رأيتُكُم أحقَّ النَّاسِ بِهِ فَجِئْتُكم بِهِ، فقالَ عليهِ السَّلامُ: كُلوا وأمسَكَ هوَ - ثمَّ تحوَّلَ عليهِ السَّلامُ إلى المدينةِ، فجمعتُ شيئًا ثمَّ جئتُ فسلَّمتُ عليهِ فقلتُ: رأيتُكَ لا تأكلُ الصَّدقةَ، وَكانَ عندي شيءٌ أحبُّ أن أُكْرِمَكَ بِهِ هديَّةً فأَكَلَ هوَ وأصحابُهُ، ثمَّ أسلَمتُ، ثمَّ شغلَني الرِّقُّ حتَّى فاتَني بدرٌ ثمَّ قالَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كاتِب.... وذَكَرَ الحديثَ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : سلمان الفارسي | المحدث : ابن حزم | المصدر : المحلى الصفحة أو الرقم : 8/322
التخريج : أخرجه أحمد (23737)، وابن سعد في ((الطبقات)) (4/69)، والبزار (2500) جميعهم مطولا.
التصنيف الموضوعي: صدقة - لا تحل الصدقة على آل النبي صلى الله عليه وسلم فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صفة النبي وأمته في كتب أهل الكتاب مناقب وفضائل - سلمان الفارسي هبة وهدية - قبول الهدية
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

أصول الحديث:


المحلى لابن حزم (8/ 322)
أخبرنا أحمد بن محمد الطلمنكى نا ابن مفرج نا ابراهيم بن أحمد بن فراس نا أحمد بن محمد بن سالم النيسابوري نا اسحاق بن راهويه أنا يحيى بن آدم نا ابن ادريس - هو عبد الله - نا محمد بن اسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن ابن عباس حدثنى سلمان الفارسى من فيه قال: كنت من أهل أصبهان واجتهدت في المجوسية ثم ذكر الحديث بطوله وأنه عامل ركبا من كلب على أن يحملوه إلى أرضهم قال: فظلموني فباعوني عبدا من رجل يهودى ثم باعه ذلك اليهودي من يهودى من بنى قريظة، ثم ذكر قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال: فلما أمسيت جمعت ما كان عندي ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بقبا ومعه نفر من أصحابه فقلت: كان عند شئ وضعته للصدقة رأيتكم أحق الناس به فجئتكم به فقال عليه السلام: كلوا وأمسك هو ثم تحول عليه السلام إلى المدينة فجمعت شيئا ثم جئت فسلمت عليه فقلت: رأيتك لا تأكل الصدقة وكان عندي شئ أحب أن أكرمك به هدية فأكل هو وأصحابه ثم أسلمت ثم شغلنى الرق حتى فاتني بدر ثم قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كاتب، وذكر الحديث فقد أجاز عليه السلام صدقة العبد.

[مسند أحمد] (39/ 140)
23737 - حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس، قال: حدثني سلمان الفارسي حديثه من فيه، قال: كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها جي، وكان أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة، قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة، قال: فشغل في بنيان له يوما، فقال لي: يا بني، إني قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي، فاذهب فاطلعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، فخرجت أريد ضيعته، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم، وسمعت أصواتهم، دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، قال: فلما رأيتهم أعجبني صلاتهم، ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي ولم آتها، فقلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام قال: ثم رجعت إلى أبي، وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله، قال: فلما جئته، قال: أي بني، أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت، مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس، قال: أي بني، ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، قال: قلت: كلا والله إنه لخير من ديننا، قال: فخافني، فجعل في رجلي قيدا، ثم حبسني في بيته، قال: وبعثت إلى النصارى فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم، قال: فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى، قال: فأخبروني بهم، قال: فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، قال: فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها، قلت: من أفضل أهل هذا الدين؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة، قال: فجئته، فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلم منك وأصلي معك، قال: فادخل فدخلت معه، قال: فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها أشياء، اكتنزه لنفسه، ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق، قال: وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه، ولم يعط المساكين منها شيئا، قالوا: وما علمك بذلك؟، قال: قلت أنا أدلكم على كنزه، قالوا: فدلنا عليه، قال: فأريتهم موضعه، قال: فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا، قال: فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا فصلبوه، ثم رجموه بالحجارة، ثم جاءوا برجل آخر، فجعلوه بمكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس، أرى أنه أفضل منه، أزهد في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلا ونهارا منه، قال: فأحببته حبا لم أحبه من قبله، فأقمت معه زمانا، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان إني كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك وقد حضرك ما ترى من أمر الله، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟، قال: أي بني والله ما أعلم أحدا اليوم على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلا بالموصل، وهو فلان، فهو على ما كنت عليه، فالحق به، قال: فلما مات وغيب، لحقت بصاحب الموصل فقلت له: يا فلان، إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره، قال: فقال لي: أقم عندي فأقمت عنده، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة، قلت له: يا فلان، إن فلانا أوصى بي إليك، وأمرني باللحوق بك، وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا بنصيبين، وهو فلان، فالحق به، قال: فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين، فجئته فأخبرته خبري، وما أمرني به صاحبي، قال: فأقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حضر، قلت له: يا فلان، إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما نعلم أحدا بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية، فإنه على مثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأته، قال: فإنه على أمرنا، قال: فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية، وأخبرته خبري، فقال: أقم عندي، فأقمت مع رجل على هدي أصحابه وأمرهم، قال: واكتسبت حتى كان لي بقرات وغنيمة، قال: ثم نزل به أمر الله، فلما حضر قلت له: يا فلان، إني كنت مع فلان، فأوصى بي فلان إلى فلان، وأوصى بي فلان إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بني، والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب، مهاجرا إلى أرض بين حرتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى: يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل، قال: ثم مات وغيب، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجارا، فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب، وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه؟ قالوا: نعم فأعطيتهموها وحملوني، حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل من يهود عبدا، فكنت عنده، ورأيت النخل، ورجوت أن تكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق لي في نفسي، فبينما أنا عنده، قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة فابتاعني منه، فاحتملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها وبعث الله رسوله، فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة، فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال: فلان، قاتل الله بني قيلة، والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم، يزعمون أنه نبي، قال: فلما سمعتها أخذتني العرواء، حتى ظننت سأسقط على سيدي، قال: ونزلت عن النخلة، فجعلت أقول لابن عمه ذلك: ماذا تقول؟ ماذا تقول؟ قال: فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا أقبل على عملك، قال: قلت: لا شيء، إنما أردت أن أستثبته عما قال: وقد كان عندي شيء قد جمعته، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح، ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم قال: فقربته إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: كلوا وأمسك يده فلم يأكل، قال: فقلت في نفسي: هذه واحدة، ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئته به، فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية أكرمتك بها، قال: فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال: فقلت في نفسي: هاتان اثنتان، قال: ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد، قال: وقد تبع جنازة من أصحابه، عليه شملتان له، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدرت أنظر إلى ظهره، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي؟ فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته، عرف أني أستثبت في شيء وصف لي، قال: فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحول فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، قال: فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر، وأحد، قال: ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له بالفقير، وبأربعين أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل: الرجل بثلاثين ودية، والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة، والرجل بعشر، يعني: الرجل بقدر ما عنده، حتى اجتمعت لي ثلاث مائة ودية، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب يا سلمان ففقر لها، فإذا فرغت فأتني أكون أنا أضعها بيدي قال: ففقرت لها، وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فوالذي نفس سلمان بيده، ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل، وبقي علي المال، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي، فقال: ما فعل الفارسي المكاتب؟ قال: فدعيت له، فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان فقلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي؟ قال: خذها، فإن الله سيؤدي بها عنك قال: فأخذتها فوزنت لهم منها، والذي نفس سلمان بيده، أربعين أوقية، فأوفيتهم حقهم، وعتقت، فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد

الطبقات الكبير لابن سعد (4/ 69)
أخبرنا يوسف بن البهلول، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن ابن عباس، قال: حدثني سلمان الفارسي حديثه من فيه، قال: كنت رجلا من أهل أصبهان من قرية, يقال لها: جي، وكان أبي دهقان أرضه، وكنت من أحب عباد الله إليه، فما زال في حبه إياي, حتى حبسني في البيت كما تحبس الجارية، قال: فاجتهدت في المجوسية, حتى كنت قاطن النار التي نوقدها لا نتركها تخبو، وكانت لأبي ضيعة في بعض عمله، وكان يعالج بنيانا له في داره، فدعاني، فقال: أي بني, إنه قد شغلني بنياني كما ترى، فانطلق إلى ضيعتي، فلا تحتبس علي، فإنك إن فعلت شغلتني عن كل ضيعة، وكنت أهم عندي مما أنا فيه، فخرجت, فمررت بكنيسة للنصارى، فسمعت صلاتهم فيها، فدخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فلم أزل عندهم، وأعجبني ما رأيت من صلاتهم، وقلت في نفسي: هذا خير من ديننا الذي نحن عليه، فما برحتهم, حتى غابت الشمس، وما ذهبت إلى ضيعة أبي, ولا رجعت إليه, حتى بعث الطلب في أثري، وقد قلت للنصارى حين أعجبني ما رأيت من أمرهم وصلاتهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام، قال: ثم خرجت، فرجعت إلى أبي، فقال: أي بني, أين كنت؟ قد كنت عهدت إليك، وتقدمت ألا تحتبس، قال: قلت: إني مررت على ناس يصلون في كنيسة لهم، فأعجبني ما رأيت من أمرهم وصلاتهم, ورأيت أن دينهم خير من ديننا. قال: فقال لي: أي بني, دينك ودين آبائك خير من دينهم، قال: قلت: كلا والله، قال: فخافني، فجعل في رجلي حديدا، وحبسني، وأرسلت إلى النصارى أخبرهم أني قد رضيت أمرهم، وقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام فآذنوني، فقدم عليهم ركب منهم من التجار، فأرسلوا إلي، فأرسلت إليهم إن أرادوا الرجوع فآذنوني، فلما أرادوا الرجوع أرسلوا إلي، فرميت بالحديد من رجلي، ثم خرجت، فانطلقت معهم إلى الشام. فلما قدمت سألت عن عالمهم، فقيل لي: صاحب الكنيسة أسقفهم، قال: فأتيته، فأخبرته خبري، وقلت: إني أحب أن أكون معك أخدمك وأصلي معك وأتعلم منك، فإني قد رغبت في دينك, قال: أقم، فكنت معه، وكان رجل سوء في دينه، وكان يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه الأموال اكتنزها لنفسه, حتى جمع سبع قلال دنانير ودراهم. ثم مات فاجتمعوا ليدفنوه، قال: قلت: تعلمون أن صاحبكم هذا كان رجل سوء، فأخبرتهم ما كان يصنع في صدقتهم، قال: فقالوا: فما علامة ذلك؟ قال: قلت: أنا أدلكم على ذلك، فأخرجته, فإذا سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا، فلما رأوها، قالوا: والله لا نغيبه أبدا، ثم صلبوه على خشبة، ورجموه بالحجارة، وجاؤوا بآخر، فجعلوه مكانه. قال سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس كان خيرا منه أعظم رغبة في الآخرة, ولا أزهد في الدنيا، ولا أدأب ليلا ولا نهارا منه، وأحببته حبا ما علمت أني أحببت شيئا كان قبله، فلما حضره قدره، قلت له: إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى, فماذا تأمرني, وإلى من توصي بي؟ قال: أي بني, ما أرى أحدا من الناس على مثل ما أنا عليه إلا رجلا بالموصل، فأما الناس, فقد بدلوا وهلكوا. فلما توفي أتيت صاحب الموصل، فأخبرته بعهده إلي أن ألحق به, وأكون معه، قال: أقم, فأقمت معه ما شاء الله أن أقيم على مثل ما كان عليه صاحبه، ثم حضرته الوفاة، فقلت: إنه قد حضرك من أمر الله ما ترى, فإلى من توصي بي؟ قال: أي بني, والله ما أعلم أحدا على أمرنا إلا رجلا بنصيبين، وهو فلان فالحق به. قال: فأتيت على رجل على مثل ما كان عليه صاحباه، فأخبرته خبري, فأقمت معه ما شاء الله أن أقيم، فلما حضرته الوفاة، قلت له: إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان، وفلانا إلى فلان، وفلانا إليك، فإلى من توصي بي؟ قال: أي بني, والله ما أعلم أحدا من الناس على ما نحن عليه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم, فإن استطعت أن تلحق به فالحق. فلما توفي لحقت بصاحب عمورية، فأخبرته خبري, وخبر من أوصى بي, حتى انتهيت إليه، فقال: أقم، فأقمت عنده، فوجدته على مثل ما كان عليه أصحابه، فمكثت عنده ما شاء الله أن أمكث, وثاب لي شيء, حتى اتخذت بقرات وغنيمة، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: إلى من توصي بي؟ فقال لي: أي بني، والله ما أعلم أنه أصبح في الأرض أحد على مثل ما كنا عليه آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبي يبعث بدين إبراهيم الحنيفية, يخرج من أرض مهاجره، وقراره ذات نخل بين حرتين، فإن استطعت أن تخلص إليه فاخلص, وإن به آيات لا تخفى، إنه لا يأكل الصدقة، وهو يأكل الهدية، وإن بين كتفيه خاتم النبوة, إذا رأيته عرفته. قال: ومات, فمر بي ركب من كلب، فسألتهم عن بلادهم، فأخبروني عنها، فقلت: أعطيكم بقراتي هذه وغنمي على أن تحملوني, حتى تقدموا بي أرضكم؟ قالوا: نعم، فاحتملوني, حتى قدموا بي وادي القرى، فظلموني، فباعوني عبدا من رجل من يهود، فرأيت بها النخل, وطمعت أن تكون البلدة التي وصفت لي، وما حقت لي، ولكني قد طمعت حين رأيت النخل، فأقمت عنده حتى قدم رجل من يهود بني قريظة، فابتاعني منه، ثم خرج بي حتى قدمت المدينة، فوالله ما هو إلا أن رأيتها، فعرفتها بصفة صاحبي, وأيقنت أنها هي البلدة التي وصفت لي. فأقمت عنده أعمل له في نخله في بني قريظة, حتى بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم، وخفي علي أمره, حتى قدم المدينة، ونزل بقباء في بني عمرو بن عوف، فوالله إني لفي رأس نخلة, وصاحبي جالس تحتي, إذ أقبل رجل من يهود, من بني عمه, حتى وقف عليه، فقال: أي فلان, قاتل الله بني قيلة، إنهم آنفا ليتقاصفون على رجل بقباء، قدم من مكة, يزعمون أنه نبي, قال: فوالله إن هو إلا أن قالها، فأخذتني العرواء, فرجفت النخلة, حتى ظننت لأسقطن على صاحبي، ثم نزلت سريعا أقول: ماذا تقول؟ ما هذا الخبر؟ قال: فرفع سيدي يده، فلكمني لكمة شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك، قلت: لا شيء, إنما أردت أن أستثبته هذا الخبر الذي سمعته يذكر، قال: أقبل على شأنك، قال: فأقبلت على عملي ولهيت منه. فلما أمسيت, جمعت ما كان عندي، ثم خرجت حتى جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه, ومعه نفر من أصحابه، فقلت: إنه بلغني أنك ليس بيدك شيء, وإن معك أصحابا لك, وأنكم أهل حاجة وغربة، وقد كان عندي شيء وضعته للصدقة, فلما ذكر لي مكانكم رأيتكم أحق الناس به، فجئتكم به، ثم وضعته له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلوا، وأمسك هو، قال: قلت في نفسي: هذه والله واحدة. ثم رجعت, وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وجمعت شيئا، ثم جئته, فسلمت عليه، وقلت له: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة، وقد كان عندي شيء أحب أن أكرمك به من هدية أهديتها كرامة لك, ليست بصدقة، فأكل وأكل أصحابه، قال: قلت في نفسي: هذه أخرى. قال: ثم رجعت، فمكثت ما شاء الله، ثم أتيته، فوجدته في بقيع الغرقد, قد تبع جنازة, وحوله أصحابه, وعليه شملتان مؤتزرا بواحدة مرتديا بالأخرى، قال: فسلمت عليه، ثم عدلت لأنظر في ظهره، فعرف أني أريد ذلك وأستثبته، قال: فقال بردائه، فألقاه عن ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة كما وصف لي صاحبي، قال: فأكببت عليه أقبل الخاتم من ظهره وأبكي، قال: فقال: تحول عنك، فتحولت، فجلست بين يديه، فحدثته حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجبه ذلك، وأحب أن يسمعه أصحابه. ثم أسلمت, وشغلني الرق وما كنت فيه, حتى فاتني بدر, وأحد.ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كاتب، فسألت صاحبي ذلك، فلم أزل حتى كاتبني على أن أحيي له ثلاث مئة نخلة وأربعين أوقية من ورق، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعينوا أخاكم بالنخل, فأعانني كل رجل بقدره بالثلاثين والعشرين والخمس عشرة والعشر، ثم قال: يا سلمان, اذهب ففقر لها، فإذا أنت أردت أن تضعها, فلا تضعها حتى تأتيني فتؤذنني فأكون أنا الذي أضعها بيدي. فقمت في تفقيري, فأعانني أصحابي حتى فقرنا شربا ثلاثمئة شربة، وجاء كل رجل بما أعانني به من النخل، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يضعها بيده, وجعل يسوي عليها شربها, ويبرك, حتى فرغ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا، فلا والذي نفس سليمان بيده, ما ماتت منه ودية وبقيت الدراهم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في أصحابه إذ أتاه رجل من أصحابه بمثل البيضة من ذهب، أصابها من بعض المعادن، فتصدق بها إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل الفارسي المسكين المكاتب؟ ادعوه لي، فدعيت له، فجئت, فقال: اذهب بهذه, فأدها عنك مما عليك من المال. قال: وقلت: وأين يقع هذا مما علي يا رسول الله؟ قال: إن الله سيؤدي عنك.

مسند البزار (6/ 462)
2500 - وأخبرنا عمرو بن علي، قال: أخبرنا عبد الله بن هارون بن أبي عيسى، عن أبيه، عن ابن إسحاق، أنه سمع عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس، قال: حدثني سلمان الفارسي، حديثه من فيه، قال: كنت رجلا فارسيا من أهل أصفهان من قرية منها يقال حيى، وكان أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه لم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار أوقدها لا أتركها تخبو ساعة، وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل يوما، فقال لي: يا بني إني قد شغلت هذا اليوم عن ضيعتي اذهب إليها فطالعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، ثم قال لي: لا تحبس علي فإنك إن احتبست علي كنت أهم إلي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء، فخرجت أريد ضيعته أسير إليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم، وقلت هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فما برحت من عندهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي، ثم قلت لهم أين أصل هذا الدين؟ قالوا: رجل بالشام، ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وقد شغلته عن عمله، فقال: أي بني أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت إني مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فدخلت إليهم فما زلت عندهم وهم يصلون حتى غربت الشمس فقال: أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، ثم حبسني في بيته وبعثت إلي النصارى، فقلت: إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم، فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم، فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت: من أفضل هذا الدين علما؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة، فجئته فقلت له: إني قد رغبت في هذا الدين فأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلم منك وأصلي معك، قال: فادخل، فدخلت معه وكان رجل سوء يأمر بالصدقة ويرغبهم فإذا جمعوا إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه فلم يعط إنسانا منها شيئا حتى جمع قلالا من ذهب وورق، وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه فلم يعط إنسانا أو لم يعط المساكين منها شيئا، قالوا: وما علمك بذاك؟ قلت لهم: فأنا أدلكم على كنزه. قالوا: فدلنا عليه، فدللتهم عليه فاستخرجوا ذهبا وورقا، فلما رأوها قالوا: والله لا تدفنوه أبدا، فصلبوه ثم رجموه بالحجارة، وكان ثم رجل آخر فجعلوه مكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه، فأحببته حبا لم أحبه شيئا قط، فما زلت معه زمانا ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان إني قد كنت معك فأحببتك حبا لم أحبه شيئا قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: أي بني والله ما أعلم أحدا على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا كثيرا مما كانوا عليه إلا رجل بالموصل وهو فلان، وهو على ما كنت عليه فالحق به فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل، فقلت له يا فلان: إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره، فقال: فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه فلم ألبث أن مات فلما حضرته الوفاة، قلت له: يا فلان إن فلانا أوصاني إليك وأمرني فألحق بك وقد حضر من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني؟ قال: أي بني والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجل بنصيبين وهو فلان فالحق به، فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته بما أمرني به صاحبه، فقال: أقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حضر: قلت له يا فلان، إن فلانا أوصى بي إلى فلان وأوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: يا بني ما أعلم بقي أحد على ما آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم على مثل ما نحن عليه فإنه على أمرنا، فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري، فقال: أقم عندي فأقمت عند خير رجل على هدي أصحابه وأمرهم واكتسبت حتى كانت لي بقيرات وغنيمة، ثم نزل به أمر الله فلما حضر قلت له: يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان ثم أوصى فلان إلى فلان ثم أوصاني فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: والله ما أعلم أصلح لك على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ولكن قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم صلى الله عليه وسلم يخرج بأرض العرب مهاجرا إلى أرض بين حرتين به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل، ثم مات وغيب. فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي؟ هذه قالوا: نعم فأعطيتهم وحملوني معهم حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي كنت عنده فرأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي، فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من بني قريظة فابتاعني منه فحملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا رأيتها عرفتها بصفة صاحبي لي، فأقمت بها فبعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وأقام بمكة ما أقام ما أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل له فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال قاتل: الله بني قيلة والله إنهم الآن لمجتمعون عند رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي، فلما سمعتها أخذني يعني الفرح حتى ظننت أني سأسقط على سيدي، ونزلت عن النخلة وجعلت أقول لابن عمه ذلك ماذا تقول؟ ماذا تقول؟ فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال لي ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك، قلت: لا شيء إنما أردت أن أستفتيه عما قال، وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي صدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، قال: وقربته إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: كلوا وأمسك هو فلم يأكل منه، فقلت في نفسي هذه واحدة، ثم انصرفت عنه، فجمعت شيئا فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئت به فقلت له: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا، وقال: قلت في نفسي هاتان ثنتان، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد اتبع جنازة رجل من أصحابه وهو جالس، فسلمت عليه ثم استدبرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فأكببت عليه أقبله وأبكي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحول فتحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له وبأربعين أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " أعينوا أخاكم فأعانوني في النخل الرجل بثلاثين والرجل بعشرين والرجل بخمس عشرة والرجل بعشر والرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاث مائة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب يا سلمان، فإذا فرغت فآذني أكون معك أنا أضعها بيدي ففقرت لها، وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغنا فوالذي نفس سلمان بيده ما مات منها نخلة واحدة فأديت النخل وبقي علي المال فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن، قال: ما فعل الفارسي المكاتب فدعيت له، فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان فقلت وأين تقع هذه يا رسول الله، مما علي؟ قال: خذها فإن الله سيؤدي بها عنك فوزنت له منها، فوالذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم، وعتق سلمان، وشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد