الموسوعة الحديثية


- يَجمَعُ اللهُ الأوَّلينَ والآخِرينَ لمِيقاتِ يَومٍ مَعلومٍ، قيامًا أربَعينَ سَنةً، شاخِصةً أبصارُهم، يَنتَظِرونَ فَصلَ القَضاءِ، قال: ويَنزِلُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ في ظُلَلٍ مِن الغَمامِ مِن العَرشِ إلى الكُرسيِّ، ثمَّ يُنادي مُنادٍ: أيُّها الناسُ: ألم تَرضَوْا مِن رَبِّكمُ الذي خَلَقَكم ورَزَقَكم، وأمَرَكم أنْ تَعبُدوه ولا تُشرِكوا به شَيئًا أنْ يُوَلِّيَ كلَّ إنسانٍ منكم ما كانوا يَعبُدونَ في الدُّنيا؟ أليسَ ذلكَ عَدلًا مِن رَبِّكم؟ قالوا: بَلى. فيَنطَلِقُ كلُّ قَومٍ إلى ما كانوا يَعبُدونَ ويَتوَلَّوْنَ في الدُّنيا. قال: فيَنطَلِقونَ ويُمَثَّلُ لهم أَشْباهُ ما كانوا يَعبُدونَ؛ فمِنهم مَن يَنطَلِقُ إلى الشَّمسِ، ومنهم مَن يَنطَلِقُ إلى القَمَرِ والأَوْثانِ مِن الحِجارةِ، وأَشْباهِ ما كانوا يَعبُدونَ. قال: ويُمَثَّلُ لمَن كان يَعبُدُ عيسى شَيطانُ عيسى، ويُمَثَّلُ لمن كان يَعبُدُ عُزَيرًا شَيطانُ عُزَيرٍ، ويَبقى محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأُمَّتُه، قال: فيَتمَثَّلُ الرَّبُّ تَبارَكَ وتَعالى فيَأْتيهم فيقولُ: ما لكم لا تَنطَلِقونَ كما انطَلَقَ الناسُ؟ قال: فيقولونَ: إنَّ لنا إلهًا ما رأَيْناه. فيقولُ: هل تَعرِفونَه إنْ رأَيتُموه؟ فيقولونَ: إنَّ بَينَنا وبَينَه عَلامةً، إذا رأَيْناها عَرَفْناه. قال: فيقولُ: ما هي؟ فيقولونَ: يَكشِفُ عن ساقِه، فعِندَ ذلكَ يَكشِفُ عن ساقِه، فيَخِرُّ كلُّ مَن كان مُشرِكًا يُرائي لظَهرِه، ويَبقى قَومٌ ظُهورُهم كصياصي البَقَرِ، يُريدونَ السُّجودَ فلا يَستَطيعونَ، {وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 43]، ثمَّ يقولُ: ارفَعوا رُؤوسَكم. فيَرفَعونَ رُؤوسَهم، فيُعطيهم نُورَهم على قَدْرِ أعمالِهم؛ فمِنهم مَن يُعطَى نُورَه مِثلَ الجَبَلِ العَظيمِ، يَسعى بينَ أيديهم، ومِنهم مَن يُعطَى نُورَه أصغَرَ مِن ذلكَ، ومنهم مَن يُعطَى مِثلَ النَّخلةِ بيَدِه، ومنهم مَن يُعطَى أصغَرَ مِن ذلكَ، حتى يكونَ آخِرُهم يُعطَى نُورَه على إبهامِ قَدَمِه، يُضيءُ مرَّةً، ويُطفَأُ مرَّةً، فإذا أضاءَ قَدَمُه قَدِمَ، وإذا أُطفِئَ قامَ. قال: والرَّبُّ تَبارَكَ وتَعالى أمامَهم، حتى يَمُرَّ بهم إلى النارِ، فيَبقى أثَرُه كحَدِّ السَّيفِ، قال: فيقولُ: مُرُّوا. فيَمُرُّونَ على قَدْرِ نُورِهم، منهم مَن يَمُرُّ كطَرْفةِ العَينِ، ومنهم مَن يَمُرُّ كالبَرقِ، ومنهم مَن يَمُرُّ كالسَّحابِ، ومنهم مَن يَمُرُّ كانقِضاضِ الكَواكِبِ، ومنهم مَن يَمُرُّ كالرِّيحِ، ومنهم مَن يَمُرُّ كشَدِّ الفَرَسِ، ومنهم مَن يَمُرُّ كشَدِّ الرجُلِ حتى يَمُرَّ الذي يُعطَى نُورَه على ظَهرِ قَدَمَيْه يَحْبو على وَجهِه ويَدَيْه ورِجلَيْه، تُجَرُّ يَدٌ، وتُعَلَّقُ يَدٌ، وتُجَرُّ رِجلٌ وتُعلَّقُ رِجلٌ، وتُصيبُ جَوانبَه النارُ، فلا يَزالُ كذلكَ حتى يَخلُصَ، فإذا خَلَصَ وَقَفَ عليها، فقال: الحَمدُ للهِ الذي أَعْطاني ما لم يُعطِ أحَدًا؛ إذْ أَنْجاني منها بعدَ إذْ رأَيتُها. قال: فيَنطَلِقُ به إلى غَديرٍ عِندَ بابِ الجنَّةِ، فيَغتَسِلُ، فيَعودُ إليه ريحُ أهلِ الجنَّةِ وألوانُهم، فيَرى ما في الجنَّةِ مِن خَلَلِ البابِ، فيقولُ: رَبِّ أدخِلْني الجنَّةَ. فيقولُ اللهُ: أتسأَلُ الجنَّةَ وقد نَجَّيتُكَ مِن النارِ؟ فيقولُ: رَبِّ اجعَلْ بَيني وبَينَها حِجابًا حتى لا أسمَعَ حَسيسَها. قال: فيَدخُلُ الجنَّةَ، ويَرى أو يُرفَعُ له مَنزِلٌ أمامَ ذلكَ، كأنَّ ما هو فيه بالنِّسبةِ إليه حُلْمٌ، فيقولُ: يا رَبِّ أعطِني ذلكَ المَنزِلَ. فيقولُ: لَعَلَّكَ إنْ أُعطيتَه تَسألُ غَيرَه؟ فيقولُ: لا وعِزَّتِكَ، لا أسألُ غَيرَه، وأيُّ مَنزِلٍ أحسَنُ منه؟! فيُعطاه، فيَنزِلُه، ويَرى أمامَ ذلكَ مَنزِلًا كأنَّ ما هو فيه بالنِّسبةِ إليه حُلْمٌ، قال: رَبِّ أعطِني ذلكَ المَنزِلَ. فيقولُ اللهُ تَبارَكَ وتَعالى له: لَعَلَّكَ إنْ أُعطيتَه تَسألُ غَيرَه؟ فيقولُ: لا وعِزَّتِكَ، وأيُّ مَنزِلٍ أحسَنُ منه، فيُعطاه فيَنزِلُه، ثمَّ يَسكُتُ، فيقولُ اللهُ جَلَّ ذِكرُه: ما لكَ لا تَسألُ؟ فيقولُ: رَبِّ، قد سأَلتُكَ حتى استَحيَيتُكَ. فيقولُ اللهُ جَلَّ ذِكرُه: ألم تَرضَ أنْ أُعطيَكَ مِثلَ الدُّنيا مُنذُ خَلَقتُها إلى يَومِ أَفْنَيتُها وعَشَرةَ أضعافِه؟ فيقولُ: أتَهزَأُ بي وأنتَ رَبُّ العِزَّةِ؟! قال: فيقولُ الرَّبُّ جَلَّ ذِكرُه: لا، ولكِنِّي على ذلكَ قادِرٌ. فيقولُ: أَلْحِقْني بالناسِ. فيقولُ: الْحَقْ بالناسِ. قال: فيَنطَلِقُ يَرمُلُ في الجنَّةِ، حتى إذا دَنا مِن الناسِ رُفِعَ له قَصرٌ مِن دُرَّةٍ، فيَخِرُّ ساجِدًا، فيقولُ له: ارفَعْ رأْسَكَ، ما لكَ؟ فيقولُ: رأَيتُ رَبِّي، أو تَراءَى لي رَبِّي، فيُقالُ: إنَّما هو مَنزِلٌ مِن مَنازِلِكَ. قال: ثمَّ يأتي رجُلًا فيَتهيَّأُ للسُّجودِ له، فيُقالُ له: مَهْ. فيقولُ: رأَيتُ أنَّكَ مَلَكٌ مِن المَلائكةِ. فيقولُ: إنَّما أنا خازِنٌ مِن خُزَّانِكَ، وعبدٌ مِن عَبيدِكَ، تَحتَ يَدي ألْفُ قَهرَمانٍ على ما أنا عليه. قال: فيَنطَلِقُ أمامَه حتى يَفتَحَ له بابَ القَصرِ. قال: وهو مِن دُرَةٍّ مُجَوَّفةٍ سَقائفُها وأبوابُها وأغلاقُها ومَفاتيحُها منها، يَستَقبِلُها جَوهَرةٌ خَضراءُ مُبَطَّنةٌ بحَمراءَ، فيها سَبعونَ بابًا، كلُّ بابٍ يُفضي إلى جَوهَرةٍ خَضراءَ مُبَطَّنةٍ، كلُّ جَوهَرةٍ تُفضي إلى جَوهَرةٍ على غَيرِ لَونِ الأُخرى، في كلِّ جَوهَرةٍ سُرُرٌ وأزواجٌ ووَصائفُ، أدناهنَّ حَوراءُ عَيْناءُ، عليها سَبعونَ حُلَّةً ، يُرَى مُخُّ ساقِها مِن وَراءِ حُلَلِها، كَبِدُها مِرآتُه، وكَبِدُه مِرآتُها، إذا أعرَضَ عنها إعراضةً ازدادَتْ في عَينِه سَبعينَ ضِعفًا عَمَّا كانتْ قبلَ ذلك، فيقولُ لها: واللهِ لقدِ ازدَدتِ في عَيني سَبعينَ ضِعفًا. وتَقولُ له: وأنتَ لقدِ ازدَدتَ في عَيني سَبعينَ ضِعفًا. فيُقالُ له: أشرِفْ. فيُشرِفُ، فيُقالُ له: مُلكُكَ مَسيرةُ مئةِ عامٍ، يَنفُذُه بَصَرُكَ. قال: فقال له عُمَرُ: ألَا تَسمَعُ ما يُحَدِّثُنا ابنُ أُمِّ عبدٍ يا كَعبُ عن أَدْنى أهلِ الجنَّةِ مَنزِلًا؟ فكيفَ أَعْلاهم؟ قال: يا أميرَ المؤمِنينَ، ما لا عَينٌ رأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعتْ، إنَّ اللهَ جَلَّ ذِكرُه خَلَقَ دارًا جعَلَ فيها ما شاءَ مِن الأَزْواجِ، والثَّمَراتِ، والأشرِبةِ، ثمَّ أطبَقَها، فلم يَرَها أحَدٌ مِن خَلْقِه، لا جِبريلُ ولا غَيرُه مِن المَلائكةِ، ثمَّ قَرأ كَعبٌ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]. قال: وخَلَقَ دونَ ذلكَ جَنَّتينِ وزَيَّنَهما بما شاءَ، وأراهما مَن شاءَ مِن خَلقِه، ثمَّ قال: مَن كان كِتابُه في عِلِّيِّينَ نزَلَ في تلكَ الدارِ التي لم يَرَها أحَدٌ، حتى إنَّ الرجُلَ مِن أهلِ عِلِّيِّينَ ، فيَخرُجُ فيَسيرُ في مُلكِه، فلا تَبقى خَيمةٌ مِن خِيَمِ الجنَّةِ إلَّا دخَلَها مِن ضَوءِ وَجهِه، فيَستَبشِرونَ بريحِه، فيقولونَ: واهًا لهذا الرِّيحِ، هذا رِيحُ رجُلٍ مِن أهلِ عِلِّيِّينَ قد خرَجَ يَسيرُ في مُلكِه. قال: وَيحَكَ يا كَعبُ، إنَّ هذه القُلوبَ قدِ استَرسَلَتْ فاقبِضْها. فقال كَعبٌ: إنَّ لجَهنَّمَ يَومَ القِيامةِ لَزَفْرةً ما مِن مَلَكٍ مُقَرَّبٍ ولا نَبيٍّ مُرسَلٍ إلَّا خَرَّ لرُكبَتَيْه، حتى إنَّ إبراهيمَ خَليلَ اللهِ لَيقولُ: رَبِّ نَفْسي نَفْسي، حتى لو كان لكَ عَمَلُ سَبعينَ نَبيًّا إلى عَمَلِكَ لَظَنَنتَ ألَّا تَنجُوَ.
خلاصة حكم المحدث : أحد طرقه صحيح
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب الصفحة أو الرقم : 4/365
التخريج : أخرجه الطبراني (9/417) (9763)، والدارقطني في ((رؤية الله)) (163)، والحاكم (8751) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: توحيد - فضل التوحيد جنة - درجات الجنة تفسير آيات - سورة السجدة قيامة - الصراط قيامة - أهوال يوم القيامة
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

أصول الحديث:


المعجم الكبير (9/ 417)
9763- حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا أبو غسان ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن أبي خالد الدالاني ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود وحدثنا محمد بن النضر الأزدي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، والحضرمي ، قالوا : حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني ، حدثنا محمد بن سلمة الحراني ، عن أبي عبد الرحيم ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة بن عبد الله ، عن مسروق بن الأجدع ، حدثنا عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء ، قال : وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي ، ثم ينادي مناد أيها الناس : ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا أن يولي كل ناس منكم ما كانوا يتولون ويعبدون في الدين ، أليس ذلك عدلا من ربكم ؟ قالوا : بلى ، قال : فلينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون في الدنيا ، قال : فينطلقون ويمثل لهم أشياء ما كانوا يعبدون ، فمنهم من ينطلق إلى الشمس ، ومنهم من ينطلق إلى القمر ، وإلى الأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون ، قال : ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ، ويمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير ، ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ، قال : فيتمثل الرب عز وجل فيأتيهم فيقول : ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس ؟ قال : فيقولون إن لنا لإلها ما رأيناه بعد ، فيقول : هل تعرفونه إن رأيتموه ؟ فيقولون : إن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناها ، قال : فيقول : ما هي ؟ فيقولون : يكشف عن ساقه ، قال : فعند ذلك يكشف عن ساق فيخر كل من كان بظهره طبق ، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون ، وقد كان يدعون إلى السجود وهم سالمون ، ثم يقول : ارفعوا رؤوسكم ، فيرفعون رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم ، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه ، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك ، ومنهم من يعطى نورا مثل النخلة بيمينه ، ومنهم من يعطى نورا أصغر من ذلك ، حتى يكون رجلا يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويفيء مرة ، فإذا أضاء قدم قدمه فمشى ، وإذا طفئ قام ، قال : والرب عز وجل أمامهم حتى يمر في النار فيبقى أثره كحد السيف دحض مزلة ، قال : ويقول : مروا ، فيمرون على قدر نورهم ، منهم من يمر كطرف العين ، ومنهم من يمر كالبرق ، ومنهم من يمر كالسحاب ، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كشد الفرس ، ومنهم من يمر كشد الرجل ، حتى يمر الذي أعطي نوره على إبهام قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر رجل ، وتعلق رجل ، ويصيب جوانبه النار ، فلا يزال كذلك حتى يخلص ، فإذا خلص وقف عليها ، ثم قال : الحمد لله لقد أعطاني الله ما لم يعط أحدا أن نجاني منها بعد إذ رأيتها ، قال : فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة ، فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم ، فيرى ما في الجنة من خلال الباب فيقول : رب أدخلني الجنة ، فيقول الله له : أتسأل الجنة ، وقد نجيتك من النار ؟ فيقول : رب اجعل بيني وبينها حجابا لا أسمع حسيسها ، قال : فيدخل الجنة ، قال : فيرى - أو يرفع له - منزل أمام ذلك كأنما هو فيه إليه حلم ، فيقول : رب أعطني ذلك المنزل ،فيقول له : فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره ، فيقول : فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره ، فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره ، وأي منزل يكون أحسن منه ، قال : ويرى ، أو يرفع له أمام ذلك منزل آخر كأنما هو إليه حلم ، فيقول : أعطني ذلك المنزل ، فيقول الله جل جلاله : فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره ، قال : لا وعزتك لا أسأل غيره وأي منزل يكون أحسن منه ، قال : فيعطاه فينزله ثم يسكت فيقول الله عز وجل : ما لك لا تسأل ؟ فيقول : رب لقد سألتك حتى استحييتك ، وأقسمت لك حتى استحييتك ، فيقول الله تعالى : ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه ؟ فيقول : أتستهزئ بي ، وأنت رب العزة ، فيضحك الرب عز وجل من قوله - قال : فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان ضحكت ، فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه - قال : فيقول الرب عز وجل : ولكني على ذلك قادر ، سل ، فيقول : ألحقني بالناس ، فيقول : الحق الناس ، قال : فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا ، فيقال له : ارفع رأسك ما لك ؟ فيقول : رأيت ربي - أو تراءى لي ربي - فيقال له : إنما هو منزل من منازلك ، قال : ثم يلقى رجلا فيتهيأ للسجود له فيقال له : مه ، ما لك ؟ فيقول : رأيت أنك ملك من الملائكة ،فيقول : إنما أنا خازن من خزانك ، عبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان على مثل ما أنا عليه ، قال : فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر ، قال : وهو في درة ، مجوفة سقائفها ، وأبوابها ، وأغلاقها ، ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ، ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها ، كبدها مرآته وكبده مرآتها ، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك ، وإذا أعرضت عنه إعراضة ازداد في عينها سبعين ضعفا عما كان قبل ذلك ، فيقول لها : والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا ، وتقول له : وأنت والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا ، فيقال له : أشرف ، قال : فيشرف ، فيقال له : ملكك مسيرة مئة عام ينفذه بصره , قال : فقال عمر : ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا ، فكيف أعلاهم ، فقال كعب : يا أمير المؤمنين : ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، إن الله عز وجل جعل دارا فجعل فيها ما شاء من الأزواج ، والثمرات ، والأشربة ، ثم أطبقها ، ثم لم يرها أحد من خلقه ، لا جبريل ولا غيره من الملائكة ، ثم قرأ كعب : {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} قال : وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه ، ثم قال : من كان كتابه في عليين نزل تلك الدار التي لم يرها أحد حتى إن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فما تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه ، فيستبشرون بريحه ، فيقولون : واها لهذا الريح ، هذا رجل من أهل عليين ، قد خرج يسير في ملكه ، فقال : ويحك يا كعب ، إن هذه القلوب قد استرسلت واقبضها ، فقال كعب : والذي نفسي بيده إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ، ولا نبي مرسل إلا يخر لركبتيه ، حتى إن إبراهيم خليل الله ليقول : رب نفسي نفسي ، حتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت أنك لا تنجو.

رؤية الله للدارقطني (ص: 266)
163 - حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله الدقاق، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن أبي عوف، حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة، حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، حدثني زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن مسروق، حدثنا عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجمع الله عز وجل الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم، قياما أربعين سنة، شاخصة أبصارهم إلى السماء، ينتظرون فصل القضاء، وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي، ثم ينادي مناد: ألم ترضوا من ربكم عز وجل الذي خلقكم ورزقكم، وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، أن يولي كل إنسان منكم ما كان يتولى ويعبد في الدنيا، أليس ذلك عدلا من ربكم؟ قالوا: بلى " ثم ذكر نحوه ورفعه في أوله قال الدارقطني: وروى هذا الحديث الأعمش عن المنهال، ولم يذكر فيه مسروقا

المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 632)
8751 - أخبرني أبو جعفر محمد بن دحيم الشيباني بالكوفة من أصل كتابه، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري، ثنا مالك بن إسماعيل النهدي، ثنا عبد السلام بن حرب، ثنا يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني، ثنا المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " يجمع الله الناس يوم القيامة فينادي مناد: يا أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم أن يوالي كل إنسان ما كان يعبد في الدنيا ويتولى، أليس ذلك عدل من ربكم؟ قالوا: بلى، قال: فينطلق كل إنسان منكم إلى ما كان يتولى في الدنيا ويمثل لهم ما كانوا يعبدون في الدنيا، وقال: يمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى، ويمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير، حتى يمثل لهم الشجر والعود والحجر، ويبقى أهل الإسلام جثوما فيقول لهم: ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس؟ فيقولون: إن لنا ربا ما رأيناه بعد، قال: فيقول: فبم تعرفون ربكم إن رأيتموه؟ قالوا: بيننا وبينه علامة إن رأيناه عرفناه، قال: وما هي؟ قالوا: الساق، فيكشف عن ساق، قال: فيحني كل من كان لظهر طبق ساجدا ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون، قال: ثم يؤمرون فيرفعون رءوسهم فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره دون ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك حتى يكون آخر ذلك يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفئ مرة فإذا أضاء قدم قدمه، وإذا طفئ قام، فيمرون على الصراط، والصراط كحد السيف دحض مزلة، قال: فيقال انجوا على قدر نوركم فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الرحل ويرمل رملا فيمرون على قدر أعمالهم، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه يجر يدا ويعلق يدا ويجر رجلا ويعلق رجلا فتصيب جوانبه النار، قال: فيخلصون فإذا خلصوا، قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك بعد إذ رأيناك، فقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا، فينطلقون إلى ضحضاح عند باب الجنة وهو مصفق منزلا في أدنى الجنة، فيقولون: ربنا أعطنا ذلك المنزل، قال: فيقول لهم: تسألوني الجنة وهو مصفق وقد أنجيتكم من النار، هذا الباب لا يسمعون حسيسها، فيقول لهم: لعلكم إن أعطيتموه أن تسألوني غيره، قال: فيقول: لا وعزتك لا نسألك غيره وأي منزل يكون أحسن منه، قال: فيعطوه فيرفع لهم أمام ذلك منزل آخر كأن الذي أعطوه قبل ذلك حلم عند الذي رأوه، قال: فيقول لهم: لعلكم إن أعطيتموه أن تسألوني غيره، فيقولون: لا وعزتك لا نسألك غيره وأي منزل أحسن منه؟ فيعطوه ثم يسكتون، قال: فيقال لهم، ما لكم لا تسألوني؟ فيقولون: ربنا قد سألنا حتى استحيينا، قال: فيقول لهم: ألم ترضوا إن أعطيتكم مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها " قال: قال مسروق: فما بلغ عبد الله هذا المكان من الحديث إلا ضحك، قال: فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن لقد حدثت بهذا الحديث مرارا فما بلغت هذا المكان من هذا الحديث إلا ضحكت، قال: فقال عبد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث بهذا الحديث مرارا فما بلغ هذا المكان من هذا الحديث إلا ضحك حتى تبدو لهواته ويبدو آخر ضرس من أضراسه لقول الإنسان: أتهزأ بي وأنت الملك؟ قال: " فيقول الرب تبارك وتعالى لا ولكني على ذلك قادر فسلوني، قال: فيقولون: ربنا ألحقنا بالناس فيقول لهم: الحقوا بالناس، قال: فينطلقون يرملون في الجنة حتى يبدو للرجل منهم قصر من درة مجوفة، قال: فيخر ساجدا، قال: فيقال له: ارفع رأسك فيرفع رأسه، فيقال: إنما هذا منزل من منازلك، قال: فينطلق فيستقبله رجل فيقول: أنت ملك؟ فيقال: إنما ذلك قهرمان من قهارمتك عبد من عبيدك، قال: فيأتيه فيقول: إنما أنا قهرمان من قهارمتك على هذا القصر تحت يدي ألف قهرمان كلهم على ما أنا عليه، قال: فينطلق به عند ذلك حتى يفتح القصر وهو درة مجوفة سقايفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها، فيفتح له القصر فيستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء سبعون ذراعا فيها ستون بابا كل باب يفضي إلى جوهرة واحدة على غير لون صاحبتها، في كل جوهرة سرر وأزواج وتصاريف - أو قال: ووصائف - قال: فيدخل فإذا هو بحوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها كبدها مرآته وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كان قبل ذلك، فيقول: لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا، وتقول له مثل ذلك، قال: فيشرف ببصره على ملكه مسيرة مائة عام " قال: فقال عمر عند ذلك: يا كعب ألا تسمع إلى ما يحدثنا ابن أم عبد عن أدنى أهل الجنة ماله فكيف بأعلاهم؟ قال: " يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت إن الله كان فوق العرش والماء فخلق لنفسه دارا بيده فزينها بما شاء وجعل فيها من الثمرات والشراب، ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه منذ يوم خلقها لا جبريل ولا غيره من الملائكة، ثم قرأ كعب فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين وخلق دون ذلك جنتين فزينهما بما شاء وجعل فيهما ما ذكر من الحرير والسندس والإستبرق، وأراهما من شاء من خلقه من الملائكة، فمن كان كتابه في عليين يرى في تلك الدار، فإذا ركب الرجل من أهل عليين في ملكه لم ينزل خيمة من خيام الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه، حتى إنهم يستنشقون ريحه ويقولون: واها لهذه الريح الطيبة، ويقولون: لقد أشرف علينا اليوم رجل من أهل عليين "، فقال عمر: ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها، فقال كعب: " يا أمير المؤمنين إن لجهنم زفرة ما من ملك مقرب ولا نبي إلا يخر لركبتيه حتى يقول إبراهيم خليل الله: رب نفسي نفسي، وحتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت أن لا تنجو منها رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات غير أنهما لم يخرجا أبا خالد الدالاني في الصحيحين لما ذكر من انحرافه عن السنة في ذكر الصحابة فأما الأئمة المتقدمون فكلهم شهدوا لأبي خالد بالصدق والإتقان والحديث صحيح ولم يخرجاه وأبو خالد الدالاني ممن يجمع حديثه في أئمة أهل الكوفة