الموسوعة الحديثية


- أتاني جبريلُ وفي كفِّه مرآةٌ كأحسنِ المرايا وأضوئِها وإذا في وسطِها لمعةٌ سوداءُ فقلتُ : ما هذه اللمعةُ التي أرَى فيها ؟ قال : هذه الجمعةُ، قلتُ : وما الجمعَة ؟ قال : يومٌ من أيامِ ربكَ عظيمٌ وسأخبركَ بشرفِه وفضلِه على الدنيا وما يرجَى فيه لأهلِه وباسمِه في الآخرةِ، فأما شرفهُ وفضلهُ في الدنيا فإنَّ اللهَ جمعَ فيه أمرَ الخلقِ، وأما ما يرجَى فيه لأهلهِ فإنَّ فيه ساعةٌ لا يوافقُها عبدٌ مسلمٌ أو أمةٌ مسلمةٌ يسألُ اللهَ فيه خيرًا إلَّا أعطاهُ إياهُ وأما شرفُه وفضلُه في الآخرةِ واسمُه فإنَّ اللهَ تبارك وتعالى إذا صيَّر أهلَ الجنةِ إلى الجنةِ وأهلَ النارِ إلى النارِ جرتْ عليهم هذه الأيامُ وهذه الليالي ليس فيها ليلٌ ولا نهارٌ، فأعلمَ اللهُ عزَّ وجلَّ مقدارَ ذلك وساعاتِه، فإذا كان يومُ الجمعةِ حين يخرجُ أهلُ الجمعةِ إلى جمعتهِم نادَى أهلَ الجنةِ منادٍ : يا أهلَ الجنةِ اخرجوا إلى وادي المزيدِ، ووادي المزيدُ لا يعلمُ سعتَه وطولَه وعرضَهُ إلا اللهُ، فيه كُثبانُ المسكِ رءوسُها في السماءِ، قال : فيخرجُ غلمانُ الأنبياءِ بمنابرَ من نورٍ ويخرجُ غلمانُ المؤمنين بكراسيِّ من ياقوتٍ فإذا وضعتْ لهم وأخذ القومُ مجالسَهم بعث اللهُ تعالى عليهم ريحًا تدعَى المُثيرةَ تنشرُ ذلك المسكَ وتدخلُه من تحتِ ثيابِهم وتخرجُه في وجوهِهم وأشعارِهم وتلك الرياح أعلمُ كيف يصنعُ بذلك المسكِ من امرأةِ أحدِكم لو رُفِع إليها كلُّ طيبٍ على وجهِ الأرضِ. قال : ثمَّ يوحي اللهُ تبارك وتعالى إلى حمَلةِ عرشهِ ضعوهُ بين أظهرِهم، فيكونُ أقلُّ ما يسمعونَ منه أن يا عبادي الذين أطاعوني بالغيبِ ولم يرَوْني وصدَّقوا برسُلي واتبعوا أمري سلوا فهذا يومُ المزيدِ، فيجتمعونَ على كلمةٍ واحدةٍ : رضينا عنكَ فارضَ عنَّا، فيرجعُ اللهُ إليهم : أنْ يا أهلَ الجنةِ إني لو لم أرضَ عنكم لم أسُكنْكم داري، فسلوني فهذا يومُ المزيدِ، فيجتمعون على كلمةٍ واحدةٍ : ربَّنا أرِنا وجهكَ ننظرْ إليكَ، فيكشفُ عن تلك الحجُبِ ويتجلَّى لهم عزَّ وجلَّ فيغشاهُم من نورِه شيءٌ لولا أنه قضَى أنْ لا يحترقوا لاحترَقوا لما يغشاهُم من نورِه، ثمَّ يقالُ لهم : ارجعوا إلى منازلِكم فيرجعونَ إلى منازلِهم وقد أعطِيَ كلُّ واحدٍ منهم الضعفَ على ما كانوا فيه فيرجعونَ إلى أزواجِهم وقد خفُوا عليهنَّ وخفِينَ عليهم بما غشيَهم من نورِه، فإذا رجعوا ترادَّ النورُ حتَّى يرجعوا إلى صوَرِهم التي كانوا عليها، فتقولُ لهم أزواجُهم : لقد خرجتُم من عندنا على صورةٍ ورجعتم على غيرِها، فيقولونَ : ذلك أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ تجلَّى لنا فنظرْنا منه، قال : إنه واللهِ ما أحاطَه خلقٌ ولكنه قد أراهُم اللهُ عزَّ وجلَّ من عظمتِه وجلالهِ ما شاء أنْ يريَهم، قال : فذلك قوله فنظرْنا منه، قال : فهم يتقلَّبونَ في مسكِ الجنةِ ونعيمِها في كلِّ سبعةِ أيامٍ الضعفَ على ما كانوا فيه. قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلهِ وسلَّم : فذلك قولهُ تعالى { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

أصول الحديث:


[مسند البزار = البحر الزخار] (7/ 288)
: 2881 - حدثنا محمد بن معمر، وأحمد بن عمرو بن عبيدة العصفري، قالا: أخبرنا يحيى بن كثير، قال: أخبرنا إبراهيم بن المبارك ، عن القاسم بن مطيب، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاني جبريل صلى الله عليه في كفه مثل المرآة في وسطها لمعة سوداء، قلت: يا جبريل، ما هذا؟، قال: هذه الدنيا صفاؤها، وحسنها، قلت: ما هذه اللمعة السوداء؟، قال: هذه الجمعة، قلت: وما يوم الجمعة؟، قال: يوم من أيام ربك عظيم، فذكر شرفه، وفضله، واسمه في الآخرة، فإن الله إذا صير أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار ليس ثم ليل، ولا نهار قد علم الله عز وجل مقدار تلك الساعات، فإذا كان يوم الجمعة في وقت الجمعة التي يخرج أهل الجمعة إلى جمعتهم، قال: فينادي مناد: يا أهل الجنة، اخرجوا إلى دار المزيد، فيخرجون في كثبان المسك " قال حذيفة: والله لهو أشد بياضا من دقيقكم فإذا قعدوا وأخذ القوم مجالسهم بعث الله عليهم ريحا تدعى المثيرة فتثير عليهم المسك الأبيض فتدخله في ثيابهم، وتخرجه من جيوبهم فالريح أعلم بذلك الطيب من امرأة أحدكم لو دفع إليها طيب أهل الدنيا، ويقول الله عز وجل: " أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب، وصدقوا رسلي ولم يروني؟، سلوني فهذا يوم المزيد، فيجتمعون على كلمة واحدة: إنا قد رضينا فارض عنا، ويرجع إليهم في قوله لهم: يا أهل الجنة لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي، فهذا يوم المزيد فسلوني، فيجتمعون على كلمة واحدة أرنا وجهك ننظر إليه قال: فيكشف الله تبارك وتعالى الحجب، ويتجلى لهم تبارك وتعالى، فيغشاهم من نوره لولا أن الله قضى أن لا يموتوا لاحترقوا، ثم يقال لهم: ارجعوا إلى منازلكم، فيرجعون وقد خفوا على أزواجهم، وخفين عليهم مما غشيهم من نوره تبارك وتعالى فلا يزال النور يتمكن حتى يرجعوا إلى حالهم أو إلى منازلهم التي كانوا عليها، فيقول لهم أزواجهم: لقد خرجتم من عندنا بصورة ورجعتم إلينا بغيرها؟، فيقولون: تجلى لنا ربنا عز وجل فنظرنا إلى ما خفينا به عليكم قال: فهم يتقلبون في مسك الجنة، ونعيمها في كل سبعة أيام، وهو يوم المزيد " وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن حذيفة إلا من هذا الوجه، ولا نعلم رواه عن الأعمش إلا القاسم بن مطيب، ولا حدث به إلا يحيى بن كثير، عن إبراهيم بن المبارك، سمعت أحمد بن عمرو بن عبيدة، يقول: ذاكرت به على ابن المديني، فقال لي: هذا حديث غريب، وما سمعته، وقال لي إبراهيم بن المبارك معروف من آل أبي صلابة، قوم مشاهير كانوا بالبصرة، يروى في يوم الجمعة عن أنس، وعبد الله بن عمرو، وحذيفة، وسمرة