الموسوعة الحديثية


- سمع عثمانُ بنُ عفانَ رضي اللهُ عنه أن وفدَ أهلِ مصرَ قد أقبَلوا فاستَقبَلهم وكان في قريةٍ خارجًا منَ المدينةِ, أو كما قال, فلما سمِعوا به أقبَلوا نحوَه إلى المكانِ الذي هو فيه قالوا: كرِه أن تقدَموا عليه المدينةَ, أو نحوَ ذلك, فأتَوه فقالوا له: ادعُ بالمصحفِ قال: فدَعا بالمصحفِ فقالوا له: افتَحْ السابعةَ, وكانوا يسمُّونَ سورةَ يونسَ: السابعةَ, فقرَأ حتى أتى على هذه الآيةِ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ فقالوا له: قِفْ أرأيتَ ما حُمِي مِن حمَى اللهِ اللهُ أذِن لكَ أم على اللهِ تَفتَري ؟ فقال: أمضِه نزَلَتْ في كذا وكذا وأما الحِمى: فإنَّ عُمرَ حَمى الحِمى قبلي لإبلِ الصدقةِ فلما وُلِّيتُ حمَيتُ لإبلِ الصدقةِ أمضِه فجعَلوا يأخُذونَه بالآيةِ فيقولُ: أمضِه نزلَتْ في كذا وكذا قال: وكان الذي يلي كلامَ عثمانَ في سِنكَ, قال: يقولُ أبو نضرةَ يقولُ ذلك لي أبو سعيدٍ قال أبو نضرةَ وأنا في سِنكَ قال أبي: ولم يخرجْ وجهي يومئذٍ لا أدري لعلَّه قال مرةً أخرى: وأنا يومئذٍ ابنُ ثلاثينَ سنةً قال: ثم أخَذوه بأشياءَ لم يكُنْ عندَه منها مخرجٌ فعرَفها فقال: أستَغفِرُ اللهَ وأتوبُ إليه ثم قال لهم: ما تُريدونَ ؟ قالوا: فأخَذوا ميثاقَه وكتَب عليهم شرطُا ثم أخَذ عليهِم أن لا يَشُقُّوا عصًا ولا يُفارِقوا جماعةً ما قام لهم بشرطِهم, أو كما أخَذوا عليه, فقال لهم: ما تُريدونَ ؟ قالوا: نريدُ أن لا يأخُذَ أهلُ المدينةِ عطاءً فإنما هذا المالُ لمن قاتَل عليه ولهذه الشيوخِ مِن أصحابِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرَضوا وأقبَلوا معه إلى المدينةِ راضينَ قال: فقام فخطَبَهم فقال: إني واللهِ ما رأيتُ وفدًا في الأرضِ هو خيرٌ مِن هذا الوفدِ الذين مِن أهلِ مصرَ ألا مَن كان له زرعٌ فلْيَلحَقْ بزرعِه ومَن كان له ضرعٌ فيحتلبْ ألا إنه لا مالَ لكم عندَنا إنما هذا المالُ لمن قاتَل عليه ولهذه الشيوخِ مِن أصحابِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: فغضِب الناسُ وقالوا: هذا مكرُ بني أميةَ ثم رجَع الوفدُ المصريُّونَ راضينَ فبينما هم في الطريقِ إذا هُم براكبٍ يتعرَّضُ لهم ويفارِقُهم ثم يرجِعُ إليهِم ثم يُفارِقُهم ويسبُّهم قالوا له: مالَكَ إنَّ لكَ لأمرًا ما شأنُكَ ؟! فقال: أنا رسولُ أميرِ المؤمنينَ إلى عاملِه بمصرَ ففتَّشوه فإذا هُم بالكتابِ معه على لسانِ عثمانَ عليه خاتَمُه إلى عاملِه بمصرَ أن يَصلِبَهم أو يَقتُلَهم أو يقطعَ أيديَهم وأرجلَهم مِن خلافٍ فأقبَلوا حتى قدِموا المدينةَ فأتَوا عليًّا فقالوا: ألم تَر إلى عدوِّ اللهِ يكتبُ فينا كذا وكذا وإنَّ اللهَ, تعالى, قد أحَلَّ دمَه قُمْ معنا إليه قال: واللهِ لا أقومُ معكم إليه قالوا: فلِمَ كتَبتَ إلينا ؟ قال: واللهِ ما كتَبتُ إليكم كتابًا قَطُّ قال: فنظَر بعضُهم إلى بعضٍ فقالوا: لهذا تقاتِلونَ أم لهذا تَغضَبونَ ؟ فانطَلَق عليٌّ يخرجُ منَ المدينةِ إلى قريةٍ فانطَلَقوا حتى دخَلوا على عثمانَ فقالوا له: كتبتَ فينا كذا وكذا وإنَّ اللهَ قد أحَلَّ دمَكَ فقال: إنهما اثنانِ: أن تُقيموا عليَّ رجلينِ منَ المسلمينَ أو يمينٌ باللهِ الذي لا إلهَ إلا هو ما كتبتُ ولا أملَيتُ ولا علِمتُ وقد تَعلَمونَ أنَّ الكتابَ يُكتَبُ على لسانِ الرجلِ وقد يُنقَشُ الخاتَمُ على الخاتَمِ, قالوا: فواللهِ لقد أحلَّ اللهُ دمَكَ بنقضِ العهدِ والميثاقِ, قال: فحاصَروه فأشرَف عليهِم وهو محصورٌ ذاتَ يومٍ فقال: السلامُ عليكم, قال أبو سعيدٍ: فواللهِ ما أسمَعُ أحدًا منَ الناسِ ردَّ عليه السلامَ إلا أن يرُدَّ الرجلُ في نفسِه, فقال: أنشُدُكم باللهِ الذي لا إله إلا هو هل علِمتُم ؟ قال: فذكَر أشياءَ في شأنِه وذكَر أيضًا أرى كتابتَه المفصلَ ففشى النهيُ فجعَل يقولُ الناسُ: مهلًا عن أميرِ المؤمنينَ ففَشى النهيُ فقام الأشترُ, فلا أدري أيومئذٍ أم يومَ آخر, قال: فلعله قد مُكِر به وبكم قال: فوطِئَه الناسُ حتى لقي كذا وكذا ثم إنه أشرَف عليهم مرةً أخرى فوعَظَهم وذكَّرهم فلم تأخُذْ فيهم الموعظةُ وكان الناسُ تأخُذُ فيهم الموعظةُ أولَ ما يَسمَعونَها فإذا أُعيدَتْ عليهِم لم تأخُذْ فيهم قال: ثم إنه فتَح البابَ ووضَع المصحفَ بين يدَيه وذاك أنه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال له: يا عثمانُ أفطِرْ عندَنا الليلةَ, قال أبي: فحدَّثني الحسنُ أن محمدَ بنَ أبي بكرٍ دخَل عليه فأخَذ بلحيتِه فقال: لقد أخذتَ مني مأخذًا, أو قعدتَ مني مقعدًا- ما كان أبوكَ ليقعُدَه, أو قال: ليأخُذَه- فخرَج وترَكه ودخَل عليه رجلٌ يقالُ له: الموتُ الأسوَدُ فخنَقَه ثم خنَقَه ثم خرَج فقال: واللهِ لقد خنَقتُه فما رأيتُ شيئًا قطُّ ألينَ مِن حلقِه حتى رأيتُ نفسَه ترددُّ في جسدِه كنفسِ الجانِّ, قال: فخرَج وترَكه, وقال في حديثِ أبي سعيدٍ: دخَل عليه رجلٌ فقال: بيني وبينَكَ كتابُ اللهِ فخرَج وترَكه ثم دخَل عليه آخرُ فقال: بيني وبينك كتابُ اللهِ, تعالى, والمصحفُ بين يدَيه فأهوى بالسيفِ فاتَّقاه عثمانُ بيدِه فقَطَعها فما أدري أبانَها أم قطَعَها ولم يُبِنْها قال عثمانُ: أما واللهِ إنَّها أولُ كفٍّ خطَّتِ المُفَصَّلَ قال ؟ وقال في غيرِ حديثِ أبي سعيدٍ: فدخَل عليه التجيبيُّ فأشعَر مشقصًا, فانتَضَح الدمُ على هذه الآيةِ: فسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وهُوَ السميعُ العليمُ قال: فإنَّها في المصحفِ ما حُكَّتْ بعدُ قال: فأخَذَتْ بنتُ الفرافصةِ حُلِيَّها في حديثِ أبي سعيدٍ فوضَعَتْه في حجرِها وذلك قبلَ أن يُقتَلَ فلما أشعرَ أو قُتِل تفاجتْ عليه فقال بعضُهم: قاتَلها اللهُ ما أعظمَ عجيزتَها قال أبو سعيدٍ فعلِمتُ أنَّ أعداءَ اللهِ لم يُريدوا إلا الدنيا
خلاصة حكم المحدث : رواته ثقات
الراوي : أبو سعيد مولى أبي سعيد الأنصاري | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة الصفحة أو الرقم : 8/7
التخريج : أخرجه إسحق بن راهويه كما في ((إتحاف الخيرة المهرة)) للبوصيري (8/7) واللفظ له، وعبدالله بن أحمد في ((زوائد فضائل الصحابة)) (765)، وابن حبان (6919) من حديث أبي سعيد مولى أبي أسيد
التصنيف الموضوعي: رؤيا - من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فتن - فتنة قتل عثمان مناقب وفضائل - عثمان بن عفان مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إمامة وخلافة - الحمى للمسلمين
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

أصول الحديث:


[فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل] (1/ 470)
: 765 - حدثنا عبد الله: قثنا عبيد الله بن معاذ أبو عمرو العنبري، قثنا المعتمر قال: قال أبي: نا أبو نضرة، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا، قال: فاستقبلهم، قال: وكان في قرية له خارجا من المدينة، أو كما قال، فلما سمعوا به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه، أراه قال: وكره أن يقدموا عليه المدينة أو نحوا من ذلك، قال: فأتوه فقالوا: ادع لنا بالمصحف، فدعا بالمصحف، فقالوا له: افتح السابعة، قال: وكانوا يسمون سورة يونس السابعة، قال: فقرأها حتى أتى على آخر هذه الآية {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون} [[يونس: 59]] ، قال: قالوا له: قف، قال: قالوا له: أرأيت ما حميت من الحمى، آلله أذن لك أم على الله تفتري؟ قال: فقال: أمضه، نزلت في كذا وكذا، قال: وأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة، فزدت في الحمى لما زاد من إبل الصدقة، أمضه، قال: فجعلوا يأخذونه بالآية فيقول: أمضه نزلت في كذا وكذا، قال: والذي يلي كلام عثمان يومئذ في سنك، قال: يقول أبو نضرة: يقول لي ذاك أبو سعيد، قال أبو نضرة: وأنا في سنك يومئذ، قال: ولم يخرج وجهي يومئذ، لا أدري لعله قد قال مرة أخرى: وأنا يومئذ ابن ثلاثين سنة، قال: وأخذ عليهم أن لا يشقوا عصا المسلمين، ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم شرطهم، أو كما أخذوا عليه، قال: فقال لهم: وما تريدون؟ قالوا: نريد أن لا يأخذ أهل المدينة عطاء، فإنما هذا المال لمن قاتل عليه، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد، قال: فرضوا وأقبلوا معه إلى المدينة راضين، قال: فقام فخطب قال: ألا إن من كان له زرع فليلحق بزرعه، ومن كان له ضرع فليلحق به، ألا إنه لا مال لكم عندنا، إنما هذا المال لمن قاتل عليه ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فغضب الناس وقالوا: مكر بني أمية، قال: ثم رجع الوفد المصريون راضين، فبينا هم بالطريق، إذا هم براكب يتعرض لهم ثم يفارقهم ثم يرجع إليهم، ثم يفارقهم ويسبهم، قال: فقالوا له: ما لك؟ إن لك لأمرا، ما شأنك؟ قال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر، قال: ففتشوه فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يصلبهم، أو يقتلهم، أو يقطع أيديهم وأرجلهم، قال: فأقبلوا حتى قدموا المدينة، قال: فأتوا عليا فقالوا: ألم تر أنه كتب فينا بكذا وكذا؟ فمر معنا إليه، قال: لا والله لا أقوم معكم، قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: لا والله ما كتبت إليكم كتابا قط، قال: فنظر بعضهم إلى بعض، فقال بعضهم لبعض: ألهذا تقاتلون، أو لهذا تغضبون؟ قال: وانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية، وانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا، فقال: إنما هما اثنتان، أن تقيموا علي رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت ولا أمليت ولا علمت، قال: وقال: قد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل، وقد ينقش الخاتم على الخاتم. قال: حصروه في القصر، قال: فأشرف عليهم ذات يوم فقال: السلام عليكم، قال: فما أسمع أحد من الناس رد عليه، إلا أن يرد رجل في نفسه، قال: فقال: أنشدكم الله، هل علمتم أني اشتريت رومة من مالي يستعذب بها؟ قال: فجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين، قال: قيل: نعم، قال: فعلام تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر؟ قال: وأنشدكم الله، هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد؟ قال: قيل: نعم، قال: فهل علمتم أن أحدا من الناس منع أن يصلي فيه قبلي؟ قال: وأنشدكم الله، هل سمعتم نبي الله صلى الله عليه وسلم يذكر شيئا في شأنه، وذكر أرى كتابه المفصل - قال: ففشا النهي، قال: فجعل الناس يقولون: قال: مهلا عن أمير المؤمنين، مهلا عن أمير المؤمنين، قال: وفشا النهي، قال: فقام الأشتر قال: فلا أدري أيومئذ أم يوم آخر؟ قال: فلعله قد مكر بي وبكم، قال: فوطيه الناس حتى ألقى كذا وكذا، قال: ثم أشرف عليهم مرة أخرى، فوعظهم وذكرهم، فلم تأخذ فيهم الموعظة، قال: وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعونها، فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم، أو كما قال، قال: ورأى في المنام كأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أفطر عندنا الليلة ، قال: ثم إنه فتح الباب ووضع المصحف بين يديه قال: فزعم الحسن أن محمد بن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته، فقال عثمان: لقد أخذت مني مأخذا، أو قعدت مني مقعدا، ما كان أبو بكر ليقعده، أو ليأخذه، قال: فخرج وتركه، قال: وقال في حديث أبي سعيد: ودخل عليه رجل، فقال: بيني وبينك كتاب الله، قال: فخرج وتركه، قال: فدخل عليه آخر، فقال: بيني وبينك كتاب الله، قال: والمصحف بين يديه، قال: فيهوي إليه بالسيف قال: فاتقاه بيده فقطعها، فلا أدري أبانها أم قطعها ولم يبنها، فقال: أما والله إنها لأول كف قد خطت المفصل، قال: ودخل عليه رجل يقال له: الموت الأسود، قال: فخنقه، وخنقه، قال: ثم خرج قبل أن يضرب السيف، فقال: والله ما رأيت شيئا قط هو ألين من حلقه، والله لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل نفس الجان يتردد في جسده، قال: وفي غير حديث أبي سعيد: فدخل عليه التجوبي فأشعره مشقصا، قال: فانتضح الدم على هذه الآية {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [[البقرة: 137]] ، قال: فإنها في المصحف ما حكت، قال: وأخذت ابنة الفرافصة - في حديث أبي سعيد - حليها فوضعته في حجرها وذاك قبل أن يقتل، قال: فلما أشعر وقتل تفاجت عليه، فقال بعضهم: قاتلها الله ما أعظم عجيزتها، قالت: فعرفت أن أعداء الله لم يريدوا إلا الدنيا.

[الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان] (15/ 357)
: [[6919]] أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف، حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأحمد بن المقدام، قالا: حدثنا المعتمر بن سليمان، حدثنا أبي، حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا، فاستقبلهم، فلما سمعوا به، أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه، فقالوا: له ادع المصحف، فدعا بالمصحف، فقالوا له: افتح السابعة، قال: وكانوا يسمون سورة يونس السابعة، فقرأها حتى أتى على هذه الآية: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون} [[يونس:59]] قالوا له: قف، أرأيت ما حميت من الحمى، آلله أذن لك به أم على الله تفتري؟ فقال: أمضه نزلت في كذا وكذا، وأما الحمى لإبل الصدقة، فلما ولدت، زادت إبل الصدقة، فزدت في الحمى لما زاد في إبل الصدقة، أمضه، قالوا: فجعلوا يأخذونه بآية آية، فيقول: أمضه نزلت في كذا وكذا. فقال لهم: ما تريدون؟ قالوا: ميثاقك، قال: فكتبوا عليه شرطا، فأخذ عليهم أن لا يشقوا عصا، ولا يفارقوا جماعة ما قام لهم بشرطهم، وقال لهم: ما تريدون؟ قالوا: نريد أن لا يأخذ أهل المدينة عطاء، قال: لا إنما هذا المال لمن قاتل عليه، ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال فرضوا وأقبلوا معه إلى المدينة راضين. قال: فقام فخطب، فقال: ألا من كان له زرع، فليلحق بزرعه، ومن كان له ضرع فليحتلبه، ألا إنه لا مال لكم عندنا، إنما هذا المال لمن قاتل عليه، ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فغضب الناس، وقالوا: هذا مكر بني أمية، قال: ثم رجع المصريون، فبينما هم في الطريق إذا هم براكب يتعرض لهم، ثم يفارقهم، ثم يرجع إليهم، ثم يفارقهم ويسبهم، قالوا: مالك إن لك الأمان، ما شأنك؟ قال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر، قال: ففتشوه، فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان عليه خاتمه إلى عامله بمصر أن يصلبهم أو يقتلهم، أو يقطع أيديهم وأرجلهم، فأقبلوا حتى قدموا المدينة، فأتوا عليا، فقالوا: ألم تر إلى عدو الله، كتب فينا بكذا وكذا، وإن الله قد أحل دمه، قم معنا إليه، قال: والله لا أقوم معكم، قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم كتابا قط، فنظر بعضهم إلى بعض، ثم قال بعضهم إلى بعض: ألهذا تقاتلون، أو لهذا تغضبون. فانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية، وانطلقوا حتى دخلوا على عثمان، فقالوا: كتبت بكذا وكذا؟ فقال: إنما هما اثنتان: أن تقيموا علي رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا الله ما كتبت ولا أمليت ولا علمت، وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وقد ينقش الخاتم على الخاتم. فقالوا: والله أحل الله دمك، ونقضوا العهد والميثاق فحاصروه. فأشرف عليهم ذات يوم فقال: السلام عليكم، فما أسمع أحدا من الناس رد عليه السلام، إلا أن يرد رجل في نفسه، فقال: أنشدكم الله، هل علمتم أني اشتريت رومة من مالي، فجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين؟ قيل: نعم، قال: فعلام تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر؟! أنشدكم الله هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد؟ قيل: نعم، قال: فهل علمتم أن أحدا من الناس منع أن يصلي فيه قبلي؟ أنشدكم الله، هل سمعتم نبي الله صلى الله عليه وسلم يذكر كذا وكذا؟ أشياء في شأنه عددها. قال: ورأيته أشرف عليهم مرة أخرى، فوعظهم وذكرهم، فلم تأخذ منهم الموعظة، وكان الناس تأخذ منهم الموعظة في أول ما يسمعونها، فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ منهم، فقال لامرأته: افتحي الباب، ووضع المصحف بين يديه، وذلك أنه رأى من الليل أن نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول له: "أفطر عندنا الليلة" فدخل عليه رجل، فقال: بيني وبينك كتاب الله، فخرج وتركه، ثم دخل عليه آخر، فقال: بيني وبينك كتاب الله، والمصحف بين يديه، قال: فأهوى له بالسيف، فاتقاه بيده فقطعها، فلا أدري أقطعها ولم يبنها، أم أبانها؟ قال عثمان: أما والله إنها لأول كف خطت المفصل- وفي غير حديث أبي سعيد: فدخل عليه التجيبي فضربه مشقصا، فنضح الدم على هذه الآية {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} [[البقرة:137]] قال: وإنها في المصحف ما حكت قال: وأخذت بنت الفرافصة - في حديث أبي سعيد - حليها ووضعته في حجرها، وذلك قبل أن يقتل، فلما قتل، تفاجت عليه، قال بعضهم: قاتلها الله ما أعظم عجيزتها، فعلمت أن أعداء الله لم يريدوا إلا الدنيا