الموسوعة الحديثية


- لمَّا اعتزلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نساءَه، دخلتُ المسجدَ فإذا الناسُ ينكتون بالحَصَا، ويقولون : طلَّق رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نساءَه، وذلك قبلَ أن يُؤمرْنَ بالحجابِ، قال : فدخلتُ على عائشةَ، فقلتُ : يا بنتَ أبي بكرٍ لقد بلغ شأنُكِ أن تُؤذينَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قالت : مالي ولك يا ابنَ الخطابِ عليك بعيبتِك، فدخلتُ على حفصةَ بنتِ عمرَ، فقلتُ : يا حفصةُ قد بلغ من شأنِك أنْ تُؤذينَ اللهَ ورسولَهُ، لقد علمتِ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يُحبُّكِ ولولا أنا لطلَّقَكِ، قال : فبكتْ أشدَّ البكاءِ، فقلتُ : أينَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؟ قالت : في خزانتِه في المشرُبةِ، فإذا بغلامِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رباحٍ قاعدٌ على أَسْكُفَّةِ المشرُبةِ، مُدِلٌّ رجليهِ على نقيرٍ من خشبٍ ، وجِذْعًا يَرقى عليهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فناديتُ : يا رَبَاحُ استأذِنْ لي على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فنظرَ إلى الغرفةِ ثم نظر إليَّ فلم يَقلْ شيئًا، فقلتُ : يا رَبَاحُ استأذِنْ لي على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فإني أظنُّ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ظنَّ أني جئتُ من أجلِ حفصةَ، واللهِ لو أمرني أن أضربَ عنقَها لضربتُ عنقَها، فأومأَ إليَّ بيدِه فدخلتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو مضطجعٌ على حصيرٍ، فجلستُ فإذا عليه إزارٌ ليس عليه غيرُه، وإذا الحصيرُ قد أَثَّرَ في جسدِه، فذهبتُ أرمي ببصري في خزانةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فإذا شطرٌ من شعيرٍ قَدْرُ صاعٍ، وقَرْظٌ في ناحيةِ الغرفةِ فابتدرتْ عينايَ، فقال : ما يُبكيكَ يا ابنَ الخطابِ ؟ قلتُ : يا رسولَ اللهِ ألا أبكي وهذا الحصيرُ قد أَثَّرَ في جسدِك، وهذه خزانتُكَ لا أرَى فيها إلا ما أرَى، وقيصرُ وكِسرَى في الثمارِ والأنهارِ وأنت رسولُ اللهِ وصفوتُهُ، وهذه خزانتُكَ، قال : ألا ترضَى أن تكونَ لهم الدنيا ولنا الآخرةُ ؟ قلتُ : بلَى، ودخلتُ عليه وأنا أرى في وجهِه الغضبَ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ما شقَّ عليك من شأنِ النساءِ، فإن كنتَ طلَّقتهنَّ فإنَّ اللهَ معَك وملائكتُه وجبريلُ وميكائيلُ وأنا وأبو بكرٍ، وقَلَّما تكلمتُ –وأحمدُ اللهَ - بكلامٍ إلا رجوتُ أن يُصدقَ اللهُ قولي، ونزلت هذه الآيةُ : {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} ونزلتْ : {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ} إلى آخرِ الآيةِ، وكانت بنتُ أبي بكرٍ وحفصةُ تُظاهرانِ على سائرِ نساءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! طلَّقتَهنَّ ؟ قال : لا، قلتُ : أنزلُ أُخبرُهنَّ أنك لم تطلِّقْهنَّ ؟ قال : نعم إن شئتَ، فلم أَزَلْ أحدِّثُهُ حتى كَشَّرَ الغضبَ عن وجهِه وكَشَّرَ يضحكُ، وكان من أحسنِ الناس ثَغْرًا، فنزلَ نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ونزلتُ أتشبثُ بالجِذْعِ، ونزل كأنَّما يمشي على الأرضِ ما يَمَسُّهُ بيدِه، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! كنتَ في الغرفةِ تسعةً وعشرين يومًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ الشهرَ قد يكونُ تسعةً وعشرينَ، فقمتُ على بابِ المسجدِ فناديتُ بأعلَى صوتي : لم يُطلِّقْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نساءَهُ، ونزلت الآيةُ : {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعِلَمَهُ الذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} قال : فكنتُ أنا الذي استنبطتُ ذلك من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
خلاصة حكم المحدث : روي بإسناد آخر، وهذا الإسناد أحسن منه، وأتم كلاماً
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البزار | المصدر : البحر الزخار الصفحة أو الرقم : 1/303
التخريج : أخرجه مسلم (1479)، وابن حبان (4188)، وأبو يعلى (164)، باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة التحريم رقائق وزهد - معيشة النبي صلى الله عليه وسلم صيام - ما جاء أن الشهر يكون تسعا وعشرين طلاق - الإيلاء قرآن - أسباب النزول

أصول الحديث:


[مسند البزار - البحر الزخار] (1/ 303)
195 - حدثنا محمد بن المثنى قال: نا عمر بن يونس قال: نا عكرمة بن عمار قال: حدثني أبو زميل، قال: حدثني ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: " لما اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصا ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب، قال: فدخلت على عائشة فقلت: يا بنت أبي بكر لقد بلغ شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ما لي ولك يا ابن الخطاب، عليك بعيبتك، فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت: يا حفصة قد بلغ من شأنك أن تؤذي الله ورسوله؟ لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك ولولا أنا لطلقك، قال: فبكت أشد البكاء، فقلت: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: في خزانته في المشربة، فإذا بغلام رسول الله صلى الله عليه وسلم رباح قاعد على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فناديت: يا رباح استأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، فقلت: يا رباح استأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة، والله لو أمرني أن أضرب عنقها لضربت عنقها، فأومأ إلي بيده فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير فجلست فإذا عليه إزار ليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جسده فذهبت أرمي ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا شطر من شعير قدر صاع وقرظ في ناحية الغرفة فابتدرت عيناي، فقال: ما يبكيك يا ابن الخطاب؟ قلت: يا رسول الله ألا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جسدك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى وقيصر وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله وصفوته وهذه خزانتك، قال: ألا ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ قلت: بلى، ودخلت عليه وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله ما شق عليك من شأن النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبا بكر، وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يصدق الله قولي، ونزلت هذه الآية {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن} [التحريم: 5] ونزلت {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل} [التحريم: 4] إلى آخر الآية، وكانت بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله طلقتهن؟ قال: لا ، قلت: أنزل فأخبرهن إنك لم تطلقهن؟ قال: نعم إن شئت فلم أزل أحدثه حتى كشر الغضب عن وجهه، وكشر يضحك، وكان من أحسن الناس ثغرا فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ونزلت أتشبث بالجزع، ونزل كأنما يمشى على الأرض ما يمسه بيده، فقلت: يا رسول الله كنت في الغرفة تسعة وعشرين يوما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشهر قد يكون تسعة وعشرين . فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، ونزلت الآية {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء: 83] ، قال: فكنت أنا الذي استنبطت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن عمر وقد روي عن عمر بعض هذا الكلام بإسناد آخر، وهذا الإسناد أحسن من الإسناد الآخر وأتم كلاما، وأبو زميل مشهور روى عنه مسعر، وعكرمة بن عمار وغيرهما.

[صحيح مسلم] (2/ 1105)
30 - (1479) حدثني زهير بن حرب، حدثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا عكرمة بن عمار، عن سماك أبي زميل، حدثني عبد الله بن عباس، حدثني عمر بن الخطاب، قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه، قال: دخلت المسجد، فإذا الناس ينكتون بالحصى، ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب، فقال عمر، فقلت: لأعلمن ذلك اليوم، قال: فدخلت على عائشة، فقلت: يا بنت أبي بكر، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما لي وما لك يا ابن الخطاب، عليك بعيبتك، قال فدخلت على حفصة بنت عمر، فقلت لها: يا حفصة، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والله، لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هو في خزانته في المشربة، فدخلت، فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاعدا على أسكفة المشربة، مدل رجليه على نقير من خشب - وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر - فناديت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إلي، فلم يقل شيئا، ثم قلت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إلي، فلم يقل شيئا، ثم رفعت صوتي، فقلت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة، والله، لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها، لأضربن عنقها، ورفعت صوتي، فأومأ إلي أن ارقه، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير، فجلست، فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظا في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق، قال: فابتدرت عيناي، قال: ما يبكيك يا ابن الخطاب قلت: يا نبي الله، وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار، وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصفوته، وهذه خزانتك، فقال: يا ابن الخطاب، ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟، قلت: بلى، قال: ودخلت عليه حين دخلت، وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله، ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن، فإن الله معك، وملائكته، وجبريل، وميكائيل، وأنا، وأبو بكر، والمؤمنون معك، وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام، إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، ونزلت هذه الآية آية التخيير: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن} [التحريم: 5]، {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير} [التحريم: 4]، وكانت عائشة بنت أبي بكر، وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله أطلقتهن؟ قال: لا، قلت: يا رسول الله، إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى، يقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، أفأنزل، فأخبرهم أنك لم تطلقهن، قال: نعم، إن شئت، فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر فضحك، وكان من أحسن الناس ثغرا، ثم نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت، فنزلت أتشبث بالجذع، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت: يا رسول الله إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين، قال: إن الشهر يكون تسعا وعشرين، فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي، لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، ونزلت هذه الآية: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء: 83] فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر، وأنزل الله عز وجل آية التخيير.

صحيح ابن حبان (9/ 496)
4188 - أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني، قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عمر بن يونس، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، عن سماك أبي زميل، قال: حدثني عبد الله بن عباس، قال: حدثني عمر بن الخطاب رضوان الله عليه قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد والناس ينكتون بالحصى ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب، فقال عمر: لأعلمن ذلك اليوم، فدخلت على عائشة فقلت: يا بنت أبي بكر لقد بلغ من شأنك أن تؤذي الله ورسوله، قالت: مالي ومالك يا ابن الخطاب عليك بعيبتك، فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت لها: يا حفصة لقد بلغ من شأنك أن تؤذي الله ورسوله ولقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك ولولا أنا لطلقك، فبكت أشد البكاء فقلت: أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هو في خزانته في المشربة فدخلت فإذا أنا برباح غلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قاعد على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر فناديت: يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، فقلت: يا رباح استأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أظن رسول صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة والله لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها ورفعت صوتي فأومأ إلي بيده فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مضطجع على حصير قال: فجلست فإذا عليه إزار ليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا بقبضة من شعير نحو الصاع ومثلها قرظ في ناحية الغرفة وإذا أفيق، قال أبو حفص: الأفيق: الإهاب الذي قد ذهب شعره ولم يدبغ فابتدرت عيناي، فقال: ما يبكيك يا ابن الخطاب؟ ، قلت: يا نبي الله وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك وهذه خزانتك ولا أرى فيها إلا ما أرى وذلك قيصر، وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله وصفوته وهذه خزانتك، قال: يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ ، قلت: بلى فدخلت عليه وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله وملائكته وجبريل، وميكائيل وأنا وأبو بكر معك وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي وأنزلت هذه الآية آية التخيير {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن} [التحريم: 5]، {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه} [التحريم: 4] الآية، وكانت عائشة، وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله أطلقتهن؟ قال: لا، قلت: يا رسول الله فأنزل فأخبرهن أنك لم تطلقهن؟ قال: نعم إن شئت، فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه وحتى كشر فضحك وكان من أحسن الناس ثغرا، فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت أتشبث بالجذع ونزل كما يمشي على الأرض ما يمسه بيده، فقلت: يا رسول الله كنت في الغرفة تسعا وعشرين فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق النبي صلى الله عليه وسلم، نساءه ونزلت هذه الآية {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به} [النساء: 83] إلى قوله {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء: 83] فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر وأنزل الله آية التخيير.

مسند أبي يعلى الموصلي (1/ 149)
164 - حدثنا أبو خيثمة، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا عكرمة بن عمار، عن سماك أبي زميل الحنفي، قال: حدثني عبد الله بن عباس، قال: حدثني عمر بن الخطاب، قال: لما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه، قال: دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى، ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب، قال عمر: فقلت: لأعلمن ذلك اليوم. قال: فدخلت على عائشة فقلت: يا بنت أبي بكر، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ما لي ولك يا ابن الخطاب؟ عليك بعيبتك، قال: فدخلت على حفصة ابنة عمر، فقلت: يا حفصة، أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله؟ قالت: هو في خزانته في المشربة. فدخلت إذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على أسكفة المشربة، مدل رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر، فناديته، فقلت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، فقلت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، فقلت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، ثم رفعت صوتي، فقلت: يا رباح، استأذن لي عندك على رسول الله، فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها. ورفعت صوتي، فأومأ إلي أن ائذنه. فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير، فجلست، فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره، فإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظا في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق. قال: فابتدرت عيناي، قال: ما يبكيك يا ابن الخطاب؟. فقلت: يا نبي الله، وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك؟ وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى؟ وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله وصفوته، وهذه خزانتك؟ قال: يا ابن الخطاب، ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا؟ قلت: بلى. قال: ودخلت عليه، حين دخلت، وأنا أرى في وجهه الغضب، فقلت: يا رسول الله، ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته، وجبريل، وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما تكلمت، وأحمد الله، بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، قال: ونزلت هذه الآية، آية التخيير {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن} [التحريم: 5]، {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير} [التحريم: 4] وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أطلقتهن؟ قال: لا. فقلت: يا رسول الله، إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصاة ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، فانزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: نعم، إن شئت. فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه وحتى كشر فضحك، وكان من أحسن الناس ثغرا، ثم نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت أتشبث بالجذع، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده. فقلت له: يا رسول الله، إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين يوما؟ قال: إن الشهر يكون تسعا وعشرين. فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق نساءه، قال: ونزلت هذه الآية {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء: 83] فكنت أنا الذي استنبطت ذاك الأمر، فأنزل الله آية التخيير