الموسوعة الحديثية


- حديثُ الصورِ الطويلِ [يعني حديث: تُوقَفون مَوقِفًا واحدًا يومَ القيامةِ، مِقدارَ سبعين عامًا، لا يُنظَرُ إليكم، ولا يُقضى بينَكم، قد حصر عليكم، فتبكون حتى ينقطعَ الدمعُ، ثم تدمَعون دمًا، وتَبكون حتى يبلغَ ذلك منكم الأذقانَ، أو يُلجِمَكم فتصيحون، ثم تقولون : مَنْ يشفعُ لنا إلى ربِّنا فيقضيَ بينَنا ؟ فيقولون : مَنْ أحقُّ بذلك مِنْ أبيكم آدمَ ؟ جبل اللهُ تربتَه، وخلَقه بيدِه، ونفَخ فيه مِنْ روحِه، وكلَّمه قُبُلًا، فيؤتى آدمُ، فيُطلبُ ذلك إليه، فيأبى، ثم يَستقرئون الأنبياءَ نبيًّا نبيًّا، كلما جاءوا نبيًّا أبى، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : حتى يأتوني، فإذا جاءوني خرجتُ حتى آتيَ الفحصَ، قال أبو هريرةَ : يا رسولَ اللهِ ! وما الفحصُ ؟ قال : قدامُ العرشِ، فأخِرَّ ساجدًا، فلا أزالُ ساجدًا حتى يبعَثَ اللهُ إليَّ ملَكًا، فيأخُذَ بِعَضُدي فيرفعَني، ثم يقولُ اللهُ لي : يا محمدُ ! فأقولُ : نعمْ، وهو أعلمُ، فيقولُ : ما شأنُك ؟ فأقولُ : يا ربِّ وعدتَني الشفاعةَ، فشفِّعْني في خلقِك فاقْضِ بينَهم ! فيقولُ : قد شفَّعْتُك، أنا آتيكم فأقضي بينَكم، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : فأنصرفُ حتى أقفَ مع الناسِ، فبينا نحنُ وُقوفٌ، سمِعْنا حسًّا مِنَ السماءِ شديدًا، فهالَنا، فنزَل أهلُ السماءِ الدنيا بمثلَيْ مَنْ في الأرضِ مِنَ الجنِّ والإنسِ، حتى إذا دنَوا مِنَ الأرضِ، أشرقَتِ الأرضُ بنورِهم، وأخذوا مصافَّهم، فقلنا لهم : أفيكم ربُّنا ؟ قالوا : لا وهو آتٍ، ثم نزَل أهلُ السماءِ الثانيةِ بمثلَيْ مَنْ نزَل مِنَ الملائكةِ، وبمثلَيْ مَنْ فيها مِنَ الجنِّ والإنسِ، حتى إذا دنَوْا مِنَ الأرضِ، أشرقَتِ الأرضُ بنورِهم، وأخذوا مصافَّهم، فقلنا لهم : أفيكم ربُّنا ؟ قالوا : لا، وهو آتٍ، ثم نزَل أهلُ السماءِ الثالثةِ بمثلَيْ مَنْ نزَل مِنَ الملائكةِ، وبمثلَيْ مَنْ في الأرضِ مِنَ الجنِّ والإنسِ، حتى إذا دنَوْا مِنَ الأرضِ، أشرقَتِ الأرضُ بنورِهم، وأخذوا مصافَّهم، فقلنا لهم : أفيكم ربُّنا ؟ قالوا : لا وهو آتٍ، ثم نزَل أهلُ السماوات على عددِ ذلك مِنَ التضعيفِ، حتى نزَل الجبارُ في ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ والملائكةُ، ولهم زَجَلٌ مِنْ تسبيحِهم، يقولون : سبحان ذي المُلْكِ والملَكُوتِ، سبحان رب العرشِ ذي الجَبَروتِ، سبحان الحيِّ الذي لا يموتُ، سبحان الذي يُميتُ الخلائقَ ولا يَموتُ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، ربُّ الملائكةِ والروحِ، قدُّوسٌ قدُّوسٌ، سبحان ربِّنا الأعلى، سبحان ذي السُّلْطانِ والعظمةِ، سبحانه أبدًا أبدًا، فينزِلُ تبارك وتعالى يَحمِلُ عرشَه يومئذٍ ثمانيةٌ، وهمُ اليومَ أربعةٌ، أقدامُهم على تُخُومِ الأرضِ السفلى، والسماواتُ إلى حُجُزِهم، والعرشُ على مناكبِهم، فوضَع اللهُ عز وجل عرَشه حيثُ شاء مِنَ الأرضِ، ثم يُنادي منادٍ نداءً يُسمِعُ الخلائقَ، فيقولُ : يا معشرَ الجنِّ والإنسِ إني قد أَنْصَتُّ منذُ يومِ خلقْتُكم إلى يومِكم هذا، أسمعُ كلامَكم، وأبصرُ أعمالَكم، فأنصِتوا إليَّ، فإنما هي صحُفُكم وأعمالُكم تُقرأُ عليكم، فمن وجَد خيرًا فلْيَحْمَدِ اللهَ، ومَنْ وجَد غيرَ ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسَه، فيقضي اللهُ عز وجل بينَ خلقِه الجنِّ والإنسِ والبهائمِ، فإنه ليُقْتَصُّ يومئذٍ للجمَّاءِ مِنْ ذاتِ القَرْنِ]
خلاصة حكم المحدث : مداره على إسماعيل بن رافع واضطرب في سنده مع ضعفه
الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر الصفحة أو الرقم : 11/376
التخريج : أخرجه إسحاق في ((مسنده)) (10)، والطبراني في ((الأحاديث الطوال)) (36)، وابن المقريء في ((معجمه)) (1090) بنحوه مطولًا.
التصنيف الموضوعي: أنبياء - آدم خلق - العرش قيامة - الشفاعة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - ما اختص به النبي على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قيامة - أهوال يوم القيامة

أصول الحديث:


مسند إسحاق بن راهويه (1/ 84)
10 - أخبرنا عبدة بن سليمان الرواسي، نا إسماعيل بن رافع المدني، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة، قال: نا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طائفة من أصحابه قال: إن الله لما خلق السموات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخص بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر، قال: أبو هريرة: فقلت: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: القرن، قلت: وكيف هو: قال: عظيم، والذي نفسي بيده، إن عظم دارة فيه لكعرض السموات والأرض، يأمر الله إسرافيل أن ينفخ ثلاث نفخات، الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعوق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله إسرافيل فيقول له: انفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السموات وأهل الأرض، إلا من شاء الله، فيأمره فيديمها ويطولها فلا يفتر، وهي التي يقول الله عز وجل: وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ، فيسير الله الجبال فتمر مر السحاب، ثم تكون ترابا وترتج الأرض بأهلها رجا، وهي التي يقول الله عز وجل: { يوم ترجف الراجفة، تتبعها الرادفة، قلوب يومئذ واجفة } [[النازعات: 7]] ، فتكون الأرض كالسفينة الموثقة في البحر، تضربها الأمواج تكفأ بأهلها، أو كالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الأرواح، فتميد الناس على ظهرها فتذهل المراضع، وتضع الحوامل، وتشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار، فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها، فيرجع ويولي الناس مدبرين، ينادي بعضهم بعضا، وهي التي يقول الله عز وجل: {يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم، ومن يضلل الله فما له من هاد "} [[غافر: 32]] ، فبينما هم على ذلك إذ انصدعت الأرض فانصدعت من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما فأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم، ثم تكون السماء كالمهل، ثم انشقت من قطر إلى قطر، ثم انخسفت شمسها وقمرها وانتثرت نجومها، ثم كشطت السماء عنهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والأموات لا يعلمون بشيء من ذلك. قال: أبو هريرة: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن استثنى الله حين يقول: {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} ، فقال: أولئك الشهداء وهم أحياء عند ربهم، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء، فوقاهم الله فزع ذلك اليوم، وأمنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه وهي التي يقول الله: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} [[الحج: 1]] ، قال: فيمكثون في ذلك البلاء ما شاء الله، إلا أنه يطول ذلك، ثم يأمر الله إسرافيل بنفخة الصعق فيصعق أهل السموات وأهل الأرض إلا من شاء الله، فإذا هم خمدوا خمودا، فجاء ملك الموت إلى الجبار، فيقول: يا رب، قد مات أهل السموات وأهل الأرض إلا من شئت، فيقول الله له وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: يا رب، أنت الحي لا تموت وبقي حملة عرشك وجبريل وميكائيل وأنا، فيقول الله: ليمت جبريل وميكائيل، قال: فيتكلم العرش فيقول: يا رب، أتميت جبريل وميكائيل؟ ‍‍فيقول الله له: اسكت فإني كتبت على من كان تحت عرشي الموت، فيموتان ويأتي ملك الموت إلى الجبار، فيقول: يا رب، قد مات جبريل وميكائيل، فيقول الله له وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي لا تموت وبقي حملة عرشك وأنا، فيقول الله: ليمت حملة عرشي، فيموتون، فيقول الله له وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول بقيت أنت الحي لا تموت وبقيت أنا، فيقول الله له: أنت خلق من خلقي، خلقتك لما قد رأيت فمت، فيموت، فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار الصمد الذي ليس بوالد ولا ولد كان آخرا كما كان أولا، قال: خلود لا موت على أهل الجنة ولا موت على أهل النار، قال: ثم يقول الله عز وجل: لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد، ثم يقول لنفسه: لله الواحد القهار، ثم يطوي الله السموات والأرض كطي السجل للكتاب، ثم يبدل الله السماء والأرض غير الأرض، ثم دحا بها، ثم يلففها، ثم قال: أنا الجبار، ثم يبدل السماء والأرض غير الأرض، ثم دحاهما، ثم يلففهما فقال ثلاثا: أنا الجبار، ألا من كان لي شريكا فليأت، ألا من كان لي شريكا فليأت، فلا يأتيه أحد، فيبسطها ويسطحها ويمدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة، فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم الأولى، من كان في بطنها كان في بطنها، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها، ثم ينزل الله عليهم ماء من تحت العرش فتمطر السماء عليهم أربعين يوما، فينبتون كنبات الطراثيث وكنبات البقل، حتى إذا تكاملت أجسادهم فكانت كما كانت، قال الله عز وجل: ليحي حملة العرش فيحيون، ثم يقول: ليحي جبريل وميكائيل فيحييان، ثم يأمر الله إسرافيل فيقول له: انفخ نفخة البعث، وينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض، فيقول الجبار: وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده، فتدخل الأرواح في الأرض على الأجساد، ثم تمشي في الخياشيم كمشي السم في اللديغ، ثم تنشق عنهم الأرض، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، فتخرجون سراعا إلى ربكم تنسلون، كلكم على سن ثلاثين، واللسان يومئذ سريانية، { مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر } [[القمر: 8]] ، ذلك يوم الخروج، يوقفون في موقف واحد مقدار سبعين عاما، حفاة عراة غلفا غرلا، لا ينظر إليكم ولا يقضي بينكم، فيبكي الخلائق حتى ينقطع الدمع ويدمعون دما، ويغرقون حتى يبلغ ذلك منهم الأذقان ويلجمهم، ثم يضجون فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا ليقضي بيننا؟، فيقولون: ومن أحق بذلك من أبيكم آدم، خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا، فيؤتى آدم فيطلب ذلك إليه فيأبى فيستقرون الأنبياء نبيا نبيا، كلما جاءوا نبيا أبى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى يأتوني فإذا جاءوني انطلقت حتى آتي الفحص فأخر قدام العرش ساجدا، فيبعث الله إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني، قال: أبو هريرة: فقلت: يا رسول الله، وما الفحص؟ فقال: قدام العرش، قال: يقول الله: ما شأنك يا محمد؟ وهو أعلم فأقول: يا رب، وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم، قال: فيقول الله أنا آتيكم فأقضي بينكم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأجيء فأرجع فأقف مع الناس فبينما نحن وقوفا إذ سمعنا حسا من السماء شديدا فهالنا، فنزل أهل السماء الدنيا بمثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض لنورهم فأخذوا مصافهم، فقلنا: أفيكم ربنا؟ فقالوا: لا وهو آت، ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة وبمثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض اشرقت الأرض لنورهم، وأخذوا مصافهم، فقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ فقالوا: لا وهو آت، ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة وبمثلي من فيها من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض لنورهم وأخذوا مصافهم، فقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ فقالوا: لا وهو آت، ثم ينزل أهل السموات سماء سماء على قدر ذلك من التضعيف حتى ينزل الجبار في ظلل من الغمام والملائكة تحمل عرشه ثمانية، وهم اليوم أربعة، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى، والأرضون والسموات على حجزهم والعرش على مناكبهم، لهم زجل من التسبيح، وتسبيحهم أن يقولوا: سبحانك ذي الملك ذي الملكوت، سبحان رب العرش ذي الجبروت، سبحان رب الملائكة والروح، قدوس قدوس، سبحان ربنا الأعلى، سبحان رب الملكوت والجبروت والكبرياء والسلطان والعظمة، سبحانه أبد الأبد، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، ثم يضع الله عرشه حيث يشاء من الأرض فيقول: وعزتي وجلالي لا يجاوزني أحد اليوم بظلم، ثم ينادي نداء يسمع الخلق كلهم، فيقول: إني أنصت لكم منذ خلقتكم، أبصر أعمالكم وأسمع قولكم، فأنصتوا إلي فإنما هي صحفكم وأعمالكم تقرأ عليكم فمن وجد اليوم خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ثم يأمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم، فيقول: {امتازوا اليوم أيها المجرمون، ألم أعهد إليكم} [[يس: 59]] إلى قوله: {ولقد أضل منكم جبلا كثيرا، أفلم تكونوا تعقلون} [[يس: 62]] ، قال: فيقضي الله بين خلقه إلا الثقلين الجن والإنس يقيد بعضهم من بعض، حتى إنه ليقيد الجماء من ذات القرن، فإذا لم تبق تبعة لواحدة عند أخرى قال الله عز وجل لها: كوني ترابا فعند ذلك: { يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا } [[النبأ: 40]] ، ثم يقضي الله بين الثقلين الجن والإنس، فيكون أول ما يقضي فيه الدماء، فيؤتى بالذي كان يقتل في الدنيا على أمر الله وكتابه ويؤتى بالذي قتل كلهم يحمل رأسه تشخب أوداجه دما، فيقولون: ربنا قتلني هذا، فيقول الله له وهو أعلم: لم قتلت هذا؟ فيقول: قتلته لتكون العزة لك، فيقول الله له: صدقت، فيجعل الله لوجهه مثل نور الشمس وتشيعه الملائكة إلى الجنة، ويؤتى بالذي كان يقتل في الدنيا على غير طاعة الله وأمره تعززا في الدنيا، ويؤتى بالذي قتل، كلهم يحمل رأسه تشخب أوداجه دما، فيقول: يا ربنا قتلت هذا، فيقول الله له وهو أعلم: لم قتلت هذا وهو أعلم فيقول: قتلته لتكون العزة لي، فيقول الله له: تعست تعست تعست، فيسود الله وجهه وتزرق عيناه فلا تبقى نفس قتلها إلا قتل بها، ثم يقضي الله بين من بقي من خلقه حتى إنه ليكلف يومئذ شائب اللبن بالماء، ثم يبيعه أن يخلص الماء من اللبن حتى إذا لم يبق لأحد عند أحد تبعة نادى مناد فأسمع الخلق كلهم فقال: ألا لتلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله فلا يبقى أحد عبد دون الله شيئا إلا مثلت له آلهته بين يديه ويجعل ملك من الملائكة يومئذ على صورة عزير، فيتبعه اليهود، ويجعل ملك من الملائكة يومئذ على صورة عيسى عليه السلام فيتبعه النصارى، ثم تقودهم آلهتهم إلى النار، وهي التي يقول الله: { لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها } [[الأنبياء: 99]] قال: ثم يأتيهم الله فيما شاء من هيبة، فيقول: أيها الناس قد ذهب الناس الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون من دون الله، فيقولون: والله ما لنا من إله إلا الله، وما كنا نعبد غيره، قال: فينصرف عنهم وهو الله معهم ثم يأتيهم الله فيما شاء من هيبته، فيقول: أيها الناس قد ذهب الناس الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون من دون الله، فيقولون: والله ما لنا من إله إلا الله، وما كنا نعبد غيره، فينصرف عنهم وهو الله معهم، ثم يأتيهم الله فيما شاء من هيبته، فيقول: أيها الناس قد ذهب الناس الحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون من دون الله، فيقولون: ما كنا نعبد غيره، فيقول: أنا ربكم فهل بينكم وبين ربكم من آية تعرفونها، قال: فيكشف عن ساق، فيتجلى لهم من عظمة الله ما يعرفون به أنه ربهم فيخرون سجدا، ويجعل الله أصلاب المنافقين كصياصي البقر، ويخرون على أقفيتهم، ثم يأذن الله لهم أن يرفعوا رءوسهم، ويضرب بالصراط بين ظهراني جهنم كحد الشعرة أو كحد السيف له كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان، دونه جسر دحيض مزلقة، فيمرون كطرف العين وكلمع البرق وكمر الريح وكأجاويد الخيل وكأجاويد الركاب وكأجاويد الرجال، فناج سالم، وناج مخدوش ومكدوس على وجهه، فيقع في جهنم خلق من خلق الله أوبقتهم أعمالهم فمنهم من تأخذ النار قدميه لا تجاوز ذلك، ومنهم من تأخذه إلى نصف ساقيه ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذ كل جسده إلا صورهم يحرمها الله عليها فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار، قالوا: من يشفع لنا إلى ربنا ليدخلنا الجنة، قال: فيقولون: ومن أحق بذلك من أبيكم آدم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا، فيؤتى آدم فيطلب ذلك إليه فيأبى ويقول: عليكم بنوح؛ فإنه أول رسل الله، فيؤتى نوح فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بإبراهيم فإن الله اتخذه خليلا، فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه، فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بموسى فإن الله قربه نجيا وأنزل عليه التوراة، فيؤتى موسى فيطلب ذلك إليه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى ابن مريم، فيؤتى عيسى فيطلب ذلك إليه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن سأدلكم، عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، قال: فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن، قال: فآتي الجنة فآخذ بحلقة الباب فأستفتح فيفتح لي فتحا، فأحيي ويرحب بي، فأدخل الجنة فإذا دخلتها نظرت إلى ربي على عرشه خررت ساجدا، فأسجد ما شاء الله أن أسجد فيأذن الله لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن لأحد من خلقه، ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد، واشفع تشفع واسأل تعطه، قال: فأقول: يا رب، من وقع في النار من أمتي، فيقول الله: اذهبوا فمن عرفت صورته فأخرجوه من النار، فيخرج أولئك حتى لا يبقى أحد، ثم يقول الله: اذهبوا فمن كان في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه من النار، ثم يقول: ثلثي دينار، ثم يقول: نصف دينار، ثم يقول: قيراط، ثم يقول: اذهبوا، من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، قال: فيخرجون فيدخلون الجنة قال: فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم بأعرف في الدنيا بمساكنكم وأزواجكم من أهل الجنة بمساكنهم وأزواجهم إذا دخلوا الجنة، قال: فيخرج أولئك، ثم يأذن الله في الشفاعة فلا يبقى نبي ولا شهيد ولا مؤمن إلا يشفع إلا اللعان فإنه لا يكتب شهيدا ولا يؤذن له في الشفاعة، ثم يقول الله: أنا أرحم الراحمين، فيخرج الله من جهنم ما لا يحصي عدده إلا هو، فيلقيهم على نهر يقال له الحيوان، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ما يلي الشمس منها أخيضر وما يلي الظل منها أصيفر، قال: فكانت العرب إذا سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: كأنك كنت في البادية، ثم ينبتون في جيفهم أمثال الذر مكتوب في أعناقهم الجهنميون عتقاء الرحمن، يعرفهم أهل الجنة بذلك الكتاب، فيمكثون ما شاء الله كذلك، ثم يقولون: يا ربنا امح عنا هذا الاسم، فيمحو الله عنهم ذلك

الأحاديث الطوال للطبراني (ص: 266)
36 - حدثنا أحمد بن الحسن النحوي الأيلي، قال: ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، قال: ثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طائفة فقال: إن الله عز وجل لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخصا بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر قلت: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: القرن قلت: كيف هو؟ قال: " عظيم، والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه كعرض السماوات والأرض، ينفخ فيه ثلاث نفخات، النفخة الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله عز وجل إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع، فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، فيأمره فيديمها ويطيلها ولا يفتر، وهي التي يقول الله عز وجل فيها {وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق} فيسير الله عز وجل الجبال سير السحاب، فتكون سرابا، ثم ترتج الأرض بأهلها رجا، فتكون كالسفينة الموبقة في البحر تضربها الأمواج تكفأ بأهلها كالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الرياح الأرواح، وهو الذي يقول الله {يوم ترجف الراجفة. تتبعها الرادفة. قلوب يومئذ واجفة. أبصارها خاشعة} [[النازعات: 7]] فيميد الناس على وجهها، وتذهل المراضع، وتضع الحوامل، ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار، فتأتيها الملائكة فتضرب وجوهها وترجع، ويولي الناس مدبرين، ما لهم من الله من عاصم، ينادي بعضهم بعضا، وهو الذي يقول الله عز وجل {يوم التناد} [[غافر: 32]] فبينا هم على ذلك إذ تصدعت الأرض تصدعين من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله، وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم، ثم تطوى السماء فإذا هي كالمهل، ثم انشقت السماء فانتثرت نجومها، وخسفت شمسها وقمرها ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأموات لا يعلمون بشيء من ذلك . قال أبو هريرة: يا رسول الله، من استثنى الله عز وجل حين يقول {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} قال: " أولئك الشهداء، إنما يصل الفزع إلى الأحياء، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، فوقاهم الله فزع ذلك اليوم وأمنهم منه، وهو عذاب الله يبعثه الله على شرار خلقه، وهو الذي يقول الله عز وجل {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم. يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد} [[الحج: 1]] فيكونون في ذلك البلاء ما شاء الله، إلا أنه يطول، ثم يأمر الله عز وجل إسرافيل بنفخة الصعق، فيصعق أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، فإذا هم قد خمدوا جاء ملك الموت إلى الجبار عز وجل فيقول: يا رب، قد مات أهل السماوات والأرض إلا من شئت، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت حملة عرشك، وبقي جبريل وميكائيل، بقيت أنا، فيقول عز وجل: ليمت جبريل وميكائيل، فينطق الله العرش فيقول: يا رب، يموت جبريل وميكائيل فيقول الله: اسكت، فإني كتبت الموت على كل من كان تحت عرشي، فيموتان، فيجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول: أي رب، قد مات جبريل وميكائيل، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت حملة عرشك، وبقيت أنا، فيقول الله عز وجل: فليمت حملة عرشي، فيموتون، فيأمر الله عز وجل العرش فيقبض الصور من إسرافيل، ثم يأتي ملك الموت عليه السلام إلى الجبار فيقول: يا رب، قد مات حملة عرشك، فيقول الله عز وجل وهو أعلم بمن بقي: فمن بقي؟ فيقول: يا رب، بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت أنا، فيقول الله عز وجل: أنت من خلقي، خلقتك لما رأيت، فمت، فيموت، فإذا لم يبق إلا الله الواحد القهار، الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، كان آخرا كما كان أولا، طوى السماوات والأرض طي السجل للكتاب، ثم دحاهما، ثم تلقفهما ثلاث مرات، ثم يقول: أنا الجبار، أنا الجبار، ثلاثا، ثم هتف بصوته: لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ ثلاث مرات، فلا يجيبه أحد، ثم يقول لنفسه: لله الواحد القهار، يقول الله عز وجل {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} فيبسطها ويسحبها ثم يمدها مد الأديم العكاظي، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة، فإذا هم في مثل هذه المبدلة في مثل ما كانوا فيها من الأول، من كان في بطنها كان في بطنها، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها، ثم ينزل الله عز وجل عليهم ماء من تحت العرش، ثم يأمر الله عز وجل السماء أن تمطر فتمطر أربعين يوما، حتى يكون الماء فوقهم اثني عشر ذراعا، ثم يأمر الله عز وجل الأجساد أن تنبت فتنبت كنبات الطراثيث أو كنبات البقل، حتى إذا تكاملت أجسادهم، فكانت كما كانت قال الله عز وجل: لتحي حملة عرشي، فيحيون، ويأمر الله عز وجل إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه، ثم يقول: ليحي جبريل وميكائيل، فيحييان، ثم يدعو الله عز وجل الأرواح فيؤتى بها توهج أرواح المؤمنين نورا، وأرواح الآخرين ظلمة، فيقبضها جميعا، ثم يلقيها في الصور، ثم يأمر إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض، فيقول الله تعالى: وعزتي وجلالي، ليرجعن كل روح إلى جسده، فيدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد، فيدخل في الخياشيم، ثم تمشي في الأجساد كما يمشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنهم، وأنا أول من تنشق الأرض عنه، فيخرجون منها سراعا، وإلى ربكم تنسلون {مهطعين إلى الداع، يقول الكافرون هذا يوم عسر} [[القمر: 8]] حفاة عراة غرلا، ثم يقفون موقفا واحدا مقداره سبعون عاما، لا ينظر إليكم، ولا يقضي بينكم، فتبكون حتى تنقطع الدموع ثم تدمعون دما، وتعرقون حتى يبلغ ذلك منكم أن يلجمكم أو يبلغ الأذقان، فتصيحون وتقولون: من يشفع لنا إلى ربنا فيقضي بيننا؟ فيقولون: من أحق بذلك من أبيكم آدم عليه السلام؟ خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا، فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه، فيأتي ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، فيستنصرون الأنبياء نبيا نبيا، كلما جاؤوا نبيا أبى عليهم ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى يأتوني فأنطلق حتى آتي الفحص فأخر ساجدا . قال أبو هريرة: يا رسول الله، ما الفحص؟ قال: قدام العرش، حتى يبعث الله عز وجل إلي ملكا، فيأخذ بعضدي فيرفعني، فيقول لي: يا محمد، فأقول: نعم لبيك يا رب، فيقول الله عز وجل: ما شأنك؟ وهو أعلم، فأقول: يا رب، وعدتني الشفاعة، فشفعني في خلقك، فاقض بينهم، فيقول الله عز وجل: قد شفعتك، أنا آتيكم أقضي بينكم ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأرجع فأقف مع الناس، فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا، فهالنا، فنزل أهل السماء الدنيا بمثل من في الأرض من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنور ربهم، وأخذوا مصافهم، قلنا لهم: أفيكم ربنا؟ قالوا: لا، وهو آت، ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف حتى ينزل الجبار تبارك وتعالى في ظلل من الغمام والملائكة، ويحمل عرشه يومئذ ثمانية، وهم اليوم أربعة، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى، والسماوات إلى حجرهم، والعرش على مناكبهم، لهم زجل من تسبيحهم، يقولون: سبحان ذي القوة والجبروت، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سبوح قدوس، قدوس قدوس، سبحان ربنا الأعلى رب الملائكة والروح، سبحان الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت، فيضع الله كرسيه حيث شاء من أرضه، ثم يهتف بصوته، فيقول: يا معشر الجن والإنس، إني قد أنصت لكم منذ خلقتكم إلى يومكم هذا، أسمع قولكم، وأبصر أعمالكم، وصحفكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، ثم يأمر الله عز وجل جهنم فيخرج منها عين عنق ساطع، ثم يقول: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان، إنه لكم عدو مبين. وأن اعبدوني، هذا صراط مستقيم، ولقد أضل منكم جبلا كثيرا، أفلم تكونوا تعقلون. هذه جهنم التي كنتم توعدون} [[يس: 60]] أو بها تكذبون، شك أبوعاصم {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} [[يس: 59]] فيميز الله الناس، وتجثو الأمم، يقول الله عز وجل {وترى كل أمة جاثية، كل أمة تدعى إلى كتابها، اليوم تجزون ما كنتم تعملون} [[الجاثية: 28]] فيقضي الله عز وجل بين خلقه إلا الثقلين الجن والإنس، فيقضي الله تعالى بين الوحوش والبهائم، حتى إنه ليقضي للجماء من ذوات القرن، فإذا فرغ الله من ذلك لم تبق تبعة عند واحدة لأخرى، قال الله عز وجل لها: كوني ترابا، فعند ذلك يقول الكافر: {يا ليتني كنت ترابا} [[النبأ: 40]] ، ثم يقضي الله بين العباد، فكان أول ما يقضي فيه الدماء، ويأتي كل قتيل في سبيل الله، ويأمر الله عز وجل كل من قتل فيحمل رأسه تشخب أوداجه، فيقول: يا رب، فيم قتلني هذا؟ فيقول، وهو أعلم: فيم قتلتهم؟ فيقول: قتلتهم لتكون العزة لك، فيقول الله عز وجل له: صدقت، فيجعل الله عز وجل وجهه مثل نور الشمس، ثم تمر به الملائكة إلى الجنة، ويأتي كل من قتل على غير ذلك فيحمل رأسه تشخب أوداجه فيقول: يا رب، فيم قتلني هذا؟ فيقول وهو أعلم: لم قتلتهم؟ فيقول: يا رب، قتلتهم لتكون العزة لي، فيقول: تعست، ثم لا تبقى نفس قتلها إلا قتل بها، ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها، وكان مشيئة الله عز وجل، إن شاء عذبه وإن شاء رحمه، ثم يقضي الله عز وجل بين من شاء بقي من خلقه، حتى لا تبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذ بها للمظلوم من الظالم، حتى إنه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه أن يخلص اللبن من الماء، فإذا فرغ الله عز وجل من ذلك نادى مناد يسمع الخلائق كلهم: ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله، فلا يبقى أحد عبد من دون الله إلا مثلت له آلهته بين يديه، ويجعل يومئذ ملك من الملائكة على صورة عزير، ويجعل ملك من الملائكة على صورة عيسى، ثم يتبع هذا اليهود، وهذا النصارى، ثم قادتهم آلهتهم إلى النار، وهو الذي يقول {لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها، وكل فيها خالدون} [[الأنبياء: 99]] فإذا لم يبق إلا المؤمنون فيهم المنافقون جاءهم الله عز وجل فيما شاء من هيأته، فقال: يا أيها الناس، ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون، فيقولون: والله ما لنا إله إلا الله عز وجل، وما كنا نعبد غيره، فينصرف عنهم وهو الله الذي يأتيهم، فيمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم يأتيهم فيقول: يا أيها الناس، ذهب الناس، فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون، فيقولون: والله ما لنا إله إلا الله وما كنا نعبد غيره، فيكشف لهم عن ساقه، ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون أنه ربهم، فيخرون للأذقان سجدا على وجوههم، ويخر كل منافق على قفاه، ويجعل الله أصلابهم كصياصي البقر، ثم يأذن الله تبارك وتعالى لهم فيرفعون، ويضرب الله عز وجل الصراط بين ظهراني جهنم كحد الشفرة، أو كحد السيف، عليه كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان، دونه جسر دحض مزلة، فيمرون كطرف العين، أو كلمح البصر، أو كمر الريح، أو كجياد الخيل، أو كجياد الركاب، أو كجياد الرجال، فناج سالم، وناج مخدوش، ومكدوش على وجهه في جهنم، فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة، قالوا: من يشفع لنا إلى ربنا فندخل الجنة؟ فيقولون من أحق بذلك من أبيكم آدم صلى الله عليه وسلم، خلقه الله عز وجل بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا، فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بنوح فإنه أول رسل الله، فيؤتى نوح، فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ويقول: عليكم بإبراهيم؛ فإن الله عز وجل اتخذه خليلا، فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ويقول: عليكم بموسى؛ فإن الله عز وجل قربه نجيا، وكلمه، وأنزل عليه التوراة، فيؤتى موسى صلى الله عليه وسلم فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: لست بصاحب ذلك، ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى ابن مريم عليه السلام، فيؤتى عيسى ابن مريم فيطلب ذلك إليه، ويقول: ما أنا بصاحبكم، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فيأتونني، ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن، فأنطلق فآتي الجنة، فآخذ بحلقة الباب، فأستفتح فيفتح لي، فأحيا ويرحب بي، فإذا دخلت الجنة ونظرت إلى ربي خررت ساجدا، قد أذن الله عز وجل لي من حمده تحميده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه، ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد واشفع , ارفع يا محمد، اشفع تشفع، وسل تعطه، فإذا رفعت رأسي يقول الله عز وجل وهو أعلم: ما شأنك؟ فأقول: يا رب، وعدتني بالشفاعة، فشفعني في أهل الجنة، فيدخلون الجنة، فيقول الله عز وجل: قد شفعتك، وقد أذنت لهم في دخول الجنة ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والذي بعثني بالحق، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم، فيدخل كل واحد منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله عز وجل، واثنتين آدميتين من ولد آدم، لهما فضل على من أنشأ الله بعبادتهما في الدنيا، فيدخل على الأولى في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ، عليها سبعون زوجا من سندس وإستبرق، ثم إنه يضع يده بين كتفيها، ثم ينظر إلى يده من صدرها ووراء ثيابها وجلدها ولحمها، وإنه لينظر إلى مخ ساقيها كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت، كبدها له مرآة، كبده لها مرآة، فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله، ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء، ما يفتر ذكره، وما يشتكي قبلها، فبينما هو كذلك إذ نودي: إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل، إلا أنه لا مني ولا منية، إلا أن لك أزواجا غيرها، فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة، كلما جاء واحدة قالت له: والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك، ولا في الجنة شيء أحب إلي منك، وإذا وقع أهل النار في النار، وقع فيها خلق من خلق ربك أوبقتهم أعمالهم، فمنهم من تأخذ النار قدميه لا تجاوز ذلك، ومنهم من تأخذه إلى أنصاف ساقيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذ جسده كله إلا وجهه حرم الله صورته عليها ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأقول: يا رب، شفعني في من وقع في النار، فيقول: أخرجوا من عرفتم، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يأذن الله عز وجل في الشفاعة فلا يبقى نبي ولا شهيد إلا شفع، فيقول الله عز وجل: أخرجوا من وجدتم في قلبه زنة الدينار إيمانا، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يشفع الله، فيقول: أخرجوا من وجدتم في قلبه إيمانا ثلثي دينار، نصف دينار، ثم يقول: ثلث دينار، ثم يقول: ربع دينار، ثم يقول: قيراط، ثم يقول: حبة من خردل، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، وحتى لا يبقى في النار من عمل لله خيرا قط، ولا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع، حتى إن إبليس يتطاول مما يرى من رحمة الله عز وجل رجاء أن يشفع له، ثم يقول: بقيت وأنا أرحم الراحمين، فيدخل يده في جهنم فيخرج منها ما لا يحصيه غيره، كأنهم حمم، فيلقون في نهر يقال له نهر الحيوان، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فما يلي الشمس منها أخيضر، وما يلي الظل منها أصيفر، فينبتون كنبات الطراثيث، حتى يكونوا أمثال الدر، مكتوب في رقابهم الجهنميون عتقاء الرحمن، يعرفهم أهل الجنة بذلك الكتاب، ما عملوا خيرا قط، فيمكثون في الجنة ما شاء الله وذلك الكتاب في رقابهم، ثم يقولون: امح عنا هذا الكتاب، فيمحو الله عز وجل عنهم "

معجم ابن المقرئ (ص: 333)
1090 - حدثنا عبد القاهر بن محمد بن هورويه أبو الحسن المقرئ، ثنا أبو يعقوب إسماعيل بن محمد بن أبي كثير القاضي، ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من الأنصار عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة قال: ثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عصابة من أصحابه، وفينا أبو بكر وعمر فقال: إن الله تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السماوات والأرض، خلق الصور فأعطاه إسرافيل عليه السلام، وهو واضعه على غميه شاخصا بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر فقلت يا رسول الله: وما الصور؟ قال: القرن ، قلت: يا رسول الله وكيف هو؟ قال: هو عظيم والذي نفسي بيده، إن أعظم دارة فيه كعرض السماوات والأرض الحديث بطوله