الموسوعة الحديثية


- إنَّ في الجنَّةِ شجرةً يُقالُ لها : طوبَى لو يُسخِّرُ الرَّاكبُ الجوَادَ يسيرُ في ظلِّها لسار فيه مائةَ عامٍ، ورقُها برودٌ خُضرٌ، وزهرُها رِياطٌ صُفرٌ، وأفنانُها سندسٌ وإستبرقٌ، وثمرُها حُلَلٌ، وصمغُها زنجبيلٌ وعسلٌ، وبطحاؤُها ياقوتٌ أحمرُ وزمرُّدٌ أخضرُ، وترابُها مِسكٌ وعنبرٌ وكافورٌ أصفرُ، وحشيشُها زعفرانٌ مونِعٌ والألنجوجُ يتأجَّجان من غيرِ وقودٍ، يتفجَّرُ من أصلِها السَّلسبيلُ والمعينُ والرَّحيقُ وأصلُها مجلِسٌ من مجالسِ أهلِ الجنَّةِ يألَفونه ومُتحدِّثٌ يجمَعُهم فبينا هم يومًا في ظلِّها يتحدَّثون إذ جاءتهم الملائكةُ يقودون نُجُبًا جُبِلت من الياقوتِ، ثمَّ نُفِخ فيها الرُّوحُ مزمومةً بسلاسلَ من ذهبٍ كأنَّ وجوهَها المصابيحُ نضارةً وحُسنًا وبِرَّها خِزٌّ أحمرُ ومرْعَزيٌّ أبيضُ مختلطان لم ينظُرْ النَّاظرون إلى مثلِها حسنًا وبهاءً ذُلُلٌ من غيرِ مهابةٍ نُجُبٌ من غيرِ رياضةٍ، عليها رحائلُ ألواحُها من الدُّرِّ والياقوتِ مُفضَّضةٌ باللُّؤلؤِ والمرجانِ، صفائحُها من الذَّهبِ الأحمرِ مُلبَّسةً بالعبقريِّ والأُرجوانِ فأناخوا لهم تلك النَّجائبَ، ثمَّ قالوا لهم : إنَّ ربَّكم يُقرِئُكم السَّلامَ ويَستزيرُكم لتنظُروا إليه وينظُرَ إليكم، وتُكلِّمونه ويُكلِّمُكم وتُحيُّونه ويزيدُكم من فضلِه ومن سعتِه إنَّه ذو رحمةٍ واسعةٍ وفضلٍ عظيمٍ، فيتحوَّلُ كلُّ رجلٍ منهم على راحلتِه، ثمَّ ينطلقون صفًّا مُعتدِلًا، لا يفوتُ شيءٌ منه شيئًا، ولا تفوتُ أذنُ ناقةٍ أذنَ صاحبتِها، ولا يمُرُّون بشجرةٍ من أشجارِ الجنَّةِ إلَّا أتحَفتهم بثمرِها، وزحَلت لهم عن طريقِهم كراهيةَ أن ينثلِمَ صَفُّهم، أو تُفرِّقَ بين الرَّجلِ ورفيقِه، فلمَّا دُفِعوا إلى الجبَّارِ تبارك وتعالَى أسفر لهم عن وجهِه الكريمِ، وتجلَّى لهم في عظمَتِه العظيمةِ تحيَّتُهم فيه السَّلامُ، قالوا : ربَّنا أنت السَّلامُ، ومنك السَّلامُ، ولك حقُّ الجلالِ والإكرامِ، فقال لهم ربُّهم : إنِّي أنا السَّلامُ ومنِّي السَّلامُ ولي حقُّ الجلالِ والإكرامِ، فمرحبًا بعبادي الَّذين حفِظوا وصيَّتي ورعَوْا عهدي وخافوني بالغيبِ، وكانوا منِّي على كلِّ حالٍ مشفقين، قالوا : ما وعزَّتِك وجلالِك وعُلوِّ مكانِك ما قدرناك حقَّ قدرِك، ولا أدَّيْنا إليك كلَّ حقِّك فائذَنْ لنا بالسُّجودِ ؟ فقال لهم ربُّهم تبارك وتعالَى : إنِّي قد وضعتُ عنكم مؤنةَ العبادةِ، وأرحتُ لكم أبدانَكم، فطالما أنصبتم الأبدانَ، وأعنيتم الوجوهَ، فالآن أَفضيتم إلى رَوْحي ورحمتي وكرامتي سلوني ما شئتم وتمنَّوْا عليَّ أُعطِكم أمانيَكم، فإنِّي لن أُجازِيَكم اليومَ بقدرِ أعمالِكم ولكن بقدرِ رحمتي وكرامتي وطوْلي وجلالي وعُلوِّ مكاني وعظمةِ شأني، فما يزالون في الأماني والمواهبِ والعطايا حتَّى إنَّ المُقصِرَ منهم ليتمنَّى مثلَ جميعِ الدُّنيا منذ يومِ خلقها اللهُ عزَّ وجلَّ إلى يومِ أفناها، قال ربُّهم : لقد قصرتم في أمانيكم ورَضَيْتم بدونِ ما يحِقُّ لكم، فقد أوجبَتْ لكم ما سألتم وتمنَّيْتم وزِدتُكم على ما قصَرتُ عنه أمانيكم، فانظروا إلى مواهبِ ربِّكم الَّذي وهب لكم، فإذا بقبابِ في الرَّفيعِ الأعلَى، وغُرَفٍ مبنيَّةٍ من الدُّرِّ والمرجانِ أبوابُها من ذهبٍ وسُررُها من ياقوتٍ وفرْشُها من سندسٍ وإستبرقٍ، ومنابرُها من نورٍ يثورُ من أبوابِها وأعراضِها نورٌ كشعاعِ الشَّمسِ مثلُ الكوكبِ الدُّرِّيِّ في النَّهارِ المضيءِ، وإذا قصورٌ شامِخةٌ في أعلَى عِلِّيِّين من الياقوتِ يُزهِرُ نورُها، فلولا أنَّه سُخِّر لالتمع الأبصارَ، فما كان من تلك القصورِ من الياقوتِ الأبيضِ فهو مفروشٌ بالحريرِ الأبيضِ، وما كان منها من الياقوتِ الأحمرِ، فهو مفروشٌ بالعبقريِّ الأحمرِ، وما كان منها من الياقوتِ الأخضرِ فهو مفروشٌ بالسُّندسِ الأخضرِ، وما كان منها من الياقوتِ الأصفرِ فهو مفروشٌ بالأُرْجوانِ الأصفرِ مُموَّهٌ بالزُّمرُّدِ الأخضرِ والذَّهبِ الأحمرِ والفضَّةِ البيضاءِ، قواعدُها وأركانُها من الياقوتِ وشرَفُها قِبابُ اللُّؤلؤِ وبُروجُها غُرُفُ المرجانِ، فلمَّا انصرفوا إلى ما أعطاهم ربُّهم قُرِّبت لهم براذينُ من الياقوتِ الأبيضِ منفوخٌ فيها الرُّوحُ بجنبِها الوِلدانُ المُخلَّدون، وبيدِ كلِّ وليدٍ منهم حِكمةُ بِرذوْنٍ، ولَجْمُها وأعِنَّتُها من فضَّةٍ بيضاءَ مُتطوِّقةً بالدُّرِّ والياقوتِ وسَرْجُها سُررٌ مَوْضونةٌ مفروشةٌ بالسُّندسِ والإستبرقِ فانطلقتْ بهم تلك البراذينُ تزُفُّ بهم وتنظُرُ رياضَ الجنَّةِ، فلمَّا انتهَوْا إلى منازلِهم وجدوا فيها جميعَ ما تطوَّل به ربُّهم عليهم ممَّا سألوه وتمنَّوْا، وإذا على بابِ كلِّ قصرٍ من تلك القصورِ أربعُ جِنانٍ جنَّتان ذواتا أفنانٍ وجنَّتان مُدْهامَّتان وفيهما عينان نضَّاختان وفيهما من كلِّ فاكهةٍ زوجان، وحورٌ مقصوراتٌ في الخِيامِ، فلمَّا تبوَّءوا منازلَهم واستقرَّ بهم قَرارُهم قال لهم ربُّهم : هل وجدتم ما وعدكم ربُّكم حقًّا ؟ قالوا : نعم رضينا فارْضَ عنَّا ؟ قال : برضاي عنكم حللتم داري ونظرتم إلى وجهي وصافحتْكم ملائكتي فهنيئا هنيئًا عطاءً غيرَ مَجذوذٍ ليس فيه تنغيصٍ ولا تصريدٍ، فعند ذلك وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ
خلاصة حكم المحدث : معضل منكر
الراوي : محمد الباقر بن علي بن الحسين | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب الصفحة أو الرقم : 4/398
التخريج : أخرجه ابن أبي الدنيا في ((صفة الجنة)) (51)، والآجري في ((الشريعة)) (2/ 1039)، وأبو نعيم الأصبهاني في في ((صفة الجنة)) (41) جميعهم مطولا.
التصنيف الموضوعي: جنة - شجر الجنة جنة - صفة الجنة جنة - رؤية الله تبارك وتعالى في الجنة عقيدة - إثبات صفات الله تعالى فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - إخبار النبي عن المغيبات
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


صفة الجنة لابن أبي الدنيا ت سليم (ص: 73)
51 - حدثنا ابن موسى إسحاق بن موسى الهارون، ثنا القاسم بن زيد الجرمي الموصلي، ثنا أبو إلياس، ثنا محمد بن علي بن الحسين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة لشجرة يقال لها طوبى لو سخر الراكب الجواد أن يسير في ظلها لسار فيه مائة عام، وورقها وبسرها برود خضر، وزهرها رياط صفر، وفناؤها سندس وإستبرق، وثمرها حلل، وصمغها زنجبيل وعسل، وبطحاؤها ياقوت أحمر وزمرد أخضر، وترابها مسك وعنبر، وكافورها أصفر، وحشيشها زعفران مونع، والألنجوج يتأججان من غير وقود، يتفجر من أصلها أنهار السلسبيل والعين والرحيق، وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة، يألفونه متحدث يجمعهم، فبينما هم يوما في ظلها يتحدثون إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجبا جبلت من الياقوت، ثم تنفخ فيها الروح مزمومة بسلاسل من ذهب كأن وجهها المصابيح نضارة وحسنا وبهاء، وبرها خز أحمر ومرعزي أبيض مخلطان، لم ينظر الناظرون إلى مثلها حسنا ذلك من غير مهابة، نجب من غير رياضة، عليها رحايل ألواحها من الدر والياقوت مفضضة باللؤلؤ والمرجان، صفائحها من الذهب الأحمر ملبسة بالعبقري والأرجوان، فأناخوا لهم تلك النجب ثم قالوا لهم: إن ربكم يقرئكم السلام ويستزيركم لينظر إليكم وتنظرون إليه وتكلمونه ويكلمكم ويزيدكم من فضله وسعته إنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم، فيتحول كل رجل منهم على راحلته ثم ينطلقون صفا معتدلا لا يفوت شيء منهم شيئا، ولا يفوت أذن ناقة أذن صاحبتها، فلا يمرون بشجرة من شجر الجنة إلا أتحفتهم من ثمرها ورحلت عن طريقهم كراهة أن يتثلم صفهم أو تفرق بين الرجل ورفيقه، فلما دفعوا إلى الجبار عز وجل سفر لهم عن وجهه الكريم وتجلى لهم في عظمته العظيمة يحييهم فيها بالسلام قالوا: ربنا أنت السلام ومنك السلام ولك حق الجلال والإكرام، قال لهم ربهم: إني أنا السلام ومني السلام ولي حق الجلال والإكرام فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي ورعوا عهدي وخافوني بالغيب، وكانوا مني على كل حال مشفقين ، قالوا: أما وعزتك وجلالك وعلو مكانك ما قدرناك حق قدرك ولا أدينا إليك كل حقك فائذن لنا في السجود. قال لهم ربهم: إني وضعت عنكم مؤنة العبادة وأرحت لكم أبدانكم فطالما نصبتم لى الأبدان وأعنتم لي الوجوه، وأصمتم لي الأفواه، وأخمصتم لي البطون، فالآن أفضيتم إلى روحي ورحمتي وكرامتي، فاسألوني ما شئتم، وتمنوا علي أعطكم أمانيكم فإني لا أجزيكم اليوم بقدر أعمالكم ولكن بقدر رحمتي وطولي وجلالي وعلو مكاني وعظمة شأني ، فما يزالون في الأماني والمواهب والعطايا حتى إن المقصر منهم ليتمنى مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله عز وجل إلى يوم أفناها، قال لهم ربهم: لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم وزدتكم على ما قصرت عنه أمانيكم، فانظروا إلى مواهب ربكم الذي وهب لكم ، فإذا قباب في الرفيق الأعلى وغرف مبنية من الدر والمرجان، وأبوابها من ذهب، وسررها من ياقوت، وفرشها من سندس وإستبرق، ومنابرها من نور يثور من أبوابها ومن أعراضها نور كشعاع الشمس مثل الكوكب الدري في النهار المضيء، وإذا قصور شامخة في أعلى عليين من الياقوت يزهو نورها، فلولا أنه سخر لالتمع الأبصار، فما كان من تلك القصور من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالحرير وما كان منها من الياقوت الأحمر فهو مفروش بالعبقري الأحمر، وما كان منها من الياقوت الأخضر فهو مفروش بالسندس الأخضر، وما كان منها من الياقوت الأصفر فهو مفروش بالأرجوان الأصفر مموه بالزبرجد الأخضر والذهب الأحمر والفضة البيضاء وقواعدها وأركانها من الياقوت، وشرفها قباب من اللؤلؤ، وبروجها غرف المرجان، فلما انصرفوا إلى ما أعطاهم ربهم عز وجل قربت لهم براذين من الياقوت الأبيض منفوخ فيها الروح، بجنبها الولدان المخلدون، بيد كل واحد منهم حكمة برذون ولجمها وأعنتها من فضة بيضاء منظومة بالدر والياقوت وسرجها سرر موضونة مفروشة بالسندس والإستبرق، فانطلقت بهم تلك البراذين تزف بهم وتبصر بهم رياض الجنة، فلما انتهوا إلى منازلهم وجدوا فيها جميع ما تقول به ربهم عليهم مما سألوا أو تمنوا، فإذا على باب كل قصر من تلك القصور أربعة جنان: جنتان ذواتا أفنان، وجنتان مدهامتان، وفيها عينان نضاختان، وفيها من كل فاكهة زوجان، وحور مقصورات في الخيام، فلما تبوءوا منازلهم واستقر بهم قرارهم قال لهم ربهم تعالى: هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قالوا نعم رضينا فارض عنا، قال: برضائي عنكم حللتم داري، ونظرتم إلى وجهي وصافحتم ملائكتي فهنيئا هنيئا عطاء غير مجذوذ ليس فيه تنغيص ولا تصريد ، فعند ذلك قالوا: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وأحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب إن ربنا لغفور شكور

الشريعة للآجري (2/ 1039)
حدثنا أبو جعفر محمد بن هارون بن بدينا الدقاق إملاء قال: نا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال: قال: نا المعافى بن عمران , عن أبي إياس إدريس بن سنان , عن وهب بن منبه , عن محمد بن علي قال إدريس: ثم لقيت محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة رضي الله عنهم أجمعين فحدثني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وحدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عفير الأنصاري إملاء قال: نا إسحاق بن داود القنطري , عن أحمد بن عبد الله بن يونس قال: نا المعافى بن عمران قال: نا إدريس بن سنان , عن وهب بن منبه , عن محمد بن علي بن الحسين ابن فاطمة رضي الله عنهم قال إدريس: ثم لقيت محمد بن الحسين , فحدثني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن في الجنة شجرة يقال لها: طوبى لو يسخر للراكب الجواد أن يسير في ظلها لسار مائة عام قبل أن يقطعها , ورقها وساقها: برود خضر , وزهرتها ورياض صفر , وأفنانها سندس وإستبرق , وثمرها: حلل خضر وماؤها: زنجبيل وعسل , وبطحاؤها: ياقوت أحمر , وزبرجد أخضر , وترابها: مسك وعنبر وكافور أبيض , وحشيشها زعفران منير , والأجوج يتأجج من غير وقود , ويتفجر من أصلها أنهار السلسبيل والمعين والرحيق , وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة ومتحدث لجمعهم , فبينا هم في ظلها يتحدثون؛ إذ جاءهم الملائكة يقودون نجبا خلقت من الياقوت , ثم نفخ فيها الروح مزمومة بسلاسل من ذهب , كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا , وبرها من خز أحمر ومرعزى أبيض , لم ينظر الناظرون إلى مثلها حسنا وبهاء وجمالا , ذللا من غير مهابة , نجبا من غير رياضة , عليها رحال ألواحها من الدر واليواقيت , مفضضة باللؤلؤ والمرجان , صفائحها من الذهب الأحمر ملبسة بالعبقري والأرجوان , فأناخوا إليهم تلك النجائب , ثم قالوا لهم: إن ربكم عز وجل يقرئكم السلام , ويستزيدكم لتنظروا إليه , وينظر إليكم ويحييكم وتحيونه , ويكلمكم وتكلمونه , ويزيدكم من فضله وسعته , إنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم , فيتحول كل رجل منهم على راحلته ثم انطلقوا صفا واحدا معتدلا , لا يفوت من شيء شيئا ولا يفوت أذن ناقة أذن صاحبتها , ولا يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا أكفتهم بثمرتها , ورحلت لهم عن طريقهم كراهية أن تثلم صفهم , أو تفرق بين الرجل ورفيقه , فلما رفعوا إلى الجبار تبارك وتعالى , أسفر لهم عن وجهه الكريم , وتجلى لهم في عظمته , فحياهم بالسلام , فقالوا: ربنا أنت السلام , ومنك السلام , ولك حق الجلال والإكرام , فقال لهم تبارك وتعالى إنى أنا السلام , ومنى السلام , ولي حق الجلال والإكرام , فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي , ورعوا عهدي وخافوني بالغيب , وكانوا مني على وجل مشفقين , فقالوا: أما وعزتك وعظمتك وجلالك وعلو مكانك , ما قدرناك حق قدرك , وما أدينا إليك كل حقك , فائذن لنا بالسجود لك , فقال لهم ربهم عز وجل: قد وضعت عنكم مؤنة العبادة , وأرحت لكم أبدانكم , فطالما أنصبتم الأبدان , وأعنيتم لي الوجوه , فالآن أفضوا إلى روحي ورحمتي وكرامتي , فسلوني ما شئتم , وتمنوا علي أعطكم أمانيكم , فإني لن أجزيكم اليوم بقدر أعمالكم , ولكن بقدر رحمتي وكرامتي , وطولي وجلالي , وعلو مكاني , وعظمة سلطاني , فلا يزالون في الأماني والعطايا والمواهب , حتى إن المقصر منهم في أمنيته ليتمنى مثل جميع الدنيا منذ يوم خلقها الله عز وجل إلى يوم أفناها , فقال لهم ربهم عز وجل: لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم , فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم وألحقت لكم وزدتكم ما قصرت عنه أمانيكم فانظروا إلى مواهب ربكم التي وهب لكم , فإذا بقباب في الرفيق الأعلى , وغرف مبنية من الدر والمرجان , وإذا أبوابها من ذهب , وسررها من ياقوت , وفرشها سندس وإستبرق , ومنابرها من نور , يفور من أبوابها وأعراصها نور , شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري , فإذا بقصور شامخة في أعلى عليين من الياقوت يزهر نورها , فلولا أنه سخرها للمعت الأبصار , فما كان من تلك القصور من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالحرير الأبيض , وما كان منها من الياقوت الأحمر , فهو مفروش بالعبقري الأحمر , وما كان منها من الياقوت الأخضر فهو مفروش بالسندس الأخضر , وما كان منها من الياقوت الأصفر , فهو مفروش بأرجوان أصفر , مبثوثة بالزمرد الأخضر , والذهب الأحمر والفضة البيضاء , وبروجها وأركانها من الجوهر , وشرفها قباب اللؤلؤ , فلما انصرفوا إلى ما أعطاهم ربهم عز وجل , قربت لهم براذين من الياقوت الأبيض , منفوخ فيها الروح , يجنبها الولدان المخلدون , بيد كل وليد منهم حكمة برذون من تلك البراذين لجمها وأعنتها من فضة بيضاء , منظومة بالدر والياقوت , سرجها مفروشة بالسندس والإستبرق فانطلقت بهم تلك البراذين تزف بهم وتطوف بهم رياض الجنة , فلما انتهوا إلى منازلهم وجدوا الملائكة قعودا على منابر من نور ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم , ويهنوهم بكرامة ربهم , عز وجل فلما دخلوا قصورهم وجدوا فيها جميع ما تطول به عليهم ربهم عز وجل مما سألوه وتمنوا , وإذا على باب كل قصر من تلك القصور أربع جنان: جنتان ذواتا أفنان , وجنتان مدهامتان , فيها عينان نضاختان , وفيهما من كل فاكهة زوجان , وحور مقصورات في الخيام فلما تبوءوا منازلهم واستقر قرارهم قال لهم ربهم عز وجل: {هل وجدتم ما وعد ربكم حقا} ؟ قالوا: نعم " قال: أفرضيتم بمواهب ربكم؟ قالوا: نعم , رضينا ربنا , فارض عنا قال: فبرضاي عنكم حللتم داري , ونظرتم إلى وجهي الكريم , وصافحتم ملائكتي , فهنيئا هنيئا لكم , {عطاء غير مجذوذ} [[هود: 108]] , ليس فيه تنقيص ولا تصريم , فعند ذلك قالوا: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن , إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله , لا يمسنا فيها نصب , ولا يمسنا فيها لغوب} [[فاطر: 35]] قال محمد بن الحسين: هذه الأخبار كلها يصدق بعضها بعضا مع ظاهر القرآن يبين أن المؤمنين يرون الله عز وجل , فالإيمان بهذا واجب , فمن آمن بما ذكرنا؛ فقد أصاب حظه من الخير إن شاء الله في الدنيا والآخرة , ومن كذب بجميع ما ذكرنا , وزعم أن الله عز وجل لا يرى في الآخرة فقد كفر , ومن كفر بهذا , فقد كفر بأمور كثيرة مما يجب عليه الإيمان بها , وسنبين جميع ما يكذب به الجهمي في كتاب غير هذا الكتاب إن شاء الله , فإن اعترض بعض من قد استحوذ عليهم الشيطان فهم في غيهم يترددون , ممن يزعم أن الله عز وجل لا يرى في القيامة , واحتج بقول الله عز وجل: {لا تدركه الأبصار , وهو يدرك الأبصار , وهو اللطيف الخبير} [[الأنعام: 103]] فجحد النظر إلى الله عز وجل بتأويله الخاطئ لهذه الآية قيل له: يا جاهل إن الذي أنزل الله عز وجل عليه القرآن , وجعله الحجة على خلقه , وأمره بالبيان لما أنزل عليه من وحيه هو أعلم بتأويلها منك يا جهمي , هو الذي قال لنا: إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون هذا القمر فقبلنا عنه ما بشرنا به من كرامة ربنا عز وجل على حسب ما تقدم ذكرنا له , من الأخبار الصحاح عند أهل الحق من العلم , ثم فسر لنا الصحابة رضي الله عنهم بعده , ومن بعدهم من التابعين: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} [[القيامة: 22]] فسروه على النظر إلى وجه الله عز وجل , وكانوا بتفسير القرآن وبتفسير ما احتججت به من قوله عز وجل {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} [[الأنعام: 103]] أعرف منك , وأهدى منك سبيلا , والنبي صلى الله عليه وسلم فسر لنا قول الله عز وجل: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [[يونس: 26]] وكانت الزيادة: النظر إلى وجه الله تعالى , وكذا عند صحابته رضي الله عنهم , فاستغنى أهل الحق بهذا , مع تواتر الأخبار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى وجه الله عز وجل , وقبلها أهل العلم أحسن قبول وكانوا بتأويل الآية التي عارضت بها أهل الحق أعلم منك يا جهمي , فإن قال قائل: فما تأويل قوله عز وجل: {لا تدركه الأبصار} [[الأنعام: 103]] قيل له: معناها عند أهل العلم: أي: لا تحيط به الأبصار , ولا تحويه عز وجل , وهم يرونه من غير إدراك ولا يشكون في رؤيته , كما يقول الرجل: رأيت السماء وهو صادق , ولم يحط بصره بكل السماء , ولم يدركها وكما يقول الرجل: رأيت البحر , وهو صادق ولم يدرك بصره كل البحر , ولم يحط ببصره , هكذا فسره العلماء , إن كنت تعقل

صفة الجنة لأبي نعيم الأصبهاني (2/ 242)
411 - حدثنا محمد بن علي بن حبيش، ثنا إبراهيم بن شريك، ثنا أحمد بن يونس، ثنا المعافى بن عمران، وكان من خيار الناس، قال: حدثني إدريس بن سنان، عن وهب بن منبه، عن محمد بن علي، قال: ثم لقيت محمد بن علي بن الحسين ابن فاطمة فحدثني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى، لو سخر الجواد الراكب أن يسير في ظلها لسار فيها مائة عام، قبل أن يقطع ورقها، وبسرها برود خضر وزهرها رياط صفر وأمناؤها سندس وإستبرق، وثمرها حلل أحمر، وصمغها زنجبيل وعسل، وبطحاؤها ياقوت أحمر، وزمرد أخضر، وترابها مسك وعنبر، وكافور أصفر، وحشيشها زعفران مونع والألنجوج تتأججان من غير وقود ينفجر من أصلها أنهار السلسبيل، والمعين والرحيق، وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة يألفونه، ومتحدث لجمعهم، فبينا هم يوما يتحدثون في ظلها إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجبا بختا جبلت من الياقوت لم ينفخ فيها الروح، مزمومة بسلاسل من ذهب، كأن وجوهها المصابيح نضارة، وحسنا، ووبرها خز ومرعزى أبيض مختلطان حسنا وبهاء، ذلل من غير مهانة، نجب من غير رياضة عليها رحال ألواحها من الدر، والياقوت مفضضة باللؤلؤ والمرجان صفائحها من الذهب الأحمر ملبسة بالعبقري، والأرجوان، فأناخوا لهم تلك النجائب، ثم قالوا لهم: إن ربكم يقرئكم السلام، ويستزيركم لتنظروا إليه، وينظر إليكم وتحيونه ويحييكم ويكلمكم وتكلمونه، ويزيدكم من سعته وفضله إنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم، فيتجول كل رجل منهم على راحلته، ثم انطلقوا صفا واحدا معتدلا لا يفوت منه شيء شيئا، ولا يفوت أذن الناقة أذن صاحبتها، ولا بركة ناقته بركة صاحبتها، ولا يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا أتحفتهم بثمرتها، وزحلت لهم عن طريقهم، كراهية أن ينثلم صفهم، ويفرق بين الرجل ورفيقه، فلما دفعوا إلى الجبار تعالى سفر لهم عن وجهه الكريم، وتجلى لهم في عظمته العظيمة تحيتهم السلام، قالوا: ربنا أنت السلام ومنك السلام ولك حق الجلال والإكرام، فقال لهم ربهم: إني السلام ومني السلام ولي حق الجلال والإكرام، فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي ورعوا عهدي وخافوني بالغيب، وكانوا مني على كل حال مشفقين منتصحين، قالوا: أما وعزتك وعظمتك وجلالك وعلو مكانك ما قدرناك حق قدرك وما أدينا إليك كل حقك، فأذن لنا بالسجود لك. فقال لهم ربهم تبارك وتعالى: إني قد وضعت عنكم مؤنة العبادة، وأرحت لكم أبدانكم فطالما أنصبتم لي الأبدان، وأعنيتم لي الوجوه، فالآن أفضيتم إلى روحي، ورحمتي وكرامتي، فسلوني ما شئتم وتمنوا علي أعطكم أمانيكم، فإني لن أجزيكم اليوم بقدر أعمالكم، ولكن بقدر رحمتي وكرامتي وطولي وجلالي وعلو مكاني وعظمة شأني، فما يزالون في الأماني والعطايا، والمواهب حتى إن المقصر منهم في أمنيته ليتمنى مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله عز وجل إلى يوم أفناها، فقال لهم ربهم تبارك وتعالى: لقد قصرتم في أمانيكم، ورضيتم بدون ما يحق لكم، فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم، وألحقت بكم ذريتكم، وزدتكم ما قصرت عنه أمانيكم، وانظروا إلى مواهب ربكم عز وجل الذي وهب لكم، فإذا بقباب في الرفيع الأعلى، وغرف مبنية من الدر، والمرجان، أبوابها من ذهب وسررها من ياقوت، وفرشها من سندس، وإستبرق، ومنابرها من نور يثور من أبوابها، وعراصها نور شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري في النهار المضيء، وإذا بقصور شامخة في أعلى عليين يزهر نورها، فلولا أنه مسخر لالتمع البصر، فما كان من تلك القصور من الياقوت الأبيض فهو مفروش من العبقري الأحمر، وما كان منها من الياقوت الأصفر، فهو مفروش بالأرجوان الأصفر، مموه بالزمرد الأخضر، والذهب الأحمر، والفضة البيضاء، قواعدها وأركانها من الجوهر، وشرفها قباب من اللؤلؤ، وبروجها غرف من المرجان، فلما أبصروا إلى ما أعطاهم ربهم تبارك وتعالى قربت لهم براذين من الياقوت الأبيض منفوخ فيها الروح يجنبها الولدان المخلدون بيد كل واحد منهم حكمة برذون، تلك البراذين ولجمها وأعنتها من فضة بيضاء منظومة بالدر والياقوت، سرجها موضونة مفروشة بالسندس، والإستبرق فانطلقت بهم تلك البراذين تزف بهم وتنظر بهم رياض الجنة، فلما انتهوا إلى منازلهم، وجدوا الملائكة قعودا على منابر من نور ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم، ويهنئوهم بكرامة ربهم عز وجل،، فلما دخلوا قصورهم، وجدوا فيها جميع ما تطول به عليهم ربهم عز وجل، مما سألوا وتمنوا وإذا على باب كل قصر من تلك القصور أربع جنان ذواتا أفنان، وجنتان مدهامتان فيهما عينان نضاختان، وفيهما من كل فاكهة زوجان، وحور مقصورات في الخيام، فلما تبوؤوا منازلهم، واستقر قرارهم قال لهم تبارك وتعالى: هل وجدتم ما وعدتكم حقا؟ قالوا: نعم وربنا. قال: هل رضيتم بثواب ربكم عز وجل؟ قالوا: نعم ربنا رضينا قال: رضائي أحلكم داري، ونظرتم إلى وجهي وصافحتم ملائكتي هنيئا هنيئا لكم عطائي غير مجذوذ، ليس فيه تنغيص، ولا تصديد فعند ذلك قالوا: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور، الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب} [[فاطر: 35]]