الموسوعة الحديثية


- وذَكَرَ حديثًا طويلًا، ذَكَرَ فيهِ أنَّهُ كانَ عبدًا، قالَ: فلمَّا أَمسيتُ جَمعتُ ما كانَ عِندي، ثمَّ خَرجتُ حتَّى جئتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ بِقُباءَ، فدَخلتُ عليهِ ومعَهُ نفرٌ من أصحابِهِ فقلتُ له: إنَّهُ بلغَني أنَّهُ لَيسَ بيدِكَ شيءٌ وأنَّ معَكَ أصحابًا لَكَ، وأنتُمْ أَهْلُ حاجةٍ وغربةٍ، وقد كانَ عِندي شيءٌ وضعتُهُ للصَّدقةِ، فلمَّا ذُكِرَ لي مَكانُكُم رأيتُكُم أحقَّ بِهِ، ثمَّ وضعتُهُ لَهُ. فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: كُلوا وأَمسَكَ هُوَ. ثمَّ أتيتُهُ بعدَ أن تحوَّلَ إلى المدينةِ وقد جمعتُ شيئًا، فقلتُ: رأيتُكَ لا تأكلُ الصَّدقةَ، وقد كانَ عِندي شيءٌ أحبَبتُ أن أُكْرِمَكَ بِهِ كرامةً ليسَ بصَدقةٍ. فأَكَلَ وأصحابُهُ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : سلمان الفارسي | المحدث : العيني | المصدر : نخب الافكار الصفحة أو الرقم : 7/513
التخريج : أخرجه البزار (2500)، والطبراني (6/222، رقم6065) مطولا، وأحمد (23712) بنحوه،
التصنيف الموضوعي: صدقة - كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

أصول الحديث:


مسند البزار (6/ 462)
2500 - وأخبرنا عمرو بن علي، قال: أخبرنا عبد الله بن هارون بن أبي عيسى، عن أبيه، عن ابن إسحاق، أنه سمع عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس، قال: حدثني سلمان الفارسي، حديثه من فيه، قال: كنت رجلا فارسيا من أهل أصفهان من قرية منها يقال حيى، وكان أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه لم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار أوقدها لا أتركها تخبو ساعة، وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل يوما، فقال لي: يا بني إني قد شغلت هذا اليوم عن ضيعتي اذهب إليها فطالعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، ثم قال لي: لا تحبس علي فإنك إن احتبست علي كنت أهم إلي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء، فخرجت أريد ضيعته أسير إليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم، وقلت هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه، فما برحت من عندهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي، ثم قلت لهم أين أصل هذا الدين؟ قالوا: رجل بالشام، ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وقد شغلته عن عمله، فقال: أي بني أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت إني مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فدخلت إليهم فما زلت عندهم وهم يصلون حتى غربت الشمس فقال: أي بني ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، ثم حبسني في بيته وبعثت إلي النصارى، فقلت: إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم، فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم، فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم، فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت: من أفضل هذا الدين علما؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة، فجئته فقلت له: إني قد رغبت في هذا الدين فأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلم منك وأصلي معك، قال: فادخل، فدخلت معه وكان رجل سوء يأمر بالصدقة ويرغبهم فإذا جمعوا إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه فلم يعط إنسانا منها شيئا حتى جمع قلالا من ذهب وورق، وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه فلم يعط إنسانا أو لم يعط المساكين منها شيئا، قالوا: وما علمك بذاك؟ قلت لهم: فأنا أدلكم على كنزه. قالوا: فدلنا عليه، فدللتهم عليه فاستخرجوا ذهبا وورقا، فلما رأوها قالوا: والله لا تدفنوه أبدا، فصلبوه ثم رجموه بالحجارة، وكان ثم رجل آخر فجعلوه مكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه، فأحببته حبا لم أحبه شيئا قط، فما زلت معه زمانا ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان إني قد كنت معك فأحببتك حبا لم أحبه شيئا قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: أي بني والله ما أعلم أحدا على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا كثيرا مما كانوا عليه إلا رجل بالموصل وهو فلان، وهو على ما كنت عليه فالحق به فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل، فقلت له يا فلان: إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره، فقال: فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه فلم ألبث أن مات فلما حضرته الوفاة، قلت له: يا فلان إن فلانا أوصاني إليك وأمرني فألحق بك وقد حضر من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي؟ وما تأمرني؟ قال: أي بني والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجل بنصيبين وهو فلان فالحق به، فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فأخبرته بما أمرني به صاحبه، فقال: أقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حضر: قلت له يا فلان، إن فلانا أوصى بي إلى فلان وأوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: يا بني ما أعلم بقي أحد على ما آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم على مثل ما نحن عليه فإنه على أمرنا، فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري، فقال: أقم عندي فأقمت عند خير رجل على هدي أصحابه وأمرهم واكتسبت حتى كانت لي بقيرات وغنيمة، ثم نزل به أمر الله فلما حضر قلت له: يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان ثم أوصى فلان إلى فلان ثم أوصاني فلان إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: والله ما أعلم أصلح لك على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ولكن قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم صلى الله عليه وسلم يخرج بأرض العرب مهاجرا إلى أرض بين حرتين به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل، ثم مات وغيب. فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي؟ هذه قالوا: نعم فأعطيتهم وحملوني معهم حتى إذا قدموا بي وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي كنت عنده فرأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي، فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من بني قريظة فابتاعني منه فحملني إلى المدينة، فوالله ما هو إلا رأيتها عرفتها بصفة صاحبي لي، فأقمت بها فبعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم وأقام بمكة ما أقام ما أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل له فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال قاتل: الله بني قيلة والله إنهم الآن لمجتمعون عند رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي، فلما سمعتها أخذني يعني الفرح حتى ظننت أني سأسقط على سيدي، ونزلت عن النخلة وجعلت أقول لابن عمه ذلك ماذا تقول؟ ماذا تقول؟ فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة، ثم قال لي ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك، قلت: لا شيء إنما أردت أن أستفتيه عما قال، وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي صدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، قال: وقربته إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: كلوا وأمسك هو فلم يأكل منه، فقلت في نفسي هذه واحدة، ثم انصرفت عنه، فجمعت شيئا فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئت به فقلت له: إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا، وقال: قلت في نفسي هاتان ثنتان، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد اتبع جنازة رجل من أصحابه وهو جالس، فسلمت عليه ثم استدبرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فأكببت عليه أقبله وأبكي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحول فتحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له وبأربعين أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " أعينوا أخاكم فأعانوني في النخل الرجل بثلاثين والرجل بعشرين والرجل بخمس عشرة والرجل بعشر والرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاث مائة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب يا سلمان، فإذا فرغت فآذني أكون معك أنا أضعها بيدي ففقرت لها، وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغنا فوالذي نفس سلمان بيده ما مات منها نخلة واحدة فأديت النخل وبقي علي المال فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن، قال: ما فعل الفارسي المكاتب فدعيت له، فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك يا سلمان فقلت وأين تقع هذه يا رسول الله، مما علي؟ قال: خذها فإن الله سيؤدي بها عنك فوزنت له منها، فوالذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم، وعتق سلمان، وشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد

 [المعجم الكبير – للطبراني] (6/ 222)
6065 - حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي، ثنا عبد الملك بن هشام السدوسي، ثنا زياد بن عبد الله البكائي، ح وحدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا يونس بن بكير، ح وحدثنا الحسن بن العباس الرازي، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة كلهم، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس، حدثني سلمان حديثه من فيه، قال: كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من قرية يقال لها: جي، وكان أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل بي حبه إياي، حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، فاجتهدت في المجوسية، حتى كنت قاطن النار، أوقدها لا أتركها تخبو ساعة واحدة، وكانت لأبي ضيعة عظيمة، فشغل يوما، فقال لي: يا بني، إني قد شغلت هذا اليوم عن ضيعتي، فاذهب إليها فطالعها، فأمره فيها ببعض ما يريد، ثم قال لي: لا تحتبس علي، فإنك إن احتبست علي كنت أهم علي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء من أمري، فخرجت أريد ضيعته أسير إليها، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها، وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم، ورغبت في دينهم، وقلت: هذا والله خير من [ص:223] الدين الذي نحن عليه، فما برحت من عندهم حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي، ثم قلت لهم: من أبصركم بهذا الدين؟ قالوا: رجل بالشام، ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي، وقد شغلته عن عمله، قال أبي: بني، أين كنت؟ ألم أعهد إليك ما عهدت؟ قلت: إني مررت بناس يصلون في كنيسة لهم، فدخلت إليهم، فما زلت عندهم وهم يصلون حتى غربت الشمس، قال: أي بني، ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه، ثم حبسني في بيته، وبعثت إلى النصراني، فقلت: إذا قدم إليكم ركب من الشام، فأخبروني بهم، فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى، فأخبروني بهم، فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت: من أفضل أهل هذا الدين علما؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة، فجئته فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين، فأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلم منك، وأصلي معك، قال: فادخل، فدخلت معه، وكان رجل سوء يأمر بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا به إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه، فلم يعط إنسانا منها شيئا، حتى جمع قلالا من ذهب وورق، فأبغضته بغضا شديدا، لما رأيته يصنع، ثم مات واجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة، ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه، ولم يعط المساكين منها شيئا، قالوا: وما علمك بذلك؟ قلت لهم: فأنا أدلكم على كنزه، قالوا: فدلنا عليه، فدللتهم عليه فاستخرجوا ذهبا وورقا فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا، فصلبوه، ثم رجموه بالحجارة، وكان ثم رجل آخر فجعلوه مكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أفضل منه، أزهد في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلا ونهارا منه، فأحببته حبا لم أحبه شيئا قط، فما زلت معه زمانا ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان [ص:224]، إني قد كنت معك فأحببتك حبا لم أحبه شيئا قط، وقد حضرك ما ترى من أمر الله عز وجل، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟، قال: أي بني، والله ما أعلم أحدا على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا كثيرا مما كانوا عليه، إلا رجلا بالموصل وهو فلان، وهو على ما كنت عليه، فالحق به، فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل، فقلت له: يا فلان، إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره، قال: فأقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم ألبث أن مات، فلما حضرته الوفاة، قلت له: يا فلان، إن فلانا أوصاني إليك، وأمرني أن ألحق بك، وقد حضر من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: يا بني، ما أعلم بقي أحد آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية بأرض الروم على مثل ما نحن عليه، فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري، فقال: أقم عندي، فأقمت عند خير رجل على هدي أصحابه وأمرهم، واكتسبت حتى كانت عندي بقيرات وغنيمة، ثم نزل به أمر الله عز وجل، فلما حضر قلت له: يا فلان، إني كنت مع فلان فأوصاني إلى فلان، ثم أوصى فلان إلى فلان، ثم أوصاني فلان إليك، فإلى من توصي بي، وإلى من تأمرني؟ قال: والله ما أعلم أصبح على مثل ما نحن فيه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكن أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم صلى الله عليه وسلم، يخرج بأرض العرب إلى أرض - أظنه قال - ذات نخل به علامات لا تخفى، يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بذلك البلاد فافعل، ثم مات وغيب، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، مر بي نفر من كلب تجار، فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه؟ قالوا: نعم، فأعطيتهم وحملوني معهم حتى إذا قدموا وادي القرى ظلموني، فباعوني من رجل يهودي، فكنت عنده فرأيت النخل، فرجوت البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق في نفسي [ص:225]، فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من بني قريظة، وابتاعني منه، فحملني إلى المدينة فوالله ما هو إلا أن رأيتها عرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها، فبعث الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقام بمكة ما أقام ما أسمع له بذكر، مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال: قاتل الله بني فيلة، والله إنهم ليجتمعون على رجل قدم عليهم من مكة اليوم، يزعمون أنه نبي، فلما سمعتها أخذني الفرح، حتى ظننت أني سأسقط على سيدي، ونزلت عن النخلة، وجعلت أقول لابن عمه ذلك: ماذا يقول؟ فغضب سيدي، فلطمني لطمة شديدة، ثم قال: ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك، قلت: لا شيء، إنما أردت أن أستفتيه عما قال، وقد كان عندي شيء قد جمعته، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح، ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي صدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم، وقربته إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: كلوا وأمسك هو فلم يأكل منه ، فقلت في نفسي: هذه واحدة، ثم انصرفت عنه، فجمعت شيئا، فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم جئته به، فقلت له: رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية أكرمتك بها، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا، وقلت في نفسي: هاتان ثنتان، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقيع الغرقد قد اتبع جنازة رجل من الأنصار وهو جالس، فسلمت عليه، ثم استدرت أنظر إلى ظهره: هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي؟ فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدرت عرف أني أستثبت في شيء وصف لي، فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فأكببت عليه أقبله وأبكي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحول ، فتحولت فجلست بين يديه، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا، وأحدا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كاتب يا سلمان ، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له، وبأربعين أوقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أعينوا أخاكم فأعانوني في النخل الرجل بثلاثين، والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة، والرجل بعشر، والرجل بقدر ما عنده، حتى اجتمعت لي ثلاثمائة نخلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب يا سلمان، فآذني حتى أكون أنا أضعها بيدي ، ففقرت لها وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت جئته فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها، فجعلت إليها، فجعلت أقرب له الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، حتى فرغنا، والذي نفس سلمان بيده، ما مات منه ودية واحدة، فأديت النخل، وبقي علي المال، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب، من بعض المغازي، فقال: ما فعل الفارسي المكاتب؟ فدعيت له، فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك ، فقلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي؟ فقال: خذها، فإن الله عز وجل سيؤديها عنك فوزنت له منها، فوالذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية، وأوفيتهم حقهم، وعتق سلمان وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، ثم لم يفته مشهد

[مسند أحمد] مخرجا (39/ 117)
23712 - حدثنا أبو كامل، حدثنا إسرائيل، حدثنا أبو إسحاق، عن أبي قرة الكندي، عن سلمان الفارسي، قال: كنت من أبناء أساورة فارس، فذكر الحديث، قال: فانطلقت ترفعني أرض، وتخفضني أخرى، حتى مررت على قوم من الأعراب فاستعبدوني فباعوني حتى اشترتني امرأة، فسمعتهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم، وكان العيش عزيزا، فقلت لها: هبي لي يوما، فقالت: نعم، فانطلقت فاحتطبت حطبا، فبعته فصنعت طعاما، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه، فقال: ما هذا؟ فقلت: صدقة، فقال لأصحابه: كلوا ولم يأكل، قلت: هذه من علاماته، ثم مكثت ما شاء الله أن أمكث، فقلت لمولاتي: هبي لي يوما، قالت: نعم، فانطلقت فاحتطبت حطبا، فبعته بأكثر من ذلك فصنعت طعاما، فأتيته به وهو جالس بين أصحابه، فوضعته بين يديه فقال: ما هذا؟ قلت: هدية، فوضع يده، وقال لأصحابه: خذوا بسم الله ، وقمت خلفه، فوضع رداءه، فإذا خاتم النبوة، فقلت: أشهد أنك رسول الله فقال: وما ذاك؟ فحدثته عن الرجل، وقلت: أيدخل الجنة يا رسول الله، فإنه حدثني أنك نبي؟ فقال: لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة فقلت: يا رسول الله، إنه أخبرني أنك نبي أيدخل الجنة؟ قال: لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة