الموسوعة الحديثية


- أتيْتُ المدينةَ زَمَنَ الأَقِطِ والسَّمْنِ، والأَعْرَابُ يَأْتُونَ بِالزِّقَاقِ يَسْتَقُونَ بِها، فإذا أنا بِرجلٍ طَامِحِ البَصَرِ، وهوَ ينظرُ إلى الناسِ، فَظَنَنْتُ أنَّهُ غَرِيبٌ، فَدَنَوْتُ فَسَلَّمْتُ عليهِ، فَرَدَّ عليَّ السلامَ، وقال لي : من أهلِ المدينةِ أنتَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُ، فقُلْتُ : مِمَّنْ أنتَ ؟. قال : من بَنِي هِلالٍ واسْمِي كَهْمَسٌ، ثُمَّ قال لي : ألا أُحَدِّثُكَ حديثًا شَهِدْتُهُ من عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ ؟ فقُلْتُ : بلى. قال : بَينما نحنُ جُلوسٌ عندَهُ.. فذكرَ القِصَّةَ فقال : ثُمَّ قال عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : خَيْرُ أُمَّتي القَرْنُ الذي أنا فيهِ، ثُمَّ الثَّانِي، ثُمَّ الثَّالِثُ، ثُمَّ يَنْشَأُ قومٌ تَسْبِقُ أَيْمانُهُمْ شَهادَتَهُمْ، يَشْهَدُونَ من غَيْرِ أنْ يُسْتَشْهَدُوا، لهُمْ لَغَطٌ في أَسْوَاقِهِمْ. قال معاويةُ : قال كَهْمَسٌ : أَتَخَافُ أنْ يَكُونَ هؤلاءِ من أُولَئِكِ

أصول الحديث:


مسند أبي داود الطيالسي (1/ 36)
: ‌32 - حدثنا أبو داود ، قال: حدثنا حماد بن يزيد ، عن معاوية بن قرة المزني ، قال: أتيت المدينة زمن الأقط والسمن، والأعراب يأتون بالبرقان فيبيعونها، فإذا أنا برجل طامح بصره ينظر إلى الناس، فظننت أنه غريب، فدنوت منه فسلمت عليه، فرد علي، وقال لي: من أهل هذه أنت؟ قلت: نعم، فجلست معه، فقلت: ممن أنت؟ فقال: من هلال، واسمي كهمس - أو قال: من بني سلول، واسمي كهمس - ثم قال لي: ألا أحدثك حديثا شهدته من عمر بن الخطاب ؟ فقلت: بلى، قال: بينما نحن جلوس عنده إذ جاءت امرأة فجلست إليه، فقالت: يا أمير المؤمنين إن زوجي قد كثر شره، وقل خيره، فقال لها عمر رضي الله عنه: ومن زوجك؟ قالت: أبو سلمة، قال: إن ذاك الرجل رجل له صحبة، وإنه لرجل صدق، ثم قال عمر لرجل عنده جالس: أليس كذلك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لا نعرفه إلا بما قلت، فقال عمر لرجل: قم فادعه لي، وقامت المرأة حين أرسل إلى زوجها فقعدت خلف عمر، فلم يلبث أن جاءا معا حتى جلسا بين يدي عمر، فقال عمر: ما تقول في هذه الجالسة خلفي؟ قال: ومن هذه يا أمير المؤمنين؟ قال: هذه امرأتك، قال: وتقول ماذا؟ قال: تزعم أنه قد قل خيرك وكثر شرك، قال: بئس ما قالت يا أمير المؤمنين، إنها لمن صالح نسائها، أكثرهن كسوة، وأكثرهن رفاهية، ولكن فحلها بكيء، قال عمر: ما تقولين؟ قالت: صدق، فقام إليها عمر بالدرة فتناولها بها، ثم قال: أي عدوة نفسها أكلت ماله، وأفنيت شبابه، ثم أنشأت تخبرين بما ليس فيه، فقالت: يا أمير المؤمنين لا تعجل، فوالله لا أجلس هذا المجلس أبدا، ثم أمر لها بثلاثة أثواب، فقال: خذي لما صنعت بك، وإياك أن تشتكين هذا الشيخ، كأني أنظر إليها قامت ومعها الثياب، ثم أقبل على زوجها فقال: لا يحملنك ما رأيتني صنعت بها أن تسيء إليها، انصرفا، فقال الرجل: ما كنت لأفعل، ثم قال عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خير أمتي القرن الذي أنا منه، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم ينشأ قوم تسبق أيمانهم شهادتهم، يشهدون من غير أن يستشهدوا، لهم لغط في أسواقهم، قال: قال لي كهمس: أفتخاف أن يكون هؤلاء من أولئك، ثم قال لي كهمس : إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بإسلامي، ثم غبت عنه حولا، ثم أتيته فقلت: يا رسول الله كأنك تنكرني؟ فقال: أجل فقلت: يا رسول الله ما أفطرت منذ فارقتك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن أمرك أن تعذب نفسك؟ صم يوما من الشهر، فقلت: زدني، قال: فصم يومين، حتى قال: فصم ثلاثة أيام من الشهر.