الموسوعة الحديثية


- دخَلتُ علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ وهو في المسجِدِ جالِسٌ، فاغتَنَمتُ خلوتَهُ، وحدَهُ، فجلَستُ إليهِ، فقالَ : أبا ذَرٍّ ! إن لِلمَسجِد تَحيَّةً، وإنَّ تحيَّتَهُ ركعتان فقُم فاركَعهما، قالَ : فقُمت فركَعتُها ثم عُدتُ فجلَستُ إليهِ، فقُلتُ : يا رسولَ اللهِ ! إنَّكَ أمَرتَني بالصَّلاةِ فما الصَّلاةُ ؟ قال : خيرٌ موضوعٌ استكثِرْ أو استَقِلَّ. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فأيُّ الأعمالِ أفضَلُ ؟ قال : إيمانٌ باللَّهِ عزَّ وجلَّ، وجهادٌ في سبيلِهِ، قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فأيُّ المؤمنينَ أكمَلُهم إيمانًا ؟ قالَ : أحسَنُهُم خُلُقًا. قالَ : قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ! فأيُّ المؤمنينَ أسلَمُ ؟ قالَ : مَن سلِمَ النَّاسُ من لسانِهِ ويدِهِ. قال : قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ! فأيُّ الهجرةِ أفضَلُ ؟ قال : مَن هجرَ السَّيِّئاتِ. قالَ : قُلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فأيُّ الصَّلاةِ أفضَلُ ؟ قال : طولُ القنوتِ . قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فما الصِّيامُ ؟ قالَ : فرضٌ مَجزيٌّ ، وعندَ اللهِ أضعافٌ كثيرةٌ. قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فأيُّ الجهادِ أفضَلُ ؟ قالَ : مَن عُقِرَ جوادُهُ وأهريقَ دمُهُ. قال : قُلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فأيُّ الرِّقابِ أفضَلُ ؟ قالَ : أغلاها ثَمنًا وأنفَسُها عندَ ربِّها. قالَ : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فأيُّ الصَّدقةِ أفضَلُ ؟ قال : جُهدٌ مِن مُقِلٍّ يُسَرُّ إلى فقيرٍ. قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فأيُّ آيةٍ مِمَّا أنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ عليكَ أعظَمُ ؟ قال : آيةُ الكُرسيِّ. ثُمَّ قالَ : يا أبا ذَرٍّ ! ما السَّماواتُ السَّبعُ معَ الكُرسيِّ إلا كَحلقَةٍ مُلقاةٍ بأرضِ فلاةٍ، وفَضلُ العَرشِ على الكُرسيِّ كفَضلِ الفَلاةِ علَى الحَلقَةِ. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! كم الأنبياءُ ؟ قال : مائةُ ألفٍ وأربعةٌ وعِشرونَ ألفًا. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! كم الرُّسلِ ؟ قالَ : ثلاثُمائةٍ وثلاثَةُ عشرَ جَمًّا غفيرًا. قلتُ : كثيرٌ طيِّبٌ، قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! مَن كان أوَّلُهمْ ؟ قال : آدَمُ. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! أنَبيٌّ مُرسَلٌ ؟ قال : نعَم، خلقَهُ اللهُ بيدِهِ، ونفخَ فيهِ مِن روحِهِ، ثُمَّ سوَّاهُ قِبَلًا. وقال أحمدُ بنُ أنَسٍ ثُمَّ كلَّمهُ قِبَلًا. ثُمَّ قالَ : يا أبا ذَرٍّ ! أربعةٌ سُريانيُّونَ؛ آدَمُ، وشيثُ، وخَنوخُ - وهو إدريسُ، وهم أوَّلُ مَن خطَّ بالقلَمِ - ونوحٌ. وأربعةٌ من العَربِ؛ هودٌ، وصالِحٌ، وشُعَيبٌ، ونبيُّكَ يا أبا ذَرٍّ. قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! كَم كتابٌ أنزلَهُ اللَّهُ تعالى ؟ قال : مائةُ كتابٍ وأربعةُ كتُبٍ، أنزلَ علَى شيثَ خَمسونَ صحيفَةً، وأنزلَ علَى خَنوخَ ثلاثونَ صَحيفةً، وأنزلَ على إبراهيمَ عشرَ صحائفَ، وأنزلَ على موسَى قبلَ التَّوراةِ عَشرَ صحائفَ، وأنزلَ التَّوراةَ والإنجيلَ والزَّبورَ والفُرقانَ. قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! فَما كانَت صُحفُ إبراهيمَ ؟ قالَ : كانَت أمثالًا كلُّها : أيُّها الملِكُ المسلَّطُ المبتَلَى المغرورُ، فإنِّي لم أبعثْكَ لتجمَعَ الدُّنيا بعضَها إلى بعضٍ، ولكن بعثتُكَ لترُدَّ عنِّي دعوةَ المظلومِ، فإنِّي لا أردُّها ولَو كانَت مِن كافِرٍ. وكانَت فيها أمثالٌ : علَى العاقِلِ ما لَم يكُن مغلوبًا علَى عقلِهِ أن تكونَ له ساعاتٌ؛ ساعَةٌ يُناجي فيها ربَّهُ عزَّ وجلَّ، وساعةٌ يحاسِبُ فيها نفسَهُ، وساعَةٌ يفكِّرُ فيها في صُنعِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وساعةٌ يخلو فيها بحاجتِهِ من المطعَمِ والمشرَبِ، وعلى العاقلِ أن لا يكون ظاعِنًا إلَّا لثلاثٍ؛ تزوُّدٍ لمعادٍ، أو مرمَّةٍ لمعاشٍ، أو لذَّةٍ في غيرِ محرَّمٍ، وعلى العاقِلِ أن يكونَ بصيرًا بزمانِهِ، مقبِلًا على شأنِهِ، حافِظًا للسانِهِ، ومن حسَبَ كلامَهُ من عمَلِهِ قلَّ كلامُهُ إلا فيما يعنيهِ. قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ! فما كان صحُفُ موسَى عليهِ السَّلامُ ؟ قال : كانَت عبرًا كلَّها، عجبتُ لمن أيقنَ بالموتِ ثُمَّ هو يفرَحًُ، عجبتُ لمن أيقنَ بالنَّارِ وهو يضحَكُ، عجبتُ لمن أيقنَ للقدرِ ثم هو ينصَبُ، عجبتُ لمن رأى الدُّنيا وتقلُّبَها ثُمَّ اطمأنَّ إليها، عجِبتُ لمن أيقنَ بالحسابِ غدًا ثُمَّ لا يعمَلُ. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! أوصِني. قال : أوصيكَ بتقوى اللهِ فإنَّهُ رأسُ الأمرِ كلِّهِ، قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني. قال : عليكَ بتلاوَةِ القرآنِ فإنَّهُ نور لكَ في الأرضِ وذكرٌ لكَ في السَّماءِ. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني. قال : إيَّاكَ وكثرةَ الضَّحِكِ فإنَّهُ يُميتُ القَلبَ، ويَذهَبُ بنورِ الوَجهِ، قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ! زِدني. قال : عليكَ بالصَّمتِ إلَّا مِن خيرٍ، فإنَّهُ مطردَةٌ للشَّيطانِ عنكَ، وعونٌ لكَ علَى أمر دينِكَ. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني. قال : عليكَ بالجهادِ فإنَّهُ رهبانيَّةُ أمَّتي. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني. قال : حبُّ المساكينِ وجالِسهُم. قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ! زِدني. قال : انظُر إلى مَن تحتَكَ ولا تنظُر إلى مَن فوقكَ فإنَّهُ أجدَرُ أن لا تَزدَري نِعمةَ اللهِ عندكَ. قلتُ : زِدني يا رسولَ اللهِ ! قال : صِلْ قرابَتَكَ وإن قَطعوكَ. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني. قال : لا تَخَف في اللَّهِ تعالى لَومَةَ لائمٍ. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني. قالَ : قُل الحقَّ وإن كان مُرًّا. قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني. قال : يردُّكَ عن النَّاسِ ما تعرفُ من نفسِكَ، ولا تجِد عليهِم فيما تأتي، وكفَى به عيبًا أن تعرِفَ من النَّاسِ ما تجهَلُ من نفسِكَ، أو تجِدُ عليهِم فيما تأتي. ثُمَّ ضربَ بيدِهِ علَى صدري، فقالَ : يا أبا ذَرٍّ ! لا عقلَ كالتَّدبيرِ، ولا ورعَ كالكَفِّ، ولا حسَبَ كحُسنِ الخُلُقِ، قلتُ : يارسولَ اللهِ ! هل لي في الدُّنيا شَيءٌ مِمَّا أنزلَ اللهُ عليكَ مِمَّا كان في صحُفِ إبراهيمَ وموسَى ؟ قال : يا أبا ذَرٍّ ! اقرَأ : ? قَد أفلَحَ مَن تزَكَّى? إلى آخرِ السُّورَةِ
خلاصة حكم المحدث : تفرد به يحيى بن سعيد العبشمي عن ابن جريج
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : أبو نعيم | المصدر : حلية الأولياء الصفحة أو الرقم : 1/221
التخريج : أخرجه الطبري في ((تاريخه)) (9/120)، وابن حبان (361)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/166) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: إيمان - فضل الإيمان جهاد - فضل الجهاد رقائق وزهد - أي الأعمال أفضل صلاة - الحض على الصلاة مساجد ومواضع الصلاة - تحية المسجد
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


تاريخ الطبري - العلمية (9/ 120)
وقد حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب قال حدثنا عمي قال حدثني الماضي بن محمد عن أبي سليمان عن القاسم بن محمد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر الغفاري قال دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده فجلست إليه فقال لي يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما فلما ركعتهما جلست إليه فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال خير موضوع استكثر أو استقل ثم ذكر قصة طويلة قال فيها قلت يا رسول الله كم الأنبياء قال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قال قلت يا رسول الله كم المرسل من ذلك قال ثلثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا يعني كثير طيبا قال قلت يا رسول الله من كان أولهم قال آدم قال قلت يا رسول الله وآدم نبي مرسل قال نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه ثم سواه قبلا.

صحيح ابن حبان (2/ 76)
[361] أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني والحسين بن عبد الله القطان بالرقة وابن قتيبة واللفظ للحسن قالوا حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى بن الغساني قال حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر قال دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده قال يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما قال فقمت فركعتهما ثم عدت فجلست إليه فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال خير موضوع استكثر أو استقل قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل قال إيمان بالله وجهاد في سبيل الله قال قلت يا رسول الله فأي المؤمنين أكمل إيمانا قال أحسنهم خلقا قلت يا رسول الله فأي المؤمين أسلم قال من سلم الناس من لسانه ويده قال الصلاة أفضل قال طول القنوت قال قلت يا رسول الله فأي الهجرة أفضل قال من هجر السيئات قال قلت يا رسول الله فما الصيام قال فرض مجزىء وعند الله أضعاف كثيرة قال قلت يا رسول الله فأي الجهاد أفضل قال من عقر جواده وأهريق دمه قال قلت يا رسول الله فأي الصدقة أفضل قال جهد المقل يسر إلى فقير قلت يا رسول الله فأي ما أنزل الله عليك أعظم قال آية الكرسي ثم قال يا أبا ذر ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة قال قلت يا رسول الله كم الأنبياء قال مائة ألف وعشرون ألفا قلت يا رسول الله كم الرسل من ذلك قال ثلاث مائة وثلاثة عشر جما غفيرا قال قلت يا رسول الله من كان أولهم قال آدم قلت يا رسول الله أنبي مرسل قال نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا ثم قال يا أبا ذر أربعة سريانيون آدم وشيث وأخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بالقلم ونوح وأربعة من العرب هود وشعيب وصالح ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله كم كتابا أنزله الله قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل على شيث خمسون صحيفة وأنزل على أخنوخ ثلاثون صحيفة وأنزل على إبراهيم عشر صحائف وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن قال قلت: يا رسول الله ما كانت صحيفة إبراهيم قال كانت أمثالا كلها أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيها في صنع الله وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى قال كانت عبرا كلها عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح وعجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك وعجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل قلت يا رسول الله أوصني قال أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله قلت يا رسول الله زدني قال عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء قلت: يا رسول الله زدني قال إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه قلت يا رسول الله زدني قال عليك بالصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على أمر دينك قلت يا رسول الله زدني قال عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي قلت يا رسول الله زدني قال أحب المساكين وجالسهم قلت يا رسول الله زدني قال انظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك فإنه أجدر أن لا تزدرى نعمة الله عندك قلت يا رسول الله زدني قال قل الحق وإن كان مرا قلت يا رسول الله زدني قال ليردك عن الناس ما تعرف من نفسك ولا تجد عليهم فيما تأتي وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك أو تجد عليهم فيما تأتي ثم ضرب بيده على صدري فقال يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق". قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه أبو إدريس الخولاني هذا هو عائد الله بن عبد الله ولد عام حنين في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات بالشام سنة ثمانين. ويحيى بن يحيى الغساني من كندة من أهل دمشق من فقهاء أهل الشام وقرائهم سمع أبا إدريس الخولاني وهو بن خمس عشرة سنة ومولده يوم راهط في أيام معاوية بن يزيد سنة أربع وستين وولاه سليمان بن عبد الملك قضاء الموصل سمع سعيد بن المسيب وأهل الحجاز فلم يزل على القضاء بها حتى ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة فأقره على الحكم فلم يزل عليها أيامه وعمر حتى مات بدمشق سنة ثلاث وثلاثين ومئة.

[حلية الأولياء – لأبي نعيم] (1/ 166)
: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا جعفر الفريابي. وحدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن أنس بن مالك. قالا: ثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني حدثني أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر رضي الله عنه قال: دخلت المسجد وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده، فجلست إليه. فقال: أبا ذر إن للمسجد تحية، وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما. قال فقمت فركعتهما ثم عدت فجلست إليه، فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة؟ قال: خير موضوع استكثر أو استقل قلت يا رسول الله فأي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله عز وجل، وجهاد في سبيله قال قلت يا رسول الله فأي المؤمنين أكملهم إيمانا؟ قال: أحسنهم خلقا قال قلت يا رسول الله فأي المؤمنين أسلم؟ قال: من سلم الناس من لسانه ويده. قال: قلت يا رسول الله فأي الهجرة أفضل؟ قال: من هجر السيئات. قال: قلت يا رسول الله فأى الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت قال قلت يا رسول الله فما الصيام؟ قال: فرض مجزى، وعند الله أضعاف كثيرة قال قلت يا رسول الله فأي الجهاد أفضل؟ قال: من عقر جواده وأهريق دمه قال قلت يا رسول الله فأي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنا وأنفسها عند ربها قال قلت يا رسول الله فأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد من مقل يسر إلى فقير قلت يا رسول الله فأي آية مما أنزل الله عز وجل عليك أعظم قال: آية الكرسي ثم قال: يا أبا ذر ما السموات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة قلت يا رسول الله كم الأنبياء؟: قال: مائة ألف، وأربعة وعشرون ألفا قلت يا رسول الله كم الرسل؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا قلت كثير طيب. قلت يا رسول الله من كان أولهم؟ قال: آدم قلت يا رسول الله أنبي مرسل؟ قال: نعم! خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، ثم سواه قبلا وقال أحمد بن أنس ثم كلمه قبلا. ثم قال: يا أبا ذر أربعة سريانيون؛ آدم، وشيث، وخنوخ - وهو إدريس، وهو أول من خط بالقلم - ونوح وأربعة من العرب؛ هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر قال قلت يا رسول الله كم كتاب أنزله الله تعالى؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل على شيث خمسون صحيفة، وأنزل على خنوخ ثلاثون صحيفة وأنزل على إبراهيم عشر صحائف، وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قال قلت يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالا كلها، أيها الملك المسلط المبتلى المغرور، فإني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر. وكان فيها أمثال: على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات؛ ساعة يناجي فيها ربه عز وجل، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكر فيها في صنع الله عز وجل، وساعة يخلو فيها بحاجته من المطعم والمشرب. وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث؛ تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم. وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه قلت يا رسول الله فما كان صحف موسى عليه السلام؟ قال: كانت عبرا كلها، عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح، عجبت لمن أيقن بالنار وهو يضحك، عجبت لمن أيقن للقدر ثم هو ينصب، عجبت لمن رأى الدنيا، وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها، عجبت لمن أيقن بالحساب غدا، ثم لا يعمل قلت يا رسول الله أوصني. قال: أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله قلت يا رسول الله زدني. قال: عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض، وذكر لك في السماء قلت يا رسول الله زدني. قال إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه قلت يا رسول الله زدني. قال: عليك بالصمت إلا من خير، فإنه مطردة للشيطان عنك، وعون لك على أمر دينك قلت يا رسول الله زدني قال: عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي قلت يا رسول الله زدني. قال: حب المساكين وجالسهم قلت يا رسول الله زدني، قال: انظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك قلت زدني يا رسول الله. قال: صل قرابتك وإن قطعوك قلت يا رسول الله زدني قال: لا تحف في الله تعالى لومة لائم قلت يا رسول الله زدني. قال: قل الحق وإن كان مرا قلت يا رسول الله زدني. قال: يردك عن الناس ما تعرف من نفسك، ولا تجد عليهم فيما تأتي، وكفى به عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك، أو تجد عليهم فيما تأتي ثم ضرب بيده على صدري فقال: يا أبا ذر لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق. السياق للحسن بن سفيان. ورواه المختار بن غسان عن إسماعيل بن سلمة عن أبي إدريس. ورواه علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن أبى ذر. ورواه عبيد بن الحسحاس عن أبي ذر. ورواه معاوية بن صالح عن أبي عبد الملك محمد بن أيوب عن ابن عائذ عن أبي ذر بطوله. ورواه ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر بطوله. تفرد به عنه يحيى بن سعيد العبشمى.

[حلية الأولياء – لأبي نعيم] (1/ 168)
: حدثناه عبد الله بن محمد بن جعفر ثنا محمد بن العباس بن أيوب ثنا محمد بن مرزوق ثنا يحيى بن سعيد العبشمي - من بني سعد بن تيم - ثنا ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد جالس، فاغتنمت خلوته. ثم ذكر مثله وزاد قلت: يا رسول الله هل في الدنيا شيء مما أنزل الله عليك مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال: يا أبا ذر اقرأ {(قد أفلح من تزكى)} إلى آخر السورة. قال الشيخ رحمه الله تعالى: وكان أبو ذر رضي الله تعالى عنه للرسول صلى الله عليه وسلم ملازما وجليسا، وعلى مسائلته والاقتباس منه حريصا، وللقيام على ما استفاد منه أنيسا. سأله عن الأصول والفروع، وسأله عن الإيمان والإحسان، وسأله عن رؤية ربه تعالى، وسأله عن أحب الكلام إلى الله تعالى، وسأله عن ليلة القدر أترفع مع الأنبياء أم تبقى، وسأله عن كل شيء حتى عن مس الحصا في الصلاة.