الموسوعة الحديثية


- عن الجارودِ: أنَّه أخَذَ هذه النُّسخةَ: عَهْدُ العَلاءِ بنِ الحَضْرميِّ الَّذي كتَبَهُ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حين بعَثَه إلى البحرينِ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، هذا كتابٌ مِن محمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، الأُمِّيِّ، القُرشيِّ الهاشميِّ، رسولِ اللهِ ونَبيِّه إلى خلْقِه كافَّةً، للعَلاءِ بنِ الحَضْرميِّ ومَن معه مِن المُسلِمين، عَهدًا عَهِدَه إليهم: اتَّقوا اللهَ أيُّها المُسلِمون ما اسْتطعْتُم، فإنِّي قد بَعَثْتُ عليكم العَلاءَ بنَ الحَضْرميِّ، وأمَرْتُه أنْ يتَّقِيَ اللهَ وحدَه لا شَريكَ له، ويُلِينَ لكم الجَناحَ، ويُحسِنَ فيكم السِّيرةَ بالحقِّ، ويَحكُمَ بيْنكم وبيْن مَن لقِيَ مِن النَّاسِ بما أنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ في كتابِه مِن العدْلِ، وأمرْتُكم بطاعتِه إذا فعَلَ ذلك، وقسَمَ فينا فأقسَطَ، واسْتُرْحِمَ فرَحِمَ، فاسْمَعوا له وأطِيعوا، وأحْسِنوا مُؤازرتَه ومُعاونتَه؛ فإنَّ لي عليكم مِن الحقِّ طاعةً وحقًّا عظيمًا لا تَقْدُرونهُ كلَّ قَدْرِه، ولا يَبلُغُ القولُ كُنْهَ حَقِّ عظمةِ اللهِ وحَقِّ رسولِه، وكما أنَّ للهِ ورسولِه على النَّاسِ عامَّةً وعليكم خاصَّةً حقًّا واجبًا بطاعتِه والوفاءِ بعهْدِه، ورضِيَ اللهُ عمَّن اعتصَمَ بالطَّاعةِ، وعظَّمَ حَقَّ أهْلِها وحَقَّ ولائِها، كذلك للمُسلِمين على وُلاتِهم حقًّا واجبًا وطاعةً؛ فإنَّ في الطَّاعةِ دَركًا لكلِّ خَيرٍ يُبْتَغى، ونجاةً مِن كلِّ شَرٍّ يُتَّقى، وأنا أُشْهِدُ اللهَ على مَن ولَّيْتُه شيئًا مِن أُمورِ المُسلِمين قليلًا وكثيرًا، فلم يَعدِلْ فيهم؛ فلا طاعةَ له، وهو خَليعٌ ممَّا ولَّيْتُه، وقد بَرِئَتْ للَّذين معه مِن المُسلِمين أيمانُهم وعهْدُهم وذِمَّتُهم، فلْيَسْتَخيروا اللهَ عندَ ذلك، ثمَّ لِيَستَعْمِلوا عليهم أفضَلَهم في أنفُسِهم. ألَا وإنْ أصابتِ العَلاءَ بنَ الحَضْرميِّ مُصيبةٌ، فخالدُ بنُ الوليدِ سيْفُ اللهِ خلَفٌ فيهم للعلاءِ بنِ الحَضْرميِّ، فاسْمَعوا له وأطِيعوا ما عرَفْتُم أنَّه على الحقِّ حتَّى يُخالِفَ الحقَّ إلى غيرِه، فسِيروا على بركةِ اللهِ، وعَونِه، ونصْرِه، وعافيتِه، ورُشْدِه، وتَوفيقِه. فمَن لَقِيتُم مِن النَّاسِ فادْعُوهم إلى كتابِ اللهِ المُنزَّلِ، وسُنَّةِ رسولِه، وإحلالِ ما أحَلَّ اللهُ لهم في كتابِه، وتَحريمِ ما حرَّمَ اللهُ عليهم في كتابِه، وأنْ يَخْلَعوا الأندادَ، ويتبَرَّؤوا مِن الشِّركِ والكُفْرِ، وأنْ يَكْفُروا بعِبادةِ الطَّاغوتِ واللَّاتِ والعُزَّى، وأنْ يَترُكوا عِبادةَ عيسى بنِ مريمَ، وعُزيرِ بنِ حَرْوةَ، والملائكةِ، والشَّمسِ والقمرِ، والنِّيرانِ، وكلِّ شَيءٍ يُتَّخَذُ ضِدًّا مِن دونِ اللهِ، وأنْ يَتولَّوا اللهَ ورسولَه، وأنْ يَتبَرَّؤوا ممَّن برِئَ اللهُ ورسولُه منه. فإذا فعَلوا ذلك، وأقرُّوا به، ودَخَلوا في الولايةِ؛ فبَيِّنوا لهم عندَ ذلك ما في كتابِ اللهِ الَّذي تَدْعونهُم إليهِ، وأنَّه كتابُ اللهِ المُنزَّلُ مع الرُّوحِ الأمينِ، على صَفوتِه مِن العالمينَ محمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ، ورسولِه ونَبيِّه وحَبيبِه، أرسَلَه رحمةً للعالمينَ عامَّةً؛ الأبيضِ منهم والأسودِ، والإنسِ والجنِّ، كتابٌ فيه نبَأُ كلِّ شَيءٍ كان قبْلَكم، وما هو كائنٌ بعدَكم؛ لِيَكونَ حاجِزًا بيْن النَّاسِ؛ يَحجُزُ اللهُ به بعضَهم عن بَعضٍ، وأعراضَ بعضِهم عن بعضٍ، وهو كِتابُ اللهِ مُهيمِنًا على الكُتبِ، مُصدِّقًا لِما فيها مِن التَّوراةِ والإنجيلِ والزَّبورِ، يُخبِرُكم اللهُ فيه ما كان قبْلَكم ممَّا قد فاتَكُم دَرَكُه في آبائِكم الأوَّلينَ الَّذين منهم رُسلُ اللهِ وأنبياؤُهُ، كيف كان جوابُهم ثَمَّ لرُسلِهم، وكيف تَصديقُهم بآياتِ اللهِ، وكيف كان تَكذيبُهم بآياتِ اللهِ، فأخبَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ في كتابِه هذا أنسابَهم وأعمالَهم، وأعمالَ مَن هلَكَ منهم بذَنْبِه؛ لِيَجْتَنِبوا ذلك أنْ يَعْملوا بمِثْلِه؛ كي لا يَحِقَّ عليهم في كتابِ اللهِ مِن عقابِ اللهِ وسَخَطِه ونِقْمتِه مِثْلُ الَّذي حَلَّ عليهم مِن سُوءِ أعمالِهم وتَهاوُنِهم بأمْرِ اللهِ. وأخبَرَكم في كتابِه هذا بأعمالِ مَن نجَا ممَّن كان قبْلَكم؛ لكي تَعْملوا بمِثْلِ أعمالِهم، يُبيِّنُ لكم في كِتابِه هذا شأْنَ ذلك كلِّه؛ رَحمةً منه لكم، وشَفقةً مِن ربِّكم عليكم، وهو هدًى مِن الضَّلالةِ، وتِبيانٌ مِن العَمى، وإقالةٌ مِن العَثرةِ، ونَجاةٌ مِن الفِتنةِ، ونورٌ مِن الظُّلمةِ، وشِفاءٌ عندَ الأحداثِ، وعِصمةٌ مِن الهلكةِ، ورُشدٌ مِن الغوايةِ، وأمانٌ مِن النَّفْسِ، ومَفازةٌ مِن الدُّنيا والآخرةِ، فيه دِينُكم. فإذا عرَضْتُم هذا عليهم، فأقَرُّوا لكم به، [فقدِ اسْتَكْمَلوا] الولايةَ، فاعْرِضوا عليهم عندَ ذلك الإسلامَ، والإسلامُ: الصَّلواتُ الخمْسُ، وإيتاءُ الزَّكاةِ، وحَجُّ البيتِ، وصِيامُ رمضانَ، والغُسْلُ مِن الجَنابةِ، والطُّهورُ قبْلَ الصَّلاةِ، وبِرُّ الوالدينِ، وصِلةُ الرَّحمِ المُسلمةِ، وحُسْنُ صُحبةِ الوالدينِ المُشركَينِ. فإذا فَعَلوا ذلك فقدْ أسْلَموا. فادْعُوهم مِن بعدِ ذلك إلى الإيمانِ، وانْصِبوا لهم شَرائِعَه ومَعالِمَه، ومعالمُ الإيمانِ: شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحْدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، وأنَّ ما جاء به محمَّدٌ الحقُّ، وأنَّ ما سِواه الباطلُ، والإيمانُ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه وأنبيائِه، واليومِ الآخرِ، والإيمانُ بما بيْن يَديْهِ وما خلْفَه مِن التَّوراةِ والإنجيلِ والزَّبورِ، والإيمانُ بالبيِّناتِ والحسابِ، والجنَّةِ والنَّارِ، والموتِ والحياةِ، والإيمانُ للهِ ولرسولِه وللمُؤمنين كافَّةً. فإذا فَعَلوا ذلك وأقَرُّوا به فهم مُسلِمون مُؤمِنون. ثمَّ تَدُلُّوهم بعدَ ذلك على الإحسانِ، وعَلِّموهم أنَّ الإحسانَ: أنْ يُحْسِنوا فيما بيْنهم وبيْن اللهِ في أداءِ الأمانةِ، وعهْدِه الَّذي عهِدَه إلى رُسلِه، وعهْدِ رُسلِه إلى خلْقِه وأئمَّةِ المُؤمنينَ، والتَّسليمِ وسَلامةِ المُسلِمين مِن كلِّ غائلةِ لِسانٍ، وأنْ يَبْتغوا لِبَقيَّةِ المُسلِمين كما يَبْتغي المرْءُ لِنفْسِه، والتَّصديقِ بمواعيدِ الرَّبِّ ولقائِه ومُعايَنتِه، والوداعِ مِن الدُّنيا في كلِّ ساعةٍ، والمُحاسَبةِ للنَّفْسِ عندَ استيفاءِ كلِّ يومٍ وليلةٍ، وتَزوُّدٍ مِن اللَّيلِ والنَّهارِ، والتَّعاهُدِ لِما فرَضَ اللهُ تأْديِتَه إليه في السِّرِّ والعَلانيةِ. فإذا فَعَلوا ذلك، فهم مُسلِمون مُؤمِنون مُحسِنون. ثمَّ انْصِبوا وانْعَتوا لهم الكبائرَ ودُلُّوهم عليها، وخوِّفُوهم مِن الهَلكةِ في الكبائرِ، وأنَّ الكبائرَ هي المُوبقاتُ ، وأولاهنَّ الشِّركُ باللهِ؛ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]، والسِّحرُ؛ وما للسَّاحرِ مِن خَلاقٍ ، وقَطيعةُ الرَّحمِ؛ يَلْعَنُهم اللهُ، والفِرارُ مِن الزَّحْفِ؛ فقدْ باؤوا بغضَبٍ مِن اللهِ، والغُلولَ؛ يأْتوا بما غَلُّوا يومَ القيامةِ، وقِتالُ النَّفْسِ المُؤمنةِ؛ {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93]، وقذْفُ المُحصَنةِ؛ {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: 23]، وأكْلُ مالِ اليتيمِ؛ {يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10]، وأكْلُ الرِّبا؛ {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279]، فإذا انتهَوْا عن الكبائرِ فهم مُسلِمون مُؤمِنون، مُحسِنون، مُتَّقون، وقد اسْتَكْملوا التَّقوى. فادْعُوهم عندَ ذلك إلى العِبادةِ، والعِبادةُ: الصِّيامُ، والصَّلاةُ، والخُشوعُ، والرُّكوعُ والسُّجودُ، واليقينُ، والإنابةُ، والإخباتُ، والتَّهليلُ، والتَّسبيحُ، والتَّحميدُ، والتَّكبيرُ، والصَّدقةُ بعدَ الزَّكاةِ، والتَّواضعُ والسُّكونُ والمُواساةُ، والدُّعاءُ، والتَّضرُّعُ، والإقرارُ بالملك، والعُبوديَّةُ، والاستقلالُ [بما كَثُرَ] مِن العملِ الصَّالحِ. فإذا فعَلوا ذلك فهم مُسلِمون، مُؤمِنون، مُحسِنون، مُتَّقون، عابِدون، وقد استَكْملوا العِبادةَ. فادْعُوهم عندَ ذلك إلى الجِهادِ، وبَيِّنوه لهم، ورَغِّبوهم فيما رغَّبَهم اللهُ مِن فَضيلةِ الجهادِ وثَوابِه عندَ اللهِ، فإنِ انْتَدَبُوا فبايِعُوهم، وادْعُوهم حتَّى تُبايعوهم إلى سُنَّةِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِه، عليكم عَهْدُ اللهِ وذِمَّتُه، وسبْعُ كَفالاتٍ -قال داودُ بنُ المُحبَّرِ: يقولُ اللهُ: كَفيلٌ عليَّ بالوفاءِ سبْعَ مرَّاتٍ- لا تَنْكُثون أيدِيَكم مِن بَيعةٍ، ولا تنْقُضون أمْرَ والٍ مِن وُلاةِ المُسلِمين، فإذا أقرُّوا بهذا فبايِعُوهم، واستغْفِروا اللهَ لهم. فإذا خَرَجوا يُقاتِلون في سَبيلِ اللهِ، غضَبًا للهِ، ونصْرًا لدِينِه، فمَن لَقُوا مِن النَّاسِ، فلْيَدْعُوهم إلى مِثْلِ ذلك ما دُعُوا إليه مِن كتابِ اللهِ إجابتِه، وإسلامِه وإيمانِه وإحسانِه، وتَقْواهُ، وعِبادتِه وهِجْرتِه، فمَن اتَّبعَهُم فهو المُستجيبُ، المِسكينُ، المُسلِمُ، المُؤمِنُ، المُحسِنُ، المُتَّقي، العابِدُ، المُجاهِدُ، له ما لكم، وعليه ما عليكم، ومَن أبَى هذا عليكم، فَقاتِلوهم حتَّى يَفِيءَ إلى أمْرِ اللهِ، وإلى دِينِه، ومَن عاهدْتُم وأعطَيْتُموه ذِمَّةَ اللهِ، فوَفُّوا إليه بها، ومَن أسلَمَ وأعْطاكُم الرِّضا، فهو منكم وأنتم مِنه، ومَن قاتَلَكم على هذا بعدَما سمَّيْتُموه له فقاتِلوهم، ومَن حارَبَكم فحارِبُوه، ومَن كابَدَكُم فكابِدوهُ، ومَن جمَعَ لكم فاجْمَعوا له، أو غالَكُم فغِيلُوه، أو خادَعَكم فخادِعوهُ، مِن غيرِ أنْ تَعْتَدُوا، أو ماكَرَكم فامْكُروا به، مِن غيرِ أنْ تَعْتدوا سِرًّا أو علانيةً، فإنَّه مَن يَنتصِرُ بعدَ ظُلْمِه فأولئكَ ما عليهم مِن سَبيلٍ . واعْلَموا أنَّ اللهَ معكم؛ يَراكم ويَرى أعمالَكم، ويَعلَمُ ما تَصْنعون كلَّه، فاتَّقوا اللهَ وكُونوا على حذَرٍ، فإنَّما هذه أمانةٌ ائْتَمنَني عليها ربِّي، أُبَلِّغُها عِبادَه عُذْرًا منه إليهم، وحُجَّةً منه، احتجَّ بها على مَن بلَغَه هذا الكتابُ مِن الخلْقِ جميعًا، فمَن عمِلَ بما فيه نجَا، ومَن اتَّبعَ ما فيه اهْتَدى، ومَن خاصَمَ به أفلَحَ، ومَن قاتَلَ به نُصِرَ، ومَن ترَكَهُ ضَلَّ حتَّى يُراجِعَه، فتعَلَّموا ما فيه، وأسْمِعوهُ آذانَكم، وأوْعُوهُ أجوافَكم، واسْتحْفِظوهُ قُلوبَكم؛ فإنَّه نُورُ الأبصارِ، ورَبيعٌ للقُلوبِ، وشِفاءٌ لِما في الصُّدورِ، وكَفى بهذا أمْرًا ومُعْتَبرًا، وزاجِرًا وعِظةً، وداعيًا إلى اللهِ ورسولِه، فهذا هو الخيرُ الَّذي لا شَرَّ فيه. كِتابُ محمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ، رسولِ اللهِ ونَبيِّه، للعَلاءِ بنِ الحَضْرميِّ حين بعَثَه إلى البحرينِ، يَدْعو إلى اللهِ ورسولِه، يأمُرُه إلى ما فيه مِن حلالٍ، ويَنْهى عمَّا فيه مِن حرامٍ، ويدُلُّ على ما فيه مِن رُشدٍ، ويَنْهى عمَّا فيه مِن غَيٍّ، كِتابٌ ائْتَمَنَ عليه نَبِيُّ اللهِ العَلاءَ بنَ الحضرميِّ، وخَليفتَه خالدَ بنَ الوليدِ سيْفَ اللهِ، وقد أعذَرَ إليهما في الوصيَّةِ ممَّا في هذا الكتابِ إلى مَن معهما مِن المُسلِمين، ولم يَجعَلْ لأحدٍ منهم عُذْرًا في إضاعةِ شَيءٍ منه؛ لا الولاةِ، ولا المُتولَّى عليهم، فمَن بلَغَه هذا الكتابُ مِن الخلْقِ جميعًا، فلا عُذْرَ له، ولا حُجَّةَ، ولا يُعْذَرُ بجَهالةِ شَيءٍ ممَّا في هذا الكتابِ. كُتِبَ هذا الكتابُ لثلاثٍ مِن ذي القعدةِ، لأربعِ سِنينَ مَضَيْنَ مِن مُهاجَرةِ نَبيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلَّا شَهرينِ، شَهِدَ الكتابَ يومَ كتَبَه ابنُ أبي سُفيانَ، وعُثمانُ بنُ عفَّانَ يُمْلِيه عليه، ورسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جالسٌ، والمُختارُ بنُ قيسٍ القُرشيُّ، وأبو ذَرٍّ الغِفاريُّ، وحُذيفةُ بنُ اليَمانِ العبْسيُّ، وقُصيُّ بنُ أبي عمرٍو الحِمْيريُّ، وشَبيبُ بنُ أبي مَرْثدٍ الغسَّانيُّ، والمُستنيرُ بنُ أبي صَعْصعةَ الخُزاعيُّ، وعَوانةُ بنُ شمَّاخٍ الجُهنيُّ، وسعْدُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ، وسعْدُ بنُ عُبادةَ الأنصاريُّ، وزيدُ بنُ عمرٍو، والنُّقباءُ: رجُلٌ مِن قُريشٍ، ورجُلٌ مِن جُهينةَ، وأربعةٌ مِن الأنصارِ، حين دفَعَه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى العَلاءِ بنِ الحضرميِّ وخالدِ بنِ الوليدِ سيفِ اللهِ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف
الراوي : الجارود | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة الصفحة أو الرقم : 5/134
التخريج : أخرجه الحارث كما في ((بغية الباحث)) (643)واللفظ له، والطبراني (18/ 89) (165)، بلفظه مطولا.
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - الاستخلاف إمامة وخلافة - وجوب طاعة الإمام سرايا - تأمير الأمراء على البعوث والسرايا ووصيتهم إمامة وخلافة - المراسلات بين الحاكم والأمراء والمرؤوسين إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


مسند الحارث = بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (2/ 665)
: 643 - حدثنا داود بن المحبر ، ثنا أبي المحبر بن قحذم ، عن المسور بن عبد الله الباهلي ، عن بعض ، ولد ‌الجارود ، عن ‌الجارود ، أنه أخذ هذه النسخة من نسخة عهد العلاء بن الحضرمي الذي كتبه له النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى البحرين: " بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد بن عبد الله النبي الأمي القرشي الهاشمي رسول الله ونبيه إلى خلقه كافة ، للعلاء بن الحضرمي ومن معه من المسلمين، عهدا عهده إليهم ، اتقوا الله أيها المسلمون ما استطعتم ، فإني ‌قد ‌بعثت ‌عليكم ‌العلاء ‌بن ‌الحضرمي ‌وأمرته ‌أن ‌يتقي ‌الله ‌وحده لا شريك له وأن يلين لكم الجناح ويحسن فيكم السيرة بالحق ، ويحكم بينكم وبين من لقي من الناس بما أنزل الله عز وجل في كتابه من العدل وأمرتكم بطاعته إذا فعل ذلك ، وقسم فأقسط واسترحم فرحم فاسمعوا له وأطيعوا وأحسنوا مؤازرته ومعاونته فإن لي عليكم من الحق طاعة وحقا عظيما لا تقدرون كل قدره ، ولا يبلغ القول كنه حق عظمة الله وحق رسوله ، وكما أن لله ولرسوله على الناس عامة وعليكم خاصة حقا واجبا بطاعته والوفاء بعهده ، ورضي الله عمن اعتصم بالطاعة ، وعظم حق أهلها وحق ولاتها ، كذلك للمسلمين على ولاتهم حقا واجبا وطاعة فإن في الطاعة دركا لكل خير يبتغى به ، ونجاة من كل شر يتقى ، وأنا أشهد الله على من وليته شيئا من أمر المسلمين قليلا أو كثيرا لم يعدل فيهم فلا طاعة له وهو خليع مما وليه وقد برئت للذين معه من المسلمين أيمانهم وعهدهم وذمتهم فليستخيروا الله عند ذلك ، ثم ليستعملوا عليهم أفضلهم في أنفسهم ، ألا وإن أصابت العلاء بن الحضرمي مصيبة فخالد بن الوليد سيف الله خلف فيكم للعلاء بن الحضرمي ، فاسمعوا له وأطيعوا ما عرفتم أنه على الحق حتى يخالف الحق إلى غيره ، فسيروا على بركة الله وعونه ونصره وعافيته ورشده وتوفيقه ، فمن لقيتم من الناس فادعوهم إلى كتاب الله المنزل وسننه وسنة رسوله، وإحلال ما أحل الله لهم في كتابه، وتحريم ما حرم الله عليهم في كتابه ، وأن يخلعوا الأنداد ، ويتبرأوا من الشرك والكفر ، وأن يكفروا بعبادة الطاغوت واللات والعزى ، وأن يتركوا عبادة عيسى ابن مريم وعزير بن حروة والملائكة والشمس والقمر والنيران وكل شيء يتخذ ضدا من دون الله ، وأن يتولوا الله ورسوله ، وأن يتبرأوا ممن برئ الله ورسوله منه ، فإذا فعلوا ذلك وأقروا به ودخلوا في الولاية فبينوا لهم عند ذلك ما في كتاب الله الذي تدعونهم إليه وأنه كتاب الله المنزل مع الروح الأمين على صفيه من العالمين محمد بن عبد الله ورسول الله ونبيه ، أرسله رحمة للعالمين عامة الأبيض منهم والأسود والإنس والجن ، كتاب فيه نبأ كل شيء كان قبلكم ، وما هو كائن بعدكم ليكون حاجزا بين الناس يحجز الله به بعضهم عن بعض وأعراض بعضهم عن بعض ، وهو كتاب الله مهيمنا على الكتب مصدقا لما فيها من التوراة والإنجيل والزبور ، يخبركم الله فيه بما كان قبلكم مما قد فاتكم دركه في آبائكم الأولين الذين أتتهم رسل الله وأنبياؤه ، كيف كان جوابهم لرسلهم ، وكيف كان تصديقهم بآيات الله ، وكيف كان تكذيبهم بآيات الله ، فأخبر الله عز وجل في كتابه هذا أنسابهم وأعمالهم وأعمال من ملك منهم بدينه ليجتنبوا ذلك أن يعملوا بمثله كي لا يحق عليهم في كتاب الله من عقاب الله وسخطه ونقمته مثل الذي حل عليهم من سوء أعمالهم وتهاونهم بأمر الله ، وأخبركم في كتابه هذا بأعمال من نجا ممن كان قبلكم لكي تعملوا بمثل أعمالهم ، فكتب لكم في كتابه هذا نبأ ذلك كله رحمة منه لكم وشفقا من ربكم عليكم ، وهو هدى من الضلالة وتبيان من العمى وإقالة من العثرة ونجاة من الفتنة ونور من الظلمة وشفاء عند الأحداث وعصمة من الهلكة ورشد من الغواية وبيان من اللبس وبيان ما بين الدنيا إلى الآخرة فيه كمال دينكم ، فإذا عرضتم هذا عليهم فأقروا لكم به استكملوا الولاية فاعرضوا عليهم عند ذلك الإسلام ، والإسلام: الصلوات الخمس وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام رمضان والغسل من الجنابة والطهور قبل الصلاة وبر الوالدين وصلة الرحم المسلمة وحسن صحبة الوالدين المشركين ، فإذا فعلوا ذلك فقد أسلموا ، فادعوهم من بعد ذلك إلى الإيمان ، وانصبوا لهم شرائعه ومعالمه ومعالم الإيمان: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن ما جاء به محمد الحق ، وأن ما سواه الباطل والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وأنبيائه واليوم الآخر ، والإيمان بما بين يديه وما خلفه وبالتوراة والإنجيل والزبور ، والإيمان بالسيئات والحسنات والجنة والنار والموت والحياة ، والإيمان لله ولرسوله والمؤمنين كافة ، فإذا فعلوا ذلك فأقروا به فهم مسلمون مؤمنون ثم تدلوهم بعد ذلك على الإحسان ، وعلموهم الإحسان أن يحسنوا فيما بينهم وبين الله في أداء الأمانة وعهده الذي عهد إلى رسله وعهد رسله إلى خلقه وأئمة المؤمنين ، والتسليم: وسلامة المسلمين من كل غائلة لسان أو يد وأن تبتغوا لبقية المسلمين كما يبتغي المرء لنفسه والتصديق بمواعيد الرب ولقائه ومعاتبته والوداع من الدنيا في كل ساعة والمحاسبة للنفس عند استئناف كل يوم وليلة وتزودا من الليل والنهار والتعاهد لما فرض الله يؤدونه إليه في السر والعلانية ، فإذا فعلوا ذلك فهم مسلمون مؤمنون محسنون ثم انصبوا أو انعتوا لهم الكبائر ودلوهم عليها وخوفوهم من الهلكة في الكبائر ، وأن الكبائر هي الموبقات وأولاهن الشرك بالله {إن الله لا يغفر أن يشرك به} [النساء: 48] والسحر وما للساحر من خلق ، وقطيعة الرحم لعنهم الله والفرار من الزحف فقد باءوا بغضب من الله والغلول {يأت بما غل يوم القيامة} [آل عمران: 161] لا يقبل منهم ، وقتل النفس المؤمنة {فجزاؤه جهنم} [النساء: 93] ، وقذف المحصنة {لعنوا في الدنيا والآخرة} [النور: 23] ، وأكل مال اليتيم {يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} [النساء: 10] وأكل الربا {فأذنوا بحرب من الله ورسوله} [البقرة: 279] فإذا انتهوا عن الكبائر فهم مسلمون مؤمنون محسنون متقون وقد استكملوا التقوى فادعوهم عند ذلك إلى العبادة ، والعبادة الصيام والقيام والخشوع والركوع والسجود واليقين والإنابة والإحسان والتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير والصدقة بعد الزكاة والتواضع والتسكين والسكون والمواساة والدعاء والتضرع والإقرار بالملائكة والعبودية والاستقلال لما كثر من العمل الصالح ، فإذا فعلوا ذلك فهم مسلمون مؤمنون محسنون متقون عابدون وقد استكملوا العبادة فادعوهم عند ذلك إلى الجهاد وبينوه لهم ورغبوهم فيما رغبهم الله من فضيلة الجهاد ، وثوابه عند الله ، فإن انتدبوا فبايعوهم وادعوهم حتى تبايعوهم إلى سنة الله وسنة رسوله ، عليكم عهد الله وذمته وسبع كفالات ، قال داود بن المحبر: يقول: الله كفيل علي بالوفاء سبع مرات لا تنكثوا أيديكم من بيعة ولا تنقضون أمر وال من ولات المسلمين ، فإذا أقروا بهذا فبايعوهم واستغفروا الله لهم ، فإذا خرجوا يقاتلون في سبيل الله غضبا لله ونصرا لدينه فمن لقوا من الناس فليدعوهم إلى مثل ما دعوا إليه من كتاب الله إجابته وإسلامه وإيمانه وإحسانه وتقواه وعبادته وهجرته ، فمن اتبعهم فهو المستجيب المسكين المؤمن المحسن المتقي العابد المهاجر ، له ما لكم وعليه ما عليكم ، ومن أبى هذا عليكم فقاتلوهم حتى يفيء إلى أمر الله والفيء إلى دينه ، ومن عاهدتم وأعطيتموهم ذمة فوفوا له بها ، ومن أسلم وأعطاكم الرضا فهو منكم وأنتم منه ، ومن قاتلكم على هذا من بعد ما بينتموه لهم فاقتلوهم ، ومن حاربكم فحاربوه ، ومن كايدكم فكايدوه ، ومن جمع لكم فاجمعوا له ، أو غالكم فغيلوه ، أو خادعكم فاخدعوه من غير أن تعتدوا ، أو ماكركم فامكروا له من غير أن تعتدوا سرا أو علانية ، فإنه من ينتصر من بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ، واعلموا أن الله معكم يراكم ويرى أعمالكم ويعلم ما تصنعون كله ، فاتقوا الله وكونوا على حذر فإنما هذه أمانة ائتمنني ربي عليها أبلغها عباده عذرا منه إليهم وحجة منه احتج بها على من بلغه هذا الكتاب من الخلق جميعا ، فمن عمل بما فيه نجا ، ومن اتبع ما فيه اهتدى ، ومن خاصم به فلح ، ومن قاتل به نصر ، ومن تركه ضل حتى يراجعه ، فتعلموا ما فيه وأسمعوه آذانكم وأوعوه أجوافكم واستحفظوه قلوبكم ، فإنه نور للأبصار وربيع للقلوب وشفاء لما في الصدور ، وكفى بهذا أمرا ومعتبرا ، وزاجرا وعظة ، وداعيا إلى الله ورسوله فهذا هو الخير الذي لا شر فيه " ، كتاب محمد بن عبد الله رسول الله ونبيه للعلاء بن الحضرمي حين بعثه إلى البحرين يدعو إلى الله ورسوله بأمره إلى ما فيه من حلال وينهى عما فيه من حرام ، ويدل على ما فيه من رشد ، وينهى عما فيه من غي ، كتاب ائتمن عليه نبي الله العلاء بن الحضرمي وخليفته خالد بن الوليد سيف الله ، وقد أعدت إليهما في الوصية مما في هذا الكتاب إلى من معهما من المسلمين ، ولم يجعل لأحد منهم عذرا في إضاعة شيء منه للولاية ، ولا المتولى عليهم ، فمن بلغه هذا الكتاب من الخلق جميعا فلا عذر له ولا حجة ، ولا يعذر بجهالة شيء مما في هذا الكتاب ، كتب هذا الكتاب لثلاث من ذي القعدة ولأربع سنين مضين من ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شهرين ، شهد الكتاب - يوم كتب - ابن أبي سفيان، وعثمان بن عفان يمله عليه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، والمختار بن قيس القرشي، وأبو ذر الغفاري، وحذيفة بن اليمان العبسي، وقصي بن أبي عمير، والحميري وشبيب بن أبي مرثد الغساني، والمستنير بن أبي صعصعة الخزاعي، وعوانة بن شماخ الجهني، وسعد بن مالك الأنصاري، وسعد بن عبادة الأنصاري، وزيد بن عمرو، والنقباء رجل من قريش، ورجل من جهينة، وأربعة من الأنصار حين دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العلاء بن الحضرمي وخالد بن الوليد سيف الله

 [المعجم الكبير – للطبراني] (18/ 89)
: 165 - حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا محمد بن يحيى الأزدي، ثنا داود بن المحبر بن فخذم بن سليمان، مولى أبي بكرة، قال: ثنا أبي المحبر بن فخذم، عن المسور بن عبد الله الباهلي، عن بعض ولد ‌الجارود، عن ‌الجارود أنه أخذ هذه النسخة من نسخة عهد العلاء الذي كتب له النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى البحرين: " بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله النبي الأمي القرشي الهاشمي، رسول الله ونبيه إلى خلقه كافة، للعلاء بن الحضرمي ومن معه من المسلمين، عهدا أعهده إليهم: اتقوا الله أيها المسلمون ما استطعتم، فإني قد بعثت عليكم العلاء بن الحضرمي وأمرته أن يتقي الله وحده لا شريك له، وأن يلين فيكم الجناح، ويحسن فيكم السيرة، ويحكم بينكم وبين من لقيه من الناس بما أمر الله في كتابه من العدل، وأمرتكم بطاعته إذا فعل ذلك، فإن حكم فعدل وقسم فأقسط، واسترحم فرحم، فاسمعوا له وأطيعوا وأحسنوا مؤازرته ومعاونته، فإن عليكم من الحق طاعته، وحقا عظيما لا تقدرون كل قدره ولا يبلغ القول كله عظمة حق الله وحق رسوله، وكما أن لله ولرسوله على الناس عامة وعليكم خاصة حقا واجبا في طاعته والوفاء بعهده ورضي الله عمن اعتصم بالطاعة، حق كذلك للمسلمين على ولاتهم حق واجب وطاعة، فإن في الطاعة دركا لكل خير ونجاة من كل شر يتقى، وأنا أشهد على من وليته شيئا من أمر المسلمين قليلا أو كثيرا، فليستخيروا الله عند ذلك ثم ليستعملوا عليهم أفضلهم في أنفسهم، إلا وأصابت العلاء بن الحضرمي مصيبة الموت فخالد بن الوليد سيف الله يخلف فيكم العلاء بن الحضرمي فاستمعوا له وأطيعوا، وأحسنوا مؤازرته وطاعته، فسيروا على بركة الله وعونه، ونصره، وعاقبة رشده، وتوفيقه، من لقيتم من الناس فادعوهم إلى كتاب الله المنزل وسنة رسوله وإحلال ما أحل الله لهم في كتابه، وتحريم ما حرم الله عليهم في كتابه، وأن يخلعوا الأنداد ويبرأوا من الشرك والكفر والنفاق، وأن يكفروا بعبادة الطواغيت واللات والعزى، وأن يتركوا عبادة عيسى ابن مريم وعزير بن مروة والملائكة والشمس والقمر والنيران وكل شيء متخذ نصبا من دون الله، وأن يتبرأوا مما برئ الله ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فأقروا به فقد دخلوا في الولاية سموهم عند ذلك بما في كتاب الله الذي تدعونهم إليه كتاب الله المنزل مع الروح الأمين على صفيه من العالمين محمد بن عبد الله رسول الله ونبيه أرسله رحمة للعالمين عامة، الأبيض منهم والأسود، والإنس والجن، كتاب فيه بيان لكل شيء كان قبلكم، وما هو كائن بعدكم ليكون حاجزا بين الناس حجز الله به بعضهم عن بعض وهو كتاب الله مهيمنا على الكتب مصدقا لما فيه من التوراة والإنجيل والزبور، يخبركم الله فيه بما قد كان قبلكم مما قد فاتكم دركه في آبائكم الأولين الذين أتتهم رسل الله وأنبياؤه، وكيف كان جوابهم لرسله، وكيف كان تصديقهم بآيات الله، وكيف كان تكذيبهم بآيات الله، فأخبركم الله في كتابه شأنهم وأعمالهم وأعمال من هلك منهم بذنبه ليجتنبوا مثل ذلك، أن يعملوا مثله كي لا تحل عليهم من سخطه ونقمته مثل الذي حل عليهم من سوء أعمالهم وتهاونهم بأمر الله، وأخبركم الله عز وجل في كتابه هذا بإنجاء من نجا ممن كان قبلكم لكي تعملوا مثل أعمالهم فكتب لكم هذا تبيانا لكل شيء، ذلك كله برحمة منه لكم وشفقة من ربكم عليكم، وهو هدى من الله من الضلالة وتبيان من العمى، وإقالة من العثرة، ونجاة من الفتنة، ونور من الظلمة، وشفاء من الأحداث، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وتبيان ما بين الدنيا والآخرة، وفيه كمال دينكم، فإذا عرضتم هذا فأقروا لكم فقد استكملوا الولاية فاعرضوا عليهم عند ذلك الإسلام، والإسلام: الصلوات الخمس، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، والغسل من الجنابة، والطهور قبل الصلاة، وبر الوالدين، وصلة الرحم المسلمة، وحسن صحبة الوالدين المشركين، فإذا فعلوا ذلك فقد أسلموا فادعوهم عند ذلك إلى الإيمان، وابعثوا لهم شرائعكم، ومعالم الإيمان: شهادة أن لا إله إلا الله لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وإن ما جاء به محمد الحق وإن ما سواه الباطل، والإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وأنبيائه، واليوم الآخر، والإيمان بهذا الكتاب ما بين يديه، وما خلفه بالتوراة والإنجيل والزبور، والإيمان بالبينات، والموت، والحياة، والبعث بعد الموت، والحساب، والجنة، والنار، والنصح لله ولرسوله وللمؤمنين كافة، فإذا فعلوا ذلك وأقروا به فهم مسلمون مؤمنون، ثم تدعوهم بعد ذلك إلى الإحسان أن يحسنوا فيما بينهم وبين الله في أداء الأمانة وعهده الذي عهده إلى رسوله وعهد رسوله إلى خلقه وأئمة المؤمنين، والتسليم لأئمة المسلمين من كل غائلة لسان ويد، وأن يبتغوا لبقية المسلمين خيرا كما يبتغي أحدهم لنفسه، والتصديق بمواعيد الرب عز وجل ولقائه ومعاتبته، والوداع من الدنيا في كل ساعة، والمحاسبة للنفس عند استئناف كل يوم وليلة، والتعاهد لما فرض الله يؤديه إليه في السر والعلانية، فإذا فعلوا ذلك فهم مسلمون محسنون مؤمنون، ثم انعتوا لهم الكبائر ودلوهم عليها وخوفوهم من الهلكة في الكبائر، إن الكبائر من الموبقات أولهن الشرك بالله لا يغفر أن يشرك به، والسحر وما للساحر من خلاق، وقطيعة الرحم يلعنهم الله، والفرار من الزحف يبوؤوا بغضب من الله، والغلول فيأتوا بما غلوا يوم القيامة لا يقبل الله منهم، وقتل النفس المؤمنة جزاؤه جهنم، وقذف المحصنة لعنوا في الدنيا والآخرة، وأكل مال اليتيم يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا، وأكل الربا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، فإذا انتهوا من الكبائر فهم مسلمون مؤمنون محسنون متقون لقد استكملوا التقوى، فادعوهم بعد ذلك إلى العبادة، والعبادة: الصيام والقيام والخشوع والركوع والسجود والإنابة والإحسان والتحميد والتهليل والتسبيح والتكبير والصدقة بعد الزكاة والتواضع والسكينة والسكون والمواساة والدعاء والتضرع والإقرار بالملكة والعبودية واستقلاله لما كثر من العمل الصالح، فإذا فعلوا ذلك فهم مسلمون مؤمنون محسنون متقون عابدون وقد استكملوا العبادة، فادعوهم عند ذلك إلى الجهاد وبينوا لهم ورغبوهم فيما رغبهم الله فيه من فضل الجهاد، وفضل ثوابه عند الله، فإن انتدبوا لهم فبايعوهم وادعوهم حتى تبايعوهم إلى سنة الله وسنة رسوله، عليكم عهد الله وذمته وسبع كفالات منه لا تنكثوا أيديكم من بيعته ولا تنقضون أمر ولاتي من ولاة المسلمين، فإذا أقروا بذلك فبايعوهم واستغفروا الله لهم فإذا خرجتم تقاتلون في سبيل الله غضبا لله ونصرا لدينه فمن لقوا من الناس فليدعوهم إلى مثل الذي دعوا إليه من كتاب الله وإسلامه وإيمانه وإحسانه وتقواه وعبادته وهجرته، فمن تبعهم فهو المستجيب المؤمن المحسن التقي العابد المهاجر، له ما لكم وعليه ما عليكم، ومن أبى هذا عليكم فقاتلوه حتى يفيء إلى أمر الله ويفيء إلى فتنته، ومن عاهدتم وأعطيتم ذمة الله ففوا له بها، ومن أسلم وأعطاكم الرضا فهو منكم وأنتم منه، ومن قاتلكم على هذا من بعد ما بينتموه له فقاتلوه، ومن حاربكم فحاربوه أو كايدكم فكيدوا له أو جمع لكم فأجمعوا له أو غالكم فغولوه أو خادعكم فاخدعوه من غير أن تعتدوا أو ماكركم فامكروا به من غير أن تعتدوا سرا وعلانية، فإنه من ينتصر من بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل واعلموا أن الله معكم يراكم ويرى أعمالكم، ويعلم ما تصنعون كله فاتقوا الله وكونوا على حذر في إنما هذه أمانة ائتمنني عليها ربي أبلغها عباده عذرا منه إليهم، وحجة منه احتج بها على من بلغه من الخلق جميعا، فمن عمل بما فيه نجا، ومن اتبع ما فيه اهتدى، ومن خاصم به فلح، ومن قاتل به نصر، ومن تركه ضل حتى يراجعه، تعلموا ما فيه وأسمعوه آذانكم، وعوه أجوافكم، واستحفظوه قلوبكم، فإنه ‌نور ‌الأبصار ‌وربيع ‌القلوب ‌وشفاء ‌لما ‌في ‌الصدور وكفى به أمرا ومعتبرا وزاجرا وعظة وداعيا إلى الله ورسوله، هذا هو الخير الذي لا شر فيه، كتاب محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم للعلاء بن الحضرمي حين بعثه إلى البحرين يدعو إلى الله عز وجل ورسوله أمره أن يدعو إلى ما فيه من حلال وينهاه عما فيه من حرام ويدل على ما فيه من رشد، وينهى عما فيه من غي "