الموسوعة الحديثية


- قلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، هل نَرى ربَّنا يَومَ القيامةِ؟ قال: هلْ تُضارُّون في رُؤيةِ الشَّمسِ بالظَّهيرةِ صَحْوًا ليْس فيها سِحابٌ؟ فقُلْنا: لا يا رَسولَ اللهِ، قال: فهلْ تُضارُّون في رُؤيةِ القمرِ في لَيلةِ البدْرِ صَحْوًا ليْس فيه سِحابٌ؟ قالوا: لا، قال: ما تُضارُّون في رُؤيتِه يَومَ القيامةِ إلَّا كما تُضارُّون في رُؤيةِ أحدِهما، إذا كان يَومُ القيامةِ نادى مُنادٍ: ألَا لِتَلحَقْ كلُّ أُمَّةٍ بما كانت تَعبُدُ، فلا يَبْقى أحدٌ كان يَعبُدُ صَنمًا ولا وَثنًا ولا صُورةً؛ إلَّا ذَهَبوا حتَّى يَتَساقطوا في النَّارِ، ويَبْقى مَن كان يَعبُدُ اللهَ وحْدَه مِن بَرٍّ وفاجرٍ وغَبَراتِ أهلِ الكتابِ، ثمَّ تَعرِضُ جَهنَّمُ كأنَّها سَرابٌ يَحطِمُ بعضُها بعضًا، ثمَّ يُدْعى اليهودُ فيَقولُ: ماذا كُنتُم تَعبُدون؟ فيَقولُون: عُزَيرًا ابنَ اللهِ، فيَقولُ: كذَبْتُم؛ ما اتَّخَذَ اللهُ مِن صاحبةٍ ولا ولَدٍ، فما تُرِيدون؟ فيَقولُون: أيْ ربَّنا، ظَمِئْنا، فيَقولُ: أفلَا تَرِدُون، فيَذهَبون حتَّى يَتساقَطوا في النَّارِ. ثمَّ يُدْعى النَّصارى، فيَقولُ: ماذا كُنتُم تَعبُدون؟ فيَقولُون: المسيحُ ابنُ اللهِ، فيَقولُ: كذَبْتُم، ما اتَّخَذَ اللهُ مِن صاحبةٍ ولا ولَدٍ، فماذا تُرِيدون؟ فيَقولُون: أيْ ربَّنا، ظَمِئْنا، اسْقِنا، فيَقولُ: أفلَا تَرِدون، فيَذهَبون حتَّى يَتساقَطوا في النَّارِ، فيَبْقى مَن كان يَعبُدُ اللهَ وحْدَه مِن بَرٍّ وفاجرٍ. ثمَّ يَتبدَّى اللهُ لنا في صُورةٍ غيرِ صُورتِه الَّتي كنَّا رَأيْناهُ فيه أوَّلَ مرَّةٍ، فيَقولُ: أيُّها النَّاسُ، لَحِقَت كلُّ أُمَّةٍ بما كانت تَعبُدُ وبَقِيتُم، فلا يُكلِّمُه يومئذٍ إلَّا الأنبياءُ، يَقولُون: فارَقْنا النَّاسَ في الدُّنيا ونحنُ كنَّا إلى صُحبتِهم فيها أحوَجَ، لَحِقَت كلُّ أُمَّةٍ بما كانت تَعبُدُ، ونحنُ نَنتظِرُ ربَّنا الَّذي كنَّا نَعبُدُ، فيَقولُ: أنا ربُّكم، فيَقولُون: نَعوذُ باللهِ منكَ، فيَقولُ: هلْ بيْنكم وبيْن اللهِ مِن آيةٍ تَعرِفونها؟ فيَقولُون: نعمْ، فيُكشَفُ عن ساقٍ، فيَخِرُّ ساجدًا أجْمَعون، ولا يَبْقى أحدٌ كان يَسجُدُ في الدُّنيا سُمعةً ولا رِياءً ولا نِفاقًا، إلَّا على ظَهرِه طبَقٌ واحدٌ، كلَّما أراد أنْ يَسجُدَ خرَّ على قَفاهُ. قال: ثمَّ يَرفَعُ بَرُّنا ومُسِيئُنا، وقدْ عاد لنا في صُورتِه الَّتي رأيْناه فيها أوَّلَ مرَّةٍ، فيَقولُ: أنا ربُّكم، فيَقولُون: نعمْ، أنتَ ربُّنا، ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ يُضرَبُ الجِسرُ على جَهنَّمَ، قُلْنا: وما الجِسرُ يا رَسولَ اللهِ، بأبِينا أنتَ وأُمِّنا؟ قال: دَحْضٌ مَزِلَّةٌ ، لها كَلاليبُ وخَطاطيفُ وحَسَكةٌ، بنَجْدٍ عَقيقٍ، يُقالُ لها: السَّعدانُ، فيَمُرُّ المؤمنُ كلَمْحِ البرْقِ، وكالطَّرْفِ، وكالرِّيحِ، وكالطَّيرِ، وكأجاوِدِ الخيْلِ والمراكِبِ، فناجٍ مُسَلَّمٌ، ومَخدوشٌ مُرسَلٌ، ومُكَرْدَسٌ في نارِ جَهنَّمَ، والَّذي نَفْسي بيَدِه، ما أحدُكم بأشدَّ منا شِدَّةً في الحقِّ يَراه مِنَ المُؤمنينَ في إخوانِهم إذا رَأَوهم قدْ خَلَصوا مِنَ النَّارِ، يَقولُون: أيْ ربَّنا، إخوانُنا كانوا يُصَلُّون معنا، ويَصومون معنا، ويَحُجُّون معنا، ويُجاهِدون معنا، قدْ أخَذَتْهم النَّارُ، فيَقولُ اللهُ تَبارك وتعالَى: اذْهَبوا، فمَن عرَفْتُم صُورتَه فأخْرِجوه، وتُحرَّمُ صُورتُهم على النَّارِ، فيَجِدُ الرَّجلَ قدْ أخَذَتْه النَّارُ إلى قَدَمَيه، وإلى أنصافِ ساقيْه، وإلى رُكبَتَيْه، وإلى حِقْوَيْه، فيَخرُجون منها بشَرًا، ثمَّ يَعودون فيَتكلَّمون، فلا يَزالُ يَقولُ لهم حتَّى يَقولَ: اذْهَبوا، فأخْرِجوا مَن وجَدْتُم في قَلبِه مِثقالَ ذرَّةٍ مِن خَيرٍ فأخْرِجوه. فكان أبو سَعيدٍ إذا حدَّث بهذا الحديثِ، يَقولُ: إنْ لم تُصَدِّقوا فاقْرَؤوا {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40]، فيَقولُون: ربَّنا، لم نَذَرْ فيها خَيرًا، فيَقولُ: هلْ بقِيَ إلَّا أرحمُ الرَّاحمينَ؟ قدْ شَفَعَت الملائكةُ وشَفَع الأنبياءُ، فهلْ بَقِيَ إلَّا أرحَمُ الرَّاحمينَ؟ قال: فيَأخُذُ قَبْضةً مِنَ النَّارِ، فيُخرِجُ قومًا قدْ عادُوا حُمَمةً ، لم يَعمَلوا له عمَلَ خَيرٍ قطُّ، فيُطرَحون في نَهرٍ يُقالُ له: نَهرُ الحياةِ، فيَنبُتون فيه -والَّذي نَفْسي بيَدِه- كما تَنبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيلِ ، ألمْ تَرَوها وما يَلِيها مِن الظِّلِّ أصفَرَ، وما يَلِيها مِنَ الشَّمسِ أخضَرَ؟ قال: قُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، كأنَّك تكونُ في الماشيةِ، قال: يَنبُتون كذلك، فيَخرُجون أمثالَ اللُّؤلؤِ، يُجعَلُ في رِقابِهم الخواتيمُ، ثمَّ يُرسَلون في الجنَّةِ، فيَقولُ أهلُ الجنَّةِ: هؤلاء الجَهنَّميون، هؤلاء الَّذين أخْرَجَهم مِنَ النَّارِ بغيرِ عَملٍ عَمِلوه ولا خَيرٍ قَدَّموه. يَقولُ اللهُ تعالَى: خُذوا، فلكمْ ما أخَذْتُم، فيَأخُذون حتَّى يَنتهَوا، ثمَّ يَقولُون: لنْ يُعطِينا اللهُ عزَّ وجلَّ ما أخَذْنا، فيَقولُ اللهُ تَبارك وتعالَى: فإنِّي أعْطَيْتُكم أفضَلَ ممَّا أخَذْتُم، فيَقولُون: ربَّنا، وما أفضَلُ مِن ذلكَ وممَّا أخَذْنا؟ فيَقولُ: رِضواني بلا سَخطٍ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين الصفحة أو الرقم : 8962
التخريج : أخرجه البخاري (7439)، ومسلم (183)، وأحمد (11127) جميعا بنحوه.
التصنيف الموضوعي: جنة - رؤية الله تبارك وتعالى في الجنة رقائق وزهد - الرياء والسمعة إيمان - اليوم الآخر إيمان - توحيد الأسماء والصفات قيامة - أهوال يوم القيامة
|أصول الحديث

أصول الحديث:


[المستدرك على الصحيحين] (4/ 626)
: 8736 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، وأبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل: قالا: ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب العبدي، ثنا جعفر بن عون، أنبأ هشام بن سعد، ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: ‌هل ‌تضارون ‌في ‌رؤية ‌الشمس ‌بالظهيرة صحوا ليس فيها سحاب؟ فقلنا: لا يا رسول الله، قال: فهل تضارون في رؤية البدر صحوا ليس فيه سحاب؟ قالوا: لا، قال: " ما تضارون في رؤيته يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة نادى مناد ألا لتلحق كل أمة بما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد صنما ولا وثنا ولا صورة إلا ذهبوا حتى يتساقطوا في النار ويبقى من كان يعبد الله وحده من بر وفاجر وغبرات أهل الكتاب، ثم تعرض جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، ثم يدعى اليهود فيقول: ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون: عزيرا ابن الله، فيقول: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فما تريدون؟ فيقولون: أي ربنا ظمئنا اسقنا، فيقول: أفلا تردون، فيذهبون حتى يتساقطوا في النار، ثم يدعى النصارى فيقول: ماذا كنتم تعبدون فيقولون: المسيح ابن الله، فيقول: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فما تريدون؟ فيقولون: أي ربنا ظمئنا اسقنا، فيقول: أفلا تردون فيذهبون حتى يتساقطوا في النار فيبقى من كان يعبد الله وحده من بر وفاجر ثم يتبدى الله لنا في صورة غير صورته التي كنا رأيناه فيه أول مرة فيقول: أيها الناس لحقت كل أمة بما كانت تعبد وبقيتم، فلا يكلمه يومئذ إلا الأنبياء، فيقولون: فارقنا الناس في الدنيا ونحن كنا إلى صحبتهم فيها أحوج، لحقت كل أمة بما كانت تعبد ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، فيقول: هل بينكم وبين الله من آية تعرفونها؟ فيقولون: نعم الساق، فيكشف عن ساق فيخر ساجدا أجمعون ولا يبقى أحد كان سجد في الدنيا سمعة ولا رياء ولا نفاقا إلا على ظهره طبق واحد كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، قال: ثم يرفع برنا ومسيئنا وقد عاد لنا في صورته التي رأيناه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعم أنت ربنا ثلاث مرات ثم يضرب الجسر على جهنم، قلنا: وما الجسر يا رسول الله بأبينا أنت وأمنا؟ قال: دحض مزلة لها كلاليب وخطاطيف وحسك بنجد عقيق يقال لها السعدان فيمر المؤمن كلمح البرق، وكالطرف، وكالريح، وكالطير وكأجاود الخيل والمراكب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكردس في نار جهنم، والذي نفسي بيده ما أحدكم بأشد منا شدة في استيفاء الحق يراه من المؤمنين في إخوانهم إذا رأوهم قد خلصوا من النار، يقولون: أي ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويحجون معنا، ويجاهدون معنا، قد أخذتهم النار فيقول الله تبارك وتعالى: اذهبوا فمن عرفتم صورته فأخرجوه، وتحرم صورهم على النار فيجد الرجل قد أخذته النار إلى قدميه، وإلى أنصاف ساقيه، وإلى ركبتيه وإلى حقويه، فيخرجون منها بشرا ثم يعودون فيتكلمون فلا يزال يقول لهم حتى يقول: اذهبوا فأخرجوا من وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه " فكان أبو سعيد إذا حدث بهذا الحديث، يقول: إن لم تصدقوا فاقرأوا {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} [[النساء: 40]] فيقولون: " ربنا لم نذر فيها خيرا، فيقول: هل بقي إلا أرحم الراحمين؟ قد شفعت الملائكة وشفع الأنبياء فهل بقي إلا أرحم الراحمين؟ قال: فيأخذ قبضة من النار فيخرج قوما قد عادوا حممة لم يعملوا له عمل خير قط، فيطرحون في نهر يقال له نهر الحياة فينبتون فيه والذي نفسي بيده كما تنبت الحبة في حميل السيل ألم تروها وما يليها من الظل أصفر وما يليها من الشمس أخضر؟ " قال: قلنا: يا رسول الله كأنك تكون في الماشية، قال: " ينبتون كذلك فيخرجون أمثال اللؤلؤ يجعل في رقابهم الخواتيم ثم يرسلون في الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء الجهنميون هؤلاء الذين أخرجهم من النار بغير عمل عملوه ولا خير قدموه، يقول الله تعالى: خذوا فلكم ما أخذتم فيأخذون حتى ينتهوا، ثم يقولون: لن يعطينا الله عز وجل ما أخذنا، فيقول الله تبارك وتعالى: فإني أعطيتكم أفضل مما أخذتم، فيقولون: ربنا وما أفضل من ذلك ومما أخذنا؟ فيقول: رضواني بلا سخط هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة إنما اتفقا على حديث الزهري، عن سعيد بن المسيب، وعطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة مختصرا، وأخرج مسلم وحده حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد بأقل من نصف هذه السياقة

[صحيح البخاري] (9/ 129)
: 7439 - حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا. قلنا: لا، قال: فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتهما ثم قال: ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر، وغبرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير بن الله، فيقال: كذبتم،لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم. ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح بن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر، ربنا قال: فيأتيهم الجبار فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه، فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا، ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم قلنا يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب، وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء، تكون بنجد، يقال لها: السعدان، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار، وإذا رأوا أنهم قد نجوا، في إخوانهم، يقولون: ربنا إخواننا، كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني فاقرؤوا {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها} فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبار: بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار، فيخرج أقواما قد امتحشوا، فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له: ماء الحياة، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، إلى جانب الشجرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظل كان أبيض، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ، فيجعل في رقابهم الخواتيم، فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه.

[صحيح مسلم] (1/ 114)
: 302 - (183) وحدثني سويد بن سعيد قال: حدثني حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري أن ناسا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قال: هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وغبر أهل الكتاب، فيدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله. فيقال: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار، ثم يدعى النصارى، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا، قال: فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربنا، فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئا - مرتين أو ثلاثا - حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، ‌فيكشف ‌عن ‌ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة، فقال: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلم سلم. قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: دحض مزلة، فيه خطاطيف وكلاليب، وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها: السعدان، فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النار، فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربنا، كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار، فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه، ثم يقولون: ربنا، ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربنا، لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا، ثم يقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربنا، لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا، ثم يقول: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربنا، لم نذر فيها خيرا، وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما}، فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له: نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر؟ ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض، فقالوا: يا رسول الله، كأنك كنت ترعى بالبادية، قال: فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة، هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه، ثم يقول: ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون: ربنا، أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين، فيقول: لكم عندي أفضل من هذا، فيقولون: يا ربنا، أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول: رضاي، فلا أسخط عليكم بعده أبدا .

مسند أحمد (17/ 202 ط الرسالة)
: 11127 - حدثنا ربعي بن إبراهيم، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، حدثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: " هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ " قال: قلنا: لا. قال: " فهل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ " قال: قلنا: لا. قال: " فإنكم ترون ربكم كذلك يوم القيامة، يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد " قال: " فيقال: من كان يعبد شيئا فليتبعه " قال: فيتبع الذين كانوا يعبدون الشمس الشمس، فيتساقطون في النار، ويتبع الذين كانوا يعبدون القمر القمر، فيتساقطون في النار، ويتبع الذين كانوا يعبدون الأوثان الأوثان، والذين كانوا يعبدون الأصنام الأصنام، فيتساقطون في النار "، قال: " وكل من كان يعبد من دون الله حتى يتساقطون في النار " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فيبقى المؤمنون ومنافقوهم بين ظهريهم وبقايا أهل الكتاب ". وقللهم بيده قال: " فيأتيهم الله عز وجل فيقول: ألا تتبعون ما كنتم تعبدون "، قال: " فيقولون: كنا نعبد الله، ولم نر الله، فيكشف عن ساق، فلا يبقى أحد كان يسجد لله إلا وقع ساجدا، ولا يبقى أحد كان يسجد رياء وسمعة، إلا وقع على قفاه ". قال: " ثم يوضع الصراط بين ظهري جهنم والأنبياء بناحيتيه، قولهم: اللهم سلم سلم، اللهم سلم سلم، وإنه لدحض مزلة، وإنه لكلاليب وخطاطيف "، قال عبد الرحمن: ولا أدري لعله قد قال: " تخطف الناس، وحسكة تنبت بنجد يقال لها: السعدان "، قال: ونعتها لهم. قال: " فأكون أنا وأمتي لأول من مر أو أول من يجيز "، قال: " فيمرون عليه مثل البرق، ومثل الريح، ومثل أجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، ومخدوش مكلم، ومكدوس في النار، فإذا قطعوه أو فإذا جاوزوه فما أحدكم في حق يعلم أنه حق له بأشد مناشدة منهم في إخوانهم الذين سقطوا في النار، يقولون: أي رب كنا نغزو جميعا ونحج جميعا ونعتمر جميعا، فيم نجونا اليوم وهلكوا؟ " قال: " فيقول الله عز وجل: انظروا من كان في قلبه زنة دينار من إيمان فأخرجوه ". قال: " فيخرجون "، قال: " ثم يقول: من كان في قلبه زنة قيراط من إيمان فأخرجوه "، قال: " فيخرجون "، قال: " ثم يقول: من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه "، قال: " فيخرجون " قال: ثم يقول أبو سعيد: بيني وبينكم كتاب الله. قال عبد الرحمن: وأظنه يعني قوله: {وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} [[الأنبياء: 47]]، قال: " فيخرجون من النار فيطرحون في نهر يقال له: نهر الحيوان، فينبتون كما تنبت الحب في حميل السيل ألا ترون ما يكون من النبت إلى الشمس يكون أخضر وما يكون إلى الظل يكون أصفر "، قالوا: يا رسول الله كأنك كنت قد رعيت الغنم؟ قال: " أجل قد رعيت الغنم ".