الموسوعة الحديثية


- بَيْنما نحن جُلوسٌ عندَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذ أتاهُ رجُلٌ مِن بني عامرٍ، وهو سيِّدُ قَومِه وكبيرُهم مِدْرَهُهُمْ، يَتوكَّأُ على عصًا، فقام بيْن يَدَيِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: ونسَبَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى جَدِّه، فقال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، إنِّي نُبِّئْتُ أنَّك تَزعُمُ أنَّك رسولُ اللهِ إلى النَّاسِ، أرسلَكَ بما أرسَلَ إبراهيمَ ومُوسى وعيسى وغيرَهم مِن الأنبياءِ، ألَا وإنَّك نَبَوتَ بعظيمٍ، إنَّما كان الأنبياءُ والمُلوكُ في بَيتينِ مِن بني إسرائيلَ: بَيتِ نُبوَّةٍ، وبَيتِ مُلْكٍ، ولا أنت مِن هؤلاء ولا مِن هؤلاءِ، إنَّما أنت مِن العرَبِ ممَّن يَعبُدُ الحِجارةَ والأوثانَ، فما لك والنُّبوَّةَ؟! ولكنْ لكلِّ أمْرٍ حَقيقةٌ، فأْتِني بحقيقةِ قَولِك وبَدْءِ شأْنِك، قال: فأعجَبَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَسألَتُه، ثمَّ قال: يا أخَا بَني عامرٍ، إنَّ للحديثِ الَّذي تَسأَلُ عنه نبَأً ومَجلِسًا، فاجلِسْ، فثَنَى رِجْلَه وبرَكَ كما يَبرُكُ البعيرُ، فقال له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا أخَا بَني عامرٍ، إنَّ حَقيقةَ قَولي وبُدُوَّ شَأْني دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبُشْرى أخي عيسى ابنِ مريمَ، وإنِّي كنْتُ بِكْرًا لأُمِّي، وإنَّها حمَلَتْني كأثقَلِ ما تَحمِلُ النِّساءُ حتَّى جعَلَتْ تَشْتكي إلى صَواحبِها ثِقَلَ ما تَجِدُ، وإنَّ أُمِّي رأَتْ في المنامِ أنَّ الَّذي في بَطْنِها نُورٌ، قالت: فجعَلْتُ أتْبَعُ بَصري النُّورَ، فجعَلَ النُّورُ يَسبِقُ بَصَري حتَّى أضاء لي مشارِقَ الأرضِ ومَغارِبَها، ثمَّ إنَّها ولَدَتْني، فلمَّا نشَأْتُ بُغِّضَت إليَّ الأوثانُ ، وبُغِّضَ إليَّ الشِّعرُ، واسْتُرْضِعَ لي في بَني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ، فبَينما أنا ذاتَ يومٍ في بَطْنِ وادٍ مع أتْرابٍ لي مِن الصِّبيانِ إذا أنا برَهْطٍ ثلاثٍ، معهم طِسْتٌ مِن ذهَبٍ ملآنَ نُورًا وثَلْجًا، فأخَذوني مِن بيْن أصحابي، وانطلَقَ أصحابي هرَبًا، حتَّى إذا انتَهَوا إلى شَفيرِ الوادي، أقْبَلوا على الرَّهطِ، فقالوا: ما لكمْ ولهذا الغُلامِ؟ إنَّه غُلامٌ ليس مِنَّا، وهو مِن بني سيِّدِ قُريشٍ، وهو مُسْتَرْضعٌ فِينا، غُلامٌ يَتيمٌ، ليس له أبٌ، فماذا يَرُدُّ عليكمْ قَتْلُه؟ ولكنْ إنْ كنتُمْ لا بُدَّ فاعلينَ، فاخْتاروا مِنَّا أيَّنا شِئْتُم، فلْنَأْتِكُم، فاقْتُلونا مكانَه، ودَعُوا هذا الغُلامَ، فلم يُجِيبوهم، فلمَّا رأى الصِّبيانُ أنَّ القومَ لا يُجيبونَهم، انطلَقُوا هرَبًا مُسرعينَ إلى الحيِّ يُؤذِنُوهم لهم ويَسْتصرِخوهم على القومِ، فعَمِدَ إليَّ أحدُهم، فأضْجَعني إلى الأرضِ إضجاعًا لَطيفًا، ثمَّ شَقَّ ما بيْن صَدْري إلى مُنتهى عانَتي، وأنا أنظُرُ لم أجِدْ لذلك مَسًّا، ثمَّ أخرَجَ أحشاءَ بَطْني فغسَلَهُ بذلك الثَّلجِ، فأنهى غَسْلَه، ثمَّ أعادهَا في مكانِها، ثمَّ قام الثَّاني، فقال لصاحبِه: تنَحَّ، ثمَّ أدخَلَ يَدَهُ في جَوفي، فأخرَجَ قَلْبي وأنا أنظُرُ، فصَدَعَهُ، فأخرَجَ منه مُضغةً سَوداءَ رَمى بها، ثمَّ قال بيَدِه يُمنةً مِنْه كأنَّه يَتناوَلُ شيئًا، ثمَّ إذا بالخاتمِ في يَدِه مِن نُورِ النُّبوَّةِ والحِكمةِ، تُخطَفُ أبصارُ النَّاظرينَ دونَه، فختَمَ قَلْبي، فامتلَأَ نُورًا وحِكمةً، ثمَّ أعادَهُ مكانَه، فوجَدْتُ بَرْدَ ذلك الخاتمِ في قَلْبي دَهْرًا، ثمَّ قام الثَّالثُ، فتَنحَّى صاحبُهُ، فأمَرَّ يَدَهُ بيْن ثَدْيِي ومُنْتهى عانَتِي، فالْتأَمَ ذلك الشَّقُّ بإذنِ اللهِ، ثمَّ أخَذَ بِيَدي، فأنْهَضني مِن مكاني إنْهاضًا لطيفًا، ثمَّ قال الأوَّلُ الَّذي شَقَّ بَطْني: زِنُوهُ بعشَرةٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، ثمَّ قال: زِنُوهُ بمئةٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، ثمَّ قال: زِنُوهُ بألْفٍ مِن أُمَّتِه، فوَزَنوني، فرجَحْتُهم، قال: دَعُوه؛ فلوْ وَزنْتُموه بأُمَّتِه جميعًا لَرجَحَ بهم، ثمَّ قاموا إليَّ فضَمُّوني إلى صُدورِهم، وقبَّلوا رأْسي وما بيْن عَينيَّ، ثمَّ قالوا: يا حبيبُ، لَمْ تُرَعْ ، إنَّك لو تَدْري ما يُرادُ بك مِن الخيرِ، لَقُرَّتْ عينُك، قال: فبيْنما نحنُ كذلك، إذ أقبَلَ الحيُّ بحَذافيرِهم، وإذا ظِئْري أمامَ الحيِّ تَهتِفُ بأعلى صَوتِها وهي تقولُ: يا ضَعيفاهُ، قال: فأكَبُّوا عليَّ يُقبِّلوني، ويقولون: يا حبَّذا أنت مِن ضَعيفٍ، ثمَّ قالت: يا وحيداهُ، قال: فأكَبُّوا عليَّ وَضمُّوني إلى صُدورِهم، وقالوا: يا حبَّذا أنت مِن وحيدٍ، ما أنت بوحيدٍ؛ إنَّ اللهَ معك وملائكتَه والمُؤمِنينَ مِن أهْلِ الأرضِ، ثمَّ قالت: يا يَتيماهُ، اسْتُضْعِفْتَ مِن بيْن أصحابِك، فقُتِلْتَ لِضَعْفِك، فأكَبُّوا عليَّ وَضمُّوني إلى صُدورِهم وقَبَّلوا رأْسي، وقالوا: يا حبَّذا أنت مِن يتيمٍ، ما أكرَمَك على اللهِ! لو تَعلَمُ ماذا يُرادُ بك مِن الخيرِ، قال: فوَصَلوا إلى شَفيرِ الوادي، فلمَّا بَصُرَتْ بي ظِئْري، قالت: يا بُنَيَّ، ألَا أراك حيًّا بعْدُ، فجاءت حتَّى أكبَّتْ عليَّ، فضَمَّتني إلى صَدْرِها، فوالَّذي نَفْسي بيَدِهِ، إنِّي لَفِي حِجْرِها قد ضَمَّتني إليها، وإنَّ يَدِي لفي يَدِ بعْضِهم، وظنَنْتُ أنَّ القومَ يُبْصِرُونهم، فإذا هم لا يُبصِرُونهم، فجاء بعْضُ الحيِّ، فقال: هذا الغلامُ أصابَهُ لَمَمٌ ، أو طائفٌ مِن الجِنِّ، فانْطَلِقوا به إلى الكاهِنِ يَنظُرُ إليه ويُداويهِ، فقلْتُ له: ما هذا؟! ليس بي شَيءٌ ممَّا تَذكرونَ، أرى نَفْسي سَليمةً، وفُؤادي صحيحًا، وليس بي قَلَبةٌ، فقال أبي -وهو زَوجُ ظِئْري-: ألَا تَرونَ ابْني كلامُه كلامٌ صحيحٌ، إنِّي لَأرْجو ألَّا يكونَ بابْنِي بأْسٌ، فاتَّفَقَ القومُ على أنْ يَذْهبوا بي إلى الكاهنِ ، فاحْتَملوني حتَّى ذَهَبوا بي إليه، فقَصُّوا عليه قِصَّتي، فقال: اسْكُتوا حتَّى أسمَعَ مِن الغُلامِ؛ فإنَّه أعلَمُ بأمْرِه، فقصَصْتُ عليه أمْري مِن أوَّلِه إلى آخرِهِ، فلمَّا سمِعَ مَقالَتي، ضَمَّني إلى صَدْرِه، ونادى بأعْلى صَوتِه: يا لَلعربِ، اقْتُلوا هذا الغُلامَ واقْتُلوني معه؛ فوَاللَّاتِ والعُزَّى: لئِنْ تَركتُموه، لَيُبدِّلَنَّ دِينَكم، ولَيُسفِّهَنَّ أحلامَكم وأحلامَ آبائِكم، ولَيُخالِفَنَّ أمْرَكم، ولَيأتِيَنَّ بدِينٍ لم تَسْمَعوا بمثْلِه، قال: فانْتَزَعني ظِئْري مِن يَدِه، قال: لَأنتَ أعتَهُ مِنْه وأجَنُّ، ولو علِمْتُ أنَّ هذا يكونُ مِن قولِك، ما أتيتُكَ به، ثمَّ احْتَملوني، ورَدُّوني إلى أهْلي، فأصبَحْتُ مَغمومًا ممَّا فُعِلَ بي، وأصبَحَ أثَرُ الشَّقِّ ما بيْن صَدْري إلى مُنْتهى عانَتِي كأنَّه شِراكٌ، فذلك حقيقةُ قولي وبُدُوُّ شَأْني، فقال العامريُّ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ أمْرَك حَقٌّ، فأَنْبِئني بأشياءَ أسألُكَ عنها، قال: سَلْ عنك -وكان يقولُ للسَّائلينَ قبْلَ ذلك: سَلْ عمَّا بدَا لك، فقال يومئذٍ للعامريِّ: سَلْ عنك؛ فإنَّها لُغةُ بني عامرٍ، فكلَّمَه بمَا يَعرِفُ-، فقال العامريُّ: أخْبِرْني يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ: ماذا يَزيدُ في الشَّرِّ؟ قال: التَّمادي، قال: فهلْ يَنفَعُ البِرُّ بعْدَ الفُجورِ؟ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نعمْ؛ التَّوبةُ تَغسِلُ الحَوبةَ ، وإنَّ الحَسناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، وإذا ذكَرَ العبْدُ ربَّهُ في الرَّخاءِ أعانَهُ عندَ البلاءِ، قال العامريُّ: كيف ذلك يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ذلك بأنَّ اللهَ يقولُ: لا أجمَعُ لِعَبْدي أمْنَينِ، ولا أجمَعُ له خَوفينِ؛ إنْ هو أمِنَني في الدُّنيا أخَفْتُه يومَ أجمَعُ عِبادي في حَظيرةِ القُدسِ، فيَدومُ له أمْنُه، ولا أمْحَقُه فيمَن أمحَقُ، فقال العامريُّ: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، إلى ما تَدْعو؟ قال: إلى عِبادةِ اللهِ وحْدَه لا شريكَ له، وأنْ تخلَعَ الأندادَ وتَكفُرَ باللَّاتِ والعُزَّى، وتُقِرَّ بما جاء مِن اللهِ مِن كتابٍ ورسولٍ، وتُصلِّيَ الصَّلواتِ الخمسَ بحَقائقِهنَّ، وتصومَ شَهْرًا مِن السَّنةِ، وتُؤدِّيَ زكاةَ مالِكَ، فيُطهِّرَك اللهُ به، ويَطِيبَ لك مالُكَ، وتُقِرَّ بالبعثِ بعْدَ الموتِ، وبالجنَّةِ والنَّارِ، قال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، فإنْ أنا فعَلْتُ هذا، فما لي؟ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: جنَّاتُ عَدْنٍ تَجْري مِن تَحتِها الأنهارُ خالدينَ فيها أبدًا، وذلك جَزاءُ مَن تَزكَّى، قال: يا ابنَ عبْدِ المُطَّلبِ، هلْ مع هذا مِن الدُّنيا شَيءٌ؛ فإنَّه يُعجِبُنا الوطَأةُ في العيشِ؟ فقال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نعمْ؛ النَّصرُ والتَّمكينُ في البلادِ. قال: فأجاب العامريَّ وأنابَ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف
الراوي : شداد بن أوس | المحدث : البوصيري | المصدر : إتحاف الخيرة المهرة الصفحة أو الرقم : 7/16
التخريج : أخرجه أبو يعلى كما في ((إتحاف الخيرة)) للبوصيري (6319) بلفظه، وابن جرير الطبري في ((تاريخه)) (2/ 160: 164)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (779) بنحوه، وأبو نعيم في ((الحلية)) (5/ 188-189) مختصرا.
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - فضل النبي على جميع الخلائق إيمان - الملائكة إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أول أمره وإرضاعه فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - شق صدره عليه السلام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


 [إتحاف الخيرة المهرة – للبوصيري] (7/ 16)
: 6319 - قال أبو يعلى الموصلي: وثنا يحيى بن حجر بن النعمان السامي ثنا محمد ابن يعلى الكوفي ثنا عمر بن صبح عن ثور بن يزيد عن مكحول عن شداد بن أوس- رضي الله عنه قال: (بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذ أتاه رجل من بني عامر وهو سيد قومه وكبيرهم (مدرههم) يتوكأ على عصا فقام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم (ثم قال ونسب النبي صلى الله عليه وسلم (إلى جده فقال: يأبن عبد المطلب إنى نبئت أنك تزعم أنك رسول الله إلى الناس أرسلك بما أرسل به إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء ألا وإنك (نبوت) بعظيم إنما كان الأنبياء والملوك في بيتين من بني إسرائيل: بيت نبوة وبيت ملك فلا أنت من هؤلاء ولا من هؤلاء إنما أنت من العرب ممن يعبد الحجارة والأوثان فما لك والنبوة؟! ولكن لكل أمر حقيقة فائتني بحقيقة قولك وبدء شأنك. قال: فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم (مسألته ثم قال: يأخا بني عامر إن للحديث الذي تسأل عنه نبأ ومجلسا فاجلس. فثنى رجله وبرك كما يبرك البعير فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (: يأخا بني عامر إن حقيقة قولي وبدء شأني دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى ابن مريم وإني كنت بكرا لأمي وإنها حملتني كأثقل ما تحمل النساء حتى جعلت تشتكي إلى صواحبها ثقل ما تجد وإن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور قالت: فجعلت أتبع بصري النور فجعل النور يسبق بصري حتى أضاء لي مشارق الأرض ومغاربها ثم إنها ولدتني فلما نشأت بغضت إلي الأوثان وبغض إلي الشعر و (استرضع لي) في بني جشم بن بني بكر فبينم أنا ذات يوم في بطن واد مع أتراب لي من الصبيان إذ أنا برهط ثلاث معهم طست من ذهب ملآن نور وثلج فأخذوني من بين أصحابي وانطلق أصحابي هرابا حتى إذا انتهوا إلى شفير الوادي أقبلوا على الرهط فقالوا: ما لكم ولهذا الغلام؟ إنه غلام ليس منا وهو من بني سيد قريش وهو مسترضع فينا من غلام يتيم ليس له أب فماذا يرد عليكم قتله؟! ولكن إن كنتم لابد فاعلين فاختاروا منا أينا شئتم فليأتكم فاقتلونا مكانه ودعوا هذا الغلام فلم يجيبوهم فلما رأو الصبيان أن القوم لا يجيبونهم انطلقوا هرابا مسرعين إلى الحي يؤذنوهم لهم) ويستصرخونهم على القوم فعمد إلي أحدهم فأضجعني إلى الأرض إضجاعا لطيفا ثم شق ما بين صدري إلى منتهى عانتي وأن أنظر فلم أجد لذلك مسا ثم أخرج أحشاء بطني فغسله بذلك الثلج فأنعم غسله ثم أعادها في مكانها ثم قام الثاني فقال لصاحبه: تنح. ثم أدخل يده في جوفي فأخرج قلبي وأن أنظر فصدعه فأخرج منه مضغة سوداء رمى بها ثم قال بيده يمنة منه كأنه يتناول شيئا ثم إذا بالخاتم في يده من نور- نور النبوة والحكمة- تخطف أبصار الناظرين دونه فختم قلبي فامتلأ نورا وحكمة ثم أعاده مكانه فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا ثم قام الثالث فتنحى صاحبه فأصر يده بين ثديي ومنتهى عانتي فالتأم ذلك الشق بإذن الله ثم أخذ بيدي فأنهضني من مكاني إنهاضا لطيفا ثم قال الأول الذي شق بطني: زنوه بعشرة من أمته. فوزنوني فرجحتهم. ثم قال: زنوه بمائة من أمته. فوزنوني فرجحتهم. ثم قالت: زنوه بألف من أمته. فوزنوني فرجحتهم. قال: دعوه فلو وزنتموه بأمته جميعا لرجح بهم. ثم قاموا إلي فضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني ثم قالوا: يا حبيب لم ترع إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عينك. قال: فبينما نحن كذلك إذ أقبل الحي بحذافيرهم وإذا ظئري أمام الحي تهتف بأعلى صوتها وهي تقول: يا ضعيفاه. قال: فأكبوا علي يقبلوني ويقولون: يا حبذ أنت من ضعيف. ثم قالت: يا وحيداه. قال: (فأكبوا علي وضموني إلى صدورهم وقالوا:) يا حبذ أنت من وحيد ما أنت بوحيد إن الله معك وملائكته والمؤمنون من أهل الأرض. ثم قالت: يا يتيماه!  [إتحاف الخيرة المهرة – للبوصيري]
(7/ 18):
استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك. فأكبوا علي وضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وقالوا: يا حبذ أنت من يتيم مأكرمك على الله لو تعلم ماذا يراد بك من الخير. قال: فوصلوا إلى شفير الوادي فلما بصرت بي ظئري قالت: يا بني ألأراك حيا بعد. فجاءت حتى أكبت علي فضمتني إلى صدرها فو الذي نفسي بيده إني لفي حجرها قد ضمتني إليها وإن يدي لفي يد بعضهم وظننت أن القوم يبصرونهم فإذا هم لا يبصرونهم فجاء بعض الحي فقال: هذا الغلام أصابه لمم أو طائف من الجن فانطلقوا به إلى الكاهن ينظر إليه ويداويه. فقلت (له) : يا هذا ليس بي شيء مما تذكرون أرى نفسي سليمة وفؤادي صحيحا وليس بي قلبة. فقال أبي- وهو زوج ظئري-: ألا ترون ابني كلامه صحيح؟ إني لأرجو ألا يكون بابني بأس. فاتفق القوم على أن يذهبوا بي إلى الكاهن فاحتملوني حتى ذهبوا بي إليه فقصوا عليه قصتي. فقال: اسكتوا حتى أسمع من الغلام فإنه أعلم بأمره. فقصصت عليه أمري من أوله إلى آخره فلما سمع مقالتي ضمني إلى صدره ونادى بأعلى صوت: يا للعرب اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه فقواللات والعزى لئن تركتموه ليبدلن دينكم وليسفهن أحلامكم وأحلام آبائكم وليخالفن أمركم وليأتينكم بدين لم تسمعوا مثله. قال: فانتزعني ظئري من يده قال: لأنت أعته منه وأجن ولو علمت أن هذا يكون من قولك مأتيتك به. ثم احتملوني وردوني إلى أهلي فأصبحت معزى مما فعل بي وأصبح أثر الشق بين صدري إلى منتهى عانتي كأنه شراك فذلك حقيقة قولي وبدء شأني. فقال العامري: أشهد أن لا إله إلالله وأن أمرك حق فأنبئني بأشياء أسألك عنها. قال: سل عنك- وكان يقول للسائلين قبل ذلك: سل عما بدا لك فقال يومئذ للعامري: سل عنك " فإنها لغة بني عامر فكلمه بما يعرف- فقال العامري: أخبرني يا ابن عبد المطلب ماذا يزيد في الشر؟ قال: التمادي. قال فهل ينفع البر بعد الفجور؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم (: نعم التوبة تغسل الحوبة وإن الحسنات يذهبن السيئات وإذا ذكر العبد ربه في الرخاء أعانه عند البلاء. قال العامري: وكيف ذلك ياابن عبدلمطلب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (: ذلك بأن الله يقول: لا أجمع لعبدي أمنين ولا أجمع له خوفين إن هو أمنني في الدنيا خافني يوم أجمع عبادي في حظيرة القدس فيدوم له أمنه ولا أمحقه فيمن أمحق فقال العامري: ياابن عبد المطلب إلام تدعو؟ قال: أدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له وأن تخلع الأنداد وتكفر باللات والعزى وتقر بما جاء من الله من كتاب ورسول وتصلي الصلوات الخمس بحقائقهن وتصوم شهرا من السنة وتؤدي زكاة مالك فيطهرك الله به ويطيب لك مالك وتقر بالبعث بعد الموت وبالجنة والنار. قال: ياابن عبد المطلب فإن أنا فعلت هذا فما لي؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم (جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وذلك جزاء من تزكى. قال: ياابن عبد المطلب هل مع هذا من الدنيا شيء فإنه يعجبنا الوطأة في العيش؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (: نعم النصر والتمكين في البلاد. قال: فأجاب العامري وأناب ". هذا إسناد ضعيف لضعف عمر بن صبح والراوي عنه محمد بن يعلى الكوفي.

تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (2/ 160: 164)
: حدثنا نصر بن عبد الرحمن الأزدي، قال: حدثنا محمد بن يعلى، عن عمر بن صبيح، عن ثور بن يزيد الشامي، عن مكحول الشامي، عن شداد بن أوس، قال: بينا نحن جلوس عند رسول الله ص، إذ أقبل شيخ من بني عامر، وهو مدرة قومه وسيدهم، من شيخ كبير يتوكأ على عصا، فمثل بين يدي النبي ص قائما، ونسبه الى جده، فقال: يا بن عبد المطلب، إني أنبئت أنك تزعم أنك رسول الله إلى الناس، أرسلك بما أرسل به إبراهيم، وموسى، وعيسى، وغيرهم من الأنبياء، ألا وإنك فوهت بعظيم، وإنما كانت الأنبياء والخلفاء في بيتين من بني إسرائيل، وأنت ممن يعبد هذه الحجارة والأوثان، فما لك وللنبوة! ولكن لكل قول حقيقة، فأنبئني بحقيقة قولك، وبدء شانك، قال: فاعجب النبي ص بمسألته، ثم قال: يا أخا بني عامر، إن لهذا الحديث الذي تسألني عنه نبأ ومجلسا، فاجلس، فثنى رجليه ثم برك كما يبرك البعير، فاستقبله النبي ص بالحديث فقال: يا أخا بني عامر، إن حقيقة قولي وبدء شأني، أني دعوة أبي ابراهيم، وبشرى أخي عيسى بن مريم وإني كنت بكر أمي، وإنها حملت بي كأثقل ما تحمل، وجعلت تشتكي إلى صواحبها ثقل ما تجد. ثم إن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور، قالت: فجعلت أتبع بصري النور، والنور يسبق بصري، حتى أضاءت لي مشارق الأرض ومغاربها. ثم إنها ولدتني فنشأت، فلما أن نشأت بغضت إلي أوثان قريش، وبغض إلي الشعر، وكنت مسترضعا في بني ليث بن بكر، فبينا أنا ذات يوم منتبذ من اهلى في بطن واد مع أتراب لي من الصبيان نتقاذف بيننا بالجلة، إذ أتانا رهط ثلاثة معهم طست من ذهب مليء ثلجا، فأخذوني من بين أصحابي، فخرج أصحابي هرابا حتى انتهوا إلى شفير الوادي، ثم أقبلوا على الرهط فقالوا: ما أربكم إلى هذا الغلام، فإنه ليس منا، هذا ابن سيد قريش، وهو مسترضع فينا، من غلام يتيم ليس له أب، فماذا يرد عليكم قتله، وماذا تصيبون من ذلك! ولكن إن كنتم لا بد قاتليه، فاختاروا منا أينا شئتم، فليأتكم مكانه فاقتلوه، ودعوا هذا الغلام فإنه يتيم فلما رأى الصبيان القوم لا يحيرون إليهم جوابا، انطلقوا هرابا مسرعين إلى الحى، يؤذنونهم ويستصرخونهم على القوم، فعمد أحدهم فأضجعني على الأرض إضجاعا لطيفا، ثم شق ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي، وأنا أنظر إليه، فلم أجد لذلك مسا ثم أخرج أحشاء بطني ثم غسلها بذلك الثلج فأنعم غسلها، ثم أعادها مكانها، ثم قام الثاني منهم فقال لصاحبه: تنح، فنحاه عني، ثم أدخل يده في جوفي فأخرج قلبي وأنا أنظر إليه فصدعه، ثم أخرج منه مضغة سوداء، فرمى بها ثم قال بيده يمنة منه، كأنه يتناول شيئا، فإذا أنا بخاتم في يده من نور يحار الناظرون دونه، فختم به قلبي فامتلأ نورا، وذلك نور النبوة والحكمة، ثم أعاده مكانه فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا، ثم قال الثالث لصاحبه: تنح عني، فأمر يده ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي، فالتأم ذلك الشق بإذن الله ثم أخذ بيدي فأنهضني من مكاني إنهاضا لطيفا، ثم قال للأول الذي شق بطني: زنه بعشرة من أمته، فوزنوني بهم فرجحتهم، ثم قال: زنه بمائة من أمته، فوزنوني بهم فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف من أمته، فوزنوني بهم فرجحتهم. فقال: دعوه، فلو وزنتموه بأمته كلها لرجحهم قال: ثم ضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني، ثم قالوا: يا حبيب، لم ترع، إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عيناك قال: فبينا نحن كذلك، إذ أنا بالحي قد جاءوا بحذافيرهم، وإذا أمي- وهي ظئري- أمام الحي تهتف بأعلى صوتها وتقول: يا ضعيفاه! قال: فانكبوا علي فقبلوا رأسي وما بين عيني، فقالوا: حبذا أنت من ضعيف! ثم قالت ظئري: يا وحيداه! فانكبوا علي فضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني، ثم قالوا: حبذا أنت من وحيد وما أنت بوحيد! إن الله معك وملائكته والمؤمنين من أهل الأرض ثم قالت ظئري: يا يتيماه، استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك، فانكبوا علي فضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني، وقالوا: حبذا أنت من يتيم، ما أكرمك على الله! لو تعلم ماذا يراد بك من الخير! قال: فوصلوا بي إلى شفير الوادي، فلما بصرت بي أمي- وهي ظئري- قالت: يا بني ألا أراك حيا بعد! فجاءت حتى انكبت علي وضمتني الى صدرها، فو الذى نفسي بيده، إني لفي حجرها وقد ضمتني إليها، وإن يدي في يد بعضهم، فجعلت ألتفت إليهم وظننت أن القوم يبصرونهم، فإذا هم لا يبصرونهم، يقول بعض القوم: إن هذا الغلام قد أصابه لمم أو طائف من الجن، فانطلقوا به إلى كاهننا حتى ينظر إليه ويداويه فقلت: يا هذا، ما بي شيء مما تذكر، إن آرائي سليمة وفؤادي صحيح، ليس بي قلبة فقال أبي- وهو زوج ظئري- ألا ترون كلامه كلام صحيح! إني لأرجو ألا يكون بابني بأس، فاتفقوا على أن يذهبوا بي إلى الكاهن، فاحتملوني حتى ذهبوا بي إليه، فلما قصوا عليه قصتي قال: اسكتوا حتى أسمع من الغلام، فإنه أعلم بأمره منكم، فسألني، فاقتصصت عليه أمري ما بين أوله وآخره، فلما سمع قولي وثب إلي فضمني إلى صدره ثم نادى بأعلى صوته: يا للعرب، يا للعرب! اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه، فو اللات والعزى لئن تركتموه وأدرك، ليبدلن دينكم وليسفهن عقولكم وعقول آبائكم، وليخالفن أمركم، وليأتينكم بدين لم تسمعوا بمثله قط! فعمدت ظئري فانتزعتني من حجره وقالت: لأنت أعته وأجن من ابني هذا! فلو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به، فاطلب لنفسك من يقتلك، فإنا غير قاتلي هذا الغلام ثم احتملوني فأدوني إلى أهلي فأصبحت مفزعا مما فعل بي، وأصبح أثر الشق ما بين صدري إلى منتهى عانتي كأنه الشراك، فذلك حقيقة قولي وبدء شأني يا أخا بني عامر. فقال العامري: أشهد بالله الذي لا إله غيره أن أمرك حق، فأنبئني بأشياء أسألك عنها! قال: سل عنك- وكان النبي ص قبل ذلك يقول للسائل: سل عما شئت، وعما بدا لك، فقال للعامري يومئذ: سل عنك، لأنها لغة بني عامر، فكلمه بما علم- فقال له العامري: [أخبرني يا بن عبد المطلب ما يزيد في العلم؟ قال: التعلم، قال: فأخبرني ما يدل على العلم؟ قال النبي ص: السؤال، قال: فأخبرني ماذا يزيد في الشر؟ قال: التمادي، قال: فأخبرني هل ينفع البر بعد الفجور؟ قال: نعم،] [التوبة تغسل الحوبة، والحسنات يذهبن السيئات،] و [إذا ذكر العبد ربه عند الرخاء، أغاثه عند البلاء] [، قال العامري: وكيف ذلك يا بن عبد المطلب؟ قال: ذلك بأن الله يقول: لا وعزتي وجلالي، لا أجمع لعبدي أمنين، ولا أجمع له أبدا خوفين، إن هو خافني في الدنيا أمنني يوم أجمع فيه عبادي عندي في حظيرة الفردوس، فيدوم له أمنه، ولا أمحقه فيمن أمحق، وإن هو أمنني في الدنيا خافني يوم أجمع فيه عبادي لميقات يوم معلوم، فيدوم له خوفه، قال: يا بن عبد المطلب، أخبرني إلام تدعو؟ قال: أدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن تخلع الأنداد، وتكفر باللات والعزى، وتقر بما جاء من الله من كتاب أو رسول، وتصلي الصلوات الخمس بحقائقهن، وتصوم شهرا من السنة، وتؤدي زكاة مالك، يطهرك الله بها ويطيب لك مالك، وتحج البيت إذا وجدت إليه سبيلا، وتغتسل من الجنابة، وتؤمن بالموت، وبالبعث بعد الموت، وبالجنة، والنار قال: يا بن عبد المطلب، فإذا فعلت ذلك فما لي؟ قال النبي ص: جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى قال: يا بن عبد المطلب، هل مع هذا من الدنيا شيء؟ فإنه يعجبني الوطاءة من العيش! قال النبي ص: نعم، النصر والتمكن في البلاد قال: فأجاب وأناب] .

[تاريخ دمشق - لابن عساكر] (3/ 469)
: [779] أخبرناه أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الأديب الخلال وأم المجتبا فاطمة بنت ناصر العلوية قالا أنبأنا إبراهيم بن منصور السلمي أنبأنا أبو بكر بن المقرئ أنبأنا أبو يعلى الموصلي أنبأنا يحيى بن حجي بن النعمان الشامي أنبأنا محمد بن يعلى الكوفي أنبأ وقالت فاطمة حدثنا عمر بن صبح عن ثور بن يزيد عن مكحول عن شداد بن أوس قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل من بني عامر هو سيد قومه وكبيرهم ومدرهم يتوكأ على عصاه فقام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم قال ونسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جده فقال يا ابن عبد المطلب إني نبئت أنك تزعم أنك رسول الله إلى الناس أرسلك بما أرسل به إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء ألا وإنك فلقد تفوهت بعظيم إنما كانت الأنبياء والملوك من بيتين بيت من بني إسرائيل بيت نبوة وبيت ملك فلا أنت من هؤلاء ولا من هؤلاء إنما أنت رجل من العرب ممن يعبد الحجارة والأوثان فما لك والنبوة ولكن لكل وقالت فاطمة ولكل أمر حقيقة فائتني بحقيقة قولك وبدو شأنك قال فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم مسألته وقالت فاطمة بمسئلته ثم قال يا أخا بني عامر إن للحديث الذي تسأل عنه نبأ ومجلسا فاجلس فثنى رجله وبرك كما يبرك البعير فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أخا بني عامر إن حقيقة قولي وبدو شأني دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى بن مريم وإني كنت بكر أمي وأنها حملتني كأثقل ما يحمل الناس وقالت فاطمة النساء حتى جعلت تشكو إلى صواحبها ثقل ما تجد ثم إن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور قالت فجعلت أتبع بصري النور والنور يسبق بصري حتى أضاء لي مشارق الأرض ومغاربها ثم إنها ولدتني فلما نشأت بغضت إلي الأصنام وبغض إلي الشعر واسترضع إلي في بني جشم بن بكر فبينما أنا ذات يوم في بطن واد مع أتراب لي من الصبيان إذ أنا برهط ثلاثة معهم طشت من ذهب ملآن من ثلج فأخذوني من بين أصحابي وانطلق أصحابي هرابا حتى انتهوا وقالت فاطمة إذا انتهوا إلى شفير الوادي ثم أقبلوا على الرهط فقالوا مالكم ولهذا الغلام إنه غلام ليس منا وهو ابن سيد قريش وهو مسترضع فينا من غلام يتيم ليس له أب فماذا يرد عليكم قتله ولكن إن كنتم لا بد فاعلين فاختاروا منا أينا شئتم فليأتكم فاقتلوه مكانه ودعوا هذا الغلام فلم يجيبوهم فلما رأوا الصبيان أن القوم لا يجيبوهم انطلقوا هرابا مسرعين إلى الحي يؤذونهم بهم ويستصرخوهم على القوم فعمدوا إلى آخرهم فأضجعني إلى الأرض إضجاعا لطيفا ثم شق ما بين صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر فلم أجد لذلك مسا ثم أخرج أحشاء بطني فغسله بذلك الثلج فأنعم غسله ثم أعادها مكانها وقالت فاطمة في مكانها ثم قام الثاني فقال لصاحبه تنح ثم أدخل يده في جوفي فأخرج قلبي وأنا أنظر فصدعه فأخرج منه مضغة سوداء فرمى بها ثم قال بيده يمنة منها منه كأنه يتناول شيئا فإذا أنا بالخاتم وقالت فاطمة بخاتم في يده من نور يخطف أبصار الناظرين دونه فختم قلبي فامتلأ نورا وحكمة وقال الخلال نور النبوة والحكمة ثم أعاده مكانه فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا ثم قام الثالث فنحا صاحبيه فأمر يده بين ثديي وقال الخلال صدري ومنتهى عانتي فالتأم ذلك الشق بإذن الله تعالى ثم أخذ يدي فأنهضني من مكاني إنهاضا لطيفا فقال الأول للذي شق بطني زنوه بعشرة من أمته فوزنوني فرجحتهم ثم قال زنوه بمائة من أمته فوزنوني فرجحتهم ثم قال زنوه بألف من أمته فوزنوني فرجحتهم قال دعوه وقالت فاطمة زنوه فلو وزنتموه بأمته جميعا لرجح بهم ثم قاموا زادت فاطمة إلي وقالا فضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني ثم قال وقال الخلال قالوا يا حبيب لم ترع إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عينك قال فبينما نحن كذلك إذ أقبل الحي بحذافيرهم وإذا أمي وهي ظئري أمام الحي تهتف بأعلا صوتها وهي تقول يا ضعيفاه قال فأقبلوا علي يقبلوني ويقولون يا حبذا أنت من وحيد ما أنت بوحيد إن الله معك وملائكته والمؤمنون من أهل الأرض ثم قالت يا يتيماه استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك فأكبوا علي وضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وقالوا يا حبذا أنت من يتيم ما أكرمك على الله لو تعلم ماذا يراد بك من الخير قال فوصلوا إلى شفير الوادي فلما بصرت في ظئري قالت يا بني ألا أراك حيا بعد فجاءت حتى أكبت علي فضمتني إلى صدرها فوالذي نفسي بيده إني لفي حجرها فضمتني إليها وإن يدي لفي يد بعضهم وظننت أن القوم يبصرونهم فإذا هم لا يبصرونهم فجاء بعض الحي فقال هذا غلام أصابه لمم أو طائف من الجن فانطلقوا بنا وقالت فاطمة به إلى الكاهن ينظر إليه ويداويه فقلت لهم وقالت فاطمة له يا هذا ليس في شئ مما تذكرون أرى نفسي وقال الخلال إن لي نفس سليمة وفؤادي صحيحا وليس بي قلبة فقال أبي وهو زوج ظئري ألا ترون كلامه صحيحا وقالت فاطمة ألا ترون بني كلامه كلام صحيح إني لأرجو أن لا يكون بابني بأس فاتفق القوم على أن يذهبوا بي إلى الكاهن فاحتملوني حتى ذهبوا إليه فقصوا عليه قصتي فقال اسكتوا حتى أسمع من الغلام فإنه أعلم بأمره فقصصت عليه أمري أوله وآخره وقالت فاطمة من أوله إلى آخره فلما سمع مقالتي ضمني إلى صدره ونادى بأعلا صوته قال يا آل العرب اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه فواللات والعزى لئن تركتموه ليبدلن دينكم وليسفهن أحلامكم وأحلام آبائكم وليخالفن أمركم وليأتين بدين لم تسمعوا بمثله قال فانتزعني ظئري من يده قالت وقال الخلال قال لأنت أعته منه وأجن ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به ثم احتملوني وردوني إلى أهلي فأصبحت مغموما وقالت فاطمة مغمرا بما فعل بي وأصبح أثر الشق ما بين صدري إلى منتهى عانتي كأنه شراك فذلك وقالت فاطمة ذاك حقيقة قولي وبدو شأني فقال العامري أشهد أن لا إله إلا الله وأن أمرك حق فائتني بأشياء اسالك عنها قال سل عنك وكان يقول للسائلين قبل ذلك مثل عما بدا لك فقال يومئذ للعامري سل عنك فإنها لغة بني عامر فكلمه بما يعرف فقال العامري أخبرني يا ابن عبد المطلب ماذا يزيد في الشر قال التمادي قال فهل ينفع البر بعد الفجور قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم إن التوبة تغسل الحوبة والحسنات وقالت فاطمة وإن الحسنات يذهبن السيئات وإذا ذكر العبد ربه زادت فاطمة في الرجاء وقالا أغاثه عند البلاء قال العامري وكيف ذلك يا ابن عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بأن الله تعالى يقول لا أجمع لعبدي أبدا أمنين ولا أجمع له خوفين إن هو أمنني في الدنيا خوف يوم أجمع فيه عبادي في حظيرة القدس فيدوم له أمنه ولا أمحقه فيمن أمحق فقال وقالت فاطمة قال العامري يا ابن عبد المطلب إلى ما تدعوا قال أدعوا إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له وأن تخلع الأنداد وتكفر باللات والعزى وتقر بما جاء من الله من كتاب ورسوله وتصلي الصلوات الخمس بحقائقهم وتصوم شهرا من السنة وتؤدي زكاة مالك فيطهرك الله تعالى به ويطيب لك مالك وتحج البيت إذا وجدت إليه سبيلا وتغسل من الجنابة وتقر بالبعث بعد الموت وبالجنة والنار قال يا ابن عبد المطلب إن فعلت هذا فما لي قال النبي " جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى " قال يا ابن عبد المطلب هل مع هذا من الدنيا شئ فإنه تعجبنا الوطاءة من العيش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم النصر والتمكين في البلاد قال فأجاب العامري وأناب.

[حلية الأولياء – لأبي نعيم] (5/ 188- 189)
: • حدثنا عبد الله بن محمد ثنا أحمد بن محمد بن مصقلة قال ثنا رزق الله ابن موسى ثنا محمد بن يعلى الكوفي ثنا عمر بن صبح عن ثور بن يزيد عن مكحول عن شداد بن أوس. قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا على باب الحجرات إذ أقبل شيخ من بني عامر هو مدرة قومه وسيدهم مع شيخ كبير يتوكأ على عصا فمثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبه إلى جده، فقال يا ابن عبد المطلب أخبرني ماذا يزيد في العلم؟ قال التعلم، قال فما يزيد في الشر؟ قال التمادى، قال فهل ينفع البر بعد الفجور؟ قال نعم! التوبة تغسل الحوبة، والحسنات يذهبن السيئات، وإذا ذكر العبد ربه في الرخاء أجابه عند البلاء، قال يا ابن عبد المطلب وكيف ذاك؟ قال لأن الله عز وجل يقول: وعزتي وجلالي لا أجمع أبدا لعبدي أمنين، ولا أجمع عليه أبدا خوفين، إن هو أمنني في الدنيا خافني يوم أجمع فيه عبادي لميقات يوم معلوم فيدوم له خوفه، وإن هو خافني في الدنيا أمنني يوم أجمع فيه عبادي في حظيرة القدس فيدوم له أمنه، ولا أمحقه فيمن أمحق. غريب من حديث مكحول وثور لم نكتبه إلا من حديث محمد بن يعلى الكوفى.