الموسوعة الحديثية


- في حديثِ الإفكِ قالت فقام سعدُ بنُ عُبادةَ وهو سيِّدُ الخزرَجِ وكان قبل ذلك رجلًا صالحًا ولكن حمَلتْه الحميَّةُ
خلاصة حكم المحدث : له طرق كثيرة إلا أن هذا طريق غريب لم يكتبه إلا من هذا الوجه
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن عساكر | المصدر : تاريخ دمشق الصفحة أو الرقم : 20/262
التخريج : أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (23/ 102) (147) واللفظ له في أثناء حديث طويل، والبخاري (2661)، وأحمد (25623) باختلاف يسير في أثناء حديث طويل.
التصنيف الموضوعي: توبة - حادثة الإفك رقائق وزهد - العصبية مناقب وفضائل - سعد بن عبادة مناقب وفضائل - فضائل الأنصار آداب عامة - الأخلاق المذمومة
|أصول الحديث

أصول الحديث:


[تاريخ دمشق - لابن عساكر] (20/ 262)
أخبرنا أبو عبد الله الخلال أنا إبراهيم بن منصور أنا أبو بكر بن المقرئ ثنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل بأنطاكية ثنا هارون بن موسى بن أبي علقمة الفروي بالمدينة ثنا إسحاق بن محمد الفروي ثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد وعن عبيد الله بن عمر عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) في حديث الإفك قالت فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن حملته الحمية. ولهذا الحديث عندنا طرق كثيرة إلا أن هذا طريق غريب لم يكتبه إلا من هذا الوجه

 [المعجم الكبير – للطبراني] (23/ 102)
147 - حدثنا العباس بن محمد المجاشعي، ثنا محمد بن أبي يعقوب الكرماني، ثنا سهل بن يوسف، ثنا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وعلقمة بن وقاص، وعروة بن الزبير، عن حديث عائشة قالت: - لما قال أصحاب الإفك ما قالوا، فبرأها الله وكلهم حدثني طائفة من حديثها وبعضهم كان أثبت لحديثها وأحسن اقتصاصا -، قالوا: قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أو وجها أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها أخرجها معه، قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزاة غزاها فخرج فيها سهمي، وذلك بعدما أنزلت آية الحجاب، فخرجت معه وأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، والنساء إذ ذاك خفاف، قالت: فآذن رسول الله ليلة بالرحيل، فقمت فجاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي فلمست صدري فوجدت عقدا من جزع أظفار سقطت، فرجعت فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين يرحلون هودجي، فاحتملوا هودجي وهم يحسبون أني فيه فرحلوني على بعيري الذي كنت أركب، ثم انطلقوا يقودونه، فجئت منازلهم ليس بها داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت به وعرفت أنهم سيفقدونني، فيبغوني، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، فأقبل صفوان بن المعطل، وكان من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان، فعرفني، وكان يراني قبل أن ينزل الحجاب، فاسترجع فاستيقظت باسترجاعه، فأناخ لي راحلته، فوطئ لي فركبتها، فانطلق يقود بي حتى جئنا الناس في نحر الظهيرة، وقد هلك من هلك، فلما قدمنا المدينة اشتكيت شهرا لا أشعر بالشر، غير أنه يريبني أني لا أرى من رسول الله اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل فيسلم قائما، ويقول: كيف تيكم؟ ولا أشعر بالشر، فلما نقهت من مرضي، خرجت أنا وأم مسطح بن أثاثة إلى المناصع، وهو متبرزنا، إنما نخرج ليلا إلى ليل، إنما نأكل العلقة من الطعام، وأمرنا أمر العرب الأول، وكنا نتأذى أن تتخذ الكنف قرب بيوتنا، فلما قضينا شأننا أقبلت إلى منزلي، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح، قالت: قلت لها: بئس ما قلت، أتسبين رجلا قد شهد بدرا؟، قالت: أي هنتاه أولم تسمعي ما قال؟، قلت: ماذا قال؟، قالت: كذا وكذا، قالت: فازددت مرضا على مرضي، فلما جاء رسول الله قلت: ائذن لي فآتي أبوي، وأنا أريد حينئذ أن أستيقن الخبر من قبلهما، قالت: فأذن لي، فجئت أمي فقلت: يا أمه ماذا يتحدث الناس؟، فقالت: يا بنية هوني عليك، فإنه قل ما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها لها كنائن إلا أكثرن عليها، قالت: قلت: سبحان الله أوقد تحدث الناس بهذا، فمكثت ليلتي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، فلما أبطأ على رسول الله الوحي دعا عليا وأسامة يستشيرهما في فراق أهله، فأما أسامة فأشار على رسول الله بما يعلم من براءة أهله، وما يعلم في نفس رسول الله من الود، فقال: يا رسول الله أهلك والله ما علمنا إلا خيرا، وأما علي فقال: لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الخادم تصدقك، قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال: أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك؟ ، فقالت: لا، والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها من أمر قط أغمصها به إلا أنها جارية حديثة السن، فتنام فتأتي الداجن فتأكل العجين، فلما قام رسول الله فرقى، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي والله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ، فقام سعد بن معاذ فقال: يا رسول الله أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا أمرك، فقام سعد بن عبادة وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن حملته الحمية، فقال لسعد بن معاذ: كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، فقال أسيد بن حضير: كذبت لعمر الله ليقتلنه، قالت: فتثاور الحيان الأوس والخزرج، فلم يزل رسول الله يخفضهم ويسكتهم حتى سكتوا، قالت: فبكيت ليلتي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، وأصبح عندي أبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار فجلست تبكي معي، فبينا نحن على ذلك دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قعد والله ما قعد عندي منذ قيل لي ما قيل قبلها فتشهد، ثم قال: أما بعد يا عائشة، فقد بلغني كذا وكذا، فإن كنت ألممت بذنب فاعترفي وتوبي إلى الله واستغفري، فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تاب الله عليه ، فلما قضى رسول الله مقالته، قلص دمعي ما أحس منه قطرة، فقلت: يا أمه أجيبي رسول الله، قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله، قالت: قلت: يا أبه أجب رسول الله، قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله، فقلت: وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ كثيرا من القرآن: والله لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم، ولئن قلت إني لبريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني، ولا أجد لي ولكم مثلا، إلا قول أبي يوسف: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} [يوسف: 18] ، ثم وليت وجهي إلى الجدار والله يعلم أني بريئة، ولنفسي كانت أحقر عندي من أن ينزل الله في وحيا وتلاوة، ولكن كنت أرى أن يرى رسول الله رؤيا فيبرئني الله بها، قالت: والله ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجلسه، ولا رام أهل البيت حتى أخذته البرحاء التي كانت تأخذه حين ينزل عليه الوحي، حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل الوحي، فسري عن رسول الله وهو يضحك، فقال: يا عائشة أما والله فقد برأك الله ، فقالت لي أمي: قومي إلى رسول الله، قلت: والله لا أقوم ولا أحمد إلا الله، قالت: وكان الذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي بن سلول، قالت: وقد كان أبو بكر ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته ويتمه، فقال أبو بكر: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا، فأنزل الله: {ولا يأتل أولو الفضل منكم} الآية، {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} [النور: 22] ، فقال أبو بكر: بلى يا رب، فرد على مسطح نفقته

[صحيح البخاري] (3/ 173)
2661 - حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود، وأفهمني بعضه أحمد، حدثنا فليح بن سليمان، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص الليثي، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها الله منه، قال الزهري: وكلهم حدثني طائفة من حديثها، وبعضهم أوعى من بعض، وأثبت له اقتصاصا، وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني عن عائشة، وبعض حديثهم يصدق بعضا زعموا أن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها، خرج بها معه، فأقرع بيننا في غزاة غزاها، فخرج سهمي، فخرجت معه بعد ما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودج، وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل، فلمست صدري، فإذا عقد لي من جزع أظفار قد انقطع، فرجعت، فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، فأقبل الذين يرحلون لي، فاحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يثقلن ولم يغشهن اللحم، وإنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم حين رفعوه ثقل الهودج، فاحتملوه وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منزلهم وليس فيه أحد، فأممت منزلي الذي كنت به، فظننت أنهم سيفقدونني، فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة غلبتني عيناي، فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين أناخ راحلته فوطئ يدها، فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا معرسين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك، وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول، فقدمنا المدينة، فاشتكيت بها شهرا والناس يفيضون من قول أصحاب الإفك، ويريبني في وجعي، أني لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أمرض، إنما يدخل فيسلم، ثم يقول: كيف تيكم، لا أشعر بشيء من ذلك حتى نقهت، فخرجت أنا وأم مسطح قبل المناصع متبرزنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في البرية أو في التنزه، فأقبلت أنا وأم مسطح بنت أبي رهم نمشي، فعثرت في مرطها، فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت، أتسبين رجلا شهد بدرا، فقالت: يا هنتاه، ألم تسمعي ما قالوا؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم فقال: كيف تيكم، فقلت: ائذن لي إلى أبوي، قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما، فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت أبوي فقلت لأمي: ما يتحدث به الناس؟ فقالت: يا بنية هوني على نفسك الشأن، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر، إلا أكثرن عليها، فقلت: سبحان الله، ولقد يتحدث الناس بهذا، قالت: فبت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي، يستشيرهما في فراق أهله، فأما أسامة، فأشار عليه بالذي يعلم في نفسه من الود لهم، فقال أسامة: أهلك يا رسول الله، ولا نعلم والله إلا خيرا، وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، فقال: يا بريرة هل رأيت فيها شيئا يريبك؟، فقالت بريرة: لا والذي بعثك بالحق، إن رأيت منها أمرا أغمصه عليها قط، أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن العجين، فتأتي الداجن فتأكله، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه، فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي، فقام سعد بن معاذ، فقال: يا رسول الله، أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا، ففعلنا فيه أمرك، فقام سعد بن عبادة - وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية - فقال: كذبت لعمر الله، لا تقتله، ولا تقدر على ذلك، فقام أسيد بن حضير فقال: كذبت لعمر الله، والله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس، والخزرج حتى هموا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فنزل، فخفضهم حتى سكتوا، وسكت وبكيت يومي لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندي أبواي، وقد بكيت ليلتين ويوما حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، قالت: فبينا هما جالسان عندي، وأنا أبكي، إذ استأذنت امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي، فبينا نحن كذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس ولم يجلس عندي من يوم قيل في ما قيل قبلها، وقد مكث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء، قالت: فتشهد ثم قال: يا عائشة، فإنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة، فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب تاب الله عليه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته، قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، وقلت لأبي: أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: وأنا جارية حديثة السن، لا أقرأ كثيرا من القرآن، فقلت: إني والله لقد علمت أنكم سمعتم ما يتحدث به الناس، ووقر في أنفسكم وصدقتم به، ولئن قلت لكم إني بريئة، والله يعلم إني لبريئة لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر، والله يعلم أني بريئة لتصدقني، والله ما أجد لي ولكم مثلا، إلا أبا يوسف إذ قال: {فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون} [يوسف: 18]، ثم تحولت على فراشي وأنا أرجو أن يبرئني الله، ولكن والله ما ظننت أن ينزل في شأني وحيا، ولأنا أحقر في نفسي من أن يتكلم بالقرآن في أمري، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله، فوالله ما رام مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت، حتى أنزل عليه الوحي، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في يوم شات، فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها، أن قال لي: يا عائشة احمدي الله، فقد برأك الله، فقالت لي أمي: قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لا والله، لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله، فأنزل الله تعالى: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم} الآيات، فلما أنزل الله هذا في براءتي، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد ما قال لعائشة، فأنزل الله تعالى: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا} إلى قوله {غفور رحيم} [البقرة: 173] فقال أبو بكر: بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح الذي كان يجري عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش عن أمري، فقال: يا زينب، ما علمت ما رأيت، فقالت: يا رسول الله، أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت عليها إلا خيرا، قالت: وهي التي كانت تساميني، فعصمها الله بالورع قال: وحدثنا فليح، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة، وعبد الله بن الزبير مثله، قال: وحدثنا فليح، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر مثله

[مسند أحمد] (42/ 404)
25623 - حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن حديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها الله عز وجل، وكلهم حدثني بطائفة من حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض، وأثبت اقتصاصا، وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني، وبعض حديثهم يصدق بعضا ذكروا أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بعدما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي، وأنزل فيه مسيرنا، حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوه، وقفل ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني، أقبلت إلى الرحل، فلمست صدري، فإذا عقد من جزع أظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي، فاحتبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي، فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه، قالت وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلهن، ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه، وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل، وساروا، فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أن القوم سيفقدوني، فيرجعوا إلي فبينما أنا جالسة في منزلي، غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل أن يضرب علي الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، فوالله ما كلمني كلمة، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته، فوطئ على يدها، فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة، حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك في شأني، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول، فقدمت المدينة فاشتكيت حين قدمنا شهرا، والناس يفيضون في قول أهل الإفك، ولم أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي، أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم، ثم يقول: كيف تيكم؟ فذاك يريبني، ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت، وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع، وهو متبرزنا، ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل أن تتخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، وانطلقت أنا وأم مسطح - وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمها بنت صخر بن عامر، خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب - وأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها، فقالت: تعس مسطح، فقلت لها: بئس ما قلت، تسبين رجلا قد شهد بدرا قالت: أي هنتاه أولم تسمعي ما قال؟ قلت: وماذا قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضا إلى مرضي، فلما رجعت إلى بيتي، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: كيف تيكم؟ قلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما، فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أبوي، فقلت لأمي: يا أمتاه ما يتحدث الناس؟ فقالت أي بنية هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها، ولها ضرائر إلا كثرن عليها، قالت قلت: سبحان الله أوقد تحدث الناس بهذا؟ قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت، لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود، فقال: يا رسول الله هم أهلك، ولا نعلم إلا خيرا، وأما علي بن أبي طالب فقال: لم يضيق الله عز وجل عليك، والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك، قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، قال: أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟ قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ، فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: أعذرك منه يا رسول الله؟ إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، قالت: فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، وكان رجلا صالحا، ولكن اجتهلته الحمية، فقال لسعد بن معاذ: لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عم سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا، وسكت. قالت: وبكيت يومي ذاك لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي، قالت: فبينما هما جالسان عندي، وأنا أبكي، استأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنت لها فجلست تبكي معي، فبينما نحن على ذلك، دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم، ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء، قالت: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس، ثم قال: أما بعد يا عائشة فإنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله عز وجل، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، ثم توبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنب، ثم تاب تاب الله عليه ، قالت: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال فقال: ما أدري والله ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن، إني والله قد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا، حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، ولئن قلت لكم إني بريئة، والله عز وجل يعلم أني بريئة، لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر والله عز وجل يعلم أني بريئة تصدقوني، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا، إلا كما قال أبو يوسف {فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون} [يوسف: 18] قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، قالت: وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله عز وجل مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله عز وجل في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا، يبرئني الله عز وجل بها، قالت: فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله عز وجل على نبيه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي أنزل عليه، قالت: فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: " أبشري يا عائشة، أما الله عز وجل فقد برأك، فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله عز وجل، هو الذي أنزل براءتي، فأنزل الله عز وجل: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم} عشر آيات، فأنزل الله عز وجل هذه الآيات براءتي، قالت: فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره، والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة، فأنزل الله عز وجل: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة} إلى قوله {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} [النور: 22] فقال أبو بكر: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: لا أنزعها منه أبدا، قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن أمري، ما علمت أو ما رأيت أو ما بلغك؟ قالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، وأنا ما علمت إلا خيرا، قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله عز وجل بالورع، وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها، فهلكت فيمن هلك ". قال: ابن شهاب: فهذا ما انتهى إلينا من أمر هؤلاء الرهط.