الموسوعة الحديثية


- دخل على عَائِشَةَ ونحن عندها جلوسٌ مَرْجِعَهُ من العراقِ لياليَ قَتْلِ عليِّ بنِ أبي طَالِبٍ رضي اللهُ عنه - فقالتْ لَهُ يا ابنَ شَدَّادِ بنِ الهَادِ هل أَنْتَ صادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ؟ حَدِّثْنِي عن هؤلاءِ القَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عليُّ بنُ أبي طالبٍ ؟ قال ومَا لِي لا أَصْدُقُكِ قالتْ فَحَدِّثْنِي عن قِصَّتِهِمْ قال فإِنَّ عليَّ بنَ أبي طَالِبٍ لمَّا كَاتَبَ معاويةَ وحَكَمَ الحَكَمَانِ خرج عليْه ثَمَانِيَةُ آلَافٍ من قُرَّاءِ النَّاسِ فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالُ لها حَرُورَاءُ - من جَانِبِ الكُوفَةِ - وإنَّهُمْ عَتَبُوا عليْه فَقَالُوا انْسَلَخْتَ من قمِيصٍ كسَاكَهُ اللهُ اسْمٌ سَمَّاكَ اللهُ بِهِ ثمَّ انْطَلَقْتَ فَحَكَّمْتَ في دِينِ اللهِ فَلَا حُكْمَ إِلَّا للهِ فَلمَّا بَلَغَ عَلِيًّا ما عَتَبُوا عليْه وفَارَقُوهُ عليْه فَأَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ أنْ لا يَدْخُلَ على أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ إِلَّا مَنْ قَدْ حَمَلَ القُرْآنَ فلمَّا امْتَلَأَتِ الدَّارُ من قُرَّاءِ الناسِ دَعَا بِمُصْحَفِ إمامٍ عَظِيمٍ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَصُكَّهُ بِيَدِهِ ويَقُولُ أَيُّهَا المُصْحَفُ حَدِّثِ النَّاسَ فَنَادَاهُ النَّاسُ فَقَالُوا يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ما تَسْأَلُ عنه إِنَّمَا هو مِدَادٌ في ورَقٍ يَتَكَلَّمُ بِمَا رَأَيْنَا مِنْهُ فَمَا تُرِيدُ؟ قال أَصْحابُكُمْ أُولَاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا بَيْنِي وبَيْنَهُمْ كِتابُ اللهِ يقولُ اللهُ في كِتابِه في امْرَأَةٍ ورَجُلٍ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا من أَهْلِهِ وحَكَمًا من أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا فَأُمَّةُ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَعْظَمُ حُرْمَةً أَوْ ذِمَّةً من رَجُلٍ وامْرَأَةٍ ونَقَمُوا عَلَيَّ أَنِّي لمَّا كَاتَبْتُ معاويةَ كَتَبْتُ عَلِيَّ بنَ أبي طَالِبٍ وقَدْ جاء سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو فكتبَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال لا تَكْتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قال وكَيْفَ نَكْتُبُ؟ قال سُهَيْلٌ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَاكْتُبْ مُحَمَّدٌ رسولُ اللهِ فقال لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رسولُ اللهِ لَمْ أُخالِفْكَ فَكَتَبَ هذا ما صالَحَ عليْه مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ قُرَيْشًا يقولُ اللهُ في كِتابِهِ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رسولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ والْيَوْمَ الآخِرَ فَبَعَثَ إليهمْ عبدَ اللهِ بنَ عَبَّاسٍ فَخَرَجْتُ مَعَهُ حتى إِذَا تَوَسَّطْنَا عَسْكَرَهُمْ قام ابنُ الكَوَّاءِ فخطبَ الناسَ فقال يا حَمَلَةَ القُرْآنِ هذا عبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ فَلْيَعْرِفْهُ فَأَنَا أَعْرِفُهُ من كِتابِ اللهِ هذا مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ وفِي قَوْمِهِ قَوْمٌ خَصِمُونَ فَرُدُّوهُ إلى صاحِبِهِ ولَا تُوَاضِعُوهُ كِتابَ اللَّهِ قَالَ فَقَامَ خُطَباؤُهُمْ فَقَالُوا واللهِ لَنُوَاضِعَنَّهُ الكِتابَ فَإِنْ جَاءَ بِالْحَقِّ نَعْرِفُهُ لَنَتَّبِعَنَّهُ وإِنْ جَاءَ بِباطِلٍ لَنُبَكِّتَنَّهُ بِباطِلٍ ولَنَرُدَّنَّهُ إلى صاحِبِهِ فَوَاضَعُوا عَبْدَ اللهِ بنَ عَبَّاسٍ الكِتابَ ثلاثةَ أَيَّامٍ فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ كلُّهُمْ تائِبٌ فِيهِمُ ابنُ الكَوَّاءِ حتى أَدْخَلَهُمْ عَلِيٌّ على الكُوفَةَ فَبَعَثَ عَلِيٌّ إلى بَقِيَّتِهِمْ قال قَدْ كَانَ من أَمْرِنَا وأَمْرِ النَّاسِ ما قَدْ رَأَيْتُمْ فَقِفُوا حَيْثُ شِئْتُمْ بَيْنَنَا وبَيْنَكُمْ أنْ لا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا أَوْ تَقْطَعُوا سبيلًا أو تَظْلِمُوا ذمَّةً فإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ فَقَدْ نَبَذْنَا إِلَيْكُمُ الحَرْبَ على سَوَاءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الخائِنِينَ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يا ابنَ شَدَّادٍ فقد قتلهُمْ؟ قال فواللهِ ما بعثَ إليهمْ حتى قَطَعُوا السَّبِيلَ وسفكُوا الدِّماءَ واسْتَحَلُّوا الذِّمَّةَ فَقَالَتْ واللَّهِ؟ قال واللهِ الذي لا إِلَهَ إِلَّا هو لقد كَانَ قالتْ فَمَا شيءٌ بَلَغَنِي عن أَهْلِ العِرَاقِ يَتَحَدَّثُونَهُ يَقُولُونَ ذَا الثُّدَيَّةِ؟ مَرَّتَيْنِ قال قَدْ رَأَيْتُهُ وقُمْتُ مع عَلِيٍّ عليْه في القَتْلَى فَدَعَا النَّاسَ فقال أَتَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ جَاءَ يقولُ رَأَيْتُهُ في مَسْجِدِ بَنِي فُلَانٍ يُصَلِّي ولَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِثَبْتٍ يُعْرَفُ إِلَّا ذَاكَ قالتْ فَمَا قَوْلُ عَلِيٍّ حِينَ قَامَ عليْه كَمَا يَزْعُمُ أَهْلُ العِرَاقِ؟ قال سَمِعْتُهُ يقولُ صَدَقَ اللهُ ورَسُولُهُ قالتْ فهل رَأَيْتَهُ قال غَيْرَ ذَلِكَ؟ قال اللَّهُمَّ لا قالتْ أَجَلْ صَدَقَ اللهُ ورَسُولُهُ يَرْحَمُ اللهُ عَلِيًّا إنَّه كَانَ من كَلَامِهِ لا يَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ إِلَّا قال صَدَقَ اللهُ ورَسُولُهُ فَيَذْهَبُ أَهْلُ العِرَاقِ فَيَكْذِبُونَ عليْه ويَزِيدُونَ في الحَدِيثِ
خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات
الراوي : عبدالله بن شداد | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد الصفحة أو الرقم : 6/238
التخريج : أخرجه أبو يعلى (474)، واللفظ له، وأحمد (656)، والمقدسي في ((الأحاديث المختارة)) (605)، باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: فتن - موقعة صفين مغازي - صلح الحديبية مناقب وفضائل - علي بن أبي طالب حدود - قتل الخوارج وأهل البغي
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

أصول الحديث:


مسند أبي يعلى (1/ 367 ت حسين أسد)
: 474 - حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، حدثنا يحيى بن سليم، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري، أنه جاء عبد الله بن شداد، فدخل على عائشة، ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق ليالي قتل علي بن أبي طالب، فقالت له: يا ابن شداد بن الهاد هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ حدثني عن القوم الذين قتلهم علي، قال: وما لي لا أصدقك؟، قالت: فحدثني، عن قصتهم، قال: فإن علي بن أبي طالب لما كاتب معاوية ‌وحكم ‌الحكمان ‌خرج ‌عليه ‌ثمانية ‌آلاف من قراء الناس، فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة، وأنهم عتبوا عليه، فقالوا: انسلخت من قميص كساكه الله ، واسم سماك الله به، ثم انطلقت فحكمت في دين الله فلا حكم إلا لله، فلما بلغ عليا ما عتبوا عليه وفارقوه عليه، أمر مؤذنا فأذن أن لا يدخلن على أمير المؤمنين إلا من قد حمل القرآن، فلما امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم فوضعه علي بين يديه فطفق يصكه بيده ويقول: أيها المصحف حدث الناس، فناداه الناس: يا أمير المؤمنين ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق، ونحن نتكلم بما رأينا منه، فما تريد؟ قال: أصحابكم أولاء الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله، يقول الله في كتابه في امرأة ورجل: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} [[النساء: 35]] فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم حرمة، أو ذمة، من امرأة ورجل، ونقموا علي أني كاتبت معاوية، كتبت علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم، قال: لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم، قال: وكيف نكتب، فقال سهيل: اكتب: باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فاكتب: محمد رسول الله "، فقال: لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك، فكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله قريشا، يقول الله في كتابه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} [[الأحزاب: 21]] فبعث إليهم عبد الله بن عباس، فخرجت معه حتى إذا توسطت عسكرهم، قام ابن الكواء فخطب الناس، فقال: أيا حملة القرآن، هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فليعرفه، فإنما أعرفه من كتاب الله، هذا ممن نزل فيه وفي قومه {قوم خصمون} [[الزخرف: 58]] فردوه إلى صاحبه، ولا تواضعوه كتاب الله، قال: فقام خطباؤهم، فقالوا: والله لنواضعنه الكتاب، فإن جاءنا بحق نعرفه لنتبعنه، وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطل، ولنردنه إلى صاحبه، فواضعوا عبد الله بن عباس الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف، كلهم تائب، فيهم ابن الكواء حتى أدخلهم على علي الكوفة، فبعث علي إلى بقيتهم، قال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، فقفوا حيث شئتم، بيننا وبينكم ألا تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا ذمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء {إن الله لا يحب الخائنين} [[الأنفال: 58]]، قال: فقالت له عائشة: يا ابن شداد فقد قتلهم؟، قال: فوالله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدماء، واستحلوا الذمة، قالت: والله؟، قال: والله الذي لا إله إلا هو لقد كان، قالت: فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثونه يقولون: ذا الثدية مرتين، قال: قد رأيته وقمت مع علي عليه في القتلى، فدعا الناس فقال: هل تعرفون هذا فما أكثر من جاء يقول: رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذلك، قالت: فما قول علي حين قام عليه، كما يزعم، أهل العراق؟، قال: سمعته، يقول: صدق الله ورسوله، قالت: فهل سمعت أنه قال غير ذلك؟، قال: اللهم لا، قالت: أجل، صدق الله ورسوله، يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله، فذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون عليه في الحديث

مسند أحمد (2/ 84 ط الرسالة)
: 656 - حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع، حدثني يحيى بن سليم، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري، قال: جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة، ونحن عندها جلوس، مرجعه من العراق ليالي قتل علي، فقالت له: يا عبد الله بن شداد، هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي. قال: وما لي لا أصدقك؟ قالت: فحدثني عن قصتهم. قال: فإن عليا لما كاتب معاوية، وحكم الحكمين، خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، فنزلوا بأرض يقال لها: حروراء، من جانب الكوفة، وإنهم عتبوا عليه فقالوا: انسلخت من قميص ألبسكه الله تعالى، واسم سماك الله تعالى به، ثم انطلقت فحكمت في دين الله، فلا حكم إلا لله تعالى. فلما أن بلغ عليا ما عتبوا عليه، وفارقوه عليه، فأمر مؤذنا فأذن: أن ‌لا ‌يدخل ‌على ‌أمير ‌المؤمنين ‌إلا ‌رجل ‌قد ‌حمل ‌القرآن. فلما أن امتلات الدار من قراء الناس، دعا بمصحف إمام عظيم، فوضعه بين يديه، فجعل يصكه بيده ويقول: أيها المصحف، حدث الناس. فناداه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق، ونحن نتكلم بما روينا منه، فماذا تريد؟ قال: أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا، بيني وبينهم كتاب الله عز وجل، يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما} [[النساء: 35]]، فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل. ونقموا علي أن كاتبت معاوية: كتب علي بن أبي طالب، وقد جاءنا سهيل بن عمرو، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية، حين صالح قومه قريشا، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل: لا تكتب : بسم الله الرحمن الرحيم. فقال: " كيف نكتب ؟ " فقال: اكتب: باسمك اللهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فاكتب: محمد رسول الله " فقال: لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك. فكتب: هذا ما صالح محمد بن عبد الله قريشا. يقول الله تعالى في كتابه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} [[الأحزاب: 21]]. فبعث إليهم علي عبد الله بن عباس فخرجت معه، حتى إذا توسطنا عسكرهم، قام ابن الكواء يخطب الناس، فقال: يا حملة القرآن، إن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله ما يعرفه به، هذا ممن نزل فيه وفي قومه: {قوم خصمون} [[الزخرف: 58]]، فردوه إلى صاحبه، ولا تواضعوه كتاب الله. فقام خطباؤهم فقالوا: والله لنواضعنه كتاب الله، فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه، وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطله. فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب، فيهم ابن الكواء، حتى أدخلهم على علي الكوفة، فبعث علي إلى بقيتهم، فقال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، فقفوا حيث شئتم، حتى تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دما حراما، أو تقطعوا سبيلا، أو تظلموا ذمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين. فقالت له عائشة: يا ابن شداد، فقد قتلهم! فقال: والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدم، واستحلوا أهل الذمة. فقالت: آلله؟ قال: آلله الذي لا إله إلا هو لقد كان. قالت: فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثونه؟ يقولون: ذو الثدي، وذو الثدي. قال: قد رأيته، وقمت مع علي عليه في القتلى، فدعا الناس فقال: أتعرفون هذا؟ فما أكثر من جاء يقول: قد رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ورأيته في مسجد بني فلان يصلي، ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذلك. قالت: فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق؟ قال: سمعته يقول: صدق الله ورسوله. قالت: هل سمعت منه أنه قال غير ذلك؟ قال: اللهم لا. قالت: أجل، صدق الله ورسوله، يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله، فيذهب أهل العراق يكذبون عليه، ويزيدون عليه في الحديث

[الأحاديث المختارة] (2/ 222)
: 605 - أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن الإخوة، وأم حبيبة عائشة بنت معمر بن عبد الواحد بن الفاخر - بأصبهان - أن سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي أخبرهم - قراءة عليه - أنا أحمد بن محمد بن النعمان، أنا محمد بن إبراهيم بن المقرئ، أنا إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي، ثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، ثنا سليم بن يحيى، ثنا ابن خيثم، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري أنه قال: جاء عبد الله بن شداد، ودخل على عائشة رضي الله عنها، ونحن عندها جلوسا مرجعه من العراق ليالي قتل علي بن أبي طالب فقالت له: يا عبد الله بن شداد، هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ تحدثني عن هؤلاء الذين قتلهم علي. قال: وما لي لا أصدقك؟ قالت: فحدثني عن قصتهم. قال: فإن عليا لما كاتب معاوية، ‌وحكم ‌الحكمان ‌خرج ‌عليه ‌ثمانية ‌آلاف من قراء الناس فنزلوا أرضا يقال لها: حروراء من جانب الكوفة، وإنهم عتبوا عليه. وقالوا: انسلخت من قميص ألبسكه الله عز وجل واسم سماك الله تعالى به، ثم تحكمت في دين الله تعالى، فلا حكم إلا لله، فلما أن بلغ عليا رضي الله عنه ما عتبوا عليه، وفارقوه فيه، أمر مناديا ينادي: ألا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن، فلما امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف، إماما عظيما، فوضعه بين يديه فطفق يصكه بيده، ويقول: أيها المصحف حدث الناس! فناداه الناس: يا أمير المؤمنين، ما تسأل عنه؟ ! إنما هو مداد في ورق، ونحن نتكلم بما روينا منه، فماذا تريد؟ قال: أصحابكم الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله عز وجل يقول الله في كتابه في امرأة ورجل: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها} فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم ذمة وحرمة من امرأة ورجل؟ ! ونقموا علي أن كاتبت معاوية: كتبت (علي بن أبي طالب) وقد جاءنا سهيل بن عمرو، ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية، حين صالح النبي صلى الله عليه وسلم قريشا، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل: لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فكيف نكتب؟ قال: اكتب: باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتب محمد رسول الله، فقال سهيل: لو أعلم أنك رسول الله، لم أخالفك، فكتب: محمد بن عبد الله، والله عز وجل يقول في كتابه: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} فبعث إليهم علي بن أبي طالب ابن عباس، وخرجت معه، فمشى حتى إذا توسطنا عسكرهم، قام ابن الكواء، فخطب الناس، فقال: يا حملة القرآن هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه، فأنا أعرفه إياه من كتاب الله عز وجل هذا مما أنزل فيه وفي قومه: {بل هم قوم خصمون} فردوه إلى صاحبه، ولا تواضعوه كتاب الله عز وجل. قال: فقام خطباؤهم فقالوا: والله لنواضعنه كتاب الله عز وجل فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه، وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطله، ولنردنه إلى صاحبه، فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام. فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب، فيهم ابن الكواء حتى أدخلهم على علي رضي الله عنه الكوفة فبعث علي إلى بقيتهم، فقال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، فقفوا حيث شئتم، حتى تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم وتدخلوا معهم حيث شئتم. بيننا وبينكم أن تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا ذمة، فإن أنتم فعلتم ذلك، فقد نبذنا إليكم: {على سواء إن الله لا يحب الخائنين}. فقالت عائشة: فقد قتلهم. قال: فوالله ما قتلهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدماء، وانتهكوا الكوفة. فقالت: آلله الذي لا إله إلا هو لقد كان؟ قال: آلله الذي لا إله إلا هو لقد كان. فقالت: ما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثونه يقولون: ذو الثدي؟ فقال: قد رأيته، وقمت عليه مع علي رضي الله عنه في القتلى، فدعا الناس، فقال: هل تعرفون هذا؟ فما أكثر من جاء يقول: رأيته في مسجد بني فلان يصلي، ورأيته في مسجد بني فلان يصلي، ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذلك. قالت: فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق؟ قال: سمعته يقول: صدق الله ورسوله. قالت: فهل سمعت منه أنه قال غير ذلك؟ قال: اللهم لا. قالت: أجل، صدق الله ورسوله، يرحم الله عليا، إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله، فيذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون عليه في الحديث.