الموسوعة الحديثية


- لمَّا كانتِ اللَّيلةُ الَّتي وُلِدَ فيها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ارتَجسَ إيوانُ كِسرى وسقَطَت منها أربعةُ عشرَ شُرافةَ وخَمدت نارُ فارِسَ ولم تخمَد قبلَ ذلك ألفَ عامٍ، وغاضَت بُحيرَةُ ساوَةَ فلمَّا أصبحَ كسرى أفزعَهُ ذلِكَ فصبرَ عليهِ تشجُّعًا إليه وأخبرَهم فلمَّا عيلَ صبرُهُ رأى أن لا يَسترَ ذلِكَ عن وزرائِهِ ومَرازبتِهِ فلبسَ تاجَهُ وقعدَ علَى سريرِهِ وجمعَهُم إليهِ وأخبرَهُم بما رأى فبَينا هم كذلِكَ إذ وردَ عليهمُ الكتابُ بخُمودِ النَّارِ فازدادَ غمًّا إلى غمِّهِ فقالَ الموبِذانُ: وأَنا أصلحَ اللَّهُ الملِكَ اللَّهُمَّ قد رأيتُ في هذِهِ اللَّيلةِ إبلًا ضِعافًا تقودُ خيلًا عِرابًا قد قطَعَت دجلةَ وانتشَرَت في بلادِها فقالَ: أيُّ شيءٍ يكونُ هذا يا موبذانُ وَكانَ أعلَمَهُم في أنفسِهِم قالَ: حادثٌ يكون في ناحيةِ العَربِ فَكَتبَ عندَ ذلِكَ: مِن كِسرى ملِكِ الملوكِ إلى النُّعمانِ بنِ المنذرِ أمَّا بعدُ فابعَث إليَّ برجلٍ عالِمٍ بما أريدُ أن أسألَهُ عنهُ فبَعثَ إليهِ بعبدِ المسيحِ بنِ عمرِو بنِ حيَّانَ بنِ بَقلةَ الغسَّانيِّ فلما قدِمَ عليه قال: أعندَكَ علمٌ بما أريدُ أن أسألَكَ عنهُ ؟ قالَ: لِيُخبِرني الملِكُ فإن كانَ عِندي منهُ علمٌ أخبرتُهُ وإلَّا دَللتُهُ على مَن يخبرُهُ، فأخبرَهُ بما رأى فقالَ: عِلمُ ذلِكَ عندَ خالٍ لي يسكنُ مشارِفَ الشَّامِ يقالُ له سَطيحٌ قال: فأتِهِ فاسألهُ عمَّا أخبرتُكَ ثمَّ ائتِني بجوابِهِ فخرجَ عبدُ المسيحِ حتى قدِم سَطيحٍ وقد أشفَى على الموتِ فسلَّمَ عليهِ وحيَّاهُ فلَم يردَّ عليهِ جوابًا فأنشأ عبدُ المسيحِ يقولُ: أصُمَّ لَم يسمَعْ غطريفُ اليمَنْ... أم فازَ فأزلَمَّ به شأوُ العنَنْ يا فاصِل الخطَّةِ أعيَت مَنْ ومَنْ... أتاكَ شيخُ الحيِّ مِن آلِ سنَنْ وأمُّهُ من آلِ ذئبِ بنِ حَجَنْ... أزرقُ مُهمي النَّابِ صرَّارُ الأذُنْ أبيضُ فضفاضُ الرِّداءِ والبدَنْ... رسولُ قَيلَ العُجْمِ يَسري للوسَنْ لا يرهبُ الرَّعدَ ولا ريبَ الزَّمَنْ... تجوبُ بي الأرضَ علنداةٌ شَجَنْ ترفعُني وجنًا وتَهْوى بي وَجَنْ... حتَّى أتي عاري الجاجِئ والقطَنْ تلفُّهُ في الرِّيحِ بوغاءُ الدِّمَنْ... كأنَّما حُثْحِثَ من حضني ثَكَن فلمَّا سمعَ شعرَهُ رفع رأسه وقال عبدُ المسيحِ علَي جملٍ مُشيحٍ إلى سطيحٍ. وقد أوفى على ضريحٍ بعثَكَ ملِكُ بَني ساسانَ لارتِجاسِ الإيوانِ وخُمودِ النِّيرانِ ورُؤيا الموبذانِ رأى إبلًا ضِعافًا تقودُ خيلًا عِرابًا قد قَطَعَت دِجلةَ وانتشَرَتْ في بلادِها يا عبدَ المسيحِ إذا كثُرتِ التِّلاوةُ وظَهَرَ صاحبُ الهَراوةِ وخمدت نارُ فارسَ وغاضت بُحَيْرةُ ساوةَ وفاضَ وادي السَّماوةِ فليسَ الشَّامُ لسَطيحٍ شاما يملِكُ منهم ملوكٌ وملِكاتٍ علَى عددِ الشُّرفاتِ وَكُلُّ ما هوَ آتٍ آتٍ ثمَّ قضَى سطيحٌ مَكانَهُ ووثبَ عبد المسيح الغَسَّاني يقولُ: شَمِّر فإنَّكَ ماضي الهمَّ شِمِّيرُ... لا يُفْزِعَنَّكَ تفريقٌ وتغييرُ إنيمس ملِكُ بَني ساسانَ أفرطَهُم... فإنَّ ذا الدَّهرِ أطوارٌ دهاهيرُ فربَّما ربموا أضحَو بمنزلةٍ... تَهابُ صولَهُمُ الأسدُ المَهاصيرُ منهم أخو الصَّرحِ بَهْرامٌ وأخوتُهُ... والهرمُزانُ وسابورُ وسابورُ والنَّاسُ أولادُ عَلَّاتٍ فمَن علِموا... أن قد أقلَّ فمَحقورٌ ومَهجورُ وهُم بنوا الأمِّ أما إن رَأوا نَشبًا... فذاكَ بالغَيبِ مَحفوظٌ ومَنصورُ فالخيرُ والشَّرُّ مَقرونانِ في قَرَنٍ... فالخيرُ متَّبعٌ والشَّرُّ مَحذورُ فلمَّا قدمَ عبدُ المسيحِ على كِسرى أخبرَهُ بقولِ سَطيحٍ فقالَ كِسرَى: إلى أن يملِكَ منَّا أربعةَ عشرَ ملكًا قد كانَت أمورٌ قال: فملَكَ منهُم عشرةٌ أربعَ سنينَ وملَكَ الباقونَ إلى آخرِ خِلافةِ عُثمانَ رضيَ اللَّهُ عنهُ
خلاصة حكم المحدث : حسن غريب
الراوي : هانئ المخزومي | المحدث : النخشبي | المصدر : فوائد الحنائي الحنائيات الصفحة أو الرقم : 2/994
التخريج : أخرجه ابن عساكر (37/ 361)، واللفظ له، وابن قتيبة الدينوري في ((أعلام رسول الله)) (ص193)، وابن جرير الطبري في ((تاريخ الرسل والملوك)) (2/ 166)، بلفظ مقارب.
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - ميلاد النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أول أمره وإرضاعه فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - اعتراف القدماء بأعلام نبوته صلى الله عليه وسلم فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - ما كان عند أهل الكتاب في أمر نبوته صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث

أصول الحديث:


فوائد الحنائي = الحنائيات (2/ 990)
: 192-[200] كتب إلي أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس العبقسي من مكة يذكر أن أبا محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن المقرئ حدثهم قال: ثنا علي بن حرب قال: ثنا أبو أيوب يعلى بن عمران البجلي ذكر أنه من آل جرير بن عبد الله قال حدثني مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه وأتت له خمسون ومائة سنة قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى وسقطت منها أربعة عشر شرافة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك ألف عام وغاضت بحيرة ساوة [ورأى الموبذان إبلا ضعافا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها] فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك فصبر عليه تشجعا إليه وأخبرهم فلما عيل صبره رأى أن لا يستر ذلك عن وزرائه ومرازبته فلبس تاجه وقعد على سريره وجمعهم إليه وأخبرهم بما رأى فبينا هم كذلك إذ ورد عليهم الكتاب بخمود النار فازداد غما إلى غمه فقال الموبذان: وأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة إبلا ضعافا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها فقال: أي شيء يكون يا موبذان وكان أعلمهم في أنفسهم قال: حادث يكون في ناحية العرب فكتب عند ذلك: من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أما بعد فابعث إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه فبعث إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني فلما قدم عليه قال: أعندك علم عما أريد أن أسألك عنه؟ قال: ليخبرني الملك فإن كان عندي منه علم أخبرته وإلا دللته على من يخبره، فأخبره بما رأى فقال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح قال: فأته فاسأله عما أخبرتك ثم ائتني بجوابه فخرج عبد المسيح حتى قدم سطيح وقد أشفى على الموت فسلم عليه وحياه فلم يرد عليه جوابا فأنشأ عبد المسيح يقول: أصم لم يسمع غطريف اليمن … أم فاز فأزلم به شأو العنن يافاصل الخطة أعيت من ومن … أتاك شيخ الحي من آل سنن وأمه من آل ذئب بن حجن … أزرق مهر الناب صرار الأذن أبيض فضفاض الرداء والبدن … رسول قيل العجم يسري للوسن لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن … تجوب في الأرض علنداة شجن ترفعني وجنا وتهوي بي وجن … حتى أتى عاري الجاجئ والقطن تلفه في الريح بوغاء الدمن … كأنما حثحث من حضني ثكن فلما سمع شعره رفع رأسه وقال عبد المسيح علي جمل مشيح إلى سطيح. وقد أوفى على ضريح بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلا ضعافا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة وظهر صاحب الهراوة وخمدت نار فارس وغاضت بحيرة ساوة وفاض وادي السماوة فليس الشام لسطيح شاما يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات وكل ما هو آت آت ثم قضى سطيح مكانه ووثب عبد المسيح الغساني يقول: شمر فإنك ماضي الهم شمير … لا يفزعنك تفريق وتغيير إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم … فإن ذا الدهر أطوار دهارير فربما ربموا أضحو بمنزلة … تهاب صولهم الأسد المهاصير منهم أخو الصرح بهرام وإخوته … فالهرمزان وسابور وسابور والناس أولاد علات فمن علموا … أن قد أقل فمحقور ومهجور وهم بنوا الأم أما إن رأوا نشبا … فذاك بالغيب محفوظ ومنصور فالخير والشر مقرونان في قرن … فالخير متبع والشر محذور فلما قدم عبد المسيح على كسرى أخبره بقول سطيح فقال كسرى: إلى ‌أن ‌يملك ‌منا ‌أربعة ‌عشر ‌ملكا ‌قد ‌كانت أمور قال: فملك منهم عشرة أربع سنين وملك الباقون إلى آخر خلافة عثمان رضي الله عنه. هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه تفرد به أبو أيوب يعلى بن عمران البجلي ما كتبناه إلا من هذا الوجه وهو يدخل في دلائل نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم

[تاريخ دمشق - لابن عساكر] (37/ 361)
: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني بقراءتي عليه أنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي قال كتب إلي أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس العبقسي من مكة يذكر أن أبا محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن المقرئ حدثهم نا علي بن حرب نا أبو أيوب يعلى بن عمران البجلي ذكر انه من آل جرير بن عبد الله حدثني مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه وأتت له خمسون ومائة سنة قال لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرافة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك ألف عام وغاضت بحيرة ساوة فلما أصبح أفزعه ذلك فتصبر عليه تشجعا فلما عيل صبره رأى أن لا يستر ذلك عن وزرائه ومرازبته فلبس تاجه وقعد على سريره وجمعهم إليه فاخبرهم بما رأى فبينا هم كذلك إذ ورد عليه الكتاب بخمود النار فازداد غما إلى غمه فقال الموبذان وأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه اللية إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها فقال أي شيء يكون يا موبذان وكان أعلمهم في أنفسهم قال كان حادث يكون من ناحية العرب فكتب عند ذلك من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أما بعد فابعث إلى برجل عالم عما أريد أن أسأله عنه فبعث إليه بعبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيلة الغساني فلما قدم عليه قال أعندك علم عما أريد أن أسألك عنه قال ليخبرني الملك فإن كان عندي منه علم أخبرته وإلا دللته على من يخبره فاخبره بما رأى فقال علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح قال فأته فاسأله عما أخبرتك ثم ائتني بجوابه فخرج عبد المسيح حتى قدم على سطيح وقد أشفى على الموت فسلم عليه وحياه فلم يرد عليه سطيح جوابا فأنشأ عبد المسيح يقول * أصم أم يسمع غطريف اليمن * أم فاز فار لم به شأو الغبن يا فاصل الخطة أعيت من ومن * أتاك شيخ الحي من آل سنن وأمه من آل ذئب بن حجن * أزرق بهم الناب صرار الأذن أبيض فضفاض الرداء والبدن * رسول قيل العجم يسري الوسن لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن * تجوب بي الأرض علندات شجن ترفعني وجنا وتهوي بي وجن * حتى أتى عاري الجاجي والقطن يلفه في الريح بوغاء الدمن * كأنما حثحث من حضني ثكن * فلما سمع شعره رفع رأسه وقال عبد المسيح على جمل مشيح إلى سطيح وقد أوفى على ضريح بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة وظهر صاحب الهراوة وخمدت نار فارس وغاضت بحيرة ساوة وفاض وادي السماوة فليس الشام لسطيح شاما يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات وكل ما هو آت آت ثم قضى سطيح مكانه ووثب عبد المسيح الغساني يقول * شمر فإنك ماضي الهم شمير * لا يفزعنك تفريق وتغيير إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم * فإن ذا الدهر أطوار دهارير فربما ربما أضحوا بمنزلة * تهاب صولهم الأسد المهاصير منهم أخو الصرح بهرام وإخوته * والهرمزان وسابور وسابور والناس أولاد علات فمن علموا * أن قد أقل فمحقور ومهجور وهم بنو اما الأم إن رأوا نشبا * فذاك بالغيب محفوظ ومنصور فالخير والشر مقرونان في قرن * فالخير متبع والشر محذور * فلما قدم عبد المسيح على كسرى أخبره بقول سطيح فقال كسرى إلي أن يملك منا أربعة عشر ملكا قد كانت أمور فملك منهم عشرة أربع سنين وملك الباقون إلى آخر خلافة عثمان

أعلام رسول الله المنزلة على رسله (ص193)
: وحدثني محمد بن عبد العزيز، عن علي بن حرب، حدثنا أبو أيوب يعلى بن عمران البجلي من آل جرير بن عبد الله، قال: حدثني مخزوم بن هانئ المخزومي، عن أبيه- وأتت له مائة وخمسون سنة- قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله، أو قال بعث- ارتجس إيوان كسرى، فسقط منه أربعة عشر شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغارت بحيرة ساوة، فأفزع ذلك كسرى، وتصبر عليه، فلما عيل صبره، رأى أن يسأل عن ذلك وزراؤه ومرازبته، فلبس تاجه وقعد على سريره وجمعهم إليه، فأخبرهم، وقال الموبذان: وأنا أصلح الله الملك؛ قد رأيت في هذه الليلة إبلا صعابا وخيلا عرابا، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادنا، وقال: أي شيء هذا يا موبذان- وكان أعلمهم في أنفسهم- فقال: حادث يكون من ناحية العرب، فكتب في ذلك إلى النعمان بن المنذر: أما بعد، فابعث إلي برجل عالم أسأله عما أريد، فوجه إليه بعبد المسيح ابن عمرو بن بقيلة الغساني، فلما قدم عليه أخبره، فقال: أيها الملك علم ذلك عند خال لي سكن مشارف الشام، يقال له: سطيح. قال: فأته فاسأله عما أخبرتك به، ثم ائتني بجوابه، فركب عبد المسيح راحلته؛ حتى ورد على سطيح، وقد أشفى على الموت، فسلم عليه وحياه، فلم يرد عليه سطيح جوابا، فأنشأ عبد المسيح يقول: أصم أم يسمع غطريف اليمن … أم فاز فازلم به شأو العفن في أبيات، فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه وقال: عبد المسيح على جمل يسيح، إلى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، وذكرها، ثم قال: يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وبعث صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغارت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليست الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك على عدد الشرافات، وكل ما هو آت آت، فثار عبد المسيح إلى راحلته، وهو يقول: شمر فإنك ماضي الهم شمير … لا يفزعنك تفريق وتغيير إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم … فإن ذا الدهر أطوار دهارير فربما أصبحوا يوما بمنزلة … تهاب صولهم الأسد المهاصير منهم أخو الصرح بهرام وأخوته … والهرمزان وسابور وسابور والناس أولاد علات فمن علموا … أن قد أقل فمحقور ومهجور وهم بنو الأم أما إن رأوا نشبا … فذاك بالغيب محفوظ ومنصور والخير والشر مقرونان في قرن … فالخير متبع والشر محذور فلما قدم عبد المسيح على كسرى، أخبره بقول سطيح، فقال: كسرى إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا، قد كانت أمور

تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري (2/ 166)
: حدثنا علي بن حرب الموصلي، قال: حدثنا أبو أيوب يعلى بن عمران البجلي، قال: حدثني مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه- وأتت له خمسون ومائة سنة- قال: لما كانت ليله ولد فيها رسول الله ص، ارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة، ورأى الموبذان إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، وقد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها. فلما أصبح كسرى أفزعه ما رأى، فصبر تشجعا، ثم رأى ألا يكتم ذلك عن وزرائه ومرازبته، فلبس تاجه وقعد على سريره وجمعهم إليه فلما اجتمعوا إليه أخبرهم بالذي بعث إليهم فيه ودعاهم فبيناهم كذلك إذ ورد عليه كتاب بخمود النار فازداد غما إلى غمه، فقال الموبذان: وأنا أصلح الله الملك! قد رأيت في هذه الليلة وقص عليه الرؤيا في الإبل. فقال: أي شيء يكون هذا يا موبذان؟ - وكان أعلمهم عند نفسه بذلك- فقال: حادث يكون من عند العرب، فكتب عند ذلك: من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر، أما بعد، فوجه إلي رجلا عالما بما أريد أن أسأله عنه. فوجه إليه عبد المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيله الغساني، فلما قدم عليه، قال له: أعندك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ قال: ليخبرني الملك، فإن كان عندي منه علم، وإلا أخبرته بمن يعلمه له، فأخبره بما رأى، فقال: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام، يقال له سطيح، قال: فأته فاسأله عما سألتك، وأتني بجوابه فركب عبد المسيح راحلته حتى قدم على سطيح- وقد أشفى على الموت- فسلم عليه وحياه، فلم يحر سطيح جوابا، فأنشأ عبد المسيح يقول: أصم أم يسمع غطريف اليمن! … يا فاصل الخطة أعيت من ومن أم فاز فازلم به شأو العنن … أتاك شيخ الحي من آل سنن وأمه من آل ذئب بن حجن … أزرق ممهى الناب صرار الأذن أبيض فضفاض الرداء والبدن … رسول قيل العجم يسرى للوسن يجوب بي الأرض علنداه شزن … ترفعني وجن وتهوى بي وجن لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن … حتى أتى عاري الجآجي والقطن تلفه في الريح بوغاء الدمن … كأنما حثحث من حضني ثكن فلما سمع سطيح شعره، رفع رأسه وقال: عبد المسيح، على جمل يسيح، إلى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها، يا عبد المسيح: إذا كثرت التلاوة، وبعث صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليست الشام لسطيح شأما، يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت. ثم قضى سطيح مكانه، فقام عبد المسيح إلى رحله وهو يقول: شمر فإنك ماضي الهم شمير … لا يفزعنك تفريق وتغيير إن يك ملك بني ساسان أفرطهم … فإن ذا الدهر أطوار دهارير فربما ربما أضحوا بمنزلة … تهاب صولهم الأسد المهاصير منهم أخو الصرح مهران وإخوته … والهرمزان وسابور وسابور والناس أولاد علات فمن علموا … أن قد أقل، فمهجور ومحقور وهم بنو الأم لما أن رأوا نشبا … فذاك بالغيب محفوظ ومنصور والخير والشر مقرونان في قرن … فالخير متبع والشر محذور فلما قدم عبد المسيح على كسرى، أخبره بقول سطيح، فقال: إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكا قد كانت أمور