غريب الحديث

- { أربَ } : {أربَ} فيه [أنّ رَجُلا اعْتَرَض النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم ليسأله فصاح به الناس فقال دَعُوا الرَّجل أرِبَ مالَه] في هذه اللفظة ثلاث روايات : إحداهن أربَ بوزن عَلم ومعناها الدُّعاءُ عليه اي أصيبتْ آرَابه وسَقَطَت وهي كلمةٌ لا يراد بها وقُع الأمر كما بقال تَرِبَتْ يداك وقاتلكَ اللّه وإنما تذكر في معرض التَّعَجُّب . وفي هذا الدعاء من النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قولان : أحدهما تَعَجُّبَه من حرص السائل ومُزَاحَمَته والثاني أنه لما رآه بهذا الحال من الحرص غلَبَه طبع البَشَرِية فدعا عليه . وقد قال في غير هذا الحديث : [اللّهُمَّ إنَّمَا أنا بَشَرٌ فمن دَعوتُ عليه فاجعلْ دُعائي له رَحْمَة] وقيل معناه احتاجَ فَسَأَل من أرِب الرَّجل يأرَبُ إذا احْتَاج ثم قال ما له ؟ أيْ أيُّ شيء به ؟ وما يُريد ؟ والرواية الثانية [أرَب ماله بوزن جَمَل] -ضبطه مصحح الأصل [إرب بوزن حمل] بكسر الهمزة وسكون الراء وما أثبتناه من ا واللسان وتاج العروس- أي حاجة له وما زائدة للتقليل أي له حاجة يسيرة وقيل معناه حاجة جاءت به فحذف ثم سأل فقال ماله والرواية الثالثة أرِبٌ بوزن كتف والأربُ الحاذقُ الكامل -أنشد الهروي . وهو لأبي العيال الهذلي يرثي عبد بن زهرة : يُلف طوائف الفرسا ... ن وهو بلفِّهم أَرِب- أي هو أربٌ فحذف المبتدأ ثم سأل فقال : ما له أي ما شأنُه ومثله الحديث الآخر [أنه جاءه رجل فقال : دُلَّني على عمل يُدخلني الجنة فقال : أرُبَ ماله] أي أنه ذو خبرةٍ وعلم . يقال أرُبَ الرجل بالضَّمِّ فهو أريب أي صار ذا فِطْنَةٍ . ورواه الهروي [إرْبٌ ماله] بوزن حمل أي أنه ذُو إرب : خُبْرَة وعلمٍ وفي حديث عمر [أنه نَقِمَ على رجل قولا قاله فقال : أرِبْتَ عن ذي يَدَيْكَ] أي سقطْت آرابك من اليديْن خاصة . وقال الهروي : معناه ذهبَ ما في يَدَيْك حتى تحتاجَ -أنشد الهروي لابن مقبل : وإن فينا صبوحاً إن أَربْت به ... جمعاً تهيَّأ آلافاً ثمانينا أي إن احتجت إليه وأردته- . وفي هذا نَظَرٌ لأنه قد جاء في رواية أخرى لهذا الحديث [خَرَرْتَ عن يَدَيْكَ] وهي عبارة عن الخجل مشهورة كأنه أراد أصابَكَ خَجَلٌ أو ذَمٌّ . ومعنى خررت : سقطت وفي الحديث [أنه ذكر الحيّات فقال : من خشي إرْبَهُنّ فليس منا] الإرب بكسر الهمزة وسكون الراء : الدَّهاء أي من خشي غائلتها وجَبُنَ عن قتلها - الذي قيل في الجاهلية إنها تؤذي قاتلها أو تصيبه بخبل - فقد فارق سنَّتنا وخالف مانحن عليه وفي حديث الصلاة [كان يسجد على سبعة آراب] أي أعضاء واحدها إرْبٌ بالكسر والسكون والمراد بالسبعة : الجبهةُ واليدانِ والركبتانِ والقدمان ومنه حديث عائشة [كان أمَلَكُم لأرَبِه] أي لحاجته تعني أنه كان غالبا لهواه . وأكثر المحدِّثين يروونه بفتح الهمزة والراء يعنون الحاجة وبعضهم يَرْويهِ بكَسر الهَمزه وسكون الراء ولَه تأويلان : أَحدهما أنه الحاجه يقال فيها الأرَبُ والإِرْبُ والإِرْبَةُ والمَأْرَبَةُ والثاني أرادت به العضو وعنت به من الأعضاء الذكَر خَاصَّة - ومنه حديث المخنث [كانوا يَعُدُّونه من غير أولي الإِرْبَةِ] أي النكاح وفي حديث عمرو بن العاص [قال فأَرِبْتُ بأبي هريرة ولم تضْرُرْ بي إرْبَةٌ أَرِبْتُهَا قط قبل يومئذ] أَرِبْتُ به أي احتلت عليه وهو من الإِرْب : الدَّهاء والنُّكر وفيه [قالت قريش : لا تَعْجَلوا في الفداء لا يَأْرَب عليكم محمدٌ وأَصحابُه] أي يتشددون عليكم فيه . يقال أَرِبَ الدَّهرُ يأرَبُ إذا اشْتَدَّ . وتَأَرَبَ عَليَّ إذا تعدى . وكأنه من الأَرْبَة : الُعْقدة ومنه حديث سعيد بن العاص [قال لابنه عمرو : لا تَتَأرَّبْ على بَنَاتي] أي لا تَتَشدَّدْ ولا تتعد وفي الحديث [أنه أُتِي بكتفٍ مُؤَرَّبَة] أي مُوَفَّرة لم يَنْقٌض منها شيء . أرَّبْتُ الشيء تَأْرِيباً إذا وفَّرته وفيه [مُؤَاربَةُ الأريب جهل وعَناءٌ] أي إن الأريب - وهو العاقل - لَا يُخْتَلُ عن عقله وفي حديث جُنْدُب [خرج برجل آرَابٌ] قيل هي القرحة وكأنها من آفات الآراب : الأعضاء .