غريب الحديث

- { نوأ } : { نوأ } فيه [ثلاثٌ من أمْرِ الجاهليَّة : الطَّعْن في الأنساب والنِّياحةُ والأنواءُ] قد تكرر ذكر [النَّوْء والأنواء] في الحديث - ومنه الحديث [مُطِرْنا بنَوْءِ كذا] وحديث عمر [كم بَقِيَ من نُوْء الثُّريَّا] والأنواء : هي ثمان وعشرون مَنْزلةً ينزل القَمُر كلَّ ليلة في منزلة منها . ومنه قوله تعالى [والقَمَرَ قدّرناهُ مَنازِلَ ] ويَسْقط في الغَرْب كلَّ ثلاثَ عشرة ليلة مَنزلةً مع طلوع الفجر وتطلُع أخرى مُقابلَها ذلك الوقت في الشرق فتَنْقضي جميعُها مع انقضاء السَّنة . وكانت العرب تزعُم أن مع سُقوط المنزِلة وطلُوع رَقيبها يكون مَطر ويَنسُبونه إليها فيقولون : مُطِرنا بنَوْء كذا وإنما سُمِّي نَوْءاً لأنه إذا سَقط الساقِطُ منها بالمغرب ناء الطالع بالمَشْرِق يَنُوء نَوْءاً : أي نَهَض وطَلَع وقيل : أراد بالنَّوء الغُروبَ وهو من الأضداد قال أبو عبيد : لم نَسْمع في النَّوء أنه السُّقوط إلا في هذا الموضع وإنما غَلَّظ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم في أمر الأنواء لأنَّ العرب كانت تَنْسُب المطر إليها . فأما مَن جَعَل المطر من فِعْل اللَّه تعالى وأراد بقوله : [مُطِرنا بنوء كذا] أي في وقت كذا وهو هذا النَّوء الفلاني فإنّ ذلك جائز : أي أنّ اللَّهَ قد أجْرَى العادة أن يأتَيَ المطرُ في هذه الأوقات وفي حديث عثمان [أنه قال للمرأة التي مُلِّكَت أمرها فطَلَّقت زَوْجَها فقالت : أنتَ طالقٌ فقال عثمان : إنّ اللَّهَ خَطَّأ نَوْءَها ألاَ طلَّقت نفسها ؟] قيل : هو دُعاء عليها كما يُقال : لا سَقاه اللَّهُ الغيث وأراد بالنَّوء الذي يَجيء فيه المَطرُ قال الحربي : وهذا لا يُشْبه الدعاء إنما هو خبر . والذي يُشْبه أن يكون دعاء : - حديثُ ابن عباس [خَطَّأ اللَّهُ نوءَها] والمعنى فيهما : لو طَلَّقت نَفْسَها لوقَع الطَّلاق فحيثُ طَلَّقتْ زوجَها لم يقَع فكانت كَمن يُخْطِئُه النَّوءُ فلا يُمْطَر وفي حديث الذي قتل تسعا وتسعين نفسا [فَنَاء بصَدْره] أي نَهَض . ويَحْتَمِل أنه بمعنى نأى : أي بَعُد . يقال : ناءَ ونأى بمعنىً ومنه الحديث [لا تزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على مَن ناوَأهُم] أي ناهَضَهُم وعاداهم يقال : ناوَأتُ الرجل نواءً ومُناوأَةً إذا عادَيتَه . وأصله من ناء إليك ونُوءتَ إليه إذا نَهَضْتُما ومنه حديث الخيْل [ورجلٌ رَبطها فَخْرا ورِيَاءً وَنِواءً لأهل الإسلام] أي مُعاداةً لهم .