غريب الحديث

- { قول } : {قول} فيه [أنه كَتَب لِوائِل بن حُجْر : إلى الأقوال العَباهِلة] وفي وراية [الأقْيال] ( وهي رواية الهروي ) . الأقوال : جمع قَيْل وهو المَلِك النافِذ القَول والأمْر . وأصله : قَيْوِل فَيْعِل من القوْل فحُذِفَت عينهُ . ومِثْله : أمْوات في جمع مَيَّت . وأمّا [أقْيال] فمَحْمُول على لَفْظ قَيْل كما قالوا : أرْياح في جمع : ريح . والسائغ المَقِيس : أرْواح وفيه [أنه نَهى عن قِيَلٍ وقال] أي نَهى عن فُضول ما يَتَحَدّث به المُتَجالِسون من قَوْلهم : قيل كذا وقال كذا . وبِناؤهما على كونِهما فِعْلين ماضِيَين مُتَضَمِّنَين ( في اللسان نقلاً عن ابن الأثير : [مَحكيَّيْن متضمِّنْين] . وكذا في الفائق 2 / 382 ) للضمير . والإعْرابُ على إجْرائِهما مُجْرَى الأسْماء خِلْوَيْن من الضمير وإدْخال حَرْف التَّعريف عليهما [لذلك] ( تكملة من اللسان والفائق . وهذا الشرح بألفاظه في الفائق ) في قولهم : القِيل ( في الفائق : [في قولهم : ما يعرف القال والقِيل] ) والقال . وقيل : القال : الابْتِداء والقِيل الجَواب وهذا إنما يصح إذا كانت الرِواية [قِيلَ وقال] على أنَّهما فِعْلان فيكون النهي عن القَوْل بما لا يَصِحُّ ولا تُعْلم حقِيقتُه . وهو كحديثه الآخَر [بئس مَطِيَّةُ الرجُلِ زَعَمُوا] فأمَّا مَن حَكَى ما يَصِحُّ ويَعْرِف حَقيقته وأسْنَده إلى ثِقَةٍ صادق فلا وجهَ للنَّهْي عنه ولا ذَمَّ وقال أبو عبيدة : فيه نَحْوٌ وعَربيَّة وذلك أنه جَعل القال مَصْدراً كأنه قال : نَهَى عن قِيلٍ وقَوْل . يقال : قُلْت قَوْلاً وقِيلاً وقالاً . وهذا التأويل على أنهما اسْمان وقيل : أراد النَّهي عن كثرة الكلام مُبْتدِئاً ومُجِيباً وقيل : أراد به حكاية أقوال الناس والبَحْثَ عمَّا لا يَجْدِي عليه خْيراً ولا يَعْنِيه أمْرُه - ومنه الحديث [ألاَ أنَبِّئُكم ما العَضْة ؟ هي النَّميمة القالَة بين الناس] أي كثرة القَول وإيقاع الخُصومة بين الناس بما يُحْكَى للبعض عن البعض - ومنه الحديث [ففَشَتِ القالَةُ بين الناس] ويجوز أن يُريد به القَوْل والحديث وفيه [سُبحانَ الذي تَعَطَّف بالعِزَّ وقال به] أي أحَبَّه واخْتَصَّه لنفسه كما يقال : فُلان يقول بفُلان : أي بِمَحَبَّتِه واخْتِصاصِه وقيل : معناه حَكَم به فإنَّ القَول يُستعمل في معنى الحُكْم وقال الأزهري : معناه غَلَب به . وأصلُه من القَيْل : المَلِك لأنه يَنْفُذ قوُله وفي حديث رُقْيَة النَّملة [العَرُوس تكْتَحِلُ وتَقْتال وتَحْتَفل] أي تَحْتَكِم على زَوْجِها وفيه [قُولوا بقَولِكم أو ببعض قولكم ولا يَسْتَجْرِيَنَّكم الشيطان] أي قولوا بقول أهلِ دينِكم ومِلَّتِكم : أي ادْعُوني رسولاً ونَبيَّاً كما سَمَّاني اللّه ولا تُسَمُّوني سَيَّداً كما تُسَمُّون رُؤساءكم لأنهم كانوا يَحْسَبون أنّ السِيادة بالنُّبوّة كالسِيادة بأسباب الدينا وقوله [بعض قولِكم] يعني الاقْتِصادَ في المَقال وتَرْكَ الإسراف فيه - وفي حديث علي [سَمِع امْرأةً تَنْدُب عُمر فقال : أمَا واللّه ما قالتَه ولكن قُوِّلَتْه] أي لُقَّنَتْه وَعُلِّمَتْه وأُلْقِيَ على لِسانها . يعني من جانب الإلْهام : أي أنه حَقيقٌ بما قالَتْه فيه ومنه حديث ابن المسيّب [قيل له : ما تقول في عثمان وعليّ فقال : أقول ما قَوَّلَنِي اللّه ثم قرأ : [وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بالإيمَانِ] يقال : قَوَّلْتَني وأقْوَلْتَنِي : أي عَلّمْتَنِي ما أقول وأنْطَقْتَنِي وحَمَلَتَنِي على القول - وفيه [أنه سَمِع صَوت رجلٍ يَقْرأ بالليل فقال : أتَقُولُه مُرائِياً ؟] أي أتَظْنُّه وهو مُخْتَصٌّ بالاستفهام ومنه الحديث [لَمَّا أراد أن يَعْتَكِف ورأى الأخْبية في المسجد فقال : البِرَّ تقولون بهنّ ؟] أي أتَظُنُّون وتُرَوْن أنهنّ أردْن البرَّ وفِعْلُ القَوْل إذا كان بمعنى الكلام لا يَعْمَل فيما بعده تقول : قُلْت زيْدٌ قائم وأقول عَمْروٌ مُنْطَلق وبعض العرب يُعْمِلهُ فيقول : قلت زيد قائماً فإن جَعلت القولَ بمعنى الظَّنّ أعْمَلْتَه مع الاستفهام كقولك : مَتَى تقول عَمْراً ذاهباً وأتَقُول زيداً مُنْطلِقاً ؟ وفيه [فقال بالماء على يَدِه] وفي حديث آخر [فقال بثَوْبه هكذا] العرب تَجْعل القَول عبارة عن جميع الأفعال وتُطْلِقه على غير الكلام واللسان فتقول : قال بيدِه : أي أخَذَ : وقال بِرْجله : أي مَشَى . قال الشاعر : - وقالت له العَيْنانِ سَمْعاً وطاعةً ( عجزُه كما في اللسان : - وحَدَّرَتا كالدُّرِّ لّما يُثَقَّبِ ... ) أي أوْمَأتْ وقال بالماء على يَدِه : أي قَلَب . وقال بثَوْبه : أي رَفَعه . وكلُّ ذلك على المجاز والاتِّساع كما رُوِي : - في حديث السَّهْو [فقال : ما يَقُولُ ذُو اليَدَيْن ؟ قالوا صَدَق] رُوِي أنهم أوْمَأُوا برؤوسِهم . أي نَعم ولم يَتَكلَّموا . ويقال : قال بمعنى أٌقبَل وبمعنى مَال واسْتَراح وضَرَب وغَلَب وغير ذلك وقد تكرر ذِكر [القول] بهذه المعاني في الحديث وفي حديث جُرَيج [فأسْرَعت القَوْلِيَّة إلى صَومعتِه] هم الغوغاء وقَتَلة الأنبياء واليَهُود تُسَمِّي الغَوْغاء قَوْلِّية .