غريب الحديث

- { غرب } : {غرب} ... فيه [إن الإسلام بَدأ غَرِيبا وسَيَعود كما بَدأ فَطُوبَى للغُرَباء] أي أنَّه كان في أوّل أمْره كالغَرِيب الوَحيد الذي لا أهْل له عنده لِقَّلة المسْلمين يومئذ وسَيَعود غَريبا كما كان : أي يَقِلُّ المسلمون في آخِر الزمان فيصيرون كالغُرَباء . فطُوبَى للغُرَباء : أي الجنة لأولئك المسلمين الذين كانوا في أوّل الإسلام ويكونون في آخِره وإنَّما خصَّهم بها لصَبْرهم على أذَى الكُفَّار أوّلاً وآخِرا ولُزُومهم دينَ الإسلام - ومنه الحديث [اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا ( انظر حواشي ص 106 من الجزء الثالث )] الاغْتِراب : افْتِعال من الغُرْبَة وأراد تَزوَّجُوا إلى الغَرائب من النِّساء غير الأقارب فإنه أنْجَب للأولادِ ومنه حديث المُغِيرة [ولا غَرِيَبة نَجِيبَة] أي أنها مع كونها غريبةً فإنَّها غير نَجِيبَة الأولاد ومنه الحديث [إنّ فيكم مُغَرِّبين قيل : وما المُغَرِّبون ؟ قال : الذين تَشْرَك فيهم الْجِنُّ] سُمُّوا مُغَرِّبين لأنه دَخل فيهم عِرْقٌ غريب أو جاءوا من نَسَب بَعيد . وقيل : أرادَ بُمشَارَكة الجِنّ فيهم أمْرَهم إياهم بالزنا وتَحْسِينَه لهم فجاء أولادُهم من غيرِ رِشْدَةٍ - ومنه قوله تعالى : [وشارِكْهُمْ في الأمْوالِ والأولادِ] ومنه حديث الحَجَّاج [لأضْرِبَنَّكم ضَرْبَ غَرِيبَة الإبل] هذا مَثَلٌ ضَرَبه لنَفْسه مع رَعِيَّته يُهَدِّدُهم وذلك أنَّ الإبل إذا ورَدَت الماء فدَخل فيها غَريبةٌ من غيرها ضُربَت وطُرِدَت حتى تَخْرُج منها - وفيه [أنه أَمَر بتَغْرِيب الزَّانِي سنة] التَّغْريب : النَّفْي عن البلد الذي وَقَعت فيه الجِناية . يقال : أغْرَبْتُه وغَرَّبْتُه إذا نَحَّيْتَه وأبْعَدْتَه . والغَرْب : البُعْد ومنه الحديث [أنَّ رجُلا قال له : إنَّ امْرَأتي لا تَردُّ يَد لَامس فقال : أغْرِبْها] أي أبْعِدْهَا يُريد الطَّلاق ومنه حديث عمر [قَدِم عليه رجُل فقال له : هل مِن مُغَرِّبِة خَبَر ؟] أي هل من خَبَرٍ جَديِد جاء مِن بَلَدٍ بَعِيد . يقال : هل من مُغَرِّبِة خبر ؟ بكسر الراء وفتحها مع الإضافة فيهما وهو من الغَرْب : البُعد : وَشأوٌ مُغَرِّب ومُغَرَّب : أي بَعِيد - ومنه الحديث [طَارَت به عَنْقَاء مُغْرِب] أي ذهبت به الدَّاهية . والمُغْرِب : المُبْعِد في البلاد . وقد تقدّم في العين وفي حديث الرؤيا [فأخذ عُمرُ الدَّلْوَ فاسْتَحالتْ في يَدِه غَرْباً] الغَرْب بسكون الراء : الدَّلو العظيمة التي تُتَّخَذ من جِلْد ثَوْرٍ فإذا فُتِحَت الراء فهو الماء السَّائل بين البِئر والحوض . وهذا تَمثيل ومعناه أنَّ عُمَر لمَّا أخَذ الدَّلْوَ ليَسْتَقِيَ عَظُمَت في يَدِه لأنَّ الفُتُوح كانت في زَمَنه أكثر منها في زمن أبي بكر . ومعنى اسْتَحالت : انْقَلَبت عن الصغِّر إلى الكِبَر - ومنه حديث الزكاة [وما سُقِيَ بالغَرْب ففيه نِصْفُ العُشْر] - وفي الحديث الآخر [لو أنَّ غَرْباً من جهنَّم جُعِل في الأرض لآذَى نَتْنُ ريحِه وَشِدةُ حَرِّه ما بين المَشْرق والمغْرب] وفي حديث ابن عباس [ذَكر الصِّدِّيق فقال : كان واللّه بَرّاً تَقِيَّا يُصَادَي ( انظر ص 19 من الجزء الثالث ) غَرْبُه] وفي رواية [يُصَادَي منه غَرْب] ( وهي رواية الهروي ) الغَرْب : الحِدَّة ومنه غَرْب السَّيف . أي كانت تُدارَى حِدّتُه وتُتَّقَى ومنه حديث عمر [فسكَنَ مِن غَرْبه] ومنه حديث عائشة [قالت عن زَيْنَب : كلُّ خِلالهِا مَحْمُودٌ ما خَلَا سَوْرَةً من غَرْبٍ كانت فيها] وحديث الحسن [سُئل عن القُبْلة للصَّائم فقال : إني أخاف عليك غَرْبَ الشَّبَاب] أي حِدَّتَه وفي حديث الزُّبَيْر [فما زال يَفْتِل في الذِّرْوة والغارِب حتى أجابَتْه عائشة إلى الخُروج] الغارِب : مُقَدَّم السَّنَام والذِّرْوَة : أعلاه أراد أنه ما زال يُخادِعُها ويَتَطَّلُفها حتى أجابَتْه . والأصل فيه أنَّ الرجُل إذا أراد أن يُؤَنِّسَ البَعِير الصَّعْبَ لِيَزُمَّه ويَنْقَادَ لَهُ جعل يُمِرُّ يَدَه عليه ويسمح غارِبَه ويَفْتِل وَبَره حتى يَسْتَأنِس ويَضَع فيه الزِّمام - ومنه حديث عائشة [قالت ليزيد بن الأصَمّ : رُمِيَ بِرَسِنك على غاربك] أي خُلِّي سَبِيلُك فليس لك أحدٌ يَمْنَعُك عما تُريد تشبيها بالبعير يُوضَع زِمامُه على ظَهْرِه ويُطْلَق يَسْرح أين أراد في المَرْعَى - ومنه الحديث في كنايات الطلاق [حَبْلُك على غَارِبك] أي أنْتِ مُرْسَلَة مُطْلَقَة غير مشدودة ولا مُمْسَكَة بعَقْد النِّكاح وفيه [أنَّ رجُلا كان واقِفا معه في غَزَاة فأصابه سَهْمُ غَرْبٍ] أي لا يُعْرَف رَامِيه . يقال : سَهْمُ غرب بفتح الراء وسكونها وبالإضافة وغير الإضافة . وقيل : هو بالسكون إذا أتاه من حيث لا يَدْرِي وهو بالفتح إذا رَماه فأصاب غيْرَه . والهروي لم يُثْبِت عن الأزهري إلا الفتح . وقد تكرر في الحديث . وفي حديث الحسَن [ذكر ابن عبَّاس فقال : كان مِثَجّاً يَسِيل غَرْباً] الغَرْب : أحَدُ الغُرُوب وهي الدُّموع حين تَجْرِي . يقال : بِعَيْنه غرب إذا سال دَمْعُها ولم يَنْقَطع فَشبَّه به غَزَارَةَ عِلْمِه وأنَّه لا يَنْقَطِع مَدَدُه وجَرْيُه وفي حديث النابغة [تَرِفُّ غُروبُه] هي جمع غَرْب وهو ماء الفَمِ وحِدّة الأْسنان وفي حديث ابن عباس [حِينَ اخْتُصِم إليه في مَسِيل المَطر فقال : المَطرُ غَرْبٌ والسَّيْل شَرْق] أراد أنّ أكْثَر السَّحاب يَنْشَأ من غَرْب القِبْلَة والعَيْن هُناك : تقول العَرب : مُطِرْنا بالعين إذا كان السَّحاب ناشِئا من قِبْلَة العراق . وقوله [والسَّيْل شَرْق] يُريد أنه يَنْحطُّ من ناحِية المَشْرِق لأن ناحِية المشْرق عَالِيةٌ وناحِيَة المَغْرِب مُنْحَطَّة . قال ذلك القُتَيْبِيّ . ولعَلَّه شيء يَخْتَصُّ بتلك الأرض التي كَانَ الخِصَام فيها - وفيه [لا يزالُ أهلُ الغَرْب ظاهرين على الحَقِّ] قيل : أرادَ بهم أهْل الشَّام لأنهم غَرْب الحِجاز . وقيل : أرادَ بالغَرْب الحِدّةَ والشوَّكَة . يُريد أهْل الجِهَاد . وقال ابن المَدِيني : الغَرْب ها هنا الدَّلْوُ وأرَادَ بهم العَرَب لأنَّهم أصْحابها وهُمْ يَسْتَقُون بها - وفيه [ألاَ وَإنّ مَثَل آجالِكم في آجال الأمَم قبْلَكم كما بَيْن صَلاِة العَصْر إلى مُغَيْرِبان الشَّمْس] أي إلى وَقْتِ مَغِيبها . يقال : غَرَبَت الشمس تَغْرُب غُروبا ومُغَيْرِبَاناً وهو مُصَغَّر على غير مُكبَّره كأنهم صَغَّرُوا مَغْرِبَاناً والمَغْرِب في الأصل : مَوْضع الغُروب ثم اسْتُعمِل في المَصْدر والزَّمان وقِياسُه الفَتحُ ولكِن اسْتُعْمِل بالكسر كالمشْرِق والمسْجد ومنه حديث أبي سعيد [خَطبَنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى مُغَيْرِبان الشمس] وفيه [أنَّه ضَحِك حتى اسْتَغْرَب] أي بالَغ فيه . يقال : أغْرَب في ضَحِكه واسْتَغْرب وكأنه من الغَرْب : البُعْد . وقَيل : هو القَهْقَهة - ومنه حديث الحسن [إذا اسْتَغْرَب الرجُلُ ضَحِكا في الصلاة أعادَ الصلاة] وهو مذهب أبي حنيفة ويَزِيد عليه إعادَة الوُضوء وفي دعاء ابن هُبَيْرة [أعُوذ بِك من كلِّ شيطانٍ مُسْتَغْرِب وكُل نَبَطِيٍّ مُسْتَعرِب] قال الحرْبي : أظُنُّه الذي جَاوَزَ القَدْرَ في الخُبْث كأنه من الاسْتغِرْاب في الضَّحك . ويجوز أن يكون بمعنة المُتَنَاهِي في الحِدّة من الغَرْب : الحِدَّة وفيه [أنَّه غَيَّر اسْم غُرَاب] لِمَا فيه من البُعْد وَلأنَّه من خُبْث الطيور وفي حديث عائشة [لمَّا نَزل [ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهنّ] فأصْبَحْنَ على رؤِسهن الغِرْبَان] شَبَّهَت الخُمُر في سَوادِها بالغِرْبَان جمع غُرَاب كما قال الكُمَيْت : - كَغِرْبَانِ الكرُوُم الدَّوَالحِ .