غريب الحديث

- { عشا } : {عشا} فيه [احمَدُوا اللّه الذي رَفَع عنكم العَشْوَة] يريدُ ظُلمة الكُفْر . والعُشْوة بالضم والفتح والكسر : الأمرُ المُلْتَبس وأن يَرْكَب أمراً بِجَهْل لا يَعْرف وجْهَه مأخوذٌ من عَشْوة الليل وهي ظُلْمتُه . وقيل : هي من أوّله إلى رُبْعه ومنه الحديث [حتى ذَهب عَشْوَةٌ من اللَّيل] ومنه حديث ابن الأكوع [فأخَذَ عليهم بالعَشْوة] أي بالسَّواد من الليل ويُجْمَع على عَشَوَات - ومنه حديث علي [خَبَّاطُ عَشَوات] أي يَخبِطُ في الظَّلام والأمْرِ المُلْتَبِس فيتحيَّر وفيه [أنَّه عليه الصلاة والسلام كان في سَفَر فاعْتَشَى في أوّل الليل] أي سارَ وقْتَ العِشَاء كما يُقال : اسْتَحر وابتكر ( بعد هذا في الهروي : وقال الأزهري : صوابه [فأَغْفى أوّل الليل] ) - وفيه [صلى بنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم إحْدى صلاتَيِ العَشِيِّ فسلم من اثْنَتين] يريد صلاة الظُّهْر أو العصر لأن ما بعد الزَّوال إلى المَغْرِب عَشِيُّ . وقيل : العشيُّ من زوال الشمس إلى الصباح . وقد تكرر في الحديث وقيل لصلاة المغرب والعِشَاء : العِشَاآن ولِما بين المغرب والعَتَمة : عِشَاءٌ ومنه الحديث [إذا حضَر العَشاءُ والعِشَاء فابْدَأوا بالعَشَاء] العَشَاء بالفتح : الطَّعام الذي يُؤْكل عند العِشاء . وأراد بالعِشَاء صلاة المغْرب . وإنما قدَّم العَشَاء لئلا يَشْتَغِل به قلْبُه في الصلاة . وإنما قيل : إنها المغْرِب لأنها وقتُ الإفْطار ولضيقِ وقْتها - وفي حديث الجَمْع بعرفة [صلَّى الصَّلاتَين كلّ صلاة وحدَها والعَشَاء بينهما] أي أنه تعَشَّى بين الصَّلاتَين وفي حديث ابن عمر [أنّ رجلا سأله فقال : كما لا يَنْفَع مع الشِّرْك عَمَلٌ فهل يَضُرُّ مع الإسلام ( في الهروي واللسان [الإيمان] ) ذَنْبٌ ؟ فقال ابنُ عُمَر : عَشَّ ولا تَغْتَرّ ثم سأل ابنَ عباس فقال مِثْلَ ذلك] هذا مَثَلٌ للعَرَب تضربه في التَّوصِية بالاحِتِياطِ والأخْذِ بالحزْم . وأصلُه أن رجُلا أراد أن يَقْطَع بإبِله مَفَازَة ولم يُعشِّها ثِقَةً على ما فيها من الكَلأ فقيل له : عَشِّ إبِلَكَ قبل الدخُول فيها فإن كان فيها كَلأٌ لم يضرُّك وإن لم يكن كُنْتَ قد أخذْت بالحَزْم . أرادَ ابنُ عُمر : اجْتَنَب الذُّنُوبَ ولا تَرْكَبْها وخُذْ بالحزْم ولا تَتَّكل على إيمانِك وفي حديث ابن عُمَير [ما من عاشِيةٍ أشدَّ أنَقاً ولا أطْولَ شِبَعاً من عالمٍ من عِلْم] العَاشِية : التي تَرعَى بالعَشِيِّ من المواشي وغيرها . يقال : عَشِيَت الإبلُ وتعشَّت المعنى أن طالب العِلْم لا يكادُ يَشْبَعُ منه كالحديث الآخر [منهُومان لا يَشْبَعَان : طالبُ عِلْم وطالبُ دُنْيَا] - وفي كتاب أبي موسى [ما مِن عاشيةٍ أدْوَمَ أنَقاً ولا أبْعَدَ مَلالا مِن عاشيةِ عِلْم] وفسَّره فقال : العَشْوُ : إتيانُك ناراً تَرْجُو عندها خيراً . يقال : عَشَوته أعْشُوه فأنا عاشٍ من قوم عاشيةٍ وأراد بالعاشيةِ ها هنا : طالِبي العِلم الرَّاجِين خيرَه ونَفْعَه وفي حديث جُنْدَب الْجُهْنيّ [فأتيْنا بطْنَ الكَدِيد فنَزَلْنا عُشَيْشِيَةً] هي تصغيرُ عَشِيَّة على غير قياسٍ أبْدِل من الياء الوُسْطَى شينٌ كأن أصْلَها : عُشَيِّيَةٌ . يقال : أتيتُه عُشَيْشِيةَ وعُشَيَّانا وعُشَيَّانَة وعُشَيْشِياناً - وفي حديث ابن المسيّب [أنه ذَهَبَتْ إحْدى عَيْنَيْه وهو يَعْشُو بالأُخْرى] أي يُبْصِرُ بها بَصرا ضَعيفاً .