غريب الحديث

- { سبح } : { سبح } ... قد تكرر في الحديث ذِكرُ [ التسبيح ] على اخْتِلافِ تصرُّف اللَّفظة . وأصلُ التَّسْبِيح : التَّنزيهُ والتقديس والتبرئة من النَّقاَئِص ثم استُعْمِل في مواضعَ تقْرُب منه اتِّسَاعا . يُقال سبَّحته أسبِّحه تسبيحا وسُبحانا فمعنى سُبْحان اللّهِ : تَنْزيه اللّهِ وهو نَصْب على المصدر بفِعْل مُضْمر كأنه قال : أُبَرئُ اللّه من السُّوء بَراءةً . وقيل معناه : التَّسرُّع إليه والخِفَّة في طاعَته . وقيل معناه : السُّرْعة إلى هذه اللَّفْظة . وقد يطلق التَّسْبيح على غَيره من أنْواع الذّكر مجازاً كالتَّحْميد والتَّمْجيد وغَيرِهما . وقد يُطْلق على صلاة التطوُّع والنافلةِ . ويقال أيضاً للذِّكْر ولصَلاةِ النَّافلة : سُبْحَة . يقال : قَضَيت سُبْحَتي . والسُّبْحة من التَّسبيح كالسُّخرة من التَّسْخير . وإنما خُصَّت النافلةُ بالسُّبحة وإن شاركَتْها الفريضةُ في معنى التَّسبيح لأن التَّسبيحات في الفرائض نوافلُ فقيل لِصَلاة النَّافلة سُبْحة لأنها نَافِلَة كالتَّسْبيحات والأذْكار في أنها غيرُ واجبةٍ . وقد تكرر ذكر السبحة في الحديث كثيراً فمنها الحديث [ اجْعَلوا صلاتَكم معهم سُبْحَة ] أي نافلةً - ومنها الحديث [ كنا إذا نزلْنا مَنْزِلا لا نُسَبّح حتى تُحَلّ الرِّحال ] أراد صلاةَ الضّحَى يعني أنهم كانوا مع اهْتمامهم بالصَّلاة لا يُباشِرُونهَا حتى يَحُطُّوا الرِّحال وَيُرِيُحوا الجِمالَ رِفقاً بها وإحساناً وفي حديث الدعاء [ سُبُّوحٌ قُدُّوس ] يُرْوَيَان بالضم والفتح والفتحُ أقيسُ والضم أكثرُ اسْتِعْمالاً وهو من أبْنِية المُبالَغَة . والمراد بهما التنزيهُ - وفي حديث الوضوء [ فأدخَل أصبُعَيْه السَّبَّاحَتَين في أُذُنه ] السَّباحةُ والمُسَبِّحَهُ : الإصبعُ التي تَلى الإبهْام سُمِّيت بذلك لأنها يُشَار بها عند التسبيح وفيه [ أن جبريلَ عليه السلام قال : [ للّه دُون العرْش سبْعون حِجاباً لو دَنَوْناَ من أحَدِها لأحْرَقَتْنا سُبُحاتُ وجه ربِّنا ] وفي حديث آخر [ حجابُه النورُ أو النارُ لو كَشَفَه لأحْرقَت سُبُحاتُ وجْهه كُلَّ شىء أدْرَكه بصره ] سُبُحات الوجْه : محاسِنُه لأنك إذَا رأَيت الحَسَنَ الوجْهِ . قُلْت : سْبحان اللّه . وقيل معناَه تنْزيه له : أي سُبْحان وجهه . وقيل : إن سُبُحات وجهه كلامٌ معتَرَضٌ بين الفعل والمَفْعُول : أي لو كشَفها لأحْرقَت كُلَّ شىء أدرَكه بَصَره فكأَنه قال : لأحْرقت سُبُحات اللّه كل شىء أبصره كما تقول : لو دَخَل المَلكُ البلدَ لقتل والعياذُ باللّه كُلَّ من فيه . وأقربُ من هذا كُلّه أن المعنَى : لو انْكَشف من أنوار اللّه التي تَحْجب العِبادَ عنه شىءٌ لأهْلَكَ كلَّ من وقَع عليه ذلك النُّور كما خَرَّ موسى عليه السلام صَعِقاً وتقطَّع الجبلُ دّكاً لمَّا تَجلَّى اللّهُ سُبْحانه وتعالى وفي حديث المقداد [ أنه كان يوم بَدْرٍ على فَرَس يقال له سَبْحَة ] هو من قَولهم فَرَس سابحٌ إذا كان حَسنَ مَدِّ اليَدَين في الجَرْى .