موسوعة الفرق

الفَصلُ الثَّاني: الخَلَلُ في مَنهَجِ تقريرِ التَّوحيدِ عِندَهم


فقولُ المُعتَزِلةِ بمسألةِ (حدوثِ الأعراضِ والأجسامِ) و(تركيبِها) أدَّى إلى التَّعطيلِ؛ فإنَّ منهَجَ المُعتَزِلةِ وأغلَبِ أهلِ الكلامِ: الاستِدلالُ بحُدوثِ الأعراضِ والأجسامِ وتركيبِها على نفيِ صفاتِ اللهِ وأفعالِه، وهو نوعٌ من التَّمثيلِ والتَّشبيهِ الذي ألزمَهم نفيَ صِفاتِ اللهِ وأفعالِه.
وذلك أنَّهم استعمَلوا القياسَ في حَقِّ اللهِ تعالى؛ إذ قاسوا صفاتِه وأفعالَه سُبحانَه بأحوالِ المخلوقاتِ حينَ وضَعوا مُقَدِّماتٍ خاطئةً، ورتَّبوا عليها نتائِجَ خاطِئةً كذلك.
فقالوا -مَثَلًا-: الأعراضُ والأجسامُ مخلوقةٌ حادثةٌ، وصفاتُ اللهِ تعالى الواردةُ في القرآنِ والسُّنَّةِ تُوهِمُ العَرَضيَّةَ والجِسميَّةَ، فإذا أثبَتْناها وصَفْنا اللهَ بصِفاتِ الحوادِثِ، فيلزَمُ تأويلُها تنزيهًا للهِ بزَعمِهم!
قال ابنُ تيميَّةَ: (أصلُ ‌ما ‌أوقعَهم في نَفيِ الصِّفاتِ والكلامِ والأفعالِ، والقَولِ بخَلقِ القُرآنِ، وإنكارِ الرُّؤيةِ والعُلُوِّ للهِ على خَلقِه: هي طريقةُ حُدوثِ الأعراضِ وتركيبِ الأجسامِ، وعنها لَزِمَهم ما خالفوا به الكِتابَ والسُّنَّةَ والإجماعَ في هذا المقامِ، مع مخالفتِهم للمَعقولاتِ الصَّريحةِ التي لا تحتَمِلُ النَّقيضَ؛ فناقَضوا العقلَ والسَّمعَ مِن هذا الوجهِ، وصاروا يعادُونَ من قال بموجِبِ العقلِ الصَّريحِ، أو بمُوجِبِ النَّقلِ الصَّحيحِ.
وهم وإن كان لهم من نَصرِ بَعضِ الإسلامِ أقوالٌ صحيحةٌ، فهم فيما خالفوا به السُّنَّةَ سَلَّطوا عليهم وعلى المُسلِمين أعداءَ الإسلامِ؛ فلا للإسلامِ نصَروا، ولا للفلاسِفةِ كَسَروا!) [1596] ((درء تعارض العقل والنقل)) (7/ 106- 107). .

انظر أيضا: