موسوعة الفرق

المَطلبُ الثَّاني: تَعريفُ التَّصَوُّفِ اصطِلاحًا


عَرَّف التَّصَوُّفَ عَدَدٌ منَ المَنسوبينَ إليه، وعَرَّفه آخَرونَ من غَيرِهم.
فقال مَعروفٌ الكَرخيُّ: (التَّصَوُّفُ: الأخذُ بالحَقائِقِ، واليَأسُ ممَّا في أيدي الخَلائِقِ) [22] يُنظر: ((عوارف المعارف)) للسهروردي (ص: 62). .
وقال الجُنَيدُ: (التَّصَوُّفُ: أن تَكونَ مَعَ اللهِ بلا عَلاقةٍ) [23] يُنظر: ((عوارف المعارف)) للسهروردي (ص: 62). .
وعَرَّفه أيضًا فقال: (التَّصَوُّفُ تَصفيةُ القَلبِ عن موافَقةِ البَريَّةِ، ومُفارَقةُ الأخلاقِ الطَّبعيَّةِ، وإخمادُ الصِّفاتِ البَشَريَّةِ، ومُجانَبةُ الدَّواعي النَّفسانيَّةِ، ومُنازَلةُ الصِّفاتِ الرَّبَّانيَّةِ، والتَّعَلُّقُ بعُلومِ الحَقيقةِ، واتِّباعُ الرَّسولِ في الشَّريعةِ) [24] يُنظر: ((التعرف لمذهب أهل التصوف)) للكلاباذي (ص: 34). .
وقال سُحنون: (التَّصَوُّفُ هو أن لا تَملِكَ شَيئًا، ولا يَملِكَك شَيءٌ) [25] يُنظر: ((اللمع)) للطوسي (ص: 15). .
قال إبراهيمُ هلال: (رَغمَ كَثرةِ التَّعريفاتِ التي عُرِّف بها التَّصَوُّفُ الإسلاميُّ في كُتُبِ التَّصَوُّفِ وغَيرِها فإنَّنا نَستَطيعُ أن نَقولَ: إنَّ التَّصَوُّفَ كما يَراه الصُّوفيَّةُ في عُمومِه هو السَّيرُ في طَريقِ الزُّهدِ، والتَّجَرُّدُ عن زينةِ الحَياةِ وشَكليَّاتِها، وأخذُ النَّفسِ بأسلوبٍ منَ التَّقَشُّفِ وأنواعٍ منَ العِبادةِ والأورادِ والجوعِ، والسَّهَرِ في صَلاةٍ أو تِلاوةِ وِردٍ، حتَّى يَضعُفَ في الإنسانِ الجانِبُ الجَسَديُّ، ويَقوى فيه الجانِبُ النَّفسيُّ أوِ الرُّوحيُّ، فهو إخضاعُ الجَسَدِ للنَّفسِ بهذا الطَّريقِ المُتَقدِّمِ؛ سَعيًا إلى تَحقيقِ الكَمالِ النَّفسيِّ، كما يَقولونَ، وإلى مَعرِفةِ الذَّاتِ الإلهيَّةِ وكَمالاتِها، وهو ما يُعَبِّرونَ عنه بمَعرِفةِ الحَقيقةِ) [26] ((التصوف الإسلامي بين الدين والفلسفة)) (ص: 1). .
وقد عَرَّفه مُحَمَّد فِهر شقفة بقَولِه: (التَّصَوُّفُ طَريقةٌ زُهديَّةٌ في التَّربيةِ النَّفسيَّةِ يَعتَمِدُ على جُملةٍ منَ العَقائِدِ الغَيبيَّةِ «الميتافيزيكيَّةِ» ممَّا لم يَقُمْ على صِحَّتِها دَليلٌ لا في الشَّرعِ ولا في العَقلِ). وقد شَرَحَ هذا التَّعريفَ، فقال: (وقَولُنا: يَعتَمِدُ على جُملةٍ منَ العَقائِدِ «الميتافيزيكيَّةِ» ممَّا لم يَقُمْ على صِحَّتِها دَليلٌ في الشَّرعِ ولا في العَقلِ، يَعني: تلك العَقائِدَ التي تَبحَثُ فيما وراءَ الطَّبيعةِ، والتي يَدَّعونَ بأنَّهم تَعَلَّموها عن طَريقِ الكَشفِ، أو ورَدَت إليهم عن طَريقِ الخَواطِرِ أوِ الرُّؤى المناميَّةِ، كَعَقيدةِ البَعضِ في الحُلولِ ووَحدةِ الوُجودِ، والحَقيقةِ المُحَمَّديَّةِ واعتِبارِها أصلًا لكُلِّ حَياةٍ بَشَريَّةٍ وكَونيَّةٍ، وعَقيدةِ البَعضِ الآخَرِ عنِ النَّواميسِ الطَّبيعيَّةِ ممَّا لم يُخبِرْ بذلك قُرآنٌ ولا سُنَّةٌ، ولا يَقومُ على أساسٍ عِلميٍّ، ولا يَتَّفِقُ مَعَ المَقاييسِ العَقليَّةِ) [27] ((التصوف بين الحق والخلق)) لشقفة (ص: 7). .
وهذا أجودُ التَّعريفاتِ السَّابقةِ.

انظر أيضا: