موسوعة الفرق

المَطلَبُ السَّابِعُ: التَّقيَّةُ


التَّقيَّةُ هي إحدى عَقائِدِ الشِّيعةِ الرَّئيسيَّةِ على اختِلافِ فِرَقِها؛ فالشِّيعيُّ يَجِبُ عليه أن يُخفيَ مَذهَبَه ويَكتُمَ عَقيدَتَه كُلَّما رَأى الحاجةَ داعيةً لذلك، حتَّى صارَ سِمةً مُمَيِّزةً لكُلِّ مَن يَعتَنِقُ المَذهَبَ الشِّيعيَّ عُمومًا، ولكُلِّ مَن يَنتَمي منهم إلى الفِرَقِ الباطِنيَّةِ على وجهِ الخُصوصِ كالإسماعيليَّةِ [2891] يُنظر: لهذا المطلب: ((البوهرة تاريخها وعقائدها)) لرحمة الله (ص: 190-194). .
وقد أورَدَ القاضي الإسماعيليُّ النُّعمانُ بنُ حَيُّونَ عِدَّةَ رِواياتٍ في هذا الشَّأنِ؛ منها: عن أبي عبدِ اللهِ أنَّه قال لبَعضِ أصحابِه: (اكتُمْ سِرَّنا ولا تُذِعْه؛ فإنَّه مَن كتَمَ سِرَّنا فلَم يُذِعْه أعَزَّه اللهُ به في الدُّنيا والآخِرةِ، ومَن أذاعَ سِرَّنا ولم يَكتُمْه أذَلَّه اللهُ به في الدُّنيا والآخِرةِ، ونَزَعَ النُّورَ من بَينِ عَينَيه؛ إنَّ أبي -رِضوانُ اللهِ عليه وصَلَواتُه- كان يَقولُ: إنَّ التَّقيَّةَ من ديني ودينِ آبائي، ولا دينَ لمَن لا تَقيَّةَ له، وإنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أن يُعبَدَ في السِّرِّ كما يُحِبُّ أن يُعبَدَ في العَلانيةِ، والمُذيعُ لأمرِنا كالجاحِدِ له) [2892] ((دعائم الإسلام)) (1/60-69). .
ومِن أسبابِ أخذِ الإسماعيليَّةِ لمَبدَأِ التَّقيَّةِ السَّترُ على مُعتَقداتِهم المُخالِفةِ للإِسلامِ، فإظهارُها أمامَ المُسلِمينَ قد يُؤَدِّي للقَضاءِ عليهم ويُبطِلُ خُطَطَهم لنَشرِ أفكارِهم الضَّالَّةِ وتَحقيقِ مَآرِبِهم الخَبيثةِ؛ فاتَّخَذوا السِّرِّيَّة سِتارًا.
وأيضًا فالقَومُ كُلَّما وقَفوا على قَولٍ أو مَسألةٍ مُشكِلةٍ ولم يَجِدوا لها جَوابًا ومَخرَجًا لَجَؤوا إلى التَّقيَّةِ ففَسَّروا عَدَدًا من أقوالِ وأفعالِ أئِمَّتِهم المُخالِفةِ لمَذهَبِهم على أنَّها صَدَرَت منهم تَقيَّةً، فيَرَونَ الحَسَنَ رَضيَ اللهُ عنه تَنازَل عن الإمامةِ تَقيَّةً، وأظهَر مَوتَ إسماعيلَ بنِ جَعفَرٍ الصَّادِقِ تَقيَّةً، وأظهَرَ عُبَيدَ اللهِ المَهديَّ إمامًا مُستَودَعًا تَقيَّةً.. وهكذا.

انظر أيضا: