موسوعة الفرق

المطلَبُ الثَّاني: حِقدُ الوزيرِ الشِّيعيِّ عَليِّ بنِ يقطينٍ


كان عَليُّ بنُ يقطينٍ من خَواصِّ الشِّيعةِ، وكان وزيرًا للخَليفةِ العَبَّاسيِّ المَهديِّ، ثُمَّ الهادي، ثُمَّ هارونَ الرَّشيدِ قَبل أن يعزِلَه يحيى بنُ خالدٍ البَرمَكيُّ، وكان ذا مَكانةٍ عاليةٍ عِندَ هارونَ الرَّشيدِ حتَّى بَعدَ عَزلِه عنِ الوِزارةِ، وبَعدَ أن نَكبَ هارونُ الرَّشيدُ البَرامِكةَ دَفعَ خاتَم الخِلافةِ إلى عَليِّ بنِ يقطينٍ، ثُمَّ توُفِّي عليٌّ سَنةَ 182 هجريَّة [2365] يُنظر: ((المعرفة والتاريخ)) للفسوي (1/ 173)، ((التنبيه والإشراف)) للمسعودي (1/ 299)، ((تاريخ بغداد)) (19/ 202 - 204). تَنبيهٌ: أخطَأ بَعضُ المُؤَرِّخينَ، فذَكرَ أنَّ عَليَّ بنَ يقطينٍ زِنديقٌ، وأنَّه قُتِل سَنةَ 169 هجريَّة، وأوَّلُ مَن ذَكرَ هذا الخَطَأَ ابنُ الجَوزيِّ، ثُمَّ تتابَعَ على نَقلِ ذلك من جاءَ بَعدَه، وسَبَبُ الخَطَأِ أنَّ ابنَ الجَوزيِّ رَحِمَه اللهُ فهِمَ كلامَ ابنِ جَريرٍ فهمًا خاطِئًا؛ فقد قال ابنُ جَريرٍ في تاريخِه: (في هذه السَّنةِ اشتَدَّ طَلبُ موسى الزَّنادِقةَ، فقَتَل منهم فيها جَماعةً، فكان مِمَّن قُتِل منهم يزدانُ بنُ باذانَ كاتِبُ يقطينٍ، وابنُه عَليُّ بنُ يقطينٍ من أهلٍ النَّهروانِ، ذَكرَ عنه أنَّه حَجَّ فنَظَرَ إلى النَّاسِ في الطَّوافِ يُهَروِلونَ، فقال: ما أُشبِّهُهم إلَّا ببَقَرٍ تَدوسُ في البَيدَرِ). ((تاريخ الطبري)) (8/ 190). فيقصِدُ ابنُ جَريرٍ أنَّ يزدانَ بنَ باذانَ كان كاتِبَ يقطينٍ، وكان أيضًا كاتِبَ ابنِه عَليِّ بنِ يقطينٍ، وأنَّه من أهلٍ النَّهروانِ، وهو الزِّنديقُ الذي وصَف الحُجَّاجَ بالبَقَرِ، ففَهِم ابنُ الجَوزيِّ أن يزدانَ وعَليَّ بنَ يقطينٍ كِلاهما زِنديقٌ، وأنَّ عَليَّ بنَ يقطينٍ هو الذي قال ما قال عنِ الحُجَّاجِ، قال ابنُ الجَوزيِّ: (اشتَدَّ طَلبُ موسى للزَّنادِقةِ، فقَتَل منهم جَماعةً، فكان فيمَن قُتِل منهم كاتِبُ يقطينٍ وابنُه عَليُّ بنُ يقطينٍ، وكان عليٌّ قد حَجَّ فنَظَرَ إلى النَّاسِ في الطَّوافِ يُهَروِلونَ فقال: ما أشبَهَهم ببَقَرٍ يدوسُ في البَيدَرِ!). ((المنتظم في تاريخ الملوك والأمم)) (8/ 309). ومِمَّن لم يتَنَبَّهْ لخَطَأِ ابنِ الجَوزيِّ: الذَّهَبيُّ، وابنُ حَجَرٍ؛ فقد ذَكرَا أنَّ عَليَّ بنَ يقطينٍ مِنَ الزَّنادِقةِ، وأنَّه قُتِل سَنةَ 169ه. يُنظَرُ: ((تاريخ الإسلام للذهبي)) (4/ 282)، ((لسان الميزان لابن حجر)) (6/ 39). والصَّوابُ أنَّ عَليَّ بنَ يقطينٍ عاشَ إلى خِلافةِ هارونَ الرَّشيدِ، وماتَ سَنةَ 182 هجريَّة في نَفسِ اليومِ الذي ماتَ فيه القاضي أبو يوسُفَ والشَّاعِرُ مَروانُ بنُ أبي حَفصةَ، كما ذَكرَ ذلك الفَسَويُّ في كِتابه ((المعرفة والتاريخ)) (1/ 173). .
وذَكرَ الشِّيعةُ في كُتُبِهم أنَّ عَليَّ بنَ يقطينٍ سَجَن جَماعةً مِنَ المُخالفينَ، فأمَر غِلمانَه أن يَهدِموا سَقفَ الحَبسِ على المَحبوسينَ، وكانوا خَمسَمِائةِ رَجُلٍ تَقريبًا، فماتوا كُلُّهم، فأرادَ الخَلاصَ من تَبِعاتِ دِمائِهم، فأرسَل إلى موسى الكاظِمِ يسألُه عن حُكمِ ما فعَل، فكتَبَ إليه بأنَّك لو كُنتَ تَقدَّمتَ إليَّ قَبلَ قَتلِهم لَمَا كان عليك شَيءٌ من دِمائِهم، وحَيثُ إنَّك لم تَتَقدَّمْ إليَّ فكفِّرْ عن كُلِّ رَجُلٍ قَتَلتَه منهم بتَيسٍ، والتَّيسُ خَيرٌ منه [2366] يُنظر: ((الأنوار النعمانية)) للجزائري (2/308)، ((النصب والنواصب)) للمعلم (ص: 622). .    

انظر أيضا: