الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: حُكمُ الصَّلاة على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعد التشهُّدِ الأوَّلِ


اختَلَف العلماءُ في الصَّلاةِ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في التشهُّدِ الأوَّلِ، على قولينِ:
القولُ الأوَّلُ: لا يُزادُ في التشهُّدِ الأوَّلِ على التشهُّدِ، وهو مذهبُ الجمهورِ : الحنفيَّةِ ، والمالكيَّةِ ، والحنابلةِ ، والشافعيِّ في القديمِ وهو قولُ طائفةٍ مِن السَّلفِ ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه لم يثبُتْ عنه أنَّه كان يفعَلُ ذلك فيه، ولا علَّمَه للأمَّةِ، ولا يُعرَفُ أنَّ أحَدًا مِن الصَّحابةِ استحَبَّه
ثانيًا: لأنها لو شُرِعَتْ في هذه المواضعِ، لشُرِعَ فيها الدُّعاءُ بعدها، ولم يكُنْ فرقٌ بين التشهُّدِ الأوَّلِ والأخيرِ
ثالثًا: لأنَّ التشهُّدَ الأوَّلَ موضوعٌ على التَّخفيفِ ، فكان أبو بكرٍ إذا جلَس في الرَّكعتينِ كأنَّه على الرَّضْفِ
القول الثاني: يُستحَبُّ الإتيانُ بالصَّلاةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعد التشهُد الأوَّل، وهو مذهبُ الشافعيَّةِ ، واختارَه ابنُ هُبَيرةَ والآجُرِّيُّ ، وابنُ حزمٍ ، وابنُ بازٍ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الله تعالى أمَر المؤمنينَ بالصَّلاةِ والتَّسليمِ على رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فدلَّ على أنَّه حيث شُرِع التَّسليمُ عليه شُرِعَتِ الصَّلاةُ عليه
ثانيًا: ولأنَّه مكانٌ شُرِعَ فيه التشهُّدُ والتَّسليمُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فشُرِعَ فيه الصَّلاةُ عليه كالتشهُّدِ الأخيرِ
ثالثًا: ولأن التشهُّدَ الأوَّلَ محِلٌّ يُستحَبُّ فيه ذِكرُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فاستُحِبَّ فيه الصَّلاةُ عليه؛ لأنَّه أكمَلُ في ذِكرِه

انظر أيضا:

  1. (1) قال السمرقندي: (هل يُزاد على التشهُّد من الصلوات والدعوات؟ فنقول: في التشهد الأوَّل لا يزاد عليه شيء عند عامَّة العلماء) ((تحفة الفقهاء)) (1/137)، وينظر: ((فتح الباري)) لابن رجب (7/341).
  2. (2) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/344)، وينظر: ((تحفة الفقهاء)) للسمرقندي (1/137).
  3. (3) ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/250)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/480). المالكيَّة قالوا بالكراهة.
  4. (4) ((الإنصاف)) للمرداوي (2/56)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (1/413).
  5. (5) قال النَّوويُّ: ("القديم" لا يُشرَع) ((المجموع)) (3/460).
  6. (6) قال ابنُ المنذِر: (قال أبو بكر: فكرِه بعضهم الزيادةَ على التشهد في الركعتين الأُوليين، فكان عطاءٌ يقول في المثنى الأوَّل: إنما هو للتشهُّد، وقال طاوس في المثنى الأوَّل: ما أعلمه إلَّا التشهُّد قط، وهذا مذهب النخعي، وهو قول الثوري، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم من أصحابنا. وكان الشعبيُّ يقول: مَن زاد في الركعتين الأُوليين على التشهُّد فعليه سجدتَا السهو) ((الأوسط)) (3/379). وقال النَّوويُّ: ("القديم" لا يُشرع، وبه قطع أبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وحُكي عن عطاء، والشعبيِّ، والنخعيِّ، والثوريِّ) ((المجموع)) (3/460).
  7. (7) قال ابنُ نُجيم: (قال الطحاويُّ: مَن زاد على هذا فقد خالف الإجماعَ) ((البحر الرائق)) (1/344).
  8. (8) ((جلاء الأفهام)) لابن القيم (ص: 360).
  9. (9) ((جلاء الأفهام)) لابن القيم (ص: 360).
  10. (10) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/134).
  11. (11) أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3034). صحَّح إسناده ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (1/430).
  12. (12) ((المجموع)) للنووي (3/460)، ((روضة الطالبين)) (1/223). لكن الشافعيَّة يقولون بأنَّ الصلاة على (الآل) ليست بسُنَّة في التشهُّد الأوَّل. ينظر: ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) (2/237).
  13. (13) ((الإنصاف)) للمرداوي (2/56)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (1/413).
  14. (14) قال ابنُ حزم: (ونستحبُّ إذا أكمل التشهد في كلتا الجلستين أنْ يُصلِّي على رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ((المحلى)) (3/50).
  15. (15) قال ابن باز: (وإنْ ترَك الصلاة على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعد التشهُّد الأوَّل فلا بأس؛ لأنَّه مستحبٌّ وليس بواجب في التشهُّد الأول) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/14). وقال أيضًا: (أمَّا التشهد الأوَّل في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فإنَّ الصحيح فيه أنه يُشرع أن يُصلِّي فيه على النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقط، أمَّا الدعاء فيكون في التشهد الأخير) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/163).
  16. (16) ((جلاء الأفهام)) لابن القيم (ص: 359).
  17. (17) ((جلاء الأفهام)) لابن القيم (ص: 359).
  18. (18) ((جلاء الأفهام)) لابن القيم (ص: 359)، ((البيان)) للعمراني (2/237).