الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: رَهنُ المَنفَعةِ


اختلَف العُلَماءُ في حُكمِ رَهنِ المَنفَعةِ على قولَينِ:
القولُ الأوَّلُ: لا يجوزُ رَهنُ المَنفَعةِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحنابِلةِ ، وهو قولٌ للمالِكيَّةِ .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ المنافِعَ تُملَكُ إلى حُلولِ الحقِّ، فلا يُمكِنُ استيفاءُ الحقِّ منها .
ثانيًا: لأنَّ المَنفَعةَ تتلَفُ شيئًا فشيئًا، فيتعذَّرُ استيفاءُ الحقِّ منها .
القولُ الثَّاني: يجوزُ رَهنُ المَنفَعةِ، وهو قولٌ في مَذهَبِ المالِكيَّةِ رجَّحه بعضُهم ، وهو اختيارُ ابنِ عُثَيمينَ .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الدَّينَ يُمكِنُ أن يُستَوفى مِن المنافِعِ كما يُستَوفى مِن الأعيانِ .
ثانيًا: أنَّ الأصلَ في المُعامَلاتِ الحِلُّ والإباحةُ ما لم يوجَدْ دليلٌ على المنعِ، ولا يوجَدُ دليلٌ يمنَعُ رَهنَ المَنفَعةِ .

انظر أيضا:

  1. (1) كأن يَرهَنَ سُكنى دارِه أو شقَّتِه مُدَّةً مُعَيَّنةً.
  2. (2) لأنَّ المنافِعَ عندهم ليست بمالٍ مُتقَوِّمٍ، وغيرُ المتقَوِّمِ لا يصِحُّ بيعُه، وما لا يصِحُّ بيعُه لا يصِحُّ رهنُه. يُنظَر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/146)، ((الفتاوى الهندية)) (5/435).
  3. (3) ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (5/55)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/238). ويُنظَر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (2/153).
  4. (4) ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (4/102)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/321).
  5. (5) ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/270)، ((منح الجليل)) لعليش (5/421).
  6. (6) يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/321).
  7. (7) يُنظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (4/238).
  8. (8) ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/270)، ((الشرح الكبير)) للدردير (3/233) ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (3/306)، ((منح الجليل)) لعليش (5/421).
  9. (9) قال ابنُ عثيمين: (وأمَّا المنافِعُ فكذلك أيضًا، فإنَّه إذا رهنه منفعةَ هذا البيتِ فيُؤجِّرُه ويأخذُ الأجرةَ رهنًا، ففيه فائدةٌ، وليس هذا من بابِ المعاوضةِ حتى نقولَ: إنَّ المنفعةَ مجهولةٌ، بل هو من بابِ التَّوثقةِ؛ لأنَّه إن حصل على شيءٍ وإلَّا رجع على الأصلِ الذي رهنه هذا الشَّيءَ، ولأنَّه يجِبُ أن نفهَمَ قاعدةً مفيدةً جدًّا، وهي: (أنَّ الأصلَ في المعاملاتِ الحِلُّ والصِّحَّةُ ما لم يوجَدْ دليلٌ على التَّحريمِ والفسادِ)، وهذا من نعمةِ اللهِ؛ أنَّ الطَّريقَ الموصِلَ إلى اللهِ -أي: العبادات- الأصلُ فيها المنعُ، حتى يقومَ دليلٌ على أنَّها مشروعةٌ، وأمَّا المعاملاتُ بَينَ النَّاسِ، فمن رحمةِ اللهِ وتوسِعَتِه على عبادِه: أنَّ الأصلَ فيها الإباحةُ والِحلُّ، إلَّا ما ورد الدَّليلُ على منعِهـ) ((الشرح الممتع)) (9/119).
  10. (10) يُنظر: ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/270).
  11. (11) يُنظَر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/119).