الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الرَّابِعُ: وَقْتُ رَدِّ بَدَلِ القَرْضِ


ليس للمُقرِضِ المُطالَبةُ بالقَرْضِ في الحالِ، ولا يَثبُتُ القَرْضُ في الذِّمَّةِ حالًا ويَتَأجَّلُ بالتَّأجيلِ، وهو مَذهَبُ المالِكِيَّةِ ، ووَجْهٌ عنْدَ الحَنابِلةِ صَوَّبَه المَرْداويُّ وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِن السَّلَفِ ، واخْتارَه ابنُ تَيْمِيَّةَ ، وابنُ القَيِّمِ ، وابنُ عُثَيْمينَ .
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((المُسلِمونَ عنْدَ شُروطِهم)) .
ثانِيًا: مِن الآثارِ
عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قالَ في القَرْضِ إلى أجَلٍ: (لا بَأسَ به، وإن أُعْطِيَ أَفضَلَ مِن دَراهِمِه، ما لم يَشتَرِطْ) .
ثالِثًا: لأنَّ المُتَعاقِدَينِ يَملِكانِ التَّصرُّفَ في هذا العَقْدِ بالإقالةِ والإمْضاءِ، فمَلَكا التَّأجيلَ فيه، كخِيارِ المَجلِسِ .
رابِعًا: لأنَّ التَّأجيلَ لا يُنافي مُقْتَضى العَقْدِ، بل هو مِن تَمامِ مُقْتَضى العَقْدِ؛ لأنَّ المَقْصودَ بالقَرْضِ الإرْفاقُ والإحْسانُ، والتَّأجيلُ مِن تَمامِ الإحْسانِ؛ لأنَّ الأَرفَقَ للمُقتَرِضِ التَّأجيلُ .

انظر أيضا:

  1. (1) نَصَّ المالِكِيَّةُ على أنَّه يَتَأجَّلُ بالشَّرْطِ أو العادةِ. ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (5/ 409، 410)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/164).
  2. (2) قال المَرْداويُّ: (اخْتارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ صِحَّةَ تَأْجيلِه ولُزومَه إلى أجَلِه، سَواءٌ كانَ قَرْضًا أو غَيْرَه، وذَكَرَه وَجْهًا. قُلْتُ: وهو الصَّوابُ، وهو مَذهَبُ مالِكٍ واللَّيْثِ، وذَكَرَه البُخارِيُّ في صَحيحِه عن بعضِ السَّلَفِ). ((الإنصاف)) (5/100)، ويُنظَرُ: ((الفتاوى الكبرى)) لابن تَيْمِيَّةَ (5/394)، ((الفروع)) لمحمد بن مفلح (6/349).
  3. (3) ((الإنصاف)) للمرداوي (5/100).
  4. (4) تَرجَمَ البُخارِيُّ في صَحيحِه بقَوْلِه: (بابٌ: إذا أَقْرَضَه إلى أجَلٍ مُسَمًّى، أو أجَّلَه في البَيْعِ) ثُمَّ أَورَدَ الآثارَ الآتِيةَ: (قالَ ابنُ عُمَرَ في القَرْضِ إلى أجَلٍ: «لا بَأسَ به، وإن أُعْطِيَ أَفضَلَ مِن دَراهِمِه، ما لم يَشتَرِطْ» وقالَ عَطاءٌ، وعَمْرُو بنُ دينارٍ: «هو إلى أجَلِه في القَرْضِ») ((صحيح البخاري)) (3/119). وقالَ المَرْداوِيُّ: (واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ صِحَّةَ تَأجيلِه ولُزومَه إلى أجَلِه، سواءٌ كانَ قَرْضًا أو غَيْرَه، وذَكَرَه وَجْهًا. قُلْتُ: وهو الصَّوابُ، وهو مَذهَبُ مالِكٍ واللَّيْثِ، وذَكَرَه البُخارِيُّ في صَحيحِه عن بعضِ السَّلَفِ). ((الإنصاف)) (5/100).
  5. (5) ((الفتاوى الكبرى)) لابن تَيْمِيَّةَ (5/394)، ((الإنصاف)) للمرداوي (5/100).
  6. (6) قالَ ابنُ القَيِّمِ: (إذا أَقرَضَه مالًا وأجَّلَه لَزِمَ تَأجيلُه على أَصَحِّ المَذهَبينِ، وهو مَذهَبُ مالِكٍ، وقَوْلٌ في مَذهَبِ أحْمَدَ). ((إغاثة اللهفان)) (2/47).
  7. (7) قالَ ابنُ عُثَيْمينَ: (قالَ: «كلُّ قَرْضٍ فهو حالٌ»، أي: لا يَقبَلُ التَّأجيلَ، وهذا مِن حيثُ الحُكْمُ الوَضْعِيُّ، إذا شُرِطَ التَّأجيلُ كانَ شَرْطًا مُنافِيًا لمُقْتَضى العَقْدِ، وكلُّ شَرْطٍ يُخالِفُ مُقْتَضى العَقْدِ فهو شَرْطٌ فاسِدٌ، وكلُّ شَرْطٍ فاسِدٍ فهو حَرامٌ، وهذا مِن حيثُ الحُكْمُ التَّكْليفيُّ، هذا ما ذَهَبَ إليه المُؤَلِّفُ. والصَّحيحُ: أنَّه إذا أجَّلَه ورَضِيَ المُقرِضُ فإنَّه يَثبُتُ الأجَلُ، ويكونُ لازِمًا، ولا يَحِلُّ للمُقرِضِ أن يُطالِبَ المُستَقْرِضَ حتَّى يَحِلَّ الأجَلُ). ((الشرح الممتع)) (9/99).
  8. (8) أخرَجَه البُخارِيُّ مُعلَّقًا بصيغةِ الجَزْمِ قَبْلَ حَديثِ (2274)، وأخرَجَه مَوْصولًا الدَّارَقُطْنِيُّ (3/28)، والحاكِمُ بعدَ حَديثِ (2310) من حَديثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه. ذَكَرَ ثُبوتَه ابنُ العَرَبيِّ في ((عارِضةِ الأَحْوَذِيِّ)) (3/322)، وذَكَرَ الصَّنْعانيُّ في ((العُدَّةِ على الإحْكامِ)) (4/87) أنَّ له شَواهِدَ تُقَوِّي تَضعيفَه، وصَحَّحَ الحَديثَ الألْبانِيُّ في ((صَحيحِ الجامِعِ)) (6716). وقالَ مُحمَّدُ بنُ عبدِ الهادي في ((تَنْقيحِ تَحْقيقِ التَّعْليقِ)) (2/535): بهذا الإسْنادِ ضَعيفًا، وقالَ الذَّهَبِيُّ في ((تَنْقيحِ التَّحْقيقِ)) (2/80): لم يَصِحَّ. وذَكَرَ ابنُ المُلَقِّنِ في ((البَدْرِ المُنيرِ)) (6/553) أنَّ فيه خُصَيفًا: مُخْتَلَفٌ فيه.
  9. (9) أخْرَجَه البُخارِيُّ مُعلَّقًا بصيغةِ الجَزْمِ قَبْلَ حَديثِ (2404)، واللَّفظُ له، وأخْرَجَه مَوْصولًا ابنُ أبي شَيبةَ (23221) عن حَمَّادِ بنِ سَلَمةَ قالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا يُقالُ له: المُغيرةُ قالَ: قُلْتُ لابنِ عُمَرَ: إنِّي أُسلِفُ جيراني إلى العَطاءِ فيَقْضوني دَراهِمَ أَجوَدَ مِن دَراهِمي؟ قالَ: لا بَأسَ ما لم تَشتَرِطْ.
  10. (10) يُنظر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (4/237).
  11. (11) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (9/100).