الموسوعة الفقهية

المَبْحَثُ الثَّاني: بَيْعُ المُشاعِ المُشاعُ: هو ما يَحْتوي على حِصَصٍ، كالنِّصفِ والرُّبعِ، والسُّدسِ والعُشرِ، وغيرِ ذلك مِن الحِصَصِ السَّاريةِ إلى كُلِّ جُزءٍ مِن أجزاءِ المالِ، مَنقولًا كان أو غيرَ مَنقولٍ، والمُشاعُ والشَّائعُ بمعنًى واحدٍ، ويُطلَقانِ على الحِصَّةِ المشتركةِ غيرِ المُقسَّمةِ وبَيعُ المُشاعِ: هو بَيْعُ الشَّريكِ حِصَّتَه أو قِسْمتَه مِن المالِ، كالأرضِ مِثلًا يُنظر: ((درر الحكام في شرح مجلة الأحكام)) لعلي حيدر (1/119)


يَجوزُ بَيْعُ المُشاعِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ ((تبيين الحقائق للزَّيلعي وحاشية الشلبي)) (5/ 126)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (5/315). ، والمالِكيَّةِ ((شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني)) (5/ 423)، وينظر: ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (5/ 249). ، والشَّافِعيَّةِ ((المجموع)) للنووي (9/ 256)، ((نهاية المحتاج)) للرَّملي (5/ 278). ، والحَنابِلةِ ((كشَّاف القناع)) للبُهُوتي (3/170)، ((شرح منتهي الإرادات)) للبُهُوتي (2/ 433). ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ المُنذِرِ: (إنَّ أهلَ العلمِ لا اختلافَ بيْنهم أنَّ بَيْعَ المُشاعِ جائزٌ، وأنَّ قَبْضَه التَّخليةُ بيْن المشْتري وبيْن الشَّيءِ المُشاعِ) ((الأوسط)) (12/14). وقال ابنُ حَزمٍ: (فإنَّهم لا يَختلِفون في أنَّ بَيْعَ المُشاعِ جائزٌ فيما يَنقسِمُ وما لا يَنقسِمُ، مِن الشَّريكِ وغيرِه) ((المحلى)) (6/364). وقال النَّوويُّ: (يَجوزُ بَيْعُ المُشاعِ، كنِصفٍ مِن عبْدٍ، أو بَهيمةٍ، أو ثَوبٍ، أو خَشَبةٍ، أو أرضٍ، أو شَجرةٍ، أو غيرِ ذلك، بلا خِلافٍ، سَواءٌ كان ممَّا يَنقسِمُ أمْ لا، كالعبْدِ والبَهيمةِ؛ للإجماعِ) ((المجموع)) (9/256). وقال ابنُ تَيميَّةَ: (يَجوزُ بَيْعُ المُشاعِ باتِّفاقِ المسْلمين، كما مَضَت بذلك سُنَّةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ((مجموع الفتاوى)) (29/233). وقال ابنُ الهُمامِ: (بَيعُ الشَّائعِ جائزٌ اتِّفاقًا) ((فتح القدير)) (6/275). وقال ابنُ نُجَيمٍ: (بَيعُ الشَّائعِ جائزٌ اتِّفاقًا) ((البحر الرائق)) (5/315). ووَرَد خِلافٌ في المسألةِ؛ قال ابنُ حَزمٍ: (قال عبْدُ الملِكِ بنُ يَعْلى -وهو تابعيٌّ قاضِي البصرةِ-: لا يَجوزُ بَيْعُ المُشاعِ؛ رُوِّينا ذلك مِن طَريقِ حمَّادِ بنِ زَيدٍ، أنا أيُّوبُ السَّخْتيانيُّ، قال: رُفِعَ إلى عبْدِ الملِكِ بنِ يَعْلى قاضِي البصرةِ رجُلٌ باع نَصيبًا له غيرَ مَقسومٍ، فلم يُجِزْه، فذُكِرَ لمحمَّدِ بنِ سِيرِينَ فرَآهُ غيرَ جائزٍ) ((المحلى)) (8/3).
الأدِلَّةُ:
مِنَ السُّنَّةِ:

1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِي اللهُ عنهما يقولُ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((الشُّفْعةُ في كُلِّ شِرْكٍ؛ فِي أرْضٍ، أوْ رَبْعٍ، أو حائِطٍ، لا يَصلُحُ أنْ يَبِيعَ حتَّى يَعرِضَ على شَرِيكِه، فيَأْخُذَ أو يَدَعَ، فإنْ أبَى فشَرِيكُه أحَقُّ به حتَّى يُؤْذِنَه )) أخرجه مسلم (1608).
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ في قَضاءِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالشُّفعةِ في المُشاعِ بعْدَ تَمامِ البَيْعِ؛ دَليلًا على جَوازِ بَيْعِ المُشاعِ يُنظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (7/50)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثَيمين (9/130).
2- عن عبْدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِي اللهُ عنهما: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن أَعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ، فكانَ له مالٌ يَبلُغُ ثَمَنَ العَبدِ؛ قُوِّمَ العَبْدُ عليه قِيمةَ عَدْلٍ، فأعْطَى شُرَكاءَه حِصَصَهم، وعَتَقَ عليه العَبدُ، وإلَّا فقَدْ عَتَقَ منه ما عَتَقَ )) أخرجه البخاري (2522).

انظر أيضا: