الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الثَّالثُ: حُكْمُ ظُهورِ عدَمِ الصِّدقِ في بَيْعِ الوَضيعةِ


الفَرْعُ الأوَّلُ: حُكْمُ ظُهورِ عدَمِ الصِّدقِ في قدْرِ الثَّمَنِ في بَيْعِ الوَضيعةِ كأنْ يقولَ البائعُ: اشتَرَيتُ السِّلعةَ بعَشرةٍ، ثمَّ يَتبيَّن للمُشْتري أنَّ البائعَ كان اشْتَراها بثَمانيةٍ.
إذا لم يَصدُقِ البائعُ في قدْرِ الثَّمَنِ في بَيْعِ الوَضيعةِ، فللمُشْتري الخِيارُ بيْن الإمساكِ والرَّدِّ، وهو مُقْتضى مَذهَبِ الحَنَفيَّةِ هو قَولُ أبي حَنيفةَ ومحمَّدٍ في بَيْعِ المُرابَحةِ، وبَيعُ الوَضيعةِ عِندَهم كبَيعِ المُرابَحةِ. ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (22/ 68)، ((الهداية)) للمَرْغِيناني (3/56، 57)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/226). ، ومُقابِلُ الأظهَرِ عندَ الشَّافِعيَّةِ بَيْعُ الوضيعةِ عِندَهم كبيعِ المُرابَحةِ. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/423)، ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/535)، وينظر: ((بحر المَذهَب)) للرُّوياني (4/572). ؛ وذلك لأنَّ المُشْتريَ لم يَرْضَ بلُزومِ العقْدِ إلَّا بالقدْرِ المسمَّى مِن الثَّمَنِ، فيَثبُتُ له الخِيارُ؛ لوُجودِ الخِيانةِ، كما يَثبُتُ الخِيارُ بعدَمِ تَحقُّقِ سَلامةِ المَبيعِ عن العَيبِ يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/226).
الفَرْعُ الثَّاني: حُكْمُ ظُهورِ عدَمِ الصِّدقِ في صِفةِ الثَّمَنِ في بَيْعِ الوَضيعةِ بأنِ اشْتَرى شَيئًا نسيئةً، ثمَّ باعه مُواضَعةً على الثَّمنِ الأوَّلِ -أنْ يُخبِرَه برأْسِ مالِه وأنَّه أنْقَصَ منه مَبلَغَ كذا- ولم يُبيِّنْ أنَّه اشْتراه نَسيئةً.
إذا لم يَصدُقِ البائعُ في صِفةِ الثَّمَنِ في بَيْعِ الوَضيعةِ، فللمُشْتري الخِيارُ بيْن الإمساكِ والرَّدِّ، وهو مُقْتضى مَذهَبِ الحَنَفيَّةِ بَيْعُ الوَضيعةِ عِندَهم كبَيعِ المُرابَحةِ. ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (22/ 68)، ((بداية المبتدي)) للمَرْغِيناني (ص 138)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (6/124)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/225). ، والشَّافِعيَّةِ المحاطَّةُ عِندَهم تَدخُلُ في المُرابَحةِ. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (4/،432،423)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/79). ، وقولٌ عندَ الحَنابِلةِ الوَضيعةُ عِندَهم كالمُرابَحةِ، وصرَّح المَرْداويُّ بأنَّ حُكمَها كحُكمِ المُرابَحةِ. ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/444)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/316، 317). ؛ وذلك لأنَّ بَيْعَ الوَضيعةِ عقْدٌ بُنِيَ على الأمانةِ؛ لأنَّ المُشْتريَ اعتمَدَ البائعَ وائْتَمَنه في الخبَرِ عن الثَّمَنِ الأوَّلِ، فكانت الأمانةُ مَطلوبةً في هذا العقْدِ، فكانت صِيانتُه عن الخِيانةِ مَشروطةً دَلالةً؛ ففَواتُها يُوجِبُ الخِيارَ كفَواتِ السَّلامةِ عن العَيبِ يُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/225).

انظر أيضا: