الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: تَعيينُ الثَّمَنِ وتَمييزُه عنِ المَبيعِ إذا كانَتِ المُبادَلةُ بَينَ سِلْعةٍ ونَقْدٍ


إذا كانَتِ المُبادَلةُ بَينَ سِلعةٍ ونَقْدٍ، فإنَّ الثَّمَنَ هو النُّقودُ، سَواءٌ دَخَلَتْ عليه الباءُ أم لا، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (14/3)، ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (5/272). ، والمالِكيَّةِ ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (6/132)، ((منح الجليل)) لعُلَيش (5/235). ، والشَّافِعيَّةِ ((روضة الطالبين)) للنَّوَوي (3/514)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/70). وينظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (2/85). ، ووَجْهٌ للحَنابِلةِ ((الإنصاف)) للمرداوي (4/341).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الدَّراهمَ والدَّنانيرَ هيَ أثمانُ المَبيعاتِ، وهيَ المِعيارُ الَّذي يُعرَفُ عن طَريقِه تَقويمُ الأموالِ، فالأشياءُ سِلَعٌ، والأثمانُ تُعرَفُ بواسِطَتِها قيمةُ السِّلَعِ، ولَو كانَتِ النُّقودُ سِلَعًا لم يَكُن لنا ثَمَنٌ نَعتَبِرُ به المَبيعاتِ، وحاجةُ النَّاسِ إلى ثَمَنٍ يَعتَبِرونَ به المَبيعاتِ حاجةٌ ضَروريَّةٌ عامَّةٌ، وذلك لا يُمكِنُ إلَّا بسِعرٍ تُعْرَفُ به القِيمةُ، وذلك لا يَكونُ إلَّا بثَمَنٍ تُقَوَّمُ به الأشياءُ ينظر: ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (3/401).
ثانيًا: لأنَّ الثَّمنَ ليسَ بمَقصودٍ في البَيعِ، بَل هو تَبَعٌ؛ لأنَّ الغَرَضَ الأصليَّ في البَيعِ الِانتِفاعُ بالمَملوكِ، والغالِبُ في النُّقودِ ليسَ للِانتِفاعِ بها في ذَواتِها، وإنَّما هيَ وسيلةٌ إلى حُصولِ المَقاصِدِ، كالآلةِ للشَّيءِ؛ ولِهَذا يَجوزُ البَيعُ وإن لم يُملَكِ الثَّمنُ (لِأنَّ الثَّمنَ لَيسَ بمَقصودٍ في البَيعِ، بَل هوَ تَبَعٌ بمَنزِلةِ الآلةِ. ألَا تَرَى أنَّ الغَرَضَ الأصليَّ في البَيعِ الِانتِفاعُ بالمَملوكِ، وذلك يَحصُلُ بما هوَ مَبيعٌ لا بما هوَ ثَمَنٌ؛ لِأنَّه في الغالِبِ مِنَ النُّقودِ، وهيَ لَيسَت بمُنتَفَعٍ بها في ذَواتِها، وإنَّما هيَ وسيلةٌ إلَى حُصولِ المَقاصِدِ، كالآلةِ لِلشَّيءِ؛ ولِهَذا يَجوزُ البَيعُ وإن لَم يُملَكِ الثَّمنُ) ((كشف الأسرار)) لعلاء الدين البخاري (2/167).
ثالثًا: أنَّ العُرْفَ جَرى باعتِبارِ النُّقودِ هيَ الثَّمَنَ في مُقابِلِ الأعيانِ ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/70).

انظر أيضا: