الموسوعة الفقهية

المبحثُ الأوَّلُ: حُكمُ الهِبةِ


الهبةُ مُستحَبَّةٌ.
الأدِلَّةُ:
أولًا: مِن السُّنةِ
1- عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((قد كانَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جيرانٌ مِنَ الأنصارِ، كانتْ لهم مَنائحُ ، وكانوا يَمْنَحُون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن ألبانِهم، فيَسقِينا ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّهم كانوا يُهْدون لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن ألبانِها فيَقبَلُها، والهَديَّةُ بمعنَى الهِبةِ
2- عن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((يا نِساءَ المُسلماتِ، لا تَحقِرَنَّ جارةٌ لجارَتِها ولو فِرسِنَ شاةٍ )
وَجْهُ الدَّلالةِ:
في الحديثِ تَحريضٌ على الهِبةِ ولو كانتْ بشَيءٍ يسيرٍ
3- وعنه رضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((لو دُعيتُ إلى ذِراعٍ أو كُراعٍ لَأجَبتُ، ولو أُهدِيَ إلَيَّ ذِراعٌ أو كُراعٌ لَقَبِلتُ ))
4- وعنه رضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((تَهادَوا تَحابُّوا))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الهَديَّةَ نوعٌ مِنَ الهبةِ، والأمرُ بالتَّهادِي للتَّودُّدِ والتَّآلُفِ
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقلَ الإجماعَ على ذلك: العِمرانيُّ ، وابنُ رُشدٍ ، والزَّيْلَعيُّ ، والهيتمي
ثالثًا: لأنَّها مِن بابِ الإحسانِ والتَّودُّدِ، وهما مَندوبٌ إليهِما
رابعًا: لِمَا فيه مِنَ التَّوسِعةِ على الغَيرِ، وهي مَندوبٌ إليها

انظر أيضا:

  1. (1) المنائحُ: جمْع المَنيحةِ، وهي العَطيَّةُ، وهي ناقةٌ أو شاةٌ تُعطيها غيرَك ليَحلُبَها ثمَّ يرُدَّها عليك، وقد تكونُ المنيحةُ عطيَّةً للرَّقبةِ بمنافعِها مُؤبَّدةً، مثل الهِبةِ. يُنظر: ((الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري)) للكرماني (11/110)، ((مجمع بحار الأنوار)) للفَتَّنِي (4/618).
  2. (2) أخرجه البخاري (2567) واللفظ له، ومسلم (2972).
  3. (3) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) للعَيْني (13/126).
  4. (4) فِرْسِنُ الشَّاةِ: كالقَدَمِ مِن الإنسانِ، وهو ما دونَ الرُّسغِ وفوقَ الحافرِ، ويُضرَبُ به المثَلُ في القلَّةِ والزُّهدِ فيه. يُنظر: ((مطالع الأنوار)) لابن قُرقول (5/223)، ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عثيمين (4/321).
  5. (5) أخرجه البخاري (2566)، ومسلم (1030).
  6. (6) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) للعَيْني (13/125).
  7. (7) الكُراعُ: مِن الإنسانِ ما دونَ الرُّكبةِ، ومِن الدَّوابِّ ما دون الكعْبِ، والأصلُ أنَّ كُراعَ الشَّيءِ طرَفُه، وأكارعُ الأرضِ: أطرافُها القاصيةُ، وأكارعُ الشاةِ: قوائمُها. يُنظر: ((تفسير غريب ما في الصحيحين)) لمحمد بن أبي نصر الحُميدي (ص: 541)، ((غريب الحديث)) لابن الجوزي (2/286)، ((تصحيح التصحيف)) للصَّفَدي (ص: 439).
  8. (8) أخرجه البخاري (2568).
  9. (9) أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (594)، وأبو يعلى (6148)، والبيهقي (12297). جوَّد إسنادَه العراقيُّ في ((تخريج الإحياء)) (2/53)، وحسَّنه ابنُ حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/1047)، وحسَّن الحديثَ الألبانيُّ في ((صحيح الأدب المفرد)) (594).
  10. (10) ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عُثيمين (4/319). ويُنظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/429).
  11. (11) قال العمراني: (أجمَعَ المسلمون على استِحبابِها). ((البيان)) (8/108).
  12. (12) قال عُلَيش: (نصَّ اللَّخميُّ وابنُ رُشدٍ على أنَّ الهِبةَ مَندوبةٌ، وحكَى ابنُ رُشدٍ عليه الإجماعَ). ((منح الجليل شرح مختصر خليل)) (8/174). ويُنظر: ((حاشية البَنَّاني على شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (7/171).
  13. (13) قال الزَّيْلَعيُّ عن الهِبةِ: (هي مَشروعةٌ مَندوبٌ إليها بالإجماعِ). ((تبيين الحقائق)) (5/91).
  14. (14) قال ابن حجر الهيتمي: (الأصلُ في جَوازِها [أي: الهبةِ]، بلْ نَدْبِها بسائرِ أنواعِها الآتيةِ -قبْلَ الإجماعِ- الكتابُ والسُّنةُ). ((تحفة المحتاج)) (6/295).
  15. (15) ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (12/43).
  16. (16) ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (4/299)، ((مطالب أولي النُّهى)) للرُّحَيْباني (4/378).