الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: حُكم دم النِّفاس


المطلب الأوَّل: الدَّمُ الخارج قبل الولادة مع الطَّلق
الدَّمُ الخارجُ قبل الولادة، ومعه طَلقٌ، يُعتبَرُ نفاسًا، وهذا مَذهَبُ الحنابلة ، وقولٌ عند المالكيَّة ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ، وهو قولُ إسحاقَ بن راهويه ، واختاره ابنُ تيميَّة ، وابنُ باز ، وابنُ عثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه دمٌ خرج بسبب الولادةِ، فكان نِفاسًا، كالخارِجِ بعدها، وإنَّما يُعلَمُ خروجُه بسبب الولادة إذا كان قريبًا منها، ويُعلَمُ ذلك برؤية أماراتِها؛ من المخاضِ ونحوه في وَقتِه
ثانيًا: أنَّ الحامِلَ لا تكاد ترى الدَّم، فإذا رأتْه قريبَ الوضعِ، فالظَّاهِرُ أنَّه بسبَبِ الولَدِ، لا سيَّما إن كان قد ضرَبَها المخاضُ
المطلب الثَّاني: الدَّم الخارج مع المولود
الدَّمُ الخارج مع المولودِ يكون نفاسًا؛ وهو مذهَبُ المالكيَّة ، والحنابلة ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ، وقولٌ لبعضِ الحنفيَّة ، واختاره ابن تيميَّة ، وابن عثيمين ؛ وذلك لأنَّه دمٌ خرج بسبب الولادة، فكان نفاسًا، كالخارج بعدها، وإنَّما يُعلَمُ خروجُه بسببِ الولادة إذا كان قريبًا منها، ويُعلَم ذلك برؤيةِ أماراتِها من المخاضِ ونَحوِه في وَقتِه
المطلب الثَّالث: الدَّم الخارج بعد الولادة
الدَّمُ الخارجُ بعد الولادة، هو دمُ نِفاسٍ.
الدَّليل من الإجماع:
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزم ، والنووي ، والرافعيُّ
المطلب الرَّابع: أوَّل نفاس التَّوءَمين وآخِرُه
اختلف أهلُ العِلم في أوَّلِ نِفاسِ التَّوءمينِ وآخِرِه على أقوال؛ أقواها قولان:
القول الأوّل: إن ولدت المرأةُ تَوءمينِ؛ فأوَّلُ النِّفاس وآخِرُه مِن الوَلَد الأوَّل ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ، والمالكيَّة ، والحنابلة ، وهو وجهٌ عند الشَّافعيَّة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه بالولَدِ الأوَّل ظهر انفتاحُ الرَّحِم، فكان المرئيُّ عقبَه نفاسًا
ثانيًا: أنَّه دمٌ يعقُب ولادةً، فاعتُبِرَت المدَّةُ منه كما لو كان وحْدَه
ثالثًا: أنَّ أوَّلَه مِن الأوَّل، فكان آخِرُه منه أيضًا، كالمُنفَرد
القول الثاني: إن ولدَت المرأةُ توءَمينِ؛ فأوَّلُ النِّفاسِ مِن الولَدِ الأوَّل، وآخِرُه من الثاني، وهذا قولٌ عند المالكيَّة ، وروايةٌ عن أحمد ، واختاره ابنُ عُثيمين
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه بالولَدِ الأوَّلِ ظهَر انفتاحُ الرَّحم، فكان المرئيُّ عقبَه نفاسًا
ثانيًا: أنَّ العِدَّةَ تنقضي بالأخيرِ إجماعًا، فكذا النِّفاسُ

انظر أيضا:

  1. (1) قال البُهوتي: (النِّفاس بقيَّة للدَّم الذي احتبس في مدَّة الحمل، مأخوذٌ من النَّفس، وهو الخروجُ مِن الجوف، أو مِن نفَّسَ الله كُربتَه؛ أي: فرَّجها، وعُرفًا (دم تُرخيه الرَّحِم مع ولادةٍ، وقبلها)؛ أي: الولادة (بيومين أو ثلاثة، بأمارة)؛ أي: علامة على الولادة، كالتألُّم، وإلَّا فلا تجلِسْه؛ عملًا بالأصل) ((شرح منتهى الإرادات)) (1/122)، ويُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/218).
  2. (2) ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/174)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (1/209).
  3. (3) ((المجموع)) للنووي (2/521)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/439).
  4. (4) قال ابن المُنذِر: (ذِكْر المرأة ترى الدَّم وهي تطلق: واختلفوا في المرأة ترى الدَّمَ وهي تَمخَض، فقالت طائفة: هو حيضٌ لا تُصلِّي؛ رُوي هذا القول عن النَّخعي، وقال الحسن: إذا رأت الدَّمَ على الولد أمسكتْ عن الصَّلاة، وقال مالكٌ في الماء الأبيض الذي يخرُج من فرْج المرأة حين يضربُها الطَّلقُ حضرةَ الولادة: تَوضَّأُ وتُصلِّي حتى ترى دمَ النِّفاس، وجعل ذلك بمنزلةِ البولِ، وقال إسحاق بن راهويه: إذا ظهر الدَّمُ تركت الصَّلاةَ، وإن كان قبل الولادة بيوم أو يومين، وكان عطاءٌ يقول: تَصنع ما تصنَعُ المستحاضة، قال أبو بكر: لا تدَع الصَّلاة حتى تلدَ، فيكون حُكمُها حينئذٍ حُكمَ النُّفَساء) ((الأوسط)) (2/370).
  5. (5) قال ابن تيميَّة: (فأمَّا الذي تراه قبل الوضع بيومين أو ثلاثة، فهو نفاس؛ لأنَّه دم خارج بسبب الولادة، فكان نفاسًا كالخارج بعدها؛ وهذا لأنَّ الحامِلَ لا تكاد ترى الدَّم، فإذا رأته قريبَ الوضع، فالظَّاهر أنَّه بسبَبِ الولد لا سيَّما إن كان قد ضربها المخاضُ). ((شرح عمدة الفقه- من كتاب الطهارة والحج)) (1/514). وقال أيضًا: (ما تراه من حينِ تَشرَعُ في الطَّلق، فهو نفاسٌ). ((مجموع الفتاوى)) (19/240).
  6. (6) قال ابن باز: (إذا نزل الدَّمُ مع الطَّلقِ، فهو نِفاسٌ). ((اختيارات الشيخ ابن باز)) لخالد آل حامد (1/339، 340).
  7. (7) قال ابن عثيمين: (النِّفاس: دمٌ يخرج من المرأة بعد الولادة، أو معها، أو قبلها بيومينِ، أو ثلاثة مع الطَّلْقِ، أمَّا بدون الطَّلقِ، فالذي يخرج قبل الولادةِ دَمُ فسادٍ، وليس بشيءٍ). ((الشرح الممتع)) (1/507).
  8. (8) ((المغني)) لابن قدامة (1/262).
  9. (9) سُئِلَت اللجنة الدائمة: (بعضُ النسوة تعسُرُ عليهن الولادةُ فيُضطرُّ إلى توليدِهنَّ بطريقةِ العمليَّة الجراحيَّة، ولربَّما يحصُلُ من جرَّاءِ ذلك خروجُ الولدِ عن طريقِ غيرِ الفَرجِ. فما حكمُ أمثال هؤلاء النِّسوة في الشَّرعِ من ناحيةِ دَمِ النفاس؟ وما حكم غُسلِهنَّ شرعًا؟ فأجابت: (... حكمُها حكمُ النُّفَساء، إن رأت دمًا جلست حتى تطهُرَ، وإن لم تر دمًا، فإنها تصومُ وتصلِّي كسائِرِ الطاهراتِ) ((فتاوى اللجنة الدائمة – 1)) (5/461).
  10. (10) ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/553)، ((حاشية الدسوقي)) (1/174).
  11. (11) ((الإنصاف)) للمرداوي (1/357)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/219).
  12. (12) ((روضة الطالبين)) للنووي (1/175)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/438).
  13. (13) ((حاشية الشلبي على تبيين الحقائق)) (1/67)، ((العناية)) للبابرتي (1/187).
  14. (14) قال ابن تيميَّة: (ما تراه من حين تشرَعُ في الطَّلق، فهو نفاسٌ). ((مجموع الفتاوى)) (19/240).
  15. (15) قال ابن عثيمين: (النِّفاس: دمٌ يخرج من المرأةِ بعد الولادة، أو معها..). ((الشرح الممتع)) (1/507).
  16. (16) ((المغني)) لابن قدامة (1/262).
  17. (17) قال ابن حزم: (اتَّفقوا على أنَّ المرأة إذا وَضعت آخِرَ ولدٍ في بطنها، فإنَّ ذلك الدَّمَ الظَّاهِرَ منها بعد خروج ِذلك الولَدِ الآخِر دمُ نفاسٍ لا شكَّ فيه، تجتنِبُ فيه الصَّلاةَ والصِّيام والوطءَ). ولم يتعقَّبه ابن تيميَّة. يُنظر: ((مراتب الإجماع)) (ص: 23).
  18. (18) قال النوويُّ: (فأمَّا الدَّمُ الخارجُ بعد الولادة، فنِفاسٌ بلا خلافٍ). ((المجموع)) (2/520).
  19. (19) قال الرافعي: (لأنَّ ما بعد الولَدِ نفاسٌ بلا خلافٍ) ((فتح العزيز)) (2/578).
  20. (20) قال ابن باز: (تكونُ بداية النِّفاس من الوَلَد الأوَّل، وكذا نهايَتُه، هذا هو الأقرب) ((اختيارات الشيخ ابن باز وآراؤه الفقهية في قضايا معاصرة)) لخالد آل مفلح (1/340).
  21. (21) ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/68)، ((البناية شرح الهداية)) للعيني (1/696).
  22. (22) استثنى المالكيَّة حالًا واحدةً، وهي ما إذا استمرَّ الدَّمُ بين التوءمين ستِّين يومًا فأكثَر، فإنَّه يكون نفاسَينِ، لكلٍّ منهما نفاسٌ مستقلٌّ. ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/553)، ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (1/174).
  23. (23) ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/220)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/253).
  24. (24) ((المجموع)) للنووي (2/526).
  25. (25) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/231).
  26. (26) ((المجموع)) للنووي (2/526).
  27. (27) ((المغني)) لابن قدامة (1/253).
  28. (28) ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/174).
  29. (29) ((المغني)) لابن قدامة (1/253).
  30. (30) قال ابن عثيمين: (الأقربُ أن يكونَ [أوَّل النِّفاس] من الأوَّلِ، وآخِرُه من الثاني). ((الموقع الرسمي لابن عثيمين – التعليقات على الكافي لابن قدامة)).
  31. (31) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/231).
  32. (32) ((البناية شرح الهداية)) للعيني (1/697).